الأربعاء ١٣ يونيو ٢٠١٢
مفهوم النقد لدينا ملتبس وشديد التعقيد. بيننا من يميل دوماً لشخصنة النقد. فأن تكتب منتقدا أي ظاهرة أو إجراء فأنت -في نظر البعض- تنطلق من موقف شخصي أو مصلحة خاصة. النقد من المبادئ الأساسية للعمل الإعلامي. والنقد وظيفة تنموية في غاية الأهمية. وهو أيضاً «مسؤولية وطنية». وحينما تنتقد أداء وزارة أو مؤسسة لا يعني ذلك أنك تهمش تلك الوزارة أو المؤسسة بقدر ما تنبه لما يمكن أن يسيء لأدائها. أستغرب ربط البعض ما يكتبه الكتاب ويقوله المنتقدون بمشكلة أو منفعة شخصية. ولنفترض أن الكاتب يكتب عن تجربة شخصية، أليس الكاتب يرصد المشكلات والأفكار عبر تجاربه وتعاملاته اليومية؟ أسوأ المسؤولين من يأخذ النقد الموجه للمؤسسة التي يعمل بها كما لو كان نقداً قصد به تصفية حسابات خاصة أو من أجل مصلحة خاصة. كثيراً ما أتلقى اتصالات تعلق على بعض حواراتي التليفزيونية تشكك في نوايا الضيف وتطعن في مصداقيته، فقط لأنه تجرأ وقال ما لا يعجب البعض أو مارس نقداً مدروساً ضد مؤسسة أو وزارة. وليكن للرجل قضية في وزارة أو مؤسسة حكومية، هل لا بد أن نشكك في كل نقد يمارسه؟ أم أن المرء ينظر للناس وللنقد بعين طبعه؟ الكاتب والمثقف معني بممارسة النقد. ولمصلحة الوطن أن تكون في صحافته ومؤسساته الإعلامية أصوات ناقدة. ونقد الذات من أهم شروط النهضة. ولولا…
الإثنين ١١ يونيو ٢٠١٢
السبت الماضي، كانت زيارتي الأولى للقاهرة وكانت -للأسف- قصيرة جداً. لكنني -لحسن حظي- تمكّنت من جولة سريعة في إحدى فروع مكتبة الشروق الشهيرة. لفت انتباهي حضور الكتاب السعودي بقوة. لا أخفي فرحتي أن رأيت هناك روايات عبده خال وغازي القصيبي وإصدارات نواف القديمي وأسماء سعودية أخرى. رأيت على الرفوف أيضاً إصدارات كثيرة لدار مدارك التي أسسها حديثاً الزميل تركي الدخيل. للوهلة الأولى ظننت أن زبائن المكتبة الأكثر حرصاً على المنتج السعودي من السعوديين المقيمين أو الزائرين. إلا أنني عرفت من أحد العاملين هناك أن عدداً كبيراً من القراء العرب، من مصر وغيرها، يشترون روايات عبده خال بكثرة وأن الكتاب السعودي يحظى باهتمام خاص من زبائن مكتبته المصريين. المثقف السعودي يستطيع أن يصل بفكره إلى القاهرة وبيروت وغيرهما. ففي زمن الاتصالات السريعة والإعلام الجديد تسافر الأفكار وتنتقل سريعاً. لكن الكتاب يمكنه أيضاً أن يكون جسراً من جسور التواصل بين الشعوب وأن يقدّم “الوجه الإنساني” لأي مجتمع قبل منافسات السياسة أو صراعات الأيديولوجيا. نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق السعودية بتاريخ (١٣-٠٦-٢٠١٢)
السبت ٠٩ يونيو ٢٠١٢
حينما تضيق بك الدنيا فإن صلاتك الخاشعة المتجردة من كل تفكير غير إيمانك المطلق برحمة ربك وفضله ومحبته ستفتح لك أبواب الأمل وتريك طرقاً فسيحة لم ترها من قبل. نفشل كثيراً لأننا لم نعرف طريقاً آمنة للطمأنينة ونحن نواجه عواصف الزمن. ويسيطر علينا الوهم والقلق والخوف لأننا لم ندرك معنى الصلاة وأثرها على النفس والعقل. ذات ليلة هجمت فيها كوابيس الاغتراب، وبيني والوطن شمس وقمر، فرشت سجادة صلاتي وسرحت عميقاً أصلي لله وأناجيه وكلي إيمان به وبمحبته. ضاعت همومي في فسحة الطمأنينة التي وجدتها في قربي من الله ومن رحمته ومحبته. إن الصلاة التي ينسى أثناءها الإنسان كل علاقاته إلا علاقته بربه ، ويؤمن فيها عميقاً أن خالقه هو حقاً القادر المقتدر والرحمن الرحيم وأكرم الرازقين، هي مفتاح للأمل وراحة البال. حينما تهم للصلاة، إسأل نفسك: لماذا أصلي؟ هل تصلي مجاملة للناس أو خوفاً منهم؟ أم تصلي لكيلا تصنف في دوائر المغضوب عليهم اجتماعياً؟ أعرف أن ليس من حق أحد أن يتدخل في علاقة المرء بربه. مللنا من أولئك الذين يظنون أنهم وكلاء الله في الأرض وأوصياؤه على الناس في صلاتهم وصومهم وإيمانهم. ربك هو أعلم العالمين بما تخفي الصدور. لكنني أنصحك وأنت تنوي الصلاة أن تضع كل شيء على جانب ولا تفكر سوى في تواصلك مع الخالق عبر الصلاة…
السبت ٠٩ يونيو ٢٠١٢
أكتب هذه المقالة وأنا في الطائرة، إلى القاهرة. هذه هي المرة الأولى التي أزور فيها مصر وإن كانت زيارة قصيرة لبضع ساعات. في الطائرة، حملت معي أسئلة كثيرة عن مصر ومستقبل مصر. وأعرف جيداً أنني سأعود بها إن لم أعد بأكثر منها. في خطابنا العربي نكرر كثيراً ان مستقبل مصر سيكون مستقبل العرب. أو سيؤثر كثيراً في مستقبلهم. هل هذا صحيح؟ أعتقد -مثل كثيرين- إن بإمكان مصر، متى تنفست الصعداء من ثورتها، قادرة على قيادة مشروع تنموي حضاري ضخم يرسم للعرب خارطة طريق نحو المستقبل. هل لدى قادة مصر الجدد رؤية لهكذا طموح؟ إننا نعيش اليوم محاصرين بين مشاريع إقليمية خطيرة ربما ضعنا بينها أو كنا من «غنائم» أصحابها. فالأتراك يستعيدون «أمجاد الماضي» حينما كنا جزء من إنجازهم وهم يبهرون بعضنا بخطابهم الجديد الذي يدغدغ مشاعرنا ويستثمر في إنكساراتنا. وهم يعلمون كم نحن عاطفيون مع أي خطاب يمنحنا الوهم. والإيرانيون تحت غطاء المذهب وطرد المحتل يخترقون المنطقة كلها، من شمال إفريقيا إلى جنوب الجزيرة. وفينا من يرى فيهم نصير الضعفاء والمغلوبين على أمرهم. والإسرائيليون قد أخرجونا من دائرة الخطر لأننا منشغلون عنهم بصراعاتنا وفوضانا. ماذا بقي؟ هل نضيع في «صفقة» ما بين أصحاب المشاريع المتنافسة في محيطنا؟ هل ننتظر مصر؟ أمام مصر طريق طويلة كي تبدأ علاجها من تركة ثقيلة…
السبت ٠٩ يونيو ٢٠١٢
صديقي المصري يعرب عن خيبة أمله في «الإخوان» وقد دخلوا علانية لعبة السياسة: «دول طلعوا أي كلام». سألته: كيف تصفهم بـ»أي كلام» وهم من يقود المشهد الآن؟ قال إنهم يجيدون التنظير وينقضون الوعود ويحترفون تبرير ما يخدم أهدافهم. قلت له: أهلاً بك إلى عالم السياسة. المشكلة ليست في الإخوان لكنها فيمن ظن أنهم أقرب للملائكة مُصدقاً أن «الإخوان هم الحل». قال: ولكنهم يٌسيسون الدين من أجل الوصول للسلطة. قلت له: أهلاً بك إلى عالم الواقع يا صديقي: وهل الإخوان وحدهم من يُسيس الدين من أجل السلطة؟ سألني ممتعضاً: كأنك تؤيد وصول الإخوان للسلطة؟ أجبته أن تأييدي أو عدمه لن يقدم ولن يؤخر. أما وقد رضيت الناس بصناديق الاقتراع فليس أمامها بد من قبول نتائجها. المهم هنا أن السنوات القليلة القادمة ستبين للناس أن تحقيق مبتغاها في التنمية وإصلاح الأحوال لا يأتي بالوعود من فوق المنابر، ولا بالكلام الكبير الذي ما إن اصطدم بالواقع حتى تلاشى هباءً منثورا. إني مع مقولة «الميدان يا حميدان». أي: إن التجربة ستكون المحك. فإن فاز الإخوان ونجحوا في إدارة البلاد وتحقيق التنمية فأهلاً وسهلاً. وإن فشلوا فقد كسب المواطن العربي معرفة الفرق بين الأحلام والحقائق، بين الخيال والواقع. وأسقط بالتالي تلك «القدسية» في نظرته لكل من لبس عباءة الدين وشرع يطلق الوعود كما لو كان…
الجمعة ٠٨ يونيو ٢٠١٢
قد نختلف على قضايا لبنانية كثيرة. لكن شبه المتفق عليه أن اللبنانيين أسسوا مدرسة صحفية خاصة. كانت الصحافة اللبنانية في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي سيدة المشهد الإعلامي العربي. وما زال تأثيرها واضحاً حتى اللحظة. قبل أمس فقدت الصحافة العربية أحد نجومها الكبار. حزنت أن استيقظت صباح أمس على خبر رحيل غسان تويني. كأن قدر غسان تويني أن يشهد قبل رحيله رحيل أبنائه الثلاثة، نايلة ومكرم وجبران. وكان رحيل آخر الأبناء، جبران، عام 2005، أكثر إيلاماً لأن ذلك الرحيل شكَّل علامة فارقة في آلام لبنان واللبنانيين الذين ذاقوا أوجاع الحرب الأهلية ودفعوا أثماناً باهظة لأطماع آل الأسد في لبنان. لن أنسى حواراً طويلاً دار بيني وبين جبران تويني، في مكتبه في النهار، في العام 2003 حينما كان يعيد أغلب أمراض لبنان وأوجاعه للاحتلال السوري. وكان يحترق ألماً أن ترك العرب لبنان لعبة في أيدي النظام السوري كما لو كان «غنيمة» راحت من نصيب آل الأسد. وقد صدق. فما سفك دماء الأبرياء في سوريا اليوم إلا من نتاج اللعبة السياسية المريضة التي تركت نظام الأسد يتمادى لعقود في طغيانه وهمجيته وأطماعه. كان جبران وطنياً في نقده لأحوال لبنان مثلما كان والده وطنياً في دعوته الدائمة للتسامح حتى في أقسى الظروف مثلما فعل وهو يلقي كلمته التأبينية في رحيل جبران. غسان تويني…
الخميس ٠٧ يونيو ٢٠١٢
أزمة بعض الحكومات العربية اليوم أنها لم تستوعب بعد حجم التغيير الذي تمر به المنطقة حالياً. هذا التغيير يشمل تفكير الناس ونظرتها لحقوقها وواجبات حكوماتها تجاهها. حتى الإنسان الذي لا يفهم في السياسة أو لا يحب الدخول في عالمها المعقد لا بد أن يتأثر بما يدور في محيطه من أحداث وتطورات. وإن كانت واحدة من أسباب أزماتنا، على أكثر من صعيد، تأتي في الإصرار على التعاطي مع الأزمات وفق العقلية القديمة، التي يأمر فيها المسؤول فيطاع، ويخطئ فيها المدير فلا يحاسب، فإن الأزمة ستزداد تعقيداً ما دام بيننا من لم يدرك بعد أن اليوم غير الأمس. أغلب مطالب الناس في العالم العربي، من قبل الربيع ومن بعده، كانت وما زالت في دائرة الممكن تحقيقه. بل هي مطالب لإصلاح أوضاع خاطئة في الأصل. إنها في حدود الحد الأدنى من حقوق الناس وواجبات حكوماتها. ولهذا يأتي التعاطي مع هذه المطالب، بواقعية وتواضع واعتراف بالتقصير، حكمة في احتواء الأزمات وقطع الطريق أمام ما لا يحمد عقباه. فليس كل من ينشد الإصلاح طامع في سلطة. وليست الاستجابة لمطالب الناس وفهم ظروفها ومشكلاتها سقوط لـ«هيبة» الدولة. بل إنها على العكس من ذلك. إذ سنحمي المجتمع، بقيادته السياسة، من تبعات خطيرة لتراكم الغضب أو استغلاله. صانع القرار في منطقتنا معني أولاً بفهم جاد لما يجري اليوم…
الأربعاء ٠٦ يونيو ٢٠١٢
مرة سألت وزير خارجية عربياً إن كنا فعلاً نفهم إيران، ثقافة وتاريخاً وتركيبة سكانية ناهيك عن حراكاتها على أصعدة الفكر والسياسة والإقتصاد. كان الجواب جريئاً، احترمت صاحبه كثيراً، إذ أجاب سريعاً بالنفي. نحن لا نفهم إيران. تذكرت كلام الوزير وأنا، قبل يومين، أحاور الباحث السعودي في الشؤون التركية، د. عبدالله الشمري، الذي أكد لي أننا أيضاً لا نفهم تركيا. كثيرون منا يقرأون تركيا وإيران بالعاطفة والإنطباعات العامة. ولهذا يأتي السؤال دائماً عن أسباب ندرة، إن لم يكن غياب، مراكز الدراسات المتخصصة في الشؤون الإقليمية والدولية. وهو سؤال أصبح مملاً لكثرة ما طرحناه. لكننا صدقاً بحاجة لفهم علمي أشمل لبلدان مهمة في منطقتنا ولنا مصالحنا واختلافاتنا معها. كم لدينا من يجيد اللغة التركية ويتقنها؟ وكم لدينا من باحثين في الشأن التركي، يقرأون الصحف التركية يومياً ويرصدون حراك المجتمع التركي بكل أطيافه ويفهمونه؟ يقول الشمري إن أعداد الطلاب السعوديين في الجامعات التركية عدد محدود جداً قد لا يتجاوز العشرين طالباً. ما الذي يمنع أن نبتعث المئات من طلابنا، من مختلف التخصصات، للجامعات التركية وكثيرها معروف بالرصانة الأكاديمية وتنوع التخصصات؟ وذات الأسئلة تنطبق على فهمنا الحقيقي لإيران. هذا الجهل لا يخدم قضيتنا مع بلد مهم كإيران حيث تخترق السياسة الإيرانية، بذكاء، المنطقة لأن فيها الآلاف ممن يجيد العربية ويفهم التناقضات العربية. «شغل العواطف»…
الإثنين ٠٤ يونيو ٢٠١٢
المنشغلون بخصوماتهم مع الآخرين إنما يسيئون لأنفسهم أكثر من إساءاتهم لخصومهم. أستغرب من أولئك الذين يهدرون أثمن الأوقات في مؤامرات وتصفية حسابات ضد من اختلفوا معهم في الفكر أو في الرأي. وثمة نوع من الناس كأنه لا يقوى على العيش من غير اختلاق العداوات والمشكلات مع من حوله. حينما تنشغل بنفسك؛ بتطوير قدراتك ومواصلة إنجازاتك فأنت تنتصر على من تظنهم أعداء وخصوماً. وحينما تغرق في البحث عن فرصة انتقام ممن أساء لك أو حسبته منافساً لك فأنت تؤكِّد هزيمتك وتقدّمها لمن تعتبره الخصم على طبق من ضياع. المواجهة، في المواقف الحقيقية التي تتطلب المواجهة، ليست كتلك الخاسرة من أصلها فنضع أنفسنا في شباكها المعقدة، وليست كتلك التي يسعى بعض «الخصوم» لجرنا إليها كي نصبح، مثلنا مثلهم، سواسية في الفشل والخسارة. نصيحتي لك أن تبقى فوق، هناك في الأعلى. حذارِ من أن تُجرّ لمعارك خاسرة. كم من معركة ربحتها حينما أعطيتها ظهري وواصلت مسيرتي نحو أهداف رسمتها بنفسي لنفسي. انتبه: لا يجرك «أولئك الذين تحت» إلى مستنقعهم فتعيش أبد الدهر، مثلهم، أقصى حدود طموحك أن تنتصر عليهم. فالانتصار على الفاشلين هزيمة. والربح في مواطن الفشل خسارة. وحينما تحافظ على مكانتك مع «أولئك الذين فوق» -بأخلاقهم ووعيهم وكرمهم وتسامحهم وطموحهم ورؤيتهم الأبعد- فأنت حتماً ستبقى المنتصر. وبمجرد أن يجرك «أولئك الذين تحت»…
الإثنين ٠٤ يونيو ٢٠١٢
في دبي رأيت أباً يرافق ابنه إلى مقهى شبابي يرتاده عشاق الدراجات النارية. ولأني أعرفه جيداً وأعرف ابنه جيداً فلم أندهش لتلك الصداقة التي جمعت الأب بالابن وأصدقاء الابن. قال لي مرة إن أصدقاء أبنائي أصدقائي. وعرفت منه لاحقاً أنه يشارك أولاده وأصدقاءهم رحلات برية وبحرية وهو عندهم واحد من أفراد «الشلة»! أحببت في الأب حميمية الصداقة مع أولاده وأصدقاء أولاده. كم هي ممتعة تلك الصداقة التي تجمعنا بآبائنا وأعمامنا وإخواننا. سمعت يوماً أباً يطلب من ابنه: كن صديقي! ظننته يقولها مازحاً لكنني عرفت فيما بعد أنه كان يعنيها. ولأننا في زمن كثرت تعقيداته وزادت مخاطره، فليس ثمة آمن على الأبناء من صداقة حقيقية مع آبائهم؛ صداقة قوامها الصدق والقرب والفهم. عرفت يوماً أباً يظن أن كسر الحواجز مع الأبناء يكسر «هيبة» الأبوة! يا لهذه العقدة العربية التي اسمها «هيبة»، كم ورطتنا في متاهات ما أنزل الله بها من سلطان. أي «هيبة» تلك التي تصنع جدار من النفاق والخوف والكذب بين الابن وأبيه؟ إن الصداقة بين الآباء والأبناء، إن أسست لاحترام متبادل وثقة متبادلة، ستقطع الطريق أمام ما يمكن أن يتعرض له الأبناء من مشكلات في دراستهم وفي علاقاتهم وفي رؤيتهم لأنفسهم وللحياة. «الهيبة» شيء والاحترام شيء آخر. وصداقة الأبناء تؤسس نظرة احترام عند الأبناء لآبائهم. أما هذه «الهيبة» فإنما…
الأحد ٠٣ يونيو ٢٠١٢
في كل حوار أجريه مع الدكتور محمد القنيبط تكون مشكلة البطالة محوراً مهماً في حوارنا. ما زال القنيبط يؤكِّد على خطأ استراتيجية التعاطي مع هذه المشكلة. أغلب الردود والاتصالات التي علّقت على مقابلتي الأخيرة مع القنيبط جاءت مؤيدة لما يطرحه القنيبط إزاء مشكلة البطالة المتفاقمة. فالأسواق والمحلات التجارية قادرة على توظيف الآلاف من شبابنا. قطاع التجزئة من أكبر القطاعات التي يمكنها استيعاب أعداد كبيرة من الباحثين عن وظيفة. هذا، بالطبع، يتطلب قوانين تضمن، على الأقل، الحد الأدنى من الرواتب الملائمة لظروف الشاب السعودي وفق منطق «لا ضرر و لا ضرار». ولعل تجربة سلطنة عمان من أنجح التجارب في منطقتنا. ففي كل مرة أسافر فيها براً من دبي لمسقط، يدهشني حضور الشباب العماني، من الجنسين، في سوق العمل. في محطات البنزين وفي الفنادق وفي المحلات التجارية من النادر أن ترى موظفاً من خارج البلاد. وبعض شبابنا حينما تطرح عليهم فكرة العمل -ولو مؤقتاً- في الأسواق يظن أنه سيبقى طيلة عمره بائعاً في دكان. أم إنهم لا يعلمون أن كثيراً من رموز التجارة في بلادهم بدأوا حياتهم بوظيفة بسيطة تعلموا منها كيف ينطلقون لما هو أكبر حتى نجحوا في بناء إمبراطوريات تجارية. الأهم أن يدرك صانع القرار أن الخطوة الأساس لإيجاد حلول عملية لمشكلة البطالة هي في تقديم مصلحة الوطن على مصلحة التاجر.…
السبت ٠٢ يونيو ٢٠١٢
يبدو أن معدي برامج إذاعتي (البي بي سي) و(مونتيكارلو)، الناطقتين بالعربية، ما زالوا يحملون نظرة الثمانينيات من القرن الماضي في تعاطيهم مع ما ينشر في الصحافة العربية. ما أن يستشهد أحدهم بما نشر في الصحافة العربية إلا ولجأ لواحدة من ثلاث صحف عربية تصدر من لندن. كأن تلك الثلاث صحف – مع تقديرنا لها – هي كل الصحف العربية. أم أن معدي البرامج الإخبارية في تلك الإذاعتين لا يجيدون قراءة الصحف العربية على الإنترنت؟ الصحف العربية، من المحيط إلى الخليج، تقدم آراء سياسية وثقافية متقدمة، وفيها محللون سياسيون مؤهلون ممن يُعطي الاستشهاد بآرائهم تنويعاً حقيقياً في الرأي والتحليل. لكن زملائنا الكرام في لندن ومونتيكارلو يدورون دوماً في فلك ما ينشر في الصحف العربية الصادرة في لندن وكأن تلك الثلاث صحف تختزل كل آراء العالم العربي. أفهم أنه لا يقرأون غير تلك الصحف قبل عصر الإنترنت. لكن في عصر الإعلام الجديد، حيث تنتشر المقالات من مئات الصحف العربية عبر مواقعها على النت وحيث «تويتر» يسهم كثيراً في انتشار مقالات وتحليلات صحفية مهمة، أصر على السؤال: لماذا هذا التجاهل لمئات الصحف العربية، بما تحمله من تنوع في الآراء والتحليلات؟ هل لأن بعض معدي برامجكما يعملون في تلك الصحف؟ فقط أتساءل! أم لأن بعض معدي البرامج لا يريد «وجع الراس» ففضل الخروج من…