الخميس ٠٦ سبتمبر ٢٠١٨
لا يدرك معظم الناس مقدار الوقت الذي يمضونه مع هواتفهم الذكية، وغالباً ما يقللون من شأن الأمر، وينفون عنهم صفة الإدمان، وهذا ما يسمى نقص الوعي الذاتي. بعد اختراع تطبيقات احتساب الوقت «المحروق» على الهواتف الذكية، اتضح أننا بالمعدل العام نتفحص هواتفنا مرة كل ست دقائق، أو 150 مرة في اليوم. حتى عندما يكون جهازك بجانبك على طاولة، فإن انتباهك يتشتت بمجرد وجوده بقربك، حتى وأنت مشغول بأمر آخر. وما يضعف تركيزك أكثر هو سماعك لرنات التنبيهات، أو الاهتزازات في حال لم توقف خاصية تشغيلها. وفي أقل من عقدين، هبطت نسبة تواصلنا الطبيعي وجهاً لوجه مع الأهل والأصدقاء بنسبة 30%. لا أريد أن يفهم كلامي بأني ضد التقنية، وأعرف تماماً مدى أهمية هذا الجهاز في حياتنا، ودوره في تسهيل أسلوب الحياة ودورة العمل. لكننا غير مدركين عواقب سلوكنا السلبي الجديد الناتج من وجود هذا الاختراع بين أيدينا، ومعظم مستخدمي الهواتف الذكية ينكر بشدة حقيقة تشتته بسبب هذا الجهاز. هذا بالضبط سبب امتلاك شركات التقنية صناعة الإعلانات الرقمية، فهي تحصل على المليارات من المعلنين حول العالم، وتمتلك كل المعلومات التي تحتاج إليها عن المستخدمين وفي الوقت نفسه ابتكرت كل ما من شأنه أن يؤدي إلى ضمان التصاق المستخدم بهاتفه الذكي. الإدمان انتقل حتى إلى أطفالنا، فمن يستطيع إطعام طفله أو إسكاته…
الخميس ٣٠ أغسطس ٢٠١٨
كان يوم العيد خير شاهد على التغيّر الذي طرأ على سلوكنا ابتداءً من هذا العقد. الكل مطأطئ رأسه وعينه على شاشة هاتفه الذكي، والصمت يخيّم على الجميع، ما عدا همسات هنا وهناك. الملل هو دائماً أسوأ ما نتوقّعه، ونسعى لتجنّبه بشتى الطرق. في اليوم نفسه، ذهبت إلى مقهى في دبي مول، ولاحظت أن الشاب الجالس إلى الطاولة المجاورة لم يخرج من تطبيق «إنستغرام» مدة قاربت الساعة ونصف الساعة، بينما كان أصدقاؤه منهمكين في أحاديث. لو سألت أحد الزائرين في المجلس لماذا تشغل نفسك في الجهاز وتمتنع عن مشاركتنا الحديث؟ فسيقول لك الكلمة التي لم نعرفها سوى هذا العقد، وهي: العيد ملل، والعيد لم يكن كذلك قط منذ أن جئنا إلى هذه الدنيا. العيد ليس مُملاً، لكن هؤلاء يقولون ذلك لأنهم، في واقع الأمر، مدمنون على استخدام أجهزتهم الذكية أو ما يعرف بإدمان التقنية، وهنا أسباب الإدمان: أولاً، المكافأة: كلما تدخل إلى «فيس بوك» أو «إنستغرام» أو «تويتر» قد تجد 10 تنبيهات، آخر مشاركة لك على «إنستغرام» قد تحظى بـ20 لايك أو 200. نظام المكافآت هذا آسر لأسباب لا تحتاج إلى شرح، وهو ما يدفع المستخدم إلى العودة من أجل المزيد كلما خرج من التطبيق. أي تغذية مرجعية Feedback تأتيك فوراً وتتغير كل دقيقة، وهذا ما يتسبب في تكوين عقلية مشابهة…
الخميس ١٦ أغسطس ٢٠١٨
ذكرنا في مقال سابق بتاريخ 30 مارس 2017 أن شركة جيليت لأدوات الحلاقة وأدوات العناية الشخصية، استخدمت عبارة ما يستحقه الرجال لترويج شفرات الحلاقة التي تصنعها. ومازلنا في سياق الحديث نفسه، حيث إن «جيليت» ربطت بذكاء بين منتجها والرجولة، وهي رسالة تصل إلى كل الشريحة المستهدفة من المستهلكين، ومن قوة العبارة لم تغيرها الشركة منذ عام 1989 حين أطلقتها خلال مسابقة السوبر بول الأميركية، وتُرجمت إلى 14 لغة. «جيليت» وكل الأمثلة التي ذكرناها في المقال السابق لم تأتِ بتلك الأفكار من فراغ، بل كان هناك ملهم واحد: شركة بيبسي كولا! إليكم القصة: عام 1957، شركة بيبسي تتخبط وتعاني أزمة هوية لا تعرف من تستهدف، ورغم كل الجهود التسويقية المبذولة إلا أن المنافس الشرس (كوكا كولا) كان طاغياً ومهيمناً على السوق. كان العيب في التسويق والعلامة التجارية وروح المنتج، كانت الشركة بلا شخصية ولا اتجاه، بينما كانت «كوكا كولا» تعيش عصراً ذهبياً بعد إقناع المستهلك الأميركي بأن مشروبها يمثل روح الحياة الأميركية، ووصل الأمر إلى توظيف شخصية سانتا كلوز (بابا نويل) في إعلاناتها، وهذه شخصية شعبية محبوبة جداً عند الشعب الأميركي. عام 1963، عينت «بيبسي» رجلاً يُدعى آلان بوتيش، كان صغيراً في السن لكنه معروف بعبقريته. كانت مهمته صعبة وهي إعادة إحياء علامة بيبسي والخوض ضد أقوى منافس في السوق: «كوكا…
الخميس ١٩ أبريل ٢٠١٨
من الأمراض النفسية المنتشرة مرض من أعراضه تظاهر وادعاء الشخص أنه يعلم كل شيء، كان احتواؤه ممكناً في الماضي، لكن اليوم في عهد «السوشيال ميديا» أصبح آفة منتشرة على كل المنصات الإلكترونية. فكل يدلي بدلوه، فهذا يحذر من مخاطر منتجات مفحوصة وسليمة في أسواق الدولة، إلى ذلك الذي يعلم من أين تؤكل الدجاجة حتى تتجنب الجزء المتأثر بالمضاد الحيوي، إلى الذي يقرأ كتب تاريخ للجمهور على حسابه، ويتحدث في الدين والفقه والسياسة وحتى السينما! قرأت أخيراً معلومة تقول إن الجزر مفيد للعينين لكنه لا يقوي النظر، والاستشهاد بقصة طيار بريطاني من الحرب العالمية الثانية، منتشر على مواقع كثيرة. بحثت في الموضوع لأني لا أثق بكل ما ينشر، خصوصاً الموضوعات العلمية باللغة العربية من قِبل غير مؤهلين، ولأن الكلام تعارض مع قراءاتي في مجال التغذية، ووجدت أن المعلومة غير دقيقة، فالجزر يحافظ على صحة العينين وأيضاً يقوي النظر في بعض الظروف طبقاً لموقع «أميركان ساينتفيك»، ومركز «كالغاري للرؤية»، نظراً إلى احتوائه على مادة «بيتا كاروتين» التي يحولها الجسم إلى فيتامين A الذي يعمل على تحسين البصر ليلاً، بتحويل الضوء إلى إشارات للمخ، وتالياً تحسين القدرة على النظر في الإضاءة المنخفضة. القرنية كذلك قد تختفي، ويصاب الإنسان بالعمى لو انعدم فيتامين A من الجسم، كل عام هناك 250 ألفاً إلى 500 ألف…
الخميس ١٢ أبريل ٢٠١٨
سألتُ زميلة لي عبر الـ«واتس أب» عن التقاليد في بلادها، وعندما أخبرتني بحقيقة صادمة، وضعت أنا إيموجي (الأوجه الصفراء في الـ«واتس أب» وتطبيقات المراسلة الأخرى) الوجه المصدوم، فردت علي بأنها الحقيقة. لو تخيلنا أن المحادثة السابقة كانت من دون ذلك الإيموجي، لما ردت الزميلة وأكدت ما قالته، ولتوقف الحديث عند الحقيقة. مثال آخر: لدي صديق يعلق على كل ما أرسله له، وعندما أضع إيموجي الوجه الحزين على بعض التعليقات، تعبيراً عن قلة حيلتي تجاه أمر ما، فإنه يبادر بالتبرير وتفهمه أن الموضوع خارج عن إرادتي، ولولا الإيموجي لما اضطر إلى تبرير شيء. الإيموجي يعوّض نقص المشاعر البشرية في الفضاء الإلكتروني، وهو ضروري جداً ولا غنى عنه، ويضع الحوارات في سياقها المناسب، ويستدعي ردة الفعل الصحيحة على كل تعليق. مثلاً لو قلت لشخص: تعثرت أثناء نزولي السلم وسقطت على وجهي، الرد سيكون: تستحق السلامة أو هل أنت بخير. لكن لو قلت العبارة نفسها ووضعت «إيموجي» ضاحكاً، فسيقول: يالك من أعمى، أو أين عينك، أو ماذا دهاك أيها الأخرق ألا تعرف كيف تنزل السلم. ولو قلت العبارة نفسها ووضعت «إيموجي» حزيناً، فسيقول: يؤسفني ما تعرضت له، هل أنت بحاجة إلى أي مساعدة يمكن أن أقدمها، العبارة نفسها تستدعي ردات فعل مختلفة اعتماداً على نوع الإيموجي المستخدم. تطورت الإيموجي نتيجة التوسع في استخدامها…
الخميس ١٥ مارس ٢٠١٨
تحدثْ كثيراً عندما تُجالس نوعية معينة من الأشخاص، فإنهم يبادرون بالتقليل من شغفك واهتمامك ويقولون عبارات غير منطقية، مثل: الدولة وصلت إلى الفضاء وأنت لا همّ لك سوى السينما أو كرة القدم، أو أياً كان شغف أحدنا. استصغار شغف الناس سمات المتصنّع المتظاهر، الذي يلبس قناعاً يخفي سطحية وتفاهة يخجل منهما. استصغار شغف الناس سمات المتصنّع المتظاهر الذي يلبس قناعاً يخفي سطحية وتفاهة يخجل منهما، ومن أبرز سماته التركيز على السلبيات، واتهام أفراد المجتمع بالتفاهة دون أدنى احترام لاهتمامات الآخرين. كرة القدم صناعة تقدر بمليارات الدولارات، وليس عيباً الشغف والاهتمام بها وبصفقاتها، وهذا الشغف لن يزول حتى لو وصلنا إلى الفضاء وأقمنا مستعمرة على سطح القمر. نحن بشر خلقنا بأشكال وألوان وألسنة وأذواق مختلفة ومتنوعة تنوعاً رهيباً لا يتخيله عقل، وكذلك هي اهتماماتنا متنوعة بتنوع شخصياتنا، فأنا أحب السينما، وهذا يحب الكرة، وذاك اهتمامه السيارات، وتلك شغوفة بتصميم الأزياء، وصديقتها مهتمة بعلوم التقنية والكمبيوتر أو تعلم اللغات. لماذا الاستنكار والانتقاد وتصوير شغف الآخرين على أنه تافه لا قيمة له؟ لماذا لا يوجد لدى البعض منا احترام لذائقة الآخر؟ هل تخلفت ألمانيا واليابان في كرة القدم عندما أبدعتا في علوم الهندسة أو العكس؟ ألم تنهض الدولتان من ركام الحرب العالمية الثانية وأبدعتا في مختلف المجالات ومنها الرياضة والفنون! أنت شغفك وشغفك…
الخميس ٢٢ فبراير ٢٠١٨
الأخبار بمختلف صيغها، المكتوبة والمرئية والمسموعة، مثل أي منتج مطلوب الإقبال عليه وقراءته. يجتهد معدّو الصيغة المكتوبة في جذب القراء باختيار موضوعات تهم الناس وعناوين جذابة، أما المرئية فترى المذيع مثلاً يطلب منك استمرار البقاء معه من خلال العبارة الشهيرة: نعود بعد الفاصل. حتى يعود المذيع من الفاصل يحدث شيئان: إما أن يبيعك إلى المعلن أو يخسرك لمصلحة قناة أخرى. إذاعياً الوضع لا يختلف كثيراً، فنسمع العبارة نفسها بصيغة أخرى: فاصل ونواصل، وإما أن تباع إلى المعلن أو تفلت، ربما تعود لاحقاً أو لا تعود، هذا يعتمد على قوة المحتوى. في الصيغ الثلاث يتعرض المعدون لضغوط حتى يجدوا طريقة تجعل القارئ أو المتلقي يتابع باستمرار، أو بكلمات أخرى المطلوب هو إدمان الجمهور. دخلت وسائل التواصل الاجتماعي (سوشيال ميديا) على الخط، وخطفت أكثر من نصف الكعكة، وهي مبرمجة على خلق حالة إدمان للمستخدم، وفي هذه الحالة تلك الوسائل أقوى بأضعاف مضاعفة من الوسائل التقليدية لأنها تمنح المستخدم ميزة التحكم. أعرف أني لم أقدم جديداً حتى الآن، لكني سأنتقل إلى الجهة الأخرى من المعادلة حتى تتضح الصورة أكثر، نحن نواجه مشكلة في طريقة استهلاكنا الأخبار. • على الرغم مما يحدث في العالم من مآسٍ لم تعد الأخبار تعني شيئاً من كثرة التكرار وتكرار التكرار. أولاً، سرعة وصول الخبر انتقلت من 24 ساعة…
الخميس ١٥ فبراير ٢٠١٨
صادفتُ الكثيرين في حياتي ممّن يتفاخرون بأنهم قادرون على أداء مهام متعدّدة Multitasking في الوقت نفسه. أحدهم كان مديراً يؤمن بهذه المهارة كحقيقة راسخة في حياته، وعندما أكون في مكتبه لأستشيره في أمور، أجده منهمكاً يكتب على الكمبيوتر، يومئ لي برأسه أنه يسمعني، ثم بعد أن يرفع عينه من الشاشة يستدير جهتي ويسألني: ماذا قلت؟ تعدّد المهام يقلل الإنتاجية بنسبة 40% ويزيد الأخطاء، ويرفع التوتّر ويُضعف الذاكرة. جوابه يكفي لتحويل المهارة إلى خرافة، لأنه لم يكن يستمع إلى كلامي، وكانت لديّ زميلة هي كذلك تتفاخر بتلك المهارة المزعومة، وعندما أدخل مكتبها لأسألها تطلب مني الصبر حتى الانتهاء من الرد على الإيميل! المدير نفسه كلّفني مرة بـ12 مهمة، وعندي موظفة واحدة، فقلت له: «حتى (سوبرمان) يؤدي مهمة واحدة في أي وقت، فهو صحافي في وقت اليسر، ويتحول إلى سوبرمان وقت بروز التحديات، ويستحيل أن يكون صحافياً و(سوبرمان) في الوقت نفسه»، فلم يرق له كلامي، رغم أن العلاقة بيننا كانت تسمح بهذا النوع من النقاش. لستُ خبيراً ولا جهبذاً في علم الإدارة، لكنني لستُ بحاجة إلى ماجستير ولا دكتوراه كي أثبت التالي: يستطيع شخص (رجل أو امرأة) أن يمشي ويمضغ علكة في الوقت نفسه، فهذه تسمى أنشطة تلقائية، ويستطيع أن يستخدم هاتفه الذكي وهو يمشي ويمضغ، لكنه حتماً بحاجة إلى رفع رأسه…
الخميس ١٨ يناير ٢٠١٨
منذ فجر الحضارة الإنسانية كان رواة القصص يغيرون لهجاتهم وأصواتهم للدلالة على الشخصية الأجنبية أو الشريرة في قصصهم، فليس هناك أفضل من هذه الإشارة لترسيخ صورة نمطية عن شخصية معينة. إعطاء شخصية ما في الأفلام لهجة معينة، يشطح بخيال المشاهد بعيداً عن «واقعية» العمل المفترضة، ويضيف لمسة خيال تكون مقبولة لدى مشاهد، ومرغوبة بشدة عند آخر. الأسباب كثيرة وراء تلك اللهجات، مثلاً: هوليوود تحب التنميط، فتجعل أشرارها يتحدثون اللهجة البريطانية، أو إنجليزية بلهجة ألمانية أو سلافية أو أوروبية شرقية، خصوصاً روسية. كما أن الكثير من الأعمال الخيالية والتاريخية، أو تلك التي لا تحدد مكاناً ولا زماناً لها، تتعرض للسخرية لو لم تكن بلهجة بريطانية. ترمومتر التنميط في هوليوود يعكس سياسة واشنطن، ففي العشرينات والثلاثينات حتى الخمسينات، كان الشرير هو الهندي الأحمر بإنجليزيته المكسرة، بعد الحرب العالمية الثانية أصبح الشرير هو الياباني والألماني بإنجليزيتهما الركيكة وفي الستينات والسبعينات تراجع هؤلاء قليلاً لمصلحة الروسي الشيوعي الذي استمر حتى بعد سقوط الاتحاد السوفييتي بإنجليزية يصفها أقرانه في الفيلم بأنها بشعة! في التسعينات والألفية تبادل الروسي والعربي والصيني أدوار الشر، لكن بعد أحداث 11 سبتمبر الإرهابية احتل العربي الصدارة بجدارة. وصل الرئيس فلاديمير بوتين إلى السلطة عام 2000، وأغضب واشنطن كثيراً، فاستمر تنميط الروسي في المسلسلات والأفلام الأميركية. بوصول الصين إلى المركز الأول كأكبر…
الخميس ١٩ أكتوبر ٢٠١٧
في عهد وسائل التواصل الاجتماعي هناك وجهتا نظر لا تتفقان أبداً، الأولى ترى أن «تويتر» أولاً، وبقية الوسائل ثانياً، هو كل شيء وأهم شيء في حياتنا اليومية، والثانية لا تراه بتلك الأهميةـ، ولا تعير الوسائل الأخرى الكثير من الاهتمام. «تويتر» صُنع ليكون منبراً للتعبير عن الأفكار والآراء، ومع الوقت أصبح «تويتر» الوسيلة الأولى لبث الأخبار في بعض الدول، ومنها الإمارات. وخير مثال هو إعلان تشكيلة مجلس الوزراء الجديدة، العام الماضي، عبر هذه المنصة. «تويتر» كمنصة أعطى الجميع أدوات لتقييم ذواتهم، وقياس مدى قبولهم لدى الآخرين شخصياً، لا أعير «تويتر» ولا الوسائل الأخرى كل اهتمامي، فكل ما أتابعه الحسابات الضرورية فقط، بحكم عملي، وبالتالي فإني من أصحاب وجهة النظر الثانية.. فماذا عن وجهة النظر الأولى؟ هؤلاء يقسّمون إلى فئات: الأولى لا تتوقف عن تحديث صفحة «تويتر» بحثاً عن أخبار، الثانية تريد الاطلاع على آخر تغريدات الأصدقاء وأخبارهم، الثالثة تبحث عن مواد جيدة للقراءة، الرابعة تريد إيجاد وتكوين مجموعة من الأشخاص الذين يشاركونها الرأي إيجاباً وسلباً. أما الخامسة، وهي اللافتة للانتباه، فهي فئة ترى ضرورة مقارنة نفسها بغيرها من النماذج الأكثر نجاحاً، وبالتالي العيش في قلق مستمر. علماء النفس الباحثون في الموضوع وجدوا أن الفئة الخامسة (القلقة) تتأثر بما تراه في صفحة المستخدم المهتمة به، وهذا المستخدم غالباً ما يكون قد كسب…
الخميس ١٤ سبتمبر ٢٠١٧
أثناء مشاهدتي لفيلم رعب، منذ أيام قليلة، كانت هناك فتاة على مقعد مجاور تغطي وجهها ببطانية. مهما اختلفنا في تقييم ردة فعلها فهي حقيقية وواقعية. وهذه ردة فعل الجمهور التاريخية في كل أفلام الرعب. نعم هي خائفة وليس هناك خطأ أو عيب في ذلك. ولا عيب أيضاً لو ضحكنا بشكل مقبول وخافت من دون إزعاج الآخرين من حولنا. حقيقةً، أحرص على مشاهدة أي فيلم في الصالة الفخمة في أي سينما أذهب إليها، وأدفع ثلاثة أضعاف قيمة تذكرة الصالة العادية كي أضمن الابتعاد عن الأفراد المزعجين الذين يدخلون الفيلم بهدف إفساد تجربة المشاهدة على غيرهم. وأعرف أشخاصاً يحرصون على دخول العروض الصباحية أو في أول فترة الظهيرة للسبب نفسه، وهناك أشخاص تركوا الصالات حتى لا يتعرضوا لهذه الظاهرة. دعونا نتساءل لماذا لا توجد أي ضوابط للسلوك العام في صالات العرض المحلية؟ لائحة السلوكيات الخاطئة التي تظهر على الشاشة لا تكفي ولا تردع المنفلتين. في الولايات المتحدة هناك قانون يلزم السينما بإعادة الأموال إلى الشخص الذي يشكو من عدم ارتياحه، بشرط أن يعبر عن ذلك خلال العشرين دقيقة الأولى من العرض. لماذا لا يكون لدينا قانون كهذا في الصالات المحلية، خصوصاً في عروض أفلام الرعب، كونها أكثر العروض التي تشهد فوضى وتعليقات تافهة وسخيفة من مراهقين وغيرهم يريدون إثبات رجولتهم. لماذا عندما…
الخميس ٢٤ أغسطس ٢٠١٧
ما أكثر شيء تستخدمه في حياتك اليومية؟ الهاتف الذكي. ما أكثر شيء تعتمد عليه في العمل بعد الكمبيوتر؟ الهاتف الذكي . وأحياناً نستخدمه بشكل كامل للعمل. ما أكثر أداة تستخدمها في التواصل العائلي؟ الهاتف الذكي. ومع الأصدقاء؟ أيضاً الهاتف الذكي. أين تحفظ نسخاً من مستنداتك الشخصية؟ على الهاتف الذكي. إذن هو أداة تواصل وكمبيوتر مصغر لإنجاز العمل، وأداة لاستخدام الإنترنت، هو فعلياً بمثابة سكرتير شخصي لكل فرد، يتكوّن من عنصر واحد هو الذكاء الاصطناعي. هذا المقال ليس باتجاه التخويف من الذكاء الاصطناعي، لكن سأوجه سؤالاً أخيراً: هل يستطيع أحد منا الجلوس في المنزل أو المكتب واضعاً هاتفه في جيبه أو على المكتب، وقلب الجهاز لحجب الشاشة مدة ساعة؟ الجواب على الأرجح هو: لا. إذن نحن نتحدث عن حالة إدمان. جربت أن أضع هاتفي الذكي بعيداً أثناء الشحن، وجلست وحدي أقرأ جريدة كانت أمامي، متناسياً أن الجهاز بعيد عني، وجدت نفسي أحياناً وبصورة لا إرادية أضع يدي في جيبي بحثاً عن الجهاز قبل أن أتذكر أني وضعته على الشاحن وأكفّ عن التفكير فيه. بعد برهة وجدتني أحرك أصابعي لا إرادياً، كأنها تبحث عنه. ولم أعتد على بعده عني إلا بعد مرور ساعة، وهو اعتياد مؤقت طبعاً. ما حدث أن عقلي كان يتبع نمطاً معيناً اعتاده لسنوات طويلة، ويرسل إشارات باستمرار لحثي…