الأحد ٢٥ يناير ٢٠١٥
قبل أيام لفتني إعلان على موقع إنجليزي بعنوان فلاشي متحرك يقول: تحوّل إلى الإسلام. فتحت الإعلان فظهرت لي أيقونة دردشة حية. وضعت اسم كاثرين وتحته «رغبة في معرفة المزيد عن الإسلام». تحدث إلي شخص يدعى إبراهيم، الأرجح أنه يعمل في وزارة الأوقاف المصرية كما تقول صفحته على «فيسبوك»، تحدث معي بلغة إنجليزية جيدة، قدم لي حديثا جاهزا عن أصول الإسلام؛ معناه وأساسياته، بينما قفزت على الموضوع وأخبرته باطلاعي على الأساسيات من قراءات الإنترنت وأصدقاء عرب، وأنني أرغب فقط في معرفة ما إذا كانت هناك نماذج مختلفة لصورة الإسلام في العالم، على ضوء ما يحدث من إرهاب في الشرق الأوسط والعالم، وليس آخرها «شارلي إيبدو» أخيرا. أحببت أن أتأكد أن ما سأدعى إليه هو ليس نموذجا داعشيا ولا قاعديا ولا إخوانيا ولا متطرفا من سني أو شيعي والقائمة تطول. قال الرجل إن الإسلام هو ما بعث به محمد وما يمثله القرآن، وأنه لا ينبغي أن ألتفت إلى من أخضعوا الإسلام إلى أهوائهم ومصالحهم. أعجبني جوابه. سألته عن الإسلام السني والشيعي، فقال لا يوجد إسلام دول، ولا إسلام مناطق، بل إسلام حقيقي فقط، وأن النموذج المتطرف لا يمثل الإسلام، كما أن الكثير من الشيعة انحرفوا عن الدين الصحيح، معللا ذلك بالصور الدامية في عاشوراء وبالتوسل بأهل البيت. استغرق الحديث نحو 45 دقيقة،…
الأحد ٢٩ يونيو ٢٠١٤
بينما تشتعل الأخبار والصحافة في الشرق الأوسط بمانشيتات حول أوضاع المنطقة، اضطراباتها المزمنة وميليشياتها الإرهابية، ينصرف الناس إلى متنفس مريح وهو كأس العالم. يشجع العرب فريق الجزائر باعتزاز، بينما بعض آخر يشجع الفريق الإيراني، هم الذين في كل الأحوال يبحثون عن نافذة من الفرح والمشتركات. وبين الأخبار أيضا تلمح تقريرا تلفزيونيا على «سي إن إن» لمجموعة من الإيرانيين يشجعون فريقهم، شبان رفقة فتيات تنسدل خصلات شعرهن من بين الوشاح على الوجه المطلي بالمساحيق، يجلسون معا في مقهى عام في طهران، يهتفون مع صراخ المعلق الرياضي بحماسة، بينما مراسل المحطة يقف معلقا على المشهد بعيدا عن ذلك، مشيرا إلى علامات تغير الأوضاع الاجتماعية في هذه البلاد، من خلال صورة هؤلاء الشباب الذين يقاومون سلطة الحكومة الإسلامية الأصولية، مقارنة بنحو ثلاثة عقود منصرمة من القمع الديني الاجتماعي. يقول رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في تصريح له مؤخرا تجاه بعض الدعاة المسلمين الذين يعيشون في بريطانيا: حان الوقت لأن نتوقف عن الشعور بالحساسية تجاه مفهوم «البرطنة» Britishness وأن نقول لكل شخص يعيش بيننا ويرفض قبول القانون البريطاني وسلوك الحياة البريطانية بأن ذلك ليس خيارا. قال ذلك في إشارة للجهود التي تبذلها بريطانيا بشكل جاد للحفاظ على الهوية البريطانية الأصيلة وأساسها الوحدة الوطنية على حساب أي شيء آخر قد يحمله البريطانيون من أصول أخرى،…
الأحد ١١ مايو ٢٠١٤
الجلسات الجانبية في المؤتمرات والمناسبات هي عادة من أهم ما فيها. ففيها الحوارات الثرية والتواصل البشري والتلاقح الفكري والتسويق الثقافي والمعرفي. هي صنف من أصناف حملات العلاقات العامة الدولية التي لا تنفق فيها الحكومات شيئا مباشرا في أغلب الأحوال. ومن بينها الدول المضيفة. وذلك على مستويات، منها ترويج وجودها وأهميتها الثقافية من خلال مواردها البشرية المهمة. وقد كنت رفقة مجموعة من الأسماء الثقافية والإعلامية في حفل جائزة الشيخ زايد للكتاب في أبوظبي. الحفل الذي تضمن تكريم عدد من المؤلفين المتميزين، برعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وحضور الأمير متعب بن عبد الله، الذي قدِم نيابة عن والده الملك عبد الله لتسلم التكريم كشخصية العام للجائزة. ومن السعودية، جرى تكريم الدكتور سعد الصويان وهو عالم الأنثروبولوجيا وأكاديمي وضع ملحمته «ملحمة التطور البشري»، كأحد المنجزات البارزة في المكتبة العربية والعالمية. على هامش الحفل، ليس غريبا أن يبدأ «بعض» الأشقاء العرب ترحيبا روتينيا، بكليشيهات شأن: جميل أن نجد في السعودية كتّابا ومثقفين بهذه الجودة، مدهش أن نرى سيدات سعوديات لديهن هذا الفكر.. وما شابه. قد يبدو الأمر عاديا واحتفائيا أو حتى يُعتقد مدحا بشكل فردي. لكنه في مضامينه لا يبدو كذلك في السيكولوجية العربية في نظرتها للمثقف الخليجي عامة. رأي قد يصنف الوجه الخليجي المثقف بالطارئ. حدثنا أحد الزملاء قبل أيام أن…
الأحد ٢٣ فبراير ٢٠١٤
المتابع للخطاب الإعلامي الداخلي الصادر من الأجهزة الحكومية في الخليج، دون النزوح إلى التعميم المطلق، يجد أنه لا يركز على الرسائل التي تصل إلى الجماهير، بقدر ما يقدم صورة نمطية لخطاب تقليدي ثابت. خطاب «دفاعي» في الأزمات، وغير مقنع، عادة، للرأي العام. وهذا ما يخلق أزمة ثقة بينه وبين الجمهور الذي يبحث بالتالي عن بدائل. وتظل الرسائل التقليدية المطروحة والجهد المبذول يراوح في مكانه من دون فائدة. وتجد برنامج «الثامنة» للإعلامي داود الشريان على شاشة «mbc» وغيره من البرامج الخليجية المشابهة، زاخرا بالأمثلة الحية لنموذج ذلك المسؤول الحكومي الذي يداخل في قضايا البرنامج بدفاع مستميت وكأنه في جبهة حرب. إذن تكون الحالة تصديا دفاعيًّا لا أكثر. وأذكر أن قالت لي شخصية خليجية منذ مدة قريبة: «نحاول إيصال ما نود توضيحه للناس من خلال الإعلام، لكن يبدو الأمر وكأننا نتحدث إلى الفراغ!». نعم، هذا لأن الرسائل المقدمة هي على الأرجح رسائل علاقات عامة تقليدية، لم تبحث عما يقنع الناس قولا وفعلا، ولم تواكب التطورات، ولم تقرأ المعاصرة بصيغة جيدة. وبالتالي لا تؤثر في الجمهور. رغم تقدم أدوات الإعلام ونمو أفكار المجتمعات الخليجية، تلك المتجددة بفورة شبابها المتعلم الذي تزيد نسبته على ثلثيها، تجد أن لغة وأسلوب ونظام الفكر الإعلامي الحكومي لا يتحدث بخطاب مقنع عملي حديث؛ لذا نجد أن وسائل الإعلام…
الثلاثاء ١٧ ديسمبر ٢٠١٣
ماذا لو وفرت وزارة العمل من خلال مشروعها «حافز» مثلاً، دعماً مالياً للمشاريع الصغيرة للسيدات بدلاً عن تقديم مكافأة شهرية ضئيلة؟. دعماً لمن تقدم دراسة وخطة عمل لمشروع صغير خاص، أو حتى ضم المشاريع المقدمة المتشابهة في منطقة ما مع بعضها، وتقديم دعم مالي لمجموع السيدات المقدمات على تلك المشاريع، ليتمكن من إنشاء شركات جماعية أو مصانع صغيرة للانطلاق؟. ماذا لو تبرع اقتصاديون سعوديون بتوفير دراسات جدوى لمواطناتنا ولمشاريعهن التي من المتوقع دعمها من الوزارة، أو حتى تقديم الدراسات بأجور معينة تتكفلها الوزارة؟. هناك أفكار مجدية قد تساعد في حلول جذرية وغير مؤقتة. أفكار قد تدعم الاقتصاد العام وتخفف من ضغوطات البطالة ومشكلة الوظائف غير المناسبة التي يقبل بها بعضهم على مضض ربما، وفوق ذلك تدعم وتشجع أعمال القطاع الخاص، بدلاً عن الضغوطات على أعداد الوظائف الحكومية. فتح الإنترنت أفكاراً لمشاريع غير تقليدية في أوساط النساء. وتستطيع المرأة الآن أن تدير مشاريع على أرض الواقع من نقرة زر، وأن تعمل في التسويق الإلكتروني، وتقدم أعمالاً مختلفة من خلال المواقع الافتراضية. إضافة لأفكار جديدة لمشاريع يطرحها التطور التقني، تلك التي لم تكن لتتوفر بهذه البساطة قبل سنوات من الآن. مرة أخرى تطالعنا الأخبار حول مكافأة «حافز» الجديدة. وهي بادرة جيدة لتخفيف الضغوط على العاطلين وعلى الأسر في آن معا. وفي…
الأحد ١٣ أكتوبر ٢٠١٣
بعيدا وفي رحلة إلى أفريقيا، كنت أعتقد أنني ورفيقاتي ابتعدنا عن الواقع الممل، الأخبار السياسية المرهقة والأحداث المثيرة والجهد النفسي والصخب الاجتماعي. وفي سيارة السفاري الخضراء المكشوفة، وفيما نحن نطارد الزرافات والنمور فجرا، سألنا بعض السياح الفرنسيين: من أين السيدات؟ قلنا: من السعودية. قال أحدهم بانفعال: هل قدتن السيارة أم ليس بعد؟ لا ليس بعد.. واستمرت الأسئلة تتهاوى علينا من السياح بمختلف الجنسيات، كمطارق على رؤوسنا حتى المساء. معنى أن تحمل هذا الثقل غير المبرر. أن تواجهه. أن لا تواجهه. أن تتهرب. أن تطالب. ماذا بعد؟ لا شيء سوى أن تقرر الحكومة وأن تعطي إشارتها الخضراء. وهذا ما نعول عليه فعلا. فالمجتمع جاهز تماما. والبنية التحتية ليست معيقة. لا موانع شرعية ولا قانونية ولا اجتماعية. أليس هذا ما ننتظره؟ أثق أن الحكومة تتبين ذلك تماما. نعم، نحن معا ندفع ضرائب مكلفة في هذا الصخب والجدل الدائر، وعلى مستويات عدة. إن أبعاد قيادة المرأة للسيارة وإن كانت حقا مكتسبا لها، فهي تمتد إلى أبعد من ذلك. أبعد برمزية عميقة في مدلولها، وهي الانفتاح الذي سيرافقه، والمرونة الاجتماعية، وإظهار سماحة الدين مقابل عبء التشدد. التطورات الكبرى قد تحدث من أشياء تبدو بسيطة أحيانا. ولقد تجاوزت مسألة قيادة المرأة في حد ذاتها الدراسات واستعراض المسوغات. قضية كانت شغل الرأي العام الشاغل منذ سنوات،…
الثلاثاء ١٠ سبتمبر ٢٠١٣
في كاميرا خفية بريطانية، استلقى ممثل البرنامج على مقعد انتظار في الشارع، مثَّل الشاب دور النائم، ممسكاً بإهمال عملة ورقية نقدية فئة «خمسين جنيه إسترليني»، بشكل مغرٍ للمارة، المثير في الأمر أن أغلب أولئك المارة سحبوا الورقة النقدية وهربوا مسرعين، وهم غالباً يَبْدون مهندمين رجالاً وسيدات ومراهقين. لم أشاهد في تلك الحلقة سوى رجل أنيق يرتدي معطفاً طويلاً، سحب الورقة النقدية ولم يهرب بها، بل وضعها في جيب النائم ومشى رافعاً رأسه كرجل نزيه، هذا مشهد صريح للمثل الشعبي الذي يقول «المال السايب يعلم السرقة». وكذا الأخلاق بلا نظام وقوانين رادعة. من زاوية أخرى، حين يصرخ أحد المندهشين من تصرف إنساني لأحد من غير المسلمين ويقول «كفار وهذه أخلاقهم، ونحن المسلمين نتخلى عنها». نظرتنا للعالم من منطلق الكفر والإسلام نظرة قاصرة لمفهوم الأخلاق، لست هنا في معرض الحديث عن أخلاق الدين الإسلامي التي هي من المسلَّمات. لكن يبدو أن كثيرين يفوتهم أن الكفار هؤلاء هم مؤمنون أيضاً وبأديان سماوية يعترف بها الإسلام، وهي الأخرى -الأديان- لها قوانين والتزامات أخلاقية وإيمانية ودينية، كما أن الإنسانية تفترض على الإنسان أن يكون إنساناً، والإنسانية هي وصف ضمني للأخلاق وليس للإنسان نفسه، تماماً مثلما هي الرجولة وصف للمروءة وليس للرجل نفسه. انتشرت صورة نشرتْها صحيفة هندية تظهر قرداً في حديقة يساعد رجلين هنديين ضريرين…
الثلاثاء ٠٩ يوليو ٢٠١٣
غداً هو أول أيام شهر رمضان المبارك. أعاده الله علينا جميعا بالخير والبركات. وفي هذا اليوم وما قبله، وكالمعتاد تصلنا عشرات من رسائل التهنئة على جميع وسائل التقنية. من بينها رسائل من غير المسلمين عرب وأجانب، في صورة تعبر عن الإنسانية التي تجمع العالم تحت كنفها. ومن بين ما يصلني، رسالة «بيير» الفرنسي الأصل الذي أسلم حديثا. لغته العربية تتحسن كل عام. وأذكر عندما رأيته للمرة الأولى، كان يحمل على ظهره حقيبة سوداء بها محتويات الرياضة وقنينة ماء، وضعها على الطاولة ذات نهار وأخرج منها مصحفا صغيرا، وكتابا للأدعية باللغتين الإنجليزية والفرنسية. كثير من أولئك حديثي الإسلام، يرون الدين بعين مختلفة طازجة، تلتقط الرسائل الجميلة المفعمة بيسر الدين وتسامحه وروحانيته، وهي ما يغفل عنها مع الأسف عامتنا. قبل يومين، قرأت خبرا مثيرا للإعجاب، وهو عن قرار القناة الرابعة البريطانية بث أذان الفجر طوال أيام شهر رمضان المبارك، وهي بالمناسبة أول قناة في بريطانيا تفعل ذلك، وحسبما أكد «رالف لي» مدير البرامج الوثائقية في القناة التليفزيونية، الذي قال لمجلة «راديو تايمز» أن الهدف من ذلك تعريف من يربطون الإسلام بالتطرف، ونظرا لكون شهر رمضان يحتل أهمية كبيرة لدى المشاهد، وسوف تبدأ القناة الرابعة في عرض سلسلة من البرامج كجزء من التعريف بشهر رمضان الذي يبدأ الثلاثاء. إن غير المسلمين يمكنهم التعرف…
الثلاثاء ٠٢ يوليو ٢٠١٣
منذ سنوات والأخبار السياسية هي وجبتنا اليومية السيئة في الشرق الأوسط، تلك البقعة المأزومة من العالم. لا مهرب فعلياً. ولأن شعوب العالم العربي تبحث في استقرارها وازدهارها، فإن الشعوب المستقرة أيضاً تبحث عن مقومات السعادة التي تراها متجسدة في أحلام منها ما يبدو عادياً طبيعياً لدى شعوب أخرى. بينما الغرب أيضاً يبحث عن السعادة في احتياجات مختلفة أو إنسانية مشتركة. هل ما زلنا نؤمن بأن السعادة نسبية شأنها شأن مفاهيم أخرى؟ بعيداً عن الجواب الذي سأتركه لكم، لا يبدو أن المؤسسات البحثية في العالم الغربي تتوقف عند هذه الرومانسيات كثيراً، فهي تبحث بشكل جاد فيما يجعل شعوب بلدانهم أسعد وأكثر قناعة ورضا. قد تتمثل السعادة لدى الخليجي -عامة- في استقرار سياسي وازدهار اقتصادي ووظيفة جيدة ودخل جيد ومسكن وصحة وتعليم وترفيه أو حتى إجازة خارج البلاد نهاية العام. وقد تبدو السعادة أو الرضا بشكل أكثر دراماتيكياً في نظر شعوب عربية أخرى تبحث عن الأساسيات هي الأخرى من خبز وحياة وعدل وكرامة، وقد أضافت أخيراً لقائمتها مفهوماً آخر هو الديمقراطية. هذا الذي يبدو مختصراً ويوضح حاجات الشعوب البسيطة الإنسانية لتشعر بالرضا والسعادة، ربما ترونه هنا معي في أقصوصة وضعها الكاتب المصري سمير الفيل على حائطه في فيسبوك قبل يوم من ثورة المصريين الأخيرة فيما سُمي بـ»تمرد»: «في الميكروباص الذي حملنا من…
الثلاثاء ١٤ مايو ٢٠١٣
قرأت قبل أيام إعلانا عجيبا، لشركة «لو سليب فرانسيه» المتخصصة بتصنيع السراويل الداخلية الرجالية، بمقولة جريئة لمؤسسها الشاب الفرنسي جيوم جيبو (28 عاما)، الذي يسعى إلى دعم الصناعة الوطنية الفرنسية بالابتكار وتقديم سراويل معطرة يدوم عطرها الرجالي لثلاثين غسلة، يقول: «تريدون تغيير العالم؟ وتريدون تغيير الأمور؟ ابدأوا بتغيير سروالكم!». هكذا ببساطة تجارية متناهية. لكنها قد تبدو من جانب آخر فلسفة ذكية وتستحق التصفيق، حين يبدأ التغيير من أقرب نقطة إلينا وهي ذواتنا. التغيير سمة لهذا العصر العنفواني الحاشد بالأحداث، وذكر التغيير مدغدغا للمشاعر. الخطابات السياسية، الاقتصاد، المجتمع، حتى الرسائل التي تتضمنها الإعلانات التجارية جاءت على هذا النسق. وحين يتحدث أحدنا عن التغيير، يهرع آخرون إلى ترتيب أولويات التغيير ويجادل في أهميتها. الأولويات هذه تكنيك جيد للانطلاق. ولطالما تكررت كلمة «الأولويات» في مفردات الرأي العام. من يصنف الأولويات؟ الأمر يبدو غامضا وليس بغامض: كيف تتحدث وتطالب بهذا الأمر؟ الأولى أن تطالب بهذا وذاك، إنها الأولويات يا سيدي/سيدتي. كل جهة ترى تصنيف الأولويات من منظار احتياجها هي، والذي هو في النهاية احتياج اجتماعي. قبل سنوات، كنت أجلس على طاولة إفطار رمضاني في أحد فنادق جدة، كان ذلك في مهمة عمل جمعتني وبعض الأمريكيين. وكانت شاشة الفندق الضخمة وسط القاعة تبث مسلسل «طاش ما طاش»، في حين كنت معهم نلتهم الأطباق الشرقية. حوت…
الثلاثاء ٠٧ مايو ٢٠١٣
الطبيب والخبير «إدوارد دي بونو»، هو الذي قدم نظريات عدة كانت ومازالت بمثابة كشف علمي للتفكير الإنساني، وأفكاره تعتمدها كبريات الشركات والمنظمات في العالم بين السياسة والاقتصاد والإعلام وسواهم. ربما من بين أشهر كتبه وأبحاثه «التفكير الجانبي Lateral Thinking»، الذي ساهم في إنجاح «الألعاب الأولمبية» عام 1984، إضافة إلى أكثر من سبعين كتاباً مهماً آخر. أما بحثه وكتابه الذي نحن بصدده الآن فهو الذي غير نمطية عالم الأعمال: «القبعات الست للتفكير Six Thinking Hats». برقت فكرة قبعات التفكير في ذهن دي بونو انطلاقاً من مقارنته بين طريقة تفكير الغرب التي تعتمد على الفلسفة القائمة على الجدل والمناقشة، وطريقة التفكير الشرقية، واليابانيين على الأخص، وهي محور تقديم الباحث، هي التي تعتمد على «التفكير المتوازي». فطريقة التفكير الغربية، كما وصفها، «جدلية» بحيث تتجادل المجموعة، لإثبات صحة رأي على آخر فيسير كل منهم بقوة في جهات معاكسة، لتصطدم الأمور بجدار صلد، وهذا بالفعل ما تقوم به مجتمعاتنا عادة للأسف. أما طريقة التفكير المتوازي التي ينتهجها اليابانيون، ويبرعون بها في إدارة اجتماعاتهم ونقاشاتهم، فهي تقوم على مبدأ المشاركة في الآراء، للوصول إلى قرارات سريعة واثقة وعلى أرضية ثابتة. والقبعات هنا هي عبارة عن ستة أنماط، وجميعها تمثل الأنماط الشائعة للتفكير: فالقبعة البيضاء تمثل التفكير الرقمي، الذي يفضل لغة الأرقام والدلائل، والقبعة الصفراء تمثل نمط…
الثلاثاء ٢٦ مارس ٢٠١٣
احتفل العالم قبل أيام ولأول مرة بيوم السعادة، حيث اعتمدته الأمم المتحدة يوم 20 مارس من كل عام، إيمانا بأهميتها وضرورة اتباع نهج أكثر شمولا وإنصافا وتوازنا نحو النمو الاقتصادي. العالم اليوم بحاجة إلى نموذج اقتصادي جديد يحقق التكافؤ بين دعائم الاقتصاد الثلاث: التنمية المستدامة، والرفاه المادي والاجتماعي، وسلامة الفرد والبيئة، هي الأسس التي تشكل تعريف السعادة العالمية. كان ذلك بمبادرة من «بوتان»، أسعد دولة في آسيا، هي التي أقرّت بأثر زيادة مستوى السعادة الوطنية على زيادة مستوى الدخل القومي منذ سبعينيات القرن الماضي، واعتمد نظامها الاقتصادي شعاره المشهور بأن السعادة الوطنية الشاملة هي «أهم ناتج قومي للبلاد»! ذلك الخبر يأتي متناغما مع البحوث التي نقرأها بين حين وآخر حول أسعد بلدان العالم. وقد نشرت الأمم المتحدة مؤخرا أيضا تقريرا عن السعادة بالتعاون مع معهد إيرث بجامعة كولمبيا بعنوان «تقرير السعادة العالمي World Happiness Report «، الذي يعرض أكثر الدول سعادة في العالم. استند التقرير إلى إحصائيات من 156 بلدا شملت دراسة عوامل مختلفة مثل ظروف العمل وفساد الشركات ومشكلات الأسر وحرية الاختيار والصحة. وقد حلت السعودية في المرتبة 26 وسبقت الكويت 29 وقطر 31، في حين تصدرت الإمارات قائمة أكثر الشعوب العربية سعادة، بينما حلت اليمن في ذيل التقرير ضمن قائمة أكثر الشعوب العربية تعاسة، التي تضمنت كذلك كلا…