علي سعد الموسى
علي سعد الموسى
كاتب عمود يومي في صحيفة الوطن السعودية

المثقف (التابلويد)

آراء

اخترعت بريطانيا في سبعينيات القرن الماضي فكرة صحافة (التابلويد) لكسر رصانة السائد. لتسلية (الأتباع) من رتابة الطقس، ولقتل الملل لدى القراء من زحام المواصلات العامة. أشهر علامات (التابلويد) الإنجليزية اليوم هي الصفحة الثالثة من صحيفة (الصن) التي يصطف عليها (الأتباع) صباح كل أحد لمعرفة عناوين وصور الإثارة، لقراءة اللغة الرخيصة ومشاهدة الصور الفضائحية. وعلى هذه المقاربة والمقارنة، لا يوجد لدينا صفحة ثالثة وأسبوعية من صحيفة (الصن). لدينا (تغريدات) الإثارة على هذا الجنون (التويتري) الذي حوله بعض هواة الإثارة إلى صفحة ثالثة من (الصن)، فمن هم هؤلاء بالأوصاف والسيمياء؟

هو (المثقف التابلويد) الذي يتحول إلى نسخة من برامج ما يطلبه الجمهور كي يشعر بالزهو حين يتحول نهاية المساء بتغريدته إلى (هاشتاق) في أقصى يسار الصفحة التويترية. هو المثقف الذي يعتقد أن ذروة سنام الليبرالية أن تحاكم (نصا) قرآنيا مقدسا بأن تجتزئ نصف آية من آيات الاختلاف على تغريدة تويترية. هو المثقف الذي يعتقد أن ذروة الليبرالية هي أن تدغدغ الأتباع بتغريدة تغرس دبوسا في الثوابت، مع الوهم، أن الثابت سيكون متحولا بمجرد تغريدة واحدة. المثقف التابلويد هو على النقيض، ذلك الداعية الذي يدغدغ (الأتباع) بخطورة أفلام الكارتون على (MBC). بينما هو الضيف الثابت على قناة (LBC) اللبنانية في شهر رمضان المبارك. المثقف التابلويد هو بطل التغريدة الشهيرة للتحذير من قناة في فصل الشتاء بينما هو الضيف الدائم في أستديو (بيروت) عندما تكون بيروت مقصدا في فصل الصيف. المثقف التابلويد هو الداعية الذي يظن أن المقاطعة الإعلانية هي الشامبو والحلوى وأمواس الحلاقة، ثم يقسم في تغريدة إلى (الأتباع) إن هذه المنتجات لن تدخل بيته، لكنه لم يقسم على العطور والطائرات والبنوك والتذاكر والمنتجعات والفنادق، ولم يقسم أيضا على ماركات السيارات الفارهة، وكلها أيضا تظهر في دعايات هذه القناة.

المثقف التابلويد هو من يخترق سكون الشتاء وركود الإثارة مع شدة البرد بتغريدة ساخنة يشتم فيها مذهبا مقابلا كي يبقى في (الجو) وكي لا ينساه الأتباع، يدفع (بتصبيرة) جديدة حتى يأتي برنامجه الديني فقرة ما بين سهرتين.

المصدر: الوطن اون لاين