الأربعاء ٢٤ أغسطس ٢٠١٦
حينما أدلى الكاتب المصري يوسف زيدان مطلع الأسبوع الماضي بتصريحه العجيب حول تاريخ العرب والجزيرة العربية قبل الإسلام، في أحد منتديات المغرب، استفزني تصريحه للوهلة الأولى، ثم أعدت مشاهدة المقطع المتداول على مواقع التواصل أثناء حديثه أمام مجموعة من الشباب والمثقفين المغاربة، بدا زيدان بعيداً تماماً عن هيئة المثقف العربي الملتزم بقضايا أمته، أو حتى الباحث المجتهد الذي يتحرى الدقة قبل أن ينطق، والموضوعية قبل أن يحكم. لم يظهر زيدان بهيئة المفكر أو الفيلسوف كما يطلق عليه في الصحافة، فللفيلسوف أو المفكر لغته العلمية الجادة وطريقة الإلقاء الحاسمة، وبلا شك فإن للمفكرين ألفاظاً وإشارات ولغة جسد تميزهم وتحفظ وقارهم وتأثيرهم في نفوس متابعيهم. بدا يوسف زيدان وهو يستدعي ضحكات الجمهور أشبه برجل يؤدي دوراً هزلياً على خشبة مسرح، ومنفعلاً بضحكات الجمهور وتصفيقه، ولم أكن قد حضرت له أية محاضرة في السابق، فحمدت الله أنه لم يفتني الكثير، إن رواياته الشهيرة (عزازيل) و(النبطي) و(محال) قد قدمته لنا مثقفاً عربياً معنياً بقضايا التسامح والسلام والتقريب بين الثقافات، بينما ما بدا في كلامه يتنافى، بل ويصطدم مع تلك التوجهات تماماً! شعرت بأن الرجل يفتعل معركة من نوع ما لهدف ما، ولذلك فهو إن احتاج تصحيح الرؤية انتصاراً للحقيقة فإنه لا يستحق أكثر، وقد تكفل أهل العلم والخبرة بأحوال الجزيرة وعلمائها وحضارتها بالرد عليه…
الجمعة ١٩ أغسطس ٢٠١٦
هذه تجربة مريض وقفت على كل تفاصيلها: في أحد المستشفيات الخاصة بالدولة، مرّ المريض الذي كان يئن من المرض، على أربعة أطباء خلال أسبوع واحد، كان من أصعب أيام حياته، ربما كانت بدايته مع الطبيب الخطأ، والخطأ هنا ليس في الطبيب أو في مستواه المهني، ولكن في معاينته لمريض ليس في نطاق اختصاصه ربما، ولذا، فإن ما ترتب على تلك المعاينة، قد وقع ضرره كاملاً على المريض وحده، بينما كسب الطبيب والمشفى والصيدلية، المال، وانتهى الأمر عندهم هنا، بينما استمرت معاناة المريض! في اليوم التالي مباشرة، عاد المريض للمشفى نفسه، وإلى عيادة الطوارئ تحديداً، مدفوعاً على كرسي متحرك لسوء حالته، وهناك فحصه طبيبان، ألغيا كل ما وصفه طبيب البارحة من أدوية، وكتبا له أدوية أخرى، مع موعد جديد مع طبيب آخر، ومرة أخرى، دفع المريض مبلغاً لعيادة الطوارئ، ومبلغاً للصيدلية، بينما تكفل التأمين بتغطية الجزء الأكبر من قيمة العلاج! بعد يومين من المعاناة، التقى الطبيب المختص، الذي طمأنه على وضعه، وجلس معه ما لا يقل عن ساعة، أسفرت عن وصفة أدوية جديدة، ألغت كل ما سبقها! وقبل أن يصرف الدواء، كان لا بد من دفع مبلغ من المال للطبيب، ومثله للصيدلية، وعاد لمنزله يحمل آلامه التي لم تهدأ أبداً، مع كيس أدوية ضخم!! بعد عشرة أيام من المعاناة، كان المرض…
الأربعاء ١٧ أغسطس ٢٠١٦
لا يعلم أي منا على وجه الدقة متى بدأت نظرة الناس وتقييمهم لبعضهم تتغير جذرياً وتنتقل من المعيار الأخلاقي للمعيار الظاهري أو المادي البحت! ما يعني أن تحولاً ذهنياً في نظرة الناس لبعضهم قد حدث في مجتمع لم يعرف أهله الطبقية ولا المبالغة في أي شيء، لذلك فإن أحداً لا يعلم متى بدأ الناس يميلون إلى هذه الطبقية وهذه الأحكام التي يعزوها الكثيرون للوفرة المادية التي أفرزت بدورها مرحلة سيادة المظاهر والحكم على الآخر بل ودفعه للانغماس فيها، حتى يكون مقبولاً ومرحباً به! إن تغير معايير الناس في تقييم بعضهم بعضاً قد حصل في ظل ظروف متشابكة، لكنه اعتبر أمراً واقعاً في كل مكان، الأمر الذي دفع بسيدة تزور لندن للمرة الأولى إلى الانتقال إلى مدينة أخرى لأن كل من كان يسكن معها في الفندق كانوا ينظرون إليها وإلى أبنائها بطريقة تنم عن السخرية وعدم القبول بسبب البساطة التي كانت تصر عليها في ثيابها وحركتها بينما هم يرفلون في الماركات العالمية من قمة الرأس حتى أخمص القدمين! لقد تغير الشكل العام للمجتمع وتغير الناس بالتالي وهو أمر حتمي وطبيعي في ظل التحولات الكثيرة الموضوعية والضرورية كتغير البنى التحتية للبلاد وتغير المدن والدخول ومستويات التعليم وأشكال البناء بسبب نواتج النمو والتنمية وكل ما فرضته الوفرة المادية وارتفاع دخول البترول. إن كل…
السبت ١٣ أغسطس ٢٠١٦
حتى الصباح المنصرم، وأثناء وجود ممثل إحدى شركات الصيانة في منزلي لتوقيع عقد لصيانة بعض الأمور المهملة في المنزل، وأنا أستمع بين فترة وأخرى إلى روايات عديدة لم تتفق يوماً حول المسألة السورية من حيث مسببات تفاقمها وآفاق الخروج منها، فكلّ يروي حسب رؤيته وحسب قربه أو بعده عما يحدث هناك، وأحياناً حسب الطائفة التي ينتمي إليها! ولو لم يكن كذلك لما تفاوتت التفسيرات واختلفت الرؤى، حتى صارت المعضلة السورية أكثر من أزمة، وأبشع من حرب، وأكثر تعقيداً من صراع مسلح، إنها أشبه بالمسألة الرياضية المعقدة التي يحاول كل طرف أن يحلها لصالحه، فيعمل على تعقيدها أكثر مما كانت عليه، لأن هذه المسألة تحديداً لا تحتمل أن يحلها شخص أو طرف واحد مهما بلغ معدل ذكائه. لذلك ذكرت لكم أنه حتى صباح البارحة وأنا أتحدث إلى ذلك الشاب السوري حول أمور لا علاقة لها بالسياسة أبداً من قريب أو بعيد، فإذا بالموضوع السوري يقتحم الحديث، وإذا بالشاب يستطلع رأيي بأدب جم، حين عرف بأن لي صلة بالإعلام والصحافة، وحين تحدث وأسهب أيقنت أن قضية سوريا لن تنتهي بالأمنيات والدعوات، لكنها تستلزم حصول أحد أمرين: إما معجزة إلهية، وإما اتفاقات حقيقية وجادة بين أطراف الصراع في سوريا وما أكثرهم، وما أبعد المسافات بينهم، أمر واحد يقرب أبعد المسافات في العلاقات السياسية…
الجمعة ١٢ أغسطس ٢٠١٦
نحن نعتقد بوجود الحسد والإصابة بالعين لأن ذلك مما جاء ذكره في القرآن ولا جدال في نفيه أو إنكاره، كما جاء في سيرة الرسول الكريم أنه تعرض للسحر فعلًا، وتم تدريسنا ذلك أيام المدرسة مع بعض المبالغات أحياناً، خاصة ونحن نعلم أن سيرة الرسول الكريم وأحاديثه قد زج فيها، ما يعرف بالأحاديث الموضوعة، وأحاديث السحر منها! المشكلة حين تصل هذه القضايا الفائقة الحساسية إلى بسطاء الناس وضعاف الدين وعديمي العلم، فيتداولون أحاديث ضعيفة على أنها صحيحة وأحاديث موضوعة على أنها من أصل الحديث ومن أقوى متونه، وخاصة بعد ازدهار تقنيات التواصل والاتصال، وانتشار مقولة (انشر تؤجر)، أو (إن لم تنشر فاعلم أن الشيطان قد منعك) وغيرهما!! فيما يخص العين والحسد، فإنك تجد عدداً من الناس ذهبوا إلى الاعتقاد بأنهم إما مسحورين أو محسودين، حتى أنه يخيل لك أن الناس قد انقسموا إلى قسم مسحور وقسم يتداول عمل السحر ويتردد على السحرة والمشعوذين، وهذه طامة كبرى، ولو أننا دققنا لوجدنا كثيراً من الناس يتعاملون بحذر شديد مع أهلهم وجيرانهم خوفاً من أن يتعرضوا للحسد أو للعمل »السحر« وبعضهم يتحفظ كثيراً في إظهار ما عنده أو يدعي عكس الحقيقة، فيدعي الفقر أو الحاجة أو المرض، درءاً للحسد، فإذا ضربهم طارئ أو مرض دقوا على الخشب وهرعوا للمشعوذين، وهو سلوك يتنافى مع الدين…
الإثنين ٠٨ أغسطس ٢٠١٦
ليس هنا تعريف محدد لحق الخصوصية بشكل متفق عليه في كل القوانين، كما أن هناك من لا يعتبره حقاً قانونياً منفصلاً كالحق في الحياة والتعبير والتنقل و.. إلخ، ما جعل خصوصية الأفراد عرضة للاختراق دائماً، وخاصة حين يكون هؤلاء من المسؤولين أو المشاهير، لقد قامت على ظاهرة اختراق خصوصية حياة هؤلاء صحافة عُرفت بالصحافة الصفراء أو صحافة الفضائح، بدأت في الولايات المتحدة وازدهرت فيها قبل أن تنتقل إلى كل العالم، وقد كانت الأميرة البريطانية ديانا واحدة من أشهر ضحايا هذه الصحافة، ما جعل بريطانيا تصدر قوانين خاصة فيما يخص الصحافة بشكل عام. المفارقة هي أنه كلما تطورت الحياة وتقنيات الاتصالات وزادت المطالبات لتأكيد حق الخصوصية، أصبح انتهاك هذه الخصوصية أكثر شيوعاً وسهولة، لقد كان الهاتف المنزلي مشتركاً، وكان بإمكان الأب أو الأم أن يرفعا سماعة الهاتف من غرفتهما ليعرفا مع من يتحدث ابنهما أو ابنتهما، اليوم اختفت هذه الهواتف وأصبح لكل فرد هاتفه الشخصي، لكن مراقبة هذا الهاتف والتنصت عليه باتا مشاعين، في ظل تطور برمجيات وفيروسات التجســـــس والفيروسات التي ترسل بأشكال وأنواع، لتنقل كل المعلومات في هاتف أي شخص إلى جهات مجهولة! يبدو واضحاً أن صحف الإثارة لن تحتاج إلى دفع المزيد من الأموال لقاء صور حصرية يلتقطها مصور سري يتعقب المشاهير لمعرفة أين سيقضون إجازاتهم، ومع من، وفي…
السبت ٠٦ أغسطس ٢٠١٦
أنصت باهتمام كبير لنقاشات تدور في بعض برامجنا الإذاعية مثلاً أو على بعض مواقع التواصل الاجتماعي، حول صورة الإنسان العربي بشكل عام أو صورة الخليجي بشكل خاص في الذهنية أو التصور الغربي، بناء على الطريقة، التي قدم أو يقدم بها العرب أو الخليجيون أنفسهم لهذا الغرب؛ في هذه الأيام الحاضرة أو خلال العقود والسنين الماضية كسلوكياتهم في بلاد أوروبا إذا ذهبوا للدراسة أو السياحة مثلاً! أتوقف كثيراً، لأن فرضيات النقاش لا تبدو صحيحة أحياناً، ولا تبدو موضوعية أو منطقية في معظم الأحيان، فصورة العربي أو الشرقي في تصور الغرب ليست بالموضوع الجديد أو الطارئ، لكنه موضوع تاريخي وقديم جداً قدم العلاقة بين الشرق والغرب، وقدم الاستشراق والاستعمار والحروب، والغربي يقرأ كثيراً، وعليه فلديه تصور معرفي وانطباعي متراكم عن العربي، الإشكالية عند العربي، الذي لا يمتلك مثل هذه المعرفة، ولم يهتم بامتلاكها ذات يوم! القضية أيضاً لها علاقة بتبادل مراكز الاستحواذ والنفوذ والسيطرة بين الشرق والغرب، وبتغير موازين القوة والتمدد والتفوق العلمي، باختصار القضية تاريخية وأقرب لقانون الصراع بين الشرق والغرب منها لقانون الصدفة أو تبادل المصالح ووجهات النظر، فهناك فجوة كبيرة جداً بدأت بخروج العرب مهزومين تماماً من غرناطة آخر ممالك العرب في الأندلس عام 1492، واستحواذ ملوك إسبانيا على ملك بني الأحمر، ومن ثم سيطرتهم على زمام الكشوف الجغرافية،…
الجمعة ٠٥ أغسطس ٢٠١٦
يحدث في كل مكان على هذه الأرض الواسعة الممتلئة بالأوبئة والمساوئ والحروب والظلم، أن يعق الابن أمه، وأن يجور الأخ على أخيه وأن يتنكر لأخته، ويحدث أكثر من ذلك مما لا يخطر على بال الأسوياء والطبيعيين من البشر، لأن هذه الدنيا تموج بالغرائب والتصرفات الشاذة الخارجة على أحكام المنطق والرحمة والإنسانية، ولأن الناس مختلفون ويخضعون لدرجات متفاوتة من التربية والتوجيهات والتأثيرات، فإن تصرفاتهم ومعاملاتهم ستكون بطبيعة الحال متفاوتة وغير متفقة، هذا يحدث اليوم والبارحة كما حدث منذ بداية الخلق عندما قتل ابن آدم أخاه، وحارَ كيف يواري جثمانه، لكنْ وحده الخير الذي يملأ النفوس، ووحدها الرحمة والإنسانية التي يتعلمها وينشأ عليها الأفراد من يعدل كفة الميزان الإنساني حين تختل الأفكار، ومن يتكفل بضبط الأمور في نهاية المطاف حين تنحرف الفطرة! من هذا المنظور الإنساني الخيّر دعا أحد الشباب الإماراتيين عبر حسابه على موقع »سناب شات« متابعيه ليهبوا لمساعدة فتاة إماراتية من ذوي الاحتياجات الخاصة، مهددة بالطرد، وبحاجة إلى مساعدة عاجلة لسداد مبلغ إيجار المكان الذي تسكنه بعد أن تخلى عنها شقيقها وطردها بناء على رغبة زوجته! بدت القضية وأنا أستمع إلى تفاصيلها أشبه بالتراجيديا ذات المفارقات العجيبة، فالأخ يطرد شقيقته من بيته ليتركها في مهب الحاجة والعوز، وشاب ممن يرى فيهم البعض مجرد أشخاص يثرثرون عبر مواقع التواصل بلا هدف،…
الإثنين ٠١ أغسطس ٢٠١٦
على بعض مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة حسابات رائعة لشباب إماراتيين وخليجيين، يهتم أصحابها بتسجيل تجاربهم ورحلاتهم وتنقلاتهم عبر المدن والدول والأمكنة التي لم يسمع بها أحد أحياناً، هؤلاء الشباب معروفون وأصحاب جماهيرية كبيرة على تطبيق «سناب شات» مثلاً، وفي الحقيقة ومن خلال متابعتي لهذا التطبيق وجدته الأكثر ملاءمة لروح العصر ولروح الشباب، لذلك فلا عجب أن يسجل حضوراً واهتماماً كبيرين في أوساط المراهقين والشباب تحديداً، وهنا فأنا أنظر إلى من يوظف التطبيق بشكل إيجابي وفعّال! علينا أن نعرف أن مواقع الإعلام الاجتماعي المنتشرة بشكل لافت بين الناس لا تعطي تصوراً حقيقياً لحجم التأثير الذي يمارسه المسجلون على هذه المواقع، بمعنى أنه إذا كان لملايين العرب من الجنسين حسابات على «تويتر» و«فيسبوك» و«سناب شات» و«إنستغرام» (المواقع الجماهيرية الأشهر والأكثر جذباً)، فذلك لا يعني بالضرورة أن هذه الملايين جميعها تقدم شيئاً ذا قيمة أو ذا تأثير، إن ثلاثة أرباع هذه الحسابات إما خاملة أو متفرجة أو مسجلة لإثبات الحضور والوجود، أو للمراقبة أو لأسباب أمنية، أو لإثارة الفتن والخلافات بفتح نقاشات وهمية، أو لنشر الإشاعات والخرافات والأخبار المضللة، أو لأغراض التجارة والبيع والشراء، أو للنصب والاحتيال، أو لإقامة علاقات مشبوهة أو... إلخ. بين كل هذا الغث هناك بلا شك سياسيون وشعراء وكتّاب وصحفيون وناشطون في مجالات إنسانية وطبية وحقوقية، وهناك أدباء وتربويون…
الأحد ٣١ يوليو ٢٠١٦
صدمتني تلك المحاورة العدوانية جداً بين فنان معروف وناشط سياسي على موقع الفيسبوك، ينتميان إلى فريقين أو طائفتين متعارضتين ضمن نسيج الصراع الدائر في سوريا، من يقرأ الحوار يخيل إليه أن لا شيء ينقص ذلك الحوار سوى أن يشهر أحدهما كلاشينكوف روسياً في وجه الآخر، فلا شيء في حوارهما يمت بصلة للحوار أو الخلاف المتعارف عليه، ولا شيء له صلة بعلاقات المواطنة، كان كل منهما يتمترس خلف طائفته وخلف عشيرته معتبراً فناء الآخر هو المطلب وهو الحل! لم يكن ذلك الحديث بين الرجلين، ومثله مئات الحوارات على مواقع التواصل، مما يمكن أن يسمى حواراً من الأساس، لقد استحضر كلاهما كل قاموس العداء المتوارث بين الطوائف في سوريا منذ عشرات السنين، لذلك ما كان يمكن منع هذا الانهيار السوري في ظل هذه الثقافة المتفشية! هذه الحوارات العدائية التي يتبادل الطرفان فيها كل قاموس الشتائم والاتهامات بالعمالة والإرهاب والإجرام والتطرف والقتل والذبح والخيانة والـ... يمكن أن تعطي تفسيراً مقبولاً لما آلت إليه الأمور في سوريا، وبعيداً عن حجم المؤامرة على هذا البلد المنكوب، فإن الحصانات الداخلية لم تكن كافية بما يناسب أو يوازي حجم التكالب الخارجي، بحيث تشكل حماية أو متراساً يمنع هذا التعادي الكامل الذي آلت إليه سوريا للأسف! الفيسبوك لا يعطي تحليلاً أو كشفاً حقيقياً لحالة سوريا فقط ولكن لكل…
الجمعة ٢٩ يوليو ٢٠١٦
البيت العود، أو البيت الكبير، مصطلح ثقافي سوسيولوجي، له امتدادات في نشأة وتطور شكل وتركيبة الحياة العائلية في المجتمع العربي بشكل عام، والخليجي بشكل خاص، يقصد به البيت الذي شهد نشأة معظم أجيال العائلة، كما تفرعت منه الأسر الصغيرة التابعة للعائلة الأم، هو أساس الأسرة الممتدة، البيت الكبير الذي يضم الجدين والوالدين والأعمام والعمات والأبناء وزوجاتهم والبنات، هذا البيت العامر لم يعد موجوداً نتيجة عواصف التطورات والتحولات الاجتماعية والاقتصادية التي طرأت على حياتنا وعلاقاتنا الاجتماعية. معظم أجيال الستينيات وحتى السبعينيات تربوا في مثل هذه البيوت، وحين كبروا مستقلين بأنفسهم كانت هجمة الحداثة وثقافة الأسرة الصغيرة ذات العدد القليل من الأبناء قد أصبحت واحدة من قناعات هذه الأجيال التي تتلمذت على يد الأفلام والمسلسلات العربية التي كانت تزين للنساء خوض معارك الاستقلال عن بيت عائلة الزوج والعيش في بيت منفصل، والاكتفاء بولدين أو ثلاثة والإصرار على إثبات الذات بالعمل والاستعانة بخادمة للقيام بأعباء المنزل. لقد ساعدت التحولات الاقتصادية وتعدد أشكال العلاقات ونمو المجتمع، على استحداث شكل الأسرة الصغير، بالرغم من أن المسلسلات التحريضية كانت موجهة لمجتمعات تنفجر سكانياً وتتأزم اقتصادياً، بينما كنا في الخليج والإمارات تحديداً نحتاج لعكس ذلك تماماً، لكننا صدقنا كلام مخرجي المسلسلات والأفلام وغضضنا الطرف عن وضعنا السكاني، ثم أكملنا الطريق، فتنامى شكل الأسرة الصغيرة محدودة العدد نسبياً،…
الثلاثاء ٢٦ يوليو ٢٠١٦
كان مقرراً حسب الجدول الرسمي للقمة العربية الـ27 التي تحط رحالها في نواكشوط منذ الأمس، أن تنعقد في المغرب بحسب أصول الاستضافة، لكن اعتذار المغرب عنها جعل الكرة تذهب تلقائياً لموريتانيا التي رحبت باستضافتها وبشكل فائق الحماس، معتبرة أنها قادرة لأسباب تعود لتوازنات العلاقات بينها وبين أعضاء الجامعة أولاً، ولرغبتها بسبب هذه التوازنات والعلاقات الجيدة مع الجميع، في إنجاح القمة وتحريك بعض الملفات الشائكة، فهل ستقدر؟ ربما، ولذلك جاءت تسمية القمة بـ»قمة الأمل«. يأمل الموريتانيون في تقديم نموذج سياسي عربي متوازن ومسالم، قادر على الوقوف على خطوط متساوية من جميع الأطراف بما يمكنه من تحقيق المصلحة العربية أو أمل العرب في فعل شيء ما حيال الأوضاع المأزومة والمتراكمة جداً، وتحديداً منذ انفجار ما بات يعرف بربيع الثورات العربية التي دمرت أجزاء من الخريطة العربية، مهددة بإزالة معظم حدود الخريطة أو استبدالها، فهل ستنجح نواكشوط؟ في التاريخ، أعلنت موريتانيا استقلالها في 1958 وكرس هذا الاستقلال باعتراف فرنسا عام 1960، إلا أن العرب لم يعترفوا بهذا الاستقلال مجاملة للمغرب، وهذه أولى المفارقات، أما ثاني المفارقات فإن موريتانيا التي تأمل أن تُخرج العرب من جمودهم السياسي وتحرك بعض الملفات، تحتم عليها الوقوف أمام باب الجامعة العربية منذ عام 1960 وحتى عام 1973 لتنال عضوية الجامعة، ويتم الاعتراف باستقلالها، وبمبادرة من المملكة المغربية نفسها!…