علي أبوالريش
علي أبوالريش
روائي وشاعر وإعلامي إماراتي

جناحا الإمارات أوسع من الفضاء

السبت ٢١ ديسمبر ٢٠٢٤

كطائر عملاق، يتوسع في الفضاء سحابة فضية، مبللة بالعذوبة، كفكرة ضالعة في الوشائج، تمضي الإمارات في علاقاتها مع الدول، فلا ذرات تراب تغبش المرآة، ولا ضبابية تعيق الرؤية، فكل الطرق مفتوحة على المدى، كل المشاعر منسجمة مع الأهداف، وكل النسق ترتب شالها، بحيث لا يبقى في القماشة ما يضيق الصدر. منذ البدء والإمارات تتلمس وجودها في علاقاتها المميزة بالآخر، ومنذ النشوء والإمارات ترتقي إلى السماء وفي يدها نجمة تضيء الطموحات، وفي اليد الأخرى سحابة ترطب الوجدان، ومنذ بزوغ فجر الاتحاد المجيد، والإمارات تفتح النوافذ على آخرها، وتصغي إلى ترنيمة الطير وهو يلحن أبجدية التواصل مع الكواكب، والنجوم، ومن دون تصنيف، أو تحديد، سوى حدود الاحترام المتبادل بين الدول، والمصالح المشتركة، والقواسم التي تؤدي إلى التعاضد والتلاحم. هكذا رسم الباني المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه وأسكنه فسيح جناته، الطريق إلى أمن الذات وأمن الآخر، وهكذا آمن بأن الحياة جسر للوصول وليست مكاناً للتوقف، وخير وسيلة للوصول الحب، هو ذلك الترياق الذي يقوي مناعة المشاعر، وهو ذلك الجسر الوسيع الذي يأخذ الدول إلى منارات واسعة الظلال، وإلى حقول خضراء، لا تسقط الشمس الحارقة أوراق أشجارها، ولا تعصف الرياح بأغصانها. واليوم نرى قيادتنا الرشيدة تمسك بذلك الإرث، في التزام قيمي وأخلاقي لا مناص من الالتزام به، لأنه يشكل…

الابتكار ضرورة وجودية

الخميس ١٢ ديسمبر ٢٠٢٤

يقول أدغار موران: «يكمُن كنز البشرية في تنوعها الإبداعي، ومصدر إبداعها وحدتها المولدة». الإنسانية تبدع ليس ترفاً، بل الإبداع حاجة لعدم نسياننا لأنفسنا، وما من مبدع أو مخترع إلا ولديه مشروع حياة، وفلسفة انتماء إلى الوجود، والذين يجعلون من الإبداع مسألة استهلاكية هم أولئك الذين يقفون عند الهامش، هم أولئك الذين يختزلون الزمن بلحظة لفتة عابرة ثم يشيحون في وجوم، ثم يدبرون، ثم يتلاشون تحت عتمة النسيان المريع، مما يجعلهم مجرد طفيليات في الوجود، ثم تذوب في حيثيات الأشياء الزائلة، هؤلاء يمرون على العالم مثل قشة على ظهر موجة، مثل ورقة لوز عجفاء تغيب مع هبّات الريح، وضجيج العصف البشري. الإمارات دخلت كينونة الكرة الأرضية بوعي أنها جزء من هذا الوجود، فأصبحت بعد حين هي جوهره، وهي محوره، وهي السطر، والقطر والوتر. اليوم ترتب الحكومة الرشيدة مشاعر الإنسان في هذا البلد على أساس الانتماء وليس على نمط المرور العابر، مما يجعل مسؤولية كل مسؤول في وزارة أو دائرة، التزاماً أخلاقياً قبل الوظيفة الاعتيادية، ويجعل علاقة المسؤول بالوطن، كعلاقة الماء بالشجرة، وكعلاقة الأرض بأشعة الشمس، فلا يمكن الفصل بين المسؤول ووظيفته، ولا يمكن جعل المسؤول هو ذلك المخلب القابض على قمة الشجرة ولا عين تراه، ولا أذن تسمعه، ولا عقل يتبع خطاه؛ لأن المسؤولية هي دين والدائن هو المجتمع والمدين هو…

وطن التمكين

الثلاثاء ١٠ ديسمبر ٢٠٢٤

وطن التمكين يضع الإمارات بين أيدٍ أمنية، أضلاعها أب وأم وأبناء، ورابعهما ثقافة الانتساب إلى تاريخ مؤدلج بالحب، والانتماء إلى البيت المتوحد، والمشاعر التي تستلهم بسوقها من ذلك الإرث القويم الممتد من رمال الصحراء حتى موجة البحر ناصعة البياض. وزارة تمكين الأسرة، هي تلك الخلية واسعة المدى، ثرية المداد، فياضة بمشاعر الود، والوعي بأهمية أن تكون الأسرة عمود الخيمة وسماءها، وتحت سقفها تنمو سنابل المستقبل، محتفية بابتسامة لا تنطفئ شعلتها، تطلعات لا تخبئ أقلامها في تسجيل تطورات الوطن، وانثيالات نثات غيمته العذبة. في الإمارات اليوم الأسرة تقود المرحلة مزملة بقواعد، ونظم، وأسس، وثوابت، وأحلام زاهية كأنها المصابيح معلقة في سقف السماء، في الإمارات اليوم الأسرة هي المبتدأ وهي الخبر، وهي الكلمة الفصل، وذلك إيماناً من القيادة الرشيدة بأنه ما من مجتمع يرتقي ويتطور، ويزدهر، ويثمر، إلا وبين طيات علاقاته أسرة تمسك بزمام البوح، وتعمل على ترتيب الطموحات، وتشذيب الأغصان لتصبح طيعة ناضجة، صارمة، حازمة جازمة، في بناء مجتمع يتطلع أن يكون النخلة التي تدلي بعناقيدها، على النحور، ومن سعفاتها تبني بيوت العز والشرف. في الإمارات اليوم تمضي الأسرة قدماً في توطيد العلاقة مع الحياة، وتمتين الأواصر مع المستقبل، وتعضيد المجتمع الأكبر بفنيات الإبداع التربوي وبلاغة التنشئة، ونبوغ الفكرة في بناء البيت الكبير. معجم الإمارات الأسري يفيض بالجمال، ورونق العلاقات الزاهية،…

«نحن نحمي»

السبت ٠٧ ديسمبر ٢٠٢٤

نحن نحمي، لأننا الظل، والخل الوفي، لأننا من رفة الجفن، ومن رمش يعزف سيمفونية الوفاء نهضت بلادنا، واشتد عودها، وهي تحمل أجنحة الود لبراعم هم ثمرات الغد، وهم أشرعة النهوض إلى غايات، وأهداف، وضعها المؤسس الباني زايد الخير، طيب الله ثراه وأسكنه فسيح جناته، واليوم ونحن نحلق في فضاءات الألفية الثالثة، نحمل على عواتقنا مسؤولية استكمال البناء، ومواصلة المسيرة، مكللين بأفكار قيادة، الحكمة شيمتها، والفطنة قيمتها، وسواء السبيل رؤيتها، والحلم البهي الناصع شعاعها المؤدي إلى منازل الألفة، والتضامن مع الطفل كونه المضغة التي تتشكل منها لحمة الطمأنينة، والتقدم، والازدهار، كونه الضلع في الصدر الذي يخبئ تحته آمالنا، وأمنياتنا، وأحلامنا، وطموحاتنا، وتطلعاتنا، وكل ما يروي شظف الوطن، وكل ما يمنع عنه الظمأ والكدر. القمة العالمية «نحن نحمي» في أبوظبي، هي قمة التواصل بين الأجيال، وهي أبجدية البناء في لغة الحب، وهي معجم الثقافة الإماراتية التي اصطلحت منذ البدء على أن الطفل فلذة الكبد، وهو مضغة القلب، والساعد، والواعد، والسر في بناء الجملة بدءاً باسمها، وانتهاء بخبرها، الأمر الذي جعل الفكر العالمي يتجه إلى الإمارات، وإلى العاصمة الزاهية بالذات، لأنها مهبط القيم الجليلة، ولأنها مكان النبرة الأولى، وترنيمة الطفولة المنبعثة من أحضان ما عرفت غير حليب الحب، وما تدربت إلا على الهدهدة، ومناغاة الطفولة، بلسان عاطفي عذب، كأنه السلسبيل، وذلك استلهام من…

هزاع بن زايد.. اختيار في مكانه

الخميس ٠٥ ديسمبر ٢٠٢٤

العين الخضراء تحتاج إلى النهر الذي يطوق أشجارها بالحب، تحتاج إلى ذهنية تمرست على إرواء الوطن بما يملأ جداوله بعذب الجهد والبذل والعطاء، تحتاج العين إلى عين ملؤها بريق التألق، والتطلع دوماً إلى المستقبل، بمشاعر أرهف من الحرير، وقدرات أكثر صرامة من جبل حفيت، وأعظم هامة من قلاع العين المسترخية على تراب كأنه السندس، والاستبرق. العين تحتاج إلى رجل له سمة الغيمة، وصفة النجمة، وشيمة الصحراء، وقيمة الماء. تعيين سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، نائب حاكم إمارة أبوظبي، ممثلاً للحاكم في منطقة العين، لهو الفرحة المتممة لأهل العين، هذا التعيين، هذا التمكين، تضمين لحقيقة أن بلادنا تمضي في طريق النماء والتطور بخطوات كأنها دورة الكواكب في السماوات، كأنها حركة الماء في شرايين الأشجار العملاقة في مدينة العين. هذا التعيين له لغته، ومفردته في بلاغة الأخيار من لدن قائل حكيم، يعرف كيف يضع النقاط على حروف الكلمات، لتصبح جملة الوطن أبلغ من خيوط الشمس، وأنصع من بريق النجمة، هذا الاختيار يعيد قراءة التاريخ، لكون التاريخ كتاباً حروفه من صنع أنامل أهل الحل والربط، وأهل المعرفة والعرفان الجميل. ووطن هكذا تدار عربته العملاقة لا بد أن يحاكي المدى بأبجدية كأنها النشيد في ضمير الأغصان على القمم الشم، ووطن هكذا تمضي قافلته، فلا بد أن تنيخ الصحراء له صهوة وسناماً، ولا…

شكراً على عزيمتكم

الأربعاء ٠٤ ديسمبر ٢٠٢٤

«شكراً على عزيمتكم .. شكراً على جهودكم»، جملتان كأنهما غصنان لشجرة الخلد، تتفرعان في الضمير، تفيضان بصدق البوح، وصرامة الصدح، تملآن بستان الوطن بعطر عطر الوجدان الإنساني بأجمل العطاء، وأنبل الثناء، لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله. جملتان كأنهما جدولان يسردان سر العلاقة بين القائد وشعبه، هو ذلك الحب، هو ذلك الدرب تسلكه جياد الخير من أجل وطن يترعرع بين خمائل البذل السخي، وجداول العطاء الندي. هذه هي الإمارات، هذه هي أحلام زايد الخير، طيب الله ثراه، تتألق سحابات تسبك قلائدها على نحر التراب النبيل، وعند أعناق السماء. هذه كف زايد تفتح للمدى ضوءاً يشرق في عيون الأجيال، يمنحهم الثبات، والثقة في الوصول إلى أفق الإنجازات العملاقة، يمنحهم جزالة الانتماء إلى وطن المكتسبات المدهشة، والمشاريع المذهلة، هذه هي الإمارات بقيادة الشهم الكريم، تمضي قدماً باتجاه الكواكب والنجوم، تمضي نحو غايات شعب لا حدود لطموحاته، ولا حواجز لتطلعاته، إنه الشعب سليل النخلة الكريمة، وابن الصحراء النبيلة، يداً بيد نحو مستقبل زاهر، مبهر، مزدهر، يعانق السماء بفرادة في التفوق، واستثنائية في التميز، والقافلة تسير، حاملة للعالم رسالة الود، والتسامح والحب الكبير، تؤازر المحتاج، وتثري المعوز، والطريق ممدودة إلى غايات لا نهاية لمستقيمها والبداية كانت حلماً، أصبح الحلم علماً، وصار العلم حكاية وطن له في المعالي سير،…

العدالة رديف اقتصاد مزدهر

السبت ٣٠ نوفمبر ٢٠٢٤

أعطني عدالة، أعطيك استقراراً، وأعطني استقراراً، أعطيك اقتصاداً، مزدهراً. هكذا هي المعادلة، وهكذا هو المجتمع، لا يسير على أرض ملتهبة، ولا يستقر في خيمة تعبث بها الرياح، وإنما الحضارات العظيمة بنيت على قواعد العدل، لأن العدل ميزان الاستقرار، والاستقرار بيت التطور والازدهار والنمو الاجتماعي. في الإمارات تسير الحياة على عجلة الطمأنينة، والتي احتضنتها يد العدالة عندما وفرت بنية تحتية ممهدة بسجادة رخية نسجت من خيوط الحرير، واليوم نشهد هذا البريق الأخاذ، ونرى كل هذا الرونق المهيب، وهذا المشهد البراق والذي أدهش الناظرين، وأذهل المتابعين، وأيقظ في الناس أجمعين تطلعات الشراكة مع دولة تسامت بأخلاق العدالة، وشمخت بقيم الاستقرار، وسمقت بمحسنات البلاغة في التعاطي مع القضايا ذات الشأن الإنساني، والتي تمس جذور العلاقة بين الإنسان والآخر، وبين الإنسان وقيمه الاقتصادية، والتي هي جوهر البناء الحضاري، وهي محور التطور في مختلف المحاور، والمجالات. في الإمارات إنجاز الأعمال اللوجستية يبدو كأنه يسير على جناح الطير، فلا توجد هنا رتابة، ولا روتين، ولا عقد في المعاملات، الأمر الذي يضع كل مهتم بالعمل الاقتصادي يمضي في شأنه من دون رعشة، ولا رجفة يد، لأن القانون كفل الحقوق، والعدل ضمن الواجبات، والمعيار في التميز يعتمد على القدرة على العطاء من دون رتوش، ولا زيف، ولا مساحيق تجميل، فقط هو المضمون الذي يدفع بالتي هي أحسن، ويجعل…

سفراء الوطن

السبت ٠٩ نوفمبر ٢٠٢٤

رسالة أخلاقية يحملها طلبة الإمارات في الخارج، تعبر عن مدى اهتمام الدولة بالقيم الأخلاقية التي تسبق كل معطيات العقل، لأن الأخلاق بيت الحكمة، وهي طريق الود الذي يفتح آفاقه أمام العلاقات السوية مع الآخر. فإنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا. فالطالب عندما يخرج من بلده ويذهب إلى فضاءات العالم، فإنه مكلف بمسؤولية أخلاقية قبل كل شيء، وقبل التحصيل العلمي، لأنه ما من جدوى ولا قيمة ولا فائدة من العلم إذا لم يعزز التحصيل العلمي بحزمة أخلاقية تحميه، وتعتني بقدرات الطالب عندما ينتهي من دراسته ويدخل في حياض العمل، كما أن هذا الطالب، هذا الرسول، هذا المبعوث إلى ديار جديدة، يكون خير أداة تحصن الوطن من الصور الشائهة، وأفضل وسيلة تجعل منه وطناً يخلد في الذاكرة الإنسانية صوراً زاهية وجميلة، وروعة في التمثيل، وبراعة في تأصيل العلاقة مع الآخر. فالطالب عندما ينزل منازل الآخر، تكون الأعين مسلطة على كل نبضة من نبضاته، وأي خفقة في السلوك إنما هي ضربة قاصمة في العمود الفقري لسمعة البلد، وسماته، وصفاته، وأخلاق أهله. لهذا السبب، فإن القيادة الرشيدة تصر دوماً على أن يحمل الطالب الإماراتي علم الإمارات، ويجعله دائماً يرفرف بعلامات النزاهة، والقيم الرفيعة، وأخلاق الآباء، والأمهات، الذين تحملوا غربة أبنائهم ليجنوا بعدها شهادة حسن السيرة والسلوك، ويقطفوا من ثمرات علمهم…

الغائب الحاضر.. شعلة لا تنطفئ

الإثنين ٠٤ نوفمبر ٢٠٢٤

العظماء لا غيمة تغطي هاماتهم، ولا نجمة تسبق ضوءهم، بل على الأرض مطر، وفي السماء قمر، وفي وعي الناس ذاكرة مخضبة بحناء الفرح، وكتاب مسطر بمفردات النماء والانتماء، ومنمنمات تلون العقل بأحلام أزهى من الشمس، وأبهى من الورد، هم في الحياة أيقونة ترسخ الحب مثالاً ونموذجاً، هم في الحياة قيثارة أوتارها مشاعر عشاق التأمت أرواحهم على تاريخ من التلاحم، وتلك شخصية تلهم، وتفتح للوعي مدارك مستقبل، تفتح نوافذ للمدى، تفتح أسئلة للحياة، إجاباتها معطيات لا تعد ولا تحصى، وجملتها تتعمق في القلوب كأنها الجذور في أتون الأرض. رحل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، عن العيون، وظل في الصدور آية من آيات الخلود، ظل في وجدان الناس صورة من صور التاريخ المضيئة، وظل في الوطن أثراً ومآثر تحكي قصة رجل من هذا الزمان، ملك القلوب بشخصيته الكاريزمية الفذة، وهالته المطوقة لوجود الناس، وأحلامهم، ظل هذا الزعيم علماً بارزاً ليس في الإمارات فحسب، وإنما في العالم، فعندما يذكر العظماء، تبرز صورة الشيخ زايد، طيب الله ثراه، على لوحة العقل، متألقة برونق الزعامة، متدفقة بمهارة الفخامة، واليوم وبعد عشرين عاماً من الرحيل، نقرأ على سبورة الوطن، محيا الشيخ الجليل، وعلامات المجد المجيد تسطع على جبين من أحب الله، فحبب الناس فيه، الشيخ زايد وهب لنا أعظم منجز،…

المرأة سند الوطن

السبت ٠٢ نوفمبر ٢٠٢٤

في جمعية «المرأة سند الوطن» هناك بلبل يغرد، وشدو يعلو قامة الجبال، هناك أناشيد تلون حياة المرأة، وترسم صورتها في المرآة، بزينة القيم الإماراتية وأخلاق النبيلات. في هذه الجمعية الموقرة، تمشي الأحلام بقلائد تعانق مجد المرأة، وتبني عروشها، وتشيد قصورها، وتعمر جسورها، وهي في الطريق إلى حياة زوجية مفعمة بالوعي بأهمية أن تكون المرأة محور الكون، وجوهر الوجود، وطوق الياسمين، ونطاق العنق الأمين. جمعية المرأة سند الوطن، هي جذر الشجرة المروي بماء العذوبة من أجل نمو الأغصان وتفرعها كي تصبح الأعشاش في سكينة وأمان، فلا عصف ولا خسف يعرقل مسيرة القافلة ويعيق الطيور عن التحليق. فاليوم تحتاج الإمارات إلى هذه الثقافة، ثقافة المؤسسات التي ترعى شؤون الأسرة، وفي لبها المرأة كونها الضلع الأهم في بناء أسرة تتقاسم رغيف الحياة، وتتشارك في بناء السفينة ورفع الشراع، حيث يكون الأفق مداره، ومساره. اليوم الإمارات تحتاج إلى هذه المشاريع العملاقة التي تتوازى مع التوجه الحكومي في بناء أسرة ذات قواسم مشتركة، وأهداف محددة وواضحة وطموحات تبلغ عنان السماء، لأنه من دون امرأة بثقافة الأحلام الزاهية، ومن دون امرأة تحمل على عاتقها طفولة وطن له في المعاني ما يغدق القلب حبوراً، وله في ملاحم الفرادة ما يجعل الإنسان يشعر أنه يعيش على بساط نسيم يحمل في طياته عطر النخلة النبيلة، وشموخ الجبال الراسخة. اليوم…

حاملة الأثقال

السبت ٢٦ أكتوبر ٢٠٢٤

في غابة من الجدران المدمرة، والعراء يطوقها، ويخنقها، كانت الطفلة قمر، تحمل على كتفيها الضئيلتين شقيقتها المُقعدة، وفي قلبها لوعة الحرمان، وشقاء الحروب، وعواصف البغض، قمر الطفلة الغزية المرابطة، تعثرت كثيراً، بمعضلات زمن الحياة السائلة، وتبعثرت أشواقها بين قصف ونسف، وذلك البيت المدمر الذي تركت فيه ألعابها، وسريرها الذي حلمت على وسادته، بصباح غير صباحات غزة المنكوبة، حلمت قمر بقمر مستقبلي، وصبح يشرق بابتسامة أمل، حلمت برائحة الأم والأب اللذين غيبهما الزمان خلف ضبابية العالم، وانهيار أسس الحداثة وعدالة الأيام، وحقوقها المسلوبة، وكثير من الدموع التي انهالت على تراب داست على أحجاره المتناثرة، خفاف ركاب ضيعت البوصلة ولم تزل قمر تبحث عن قمرها السماوي، وعن صبح يفصل جدائل الصباح، ويمشط الضفائر، سعياً للوصول إلى مدرستها، ومدرساتها. ولكن اليوم، تنظر قمر إلى قمرها، فلا ترى غير الدخان يتساقط على رموشها البيضاء من أثر المشي على تراب لونه بلون الموجات العارمة، اليوم قمر تسأل الله، والعالم، كيف لطفولة تصبح بلا عفوية، ولا ابتسامة تلون حياتها بالبياض المزدهر فرحاً. وبحكمة من دار زايد، طيب الله ثراه، وجدت قمر قمرها، وسعدت بصباحها، واستراحت نفسها تحت ظلال الخير الإماراتي، وطيبات قيادته، وأهله الخيرين. قمر، وغيرها من الأقمار في غزة يمضغون الفقر والقهر، وعثرات الزمن، ويمضون في العراء باحثين عن قمر بلا غشاوة، وصبح مؤدلج بالفرح،…

في تحدي القراءة.. ميسم وبلسم

الأربعاء ٢٣ أكتوبر ٢٠٢٤

في هذا اليوم من تاريخ القراءة، يطل علينا أربعاء دبي برونق التساقي، ومهارة التلاقي، وبراعة الأشواق حين تكون الأشواق كلمات تتهجى مشاعر العشاق، هؤلاء الذين جعلوا من الكلمات خطوات تتبع قطرات لأجل بلل يمد الأفئدة بماء السلسبيل، ولأجل طموحات تملأ الجعب بما تشتهيه القلوب، وما تهواه النفوس، وما يسكن في العقل من كل ما هو مرتبط بحضارة الإنسان وتطلعاته وإرثه وقوة بصيرته وصلابة عزيمته وصرامة إرادته، وجعل القراءة طريقاً ممهداً لمعرفة قال عنها الفيلسوف الإنجليزي فرنسيس بيكون «المعرفة قوة»، وهي الحقيقة الدامغة عندما يكون للمعرفة لجام عقل يحدد معنى الوصول للأهداف، وكيفية تحقيقها، ومدى أهميتها في ترويض الإنسان «السائل». في «تحدي القراءة العربي»، وضع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، الخطوط العريضة لخطوات تبدأ من الأبجدية، ولا حدود لها سوى المدى، هو ذلك الاتساع في العقل، هو ذلك الامتداد في الروح، هو ذلك الوعي في التاريخ. عدد المتنافسين بلغ 28 مليون طالب على مستوى الوطن العربي، وهذه النتيجة، تدحض بشكل جلي وصريح كل الافتراء على الإنسان العربي واتهامه بأنه كائن لا يقرأ. إنه رقم قد لا يتناسب مع تعداد البشر على صفحات التضاريس في الوطن العربي، ولكن ونحن في زمن الجري حفاة على أرض حصوية، يصبح هذا العدد…