الثلاثاء ٠١ يناير ٢٠١٣
أحمد لأخي الكريم (وبلدياتي) النبيل، عائض بن عبدالله القرني، أنه تصرف بحضارة وشيمة إنسانية وهو يجتهد كي يحصل على رقم زميلنا، مراسل "الوطن"، عبدالمحسن الفاران، ثم يتصل به معتذراً لما حصل عليه من اعتداء من قبل أحد مرافقيه بعد سؤال اعتيادي لا مشاحة فيه، لكن تقديري لأبي عبدالله لن يمنعني من الطلب إليه أن يمتحن صدى رسالته الدعوية الوسطية المتسامحة التي كنا نظن (معه) أنها ستصل إلى عشرات الآلاف من محبيه، فإذا بها لم تصل إلى أقرب من يسير معه في الركب والرفقة، وإذ بالمرافق يستخدم الشتم والدفع لأن (واحداً) رمى بسؤال مختلف إلى فضيلة الشيخ. ومن تجربتي، فلا شيء يسيء لصورة الكبار من ميدان العمل الدعوي بأكثر من هؤلاء الجنود المتطوعين من كتائب (الحرس الدعوي) الذي يرافق في العادة فضيلة أي شيخ، دائماً تجدهم متجهمين (متحشرين)، وطابوراً مرتصاً وكأنهم ذاهبون لغزوة تنتشل الفضيلة من براثن الرذيلة. وذات (مقال) كتبت محاوراً شيخاً علماً لا يعرف هذا (الحرس الدعوي) ما بيننا من المودة والعلاقة الأخوية الدافئة، وظهر اليوم التالي تلقيت اتصالاً من أحد جنود هذا (الحرس الدعوي) شاتماً معنفاً لأنني كتبت اسم (صاحبي) بلا ألقاب الزمان المترادفة قبل اسم فضيلة الشيخ العلامة الدكتور الداعية. ولما اتصلت بالشيخ نفسه ضحك وهو يذكرني أن كتب الحديث الشريف تنقل رواياته مجردة (عن جابر بن…
الإثنين ٣١ ديسمبر ٢٠١٢
كل الأسئلة المشرعة في الأسبوع الجاري حول الميزانية العامة للدولة أسئلة صحية لمناخ اقتصادي زاهر رائع في بحر عالم مضطرب ومتقلب. وفي وسط الهاوية المالية التي تطل من جديد على هذا العالم برأس ثقيل فنحن على النقيض نحقق من الفائض المالي ما يزيد على ربع الإيرادات للعام المنصرم. ولكن: ما هي الأسباب التي تجبرنا على تحقيق هذا الفائض تقريباً بذات الأرقام للعام الثالث على التوالي وهل توجد لدينا مصلحة من تحقيقه؟ هل يعكس هذا الفائض الضخم حجماً إنتاجياً صناعياً، وبالتالي يذوب القلق لأسباب هذا الفائض؟ وجواب السؤال الأخير هو المدخل للسؤال الذي يسبقه. كل قصة الإيرادات المالية في الموازنة العامة تدور في الغالب حول الإنتاج النفطي وهذا ما يدعو إلى القلق لأن حجم الفائض لا يمثل قيمة إنتاجية لاقتصاد البدائل. وهنا سيكون السؤال: لماذا نضطر (الآن) لبيع ما يقارب ربع إنتاجنا من النفط على غير حاجتنا الملحة إليه؟ ما هي الأسباب التي تدفعنا إلى إنتاج عشرة ملايين برميل في اليوم الواحد رغم البراهين أننا لسنا في حاجة لأكثر من سبعة ملايين من ذات المنتج؟ كل ما أعرفه جيداً أن لدينا استقلالا تاما في قرارنا النفطي وفي تقرير حجم الإنتاج وكل ما أعرفه بالبرهان أننا لا نلعب دور (المنتج المرن) المرجح لحاجة السوق إلى السلعة. نحن إذاً بحاجة إلى تفسير إنتاجنا…
الخميس ٢٧ ديسمبر ٢٠١٢
اخترعت بريطانيا في سبعينيات القرن الماضي فكرة صحافة (التابلويد) لكسر رصانة السائد. لتسلية (الأتباع) من رتابة الطقس، ولقتل الملل لدى القراء من زحام المواصلات العامة. أشهر علامات (التابلويد) الإنجليزية اليوم هي الصفحة الثالثة من صحيفة (الصن) التي يصطف عليها (الأتباع) صباح كل أحد لمعرفة عناوين وصور الإثارة، لقراءة اللغة الرخيصة ومشاهدة الصور الفضائحية. وعلى هذه المقاربة والمقارنة، لا يوجد لدينا صفحة ثالثة وأسبوعية من صحيفة (الصن). لدينا (تغريدات) الإثارة على هذا الجنون (التويتري) الذي حوله بعض هواة الإثارة إلى صفحة ثالثة من (الصن)، فمن هم هؤلاء بالأوصاف والسيمياء؟ هو (المثقف التابلويد) الذي يتحول إلى نسخة من برامج ما يطلبه الجمهور كي يشعر بالزهو حين يتحول نهاية المساء بتغريدته إلى (هاشتاق) في أقصى يسار الصفحة التويترية. هو المثقف الذي يعتقد أن ذروة سنام الليبرالية أن تحاكم (نصا) قرآنيا مقدسا بأن تجتزئ نصف آية من آيات الاختلاف على تغريدة تويترية. هو المثقف الذي يعتقد أن ذروة الليبرالية هي أن تدغدغ الأتباع بتغريدة تغرس دبوسا في الثوابت، مع الوهم، أن الثابت سيكون متحولا بمجرد تغريدة واحدة. المثقف التابلويد هو على النقيض، ذلك الداعية الذي يدغدغ (الأتباع) بخطورة أفلام الكارتون على (MBC). بينما هو الضيف الثابت على قناة (LBC) اللبنانية في شهر رمضان المبارك. المثقف التابلويد هو بطل التغريدة الشهيرة للتحذير من قناة في…
السبت ٢٢ ديسمبر ٢٠١٢
يقول الخبر الذي نشرته الزميلة (الشرق)، بالأحمر، على صفحتها الأولى بالأمس إن أعضاء في مجلس الشورى رفضوا عشاء وزير العمل، يوم بعد غد، لأنه (لا يجوز برلمانياً أن يقبل (التشريعي) دعوة (التنفيذي). السؤال هنا عن قانونية عشاء معالي الوزير. وخلال عامين من ثورة الإخوة في مصر سمعت مصطلح (الفصل بين السلطات) مئات المرات حتى مللت المصطلح. عشاء معالي الوزير لأعضاء من مجلس الشورى ليس توأمة بين (السلطات) فحسب، بل حتى ما بين المرقوق والمحشي والمفطح. الفكرة تكمن على أي (تشكيل) للحروف ستقرأ مصطلح مثلث (السلطة). وبالطبع، فقد قرأت أن دعوة معالي وزير العمل لأعضاء الشورى (ستكون) لمناقشة قرار الزيادة في رسوم تأشيرة الاستقدام السنوية في الضجة المدوية إلى 2400 ريال. أعضاء المجلس، أو بعضهم، يقول إن دعوة معالي الوزير كان يجب أن تكون قبل القرار لا بعده. هنا سأكون واضحاً لأقول: إن معالي الوزير لم يدرك دوره التنفيذي بدلائل تشريعاته المتتالية للقوانين التي يجب أن تكون بالنظام من اختصاصات المجلس التشريعي، وفي المقابل، فإن بعض أعضاء مجلس الشورى بحاجة إلى دورة مكثفة لفهم طبيعة العلاقة ما بين مثلث السلطات. فصل السلطات لا يمكن حصره في الامتناع عن تلبية دعوة عشاء لمعالي الوزير، لأن هذا قانوني جائز في كل قوانين الدول، فصل السلطات يكمن في إصرار الأعضاء الكرام على أنهم مصدر…
الإثنين ١٧ ديسمبر ٢٠١٢
مشكلة أطراف هذا الوطن الكبير الهائل مع حقوق أهلها في البناء والتنمية هي مشكلة لب الإشكال المشبوه في العلاقة ما بين المسؤول المركزي وبين المؤتمن على الإدارة في النهاية الطرفية. عندما يأتي المسؤول الأعلى من الرياض، يبدأ المسؤول الطرفي حفلة الحنيذ والمغش والمنسف. يبدأ الاستقبال الفاره من الصالة التنفيذية للمطار وتبدأ الجولة في سيارة مستأجرة تأتي على (سطحة) من الرياض ثم تعود إليها بعد ختام زيارة صاحب السعادة. وعادة يصل إلينا في الأطراف سعادة (المسؤول) المركزي بعد المغرب على آخر طائرة تصل للمكان. ومباشرة يأخذون سعادته إلى أرقى الأجنحة في أهم الفنادق. يحتاج سعادته إلى ساعتين للراحة والاستجمام قبل أن تبدأ حفلة الحنيذ والمغش. وبالطبع ستجد كل أركان الإدارة الفرعية الطرفية في أرجاء البهو الفندقي في انتظار إطلالة معالي الوزير أو صاحب السعادة. وعلى حفلة الحنيذ والمغش سيستمع معاليه إلى مقدمات التمهيد: كل المواطنين الذين سيقابلونه غدا أصحاب سوابق ومشاكل، كل الكتاب الذين يطلبون لقاء معاليه أصحاب مصالح وتوجهات، كل الإعلاميين الذين سيسألونه صباح الغد هواة إثارة واختلاق مشاكل. مشكلة الأطراف مع التنمية تكمن في العشاء الابتدائي الأول على تيس من حنيذ على رأس هذا (التيس) تبدأ حفلة التبرير. النفق الذي دام لعشر سنين كان بسبب المقاول مع وعد بنهاية المأساة في الزيارة القادمة لمعالي الوزير. اليتيم الذي شاهدت الدنيا…
الثلاثاء ١١ ديسمبر ٢٠١٢
أي حديث أمين وآمن مع مصر لا يجب أن يتوقف عند الجذوة الملتهبة بل يجب أن يذهب إلى الجذور في الصورة الأصل: كيف بدأ الحريق؟ في الخطأ التاريخي ما بين الناخب والرئيس المنتخب. أربعون مليوناً يذهبون لصندوق الاقتراع على العقد الاجتماعي في برنامج فخامة الرئيس وهم بالطبع يدركون كل فقرة في برنامجه الانتخابي بملفاته الأربعة: حجم رغيف الخبز وزحمة السير عند إشارة المرور ونظافة الشارع العام. ملفات تصلح بامتياز لمسؤول صوامع الغلال ورئيس قلم المرور ومدير عام الخدمات بالبلدية، ولا تليق أبداً برئيس دولة بحجم مصر وتاريخ مصر وواقع ومستقبل مصر. ومرة أخرى ليست هذه جناية (الجماعة) على مصر فحسب، بل أيضاً هي الكارثة التي لا بد أن يمر بها أي مجتمع في السنة التحضيرية لجامعة الديموقراطية. زعيم من أجل الخبز والمرور ومستوى النظافة. هيلمان مكثف من الدعاية الانتخابية الجارفة دون أن يقف الناخب على السؤال الأهم: لماذا وكيف؟حشد تنظيمي يدفع بأربعين مليوناً لاختيار المرشح (الاحتياط). مرشح (آخر ساعة) ولو أن قدر مصر أن تختار (روبوتاً) يعمل عبر (ريموت) من جبل المقطم، وكلنا نكذب على مصر ونخون مصر إن لم نقل لها هذه الحقيقة. نغش الشقيقة مصر لأن أحداً لم يقل الحقيقة؛ أن ثلث ناخبيها لا يقرؤون بطاقة الاقتراع ولهذا كان الخبز والمرور والنظافة أوتاراً تلعب عليها (الجماعة) حين تتحالف…
الأحد ٠٢ ديسمبر ٢٠١٢
كنت، وما زلت، على ثقة أن قراءة تفاصيل وجه الرئيس المصري، محمد مرسي، وكذا كيميائه الشخصية تقول إنه وجه ودود أبوي لطيف وطيب، مثلما أنا مؤمن أنه نزيه نظيف اللسان واليد. معضلة (التنظيم الإخواني) في كل مكان ليست في الرأس ولا في القلب: مشكلة التنظيم دائما، وكما لاحظت، هي في بعض النهايات الطرفية، مشكلة القائد (الإخواني) ليست من مناوئيه قدر ما تكون من أخيه. مرسي، في الأنموذج، لم يكن ضحية المرشد، بديع، ولا نائبه خيرت الشاطر. مشكلته بالضبط هي مع (أخيه) الأصغر الذي يظهر في كل مكان، يدفعه إلى الشكوك في الجميع، يصور كل شيء له على أنه مؤامرة. قصة محمد مرسي بالضبط هي مع العريان ومحمد البلتاجي وهما بالتحديد مثال لحفرة (الإخواني) بيدي أخيه. لم يشوه صورة مرسي وصورة (الإخوان) شيء مثل محمد البلتاجي كنهاية طرفية لقلب التنظيم. ظهور كثيف، وفي كل مكان، لا يبرهن على الاستحواذ فحسب، بل على الرتابة حد الملل. وحيثما بحثت عن (مصر) تجد البلتاجي في كل زاوية، في الفريق الاستشاري للرئيس، في مجلس حقوق الإنسان، في جمعية الدستور، في مجلس الشعب المنحل، في كل منصة من مليونيات الميادين، في حزب الإخوان وفي مجالسه المختلفة. صورة ثابتة حين يخطب الرئيس أمام الجماهير وأيضا ضيف متنقل كل المساء على غرف القنوات الفضائية. باختصار هو صورة تشويه…
السبت ٢٤ نوفمبر ٢٠١٢
..وكل القصة لم تكن في تواتر أجراس الموسيقى وعدد حروف الأسماء. الفارق أن مصر لم تستوعب لأنها أصلا وحتى اللحظة لم تستيقظ. لم تأخذ عبرة من كل دروسها في التاريخ، ولهذا لم يأت الزمن الفاصل ما بين (مرسي وحسني) إلا بما كان من أوجاع مصر وعللها التي لم تستدل إليها الطريق. من حكم العسكري إلى حكم الجماعة حيث الطاعة العمياء لشخص المرشد. لم تقرأ مصر قبل الانتخاب (كتالوج) الجماعة كي تعرف أن (التأمين) صفحة بعد (التمكين) رغم أن الصفحة مكتوبة منذ سبعين سنة. مصر لا تريد الاعتراف بأن مواردها لا تكفي في الحد الأدنى من الكفاف لثمانين مليونا مهما كانت وعود مشاريع النهضة. مصر لا تريد الاعتراف بأن اقتصاد مشروع النهضة لن يقوم ما دام هناك 400 مليار جنيه من الدعم الحكومي للسلع والوقود والصحة. مصر لا تريد الاعتراف بأنها لم تعد منارة ثقافية بعد أن وصلت نسبة الأمية إلى 40 ٪ من مجمل هذا الشعب بكل ما لهذه النسبة من تبعات الورطة.مصر لا تريد الاعتراف بأن التصريح بترخيص ما يقرب من 80 حزبا باسم الحريات لا يمثل إلا قصورا في الوعي وجهلا بأبجديات فكر المجتمع السياسي الذي لن يستقيم طالما كان هناك في المعدل حزب لكل مليون من السكان. مصر لا تريد الاعتراف بأن أكثر من 90 ٪ من…
الخميس ٠١ نوفمبر ٢٠١٢
في مسافة ثلاث ليال فقط، اضطر الدكتور محمد العريفي أن يسحب تغريدته معتذراً لأهل الكويت ومختتماً بالقول: عفا الله عما سلف. تذكرني نزعة العريفي التويترية بقصة – عابر سبيل – من قرون خلت، وهو يدخل قرية ثم شاهد أهلها في حشد عظيم على أطرافها فبادرهم قائلاً (أحسن الله عزاءكم) دون أن يتمهل ليعرف ما إذا كان الحشد لزواج أو عزاء أو ختان أو درس حصاد أو يوماً مفتوحاً للاحتطاب، وعندها أنكر عليه عقلاء القرية مبادرة العزاء، موضحين له أن القرية أنقذت – نائبها – من السيل ولا مكان لخيمة عزاء، وكل ما كان لهذا (العابر) إنما هو جهل فاضح بالتصور. أعتقد أن – العريفي – بادر بالاعتذار بعد أن صعقته ردود فعل ذات المدرسة من الكويت حين استنكروا فزعته، واقرؤوا ما قاله وليد الطبطبائي ومسلم البراك ووائل الحساوي ومشاري العفاسي ومحمد طبطبائي. أولهم قال له بالحرف "إنه أفتى بما لا يعلم، وآخرهم قال إنه لا يدري بأبعاد الأمور ويجهل طبائع وتركيبة المجتمع الكويتي، وإن هذه التغريدة مدعاة للإفساد لا للإصلاح، وقد سماها النبي المصطفى بالحالقة". ظن العريفي أن منسوبي مدرسته في الكويت سيطيرون الآفاق بفزعته فإذا به يفاجأ بأنهم وصموه بكل ما هو صادم وأنهم أول (من وضعه على البلاطة)، كما يقول المثل. وحتى على مستوى اللغة، يقول العريفي في…
الأحد ٢٨ أكتوبر ٢٠١٢
ومع أنني لست في حاجة للاستئذان من صديق الحياة، الزميل تركي الدخيل، على استعارة العنوان بعاليه، ولكنني سأردف فوق مدماكه عن الأسباب من (هربة) السعوديين إلى مليونية دبي. أختلف تماماً مع المبالغة الهائلة في الرقم لسببين: أولاً، لأن المدينة نفسها لا تحتمل، مثل كل مدن الدنيا، أن تضيف من السياح ذات عدد السكان، وهذه المبالغة لا يهضمها قانون السكان ومعياره، وثانياً، هم بالإحصاء، حمولة 300 طائرة من الحجم المتوسط، إضافة لحمولة 800 سيارة في أيام الذروة، كما تقول النشرة الرسمية لإدارة الهجرة الإماراتية. مع هذا ستبقى إجابة السؤال بحاجة إلى المكاشفة والصراحة والصدق: لماذا كانت مليونية السعوديين في دبي؟ دعونا نقل الحقيقة دون أن نكذب أو نتجمل. تشعر العائلة السعودية مثلما يشعر الشاب السعودي أنه في مقاهي وطنه وشوارعها وأسواقها في مربع حصار ودائرة محاذير. يشعر على الدوام أن العيون الرقابية من حوله لا ترى فيه إلا خطيئة متحركة أو قنبلة موقوتة لتفجير الرذيلة. وعلى النقيض، يقول نائب رئيس شرطة دبي، مساء البارحة، إن (المليونية) السعودية لم تفرز (أمنياً) غير ثلاث حالات من الجنح حتى اللحظة، ليس من بينها قضية تحرش. نحن لا نشاهد أنفسنا أسوياء إلا حين نختم جوازاتنا في محطات الوصول. مليونية السعوديين في دبي تعبير جماعي لرفض الاستغلال ولرفض الخدمات السياحية المترهلة. يكتشف السعودي في دبي أنه…
الأحد ٢١ أكتوبر ٢٠١٢
تكشف قصة الدكتور، راشد الغنوشي، زعيم إخوان تونس وحركة نهضتها، مع الأشرطة السرية المهربة لأحاديثه، ذات قصة حركة الإخوان المسلمين مع نتائج الربيع العربي في جمهورياته الثائرة. لم تستوعب الحركة حتى اللحظة، أنها على رأس الحكم، وأنها مدعومة بالجماهير، وأنها تعمل تحت الأضواء، وفي مرحلة التمكين والجهر. لا زالت حركة الإخوان المسلمين تتصرف في كثير من المواقف ذات تصرفاتها القديمة كحركة سرية. لا زالت تبرهن في كل مرة ومع كل طارئ سياسي أنه لا زال لديها – أجندة – سياسية خفية لا تستطيع أن تقولها في حملات الانتخاب، ولا أن تجهر بها في الخطب المعلنة، ولا تستطيع أيضاً أن تقولها علناً ضمن برامج وعودها للناخبين؛ خوفاً من ردة الفعل. وحتى الأمس، اضطر راشد الغنوشي ـ وفي أقل من عام واحد ـ أن ينفي أحاديثه السرية المسجلة، ثم عاد بعد النفي إلى التبرير بالاجتزاء وتحريف السياق، وعندما نشرت كاملة عاد ليحاول امتصاص ردة الفعل، راكباً تبرير التأويل، وأن الجمهور قد فسر أحاديثه بغير ما كانت تقصد. وما حدث للغنوشي، حدث للترابي من قبل يوم كان زعيماً جهرياً بجوار عمر البشير، وحدث أيضاً لزعيم حركة حماس بعد الانفصال عن الضفة. في الأحاديث المسربة، تبدو الجماعة واضحة ببرنامج سياسي غير الذي اقترعت عليه الجماهير، وفي كل الأحاديث المسربة للقيادات المختلفة، وفي الدول المختلفة،…
الخميس ١٨ أكتوبر ٢٠١٢
شعرت بسعادة لا توصف وأنا (أتقاطع) الأسبوع الماضي صدفة مع شابين من القعر المادي للتوزيع الاجتماعي، وعلى الرغم من ذلك ينجحان في وضع الخطوة الصحيحة الأولى في طريق طويل. الأول يتخرج طبيباً، وحين عاد لأهله في القرية المتعطشة للخدمات، احتفل أهله به وكما قال (على كبسة دجاج معتبرة). اشترى لأخيه الصغير أول لعبة بلاي ستيشن تدخل القرية، مثلما اشترى الجهاز الآخر (جماعياً) لبقية الأطفال يلعبون به أمام ساحة مسجد القرية. الثاني طبيب أسنان من عائلة أعرف أن الحاجة معها فيروس عالق بالعظام ووراثة من كابر عن كابر. وحين اتصلت به للتهنئة صيف العام الماضي كان حلمه الوحيد مثلما قال لي أن يرفع اسم أبيه الطاعن في السن عن سجلات الضمان الاجتماعي، لأنه أصبح (مسبَّة) منذ أربعين سنة، وأن يبني ثلاث غرف لعائلة أخرى، مبرة لأمه الراحلة، وأن يدفع لأخواته الكبار الخمس عيدية معتادة كان يحلم بها في أيديهن منذ عشرين سنة. مع مثل هذه النماذج التي تأتي من جوف الأرض إلى بوابة الحياة، نحن لا نصنع فرداً فحسب. نحن نضيء عتمة قرية كاملة، ونحن نغرس شجرة ظلال في قفر موحل مثلما نصنع من التراب شمعة تنير الطريق أمام العشرات من ذات الأقران والمجايلين الذين يشاهدون أملاً حياً في ذات بيئة الإحباط والحرمان والبؤس. ويخطئ من يظن أنني أكتب مجرد قصة…