الأربعاء ١٩ أكتوبر ٢٠١٦
بعد عشر سنوات، بعد عشر وثبات، بعد عشر ومضات، بعد عشر رؤى، تبدو الواحة مشرقة بالإنجاز، متألقة بالإعجاز، متأنقة بالسندس والاستبرق. هذه يقظة الذين لا يغفلون ولا يكفون ولا يخفون، ولا يجفون ولا ينصرفون عن العطاء بكل شيء، هذه صحوة الذين ينسجون الحلم بأهداب العين وعِذاب المعين، وسر النهضة ينبغ من ذاك، الأنا المتوهج ردماً بمصابيح العبقرية المبتهج للحياة، من دون كلل أو ملل أو جلل، يقدم منجزه كتاباً مفتوحاً للملأ، وخضاباً منقوحاً من سيرة العظماء، الذين ينهلون من تجارب التاريخ، نطف النمو والارتقاء والنشوء والتطور، يعطون النهار فكرة الإضاءة، ويمنحون الليل نسيم التدفق، باتجاه عوالم مزاجها حفيف الشجر، ومذاقها رفيف الأجنحة، ورونقها شفيف الهديل. هكذا يقدم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، معجمه التنموي، بكل شفافية وبديهية من دون تحريف أو تجديف، ويسير بالقارب متوجاً بالفطرة الواعية، مكللاً بالفكرة الساعية إلى اختراق المستحيل، ليصير ممكناً وسهلاً.. هكذا يقدم سموه بلادنا للآخر، قماشة حرير ترتب وجدان الناس بحس مرهف، مدنف بهوى الإنتاج، والطاقة الإيجابية، متألق بعطاء الأنهار، وشموخ البحار، ورسوخ الأشجار. عندما يعلن سموه أن المصلحة أولاً للمواطن، لعز الوطن ورفعته وقوته ونخوته وصبوته، وضوء أقماره التي لا تخبئ نورها في معطف النسيان، ولا تؤجل نهضتها لغد غير معلوم.. حضور…
الأحد ٠٢ أكتوبر ٢٠١٦
منذ أفغانستان والعراق مروراً بلبنان وسوريا وانتهاء باليمن، وإيران تحاول أن تكون دولة عظمى على حساب العرب، وتريد أن تبني حضارة أخشابها ومساميرها وحبالها من عدوانية بغيضة، لو فكر القادة الإيرانيون بالشعب المغلوب على أمره في بلدهم، ومدوا الأيدي سخية من أجل التعليم، ورفع معاناة الفقراء والمهمشين، والمعوزين، لو فكر هؤلاء بهذا المنطق، لأصبحت إيران دولة ذات شأن عظيم، فالشعب الإيراني لديه من ذخيرة التاريخ ما يؤهله لأن يصبح فريداً في عطائه، عتيداً في تضحياته من أجل وطنه. الآن الأمية تضرب أطنابها، والفقر وصل إلى 40%، والحياة العامة تشكو الضيم من كبت الحريات.. إذاً فالطموحات لدى قادة إيران أكبر من قدراتهم، لأن جل ما تختزنه الأرض الإيرانية من خيرات، يذهب جفاء في حروبها الطائفية ومعاركها الشوفينية، وعداواتها للعالم، فعنصر القوة لأي بلد لا يبدأ بالصواريخ البالستية، وإنما بتكاتف الشعب مع قيادته، وقد ضرب لنا الشعب التركي مثالاً لذلك، عندما وقف مع أردوغان، لحظة الانقلاب، واستطاع أن يفشل ذلك الانقلاب، في ليلته الأولى، فأربعمائة وخمسون ألفاً يقودون خمسة وثمانين مليوناً إلى جحيم الحروب الخاسرة، ويدفعون بالمليارات من أجل تحقيق سياسة خرق تسد ومن دم الشعب الإيراني تهدر هذه المبالغ الطائلة، وتذهب مع الريح، ولو تصور قادة إيران أن الفرصة سانحة لإنهاء العرق العربي من الخريطة، فإنهم واهمون، فالعروبة ليست عرقاً عارياً،…
الثلاثاء ٢٣ أغسطس ٢٠١٦
في هذه العاصمة المبتسمة دائماً، الطرق متداخلة ومتشعبة ولا تعرف يمينك من يسارك، ويكاد الغريب أن يقول خذوني ولا يجد مجالاً للفرار، إلا أنه يجوس في غي الدروب، وعندما تخطئ وتدخل في منعطف غير مناسب، وتصادفك سيارة، تواجهك مباشرة فلا تسمع ضجيج أبواق ولا تلويحات بأيد متوترة، ولا عيون حمراء محملقة كأنها الإشارة الحمراء، بل يغدق عليك الآخر بابتسامة مشرقة تمنحك الفرحة، فهناك لا لائم يلوم ولا شاتم يحوم ولا سباب شؤوم ولا محتقن ظلوم ولأنك مخطئ وارتكبت خطأ كاد أن يوقعك في حادث غير محسوب فإنك تلملم شتاتك وتزم شفتيك وتحني رأسك متشفعاً، مترفعاً عن المكابرة فتعتذر بابتسامة مرادفة وتواصل سيرك، وتتخيل لو أنك تجاوزت سائق تاكسي بطريق الخطأ في مكان ما من أي من بلاد الربيع العربي فسوف تقوم قيامة ويحشر العالم بأسره وينشر عند قارعة الطريق وقد تسمع سباباً وشتائم ما أنزل الله بها من سلطان، ولو حاولت الاعتذار فاعتذارك غير مقبول، لأنك أزعجت ووترت وأغضبت كائناً بشرياً يحمل من شحنات الغضب ما يكفي لزلزلة الأرض ورج الجبال وسجر البحار وتجريد الأشجار من أوراقها وإسقاط الطير من فضاء الله.. المشكلة تقع في المشاعر والثقافة ورقي النفس.. فالابتسامة في وجه أخيك صدقة، لم تعد حضارة في قاموس من غابت عن وجهه الابتسامة وتلاشت إشراقة اللغة واضمحلت تواريخ الحضارة…
الإثنين ٢٢ أغسطس ٢٠١٦
أينما تحل وأينما ترتحل، عيون سفاراتنا في الخارج، قناديل تضيء طريقك ورموشها أطواق ذهب تقلدك بالأمان والاطمئنان، تتابع خطواتك من أجل تأثيث حياتك بالعزة والكرامة، ومن أجل أن تجعلك دائماً، في الأيدي الأمينة، تحيطك بالكبرياء لأنك ابن الإمارات، لأنك سليل الأرض النجيبة، التي تعطي بلا كلل، وتهب بلا وجل، وتمنح بلا ملل.. هناك في البلاد البعيدة، تسكنك الإمارات بروح هذه البعثات الجليلة التي توفر خدماتها لأبنائها، وتقدم طاقاتها بروح الأبوة وحنان الأمومة وشفافية العفوية الإماراتية التي لا مثيل لها ولا تقارن.. فمنذ أن تطأ قدماك أي أرض من أراضي الدنيا تهاتفك سفارة الإمارات في البلاد التي تحل فيها، تعرض عليك الخدمة والمساعدة والمساهمة في الإيضاح والشرح وفتح أبواب المعرفة في البلاد الغريبة.. هناك أنت في الإمارات وليس في غيرها لأن بعثاتنا الدبلوماسية حاضرة بكل قوة، جاهزة بقدرات فائقة لأن تقف إلى جانبك وتعضدك وتقربك من بلادك وأنت في الغربة، فتشعر أنك «غير»، وأنك الإنسان المميز من البلد الفريد في عطائه وسخائه وصفائه وبهائه ورخائه وثرائه وانتمائه إلى الإنسان قبل كل شيء، تشعر بهذا التفرد عندما يسألك شخص ما عن البلد الذي تنتمي إليه وتحمل هويته وعندما تجيب أنك من الإمارات، يرفع لك القبعة وينحني إجلالاً وإعزازاً وإكراماً.. لأنك من الإمارات من بلد زايد الخير، طيب الله ثراه، وأنجاله الكرام. هذا…
السبت ٢٠ أغسطس ٢٠١٦
تذهب إلى الشرق أو الغرب، تجد نفسك طائراً فريداً، حل على ربوع الآخر، قادماً من مكان، الأجمل، والأكمل، والأنبل، هي الإمارات ولا غير.. عندما تستضيفك تلك البلاد النائية، وكنت قد قطعت آلاف الأميال، وفي ذاكرتك حلم البلاد المذكورة في الجغرافيا أنها قطعة من نعيم الدنيا، ورقعة من أديم الأرض، ولحظة وصولك أي في ذلك الزمن الذي تهبط به الطائرة الميمونة تشعر أنك خارج الزمن وداخل الإمارات، الإمارات وحدها التي تختال ضاحكة غصناً وطيباً، وركناً خصيباً، ولحناً كونياً يترنم بقيثارة الفرح، المهيب، والسعد الرحيب، لا نقلل من بلاد الدنيا، ولكن هذا هو قدر الإمارات، حباها الله بفضل وجزل وعدل، ونهل، وسهل، لا خيار للناظر إلا أن يقول إنها الأجمل والأرقى، في كل شيء.. شوارع المدن الكبرى في أوروبا تبدو أزقة ضيقة مقارنة بهذه الغرف العملاقة المؤثثة بسجادات المخمل، أنظمة المرور لا تقاس بقيمة عندما تحضر قوانيننا المكللة، بجهد الذين انتخبتهم الحياة لأن يكونوا المثال والنموذج وليالينا المضاءة بقلائد الأحلام الزاهية، وسهر الناس وهم ينعمون بثراء المكان، وأمن واستقرار الأحبة، عند نجوم المراكز الضخمة، والأبواب المفتوحة، حتى آخر نجمة تطل من سمائنا الصافية. لا ننتقد الآخر، بل نعتز أننا جزء منه، ولكن من حقنا أن نضع أناملنا عند الأعناق، المزدانة بقلائد الليل وفرائد ما صفته أيدي العشاق، ورواد المعالي، وجبال الإبداع الشاهقة.…
الجمعة ١٢ أغسطس ٢٠١٦
الإرهاب يضرب في كل مكان وكل أوان، وينخر عظم المجتمعات بالمخالب والأنياب والأسنان.. فماذا ينتظر العالم؟ وهذا الطوفان الهائج يطوف المحيطات والبحار والصحاري، ويعبر الأتون بكل جنون ومجون. ماذا ينتظر العالم، والعبث الأيديولوجي يدمي ويرمي أقواس اللهب، بكل صلف وصخب، ويرهب ويرعب ويكذب، ويصب الحقائق على ألواح التدليس، ويتأبط شراً، وما يخفيه أشد وأعظم. ماذا ينتظر العالم والبشرية جمعاء تعاني هذا الطاعون العصري، وتواجه أشد أنواع التنكيل والتضليل على أيدي من شدوا العزم، وتواروا خلف حجب، وسحب وأمطروا الناس بالعذاب المرير. ماذا ينتظر العالم؟ وإلى متى تستمر الدول في خلاف الأجندات والسياسات العشوائية، والانحياز إلى الأنانية والذاتية الفجة. إلى متى تعيش بعض الدول الخداع البصري، وتعتقد أنها في منأى عن هذا المرض الأخلاقي والوباء الفكري الذي أصيبت به مجموعة من البشرية، وظنت أنها تمتلك الحقيقة، وتختص بصكوك الغفران، فجارت وفارت، وخارت وسارت في دروب الموت مكتظة بالأفكار العشوائية والقيم البوهيمية، والمبادئ المنحدرة من سجايا الغاب وأشياء من شراسة الحيوانات المفترسة. إن داعش وأخواته ومن والاه، ومن سار على دربه، ومن تعاطف معه لن يهزم إلا باتحاد العالم، ووقوفه كتفاً بكتف ضد هذا العدو الذي لا يستثني أحداً، ولا صديق له غير العنف والتدمير.. إن فكرة هذه الجماعات قائمة على الفوضى المدمرة والموت للجميع، ومن دون حياد أو انحياز إلا إلى…
الثلاثاء ٠٩ أغسطس ٢٠١٦
الإمارات الأبية، رجالها أشجار عملاقة، تظلل التراب بدماء طاهرة زكية.. جاسم البلوشي، رجل، بطل باسل من هذا الوطن، قدم روحه قرباناً للآخرين، وحزاماً لسلامتهم وسعادتهم.. هذه هي بلد السعادة، تنتج رجالاً أفذاذاً جهابذة بواسل، يضعون أرواحهم فداء للآخرين، ضاربين بذلك مثال الجود وثراء النفس ورخاء الروح في التفاني والإيثار..الشاب جاسم البلوشي وجد نفسه في قلب الحدث، فأبى إلا أن يسخى بالروح وأن يتفادى الأنانية الفردية، ليكون في المحيط الأوسط، يكون بين الناس ومن أجلهم، وأن يكون القدوة والنموذج في التضحية. هذه هي الإمارات تزدهر دوماً بأرواح الشباب الشفافة، تثمر بالقلوب اليانعة المترعة بسلسبيل العطاء اللامتناهي، المتسعة من بحر العرق حتى نهر الحدق، تقدم من أجل الوطن، ولا تلتفت إلى الوراء، لأن في الأفق يبدو نجماً واسعاً ساطعاً لامعاً، اسمه الإمارات، والواجب أن نصونه ولا نخونه، وأن نزنه بميزان الحب، وأن نضعه ما بين الرمش والرمش، رجالنا.. شبابنا في كل مواقع التحدي نجدهم ليوثاً، صناديد، يملؤون الفضاء برياحين، أرواحهم المعبقة بعطر الأشواق العظيمة والأنساق الحكيمة، هم هكذا من عبق الصحراء، نهلوا من عشق النخيل للتراب، استلهموا، فساروا في دروب الحق، ينحتون أسماءهم الوضاءة، بحبر الدماء وقلم القمم الشماء. هؤلاء هم شبابنا.. عيال زايد، نسل النجباء والأوفياء، يخوضون الحياة بمبادئ الالتزام الخلقي الرائع.. والمسؤولية الإنسانية التي لا مثيل لها ولا شبيه لها،…
الإثنين ٠٨ أغسطس ٢٠١٦
رجال تصنعهم الأوطان ويكبرون بحجم الأوطان، ورجال يصنعون الأوطان، تكبر بهم وتتفتح زهراتها وتبيض موجاتها وتشمخ جبالها وتخضر أشجارها وتنمو طموحات أبنائها وتزدهر صحراؤها وتزخر نجومها بالبريق الأنيق، وتستدير أقمارها مثل أقراص الذهب، مثل وجوه الناس الطيبين. الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وأسكنه فسيح جناته، الزعيم المقيم دوماً في الوجدان والأشجان والألحان والأفنان، وفي خلايا الروح ما بين الوريد والشريان، زايد النهر الذي أروى أشجار الوطن ولوّن العشب بالحب وأعطى التضاريس نخوة الانسجام والالتئام والالتحام والسير على خطى الخالدين الذين أسسوا أحلام الناس من ماء القلوب وأسقوا الحياة من عذوبة السخاء والتفاني والإيثار. زايد الفجر الذي شع وشاع بهاء وصفاء وسواء وسخاء وعطاء، هو الشعر الذي منح للوطن عنوان قصيدة الخلود والوجود والجود وسؤدد الخطوات.. زايد، الكتاب المفتوح تقرأه الأجيال وتسير على المنوال تبغي العناق مع الأفق ومشافهة النجوم وبث النشيد للغيوم. زايد في الوعي رواية، وفي الحلم حكاية، وفي الطموح غاية، وفي صناعة الإنسان خبرة ودراية، زايد الظاهرة الإنسانية الاستثنائية وحبر البحر عندما يسطر عباراته على صفحات السواحل الملهمة، وقلم النجمة عندما ترسل النور إلى أرجاء الظلام، ليصبح الكون نبراساً وفانوساً وناقوساً ومتراساً وقاموساً، نحن الذين نتهجى حروفه كي تكبر جباهنا وتطول أعناقنا وتنصع وجناتنا وتصير عيوننا مصابيح تسكن الكواكب. زايد في التاريخ عنوان المراحل…
الجمعة ٠٥ أغسطس ٢٠١٦
بلغة تحلق مثل أجنحة الطير، تحدق مثل عيون الصقر، تهذب الكلمات مثل جديلة منسابة على خصر ومتن تشذب العبارة مثل موجة تهدهد أطراف السواحل، تسكب الجملة تلو الجملة مثل جدول يختال من بين أزهار وأشجار، هكذا يسبك الدكتور حماد الخاطري النعيمي لغته في شفافية مثل أهداب حسناء جبلية، مثل خيوط الشمس تفرز خد الأرض فترشف من معينها المعنى والمغزى. كتاب «شموس المثل في أشعار آل زعل» يرصد الكاتب والباحث نتاج إبداعي جميل شاع على الألسن واتسع في قلوب العشاق من دنفوا بالكلمة المبدعة، واستلبتهم العبارة الدالة، في هذا الكتاب يقف الدكتور حماد على شعر ثلاثة فرسان من فرسان الشعر في الظفرة، في بادية أبوظبي، وهم «سعيد وزعل وأحمد» أبناء سيف بن زعل آل سلطان الفلاحي، ويقول الباحث نزولاً عند رغبة العديد من محبي قصائد آل زعل الذين سبق أن نشرت أشعارهم في كتاب «أعذب الألفاظ من ذاكرة الحفاظ» في أن يكون لهم ديوان مستقل شرعت من جديد بالعمل في هذا الإصدار الخاص بالأخوة أبناء سيف بن زعل الفلاحي بشكل مختلف حيث عمدت إلى شرح مفردات الألفاظ والتعريف بهؤلاء الشعراء الذين كانوا نجوماً في الفضاء الشعري الإماراتي في هذا الجزء العزيز من أرض العرب. هذا الكتاب وعاء من ذهب المعرفة ومعطف من صدف شتاء، يدنو ما قد يغيب عن الذاكرة إن…
الإثنين ٠١ أغسطس ٢٠١٦
نحتاج إلى الدين كحاجتنا إلى الماء والهواء، نحتاج إلى تراثنا كحاجة الطير إلى الجناح والتغريد، نحتاج إلى قيمنا النبيلة، كحاجة الأشجار إلى ضوء الشمس، نحتاج إلى المبادئ القويمة، لتقويم وتقييم مسار مراكب السفر باتجاه الآخر.. نحتاج إلى كل هذا لأننا أمة بنت خيالها على سقوف لا تخر وأفنية من فضاءات الله لا تنحسر.. نحتاج إلى التربية الأخلاقية، لأنها الكتاب المفتوح والمشروح والمنقوح، لأجل عالم لا تشوبه شائبة كره، ولا تخيبه خائبة حقد.. نحتاج إلى ذلك كله لأننا أمة من نسل صحراء متعافية من الضبابية، ومن غبار المراحل وسعار السواحل.. ويأتي توجيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بإطلاق مادة التربية الأخلاقية في وقته وزمنه، والعالم يفور بفقاعات النار والعار والانهيار، عالم أصبح على حافة الخوف والرعب من شبكات عدوانية بغيضة رضيضة، أبت إلا أن تكون عقبة كأداء في وجه النور لتنشر ظلاماً دامساً، عابساً، بائساً، يائساً.. وأطفالنا وشبابنا الذين يشاهدون يومياً كل هذا النزيف الدموي، في العالم، وكل هذه الألسنة المتصاعدة من النيران، يحتاجون إلى حرز يحصنهم من فيروسات الموت، يحتاجون إلى استنهاض روح قيمنا الإنسانية العالية وتثبيتها في الصحائف والكتب وجعلها أنشودة صباحية، يقرأ تفاصيلها أبناؤنا، ويرتلون عبرها نفائسها وجواهرها.. الإمارات تتكئ على جبال من القيم الإسلامية والإنسانية، يستطيع…
الجمعة ٢٩ يوليو ٢٠١٦
قلنا: ربما تفهم إيران الرسالة، ربما يقنع زعماؤها أن العالم تغير، وأن التفكير بعقلية الماضي صار من الماضي، وأنه لو عادت عادٌ وثمود ستعود الإمبراطوريات المدفونة في ركام التاريخ. قلنا: ربما يحسن الإيرانيون التصرف ولو مرة واحدة في تاريخهم، ويقلعوا عن أساليب العصابات والقرصنة.. ولكن لا جدوى «فلكل امرئ من دهره ما تعود»، وهؤلاء تمرسوا على تصديق الأوهام التاريخية، والقفز على الحقائق بحبال من الهواء، وتميزوا بباطنية فجة، يقولون ما لا يفعلون، فمن يسمع تصريحات بعض المسؤولين لديهم يشعر أن العالم بخير، وأن إيران ليست إيران التي عرفناها وألفناها وقاسينا ما قاسينا من تدخلاتها في شؤون الغير وممارسة دور «شيخ الغفر». الآن دخول الزوارق الإيرانية في المنطقة المقسومة ما بين السعودية والكويت لا يفسر إلا شيئاً واحداً، ألا وهو أن هذه الدولة الشوفينية لن تكل ولن تمل عن بسط أجنحة الشر، ولن تكف عن إيذاء الآخرين وإقلاقهم.. وأعتقد أن الزوارق العسكرية الإيرانية لم تذهب إلى هذه المنطقة «المغمورة» للنزهة، أو ذهبت خطأ لصيد السمك، فلدى إيران بحار وأنهار تكفيها لو أنها تجشمت الحلم الجميل، ولكن على ما يبدو أن حلم «المرزبان» الذي احتلت اليمن خيله في عهد سيف بن ذي يزن لم يزل حياً يحك جلد القادة الإيرانيين، ويقض مضاجعهم، ويدفعهم دفعاً لأن يعيدوا الكرة والكرة مرات ومرات على أي…
الثلاثاء ٢٦ يوليو ٢٠١٦
عندما يقتل الإنسان نفسه بعد أن يقتل الآخرين، يجب أن نتوقف ونضع علامة استفهام بحجم الدماء الزكية التي سالت، وحجم الأرواح البريئة التي أزهقت.. فالقاتل في سن الثامنة عشرة من العمر، من أصل إيراني ويحمل الجنسية الألمانية، ومن فكيه العريضين وخديه الغليظين لا يظهر أنه كان يعاني جوعاً أو عطشاً، بل كان مترفاً، إذاً ما الذي دفعه لارتكاب مثل هذه الجريمة النكراء بوحشية، لا تمارسها الضواري.. أوروبا بلدان متفوقة في العلوم النفسية والاجتماعية، وفيها برز فرويد، وأدلر، ويونج عباقرة علم النفس، إذاً لابد وأن تطلق أوروبا بأكملها، حملة واسعة النطاق، لدراسة هذه الظاهرة العنيفة التي تعبر عن حقد وكراهية، ولكن لماذا؟ لا تدري، هذا ما ستكشفه الدراسة النفسية فيما لو تحمل بها.. ما خفف من قلقنا أن هذه المرة، لم ينعت المجرم بالعربي، بل هو إيراني، وهذا يجعلنا نصر أيضاً على أن الموقف الإرهابي أصبح ظاهرة واسعة الحدقة، مفتوحة الشهية، إلى أي شيء يؤدي إلى الموت، الموت فحسب.. وهناك سؤال يطرح نفسه حيال هذه النكبة العالمية، وهو أن القاتل لم يزل مراهقاً، صغير السن.. ونتحدث هنا عن السلاح، من أين جاء به وكيف احتفظ به، ومن رخصه له، وهل في ألمانيا السلاح متاح في كل مكان، بحيث لا مانع يمنع من اقتنائه؟. وإذا كان الأمر كذلك، فإن حشرة الإرهاب سوف…