علي أبوالريش
علي أبوالريش
روائي وشاعر وإعلامي إماراتي

لا نريد في خيمتنا من لا يريدنا

الجمعة ٠٧ يوليو ٢٠١٧

إذا كان قادة قطر قد حسموا أمرهم، واعتقدوا أنهم يديرون دولة عظمى وقاعدتها قناة الجزيرة، ومنظرها عزمي بشارة، وأنهم مستغنون عن محيطهم الخليجي فلا ضير. فلتتخذ دول التعاون قرارها وتنأى بنفسها عن هذا التيار الجارف، وتذهب إلى حيث تكمن مصالحها، مصالح شعوبها، لأن أنصاف الحلول لا تجدي في صناعة الوجود، والمحافظة عليه. فلن تستمر الأمور بهذا التجاذب، ولن تصلح الحياة بهذه العلاقة الورقية. وعلى ما يبدو، فإن المخالب الشيطانية قد تمكنت من القبض على مكان اتخاذ القرار، والسوداوية قد تحكمت بلب صانع القرار وهو لا يستطيع تحريك إبرة في خيط، من دون الإتكاء على استشارة المنظر القابع على أرض قطر، مثل شوكة ذبابة التسي، تسي. وهناك من يشجع، ويدفع بعجلة حاكم قطر إلى المزالق والمهالك، لأنه انتهز نقطة الضعف في السياسة القطرية، وركب على قاطرتها، وصار هو من يتحكم في مقودها. فقطر اليوم عبرت المحيط، ووصلت إلى مضايق ضحلة، وقد تختفي عن الأنظار بعد فترة وجيزة، ولن يبقى منها سوى، الإبر المسمومة، والأمصال المصنعة في إيران وتركيا، مدعومة، بالأفكار الجهنمية الحارقة. ولا نعتقد أن ذهاب قطر بعيداً، وهي بهذه الصورة، سيكون خسارة لدول التعاون، لأن العضو المريض، إذا لم يفد إصلاحه، فبتره هو الحل، حتى يسلم الحسد من الداء. لقد طوقت قطر نفسها بفنانين، ومثقفين ومنظرين، من طراز القرامطة الجدد،…

ماذا تريد إيران من دول الخليج؟

الأحد ٠٤ يونيو ٢٠١٧

سؤال نطرحه دوماً، ماذا تريد إيران من دول الخليج العربية؟ ولماذا تنصب بعض الدول ومنها إيران نفسها كقاض ومعلم ومرب وملقن، مع أن الرسالة التي تدعيها إيران نزلت على أرض الجزيرة العربية، ومن هذه المنطقة المشرفة انتقلت الرسالة المحمدية إلى إيران، ولكن للأسف لم تستطع إيران أن تخرج من جلباب شوفينيتها، ولم تنتصر على عنصريتها فادعت وتداعت وودعت الرسالة إلى غير رجعة لتسكن في أحضان الزيف والخرافة والتحريف، وتعيش أوهام ماض هو ليس لها، لكنها تلبسه غصباً، واعتبرت نفسها أنها الأولى من سواها، في التشرف بالرسالة، ونحن لسنا ضد إيران كشعب ودولة، ولكننا نقف على الضد من فئة حكمت وتحكمت واستولت على المصير الإيراني، واحتلت مشاعر الشعب بخيال جامح مغسول بماء مستنقعات، ومعجون بطين الكذب والافتراء والهراء. إيران تريد أن تصبح دولة عظمى على حساب الآخرين، ونقول لها: ما هكذا تورد الإبل، فهي لا تملك القدرة ولا التاريخ ولا العقيدة الصحيحة التي تمكنها من إقناع الناس بأنها الدولة المثالية.. ثانياً من يريد أن يكتسح العالم بالدم والدمار، لن يفلح، وهناك دول وحضارات وأفكار بارت وانتهت إلى لا شيء بسبب هذا البطش والغرام بالعدوانية، ولن ينسى التاريخ الدولة الرومانية التي توسعت بالدماء، وكذلك النازية والفاشية، كل هذه الخيالات باءت بالفشل، لأن أصحابها آمنوا بالكراهية ونبذوا السلام والوئام. دول الخليج العربية لا…

ثوار الثرثرة

الجمعة ١٩ مايو ٢٠١٧

«ثوار الثرثرة» عنوان جميل ودال، أطلقه معالي أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، عبر فيه عن سخطه ورفضه للضجيج والعجيج، وما يخرج من زبد من أفواه الذين اعتادوا الجلوس على دكك الثرثرة، لينظروا ويثرثروا ويغرروا ويكركروا ويجرجروا أذيال خيبتهم على حساب من يضحون بأرواحهم من أجل الحقيقة، وإعادة الحق إلى أصحابه. أصحاب الجباه المكفهرة، والضمائر المستترة، والأفكار المقفرة، والإرادة المندحرة، والمشاعر المتوترة، يتكاثرون في المراحل التاريخية، مثل الحشرات الضارة في فصل الصيف، وكثرتهم تدل على عجزهم وقنوطهم ونكوصهم إلى مراحل ما قبل التاريخ، هؤلاء لا يملكون غير لسان عبد الله بن ميمون القداح، ومكر عبد الله بن سبأ، ووظيفتهم الانبطاح تحت العجلة لإيقاف المركبات الذاهبة إلى الآمال العريضة. هؤلاء متقاعدون عن العمل إلى الأبد، متقاعسون عن الفعل الإيجابي، متفاقمون حتى الطفح بالحقد والكراهية لكل فعل إيجابي، هؤلاء محتقنون حتى آخر نفس في صدورهم، مكتنزون بالسوداوية والعدمية والعبثية، هؤلاء الطنين مثل ذبابات حائرة، هؤلاء يعتاشون على التأويل الخاطئ وقلب الحقائق والتسرب كالمياه التآلفة من بين الشقوق، كي يثقبوا الجدران العالية، وعندما يعجزون يتكئون على دكك الهذيان ليبيحوا المحرم، ويحرموا المحلل، وينادوا حمدان القرمطي كي يزيح حجر الحياة عن مكانه الصحيح. ونحن نقول إنه لا يصح إلا الصحيح، وما تقوم به الإمارات، هو الدور المنوط بالضمير الإنساني، وهو الالتزام الديني والأخلاقي تجاه…

سرقات أدبية بالجملة

الإثنين ١٥ مايو ٢٠١٧

سرقة أفكار الناس أشد فتكاً من سرقة أموالهم، لأن الذي يسرق فكرة أو قصيدة، فكأنما سرق جزءاً من قرص الشمس، فأصابها بالكسوف.. اليوم أصبحت السرقات الأدبية، مجالاً لارتقاء الأنصاف والأشباه إلى مراتب العلا، والشهرة المزيفة. وهؤلاء الأشخاص يطبقون القول الكريم: «إذا لم تستحِ فافعل ما شئت»، «فلا من شاف ولا من دري»، وفي النهاية سيقال عن هذا الكائن النصف، إنه شاعر أو أديب أو مفكر أو باحث. هؤلاء الأشخاص أمنوا العقوبة فأساؤوا الأدب، وفي غياب تفعيل قانون حماية الملكية الفكرية، أصبحوا كالوباء، يعيثون فساداً في الساحة الثقافية، ويشوهون ويسفون ويخسفون وينسفون الثوابت بلا رادع أو وازع، وكل ما أتمناه أن تتدخل وزارة الثقافة وتنمية المعرفة لكونها السقف الذي نستظل بظله، وكذلك المجلس الوطني للإعلام، واتحاد الكتّاب، لوقف هذا الهدر وهذا النزيف، وهذا التخريف والتحريف، لأن ما يفعله سراق الفكر هو في حد ذاته هدم للصرح الثقافي في بلادنا التي استطاعت خلال فكرة وجيزة أن تتبوأ مكانة عالية بين الأمم، وأن تحقق مشروعاً ثقافياً رائداً لا نريد لهؤلاء العبثيين أن يتسلقوا وأن يحققوا أمجادهم على حساب الغير. لا نريد لهذا العزف الرديء أن يختلط بالأثير الصافي الذي بنته الدولة، ولا نريد للمخربين أن يستسهلوا العملية الإبداعية، وأن ينبشوا في بطون كتب غيرهم، ليمدوا أيديهم إلى ما ليس لهم. هذه جريمة وكل…

الإنسان انقرض أم انقرضت إنسانيته

الخميس ٠٤ مايو ٢٠١٧

من الهول، من فداحة المعضلة، من أول المهزلة حتى آخر المرحلة، نجد في داعش آخر ما توصل إليه الإنسان المتوحش، آخر ما طالته النفس المدمرة بالحقد، الملطخة بدماء العدوانية والكراهية. وعندما نقرأ الخريطة، نجد أن الأنهار جفت، والعيون ما كفكفت دمعاً، والقلوب ما أوقفت نزفاً، لأن الفقدان عظيم، والهول فظيع، والضياع يفتح هوة أوسع من ثقب الأوزون، كل ذلك مدعاة للأسئلة، فهل انقرض الإنسان أم انقرضت إنسانيته؟ كان مارتن هايدجر الفيلسوف الألماني الوجودي قد حذر من موت الإنسان، بعدما شاهده من مأساة أتت على الأخضر واليابس في حروب أوروبا الضروس، وأعطى مثالاً لضياع البشرية في أتون «الميكنة» وتجميد الضمير الإنساني في ثلاجة التكنولوجيا الفظة، وسيراً على منوال هذا النهج الميكني، دأبت داعش على الخروج من ملاءة الإنسانية لترتدي شرشفاً من الكتان المقزز، وتعتلي المشهد الإنساني، وتتصدر الأحداث، لتصبح هي الحدث الجلل في عالم القرن الواحد والعشرين، وتعلن عن دولتها المشؤومة، متخذة من الأبرياء أول الضحايا، ومن تهشيم الأوطان أولى الخطوات، وتعتيم المبادئ أولى المقدمات. لا أعتقد أن الإنسان أو بالأحرى، غالبية البشر موجودون على قيد الحياة، ما دامت إنسانيتهم تحتضر، ممثلين بداعش ومن والاها، ومن دعمها، ومن عزز أفكارها، ومن دفع بآلياتها كي تصبح دولة عظمى، تنتشر في كل أنحاء العالم، تفتك وتنتهك، وتقض المضاجع، وتفشي المواجع، فالإنسانية المعذبة بداعش…

شهداؤنا شهود على حضارية مشهدنا

الإثنين ١٣ مارس ٢٠١٧

في كل يوم، في كل ساعة، في كل لحظة نكبر وتكبر معنا إرادتنا في التلاحم، والانسجام، والإيثار، والتفاني، هذه الإمارات، بعطر زايد، طيب الله ثراه، وفوح خليفة، حفظه الله، وريادة فارس النهضة والرؤى السديدة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة يقع الشهيد في مقلة العين ولب القلب يخضب تجربتنا في الحياة، بمعاني التضحية، والاستبسال، ويعطي الأجيال القادمة دروساً في الدفاع عن الهوية والسيادة، وأمثلة رائعة في الانغماس في الحياة، والاندماج في معانيها النبيلة. والقيادة الرشيدة وصفت الشهيد في جوهر القضية التنموية، وفي محور العطاء والذود عن الثوابت الوطنية. وقد أثبت شهداؤنا الأبرار، قوة العزيمة وإرادة الإمارات الصلبة، في الوقوف جنباً إلى جنب مع الأشقاء والأصدقاء إيماناً من قيادتنا الرشيدة أن الإنسانية أمام مفترق طريقين، إما الحياة بكرامة مستندة على التكاتف في مواجهة أعداء الحياة، أو التفرق والضعف والنتيجة بديهية في هذه الحالة، وهي الدمار والتشرذم للحضارة الإنسانية. اليوم ابن الإمارات، الطالب والموظف والتاجر، هؤلاء جميعاً تسلحوا بثقافة البذل بسخاء من أجل الحفاظ على المكتسبات ودرء الأخطار عن المنجزات الحضارية التي تتمتع بها بلادنا، ونرى ذلك ونشعر به من خلال ما نعايشه مع أبنائنا وإخوتنا،…

كيف نتحرر من الأفكار؟

السبت ١٩ نوفمبر ٢٠١٦

قال ديكارت: «نحن موجودون لأننا نفكر»، ومعضلة الأفكار أنها تجلب الحزن والقلق معاً.. عندما نستعيد الماضي فإننا نلون التاريخ بالسواد.. وعندما نفكر بالمستقبل فنحن ندخل في دائرة المجهول.. فالأفكار ما هي إلا رواسب ماضية، وخرائب قادمة، ومن يعش في الدائرتين فإنه يسحق ذاته، ويبدو مثل كائن محشور في شراك الحبس الانفرادي، فالأفكار طاردة للسعادة، مبيدة للفرح، قاتلة للوعي. وما يحتاجه الإنسان هو العيش في اللحظة، فهي الزمن الحقيقي وما عدا ذلك من أزمنته، ما هو إلا سراب في صحراء قاحلة. مع الماضي نعيش عقدة الذنب، يتبعها جلد الذات، ومع المستقبل نغوص في أعماق محيط لا قرار له. اللحظة وحدها التي تنعش الذات، وتعيد التوازن إلى الشخصية، وتمحو خربشات الأزمنة على صفحات الشخصية. فخذ وقتك في اللحظة، ولا تدعها تفلت منك، لتصبح ماضياً تأسف عليه، انتهز فرصة العيش في المنطقة التي تعيش فيها، ستجد نفسك، جزءاً من الكون الفسيح، فاتحد فيه، كن غصناً في شجرة، وجناحاً لطير، وعشبة على تربة خصبة، ونجمة في السماء وغيمة في الفضاء، وكن أنت الرجل والمرأة في آن، لا تنفصل عن مكونات الطبيعة، ستشعر بالسعادة.. الوحدة والانعزالية والانفصال، وسائل دفاعية، لمن يريد أن يهرب من الحياة، ليدخل في ملكوت الموت، والسعادة لا تزور من يسكنون القبور، الذين يعيشون حياة اللحظة، هم أناس تواءموا، وانسجموا مع الحياة،…

محمد بن راشد قصيدة بوزن الجبال

الأربعاء ١٩ أكتوبر ٢٠١٦

بعد عشر سنوات، بعد عشر وثبات، بعد عشر ومضات، بعد عشر رؤى، تبدو الواحة مشرقة بالإنجاز، متألقة بالإعجاز، متأنقة بالسندس والاستبرق. هذه يقظة الذين لا يغفلون ولا يكفون ولا يخفون، ولا يجفون ولا ينصرفون عن العطاء بكل شيء، هذه صحوة الذين ينسجون الحلم بأهداب العين وعِذاب المعين، وسر النهضة ينبغ من ذاك، الأنا المتوهج ردماً بمصابيح العبقرية المبتهج للحياة، من دون كلل أو ملل أو جلل، يقدم منجزه كتاباً مفتوحاً للملأ، وخضاباً منقوحاً من سيرة العظماء، الذين ينهلون من تجارب التاريخ، نطف النمو والارتقاء والنشوء والتطور، يعطون النهار فكرة الإضاءة، ويمنحون الليل نسيم التدفق، باتجاه عوالم مزاجها حفيف الشجر، ومذاقها رفيف الأجنحة، ورونقها شفيف الهديل. هكذا يقدم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، معجمه التنموي، بكل شفافية وبديهية من دون تحريف أو تجديف، ويسير بالقارب متوجاً بالفطرة الواعية، مكللاً بالفكرة الساعية إلى اختراق المستحيل، ليصير ممكناً وسهلاً.. هكذا يقدم سموه بلادنا للآخر، قماشة حرير ترتب وجدان الناس بحس مرهف، مدنف بهوى الإنتاج، والطاقة الإيجابية، متألق بعطاء الأنهار، وشموخ البحار، ورسوخ الأشجار. عندما يعلن سموه أن المصلحة أولاً للمواطن، لعز الوطن ورفعته وقوته ونخوته وصبوته، وضوء أقماره التي لا تخبئ نورها في معطف النسيان، ولا تؤجل نهضتها لغد غير معلوم.. حضور…

إيران والدور المسكوب حقداً

الأحد ٠٢ أكتوبر ٢٠١٦

منذ أفغانستان والعراق مروراً بلبنان وسوريا وانتهاء باليمن، وإيران تحاول أن تكون دولة عظمى على حساب العرب، وتريد أن تبني حضارة أخشابها ومساميرها وحبالها من عدوانية بغيضة، لو فكر القادة الإيرانيون بالشعب المغلوب على أمره في بلدهم، ومدوا الأيدي سخية من أجل التعليم، ورفع معاناة الفقراء والمهمشين، والمعوزين، لو فكر هؤلاء بهذا المنطق، لأصبحت إيران دولة ذات شأن عظيم، فالشعب الإيراني لديه من ذخيرة التاريخ ما يؤهله لأن يصبح فريداً في عطائه، عتيداً في تضحياته من أجل وطنه. الآن الأمية تضرب أطنابها، والفقر وصل إلى 40%، والحياة العامة تشكو الضيم من كبت الحريات.. إذاً فالطموحات لدى قادة إيران أكبر من قدراتهم، لأن جل ما تختزنه الأرض الإيرانية من خيرات، يذهب جفاء في حروبها الطائفية ومعاركها الشوفينية، وعداواتها للعالم، فعنصر القوة لأي بلد لا يبدأ بالصواريخ البالستية، وإنما بتكاتف الشعب مع قيادته، وقد ضرب لنا الشعب التركي مثالاً لذلك، عندما وقف مع أردوغان، لحظة الانقلاب، واستطاع أن يفشل ذلك الانقلاب، في ليلته الأولى، فأربعمائة وخمسون ألفاً يقودون خمسة وثمانين مليوناً إلى جحيم الحروب الخاسرة، ويدفعون بالمليارات من أجل تحقيق سياسة خرق تسد ومن دم الشعب الإيراني تهدر هذه المبالغ الطائلة، وتذهب مع الريح، ولو تصور قادة إيران أن الفرصة سانحة لإنهاء العرق العربي من الخريطة، فإنهم واهمون، فالعروبة ليست عرقاً عارياً،…

ابتسامة جنيف

الثلاثاء ٢٣ أغسطس ٢٠١٦

في هذه العاصمة المبتسمة دائماً، الطرق متداخلة ومتشعبة ولا تعرف يمينك من يسارك، ويكاد الغريب أن يقول خذوني ولا يجد مجالاً للفرار، إلا أنه يجوس في غي الدروب، وعندما تخطئ وتدخل في منعطف غير مناسب، وتصادفك سيارة، تواجهك مباشرة فلا تسمع ضجيج أبواق ولا تلويحات بأيد متوترة، ولا عيون حمراء محملقة كأنها الإشارة الحمراء، بل يغدق عليك الآخر بابتسامة مشرقة تمنحك الفرحة، فهناك لا لائم يلوم ولا شاتم يحوم ولا سباب شؤوم ولا محتقن ظلوم ولأنك مخطئ وارتكبت خطأ كاد أن يوقعك في حادث غير محسوب فإنك تلملم شتاتك وتزم شفتيك وتحني رأسك متشفعاً، مترفعاً عن المكابرة فتعتذر بابتسامة مرادفة وتواصل سيرك، وتتخيل لو أنك تجاوزت سائق تاكسي بطريق الخطأ في مكان ما من أي من بلاد الربيع العربي فسوف تقوم قيامة ويحشر العالم بأسره وينشر عند قارعة الطريق وقد تسمع سباباً وشتائم ما أنزل الله بها من سلطان، ولو حاولت الاعتذار فاعتذارك غير مقبول، لأنك أزعجت ووترت وأغضبت كائناً بشرياً يحمل من شحنات الغضب ما يكفي لزلزلة الأرض ورج الجبال وسجر البحار وتجريد الأشجار من أوراقها وإسقاط الطير من فضاء الله.. المشكلة تقع في المشاعر والثقافة ورقي النفس.. فالابتسامة في وجه أخيك صدقة، لم تعد حضارة في قاموس من غابت عن وجهه الابتسامة وتلاشت إشراقة اللغة واضمحلت تواريخ الحضارة…

سفاراتنا أطواق ذهب

الإثنين ٢٢ أغسطس ٢٠١٦

أينما تحل وأينما ترتحل، عيون سفاراتنا في الخارج، قناديل تضيء طريقك ورموشها أطواق ذهب تقلدك بالأمان والاطمئنان، تتابع خطواتك من أجل تأثيث حياتك بالعزة والكرامة، ومن أجل أن تجعلك دائماً، في الأيدي الأمينة، تحيطك بالكبرياء لأنك ابن الإمارات، لأنك سليل الأرض النجيبة، التي تعطي بلا كلل، وتهب بلا وجل، وتمنح بلا ملل.. هناك في البلاد البعيدة، تسكنك الإمارات بروح هذه البعثات الجليلة التي توفر خدماتها لأبنائها، وتقدم طاقاتها بروح الأبوة وحنان الأمومة وشفافية العفوية الإماراتية التي لا مثيل لها ولا تقارن.. فمنذ أن تطأ قدماك أي أرض من أراضي الدنيا تهاتفك سفارة الإمارات في البلاد التي تحل فيها، تعرض عليك الخدمة والمساعدة والمساهمة في الإيضاح والشرح وفتح أبواب المعرفة في البلاد الغريبة.. هناك أنت في الإمارات وليس في غيرها لأن بعثاتنا الدبلوماسية حاضرة بكل قوة، جاهزة بقدرات فائقة لأن تقف إلى جانبك وتعضدك وتقربك من بلادك وأنت في الغربة، فتشعر أنك «غير»، وأنك الإنسان المميز من البلد الفريد في عطائه وسخائه وصفائه وبهائه ورخائه وثرائه وانتمائه إلى الإنسان قبل كل شيء، تشعر بهذا التفرد عندما يسألك شخص ما عن البلد الذي تنتمي إليه وتحمل هويته وعندما تجيب أنك من الإمارات، يرفع لك القبعة وينحني إجلالاً وإعزازاً وإكراماً.. لأنك من الإمارات من بلد زايد الخير، طيب الله ثراه، وأنجاله الكرام. هذا…

أينما تذهب تجد الإمارات الأجمل

السبت ٢٠ أغسطس ٢٠١٦

تذهب إلى الشرق أو الغرب، تجد نفسك طائراً فريداً، حل على ربوع الآخر، قادماً من مكان، الأجمل، والأكمل، والأنبل، هي الإمارات ولا غير.. عندما تستضيفك تلك البلاد النائية، وكنت قد قطعت آلاف الأميال، وفي ذاكرتك حلم البلاد المذكورة في الجغرافيا أنها قطعة من نعيم الدنيا، ورقعة من أديم الأرض، ولحظة وصولك أي في ذلك الزمن الذي تهبط به الطائرة الميمونة تشعر أنك خارج الزمن وداخل الإمارات، الإمارات وحدها التي تختال ضاحكة غصناً وطيباً، وركناً خصيباً، ولحناً كونياً يترنم بقيثارة الفرح، المهيب، والسعد الرحيب، لا نقلل من بلاد الدنيا، ولكن هذا هو قدر الإمارات، حباها الله بفضل وجزل وعدل، ونهل، وسهل، لا خيار للناظر إلا أن يقول إنها الأجمل والأرقى، في كل شيء.. شوارع المدن الكبرى في أوروبا تبدو أزقة ضيقة مقارنة بهذه الغرف العملاقة المؤثثة بسجادات المخمل، أنظمة المرور لا تقاس بقيمة عندما تحضر قوانيننا المكللة، بجهد الذين انتخبتهم الحياة لأن يكونوا المثال والنموذج وليالينا المضاءة بقلائد الأحلام الزاهية، وسهر الناس وهم ينعمون بثراء المكان، وأمن واستقرار الأحبة، عند نجوم المراكز الضخمة، والأبواب المفتوحة، حتى آخر نجمة تطل من سمائنا الصافية. لا ننتقد الآخر، بل نعتز أننا جزء منه، ولكن من حقنا أن نضع أناملنا عند الأعناق، المزدانة بقلائد الليل وفرائد ما صفته أيدي العشاق، ورواد المعالي، وجبال الإبداع الشاهقة.…