الإثنين ٢٣ يوليو ٢٠١٢
شخصياً، لم أستبعد، من قبل توضيح أمين الرياض، أن تكون قصة «الحارس والمظلة» جاءت كمصادفة بريئة وليست من تدبير أو بقناعة الأمين. فحماس بعض الموظفين لخدمة «كبار المسؤولين»، من باب التقدير أو الانبهار، واردة جداً. والأهم أننا اليوم في زمن ترصد فيه «الكاميرا» كل حركة وموقف. فمن منا اليوم يمشي وليس في جيبه هاتف بكاميرا؟ صار أكثرنا صحفياً ومراسلاً ومصوراً وفضولياً بفضل التقنية. ولأن بيننا من يظن أن المسؤول -كل مسؤول- حق مباح للنقد والتطاول وربما الشتيمة فلا رادع -إلا ما ندر- لاختلاق الحكايات وصناعة الأكاذيب. لست هنا مدافعاً عن أمين الرياض. هو وفريقه الإعلامي أقدر على شرح ملابسات قصة «المظلة». لكنني هنا أتساءل: كيف نصدق أية صورة أو جملة كتبت في مواقع التواصل الاجتماعي من دون فرز أو تساؤل أو سماع لوجهة النظر الأخرى؟ في غياب ثقافة النقد و أخلاقياته وشروطه ومعاييره، لا نستغرب أن يخلط البعض بين النقد والشتيمة وبين النقد البناء والترصد واستغلال الفرص للتشكيك في المسؤول- أو أي رمز من رموز المجتمع -إما لتصفية حسابات أو فقط لتلذذ باختلاق «الفضيحة»! ومثلما للكلمة أكثر من معنى فإن للصورة أكثر من معنى. فلو التقطت صورة لمسؤول يعبر الشارع، في إجازته في لندن مثلاً، وخلفه أو إلى جواره إمرأة إنجليزية، هل نصرخ بالنتيجة الكاذبة: انظروا.. صدناه متلبساً؟ أم أننا…
الأحد ٢٢ يوليو ٢٠١٢
قبل أيام تلقيت أكثر من رسالة من أصدقاء ومعارف يخبرني بعضهم بقرارهم إلغاء حساباتهم في تويتر والفيسبوك، وبعضهم الآخر يفكر جدياً في إنهاء العلاقة كلياً مع تويتر تحديداً، وأنا أعذرهم وأقدر موقفهم، تويتر في عالمنا العربي مثل سوق من أسواقنا الشعبية، تدخله وأنت تعرف كثيراً من رواده، تعرفهم بالاسم أو بالوجه، تتجادل معهم في شؤون كثيرة، تتفق وتختلف، ولكنك وبينما أنت تجادل أو تحاور من تعرف، منذ زمن أو منذ ساعات، تتلقى لعنة من «ملثم» لا يريك وجهه. أو تُقذف فجأة ببيضة لا تعرف من رماها ولماذا. وحينما يكثر عليك «البيض» تدرك أنك في السوق الخطأ. ولأنك تؤمن بالحكمة القائلة «السفن الكبيرة لا ترسو في الموانئ الصغيرة» فأنت لا يمكن أن تقل من قدرك وترد على شتائم وأذى أصحاب «البيض» من الملثمين أو المُرسلين متأكداً تماماً أن منبراً عظيماً مثل «تويتر» لم يخترع أصلاً لمنطقة مثل العالم العربي. فحق الاختلاف وثقافته المتأصلة في مجتمعات كثيرة تجعل من مساحة كهذه أشبه بقاعة في جامعة عريقة. الاختلاف في الرأي -في المجتمعات التي أنتجت تويتر- ينظر له كنعمة حضارية، الناس هناك تفاخر بتنوع الآراء واختلافها، تختلف من دون أقنعة، وتعبر عن اختلافها بكل أريحية واحترام. أما هنا فمازال بيننا من يؤمن أن الناس إما أن تكون لوناً واحدًا -لونها- أو هي مباشرة في قائمة…
السبت ٢١ يوليو ٢٠١٢
في بلاد «الربيع العربي»، مُخْطِئ من يظن أن فريقاً واحداً يقف وحده خلف التغيير. وإلا فإنهم يستبدلون بـ«الحزب الأوحد» فريقاً جديداً قد لا يختلف كثيراً عمن قبله في قادم الأيام. ولهذا فإن قراءة متأنية لنتائج الانتخابات الليبية تناقض الفكرة التي سادت لأشهر ومفادها أن الربيع العربي هو ربيع الإسلاميين وحدهم. في تلك البلدان، الربيع هو ربيع التغيير. وأياً يكن الفائز في الانتخابات تظل التجربة العملية هي المحك وهي مقياس النجاح في آخر النهار. المواطن العربي -خلال السنوات القليلة القادمة- يستطيع أن يفرق بين أصحاب الوعود الكبيرة -وكثيرها غير واقعي- وبين أصحاب الإنجازات الحقيقية على الأرض. وستكون «الأيديولوجيا» -أياً تكن- في آخر قائمة الاعتبارات. فالنخب التي تبني منافساتها على أيديولوجيات ونظريات سياسية ليست مرتبطة عملياً بمفاهيم الإدارة لشؤون التنمية والاقتصاد وتحسين أوضاع الناس مباشرة على الأرض وإعادة الثقة في المؤسسات القضائية والمؤسسات التي تستطيع إغلاق أبواب الفساد قد تنجح مرة لكنها لن تقوى على النجاح مستقبلاً. وإن لم تكن الخبرات الناجحة في الإدارة هي من يتولى إدارة المؤسسات فما الفائدة من وجود قيادات مؤهلها الوحيد هو انتماؤها الحزبي أو الأيديولوجي؟ ولعل التجربة التونسية تعطي مؤشراً إيجابياً من خلال وعي الإدارة الحالية أن نجاح المشروع يأتي من خلال المشاركة وليس عبر الاحتكار. إن بلداننا اليوم بأمس الحاجة لإدارة جادة وواعية ومؤهلة لمشروعات…
الجمعة ٢٠ يوليو ٢٠١٢
قبل أشهر قليلة قابلت في دبي رجلاً من أهل درعا. حدثني -بخجل- عن فضائع نظام الأسد في درعا. لكنه أكد أن كثيراً من أهل درعا كانوا يتوسمون الخير في الرئيس السوري بشار الأسد. ثم استدرك وقال: أو أنهم انخدعوا به وبوعوده الإصلاحية الكاذبة. ومع ذلك يقول ابن درعا أكاد أجزم أن بشار كان بإمكانه احتواء الأزمة في بداياتها. أهل درعا أبناء قبائل تحب الخير للجميع. وتسامح إلا حينما تهان. وشبيحة الأسد في درعا أهانوا أهل درعا مثلما أهانوا أهل سوريا على مدى أربعة عقود. ومع ذلك -يؤكد ابن درعا- أهدر بشار الأسد فرصة تاريخية لاحتواء الأزمة وفتح صفحة جديدة مع أبناء شعبه. لكنها طبيعة الاستبداد. فالطغاة يكابرون حتى يسقطوا. فهل يعقل أن يعتذر طاغية من شعبه؟ إم أنها إرادة الخالق أن يتمادى الطاغية في طغيانه -وجهله- حتى يصل إلى نهايته؟ لم يعد التخويف بالسجن أو الموت يوقف مسيرة التغيير إن أرادتها الشعوب. وحينما يكسر المرء حاجز الخوف بداخله فلا شيء يستطيع ردعه. والأنظمة العربية الجائرة أمعنت في إهانة شعوبها. وحينما يفقد الإنسان كل شيء فماذا بقي له حتى يخاف عليه؟ كتبناها هنا -وفي أماكن أخرى- لسنا مع الفوضى وخراب البيوت وقطع الأرزاق والفلتان الأمني. نحن -أصلاً- مع التغيير البناء ومع وحدة الأوطان. ومثلما نرفض التطرف في مطالب التغيير، سواء كانت…
الخميس ١٩ يوليو ٢٠١٢
لم يعد لنظام آل الأسد أية سلطة في سوريا إلا على شبيحته وبقايا بعثه، أعوانه يتساقطون بالساعة الواحدة، والحكيم منهم يسارع، في ساعات النظام الأخيرة، للنجاة بنفسه من نهاية موشكة. يا الله.. كم تتشابه نهايات الفاجرين والمستبدين! إذن النهاية عند الأبواب، فالجيش الحر يحكم قبضته على دمشق، وقد تكون ساعات قبل أن يدير عملياته من داخل القصر الجمهوري أو مبنى الاستخبارات العسكرية. والأهم من ذلك أن الشعب السوري قد قال كلمته وأصدر قراره بزوال نظام آل الأسد إلى الأبد. كتبناها كثيراً ونعيدها كثيراً: «من أمنه شعبه أمن شعبه». لم تعد عقلية القمع قادرة على حكم الناس وإهانتها وإذلالها، وتلك واحدة من مشكلات الأنظمة القمعية في عالمنا. فما لم تكسب الأنظمة الحاكمة قلوب وعقول شعوبها فلن تقوم لها قائمة. أمن النظام في أمن شعبه، وقوة أي نظام في قوة داخله، وقوة الداخل لا تأتي بالترهيب وبالقوة ولكنها أولاً بالقناعة والتفاهم. النظام القوي هو الذي يهب شعبه وقت المحن للدفاع عنه، وهو من يصر الناس على بقائه لأنه فعلاً يمثلهم ويرعى مصالحهم ويخاف على مستقبلهم. أما من يحتل شعبه تحت عناوين كاذبة وباهتة، مرة باسم العروبة وأخرى باسم محاربة العدو، فتسحل جثث رموزه في الشوارع والميادين عند أقرب فرصة. الآن سوريا توشك على دخول مرحلة جديدة، وهي مرحلة صعبة وقاسية ولكنها أرحم…
الأربعاء ١٨ يوليو ٢٠١٢
في مقالته أمس في «الشرق»، لامس الزميل أحمد عدنان مشكلة «وطنية» من الخطأ ألا نستمر في الكتابة عنها. في مقالته «العنصرية والوحدة الوطنية» تذكير صادق بخطورة النعرات والمواقف العنصرية التي تزيد حدتها وقت الأزمات. نحن اليوم أمام تحديات داخلية وإقليمية خطرة جداً ومن الحكمة إغلاق أبواب الفتنة -أياً كانت مصادرها- التي قد تهدد وحدتنا الوطنية. إننا كثيراً ما نفاخر بوحدتنا الوطنية كواحد من أهم منجزاتنا الكبرى. ونعرف أن أعداء الوطن، في إيران أو في نظام الأسد، يراهنون كثيراً على تفتيت وحدتنا الوطنية وإعادتنا إلى حروب داحس والغبراء. وبعض الجهلة بيننا وباسم الوطن والوطنية يشقون الصف بنعراتهم العنصرية. هذا التنوع، في المناطق والمذاهب والآراء، الذي يستخدمه بعض الجهلة بيننا لشتيمة كل من يختلفون معه في الرأي هو في الواقع مصدر قوة. وهو الذي بسببه نفاخر بحجم المنجز الوطني العملاق الذي قاده المؤسس وضحى من أجله الأجداد. وهؤلاء الذين يعايرون الناس بأشكالهم أو أصولهم أو لهجاتهم أو مناطقهم أو مذاهبهم أو توجهاتهم الفكرية إنما يسيئون للوطن ويفتحون مزيداً من أبواب الفرقة والضعف. الوحدة الوطنية خط أحمر في نقاشاتنا واختلافنا. وبغض النظر عمن يتطاول على هذا المنجز، سواء كان متطرفاً سنياً أو متطرفاً شيعياً، جاهلاً يضع «الوطنية» شعاره، أو مثقفاً لا يدرك خطورة اللعب حول خطوط الوطن الحمراء، تبقى الحاجة ماسّة لوضع قوانين صارمة…
الثلاثاء ١٧ يوليو ٢٠١٢
كان الرئيس المصري الراحل أنور السادات يصف نظام حافظ الأسد بالبعث العلوي. وكان حافظ الأسد، بدهائه، يستغل فكرة البعث، واندفاع من حوله حينها بطروحات القومية العربية، لتمكين طائفته من مفاصل الأمن والجيش. وفعلاً تحولت فكرة البعث تدريجياً إلى حكم طائفي ثم عائلي يحتمي بالطائفة. ثم استغل النظام قبضته الأمنية وسيطرته على كل مفاصل الدولة لتحريض الأقليات في سوريا ضد الغالبية السنية. ولا غرابة أن تسمع مسيحي سوري يعبر عن خشيته اليوم من سقوط نظام الأسد لأن السنة سيرتكبون المجازر ضد الأقليات غير السنية. هكذا فكرة رسخها خطاب بشار الأسد وبدأ يقتنع بها – للأسف – غالبية من ينتمي لطوائف غير سنية. وكذبة العروبة التي يزعم نظام الأسد أنه حامي حماها تنكشف يومياً عبر صفقاته مع إيران. فارتباطه اليوم بإيران – حتى في إنتاج البرامج التلفزيونية- يجعلك تشك أحياناً أن سوريا تنتمي للفارسية وليست قلب العرب والعروبة. وهذا «العروبي»، يهدد اليوم بإقامة دولة للعلويين ويجهز طائفته بأشد أسلحة القتل والدمار وأولها التحريض ضد الغالبية السنية. لقد أقام حافظ الأسد دولته على أساس طائفي بحت حتى وإن برزت في الواجهة وجوه من خارج الطائفة. فحتى الوزير، من خارج الطائفة، تحاصره عيون الطائفة في مكتبه وداخل بيته. الأسد أقام دولة علوية على كل مناطق سوريا. ولما تمكنت الطائفة، استعاد التاريخ، بما فيه من خيال…
الإثنين ١٦ يوليو ٢٠١٢
قبل أن يظن أحدكم أنني -لا قدر الله- أنطلق من نظرة فوقية أو أنني أزعم المثالية، دعوني أقر أولاً أنني ممن أعنيهم في هذا المقال. نحن -من الآخر- مجتمعات كسولة، ونعيش عالة على العمالة المنزلية الرخيصة. بعض بيوتنا -في الخليج- يعيش فيها من الحشم والخدم أكثر من موظفي قصر من قصور أثرياء أوروبا أو أمريكا. عرفت عائلات غربية ثرية تخجل من أن توظف خدماً في منازلها ليس فقط لأن أنظمة العمل هناك صارمة ولكن أيضاً لأن ثقافة تلك المجتمعات تستهجن اعتماد الأسرة على الغير إلا في حالات استثنائية. في بعض بيوتنا، في الخليج، يزيد عدد الخدم والسائقين ومربيات الأطفال على عدد أفراد الأسرة. تمشي السيدة أحياناً حاملة ثلاثة هواتف نقالة وخلفها خادمة تحمل حقيبتها وثانية تفتح لها الباب. وبعضنا يستعرض على ضيوفه بعدد “الخدم” و”الخادمات” في منزله. لست هنا ضد توظيف عمالة منزلية لكنني أتمنى لو نتعلم -وأنا أولكم- كيف نقنن اعتمادنا على العمالة المنزلية. إلى متى وأبناؤنا ينشأون على فكرة “الخدم” الذين يقومون بكل شيء وفي أي وقت؟ كيف نعلم أبناءنا المسؤولية والجدية وهم يرون آباءهم كل ما يفعلونه هو إعطاء الأوامر للشغالات والسائقين والطباخين؟ تلك في ظني أخطر من خطر العمالة الوافدة على تركيبتنا السكانية. نحن -من دون قصد- نؤسس لأجيال تنشأ معتمدة على غيرها حتى في أبسط…
الأحد ١٥ يوليو ٢٠١٢
قال مواطن من بلاد الخليج لصديقه الفرنسي: كم أنتم محظوظون بهذه الأمطار والغيوم والمساحات الخضراء. رد عليه الفرنسي: أنتم المحظوظون بالشمس والصحراء والطقس الحار. مرة قابلت في دبي رجلا ألمانيا وزوجته، وكان الجو في دبي غائماً كأن الأرض تتهيأ لرشة مطر. قلت لهما: عسى أن تكونا مستمتعين بهذا الجو الجميل. ردت السيدة سريعاً: لا! جئنا من أجل الشمس ولم نرها حتى الآن. ضحكت وقلت: انتظري ساعات قليلة وستعود الشمس في أنصع إطلالتها! أهل البرد يتوقون للدفء. وأهل الدفء يبحثون عن البرد. يروى أن نابليون سأل قائداً عسكرياً روسياً: لماذا تحاربون؟ فرد عليه الروسي: من أجل العزة والكرامة. فعلق نابليون ساخراً: كل يبحث عما ينقصه! وبعيداً عن سخرية نابليون، هي حقيقة أن الكل يبحث عما ينقصه. فالفقير يبحث عن المال. والغني يبحث عن مزيد من المال. وكلاهما يبحث عن السعادة. مشيت يوماً مع رجل أعمال ممن أنعم الله عليه بنجاحات كبيرة في استثماراته وتجارته. لكنه لا يتحرك إلا وفي جيبه أنواع كثيرة من الأدوية: للقلب وللسكر وللقولون وللكولسترول. قال لي: قليلاً ما اجتمعت الثروة والصحة. وأشار بيده نحو عمال يفترشون الأرض وقال: ربما أنهم يشتركون في أكل قطعة خبز وحبة بصل. ولعلهم أكثر صحة وسعادة مني ومنك. سألني "أين تجد سعادتك؟". قلت في كتابة مقال وفي قراءة كتاب. ثم استدركت وقلت:…
السبت ١٤ يوليو ٢٠١٢
«الوطني» عند البعض هو من يبصم، على طول الطريق، على كل قرار رسمي سواء صدر من مكتب معالي الوزير أو من مكتب مدير فرع وزارة الصحة. الوطني هنا هو من يمدح كل قرار ويطبل لكل تصريح. إنه ذلك الذي يؤمن بفكرة «النصيحة بالسر» ومهما تكن الأخطاء فنحن «أفضل من غيرنا». إنه ذلك الذي يرى في «خصوصيتنا» شماعة لكل خطأ وتبريراً لكل قصور. «الوطني» عند هذا البعض هو من لا يجرؤ ويشير إلى مواطن الخلل أو إلى ما قد يقود للكوارث. إنه ذلك «المطيع»، «المسالم»، الذي «لا يهش ولا ينش» ولا يرى في المستقبل سوى الخير الكثير حتى إن أحاطت بالوطن المخاطر من كل صوب. وفي المقابل هناك «بعض» آخر يرى في «الوطني» نقيضا شاملا. فالوطني عنده هو المتشائم على طول الطريق وهو الحاد السليط في نقده لكل موقف أو قرار. بل عنده خيانة أن تكون على علاقة محترمة مع أي مسؤول وربما يعدك في دائرة «البطانة الفاسدة» إن قبلت دعوة لحوار أو نقاش مع مدير أو وزير. أما إن جمعتك صداقة مع مسؤول فأنت هنا قد بعت كل مبادئك الوطنية وأصبحت «مثقفاً» ما أسهل شراءه! الوطني عند هؤلاء هو من يعادي السلطة ولا يقول كلمة خير، أو كلمة حق، في أي مسؤول أمين نظيف يحب وطنه. وهو من لا يمتدح…
الجمعة ١٣ يوليو ٢٠١٢
في إحدى دورات الحوار الوطني، شاركت في دورة حملت عنوان «نحن والآخر». وكنا نبحث في آليات التواصل والحوار مع الآخر. كانت مداخلتي الأولى سؤالاً عن كيفية الحوار مع الآخر في زمن يتهم فيه من يسعى لفتح قنوات حوار إيجابي مع الآخر بالعمالة للخارج. تريدون منا أن نتواصل مع الآخر وحينما نفعل نُتهم بأننا عملاء لأمريكا وللغرب؟! واليوم، ونحن بأمس الحاجة لمتخصصين يفهمون في الشؤون الدولية، عن دراية ومعرفة، كيف نحمي خبراءنا في الشأن الإيراني -مثلاً- من التهم التي توزع على قارعة الطريق كأن نتهمهم بالعمالة لإيران وخيانة الأوطان؟ ماذا عمن يجيد اللغة العبرية -وكم نحن مقصرون ومتأخرون في فهم ما يجري في الداخل الإسرائيلي- كيف نحميه من الجهلة (من أصحاب النفوذ) ممن سيسارع لقذفه بالعمالة لإسرائيل والدليل أنه يقرأ صحفهم ويتكلم لغتهم ويفهم تاريخهم؟ الجهل مصيبة. لكنه كارثة حينما يعشش في مؤسسات رسمية حيوية. وأنا أتلقى رسائل كثيرة من طلابنا في الخارج -ومن أمريكا بشكل أخص- يسألني أصحابها عن أفضل الطرق للاستفادة القصوى من تجربة الابتعاث. لكنني أخشى عليهم أحياناً من نصائحي. فإن نصحتهم بالتفاعل الإيجابي مع أنشطة الجامعة وفعالياتها، والمتابعة الدقيقة لما يبث في إعلام البلاد التي يدرسون بها، والاحتكاك عن قرب بقضايا المجتمع الذي يعيشون فيه، من أجل فهم أشمل للثقافة السياسية والاجتماعية للبلاد التي يدرسون بها، من…
الخميس ١٢ يوليو ٢٠١٢
أمر يدعو للدهشة أن يصر كوفي عنان، ومن إيران، أن إيران هي «المفتاح الذهبي» لوقف المجازر في سوريا. ولم يقل لنا عنان لماذا إيران تحديداً. هل لأن عناصر إيرانية موجودة على الأرض السورية، دعماً لنظام الأسد، تقتل وتعذب كل ضابط أو عسكري يرفض أوامر قتل المدنيين من المعارضة؟ أم لأن حزب الله، برعاية إيرانية، شريك في جرائم الأسد وبالتالي يكون الحل في طهران؟ موقف كوفي عنان الغامض يعيدنا إلى أسئلة وزير خارجية الإمارات العربية المتحدة الأسبوع الماضي، خلال مؤتمر أصدقاء سوريا في باريس، عن غياب عنان المشبوه عن المؤتمر وهو من صميم مسؤولياته. ولعل الشيخ عبدالله بن زايد لم يسأل أسئلته تلك، بألم وإلحاح، لولا الإحباط -وربما الشكوك في دور عنان أو تواطئه. آلة الموت الأسدية تواصل زحفها على المدن والأرياف السورية. والمئة قتيل، وأكثر، يومياً أصبح خبراً يومياً مألوفاً لم يعد يستفز الضمير العالمي. وبشار الأسد يواصل -بكل وقاحة عناده وتحديه للمجتمع الدولي مراهناً فقط على الحل الأمني لقمع غالبية الشعب السوري التي ترفضه ويصر على البقاء في السلطة مهما يكن الثمن. ومع ذلك يأتي عنان، من إيران، منادياً بأن الحل في طهران. إذن فلتكف إيران يدها عن الشأن العربي وتنشغل بقضاياها واقتصادها المنهار. ولو كان كوفي عنان محايداً فعلاً لأدان إيران، من إيران نفسها، على دعمها المخجل لنظام…