علي أبوالريش
علي أبوالريش
روائي وشاعر وإعلامي إماراتي

الإمارات.. من مستهلك إلى منتج ثقافي

الجمعة ٢٧ مايو ٢٠١٦

المشهد الثقافي في الإمارات، والزخم الهائل في النشاط الإبداعي، والحراك المؤسساتي باتجاه الإنتاج الفكري، حوَّل الإمارات من منطقة جاذبة للسلوك الحضاري الإنساني إلى شريك أساس في صناعة الفكر، وبثَّ موجات عالية الصوت، ونثَّ أمطاراً غزيرة، أبهجت سيولها الأرض حتى صار العشب الثقافي سنابل وعد، ومناهل عهد، وسواحل مهد. من يراقب هذا المشهد المبرد بأحلام الذين يستيقظون على تغاريد الطير، وأناشيد الموجة المجللة بالبياض، من يتابع كل ذلك، يجد نفسه أمام حفل بهيج، مزخرف بمصابيح الآمال العريضة، والأمنيات الكبيرة، المزدان بأحداق الذين يبصرون الواقع فيضعون البنان في خدمة البيان، ويكتبون على البنيان نقش أنشودة الخلود، خلود وطن عاشق للإبداع، وامتداد أشرعة مترعة بالطموح الذي لا يلين ولا يستكين، لأن الثقافة أصبحت ما بين غمضة جفن ولمضة شفه. الثقافة في المسعى، منطقة زاخرة بالنشاط الروحي، مزدهرة بالحيوية الفكرية، أي أن الثقافة أصبحت كالماء والهواء على حد سواء، تغذي الروح، وتنمي أعشاب القلب، وتسجل للتاريخ حلم شعب أراد الحياة فاتكأ على آرائك الثقافة، لكونها السند والمهد والنهد والعهد والوعد والحد الفاصل ما بين الحياة واللاحياة. الإمارات تسرج خيول الثقافة باتجاه مضارب ومناقب وسواكب ومناكب، وما القراءة التي سنتها القيادة الرشيدة إلا النهر والساقية، والحياة المتساقية من أتون وفنون وشجون ولحون. الإمارات تكحل العين بأثمد القراءة، وتخضب اليدين برائحة الحبر المبجل، وتخصب العقل بفكر…

في التواصل الاجتماعي «خالف تعرف»

الثلاثاء ٢٤ مايو ٢٠١٦

أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي، أوعية تغص بالتشاحن والتطاحن يعرق الجبين عندما يقرأ مثل هذه الترهات، ويرتعد البدن لمثل هذه الخزعبلات التي لا تمت إلى حرية الرأي، ولا إلى الفكر النير بشيء، إنها فقاعات تلعب الجمباز على ظهور موجات العصبية والهستيريا والحماقات.. أفكار ساذجة ومسطحة تتلاطم، وتتزاحم، وتتفاقم، وتتجهم، وتثير غباراً، وسعاراً، ودواراً، وتطوق الأعناق بأنساق ما أنزل الله بها من سلطان.. ولا أحد من حاملي هذه الأفكار يفكر بوطن أو إنسان أو حياة، إنما التفكير منصب على أنانية الذات وتورمها، وتضخمها واحتقانها وعدم اتزانها، هؤلاء الأشخاص الغارقون في الشتائم، والسباب وكيل الألفاظ النابية والبذيئة، إنما هم طفيليات تخوض في فضاءات أغبرت رؤيتها، فأصبحوا يهيمون، ويتيهون، ويضيعون في مثل هذه الأجواء المواتية لمزاجهم ورغباتهم وطموحاتهم وآهاتهم وأناتهم. هؤلاء الأشخاص، استغلوا وسائل التواصل الاجتماعي لكونها أوعية مفتوحة حتى آخرها ليعبروا عن أهوائهم وأشواقهم الدفينة التي تذهب إلى المخالفة من أجل الصعود على سارية الفراغات المتناهية، حقيقة الإنسانية أُبتليت بمثل هذه الشرائح، والأوطان تأزمت وتبرمت وتذمرت إثر هذه الأدخنة المتصاعدة. وأعتقد أنه لابد من مقاييس ولابد من معايير وميزان يحدد هذا الضجيج، وكما قال صموئيل بيكيت «إذا كانت العربات الفارغة أكثر ضجيجاً، فمن الضروري، أن يكون هناك معيار ما يحدد مستوى هذا الضجيج»، حتى لا يتبعثر زجاج النوافذ، وتتناثر القصاصات الورقية، ويصبح التاريخ…

وحدة المثقفين

السبت ٢١ مايو ٢٠١٦

هناك جبهة شرسة مشاكسة ظالمة مظلمة، حانقة خانقة، قاتمة معتمة، عديمة عقيمة، مبهمة متفاقمة، تريد أن تحول أوطان الناس إلى طرائق قدد، وإلى نهر متبدد، وإلى فكر مرتد مستبد، وأغراضها كثيرة، وأهواؤها متعددة المخالب والأنياب، ومآربها لا تختلف عن أي كائن متوحش باطش، الأمر الذي يستدعي قراراً مبدئياً من جميع مثقفي المنطقة، بأن يلملموا شتاتهم وأن يجمعوا إرادتهم لتصب في خانة واحدة، وهي خانة المجابهة الثقافية ضد المغرضين والمتسولين والمتسللين والمتوسلين، والقائمين والجاهمين، والساخطين، والعابسين، والمكفهرين، والذين يضعون الأسود الدامس على عيونهم كي لا يروا إلا الظلام. قد يقول قائل ولماذا، كل هذا التعب، فلدينا اتحاد كتاب ولدينا جمعية صحفيين بإمكانهما أن يقوما بنفس الدور، أقول لا نشك في ذلك أبداً، فهاتان المؤسستان تعملان بكل ما تستطيعان من جهد، وتبذلان الممكن، ولكن المقصود في وحدة المثقفين، هو أن هذا الكيان يستطيع أن يشمل أكثر من دور ويتسع لأكثر من مجال وتخصص بشأن الأعضاء، فنحن بحاجة إلى باحثين، وأكاديميين، ومؤرخين وفلاسفة، وعلماء اجتماع ونفس ورجال دين، وفقهاء، هذا الفريق بإمكانه أن يشكل جبهة قوية مضادة، لكل من يؤول وكل من يطلق لخياله العنان ويتيه في براري الكذب والافتراء.. أقول ذلك، لأن المنطقة العربية برمتها مهددة من قبل أصحاب البهتان والطغيان، وإخوان الشيطان، المنطقة بحاجة إلى مؤسسة تبدأ مع النشء لتصل إلى…

حزب الله يغتال مصطفى بدر الدين

الجمعة ٢٠ مايو ٢٠١٦

عندما يجازف حزب بحجم ذبابة قياساً إلى معايير القوة في العالم بدفع كوادره وقياديه ومرتزقته في أتون حرب لا ناقة له فيها ولا جمل غير الوهم التاريخي، والخيال الأحفوري الذي عفى عليه الزمن، فإنه رسم من الجنون وشيء من المجون، وبعض من الحنث المكنون. فسوريا ليست إسرائيل، والشعب المغلوب على أمره ليس من فلول الصهاينة، ولا من العلوج. هذا الحزب، ألبس السياسة بالدين، ولحف الدين بالسياسة، وأراد أن يخطف الريادة من الأحزاب الثورية، فاعتنق فكره الطائفي، مستغلاً بذلك الأوضاع العربية الراهنة ومشاعر السذج ليبني عليها عرش أوهامه، وأسقامه، فأول بداية لانطلاقته المشؤومة، أضرم النار في القلب السوري، وساهم بشكل مباشر في حرب التشريد، والتنكيل والقتل والدمار. ولكن لكل هذا لا بد من فاتورة تدفع، ولا بد من ثمن يقدمه الحزب إزاء جرائمه النكراء، والثمن غالٍ ونفيس، ألا وهو مقتل قياديه الواحد تلو الآخر، ونحن نسأل ماذا بعد كل هذا التهور والتضور، والخوار، والدوار، والسعار، والانصهار في بواتق الشر؟، وماذا سيجيب قادة هذا الحزب لأسئلة الطفل السوري، الذي لم ير فناء المدرسة منذ خمس سنوات، ولم ينم تحت سقف غرفته الذي تركه ليسكن في العراء، والذي لم يزل يذكر لعبته التي أودعها المكان المهجور بعد أن فر بجلده هارباً من بطش الشيطان. بماذا سيقابل هؤلاء الحزبيون رب العرش، وهم ملطخون بعار…

دور الصحافة

الأربعاء ١٨ مايو ٢٠١٦

للصحافة دور التنوير لا دور التكسير، وللصحافة دور مساعدة أصحاب القرار في تنمية العقل، وإزاحة الغبار عن النفوس.. الصحافة الحقيقية صانعة للمستقبل، وليست ضالعة في رسم الخطوط الحلزونية، أو الكلمات المتقاطعة.. اليوم وقيادتنا الرشيدة، تقف في الصفوف الأولى، منادية بدور فعال وحيوي للصحافة، على الجميع أن يكون في مستوى الحدث، وأن يكون جزءاً من المشهد الحضاري للوطن، ويرسم الصورة المثلى لحقائق التقدم والرقي والازدهار. نحن بحاجة إلى إعلام مضاد وقوي وراسخ، لنواجه به من عمي بصره، وغابت بصيرته، نحن بحاجة إلى إعلام سمته الإبداع، وصفته حسن الاختراع، لا يراوغ ولا يبالغ، وإنما يقوم بسرد الحكاية، كما يريدها المنطق لا كما تشتهيها النفس، أن يقف إلى جانب الناس، يتلمس همومهم، يعالجها بضمير حي، وبعيداً عن البهارات والشعارات، وبعيداً عن السياقات النارية التي أودت بحياة مجتمعات بأكملها. نحن بحاجة إلى إعلام لا يستنسخ ما يفضي إليه الغير، نحن بحاجة إلى إعلام يصنع لنفسه موئلاً يضاهي شموخ الصحراء وبلون زرقة البحر، فالتقليد بليد، لا يصنع فكراً ولا يصبغ حياة، وصحيح أننا لا يمكن أن نعيش في عزلة عن الآخر، ولكن من حقنا أن تكون لنا هوية إعلامية نابعة من هذه الأرض، ومتشربة من ملح بحرنا، وناهلة من قيمنا وتاريخنا، فنحن لسنا شعوباً طارئة، بل نحن لنا الجذور، ولنا البحور، ونستطيع أن نقارع الآخرين…

العود الأبدي

السبت ١٤ مايو ٢٠١٦

التاريخ يُعيد نفسه في عَود أبدي، والحضارات لا تختفي بقدر ما هي تحتجب لتبرز حضارة موازية، قابلة للامتداد والسرد، والتعبير عن نفسها في معطيات قوية ومؤثرة. الحضارة العربية ربما تلاشت في مكانها، لكنها برزت في القرن الواحد والعشرين، في الإمارات، هذا القرن قرن الإمارات وحضارتها الزاهية المزدهرة، ومنجزاتها العملاقة المعبرة عن جهد ثقافي وفلسفي كرّس واقعاً إنسانياً مشهوداً. اليوم في الإمارات نرى هذا الزحف الحضاري، والتنوع الثقافي والإنجاز على مستويات مختلفة، كل ذلك يضع الإمارات في لب المشهد، وقلب الأحداث، ومقلة العقل. الإمارات بفضل حكمة الحكم، وحكم الحكمة، تبدو كوكباً تخرج من ثناياه ضياء التفوق والتميز والفرادة والاستثنائية، فلا يمر شروق شمس، إلا ترسل معها خيوط لإنجاز جديد، وحدث باهر، وفعل مدهش، هذه القوة الفاعلة، المتفاعلة، يتوسط أخذها وعطاءها، فكر إنساني أمسك بألباب المعرفة، وسخرها في خدمة البناء المجتمعي. ليصير الوطن بكامله قدرة فائقة يتوخى الآخر التماثل معها، ويستبصر في نسجيها، فلا يجد غير جباه مرفوعة، وسواعد تتشابك كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً، ليصبح البناء برمته سحابة ممطرة. هكذا هي دورة الزمن تبدأ بإرادة القوّة، والإنسان الأعلى الذي انتصر على ذاته ليحقق ذاتاً متماسكة، تستجمع عناصر قوتها من ذاتها، ولذاتها تعمل على هزيمة الظرف وعوامل الطبيعة.. نحن في الإمارات نشهد حلقة من حلقات التطور البشري التي تعيد للأذهان نمو قوى…

الصراعات أخفت دولاً بكاملها

الجمعة ١٣ مايو ٢٠١٦

ما بين الموت والحياة خيط رفيع فإما تدمر أو تعمر، وما الكراهية إلا وحش أعمى، يقود إلى سفك الدماء وهتك الأعراض، والاعتداء على السيادة. في هذا اليوم، صرنا نتذكر فقط، كانت على الخريطة دولة اسمها الصومال وأخرى ليبيا، وفي الطريق بلدان بدأت تتلاشى وتذوب مثل فصوص الملح، فعندما لا يحضر العقل ويغيب الوعي، يصبح الموت وسيلة للتعبير عن الإسقاط الداخلي على الخارجي، فما معنى أن يقدم كائن شبه بشري على تفجير نفسه من أجل قتل أبرياء، أطفال ونساء وشيوخ، وما معنى أن يرفع أحد مصاصي الدماء سيفه عالياً ليهوي به على عنق إنسان لم يرتكب ذنباً سوى أنه ولد في أرض ما توافر فيها الحقد بكثافة. ما معنى كل هذا النزيف العاطفي، ما معنى كل هذا النزوح باتجاه مناطق الكراهية، إنه العبث الوجودي، والعدم الأخلاقي والعشوائية الثقافية. فاليوم في سوريا، القاتل والمقتول، والسائل والمسؤول، كل يضع أقدامه على جحيم البغضاء، وتذهب سوريا باتجاه الفناء بعد أن دمر الحقد بنيتها التحتية، وشرد الملايين ويتّم الأطفال، وجعل سوريا مجرد ذاكرة مثقوبة، تخر منها نتف أجمل الحضارات، وتذهب جفاء، ويطل على العالم شبح اسمه الفوبيا أو الخوف المرضي، ووجه شائه بلا ملامح، اسمه سوريا. وأعتقد أن داعش ومسميات أخرى، لن تغيب عن الوجود، طالما بقيت ثقافة الغالب والمغلوب، وطالما تضخمت الذات البشرية، وأصبحت…

فرسان النجاح

الأربعاء ١١ مايو ٢٠١٦

في فريق الحكومة، هناك فرسان نجاح، أنيطت بهم مسؤولية ترسيخ ثقافة التسامح، وشغف القراءة الراسخة.. نحن اليوم نعيش عصر الإضاءات الكاشفة وزمن النجوم الساطعة، والأحلام الموشاة بملكات واقع يزدهر، برجاله المخلصين المؤمنين بأن التطور يبدأ بكلمة مسكوبة مثل الماء الرقراق، ولغة مسكوكة على معصم الروح، بأنامل بضة غضة.. ودعوة القيادة لترسيخ الوعي والتسامح، تأتي في سياق الرغبة العارمة لإنجاز مشروعنا الحضاري، وتحقيق طموحات أهل الوطن بأن نكون دائماً في المقدمة، ودائماً عند سحائب المجد. ولا نبالغ إنْ قلنا إن الرجال الذين يتحملون عبء الانتقال من مرحلة التهجي إلى مرحلة البلاغة والنبوغ، هؤلاء يضعون على عاتقهم قيادة المرحلة، تحت ظل الشجرة الوارفة، شجرة القائد الحكيم ونائبه الملهم، وبذلك أصبح التقاعس يهرب من محيطنا الوطني مذعوراً مرتجفاً لأنه يواجه صلابة الموقف وجسارة العزيمة، وقوة الإرادة والتصميم والإصرار على تحقيق الأماني، وتحويل الأحلام إلى واقع ملموس ومحسوس يعيشه الناس ويمارسونه حياة ووجوداً.. فرسان النجاح، جادون في تغيير الواقع، متسلحين بأدوات المعرفة والخبرة والتاريخ الذي أعطاهم قدرة المبادرة والمثابرة، وتنفيذ الأمر السامي بجدارة وقدرة فائقة، والمواطن اليوم يعيش عصره الذهبي في ظل الفريق الحكومي الذي يعيش بين الناس، وإلى الناس، فهو منهم وإليهم، فلا حاجب ولا راسب يقف سداً بين هذه الأيادي المتشابكة، والرؤوس المتعانقة، إنه الواجب، يضع القلوب مفاتيح للأبواب والنفوس نوافذ للإطلالة…

مجتمع الثقافة وطن التسامح

السبت ٠٧ مايو ٢٠١٦

أن تكون مثقفاً، تصبح كطائر نورس، يفرش أجنحة البياض، محلقاً بحرية، محدقاً في فضاءاته بلا قيود ولا عنجهية.. الثقافة هي إكسير حياة، وهي ديدن حب، وهي قاموس حلم، وناموس علم، وهي التي تضع الكلمات عند مشارف الشفاه، من دون تأتأة ولا لجلجة. أن تكون مثقفاً، فإنك تجلي الرواسب من العقل، وتزيح عن قلبك أثقالاً وأحمالاً، ويصير العالم في عينيك قلادة، والمحيطات سجادة، من مخمل التعارف والتكاتف، وعندما يؤكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أنه لا يمكن تكوين أسر متماسكة وهوية راسخة بلا ثقافة وقراءة فإن سموه يكرس واقع الأحلام الزاهية، والأيام الواعية، والأقلام الراعية بشؤون الإنسان وأشجانه وألحانه وألوانه وأفنانه. هكذا تصبح القراءة، نحتاً في جدار الجهل، من أجل الصقل ومن أجل إثارة العقل، ومن أجل تخصيب السهل، ومن أجل الارتواء والنهل، ومن أجل إقامة معرفة متماسكة البنيان، واضحة البيان، مستقيمة البنان. مجتمع الثقافة، وطن يغرس أشجاره، في ترب التسامح والتصالح من دون ضغائن وشواحن، وطن يلون عيون أبنائه ببريق النجوم، ونث الغيوم، ويرخي شرشف الحرير على مشاعر من جعلته الثقافة كائناً استثنائياً. ما يحصل اليوم في العالم العربي، من خراب وعذاب ويباب واضطراب واحتراب، هو نتيجة مباشرة لسوء القراءة، وهو محصلة لوجدان بشري تراكمت في داخله قمامة الجهل،…

الإمارات.. وسعادة البشرية

الثلاثاء ٠٣ مايو ٢٠١٦

الإمارات، خيط الضوء في محيط العالم، ونهر العذوبة في صحراء الكون وانسكاب الحياة، في منطقة التحول البشري، وعبق العطور في بستان الشعوب.. الإمارات، اللون السحري، يحيك قماشة الوجود ببهاء وصفاء ووفاء، وما يحدث هنا رسالة تحررها أنامل المخلصين، وينقلها النسيم إلى حيث يوجد قلب يتضور عطشاً لأجل ومضة سعادة، وإلى حيث يكون العقل متسائلاً، مستفتياً النهار، كيف تكون الشمس ساطعة في دهماء الليل، وكيف يكون القمر لامعاً في وضوح النهار، وكيف يكون الحب مزدهراً، في زمن تهشم فيه البياض، وكيف تكون السعادة والعالم يختلج بالفوضى والضجيج واللظى.. إنها الإمارات، في المعقول واللامعقول، في المنطق واللامنطق، في الواقع وما بعده، هي العقل الذي تدبر أمره، والقلب الذي باح بسِرِّه، والروح التي تسامت، فأورقت أشجارها بالعطاء، وأثمرت أغصانها بالسخاء، وأينعت أزهارها بعطر وحناء.. إنها الإمارات في القبل والما قبل، تشاء أن تكون المحور والجوهر، هي أول الكلمة وآخر السطر، هي بداية الجملة، ونصوع القُبلة، الإمارات في النشوء والارتقاء، نبتة الصحراء التي صارت بستاناً وأقناناً وأفناناً، وريعان حلم، وصيرورة واقع، الإمارات القارب الذي أرهق الموجة، وجاش ولعاً بالماء، الإمارات الانثيال الأزلي في غضون الأمل، والانسياب الأبدي في تلافيف الحياة، الإمارات المسافة ما بين الرمش والرمش، الإمارات الكحل والأثمد، الإمارات صوت الأبد يباري الزمن في سياقاته، وسباقاته. الإمارات قامة واستقامة وهمزة الوصل، ما بين…

بالتخطيط لا بالاحتمالات

السبت ٣٠ أبريل ٢٠١٦

بالتخطيط لا بالاحتمالات، هي هكذا الإمارات طائر يفرش جناحي الحب على كل القارات، متوهجاً يرسم صورة الحاضر بإنجاز يذهل بالإعجاز، يأخذ الناس جميعاً إلى حيث تسكن شجرة الحب، إلى حيث تسيل جداول السعادة، وخصلات التسامح، تسترخي على الوجنات والجباه.. هي هكذا الإمارات، كما أرادتها القيادة، وكما أحبها الشعب الوفي، وكما فسحت السماء لها نافذة التألق. «بالتخطيط لا بالاحتمالات»، مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في إطلاقه مؤسسة دبي للمستقبل، والمستقبل يفرد شراع البياض، ويذهب بالموجة نحو وشوشة الحاضر ورواية الماضي، ليبدو المثلث قائم الزاوية، متكئاً على قدرة الذين يحيكون من الأحلام قماشة الواقع، فيصير الواقع قميص النهار تدفئه خيوط الشمس، فيبدو كأنه السحابة الثرية تنعم برخاء النداوة والطراوة، هكذا هي دبي، عندما تأتي يصبح العشب خيوطاً لفساتين النساء، ويصير الزهر أزراراً لقمصان الحالمات في المساء، ويصير الليل عيوناً كحلت بالأثمد أحداقاً، وسورت بالحب أنساقاً، وطوقت باليسر أعناقاً، وأسست ورسخت عرفاً ومعرفة لأجل أن تصبح الدروب مضاءة بالسعادة، ممهدة بالتسامح، بالتخطيط لا بالاحتمالات.. تستطلع الجياد تضاريس حلها وارتحالها، والطير مشغول بما تبديه الأشجار من أخبار الحياة. وهكذا تذهب الإمارات، تسافر عبر الزمن، وللزمن أجنحة ومهارات، للزمن لسانه وشفته، للزمن لغته، للزمن مشاعره، للزمن تاريخه وحاضرته، نحن الذين فتحنا كتاب التاريخ…

اليوم عيد

الأربعاء ٢٧ أبريل ٢٠١٦

اليوم عيد، عيد الكِتاب والكُتّاب، عيد الأحباب والأصحاب، عيد الذين تسوروا بسوار الحلم، يبحثون عن ومضة غاصت في أتون الزمن، يسألون عن «لمضة» لم تزل الشغاف عارية منها، عيد يمتد لأيام يغسل السنين بالحنين، ويسرد حكاية النهار لطفل أو شبل، وكيف استمعت المحارات لوشوشة الموجة، وهي تبلل السواحل بالبياض، وتمنح الطير لغة العيون والجنون. عيد هذا، والناس فيه طيور بيضاء، أعشاشها دفات الكتب، وتغاريدها الكلام المباح، عيد هذا والناس فيه غزلان، مراعيها كتب، وكحل العين حروف ملتهبة بالغيض. وفي هذا المعرض قد تغيب نجوم، وتبزغ نجوم، ولكن السماء تبقى صافية، سحاباتها شال أبيض شفاف أشف من عيون امرأة تاريخية المعنى. عيد هذا، والمعرض يزخر ببساتين وزهور وفلاحين يزرعون المكان بحثاً عن قطف يلون الحياة، يزين العيون بألوان الطيف. عيد هذا ونحن إذ نجوب الممرات والأزقة، والحارات والمدن والقرى، في هذا المعرض، نجد أنفسنا، نجد أحبابنا الذين غابوا ثم جاؤوا يطرفون بجفون ملؤها الفرح، وعيون تغزل خيوط السعادة، في بلد السعادة. عيد هذا، وهذا عام، يتمشى الهوينا، والأيادي تلتئم كما هي الأفئدة، والحب وحده يرسم خارطة مزخرفة بجداول الكلمات، وحروف عناوين مدهشة، وسيول من البشر يتهافتون، مملوئين بالغبطة والسرور لأنهم فقط في معرض الكتاب، في قلب العاصمة الرائعة. عيد هذا، ونحن نخطو خطوات متئدة، باتجاه هذا الكون الكتابي أو ذاك، وعيوننا…