عبدالله القمزي
عبدالله القمزي
كاتب إماراتي

سوء تواصل

الإثنين ١٨ سبتمبر ٢٠٢٣

في شركة لتصنيع الأجهزة الرياضية خرج توماس الرئيس التنفيذي من مكتبه وقال لسكرتيرته شارون بابتسامة عريضة: هل تستطيعين متابعة ما حدث في المشروع «سي»؟، كان المشروع «سي» أحد ثلاثة مشاريع لتقديم أجهزة رياضية جديدة وكان «سي» مشروع جهاز الركض الجديد. فرحت شارون وظنت أنها مسؤولية جديدة أوكلها إليها توماس بعد أن تحدثا عن تعديل وضعها منذ ثلاثة أسابيع وكيف هي طموحة وتريد الدخول في تفاصيل العمل. ذهبت شارون إلى إدارة الهندسة وقالت: السيد توماس يريد معرفة آخر التطورات في المشروع «سي»، ومتى تحديداً ستنطلق اختبارات الأداء والجودة قبل الطرح رسمياً في الأسواق؟ تفاجأ جوني رئيس الإدارة وقال لها: من المبكر جداً التحدث عن اختبارات الأداء، لأننا مازلنا بانتظار المصنع لتسليم قطع لبرمجتها داخلياً. أنت تتحدثين عن عمل ستة أشهر على الأقل. لم يعجب شارون الكلام وهي تفكر في زيادة الراتب الذي ستحصل عليه لو أنجزت لتوماس هذا المشروع. ذهبت شارون إلى إدارة التصميم ولم يكن رئيسها موجوداً لكن نائبه ديفيد موجود. لا ترتاح شارون لديفيد لأنه دخل معها في جدال ديني ورفع صوته عليها. فاتجهت إلى بيتر وهو موظف ساعدها ذات مرة في مهمة إدارية تنسيقية. قالت شارون لبيتر: لقد طلب السيد توماس الانتهاء من مخططات المشروع «سي» فوراً لتسريع طرحه في السوق. تفاجأ بيتر وقال: حقاً؟ هل سيستعجلون في…

حقيقة

الإثنين ١١ سبتمبر ٢٠٢٣

في مدينة في شرق أوروبا، اشتعل حريق في مطعم الساعة الثانية صباحاً، وبعد فترة قصيرة، وقع انفجار هائل.. وصلت سيارة الإطفاء ومعها الشرطة. بدأت الشرطة التحقيق، وخلصت إلى أن الانفجار حصل بفعل تسرب غاز. وصلت الصحافية المكلفة تغطية الشرطة، وأجرت المقابلات مع المصادر الرسمية الموجودة في موقع الحادث، ومع شهود عيان، هم سكان الشقق المجاورة، ونشرت الخبر. في شقة في المبنى المقابل للمطعم، تسكن امرأة في منتصف الستينات من العمر، مصابة بالاكتئاب والرهاب، كانت هذه المرأة تنظر من نافذة شقتها قبل الانفجار بدقائق، ورأت رجلاً منحنياً مختبئاً خلف سيارة واقفة أمام المطعم. أصيبت العجوز بالرعب وأمسكت بهاتفها، وصورت الرجل حتى اعتدل قائماً وغادر. بعد ربع ساعة وقع الانفجار، أصيبت العجوز بالهلع، واتصلت بشقيقتها وأخبرتها بما حدث، وقالت إنها رأت الفاعل وصورته بهاتفها، وأرسلت المقطع المصور. صُدمت شقيقتها من المقطع، ونشرته على وسائل التواصل، موجهة نداء إلى الشرطة ألا تترك الرجل ينجو بفعلته. وصل المقطع إلى مؤثر له متابعون بالآلاف، فأعاد نشره وأضاف صوته معلقاً على تحركات الرجل في الفيديو قائلاً: رغم أن الظلام دامس، إلا أننا نستطيع أن نرى تحركات الرجل المريبة بوضوح، انظروا إلى طريقة اختبائه خلف السيارة، هذا فعلاً نيته خبيثة. ولو كانت نيته طيبة، فلماذا هو في وضعية اختباء؟ انتشر المقطع ومعه «هاشتاج» نداء إلى الشرطة: اعثروا…

التفاصيل

الإثنين ٢١ أغسطس ٢٠٢٣

في شركة تصنيع رخام في الولايات المتحدة، اجتمع المدير التنفيذي مع المدير المالي، وقال له: تبدو الصورة قاتمة، لقد قلّ الطلب على الرخام، بسبب دخول الاقتصاد المحلي فترة ركود، هل نعيد الهيكلة؟ فقال المدير المالي: فلنعد تدوير الموظفين أولاً، قبل تركهم يرحلون. عاد المدير المالي إلى مكتبه، وأخبر سكرتيرته بما دار بينه وبين المدير التنفيذي، وكان يثق بها كثيراً. وأثناء إجازة نهاية الأسبوع، دعيت السكرتيرة إلى حفل عيد ميلاد زميلة لها في الشركة. وهناك اتصل بها مديرها ليخبرها أن المدير التنفيذي قلق، ويفكر في إعادة الهيكلة. فقالت السكرتيرة: ماذا تقول؟ هل ستقلّصون عدد الموظفين؟ سمعتها زميلتها وانتشر الخبر انتشار النار في الهشيم حتى قبل اتخاذ أي قرار. واضطر المدير التنفيذي إلى عقد اجتماع موسع مع الموظفين، قال لهم فيه: إن ما سمعوه هراء ولن يحدث. وبعد ثلاثة أشهر، أنهت الشركة خدمات 10 موظفين. وعندما غضب الموظفون، قال لهم صاحب القرار في اجتماع: إنه أصلاً قرار مجلس الإدارة، وإنه كان يعلم، ولكنه لم يشأ إبلاغهم، وفي الحقيقة حاول إنقاذهم، ولم ينجح. خرج الموظفون من الاجتماع ساخطين وهم يشتمونه. على الضفة الأخرى من الأطلسي، في لندن، جمع رئيس شركة الموظفين، وقال لهم: لدينا أزمة.. إيراداتنا المالية في تراجع مستمر، بسبب شدة المنافسة من الشركات الأخرى في السوق، وقلة الطلب على منتجاتنا.. نحن…

مطبخ

الإثنين ٠٧ أغسطس ٢٠٢٣

لعلك خُضت تجربة الجلوس مع زوجتك أو خاضت إحداهن تجربة الجلوس مع زوجها لمناقشة تخطيط بيت الزوجية أو العائلة والاتفاق على أماكن توزيع الغرف، وتحديد مكان المطبخ والمخزن، وغيرها من أجزاء البيت. يختلف موقع المطبخ في البيت باختلاف الثقافات، ففي بيوتنا الشعبية أو العربية عموماً فإن المطبخ عادةً يقع في طرف البيت، وهذا ما أتذكره بالضبط من بيت عائلتي القديم، ويكون مغلقاً من جميع الجهات، وذلك لمنع رائحة الطبخ من الانتشار داخل المنزل، حيث نحب نحن العرب وخصوصاً في الخليج أن تكون بيوتنا معطرة ومبخرة برائحة طيبة طوال اليوم إن أمكن. كما جرت العادة أن يكون للبيت العربي الحديث مطبخان، داخلي صغير وخارجي في ملحق. ولا تحب شعوب الخليج في مجملها بناء المطابخ داخل صالات المنازل، ولكن تأثراً بالتصاميم الغربية فإن البيوت الحديثة أصبحت تضم مطابخ مفتوحة على صالاتها، وهي الطريقة الأميركية. في بريطانيا وبعض الدول الأوروبية تجد المطابخ أحياناً في السرداب وأحياناً في الجهة الخلفية من البيت، وفكرة بنائها في السراديب جاءت من القرن الـ19 والعصر الفيكتوري تحديداً، حيث كان البروتوكول متبعاً بحذافيره في بيوت النبلاء. يجهز الخدم الطعام في السرداب ويرفعونه لأسيادهم في الطابق الأرضي، وفكرة وجودها في الخلف أو السرداب هي الفصل التام بين طبقة الخدم والنبلاء وضيوفهم، فضلاً عن أن ذلك يعد استغلالاً جيداً للمساحات الضيقة…

تقييم

الإثنين ٢٤ يوليو ٢٠٢٣

عندما تشتري شيئاً أو تستخدم خدمة يقول لك البائع أو المسؤول لا تنسى إعطاءنا تقييماً جيداً على محرك البحث غوغل. وعندما تصاب بالإحباط من مستوى خدمة أو بضاعة اشتريتها فإن تقييم غوغل هو ملجؤك الأول فتنتقد ما اشتريته أو جربته وقد يتواصل معك البائع أو المسؤول لاستيعاب إحباطك ومحاولة تحسين تجربتك ثم يقول لك لا تنس تغيير تقييمك لنا على غوغل. فهل غوغل أداة سحرية لتحسين أحكامنا أو آرائنا أو تقييمنا لتجاربنا في السوق؟ الجواب نعم في هذا الزمن الرقمي، والسبب لأن غوغل هو مصدر البحث الأول لملايين المستخدمين حول العالم. لكن لو افترضنا أن شخصاً اتجه لشراء أو تجربة خدمة بعد قراءة تقييم إيجابي ولم تعجبه مثل كاتب هذا المقال الذي يتورط مع الأكثر مبيعاً أو ذلك الذي يشتري الشيء رغم التقييم السلبي ولا تكون لديه أي مشكلة، فهل للتقييم قيمة في هذا الموقف؟ من تجربتي الشخصية، أسوأ ما في موضوع التقييم هو أن يخذلك مقهاك أو مطعمك أو محلك المفضل أكثر منه عندما يخذلك محل تشتري منه لأول مرة. والتقييم يختلف من شخص لآخر وتؤثر فيه الحالة المزاجية للشخص وتعصبه لشيء معين مثل أيديولوجية أو فريق رياضي كما تؤثر فيه الأخبار السلبية أو الذوق أو آراء الآخرين. التقييم رأي وتجربة وهو قابل للتغيير. على الطرف الآخر من المعادلة…

مؤثر!

الإثنين ٠٥ يونيو ٢٠٢٣

أتساءل من أين خرج علينا هذا المؤثر؟ الحقيقة أنه موجود منذ عقود لكن باختراع «السوشيال ميديا » تطور وأصبح يطل علينا بنفسه وقتما شاء من حساباته في فيديوهات يصورها شخصياً أو يستأجر من يصورها له. ولم يعد مضطراً لانتظار أن يختاره أحد من شركات الإعلانات والتسويق بل هو من يفرض نفسه فرضاً عليها. المؤثر هو ذلك الكاوبوي على الأغلفة الخلفية لمجلات الرجال يروج لشركة سجائر أو هو مايكل جي فوكس في ذروة شهرته في الثمانينات بدعاية دايت بيبسي الشهيرة وخلفته سيندي كراوفورد مع الشركة نفسها في بداية التسعينات. أو شخصيات كيلوجز كورن فليكس الكرتونية الشهيرة. وقد يكون طفلاً في دعاية إحدى شركات الحليب وشاباً راقصاً في دعاية صابون شهيرة بثت في كل أرجاء العالم العربي. هؤلاء كلهم مؤثرون. ولديك مؤثرون ومؤثرات يرتدون أفضل ماركات الملابس ويرقصون في شوارع العواصم العالمية، العرب منهم لا يستطيعون حتى نطق اسم الشركة التي تدفع لهم بشكل صحيح. سُموا مؤثرين لأنهم يستطيعون التأثير في قرارات الجمهور الشرائية. أما كيف يستطيعون ذلك فلا تسألني! أفتح «إنستغرام » لتظهر لي فتاة ترقص بحقيبة نسائية معروفة في وسط مهرجان كان السينمائي أو تشرح طريقة وضع المساحيق والكريمات التجميلية وتغدق هذه الشركات عليها أموالاً طائلة. السؤال المحير: ماذا فعلت هذه المؤثرة أو هذا المؤثر في حياته ليكسب كل هذه…

تعاضد

الإثنين ١٧ أكتوبر ٢٠٢٢

في قرية صغيرة شارع مشهور بأربعة أكشاك تبيع الشطائر وعصير الليمون، هذه الأكشاك الأربعة مقصد الناس وقت الإفطار والغداء والعشاء، وهي سبب رئيس في تنشيط المنطقة خلال أيام الأسبوع، وبشكل مضاعف في الإجازات. المنافسة على أشدها بين الأكشاك الأربعة، التي يبعد كل واحد منها عن الآخر 50 متراً، فإذا قدم الأول شطيرة خاصة، نافسه الثاني أو الثالث أو الرابع بشيء مماثل شكلاً ومختلف مذاقاً أو مغاير شكلاً وطعماً. في أحد الأيام قرر أحد كبار التجار بناء مركز تجاري على الجهة المقابلة للأكشاك، وبعد عامين انتهى بناء المركز، وفي الطابق الأرضي منه توجد ردهة مطاعم. اختل توازن السوق بالنسبة للأكشاك الأربعة، وخف الإقبال بشدة على منتجاتها، ولم تعد الناس تُوجد بكثرة في شارع الأكشاك. مرت ستة أشهر، وكسدت بضاعة الأكشاك، فالخبز الذي يشترونه تنتهي صلاحيته قبل استخدامه في إعداد الشطائر، مقارنة بالوضع السابق، عندما كانت كمية الخبز الذي يشتريه صاحب أي كشك تنفد في اليوم نفسه. والشيء نفسه بالنسبة لليمون. اضطر صاحب الكشك الثالث أن يغلق ويرحل إلى مكان آخر، أما صاحب الكشك الأول فقرر تغيير موقعه، والانتقال إلى داخل المركز التجاري، إلا أنه لم يتمكن، بسبب غلاء الإيجار، وارتفاع كلفة العملية التشغيلية، فانصرف للبحث عن مكان آخر. صاحب الكشك الثاني أغلق، وذهب إلى بيته يندب حظه، وبقي صاحب الكشك الرابع…

عندما يعمل المستحيل!

الإثنين ١٥ أغسطس ٢٠٢٢

من أكثر الكلمات التي ترد على ألسنتنا كلمة «مستحيل». تقال «مستحيل» عندما لا يستطيع الشخص تصديق ما حدث؛ لأن الحدث يتنافى مع قوانين فهمه لمسألة معينة أو يتنافى مع معتقد له. فإن قيل لشخص إن سيارته نشرت جناحين وطارت فسيقول «مستحيل»، وإن قيل لك إن أقرب الناس إليك سرقك فستقول «مستحيل»، لأنك تثق به ثقة عمياء. لكن المستحيل يحدث أمام أعيننا كل يوم ومازلنا نردد الكلمة. «مستحيل» لغوياً من استحالة، وهو ما لا يمكن وقوعه، أو المسألة غير الممكنة. وهناك تعبير «من رابع المستحيلات» أو «من عاشر المستحيلات»، وهي مبالغة في الصيغة اللغوية لوصف شيء لا يمكن حدوثه قطعاً. ولكن عندما ننظر إلى المسألة من منظور بسيط نجد أن كل مستحيل يقع أو وقع، ويقول المتفائلون لا يوجد مستحيل، وقالت النجمة الراحلة أودري هيبرن إنها لا تؤمن بالمستحيل عندما يتعلق الأمر بالإرادة البشرية، وقالت عندما ننظر إلى كلمة مستحيل بالإنجليزية impossible فالكلمة نفسها تقول لنا «أنا ممكن»، (تقصد أن الكلمة مؤلفة من كلمتي أنا ممكن متلاصقتين). تستطيع كسر المستحيل عندما تغير مفاهيمك تجاه مسألة ما أو عندما تغير تفكير شخص آخر دون أن يشعر بذلك، فتتغير طباعه السلبية، وتستطيع كسر المستحيل بمنة من الله سبحانه وتعالى وفضل عندما يرزقك شيئاً دون أن تشعر به، ثم تراه صار مكتملاً أمامك. قصة…

البساطة

الإثنين ٠١ أغسطس ٢٠٢٢

البساطة هي الوضوح والسلاسة وانعدام التكلف، البساطة أن يكون الشخص على سجيته وهي سلاسة الطبع.. وبساطة الوجه في طلاقته وبشاشته. البساطة لا تنطبق على الإنسان فقط، وإنما تنسحب على سائر أوجه الحياة. عند البشر، عندما ترى ملكاً أو حاكماً يجتمع بالعامة ليسمع منهم فهو دليل بساطته وتواضعه، وعندما ترى مسؤولاً في الميدان يساعد موظفيه على تلبية احتياجات المراجعين، فهو يعكس البساطة. وعندما ترى مشرفاً واقفاً خلف موظفي «كاونتر» يراقبهم ويوجههم، فهو يتأكد من سلاسة العمل ويمارس البساطة. ويحب البشر الطبيعة نظراً لبساطتها، فنسمع البعض يقول إنه ينسحب من تعقيدات الحياة ليلجأ إلى الطبيعة الخلابة، والطبيعة في تكوينها بسيطة، أقل تعقيداً من المدن بكثير. وبالنسبة للتقنية، لو فتحت غطاء محرك السيارة سترى شيئاً في غاية التعقيد أمامك. ولكن قيادة السيارة بسيطة جداً. سبب استخدامك للهاتف الذكي في يدك الآن، سواء كان «آي فون» أو «سامسونغ» أو غيرهما، هو أنك تراه بسيطاً. وإذا تعقدت طريقة استخدام الهاتف الذكي، فستنفر الناس منه وتتركه لمنتج أبسط استخداماً. وفي التصميم، فإن البساطة سبب فشل «ياهو» ونجاح «غوغل»، «ياهو» صفحته معقدة ومملوءة بتفاصيل مثل قائمة المستخدم على اليسار وأخبار في المنتصف. وخانة البحث أعلى الصفحة من الصعب جداً رؤيتها بمجرد الدخول. نتحدث عن «ياهو» 2016، أمّا اليوم فهو يشبه «غوغل». وأمّا هذا الأخير فصفحته بيضاء، خالية…

دبي في الذاكرة البصرية

الإثنين ١٣ يونيو ٢٠٢٢

الذاكرة البصرية هي ارتباط صورة باسم معين في عقلك، فإذا كنت تذهب إلى مركز تسوق لفعل شيء معين بشكل يومي فإن صورة هذا النشاط الذي تفعله هي التي ستظهر في دماغك عند ذكر اسم مركز التسوق. الذاكرة البصرية إما تجربة شخصية أو تتكون من قراءاتك عن شيء معين أو تنشأ معك وأنت تكبر؛ فإذا تعاركت مع شخص لفظياً أو جسدياً ثم أصبح هذا الشخص صديقك المفضل فإن صورة المعركة هي غالباً التي سترسخ في دماغك عند ذكر اسم الشخص. والذاكرة البصرية أقوى أنواع الذاكرات والأكثر تأثيراً على الإنسان، ولا غرابة أن الأفلام تؤثر فينا بشدة لأنها تتكون من مجموعة صور. ترتبط المدن بالذاكرة البصرية لدى كثير من الناس، وغالباً ما يرتبط المعمار الأيقوني للمدن بالذاكرة. مدينة لندن مثلاً مرتبطة بساعة «بيغ بن» وباريس ببرجها الأيقونة «آيفيل»، فلو كتبت اسمَي المدينتين في محرك البحث «غوغل» فهذه الصور التي ستظهر لك. مدينة القاهرة مرتبطة بأهراماتها وأبوالهول أو النيل، ومدينة نيويورك مرتبطة بمبنى إمباير ستيت أكثر من تمثال الحرية أو أي أيقونة معمارية أخرى، حتى إن نظرت إلى الكثير من ملصقات الأفلام التي تدور أحداثها في نيويورك أو تحمل اسم نيويورك أو إحدى مناطقها في عنوان الفيلم فستجد مبنى إمباير ستيت في الخلفية، بغض النظر عن نوعية الفيلم. مدينتنا الجميلة دبي كذلك لها…

التضليل (3)

الإثنين ٣٠ مايو ٢٠٢٢

كلنا سمعنا وقرأنا عن الادعاء الذي يتهم بيل غيتس بالتخطيط لتقليل عدد سكان العالم. وكان هذا تصريحاً لغيتس أُخرج من سياقه بالكامل، فقد كان التصريح الأصلي على منصة TED عام 2010 ونقلته صحيفة أيرلندية تديرها مجموعة مؤمنين بالمؤامرة آنذاك ولم يلتفت أحد إلى الخبر. لكن عندما ضربت جائحة كوفيد العالم، انتشرت صورة يبدو أنها من «إنستغرام» لامرأة تحمل نسخة من الصحيفة «سوفيرين إندبندنت»، والعنوان يقول:2011 هذا الخبر غير موجود الآن لكن شكراً لهذه السيدة التي احتفظت بنسخة من الصحيفة كل هذه السنوات. والعنوان في الصحيفة يقول: تقليل عدد سكان العالم عن طريق التطعيم الإجباري. فكيف بدأت القصة؟ بالطبع كل الناس سمعت وقرأت وتداولت الخبر الكاذب الذي نشرته الصحيفة والذي انتقل من العقد الماضي إلى يومنا هذا على ظهر مشاركة «إنستغرام» أو ربما «فيس بوك»، لكن بالتأكيد لا أحد يعرف ماذا قال غيتس بالضبط. قال غيتس: «يجب على العالم أن يخفف من انبعاثات الكربون، وإحدى الطرق المقترحة لفعل ذلك تقليل النمو السكاني عن طريق تحسين الرعاية الصحية. ماذا يعني ذلك؟». الكلام لغيتس: «عدد سكان العالم 6.8 مليارات نسمة، ويتجه إلى تسعة مليارات، لكن لو طورنا التطعيمات ونظام الرعاية الصحية المتعلق بالولادة ورعاية النساء والأطفال فلربما أبطأنا النمو السكاني 10 - 15%». يعني - والكلام لغيتس وهو يتحدث عن الدول الفقيرة في…

محمد بن زايد.. عرفناك قائداً وبايعناك رئيساً

الإثنين ١٦ مايو ٢٠٢٢

جاء خبر انتخاب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيساً لدولة الإمارات، ليؤكد سلاسة انتقال الحكم من الراحل الشيخ خليفة بن زايد، طيب الله ثراه، إلى خير خلف، وهو خبر يحمل تفاؤلاً شديداً للمستقبل. خبر يؤكد الاستقرار الذي نعمت به هذه الدولة من الله سبحانه وتعالى في وقت أصبح العالم فيه مليئاً بالاضطرابات. الإمارات منذ تأسيسها عام 1971 واحة أمان، والشعب مؤمن وواثق وملتف حول قيادته في السراء والضراء. يؤمن ثالث رئيس لدولتنا الحبيبة إيماناً راسخاً بأهمية الاتحاد، وهو يحمل بإخلاص راية زايد وإرثه. عرفنا معدنه في الأزمات عندما قال «لا تشيلون هم»، ونجح في إدارة الأزمة وأخرجنا منها بلا خسائر تذكر، والأرقام المتدنية تشهد بذلك. سيكمل محمد بن زايد مسيرة الدولة بنفس القوة والزخم، ونؤمن إيماناً كاملاً بأنه امتداد زايد وخليفة الخير، رحمهما الله. نفتح صفحة جديدة في تاريخ الدولة، صفحة محمد بن زايد، أحد أكثر قادة العالم تأثيراً، وصوله إلى الرئاسة ذروة طبيعية لتدرجه في المراكز التي تبوأها في السنوات الماضية، وهو مهندس الحداثة في عاصمتنا الحبيبة ومبدع التحولات السياسية والعسكرية وحتى الاقتصادية والاجتماعية. فهو العقل الذي ارتقى بالإمارات إلى قوة عسكرية إقليمية يحسب لها ألف حساب، وهي القوة التي تسهم وتعمل وتسهر على نشر السلام وإرساء الأمن والاستقرار ليس داخل الوطن فقط وإنما في الإقليم…