الأربعاء ١٠ يناير ٢٠١٨
هكذا كانت إيران ولا تزال في الطريق إلى تنفيذ أجندة الأنا المتغطرسة، تحفر للآخرين وتضع الصخور الضخمة في طريقهم، وتزرع الأشواك العملاقة، لكي لا يمضوا باتجاه المستقبل، ولكي لا تنمو أشجارهم، ولا تنبع المياه العذبة في ديارهم. ولو سألنا لماذا؟ سوف يجيب لنا ضمير إيران أنه تصرف نابع من نرجسية، ومن وهم تاريخي بغيض، ومن فكرة خيالية غرسها شخص مصاب بالبارانويا، جعل من التابعين له يستمرؤون هذا السلوك، لأنه الوصفة الوحيدة التي تسكن آلام المرض الخبيث، وتهدئ من روعهم. هذه الحفرة التي حاولت إيران حفرها في ديار الآخرين وتعميقها تقع اليوم فيها، وأعتقد أن ذاكرة الشعوب لا تسفه بالثوابت، ولا تنسى ولا تسلو، بل هي تراكم وتحفظ وتنمي حتى تنضج عناصر التكوين في الجسد الواحد، فقد يقمع الحرس الثوري وقد يستخدم أشد أنواع البطش والاستعلاء والاستيلاء والقتل والتنكيل، ولكن كل هذا لن يسكت الجياع، ولن يخرس ألسنتهم عن البوح بما يشعرون به من ظلم وجور. ومن المؤسف أن إيران تكرر نفس أخطاء كل الديكتاتوريات في العالم عندما يصرخ رضيع متعب، نجدها بسرعة البرق تشير بالبنان بأن هناك مؤامرة، وأن قوة خارجية هي التي تغذي الاحتجاج، وهي التي تدفع المحتج لأن يصرخ، ولذا نجدها قد أغلقت الحدود والنجود، وأعمت الفضاء، كي لا يتم التنفس عبره بين المحتجين، ونسيت إيران أن الصرخة…
الخميس ٢٨ ديسمبر ٢٠١٧
لم يعد اليمن اليوم شأناً خليجياً، بل هو شأن عربي في اللب وفي الصلب وفي القلب، وما يحدث في هذا البلد العربي هو حرب إيرانية ضد العرب، ومن يصمت اليوم أو يقف على الحياد متفرجاً، وينتظر ماذا ينجم عن المذبحة التي يشهدها اليمن، فهو شريك في اغتيال هذا البلد، وهو يتقاسم ارتكاب الجريمة مع المجرم الرئيسي. الذين يتباكون على العروبة منذ فجر النظريات الحماسية، فإن يومهم هو هذا، واليمن يشرح جسده على مقصلة إيرانية من ماركة مجوسية عتيدة، عملت منذ الأزل ومنذ أن تحدث زرادشت عن القدرة الفارسية على اجتياح العالم، بما لديها من هالة وحالة استبدادية قميئة. قاسم سليماني، لم يزل يعتنق أفكار عبدالله بن سبأ، وعبدالله بن ميمون القداح، وغيرهما ممن انغرسوا في تلافيف الجسد الإسلامي، وراحوا يروجون قيم التفرقة، تحقيقاً لأهداف نورانية خفية، لا يعلم أسرارها إلا أصحابها. والعرب لا زالوا بين البين، بين مهادن، وبين مكتف بجغرافيته الوهمية، ويؤكد المقولة القديمة (إذا سلمت أنا وناقتي ما علي من رباعتي). ولكن للأسف هذا المثل لا ينطبق على حالنا، فالنار التي تحرق بيت الجيران لن يوقفها النفخ عن بعد، بل سوف تأتي وتمتد ألسنتها لكل البيوت إذا لم يتنبه الكل بأن الخطر داهم، ولابد من مواجهته بأيد مجتمعة، وقطع دابره بالتراص والتلاحم والوعي بأهمية ردع الخطر قبل وقوعه.…
الإثنين ٢٥ ديسمبر ٢٠١٧
عندما ترى شخصاً ميتاً، مخفوراً بدمائه، تشعر بالألم، وأياً كان هذا الشخص، أكنت تحبه أو لا تحبه، تختلف معه أو تتفق، في هذه الحالة تختفي الأفكار والرغبات والعواطف والمشاعر، ولا يحضر غير الموت، هذا الكائن الأسطوري الرهيب، يزحف بقوة نحوك، يحتلك ويستولي على جوارحك، تصبح أنت الحشرة الضئيلة التي تطاردها مخالب كائن شرس، تنظر إلى الشخص الميت، وتنسى كل مخرجات عقلك السابقة حول هذا الشخص، ويصبح هو المشهد المهيمن، وهو الشخص الذي يفتح عينيه وكأنه يراك، وكأنه يريد أن يقول لك عبر صمته وسكونه، انتبه، لا تغرك مباهج الدنيا، ولا تدع كل مغرياتها تسلبك، كن حليماً وسليماً من كل التزمت، والكبرياء المزعومة، فهذه هي النهاية لكل منا، ومهما فعلنا وتجبّرنا وتكبّرنا، واعتلينا صهوة الخداع البصرية، فنحن ليس إلا ضعافاً، بل وأضعف من جناح بعوضة، فلا تأخذنا المشاهد البرّاقة لأمور الدنيا، ولا تذهلنا مغرياتها، النهاية هي هذه، ولا نهاية غيرها. نحن نغدر ونكفر بالحقائق، ونغادر منطقة السلام، وندخل نفق الخبث، والحنث من أجل السيطرة ونبذ الآخر، والانتصار عليه، ونعتقد بذلك أننا نحقق الأهداف السامية، بينما نحن نذهب إلى مقبرة الحقد، ونحرق أنفسنا كما نحرق الآخر. الذين يحفرون مقابر غيرهم هم في الأساس يعدون العدة للذهاب إلى الأجداث من غير ما يعون، هؤلاء يتحركون بلاوعي نحو الموت. ولننظر كم من القتلى ذهبوا…
السبت ٢٣ ديسمبر ٢٠١٧
هل تحب وطنك؟ إنْ كنت كذلك، فأشعل شمعة في طريق المرأة، فسوف تجدها بعد حين مثل فضاء مضاء بمصابيح الفرح والطموح، وسوف تجد وطنك مثل سماء نجومها نساء، تضيء في الليلة الظلماء أفنية الرجال، فيفتحون صفحات الأمل، ويعكفون على صياغة قلائد الحياة من صميم الواقع المبتهج الذي أنارته المرأة. المرأة المكرمة لا تقف خلف الرجل، بل هي تحاذيه كتفاً بكتف، تذهب معه إلى جبل الطموحات، هناك يقفان معاً ويطلان على الأرض، فلا يمضيان بخفة أو تقاعس، وإنما يمسدان التراب بقلبين مزدهرين بالحب، وارفين بأوراق الحلم، زاهيين بالحياة، يافعين يانعين. المرأة، عندما تكون جاهزة للعمل، مكللة بالوفاء والانتماء، نقية من شوائب ورواسب، تكون مثل النهر، تذهب إلى الأشجار، فترويها بعذوبة الشموخ والرسوخ، وتخلد المرأة هكذا مثل بحر الخليج العربي وتسود الوجود بمعرفة وعرفان، وتبسط جناح الذل لوطن لا يجف معينه ولا يكف خزينه، وطن تسير على أديمه المرأة، كما هو الرجل، وينثران بذور الحياة في نفوس الأبناء، وينشران أجنحة الطمأنينة على رؤوسهم كي لا تشظيهم شمس ولا تلظيهم حاجة ولا تعذبهم نظرة إلى سراب. المرأة التي تخرج من جلباب وطن نقشه من حبات تاريخ لا تبور بضاعته، تكون هي القلم الذي ينحت حروفه بأنات، وتؤدة، ويرسم صورة المستقبل على صفحات القمر، وتظل المرأة نظيفة، لا يشوبها غبار، ولا يقلقها سعار. المرأة…
الجمعة ٢٤ نوفمبر ٢٠١٧
عندما تسأل شخصاً عن موضوع ما، فيقول لك أنا على يقين من معرفتي بهذا الموضوع. ونحن في صلابة هذا اليقين، نفرط بثوابت كثيرة، وتضيع منا قيم كثيرة، لأننا عندما نصل إلى وهم اليقين، نكون مستعدين لأن نفقد العالم، ونضحي من أجل يقيننا المتوهم، وهذا أشعل الحروب، ونشر الكروب على نطاق الكرة الأرضية. فكل منا يقول أعرف، ونغرق في المعرفة، ولكن من دون فهم، والفرق شاسع ما بين المعنيين. فإن تعرف فأنت تغرف من معين آخر، مثل ما يفعل شخص عندما يدلو بدلوه في بئر ما، فأثناء النزح قد يختلط الماء مع الطين المترسب في قاع البئر. المعرفة تأتيك من الخارج، والفهم يأتيك من الداخل، أي من وعيك أنت. فالوعي يقودك إلى الإدراك، والإدراك يدخلك في باحة الحب، والحب ليس يقيناً وإنما هو الحيرة. عندما تكون في اليقين فلن تتأمل جمال الوردة؛ لأنك في هذه الحالة قد تشبعت بالمعرفة، أي معرفة أن الوردة جميلة. كن في الحيرة الخالصة، التي تجعلك تتوقف عند الأشياء، ولا تعبر وأنت أعمى، سوف تنظر بإمعان وتتأمل، وستكون أسئلتك بحجم حبات رمال العالم، ولن تتعب وأنت تتأمل، الذي يتعب هو من يصل إلى اليقين؛ لأنه مثل الذي يغلق عليه أبواب الغرفة، ويريد أن يرى ماذا خلف الجدران. نحن الآن تُشن علينا حروب شرسة، من قبل أصحاب اليقين…
الأربعاء ٢٢ نوفمبر ٢٠١٧
ربما تكون مصر الناجية من بين الدول العربية التي أصابها الخريف العربي أو الربيع العبري، والسبب واضح، أولاً، هو أن الشعب المصري بطبيعته شعب ودود لا يؤمن بالعنف، ومحب لأرضه.. ثانياً، أن النسيج الاجتماعي المصري أكثر تماسكاً من غيره في الدول العربية الأخرى.. ثالثاً، أن النظام السياسي في مصر له جذور عميقة في الالتحام مع الشعب.. رابعاً، أن الدولة المصرية مهما بلغ فيها من التواريخ الحزبية إلا أن السلطة الأبوية لم تزل راسخة في الوجدان المصري، وهي مرتبطة بالتاريخ الفرعوني العريق، وكل هذه العوامل أسست بنياناً قوياً وصارماً في مواجهة النزعات الفردية والأيديولوجية، لذلك رأينا كيف فشل تنظيم الإخوان، وكيف سقط أمام الثوابت المصرية الراسخة، رغم كل ما يمتلكه هذا التنظيم من شعارات تتلاعب بالوجدان الديني. ورغم كل ما فعله هذا التنظيم من أجل تأكيد أهليته في الاستيلاء على السلطة، وكل ذلك ذهب أدراج الرياح، وأصبح مجرد أضغاث أحلام لم تتسق مع الواقع المصري الذي بني على التلاحم، وعدم تقبل الأجسام الغريبة والأفكار النافرة. اليوم ونحن نشهد الجرائم التي تحدث في مصر، على أيدي عصابات العنف والتكفير، ونشعر بالقلق على مصر، ونحن على يقين بأن ما يحصل هو زبد سيذهب جفاء، وأن ما يفكر فيه الإخوان هي فقاعات لن تصمد أمام الإصرار المصري في قطع دابر الشر، وإحباط هذه…
السبت ١٨ نوفمبر ٢٠١٧
يترجل ناصر جبران، وفي مخبئه الجميل تكمن حكايات البحر، وموال الكلمة التي لم يبح بمثلها إلا هو. مثل حلم مباغت، جاء الخبر ليطوق الأعناق، ويغرق الأحداق بالدهشة الصادمة، ويملأ فضاء القلب بأسئلة الموت المجلجلة، ويسكب في بحر الآهة مزيجاً من وشوشات الموجة المتفاقمة، وكأنك يا ناصر أردت برحيلك الصامت أن تثير في رمل صحرائنا صفير العواصف، وأن تغرقنا بمزيد من الفقدان المزلزل، وكأنك يا ناصر وددت أن تحرك فينا ما سكن، وتوقظ الأنا المتقوقع في محارة العزلة، ليصغي إلى ما يسرده النورس إلى البحر، وما ترسله لمعة الأسماك إلى النجمة الغافية عند سواحل اللانهائي، ثم تغفو أنت، ثم يصحو العالم لرحيل طائر كان لجناحيه لون الأشرعة، وكان لكلمته عطر الوردة، وكان لصوته سحر الموجة، وكنت أنت كلك سيدي نهر العذوبة، وتدفق العبارة على ضفاف الألم الوجودي. اذهب سيدي إلى حيث العود الأبدي، فأنت هنا وليس هناك، أنت، أنت اخترت رحيلك، أنت اخترت حريتك، أنت ذهبت إلى الصمت، لكنه ليس الصمت الأبدي، فأنت في الأبد أيقونة، تحرك فينا نزعة الحلم، وجلال الرحيل، أنت سيدي هنا وليس هناك، لأنك كامن في المعنى، وفي العبارة المبللة برضاب الموجة، عندما يكون البحر زعنفة مرفرفة، وتكون السواحل قماشة الحرير، التي حبكت عليها قصة العمر، ولونتها من بياض سريرتك، وصرخت صامتاً، هذه القماشة من نسق الصحراء،…
الخميس ٠٢ نوفمبر ٢٠١٧
في يوم العلم، يوم فيه تستيقظ الهامات، وتنهض الشيم، وتعلو راية الوطن، تعلو القيم. في يوم العلم، يوم الوطن والناس والأرض والنخلة، والغافة، على كثيب الحلم، فوق جبال الهمم. في يوم العلم، نجد الطالب، والموظف، والعامل، والتاجر، يرفعون، الساريات يرفعون ما جادت به أخلاق الأولين، والمؤسسين، والذين، لونوا أوراق الشجر، بالفرح، واللون الأخضر. الذين، كتبوا على نجمة السماء، اسم دولة، فاقت في النبوغ، كل الأمم. في يوم العلم، تخب نوق، وتثب جياد، ويغرد الطير، نشواناً، طرباً، بهذا البلوغ، وهذا النسق الإنساني منحدراً، من نخوة الذين، طوقوا، أعناق الإنسان، بقلائد، من حب، وفرائد، من تفرد، وامتياز. في يوم العلم، تخفق القلوب وهجاً، وتتفتح، أكمام الأزهار، وتغني الموجة عند مهاد البحر وتوشوش، والنشيد عربي، من بوح الصحراء، من نثر الفيافي، والنجود، السامقات، اليافعات اليانعات وجداً، ووجوداً. في يوم العلم، تنسج الشمس قماشة الحلم، وتحيك شرشف الحياة، وتمضي في اتجاه الأفق، بسفينة، شراعها، إرادة الرجال، الذين صنعوا المجد من كد وعرق وبثوا في ناي الصحراء، شهيق الطير، وهو يحلق، في الفضاء، ويحدق في عيون الكائنات البديعة، ويمضي، مرفرفاً، وكأن الجناحين، علمان، للماضي أحدهما، والآخر للحاضر، وما بين الماضي والحاضر، يوجد إنسان، لم يزل، في المنطقتين، لا يبرحهما، ولا يغادر، إلا إلى المستقبل، وفي نفسه، ماض، مزدهر، وحاضر، يزرع أشجار، المستقبل، لتزهو الأجيال، وتستمر،…
الثلاثاء ٣١ أكتوبر ٢٠١٧
في حضرة الشباب الواعد، والخارج من بوتقة الوعي إلى فسيح الإبداع، نجد أنفسنا في المنطقة الآمنة، وفي فصل الدرس الثقافي والقيمي، الذي تكرسه القيادة لأجل صياغة مجتمع النبوغ، وبلاغة الحلم، وانفتاح الأنا على فضاء الآخر، والذهاب إلى العالم بعقول مثل الأنهار، وقلوب مثل الأزهار، ونفوس مثل الأشجار، ووعي لا تحده الجغرافيا، ولا تصده المراحل التاريخية. نحن اليوم في عصر التنوير، وشبابنا هم المصابيح التي تضيء أحلامنا، وهم الأقلام التي تسطر تاريخنا، وهم الأجنحة التي ترفرف بعزة الوطن، وكرامته وتميزه وتفرده ووقوفه عند هامات النجوم، وملامسته، شغاف المجد المجيد. يقدم مجلس أبوظبي للشباب، القدوة والمثال والنموذج في وضع شباب الوطن في مكانهم الصحيح، في الوقت المناسب، ليتبوأوا، مكانتهم، ويأخذوا امتيازهم، ويمشوا على أديم الأرض، بخفاف ثقيلة، تسمع من به صمم، وتطرق أبواب المستقبل بثقة وثبات ونواصع الشيم، ونوابع القيم، وبنخوة الأصفياء الذين يعيشون الحياة بكاملها بقلوب مزدهرة بالحب وأرواح أشف من قطرات الندى، وأرق من زغب القطا، وأجمل من حلم البراءة. مجلس أبوظبي للشباب، مركز الدائرة التوعوية ومحيطها وقطرها، وهو نواة الأمل الذي تنطلق منه شذرات الطموح، وشعاع التطلع نحو غد زاهٍ ومزدهر بالعطاء والولاء لوطن تتدفق جداوله بالحب، لكل من يبذل جهداً، من أجل الارتقاء بالمنجز الحضاري، والسير به نحو الشأن الرفيع، والمقام الأنيق. من شرنقة هذا المجلس، ستبدو الخيوط…
السبت ٢٨ أكتوبر ٢٠١٧
من يريد أن يفهم لماذا نقول إن ديموقراطيتنا هي لنا ومن هنا، وهي مفصلة على مقاس قيمنا وأخلاقنا ومبادئنا، وشيم الآباء ونخوتهم وشهامتهم. الديموقراطية هنا لم تأت من بعيد، لتهب علينا برياح وجراح، إنها من قلب المكان، ومن روح التاريخ. ولو رجعنا إلى محفظة الماضي، وفتحنا الصندوق القديم، سنجد فيه من هذه العطور الزكية، سنجد العبق الطيب من القيم التي زرعها الأولون بعفاف السريرة، وشفافية المخيلة، ونقاء الطوية، وصفاء الثنايا والنواياa. في الإمارات، عندما تجد الحاكم يقف جنباً إلى جنب، وكتفاً بكتف، مع الكبير والصغير من أبنائه المواطنين، فإنك لا تعجب أبداً، لأنه لم يختلق شيئاً جديداً، وإنما هو غرف من معين التاريخ التليد، وجلب من الكنز الثري ما فاض، وملأ السهول والوديان. عندما ترى هذا السلوك القويم، فإنك لا تفعل شيئاً غير أنك تقلب صفحات التاريخ، وتقرأ وتشبع ناظريك بما أسداه هذا التاريخ من نواهل الخير، على ضمير الإنسان الإماراتي. وعندما نتذكر من فصول التاريخ فقرات وشذرات، نرى أن ما يحدث اليوم من إبداع سلوكي، ما هو إلا من ذاك النهر العظيم الذي روى ربوع الأخلاق، وسقى بساتين القيم، حتى صارت الربوع مروجاً مشيدة، وصار الإنسان طائراً يغرد باسم الحب، ويحلق عالياً، ويحدق في السماء، ليرى النجوم من فوقه تتراقص طرباً بهذا المنجز الإنساني، والذي لا مثيل له ولا…
الثلاثاء ٢٤ أكتوبر ٢٠١٧
في غياب المشروع العربي، تنصلت القضايا الكبرى من مبدئها، وتحولت إلى شذرات ونثار في وسط الطريق. الآن ونحن في خضم المعترك الوجودي، أصبح كل من يريد أن يرفع عقيرته أن يفعل ما يشاء، ولا يخاف لومة لائم، فلا من حسيب ولا من رقيب، لأن المياه ساحت، والتهمت اليابس والأخضر، ولم يعد هناك من يقف في وجه المنحرف والمتطرف والمخرف والمجدف. الأشياء تدخل في بعضها، والتناقض وصل إلى ذروته. في موضوع اليمن، نجد العرب من يقف متفرجاً ويصفق للغالب، ومنهم من يتوعد وينتظر، ماذا تسفر عنه النتائج، وبقي الذين يناضلون من أجل الحقيقة صامدون في وجه البغي والطغيان، المشكلة في هذه القضية المحورية، أن بعض العرب يعتقدون أن الحرب الدائرة هناك، هي بين الحوثيين والحكومة الشرعية، فغضوا الطرف عن الحدث وانتظروا لما تكون الغلبة، ليصففوا للغالب ويلعنوا المغلوب. ونقول لهم: لا يا سادة، انتبهوا وامسحوا الغبار عن المرايا، فالأمر لا يتعلق بالحوثيين، كفئة ضلت الطريق، بل إن الحوثيين هم أداة طاحونة كبيرة، هم مخلب لكائن عدواني يريد أن يتغذى على ضعف الآخرين، ويكبر على حساب ما يحصل بينهم من خيانات وتفريط بالمبادئ الوطنية والقيم الإنسانية، هذا الكائن التاريخي الذي يحمل من موروثات اللاشعور، وعدائه لكل ما هو عربي، هو إيران التي لم تعرف يوماً للجيرة حق، ولا للعلاقات بين الدول، إيران…
السبت ٢١ أكتوبر ٢٠١٧
الطريق إلى الحياة يبدأ من فتح مجرى النهر للشباب، كي ترتوي أشجارهم بالعذوبة، وتستمر الأزهار في بث العطر. هكذا هي الإمارات أصبحت اليوم حقلاً مزروعاً بالورود، والعذوبة هي هذا النسيج المنسجم بين القيادة الرشيدة، لأجل أن تنقي الموجة سواحل الأمل، ويمضي الركب باتجاه المستقبل، مكللاً بالفرح مجللاً بالحياة الهانئة. إطلاق أفضل مركز للشباب يأتي منسجماً مع روح الانتماء إلى حضارة اليوم، وتاريخ الأمس، وتطلعات الغد، لإقامة صرح التقدم، وتشذيب الشجرة من الأوراق الصفراء. نحن اليوم نعيش عصر التنوير الحقيقي بفلسفة الخروج من دائرة الانغلاق إلى فضاء الانفتاح والانغماس بالعالم كجزء من هذا الوجود. وما يجعل الحركة مستمرة هو وجود الشباب في قلب المشهد كسواعد بانية وعقول تنشد المجد مدعومة من قيادة آمنت بالحلم كغاية، وبالعلم كوقاية، وبالقلم كبداية لكتابة جملة الوعي على صفحات العقل، من أجل أن تسير القافلة مطمئنة، آمنة، لا يخضها خضيض، ولا يرضها رضيض، بل هي في المعنى كتيبة السعي إلى مدى لا يقف عند حدود، ولا تنخفض له نجود، هو الامتداد الراسخ في وعي الناس النبلاء الذين نهلوا من إرث المؤسس الراحل، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي نحت السطور الأولى في الذاكرة، ووضع الشباب أمام مسؤولياتهم التاريخية والتزامهم الأخلاقي تجاه الوطن. فهم عماده وسداده وامتداده، ورشاده، هم شعلته وشمعته، هم قلادة…