دعائم الاقتصاد في الإسلام
للاقتصاد دعائمُ لا يقوم إلا بها، وهي التجارة والزراعة والصناعة واستخراج المعادن، وقد أولاها الإسلام عنايته الفائقة؛ لأنها تمكِّن البشر من العيش السوي، والقيام بواجب الاستخلاف في الأرض، وتعتبر التجارة عمودَ الاقتصاد الأول؛ لأنها تنهض بالأمم وتحقق الاستغناء عن الناس، ولذلك حث الشارع عليها أكثر من غيرها، وجعل الكسب بها من أطيب المكاسب إذا كانت عن تراضٍ وبعد عما حرم الله تعالى من الربا والبيوع الفاسدة، فقد سُئل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أي الكسب أطيب أو أفضل؟ قال: «عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور» وروي عنه، صلى الله عليه وسلم، قوله: «تسعة أعشار الرزق في التجارة»، قال الراوي: وكسب العشر الباقي في السائمة، يعني الغنم، وقال صلى الله عليه وسلم: «التاجر الصدوق الأمين مع النبيين، والصديقين، والشهداء»، وما انتفع الإسلام والمسلمون في سائر عصورهم كما انتفعوا بالتجارة، فمياسير الصحابة الذين نهضوا بالإسلام ونفعوا المسلمين كأبي بكرالصديق - قبل هجرته - وعثمان بن عفان، وعبدالرحمن بن عوف، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله رضي الله تعالى عنهم، كان نفعهم للمسلمين بالتجارة عظيماً، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، إذا أتاه سائل حثه على التجارة ولو بالاحتطاب، ويقول له: «اذهب فاحتطب وبِعْ، ولا أرِيَنَّك خمسة عشر يوماً»، فيذهب الرجل يحتطب ويبيع، ثم يجيء وقد أصاب عشرة دراهم، فيقول…