الأربعاء ١١ يوليو ٢٠١٢
قد يسأل سائل: وما دخل ضعف أداء الأجهزة الحكومية في مسائل متعلقة بحقوق الإنسان؟ وأجيب بأن ذلك من صميم حقوق الإنسان. ولهذا سعدت أمس وأنا أقرأ خبراً قصيراً كتبه زميلنا عبده الأسمري عنوانه: «وزارات الدولة تدرس تقريراً لحقوق الإنسان ينتقد التبلّد الإداري لدى القيادات». جاء في الخبر أن جمعية حقوق الإنسان أصدرت تقريراً يوضح وجود ضعف في الكفاءات الإدارية والأجهزة الحكومية ما تسبب في ضعف مؤشر الأداء. ونقلاً عن رئيس الجمعية، د. مفلح القحطاني فإن الجمعية «ستواصل رصد الشكاوى، مضيفاً أن الجمعية طالبت بإيجاد ضوابط واضحة لاختيار القيادات في الأجهزة الحكومية تبنى على أساس السيرة الذاتية للمرشح أو المقابلة الشخصية والخطة المستقبلية التي سيقدمها، وملاحظة ضعف الكفاءة الإدارية والتبلد الإداري وغياب الحس الحقوقي والإنساني عند بعض القائمين على الأجهزة، وبيّن أن الجمعية انتقدت المحسوبية والوساطة في تعيين بعض القيادات، ورصدت تهميش بعض المديرين للمتميزين من موظفيهم، لأسباب غير موضوعية». كل ما آمله، هنا، أن تستمر الجمعية في متابعة هذا التقرير لأهميته للتنمية. فتغييب الكفاءات الإدارية المؤهلة عن المواقع القيادية لا يهمشها فقط، ولكنه أيضاً يعطي الفرصة لغير المؤهل مما يزيد من تخلف المؤسسة التي يعمل بها ويؤثر بالتالي سلباً على التنمية الوطنية. إن التأهيل والكفاءة لا بد أن يكونا أهم المعايير لاختيار الشخصيات القيادية في أي مؤسسة. ومن هنا فإننا…
الثلاثاء ١٠ يوليو ٢٠١٢
هنا أعني البعض وليس الكل. ففي داخل السعودية يرفض بعض السعوديين، جملة وتفصيلاً، سلوكيات وأفكارا تصبح عادية وطبيعية في رحلاتهم خارج السعودية. فذلك الذي يرفض فكرة وجود سينما بأي مدينة أو قرية سعودية ما أن يصل البحرين أو دبي حتى يزاحم، مع عائلته، طوابير السينما وربما لأكثر من مرة يومياً. ثم حينما يعود لبلاده وتفتح أمامه فكرة وجود سينما محترمة في السعودية، يقفز معلناً رفضه للفكرة التخريبية التغريبية الخبيثة. وهو ذاته الذي يصر في جولاته بالأسواق خارج بلاده ألا تشتري زوجته أو بناته إلا من سيدة فيما هو أول معارضي توظيف السيدات بائعات في أسواق بلاده. وهو نفسه الذي يمشي، في سفره، مبتسماً سعيداً بصحبة أطفاله وعائلته، حفظهم الرب، لكنه بمجرد عودته يلبس ثوب الكآبة متقدماً أهله في أي مكان عام كما لو كان قائداً لكتيبة عسكرية. إنه ذاته الذي لا يكاد يرد عليك السلام في الأماكن العامة في بلاده لكنه في سفراته، ما شاء الله تبارك الله، لا تكاد الابتسامة تفارق محياه؛ يسلم على هذا مبتسماً لتلك. وهو نفسه الذي تمر عليه سنة كاملة من دون كلمة: عفواً أو «سامحني» أو «عن إذنك» أو «شكراً» بينما يقول «شكراً» لوحدها في أسبوع خارج بلاده أضعاف ما يقوله فرد مؤدب من أبناء البلاد التي يزورها خلال سنة كاملة. إنه نفسه الذي…
الإثنين ٠٩ يوليو ٢٠١٢
بعضنا يصور المواطن السعودي كما لو كان ملاكاً محصناً ضد أي خطيئة. أضحك أحياناً حينما يأتي «سعودي» بما يخرج عن المألوف «السعودي» فيسارع بعضنا بالتعليق: أصله ليس سعودياً! وقبل تجريده من «سعوديته» لرأي قاله أو موقف اتخذه، وجب أن نسأل: من قال إن السعودي معصوم عن الخطأ؟ ولماذا نفترض أن يكون السعوديون نسخة واحدة من بعضهم البعض؟ كثيراً ما سمعت: «مستحيل سعودي يسوي كذا». ولماذا مستحيل؟ السعودي يصيب أحياناً ويخطئ أحياناً. ينجح ويفشل. يخطط ويتهور. يصدق ويكذب. وهو – قبل أي شيء – إنسان يأكل ويشرب ويفرح ويحزن ويمرض ويموت. ولو مارسنا عنصريتنا الكريهة ضد صاحب أي رأي لا نتفق معه وقلنا «هذا أصله غير سعودي» فمن إذاً يبقى سعودياً؟ ولو جاء «سعودي» الأصل والفصل، ومن صلب هذه الأرض أباً عن عاشر جد، وقال كلاماً لا يليق أو فعل فعلاً مشيناً لبحث البعض في شجرة عائلته لعلهم يجدون «فرعاً» في تلك الشجرة العريقة ليستخدمه حجة لإخراجه من الشجرة المقدسة! ثم يقال: هاه: أرأيتم: أصله غير سعودي؟ كم مرة سمعنا أحدهم يؤكد: «مستحيل سعودي يفعل كذا أو يقول كذا». يا جماعة الخير، السعودي في أول النهار وآخره إنسان له زلاته وله حسناته. وهو ينتمي لمجتمع ضخم وفيه حراك ثقافي وتجاري مهم. إنه مجتمع متنوع في أقاليمه وتجاربه. من الظلم اختزاله في…
الأحد ٠٨ يوليو ٢٠١٢
هي مسألة وقت، و قريب جداً، و ينتهي طغيان بشار الأسد وعائلته في سوريا. و طبيعي أن تأخذ سوريا وقتها في لملمة جراحها وإعادة ترتيب أوراقها. لن تكون المرحلة أسهل مما مرّت و تمرّ به ليبيا. لكن السوريين قادرون على إعادة ترتيب الصفوف و الخروج من مأزق المرحلة الانتقالية من أجل بناء جمهورية العدل و المساواة. وهنا أسأل: ما ذا أعددنا – في الخليج – لتلك المرحلة؟ كيف ستدعم دول الخليج السوريين في مرحلتهم الانتقالية؟ التغيير في سوريا قادم لا محالة. بل لقد بدأت أولى مراحله. فهل سنكون فاعلين في دعم السوريين في مرحلتهم الانتقالية بما يحقق آمالهم و يخدم المصالح الإقليمية؟ أُذكِّر دائماً أننا خسرنا العراق حينما أهملناه وتجاهلنا حاجة أهله لنا بعد سقوط صدام حسين. من المهم استراتيجياً أن نكون أصدقاء لكل الأطراف في سوريا الجديدة. و من العقل أن نسهم مع إخوتنا في سوريا في بناء سوريا الجديدة التي لا تغلب مصلحة الأغلبية على حساب الأقلية و لا تدعم طرفاً ضد طرف. فاستقرار سوريا مهم لاستقرار المنطقة كلها. و سوريا حينما تستقر و تخرج من نفق آل الأسد ستكون لاعباً اقتصادياً مؤثّراً على مستوى المنطقة كلها. و الطاقات السورية المبهرة، في التجارة والفنون والفكر، ستضفي كثيراً لحراك المنطقة القادم متى ما خرجت من قمع وكبت نظام الأسد.…
السبت ٠٧ يوليو ٢٠١٢
أمس، في مؤتمر أصدقاء الشعب السوري في باريس، رأى العالم أن سوريا تعود، تدريجياً، لأهلها. ثمن باهظ يدفعه السوريون منذ أربعين عاماً من أجل استعادة وطنهم. اختطف آل الأسد سوريا بتاريخها العظيم وحولوها إلى «غنيمة» لطائفتهم. المؤلم أن سرقة سوريا تمت باسم العروبة والبعث ومقاومة العدو. ومن لديه أدنى شك في نظرة آل الأسد الطائفية لسوريا فليفكر في آلية القتل المنظم ضد السُنَّة تحديداً في سوريا. نحن – بالتأكيد – ضد الظلم والقتل الموجه لأي أحد، في سوريا أو خارجها، باسم الطائفة أو تحت أي ذريعة. ونحن بكل تأكيد ضد التحريض الطائفي، أياً كان شكله ومصدره. ولكننا – في المثال السوري – معنيون أن نفهم كيف يفكر النظام الطائفي في سوريا مع التذكير بأن هذه السياسة الطائفية (العنصرية) كانت من مبادئ نظام آل الأسد منذ بداياته. ولهذا جاء مؤتمر أصدقاء الشعب السوري في باريس أمس من مؤشرات اقتراب الفرج في سوريا. لا حل مع نظام قمعي وهمجي وعنصري إلا باللغة التي يفهمها: القوة. والسوريون قالوها صراحة: ادعموا الجيش الحر وسنحرر سوريا. والدعم الأساسي – ولنقلها صراحة – يأتي بتزويد الجيش الحر بالسلاح النوعي لمواجهة آلة الموت التي يمتلكها نظام الأسد بدعم روسي صيني إيراني لم يتوقف. ودعم الجيش الحر عسكرياً قد يكون أفضل الحلول لمواجهة مخاطر انتشار الجماعات المسلحة التي…
الخميس ٠٥ يوليو ٢٠١٢
إعفاء مديري جامعتين سعوديتين وتعيين مديرين جديدين لهما قرار يصب في مصلحة الطلاب أولاً. وهذا عين العقل. نحن بأمس الحاجة أن تكون اهتمامات جامعاتنا منصبة على الطالب قبل غيره. ومهم جداً أن تكون إدارة الجامعة في صف الطالب لا ضده. ومسألة «البهرجة» الإعلامية التي انشغلت بها بعض جامعاتنا، على حساب هموم الطلاب وتطوير مخرجات التعليم، ضررها أكثر من نفعها. ولهذا فرحت كثيراً بالتعديلات الأخيرة في المناصب العليا لجامعتين من أهم جامعاتنا. فالأحداث الخطيرة التي شهدتها جامعة الملك خالد ما كان لها أن تمر من دون تحقيق ومحاسبة. ولو لم تتم المحاسبة لزاد إحباط طلاب الجامعة واشتعل غضبهم. ما مضى مضى. ولكن لنتعلم من دروسه. وأهم الدروس أن إدارة الجامعة – أي جامعة – لا بد أن تضع مصلحة الطالب فوق أي اعتبار. فالطالب الجامعي مهموم جداً ليس بالأربع أو الخمس سنوات التي سيقضيها في جامعته ولكنه مهموم أكثر بما بعد الجامعة. سنوات الدراسة الجامعية، في أغلب الجامعات في العالم، تعد من أجمل سنوات العمر. وهي أيضاً معمل جاد يهيء الطالب للمستقبل بتحدياته وإحباطاته وفرصه. إن الجامعة التي تركز اهتماماتها على «البريستيج» الكاذب، من خلال الفرقعات الإعلانية، ولا تعطي ذات الاهتمام لتحسين وضعها الأكاديمي، إنما هي مثل من يعتني بمظهر سيارته الخارجي فيما ماكينتها لا تقوى على السير مسافة نصف ساعة.…
الأربعاء ٠٤ يوليو ٢٠١٢
أمس، في مترو باريس، وقد شاهدت آلاف الناس تنتقل من محطة لأخرى بكل انسيابية ونظام، تساءلت: لماذا لا نكون مثلهم؟ ما الذي ينقصنا لكي نبني طرقاً وسككا حديدية ومطارات منظمة نظيفة وعملية؟ وفي البرازيل، قبل أيام، وأنا أشاهد مساحات واسعة خصصت لحدائق وملاعب عامة، تساءلت أيضاً: لماذا لا يكون لدينا مثل هذه الحدائق وممرات المشاة والشواطئ الجميلة التي هي ملك عام لم تطالها «شبوك» أو أيد عابثة؟ أكثر ما أثارني وأنا أسأل هذه الأسئلة أن هذه البنى التحتية المتينة بُني أكثرها منذ عقود ومع الصيانة والرقابة والمتابعة، ما زالت تعمل بحيوية كما لو أنها بنيت أمس. حتماً أن من يبني بنية تحتية قوية، لا تطالها يد الفساد لا من قريب أو من بعيد، إنما يستثمر عملياً للمستقبل. وهذه الخدمات – من مواصلات وحدائق عامة – لم تعد تكلف خزينة الدولة إلا أقل القليل لأنها بنيت على نظام «التمويل الذاتي» الذي يجعل مستخدميها يشعرون فعلاً أنهم شركاء في تلك المنجزات ومعنيون بالحفاظ عليها. وما زلت أسأل: بالله عليكم ما الذي ينقصنا كي تكون لدينا بنى تحتية متينة تكون لنا استثماراً في المستقبل وتذكرنا، بها، أجيالنا المقبلة بالخير؟ متى تكون هذه المشروعات عندنا مشروعات وطنية -لا تجارية – نتباهى بها لأنها عملياً منجزات تعد «مفخرة وطنية»؟ متى نرى خطوط سكة الحديد وقد…
الثلاثاء ٠٣ يوليو ٢٠١٢
حينما كانت «العولمة» جدالاً عالمياً خلال التسعينات من القرن الماضي كان الفرنسيون من أشد من يعادي فكرة العولمة. وحجتهم كانت أن العولمة ليست سوى غطاء أنيق لمشروع أمريكي يهدف لأمركة العالم. صباح أمس، وفي جولة ممتعة في منطقة اليورو ديزني، في ضواحي باريس، رأيت الفرنسيين في قلب «الأمركة» من خلال أهم رموز أمريكا اليوم: ديزني لاند، ماكدونالدز وستار بوكس. في كل مرة أزور فيها فرنسا أشعر أن أعداداً أكبر من الفرنسيين يتحدثون الإنجليزية. وإن كنت من زوار فرنسا فتأمل في الهواتف الذكية الأكثر انتشاراً بين شباب فرنسا اليوم. لقد أثمرت جهود ستيف جوبز في انتشار منتجات «أبل» بين شباب العالم ومنهم الفرنسيون. إننا في زمن يقترب فيه العالم من بعضه أكثر فأكثر. ومع الوقت سوف تتأسس قيم عالمية (شبابية) جديدة تجتمع تحت مظلتها أجيال قادمة من شرق الأرض وغربها. ثمة تفاعل إنساني سريع بين الثقافات المتنوعة التي هي تجارب إنسانية يمكن أن تنتقل من مكان لآخر بسرعة وسهولة. ولم تعد «الخصوصية»، ثقافية كانت أو سياسية، عائقاً أمام الجيل الشاب أن يتواصل مع أقرانه من كل أنحاء العالم. ولم يعد بإمكان أحد أن يعزل نفسه عن هذا العالم المتجدد سريع الحركة خوفاً على «الخصوصية» أو إدراكاً بأن العالم يتحرك سريعاً. فالعزلة تعني الموت. ولا سبيل أمام أي أمة تسعى للبقاء في…
الإثنين ٠٢ يوليو ٢٠١٢
بعد الهزيمة الكبيرة التي مني بها منتخب ألمانيا لكرة القدم أمام فريق إيطاليا، قبل أيام، شعرت أن الله قد انتقم لي من الألمان بعد مرور عشر سنوات على مقلب ألماني أكلته فجر يوم بائس في بوسطن. وهنا القصة. خلال بطولة كأس العالم 2002، صادف أنني كنت أسكن مع أصدقاء ألمان يقيمون في بوسطن. أصر صديقي، سباستين، وهو أستاذ في الإم آي تي، أن أرافقه فجراً لمقهى قريب يعرض مباريات كأس العالم. وكانت المباراة «الفضيحة» بين ألمانيا والسعودية. ذهبت والنعاس ما زال مهيمناً. جاء الهدف الألماني الأول. صرخ سباستين من الفرحة وكأن وجودي معه قد منحه الفرصة الذهبية للاستعراض بالهدف الأول. تتابعت الأهداف الألمانية سريعاً. وعند كل هدف ألماني يواصل صديقي صراخه أمامي كما لو كنت فعلاً مدرب المنتخب وقتها. بعد الهدف الخامس خفت نشوة النصر عند سباستين. كأنه لحظتها أدرك أن الفوز بتلك الطريقة محرج حتى للفريق الألماني نفسه. اعتذر لي صديقي متعاطفاً معي بعد الأهداف الثمانية المخجلة. وهو لا يعلم أن الرياضة عندنا ما تزال ضحية الأهواء. صديقي جمال الشحي، وهو لاعب كرة قدم إماراتي سابق، يصف حال كرة القدم في الخليج بـ«قليل من الرياضة كثير من السياسة». فالرياضة عندنا، مثل أي شيء آخر، مُسيسة. ومع الوقت، ملّت الناس من أنديتنا ورياضتنا. ثم فتح الله علينا بتقنية الاتصال الجديدة.…
الأحد ٠١ يوليو ٢٠١٢
من مساوئ بقاء المرء طويلاً في مركزه الوظيفي أنه -مع الوقت- يصدق أن وظيفته حق لا ينازعه فيه أي أحد وأن المؤسسة التي يعمل بها ملك خاص لا يجادله فيه أي قريب أو بعيد. ولهذا يتعامل هذا النوع من المسؤولين مع أي نقد يوجه للمؤسسة التي يعملون بها كما لو كان نقداً للشخص لا لعمله أو أداء مؤسسته. لدينا مسؤولون يطيلون البقاء في مناصبهم فيتحولون مع الزمن إلى «كومة من الغرور» «فيشخصنون» أي نقد يوجه لأدائهم. وفي العالم العربي «موظفون» يمارسون «استبداداً» لا يقل خطورة عن استبداد الأنظمة الديكتاتورية. هل تتخيل -مثلاً- وكيل وزارة خدمية ينزعج من كلمة نقد عابرة في مقال أو مقابلة فيتحول هذا الانزعاج إلى موقف «شخصي» يقود إلى الانتقام من صاحب النقد بأي طريقة؟ أعرف مسؤولاً ظل يبحث عن أي معاملة لمن تجرأ وانتقد وزارته لعله يصفي حساباته مع صاحب النقد. ولما لم يجد أي معاملة لصاحب النقد ظل يبحث عن أي «معاملة» لقريب أو صديق لمن كتب ينتقد أداء وزارته! هل عقلية كهذه جديرة بتحمل أي مسؤولية؟ أليست هذه العقلية هي من تضاعف الغضب الشعبي تجاه أداء المؤسسات التنفيذية في العالم العربي؟ وأعرف -مثلما تعرفون- مسؤولين لا يستحون وهم يقحمون عنصريتهم البغيضة في عملهم فلا يخافون ربهم ولا يراعون ثقة من عينهم وهم يعقدون معاملات…
السبت ٣٠ يونيو ٢٠١٢
مهنياً، أرفض دائماً فكرة الجمع بين صفتيَّ الإعلامي والناشط. أرفض دوماً فكرة أن يخلط الإعلامي بين النقيضين: العمل الإعلامي الذي يفترض الحيادية (قدر المستطاع) والانخراط في عمل ذي بُعد حركي سياسي. لا يمكنك أن تكون إعلامياً وفي ذات الوقت ناشطاً سياسياً. وكونك إعلامياً، فلديك منابرك للتعبير عن رأيك إن كنت مضطراً للتعبير عن موقفك الشخصي تجاه قضية سياسية أو شأن عام. في المحاضرات التي أدعى لإلقائها على طلاب الإعلام أنبه دائماً لأهمية عدم الخلط بين القناعات الخاصة والتغطية الإعلامية. ومرة اجتمعت بفريق تحرير في مؤسسة إعلامية فقلت للفريق: دعوا مواقفكم الشخصية تجاه الأحداث الساخنة في منطقتكم خارج هذا المبنى. من أسوأ ممارساتنا في الوسط الإعلامي العربي أن فينا من يخلط بين وظائف ومواقف الناشط السياسي ووظيفة الإعلامي. ولهذا لا تستغرب وجود بعض الإعلاميين الذين تتأثر تغطيتهم للأحداث برغباتهم وآمالهم وتوجهاتهم ومواقفهم الشخصية. وهنا نفرق بين التغطية الصحفية والمقال الذي يعبر فيه كاتبه عن رأيه وقراءته الخاصة للأحداث. وتلك من أبجديات المبادئ المهنية في العمل الإعلامي. لكنها -في الغالب- مفقودة لدينا. كثيراً ما أُسأل لماذا لا «أتبنى» القضية الفلانية لأهميتها عند قطاع ما من المجتمع. ويكون ردي دائماً إن وظيفتي كإعلامي تفترض ألا «أتبنى» أي قضية. والفارق كبير بين أن تكتب عن قضية ما أو تتبناها. وهنا واحدة من الفوارق في…
الخميس ٢٨ يونيو ٢٠١٢
لا أفهم كيف يستغرب بعضنا من مجريات الأحداث في منطقتنا. كانت أغلب الدلائل تشير الى أن تغييرا كبيرا سيحدث في المنطقة. جاء العسكر إلى السلطة (وجيء ببعضهم) على ظهر الدبابة. ولم يبنوا دولة مؤسسات أو تنمية حقيقية. تراكمت الأخطاء -وما صاحبها من ظلم- مثل كرة الثلج. زاد الاستبداد حتى أكل أصحابه. وفي ظل التحولات الكبرى في تقنيات الاتصال والتواصل مع العالم كان لابد للإنسان -في بلدان الربيع العربي- من أن يتفاعل مع معطيات عصره فينتصر لنفسه. ولذلك يكون التغيير المقنن، المتماشي مع إيقاع عصره، أسلم للأوطان وأرحم للشعوب. والأمثلة كثيرة. فهل احتاجت تركيا إلى «ربيع تركي» حتى تتحرر من قبضة العسكر؟ ثمة دوماً قوى تقاوم التغيير وربما تحاربه. وكثيرون حولنا ينطلقون في رفضهم للتغيير من منطلقات طيبة وبريئة. فالخوف من المجهول يشكل أحياناً عقبة في وجه أي جديد. في المقابل، يخطئ من ينسى أن التغيير من سنن الحياة. فلكل عصر ظروفه ولكل جيل طريقة تفكيره. لكن المجتمعات التي تؤسس مؤسسات حقيقية توازن بين قيمها الأساسية وبين متغيرات عصرها تكون صاحبة اليد العليا في مسيرة التغيير. إنها تساير التغيير، وربما تسابقه، بدلاً من أن تصادمه أو تعاديه. ولديها أدواتها وآلياتها التي تساير الجديد في الأفكار والمعطيات دون التضحية بالسلم المجتمعي أو الاستقرار السياسي. وتلك أدوات ناجحة لأن المواطن شريك حقيقي في…