الثلاثاء ٠٣ أكتوبر ٢٠٢٣
لفتت انتباهي في الأيام الماضية بعض الأخبار المتفرقة عن مهاجري القوارب الذين يخاطرون بأنفسهم في أثناء الفرار من بلدانهم إلى أوروبا، إما هرباً من الحروب والصراعات التي تدور في بعضها، وإما هربا من الفقر والجوع وانعدام فرص العمل ومصادر الرزق في بعضها الآخر، عابرين البحر في قوارب تفتقر إلى أدنى شروط السلامة، وسط أمواج تلقي بهم إلى المجهول، أو تبتلعهم قبل أن يصلوا إلى أرض الأحلام التي يرون فيها خلاصهم. يقول أحد هذه الأخبار إن أكثر من 2500 مهاجر قضوا أو فقدوا في أثناء محاولتهم عبور البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا منذ مطلع هذا العام، وفق مديرة مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في نيويورك، التي قالت إنه حتى 24 سبتمبر الماضي تم إحصاء أكثر من 2500 شخص بين قتيل ومفقود في الشهور الماضية من هذا العام. ويمثل هذا الرقم زيادة بمقدار الثلثين، مقارنة بـ1680 شخصاً في الفترة نفسها من سنة 2022. وشدّدت المسؤولة الأممية على أن «أرواحاً تُزهق أيضاً على الأرض بعيداً عن أنظار الرأي العام». وأشارت إلى أن «الرحلة من غربي أو شرقي إفريقيا والقرن الإفريقي إلى ليبيا ونقاط انطلاق على الساحل تظلّ من أخطر الرحلات في العالم». وبحسب الأرقام التي أعلنتها المسؤولة الأممية، وصل في الفترة من مطلع العام وحتى 24 سبتمبر الماضي 186 ألف مهاجر…
الثلاثاء ٢٩ أغسطس ٢٠٢٣
يحدث كثيراً أن نعود إلى صورنا القديمة، التي باللونين الأبيض والأسود غالباً، تلك التي تجمعنا مع عدد من الأصدقاء رفاق الطفولة وزملاء الدراسة، بأشكالنا الأولى، التي لا نكاد نعرف منها أنفسنا، وملابسنا التي لم تعد مقاساتها اليوم تناسبنا. يحدث هذا، فيجعلنا نعود إلى الوراء، نبحث عن الأماكن التي غادرناها إلى غير رجعة، ننقب في تفاصيل الصورة، نفكر؛ كيف كنا وكيف صرنا، ولكن هل خطر ببال أحدنا أن يتتبع أحوال أصحاب الوجوه التي تظهر في تلك الصور ليعرف مآلاتهم اليوم؟ عندما وقف الأستاذ جون كيتينغ في فيلم «مجتمع الشعراء الموتى» مع تلاميذه أمام صور الطلبة الذين سبقوهم إلى الدراسة في أكاديمية ويلتون، وكانت باللونين الأبيض والأسود، داعياً إياهم إلى تأمل وجوه أصحابها الذين غدوا سماداً للنرجس، كان يريد أن يوصل إليهم رسالة مفادها أنهم سيغدون أيضاً سماداً للنرجس يوماً ما، لذلك عليهم أن يعيشوا حياتهم ويستمتعوا بها. لم يتتبع أحد مسار حياة كيتينغ وطلبته، لكن الصحافية الأمريكية «ألي روسيان» قامت بتتبع مسار حياة روبن ويليامز، الممثل الذي قام بدور كيتينغ، وحياة الممثلين الذين قاموا بأدوار طلبته في الفيلم، وقدمت تقريراً عما جرى لهم خلال 30 عاماً، هي المدة التي انقضت منذ عرض الفيلم عام 1989 وحتى عام 2019 الذي نشرت التقرير فيه مجلة «People». يقول التقرير إن فيلم (Dead Poets Society)…
الثلاثاء ٢٢ أغسطس ٢٠٢٣
كان الأستاذ يشرح لطلابه درساً عندما قفز فجأة فوق الطاولة، وسألهم: ■ لماذا أقف هنا.. ليُجب أيُّ منكم؟ رد أحدهم: ■ لكي تشعر أنك أطول. قال الأستاذ: ■ لا.. شكراً لمشاركتك سيد دالتون. أقف على الطاولة لكي أذكّر نفسي أنه يجب وباستمرار أن ننظر للأشياء بطريقة مختلفة. دار حول نفسه، ثم قال: ■ العالم يبدو مختلفاً من هنا. لا تصدقونني؟ تعالوا لتروا بأنفسكم، هيا، تعالوا حيث تظنون أنكم تعرفون شيئاً يجب أن تنظروا إليه بطريقة أخرى، حتى لو بدا سخيفاً أو خاطئاً، يجب أن تحاولوا. حين تقرؤون، لا تهتموا بما يفكر به الكاتب فقط، بل اهتموا بما تفكرون به أنتم. يجب أن تبذلوا جهداً لكي تجدوا صوتكم الخاص بكم لأنه كلما انتظرتم أكثر لكي تبدؤوا قلّت حظوظكم في إيجاده. ثورو قال: «معظم الناس تعيش بإحباط صامت». (هنري ثورو كاتب وشاعر وفيلسوف أمريكي). لا تقبلوا بهذا، انطلقوا، لا تمشوا على الحافة كحيوان اللاموس، انظروا حولكم، امتلكوا الشجاعة كي تخطئوا وتجدوا أرضاً جديدة. كان الأستاذ يقول هذا بينما الطلبة يتناوبون على الصعود إلى الطاولة ليروا مشهد الصف من فوقها، قبل أن ينهي كلامه قائلاً: ■ بالإضافة لمواضيعكم، أريدكم أن تقدموا شعراً من تأليفكم، عملاً أصلياً. قالها وهو يغادر الصف مردداً لحناً مرحاً. كان هذا مشهداً من الفيلم الأمريكي Dead Poets Society (مجتمع…
الثلاثاء ٢٧ يونيو ٢٠٢٣
قبل سبعة أعوام من الآن، في مثل هذه الأيام المباركة، يوم الاثنين العاشر من شهر ذي الحجة عام 1437 هجرية، الموافق للحادي عشر من شهر سبتمبر عام 2016 ميلادية، كتبت في هذا المكان مقالاً تحت عنوان «أمة تنتحر». كان المقال عن حال الأمة الذي وصفه وقتها الشيخ عبد الله بن بيه، أحد أكبر علماء الأمة المعاصرين، بأنه كارثي. ويوم الاثنين التاسع من شهر ذي الحجة عام 1439 هجرية، الموافق للعشرين من شهر أغسطس عام 2018 ميلادية، كتبت مقالاً في هذا المكان تحت عنوان «أمة تختنق». كان المقال عن حال الأمة أيضاً. قلت فيه إننا أمة تختنق بأفكار الظلاميين المارقين، الذين يدعون إلى العنف والقتل وإبادة الجنس البشري، ويدّعون أنهم وحدهم من يمثل الأمة، وكأنهم هم من تلقى الوحي من السماء، أو من كُلِّف بأداء الرسالة وهداية البشر. ويوم الاثنين التاسع من شهر ذي الحجة عام 1442 هجرية، الموافق للتاسع عشر من شهر يوليو عام 2021 ميلادية، كتبت في هذا المكان أيضاً مقالاً تحت عنوان «أمة تنتظر». قلت فيه إننا أمة تنتظر من يقرر لها مصيرها بعد كل الأزمات والانتكاسات والخيبات التي مرت بها، ولم تتعلم منها دروساً تنفعها في قادم الأيام. ويوم الثلاثاء الثالث عشر من شهر ذي الحجة عام 1443 هجرية، الموافق للثاني عشر من شهر يوليو عام 2022…
الثلاثاء ٢٨ مارس ٢٠٢٣
تعوّد الكُتّاب أن تخضع كتاباتهم للتدقيق اللغوي، كي يتم تفادي الأخطاء النحوية والإملائية التي كثيراً ما يقع بعضهم فيها لضعف في تكوينهم اللغوي أو سهواً. وليس سراً إذا قلنا إن هناك كُتّاباً كباراً ذوو أسماء لامعة، لو نُشرت كتاباتهم دون أن تمر على المدققين اللغويين، الذين ما زالت بعض الصحف تحتفظ بهم، لرأينا فضائح من الوزن الثقيل، نتيجة أخطاء لا يقع فيها طالب في المرحلة الإعدادية، ولن نقول الابتدائية كي لا يقال إنها مبالغة منا. هذه حقيقة يعرفها العاملون في مجالات الصحافة والأدب والنشر بفروعها المختلفة، قد نتقبلها باعتبار أن هناك كتاباً موهوبين ذوو أساليب جميلة في الكتابة، ولكن تنقصهم مهارة إجادة قواعد اللغة، التي لو بذلوا جهداً قليلاً في تعلمها لاستطاعوا تفادي الأخطاء التي يقعون فيها، وهي أخطاء يرون من وجهة نظرهم أنها لا تعيب الكاتب إذا كان ذا اسم رنان وتأثير كبير في المجتمع، مع أنني أختلف معهم. ولو أتيح لنا أن نطلع على مقالات هؤلاء الكُتّاب قبل مرورها على التدقيق اللغوي، لتضاءلت مساحة الانبهار والإعجاب بهم لدى أولئك الذين يتمتعون بغيرة كبيرة على لغتهم العربية، وحرص كبير على أن يكون ما يكتبون خالياً من الأخطاء قدر الإمكان، ويغمرهم شعور بالخجل عندما يلفت نظرهم بعض الأصدقاء المدققين، الذين ينظرون بعين الدودة الملتصقة بالأرض، لا بعين الصقر المحلق في…
الإثنين ١٦ مايو ٢٠٢٢
بانتخاب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، رئيساً لدولة الإمارات العربية المتحدة، تكون مرحلة جديدة في تاريخ دولة الإمارات قد بدأت، ويكون عهد جديد مشرق المعالم قد دخل حيز تاريخ هذه الدولة، التي قامت على المحبة والتآلف ووحدة الهدف والمصير. هذا الانتقال السلس للسلطة، وهو ليس غريباً على قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة، إنما يدل على أن هذه الدولة، تستمد بقاءها واستمرارية مسيرتها، من الإجماع الذي جعل مؤسسيها الأوائل يجمعون أمرهم على نبذ الاختلاف، الذي طالما أودى بالكيانات والدول عبر التاريخ، وعلى وحدة الرأي والرؤية والهدف، وعلى ضم الجهود للمضي قدماً في تحقيق كل ما فيه مصلحة الوطن والشعب والأمة. يتضح هذا من تصريحات أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات، فقد وصف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أخاه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بأنه (ظل زايد وامتداده فينا، ومؤسس مئوية دولتنا، وحامي حمى اتحادنا، نبارك له، ونبايعه، ويبايعه شعبنا.. وتنقاد له البلاد كلها، ليأخذها في دروب العز والمجدد والسؤدد، بإذن الله). هذه الكلمات الصادرة من قلب قائد محب، هو صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، الموجهة إلى قائد محبوب، هو صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل…
الثلاثاء ٠٣ مايو ٢٠٢٢
حب من طرف واحد؛ هذا هو التعبير الأكثر لفتاً للانتباه الذي وصف به المحللون ومحررو صفحات التكنولوجيا العلاقةَ بين الملياردير الأمريكي المثير للجدل إيلون ماسك، ومنصة التواصل الاجتماعي الشهيرة تويتر. ربما كان لهذا الوصف أسباب، لكن الواقع أن هذا الحب الذي هو من طرف واحد، هو طرف إيلون ماسك، انتصر أخيراً، فاستولى ماسك على المنصة كلها، وأصبح الحبيب والمالك الشرعي لها، بعد أن دفع مهراً خرافياً مقداره 44 مليار دولار، وهو مبلغ يفوق كثيراً عدد متابعيه على المنصة، الذي يبلغ 83.8 مليون متابع قبل شرائه للمنصة، وإن كان هذا العدد ليس بالقليل وفق حسابات وقواعد منصات التواصل الاجتماعي المتعارف عليها. ربما يتبادر إلى الذهن أن هدف ماسك من صفقة ذات رقم خرافي مثل هذا هو الربح، خاصة وأن رجلاً مثل ماسك يحسبها بالسنت قبل الدولار، لكن ماسك يستبعد هذا الهدف، ويقول في تصريح مثير للتساؤل، ولكن ليس للاستغراب؛ إنه غير مهتم بجني الأرباح من وراء ذلك، فهو لديه الكثير، ويمكن لأصحاب المليارات أن يكون لديهم أولويات مختلفة، مؤكداً أنه يرغب في رؤية «تويتر» تحقق إمكاناتها غير العادية. تغريدات ماسك على منصة تويتر، قبل امتلاكه لها، لم تكن مثيرة للجدل فقط، بل كانت رافعة خافضة لأسهم بعض الشركات، ومنها شركته الأشهر «تيسلا» للسيارات الكهربائية. فقد تسببت تغريدة دوّنها عام 2020 على…
الإثنين ٠٤ أبريل ٢٠٢٢
لا أعرف من أين جاء الإلهام للزعيم الثوري الفرنسي جورج دانتون، الذي قال وهو يساق إلى المقصلة من قِبَل رفاق الأمس، إن «الثورة تأكل أبناءها». كان دانتون محامياً وخطيباً بارعاً من زعماء الثورة الفرنسية وواحداً من الذين أنشأوا محاكم الثورة، ولكنه اختلف مع روبسبير على كثرة الإعدام والعنف المبالغ فيه، فكلفه ذلك حياته. اتُهم زوراً بأنه يتآمر لإعادة الملكية، وكان من الذين اتهموه بذلك روبسبير، فقُطِع رأسه بالمقصلة في السادس من شهر إبريل عام 1794 وهو في السادسة والثلاثين من عمره. بعد أقل من 3 شهور كان روبسبير نفسه يقاد إلى المقصلة مع 100 من أتباعه ليُعدَموا جميعاً، بعد أن وصل عدد الذين أُعدِموا على يده إلى ستة آلاف شخص في ستة أسابيع. ذهب دانتون وبقيت مقولته الشهيرة «الثورة تأكل أبناءها»صحيح أنها كانت ليلة، ولكنها ليست مثل أي ليلة، ففيها تتحدد مصائر وتُكتَب حياة لأناس وتُسلَب حياة من أناس. إنها ليلة الحسم الذي إنْ لم يأتِ في وقته فإنه لن يأتي أبداً. «ليلة السكاكين الطويلة» هو الاسم الذي أُطلِق على الليلة التي تخلص فيها الزعيم الألماني أدولف هتلر من رفاقه الذين أوصلوه إلى السلطة، بعد أن علم أنهم يخططون للإطاحة به في ليلة هم الذين أطلقوا عليها هذا الاسم، فإذا بالسكاكين التي أعدوها للقضاء عليه تصل إلى رقابهم هم قبل…
الثلاثاء ١٥ فبراير ٢٠٢٢
أعادت وفاة الطفل المغربي ريان، عليه رحمة الله، إلى الواجهة مرة أخرى، مأساة الطفل السوري فواز، وصرخاته هو يبكي متوسلاً لخاطفيه أن يتوقفوا عن ضربه، قائلاً لهم: «مشان (من أجل) الله لا تضربوني». في حادثة الطفل المغربي ريان، ظلت أعصاب العالم مشدودة، على مدى خمسة أيام، وهو يتابع عمليات محاولة إخراجه من البئر التي سقط فيها، يحدوه الأمل في أن يتم إخراجه منها سالماً، رغم أن هذا الأمل كان يتضاءل بمرور الوقت، حتى كانت الفاجعة بإعلان وفاته بعد إخراجه من البئر مباشرة. كان حادثاً مأساوياً بحق، صرف أنظار العالم مؤقتاً عن متابعة الأخبار السياسية، وأنباء الحروب والصراعات، التي ما فتئت تدور على سطح الكرة الأرضية، ليوحدها وهي تتابع أخبار طفل صغير، وقع في بئر مهملة، في قرية لم يكن الكثيرون يعرفونها، حتى وقوع هذا الحادث. لقد كانت لحظة مواتية، كي يقوم الساسة والعسكريون، وكل الذين يشعلون الحروب في كل مكان، بمراجعة أنفسهم قليلاً، والالتفات إلى الجانب المضيء الذي نسوه أو أهملوه أو تجاهلوه من نفوسهم، ليعودوا بشراً أنقياء، كما خلقهم ربهم قبل أن يغيروا فطرته، وكما أراد لهم خالقهم أن يكونوا، لا كما تدفعهم إليه نفوسهم الأمارة بالسوء، حيث الجانب الأكثر سواداً وظلمة منها، وحيث إراقة الدماء، ونشر الخراب بمختلف الحجج. ثمة جوانب كثيرة جميلة وباعثة على التفاؤل، ظهرت أثناء…
الإثنين ٠٩ أغسطس ٢٠٢١
ما الذي يدعو سيدة منحدرة من عائلة إقطاعية، تلقت تعليمها في جامعتي هارفارد بالولايات المتحدة الأمريكية وأكسفورد بالمملكة المتحدة، إلى التضحية بحياة الرفاهية التي كان يمكن أن تعيشها، وقضاء سنوات عمرها بين السجون والمعتقلات والإقامات الجبرية والمنافي، والتعرض لمحاولات الاغتيال كي تقضي نحبها وهي في الرابعة والخمسين من عمرها، بعد أن سجلت اسمها أول امرأة تنتخب لرئاسة الحكومة في دولة إسلامية؟ كان هذا هو السؤال الذي ظل يلح عليّ وأنا أقرأ كتاب «ابنة القدر.. بنازير بوتو.. سيرة ذاتية»، الذي يسلط الضوء على حياة السيدة التي تولت رئاسة الوزراء في باكستان مرتين، والذي صدر بعد اغتيالها بثلاث سنوات. كان من المفروض أن يكون مستقبل بنازير، أو «بي نظير» كما يكتب البعض اسمها، مشرقاً بعد أن تلقت تعليمها في أرقى جامعتين غربيتين، لولا تحوُّل مسار حياتها بعد الانقلاب العسكري الذي قاده الجنرال ضياء الحق عام 1977 ضد والدها ذوالفقار علي بوتو، الذي شغل منصب رئيس الجمهورية عام 1971 بعد الحرب بين باكستان والهند وانفصال باكستان الشرقية عن الغربية وتقديم الرئيس يحيى خان استقالته. ثم شغل منصب رئيس الوزراء عام 1973 بعد إقرار الجمعية الوطنية للدستور، قبل أن ينقلب عليه رئيس أركان جيشه الجنرال ضياء الحق عام 1977م، ثم يحكم عليه بالإعدام وينفذ الحكم في 4 أبريل 1979، رغم المناشدات الدولية العديدة بعدم…
الإثنين ٠٢ أغسطس ٢٠٢١
مثلما انطلقت الشرارة الأولى من تونس في شهر ديسمبر 2010 عندما أحرق محمد البوعزيزي نفسه في الحادثة الشهيرة التي أطلقت عاصفة النيران التي أشعلت المنطقة العربية، تعود تونس بعد عقد من الزمن لتصحح الصورة، فكيف لنا أن نفسر ما حدث على مدى عشر سنوات عاصفة، وكيف لنا أن نتوقع ما سيحدث في ضوء بصيص الأمل الذي لاح لإعادة عربات القطار إلى المسار الصحيح بعد أن سقطت الأقنعة وانكشفت النوايا؟صحيح أن أحداً لم يتوقع أن تجري الأحداث على النحو الذي جرت عليه منذ ذلك التاريخ، وصحيح أن أكثر الناس قدرة على التوقع لم يتصور أن تتهاوى بعض الأنظمة العربية وتتداعى بهذه السهولة مثل أحجار الدومينو. ربما كان وراء ما حدث نيات طيبة أخرجت غالبية الناس إلى الشوارع لتصحيح الأوضاع التي كانت تسير نحو الانحدار، لكن الحقيقة أن هناك أصحاب نيات خبيثة استغلوا ما حدث لتحقيق أجندات خفية وقفزوا إلى السلطة. لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً، إذ سرعان ما انكشف المشهد عن جماعة كانت تختبئ في الحقول المجاورة بانتظار اللحظة المناسبة لجني الثمرة، وكانت الثمرة هذه المرة أكبر مما تصورت الجماعة، إلى درجة أنها أطارت عقول قادتها، وأفقدتها الحذر الذي تحلت به طوال عقود من الزمن. ربما لم تكن فكرة الوصول إلى سدة الحكم في البداية واردة في أذهان قادة الإخوان، بدليل…
الإثنين ٢٦ يوليو ٢٠٢١
يبدو أن الأفغان على موعد مع المزيد من الأعمال الروائية عن بلدهم أفغانستان بعد قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن مغادرة القوات الأمريكية لأفغانستان نهائياً بحلول 11 سبتمبر من هذا العام، في الذكرى السنوية العشرين للهجمات التي شنها تنظيم القاعدة بمساعدة جماعة طالبان على برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك عام 2001. فبعد عشرين عاماً من الحرب التي تكبدت الولايات المتحدة وحلفاؤها فيها خسائر بشرية ومادية كبيرة، قررت الرحيل عن أفغانستان، تاركة الأمن للحكومة الأفغانية التي يعلم الجميع أنها عاجزة عن القيام بهذا الدور، بدليل أن حركة طالبان قامت باجتياح عشرات المقاطعات وسيطرت على العديد من مناطق العبور، قبل أن تكمل القوات الأمريكية وقوات الحلفاء الانسحاب من الأراضي الأفغانية، وسط مخاوف من اندلاع حرب أهلية جديدة، في إعادة لسيناريو ما قبل الحادي عشر من سبتمبر 2001. تعيدنا الأوضاع الراهنة والتوقعات المستقبلية إلى روايات مهمة من الأدب الأفغاني لكتّاب أفغان رسموا صورة قاتمة للأوضاع في بلدهم، والصراعات التي جرت على أرض أفغانستان بين الجماعات المسلحة التي تشكلت منها منظومة التركيبة الأفغانية العرقية والدينية والسياسية في أفغانستان بعد رحيل السوفييت عنها عام 1989م، والتي انعكست واقعاً مأساوياً على أوضاع الكثير من أفراد المجتمع الأفغاني وفئاته المختلفة، هذا الوضع الذي صورته روايات مثل «ألف شمس مشرقة» لخالد حسيني، و«حجر الصبر» لعتيق رحيمي، وقبلهما رواية…