أسئلة «طائرة»!

الإثنين ١٨ يونيو ٢٠١٢

 تستغرق الرحلة الجوية من دبي إلى محطتنا المقصودة في البرازيل 16 ساعة. قرأت فصلاً في الكتاب المرافق وشاهدت فيلماً ونمت لساعات. عدت لأوراق عمل أحملها في رحلتي، قرأتها من جديد، كتبت مزيداً من الملاحظات ودونت بعض الأفكار لمقالاتي اليومية. ومازلت أفكر -معلق بين السماء والأرض- فيما يحدث في عالمنا العربي.   لو أتأمل فقط في الطائرة العملاقة التي أكتب فيها هذه الزاوية لوجدت مائة سبب تشرح كيف تقدم صناع الحضارة المعاصرة وكيف تأخرنا. إننا نهدر الوقت وهم يستثمرونه بالثانية الواحدة. لماذا نهدر أوقاتنا في صراخنا السياسي وحروبنا الفكرية ومؤامراتنا بعضنا ضد بعضنا؟ صناع الطائرة التي تطير بي الآن إلى البرازيل منشغلون أيضاً بالسياسة. لكن حياتهم ليست كلها مُسخّرة لصراعات السياسة وألاعيبها. ما بالنا نحن منهمكون في منافسات السياسة وألاعايبها، منشغلون بصراعات الماضي ومآسيه؟ أعرف أنه سؤال ممل ومكرر لكنني هنا، بين السماء والأرض، ألحّ عليه: متى تصبح العلوم والإبداع والابتكار جزءاً أساساً من همنا وتفكيرنا اليومي؟   ماذا لو أعطينا الصناعة والإبداع قليلاً من الوقت الطويل الذي نقضيه في جدالات وصراعات تزيد من حالة التخلف والبؤس التي يعيشها عالمنا العربي؟ صناعة طائرة واحدة تؤمن آلاف الفرص الوظيفية لشباب متعطش للعمل والإنتاج. أبسط تقنية في هذه الطائرة تسهم في بناء الاقتصاد وازدهاره. ولابد من تكرار الأسئلة: أي إسهام لنا اليوم في الحضارة الإنسانية…

السعوديون والمستقبل

السبت ١٦ يونيو ٢٠١٢

جاء خبر وفاة الأمير نايف بن عبد العزيز، وأنا في طريقي إلى البرازيل مشاركاً في قمة الأرض. كان السؤال اللافت الذي أسمعه من كثيرين قابلتهم في رحلتي يسأل عن المستقبل في السعودية. وهو سؤال يسأله السعوديون أنفسهم. ليس جديداً تأكيد أهمية استقرار السعودية للمنطقة والعالم ليس فقط لأهميتها لاقتصاديات العالم وهي اللاعب الأول في سوق النفط ولكن لدورها الأساس في توازن القوى الإقليمية. السعوديون يسألون أسئلتهم لأنهم يرون أن بلادهم قادرة على العبور نحو نقاط الضوء إن أجبرتهم الظروف أحياناً على السير في نفق التحولات الإقليمية والدولية المربكة. ويسألون أحياناً أسئلة ملحة لأنهم يشاهدون حجم الدمار المخيف من حولهم ولابد لهم من الحرص على النأي ببلادهم من فوضى الخراب الشامل على حدودهم. إنهم يريدون أن يكون وطنهم قوياً متماسكاً بوحدة أهله وبمواجهة ما يمكن أن يضعفه ويضعفهم. وهكذا التحم الصف السعودي، قبل سنوات، مع قيادته في معركته الصارمة ضد الإرهاب. ولكي تكون السعودية قوية في الخارج فهي لابد أن تبقى قوية في الداخل. من هنا يسأل السعوديون أنفسهم أسئلة تبحث في المستقبل وينتقدون بعض الأخطاء في الإدارة والتنمية. من يحب وطنه يسأل أحياناً الأسئلة المزعجة. ومن يريد الخير لمجتمعه يشير بإصبعه لما يرى فيه بوادر خلل أو خطر. هناك تحديات حقيقية لعل من أبرزها مشكلة البطالة المتفاقمة؛ لا بد من…

شهرزاد الجعفري وأمثالها!

الجمعة ١٥ يونيو ٢٠١٢

ما أكبر الشبه بين شهرزاد الجعفري وأبناء المقربين من السلطة في العالم العربي. لا هم يمتلكون تواضع الكبار، أبناء الكبار، ولا هم يحافظون على شيء من “الوقار” في حضرة الكبار! إنهم باختصار صغار أمام الكبار، “طواويس” أمام مواطني بلدانهم من المكافحين والمجتهدين والمغلوبين على أمرهم! مصلحتهم فوق أي اعتبار. وولاءاتهم لمن يحقق لهم مصالحهم. لكن ذلك الولاء زائف، يزول سريعاً بمجرد انتهاء المصالح. في أمريكا، عرفت طلاباً من تونس كانوا يتباهون بزين العابدين بن علي كما لو كانوا أبناء عمومته. وبمجرد أن سقط، انقلبوا فجأة وصاروا كما الثوار، يحملون صور محمد البوعزيزي ويلعنون أيام بن علي! شهرزاد الجعفري لم تتعلم من تجربة الدراسة والإقامة في أمريكا كيف ولماذا تفوقت أمريكا وتأخرت بلادها. ولم تشرح لبشار، وهي تراسله بانتظام، أن ما يفعله جيشه ضد شعبه سيجرجره إلى نهايته سريعاً. أعرف هذه النوعية جيداً. فهم ينافسون الأمريكان في الحديث عن آخر الصرعات الثقافية والفنية ويقرأون أحياناً أرقى الإصدارات الأمريكية. يجيدون اللغات الأجنبية وكثيرهم تعلموا -منذ الطفولة- في مدارس أجنبية. يدرسون في أرقى الجامعات الغربية ويجيدون الحديث عن الديمقراطية والحرية ويفهمون في السياسة والاقتصاد والإعلام. ومع ذلك يدافعون عن أنظمة الاستبداد والجهل في بلدانهم بطريقة تكاد بسببها أن تشك أنهم يتحدثون عن سويسرا أو السويد! ابنة السفير السوري لدى الأمم المتحدة استغلت معرفتها…

العقل هو الحل!

الجمعة ١٥ يونيو ٢٠١٢

التجربة العملية كفيلة بإسقاط الشعارات أو تأكيدها، دعونا نخوض التجربة كي نختبرها. أصحاب «الإسلام السياسي» يزعمون أنهم يملكون المفتاح السحري لحل مشكلات الأمة، ومنافسوهم بدلاً من أن يشرحوا لنا ما هي الأجندات التنموية والأولويات الإدارية في برامجهم، انشغل كثيرهم في التشكيك في قدرة الإسلاميين على القيادة. لكن المحك الحقيقي سيكون التجربة على الأرض، وتلك فرصة ذهبية للشعوب العربية كي تختبر قدرة الأطراف المتنافسة على السلطة، سينجح من ينظر للسلطة على أنها «إدارة» مشروعات تنموية وبناء دولة المؤسسات وفتح الأبواب لمؤسسات المجتمع المدني. أما من يختزل السلطة في المفهوم العربي المعتاد فيجعل منها أداة امتلاك وتسلط فمصيره الفشل الذريع. لم تعد المرحلة تحتمل اللعب بالسياسة على حساب التنمية. فغالبية سكان العالم العربي من فئة الشباب. وهؤلاء لا تعنيهم ألاعيب السياسة قدر ما تعنيهم همومهم اليومية في التنمية الشاملة بما يرافقها من حريات وعدالة وشفافية. هموم الداخل ستكون اللاعب الأكبر في تشكيل وعي وقناعات الناس تجاه أنظمة الحكم القادمة في بلدانها. وقد خبر الشباب العربي كسر حواجز الخوف مع أنظمة القمع في بلدانها مما يعني أنه سيكون أقرب للمستحيل أن تعود الديكتاتوريات للبلدان التي خبرت الربيع! كل الشعارات التي تزعم أنها تختصر حلول التنمية والحكم لن تنجح -بعد التجربة الأولى- في إقناع الناس بجديتها وصدقها. التجربة هي المحك. وهي التي ستؤكد أو…

مسجد الفاروق

الجمعة ١٥ يونيو ٢٠١٢

أمس، أثناء صلاة الجمعة في جامع الفاروق بدبي، أعجبت بطاقم العمل في المسجد كيف يتأكدون من التزام المصلين بآداب المسجد في ملابسهم وعند دخولهم وخروجهم. هناك لوحات كبيرة عند مداخل المسجد توضح، بالصورة والرسم التوضيحي، ما يجوز وما لا يجوز عند دخول المسجد. وهناك حراس عند الأبواب ينظمون دخول المصلين وخروجهم. في مسجد الفاروق، لا أظنك بحاجة أن تقلق من أن يُسرق حذاؤك! هذا الجامع الذي أعاد بناءه حديثاً رجل الأعمال الإماراتي خلف الحبتور يعد تحفة من تحف العمارة الإسلامية. لكن أجمل ما فيه نظافته التي تراقبها إدارة منظمة تعطي للمسجد وقاره ومحبته. أختلف مع أولئك الذين يبالغون في خشيتهم من أن تكون العمارة الأنيقة للمسجد من عوامل تشتيت انتباه المصلين. العكس هو الصحيح. فالمسجد النظيف بإضاءاته ومكيفاته الجيدة يغري الناشئة بالزيارة ويعطي الصورة المفترضة عن مساجدنا كبيوت للعلم والعبادة. في جامع الفاروق توجد مكتبة وقاعات درس بالإضافة لمواقف السيارات المرتبة والمداخل السهلة. أعرف أصدقاء يأتون من أماكن متباعدة، من دبي ومن خارجها، للصلاة في جامع الفاروق. ما الذي يمنع أن يكون في كل حي في مدننا مساجد مرتبة ومنظمة؟ ولماذا لا تجهز المساجد بقاعات وخدمات قد يستفيد منها سكان الأحياء المجاورة في تعلم المهارات أو إقامة الندوات؟ أثق أن القائمين على المساجد في منطقتنا يتلقون العشرات، ربما المئات، من…

نهاية القاعدة في اليمن؟

الجمعة ١٥ يونيو ٢٠١٢

السلاح يمكنه أن يقلّم أظافر القاعدة في اليمن لكنه لن ينهيها أبداً. والحرب على القاعدة في اليمن ليست فقط بالدبابات والطائرات والعسكر. ما يمكن أن يلغي وجود القاعدة في اليمن هي مشروعات التنمية الحقيقية. الناس تلجأ لجماعات التطرّف الديني -من ضمن أسباب أخرى- حينما تضيق بها الأحوال وتختفي معها بوادر الأمل. يسهل استقطاب عناصر القاعدة من البيئة المهيأة أصلاً للانتقام من سوء الأحوال وغياب القانون وضعف التنمية. إن التنمية الجادة هي أقوى الأسلحة التي يمكن أن يواجه بها اليمنيون أخطار العنف والتشدد والإرهاب. ولهذا فإن من مصلحة دول الخليج أن تستثمر في اليمن كي يسهل الخلاص من مخاطر القاعدة. فحينما تنشغل الناس باهتماماتها اليومية، في المزرعة وفي المصنع وفي أي عمل مجز، لا يعد عند الناس وقتا لسماع خطابات الظواهري ولا وعود القاعدة. ولهذا أتمنّى لو أن المعنيين بمقاتلة القاعدة في اليمن يعيدون استراتيجيتهم ويقرأون جيداً -وقبل أي شيء- أوضاع التنمية في اليمن. التنمية هي مفتاح الحل لكثير من أزمات اليمن وعلى رأسها وجود القاعدة. لكن التنمية ليست كلمة عابرة أو جملة تقال في مناسبة عامة. إنها منظومة ضخمة ومتكاملة من المشروعات الحقيقية تبدأ بمشروعات البنى التحتية وتشمل تطوير التعليم والطرق والصحة. في اليمن اليوم عشرات الآلاف من الأيدي العاملة مع التأهيل والتدريب يمكنها أن تكون من عوامل البناء والنهضة…

طائفية آل الأسد

الجمعة ١٥ يونيو ٢٠١٢

سمعت كثيراً عن ضباط سوريين كبار من العلويين يرددون على مسامع الضباط الأصغر، من طائفتهم، أن سُنَّة سوريا إن سقط نظام الأسد سيذلون -من جديد- العلويين كما فعل أجدادهم. يقولون إن السُّنَّة سيجعلون ممن ينجو من العلويين خدماً في بيوت السُّنَّة وحمَّالين في الأسواق ومنظفي سيارات في الشوارع. وفي شحنهم الطائفي، يخترعون قصصاً لمجازر ارتكبها السُّنَّة ضد العلويين في غابر الزمن ويكررون إن بشارا بمجرد أن يسقط سوف تسيل أودية من دماء العلويين. باسم العروبة و«البعث» تمسكن حافظ الأسد حتى تمكَّن. ثم قلبها طائفية حينما أمسك بنو طائفته بمفاصل الأجهزة الأمنية وحينما تمكَّنوا تماماً فتحوا كتب التاريخ المملوءة بالخرافة والأكاذيب وأضافوا لها قصصاً من خيالهم للانتقام من الغالبية وإذلالها. ولكي لا نقع في فخ التعميم وجب القول إن ظلم آل الأسد قد شمل بعض الأصوات الحرّة من العلويين. عرفت شخصياً سوريين من الطائفة العلوية هربوا من ظلم الأسد واستقروا في أمريكا ولم يروا أهاليهم منذ عقود. لكن من مصلحة الأسد أن يحتمي بطائفته وبقية الأقليات مع جماعات أخرى سُنيّة تأسست مصالحها على ظلم نظام الأسد وطغيانه. المأساة أن شهوة السلطة والتسلّط تدفع الطغاة لاستخدام أية وسيلة من أجل الهيمنة حتى لو قاد ذلك إلى حروب أهلية ومجازر طائفية. وإلا ما الذي يبرر للأسد أن تصل سوريا إلى هذه الحالة البائسة…

شخصنة النقد!

الأربعاء ١٣ يونيو ٢٠١٢

مفهوم النقد لدينا ملتبس وشديد التعقيد. بيننا من يميل دوماً لشخصنة النقد. فأن تكتب منتقدا أي ظاهرة أو إجراء فأنت -في نظر البعض- تنطلق من موقف شخصي أو مصلحة خاصة. النقد من المبادئ الأساسية للعمل الإعلامي. والنقد وظيفة تنموية في غاية الأهمية. وهو أيضاً «مسؤولية وطنية». وحينما تنتقد أداء وزارة أو مؤسسة لا يعني ذلك أنك تهمش تلك الوزارة أو المؤسسة بقدر ما تنبه لما يمكن أن يسيء لأدائها. أستغرب ربط البعض ما يكتبه الكتاب ويقوله المنتقدون بمشكلة أو منفعة شخصية. ولنفترض أن الكاتب يكتب عن تجربة شخصية، أليس الكاتب يرصد المشكلات والأفكار عبر تجاربه وتعاملاته اليومية؟ أسوأ المسؤولين من يأخذ النقد الموجه للمؤسسة التي يعمل بها كما لو كان نقداً قصد به تصفية حسابات خاصة أو من أجل مصلحة خاصة. كثيراً ما أتلقى اتصالات تعلق على بعض حواراتي التليفزيونية تشكك في نوايا الضيف وتطعن في مصداقيته، فقط لأنه تجرأ وقال ما لا يعجب البعض أو مارس نقداً مدروساً ضد مؤسسة أو وزارة. وليكن للرجل قضية في وزارة أو مؤسسة حكومية، هل لا بد أن نشكك في كل نقد يمارسه؟ أم أن المرء ينظر للناس وللنقد بعين طبعه؟ الكاتب والمثقف معني بممارسة النقد. ولمصلحة الوطن أن تكون في صحافته ومؤسساته الإعلامية أصوات ناقدة. ونقد الذات من أهم شروط النهضة. ولولا…

الكتاب السعودي في القاهرة

الإثنين ١١ يونيو ٢٠١٢

السبت الماضي، كانت زيارتي الأولى للقاهرة وكانت -للأسف- قصيرة جداً. لكنني -لحسن حظي- تمكّنت من جولة سريعة في إحدى فروع مكتبة الشروق الشهيرة. لفت انتباهي حضور الكتاب السعودي بقوة. لا أخفي فرحتي أن رأيت هناك روايات عبده خال وغازي القصيبي وإصدارات نواف القديمي وأسماء سعودية أخرى. رأيت على الرفوف أيضاً إصدارات كثيرة لدار مدارك التي أسسها حديثاً الزميل تركي الدخيل. للوهلة الأولى ظننت أن زبائن المكتبة الأكثر حرصاً على المنتج السعودي من السعوديين المقيمين أو الزائرين. إلا أنني عرفت من أحد العاملين هناك أن عدداً كبيراً من القراء العرب، من مصر وغيرها، يشترون روايات عبده خال بكثرة وأن الكتاب السعودي يحظى باهتمام خاص من زبائن مكتبته المصريين. المثقف السعودي يستطيع أن يصل بفكره إلى القاهرة وبيروت وغيرهما. ففي زمن الاتصالات السريعة والإعلام الجديد تسافر الأفكار وتنتقل سريعاً. لكن الكتاب يمكنه أيضاً أن يكون جسراً من جسور التواصل بين الشعوب وأن يقدّم “الوجه الإنساني” لأي مجتمع قبل منافسات السياسة أو صراعات الأيديولوجيا. نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق السعودية بتاريخ (١٣-٠٦-٢٠١٢)  

جدد حياتك!

السبت ٠٩ يونيو ٢٠١٢

حينما تضيق بك الدنيا فإن صلاتك الخاشعة المتجردة من كل تفكير غير إيمانك المطلق برحمة ربك وفضله ومحبته ستفتح لك أبواب الأمل وتريك طرقاً فسيحة لم ترها من قبل. نفشل كثيراً لأننا لم نعرف طريقاً آمنة للطمأنينة ونحن نواجه عواصف الزمن. ويسيطر علينا الوهم والقلق والخوف لأننا لم ندرك معنى الصلاة وأثرها على النفس والعقل. ذات ليلة هجمت فيها كوابيس الاغتراب، وبيني والوطن شمس وقمر، فرشت سجادة صلاتي وسرحت عميقاً أصلي لله وأناجيه وكلي إيمان به وبمحبته. ضاعت همومي في فسحة الطمأنينة التي وجدتها في قربي من الله ومن رحمته ومحبته. إن الصلاة التي ينسى أثناءها الإنسان كل علاقاته إلا علاقته بربه ، ويؤمن فيها عميقاً أن خالقه هو حقاً القادر المقتدر والرحمن الرحيم وأكرم الرازقين، هي مفتاح للأمل وراحة البال. حينما تهم للصلاة، إسأل نفسك: لماذا أصلي؟ هل تصلي مجاملة للناس أو خوفاً منهم؟ أم تصلي لكيلا تصنف في دوائر المغضوب عليهم اجتماعياً؟ أعرف أن ليس من حق أحد أن يتدخل في علاقة المرء بربه. مللنا من أولئك الذين يظنون أنهم وكلاء الله في الأرض وأوصياؤه على الناس في صلاتهم وصومهم وإيمانهم. ربك هو أعلم العالمين بما تخفي الصدور. لكنني أنصحك وأنت تنوي الصلاة أن تضع كل شيء على جانب ولا تفكر سوى في تواصلك مع الخالق عبر الصلاة…

مصر: إلى أين؟

السبت ٠٩ يونيو ٢٠١٢

أكتب هذه المقالة وأنا في الطائرة، إلى القاهرة. هذه هي المرة الأولى التي أزور فيها مصر وإن كانت زيارة قصيرة لبضع ساعات. في الطائرة، حملت معي أسئلة كثيرة عن مصر ومستقبل مصر. وأعرف جيداً أنني سأعود بها إن لم أعد بأكثر منها. في خطابنا العربي نكرر كثيراً ان مستقبل مصر سيكون مستقبل العرب. أو سيؤثر كثيراً في مستقبلهم. هل هذا صحيح؟ أعتقد -مثل كثيرين- إن بإمكان مصر، متى تنفست الصعداء من ثورتها، قادرة على قيادة مشروع تنموي حضاري ضخم يرسم للعرب خارطة طريق نحو المستقبل. هل لدى قادة مصر الجدد رؤية لهكذا طموح؟ إننا نعيش اليوم محاصرين بين مشاريع إقليمية خطيرة ربما ضعنا بينها أو كنا من «غنائم» أصحابها. فالأتراك يستعيدون «أمجاد الماضي» حينما كنا جزء من إنجازهم وهم يبهرون بعضنا بخطابهم الجديد الذي يدغدغ مشاعرنا ويستثمر في إنكساراتنا. وهم يعلمون كم نحن عاطفيون مع أي خطاب يمنحنا الوهم. والإيرانيون تحت غطاء المذهب وطرد المحتل يخترقون المنطقة كلها، من شمال إفريقيا إلى جنوب الجزيرة. وفينا من يرى فيهم نصير الضعفاء والمغلوبين على أمرهم. والإسرائيليون قد أخرجونا من دائرة الخطر لأننا منشغلون عنهم بصراعاتنا وفوضانا. ماذا بقي؟ هل نضيع في «صفقة» ما بين أصحاب المشاريع المتنافسة في محيطنا؟ هل ننتظر مصر؟ أمام مصر طريق طويلة كي تبدأ علاجها من تركة ثقيلة…

هل «الإخوان» أي كلام؟

السبت ٠٩ يونيو ٢٠١٢

صديقي المصري يعرب عن خيبة أمله في «الإخوان» وقد دخلوا علانية لعبة السياسة: «دول طلعوا أي كلام». سألته: كيف تصفهم بـ»أي كلام» وهم من يقود المشهد الآن؟ قال إنهم يجيدون التنظير وينقضون الوعود ويحترفون تبرير ما يخدم أهدافهم. قلت له: أهلاً بك إلى عالم السياسة. المشكلة ليست في الإخوان لكنها فيمن ظن أنهم أقرب للملائكة مُصدقاً أن «الإخوان هم الحل». قال: ولكنهم يٌسيسون الدين من أجل الوصول للسلطة. قلت له: أهلاً بك إلى عالم الواقع يا صديقي: وهل الإخوان وحدهم من يُسيس الدين من أجل السلطة؟ سألني ممتعضاً: كأنك تؤيد وصول الإخوان للسلطة؟ أجبته أن تأييدي أو عدمه لن يقدم ولن يؤخر. أما وقد رضيت الناس بصناديق الاقتراع فليس أمامها بد من قبول نتائجها. المهم هنا أن السنوات القليلة القادمة ستبين للناس أن تحقيق مبتغاها في التنمية وإصلاح الأحوال لا يأتي بالوعود من فوق المنابر، ولا بالكلام الكبير الذي ما إن اصطدم بالواقع حتى تلاشى هباءً منثورا. إني مع مقولة «الميدان يا حميدان». أي: إن التجربة ستكون المحك. فإن فاز الإخوان ونجحوا في إدارة البلاد وتحقيق التنمية فأهلاً وسهلاً. وإن فشلوا فقد كسب المواطن العربي معرفة الفرق بين الأحلام والحقائق، بين الخيال والواقع. وأسقط بالتالي تلك «القدسية» في نظرته لكل من لبس عباءة الدين وشرع يطلق الوعود كما لو كان…