عبدالله القمزي
عبدالله القمزي
كاتب إماراتي

الكتاب الإلكتروني مظلوم

آراء

كلما أفتح صفحات الثقافة بالصحف المحلية أجد موضوعاً يتكرر كثيراً، الكتاب الورقي يتفوق على الإلكتروني. أرى تحيزاً شديداً ضد الكتاب الإلكتروني، وعدم تقدير لوجود هذا الاختراع بين أيدينا.

أيهما أهم الكتاب الورقي أم الإلكتروني؟ حتى لو رجَّحت المبيعات كفة الورقي، فإن المنطق – من وجهة نظري – مع الإلكتروني.. لماذا؟

شخصياً.. كنت ضد الكتاب الإلكتروني منذ ثلاثة أعوام فقط، لكن الانطباع الأول يصنع العجائب. في منتصف صيف هذا العام، أردت التحقق من معلومة، ومن خلال بحث سريع على «غوغل»، وجدت عنوان كتاب مفصل عن الموضوع الذي أبحث فيه. للعلم لم أكن في البداية أبحث عن أي كتاب.

السؤال: هل أشغل سيارتي وأذهب إلى المكتبة الكبيرة في «دبي مول» لأسأل عنه. أم أبحث عنه في موقع المكتبة الإلكتروني؟ أم أطلبه بالإنترنت، وأنتظر يومين حتى يصل؟ ولو كان غير متوافر سيصل بعد أسبوع أو 10 أيام.

السؤال قادني إلى آخر: في حال عدم توافره، هل من المعقول أن أنتظر كتاباً 10 أيام وأنا في 2020؟

فتحت تطبيق «غوغل» للكتب الإلكترونية، ووجدت الكتاب بنصف قيمته، واشتريته بكبسة زر في خمس ثوانٍ بالضبط. في تلك اللحظة بالضبط، انحزت بالكامل للكتاب الإلكتروني، وهذا ما يسمى المنطق في هذا الزمن. لا يهمني إن كانت الكتب الورقية حققت مبيعات بمليارَيْ دولار، والإلكترونية لم تتجاوز المليارين.

لا يهمني ملمس صفحات الكتاب وتخزينه ورائحة صفحاته.. هذه كلها عواطف، أنا أتحدث عن عامل المنطق، وسرعة الحصول على الشيء في هذا الزمن الرقمي.

الكتاب الإلكتروني اختراع عظيم، وتطبيقات الكتب الإلكترونية أو أجهزة القراءة الإلكترونية، تعطي القارئ منفذاً لآلاف الكتب، وبإمكان الشخص تخزينها كلها في التطبيق نفسه. هذه ليست معلومة جديدة لكن – كما أسلفت – ليس هناك تقدير لهذا الاختراع.

يتفوق الكتاب الإلكتروني على الورقي في وجود مسودة ملاحظات، وقاموس فوري، وسلاسة شديدة في قلب الصفحات، تلمس طرف الصفحة فتنقلب تلقائياً إلى التالية. تفتح الفهرس وتجد روابط لكل الأقسام، اضغط رابطاً، فيأخذك 200 صفحة إلى الأمام في ثانية واحدة.

الكتاب الإلكتروني لا ينفد أبداً، بعكس الورقي ونسخه المحدودة. الكتاب الإلكتروني تستطيع تصفح عينة منه (أحياناً أول 90 صفحة من كتاب 500 صفحة)، وإن أعجبك تشتريه في ثوانٍ، ولست مضطراً للوقوف على قدميك أمام رف في مكتبة تقرأ صفحات سريعاً، ومحتاراً أتشتريه أم تتركه، رغم أن هناك متعة لدى كثير من الناس في الضياع بين أرفف الكتب بالمكتبات.

لكن مرة أخرى، هذه كلها عواطف، وأعرف أن الكثيرين سيختلفون معي، لكن أرى المنطق مع الكتاب الإلكتروني لأن هذا ما يتناسب مع العصر، ولم أعد أرى منطقاً في طلب كتاب بالإنترنت، أو في الذهاب إلى مكتبة لشرائه.

وجدت كتاباً تعليمياً مرفقاً معه قرص مدمج CD في غلافه الخلفي، في وقت اختفت فيه أجهزة تشغيل الأقراص، انتابني فضول لمعرفة شكل نسخته الإلكترونية، فوجدت الملفات الصوتية مرفقة في صفحات التمارين نفسها، يعني استخدام الكتاب الإلكتروني في هذه الحالة أفضل وأسهل من الورقي بألف مرة، وهذا هو المنطق.

المصدر: الامارات اليوم