السبت ٠٢ يونيو ٢٠١٢
عرفته منذ أيام الجامعة، ذكياً حيوياً لا يهدأ عن التفكير والعمل. سافرت معه في رحلات عمل وكان خير رفيق في السفر، شديد الحساسية تجاه من حوله. فرَّقت بيننا الأيام لكن «الصدف» تجمعنا من حين لآخر. فلسطيني الجنسية، ولد وكبر ودرس وعمل في الرياض. انتقل قبل سنة للعمل في دولة خليجية بعد أن جاءه عرض وظيفي مغر من مؤسسة حكومية هي من بحثت عنه وأغرته بالانتقال. اتصل بي قبل أيام مرتبكاً وشديد القلق: «كم حذرتني من التدخين وها أنذا أعيش مأساتي». زميل الدراسة يعاني من مرض خبيث في الحنجرة بسبب التدخين. لكن معاناته الأكبر، وهو القلق على مستقبل أطفاله، جاءت ممن ظن أنهم سيكونون سنده في أزمته: زملاء العمل! قال لي إن زملاء الوظيفة، بعد أن عرفوا بمرضه، بدأوا في اختلاق الأعذار والمضايقات لعله يستقيل. وعلى الرغم من أنه قد أبرز تقارير طبية تثبت تعافيه من مرضه وأنه قد تجاوز حدود الخطر إلا أن مضايقات مديره وزملائه قد زادت عن حدها. اتصل بي، وقد تمكَّن الإحباط منه، ليقسم لي بأغلظ الأيمان أن صدمته في مديره وزملاء العمل أشد وطأة من آلام المرض وأيام العلاج. وها هو، في منتصف العمر، يحزم حقائب الرحيل من جديد في رحلة بحثه الطويل عن «وطن». وقصة صديقي العزيز هي وجه واحد من وجوه رأسماليتنا القاسية. قلتها…
الجمعة ٠١ يونيو ٢٠١٢
قاتل القتيل في سوريا يمشي في جنازته. لم يكتف القتلة في نظام الأسد بارتكاب أفظع المجازر ضد السوريين، من خارج الطائفة، بل ظهروا على وسائل الإعلام كما لو كانوا هم «الضحية». هاهم «شبيحة» الأسد، بعد أن رشوا أجساد الأبرياء في «الحولة» وغيرها بوابل الرصاص، يتخندقون اليوم عبر الفضائيات العربية لإنكار دورهم في الجريمة. هذه «الحذلقة» التي من أبرز أبطالها مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري، لا تخجل وهي تمارس الكذب المفضوح على رؤوس الأشهاد. من يقف في صف الظالم شريك في الظلم. ومن يدافع عن المجرم شريك في الجريمة. ولهذا فإن موجة طرد الدبلوماسيين السوريين من بلدان غربية كثيرة يدعونا أن نطرد من تبقى من الدبلوماسيين السوريين في الخليج. هؤلاء لا يخدمون الجاليات السورية بقدر ما يخدمون نظام الأسد الممعن في جرائمه. وبعضهم غالباً ما يتجسس على الجاليات السورية ويرسل «وشاياته» لدمشق ضد كل من يتجرأ بالحديث ضد بشار ونظامه. الأسوأ من الجريمة أن تبرر الجريمة. والأكثر جرماً هو من يبحث عن أعذار لمرتكب الجريمة. هؤلاء «المتفذلكين»، من دبلوماسيين وإعلاميين، سوريين وغير سوريين، لا يخجلون وهم يرددون أكاذيب النظام السوري ويبحثون له عن أعذار تبرر جرائمه أو تبرئه منها. إن أضعف الإيمان في الرد على احتقار بشار لعقول العالم، بأكاذيبه التي لم تنقطع، أن يُطرد الدبلوماسيين السوريين ويكتفي من…
الخميس ٣١ مايو ٢٠١٢
إن كتبت عن «فتاة المناكير» وانتقدت تصرفها فأنت عند البعض «كاتب وطني غيور» متبوعة بـ «بارك الله فيك». أما إن حاولت قراءة أبعاد القصة بوعي لمتغيرات المجتمع، وفهم لثقافة وتفكير الأجيال الجديدة، واجهك البعض بكلمات نابية وسؤال من مثل: تتركون أحداث سوريا وتكتبون عن «المناكير»؟ عند هؤلاء، يصبح نقد هيئة الأمر بالمعروف، وإن تلميحاً، كما لو كان -معاذ الله- نقدا للدين. والجرأة على نقد أي سلوك لموظفي الهيئة هي عند البعض أقرب للمعصية. قيل كثيراً أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مؤسسة حكومية، مثلها مثل أي مؤسسة حكومية أخرى، ليست فوق النقد ولا تحته. موظفوها بشر، لا ملائكة، فيهم المجتهد وفيهم المقصر، وفيهم من يلتزم بالأنظمة وفيهم من يخالفها. لماذا يريد بعضنا أن يُلبس الهيئة والعاملين فيها «قدسية» لا تسمح بأي نقد؟ ليس من باب المجاملة أن نُثني على كثير من أدوار الهيئة في مكافحة المخدرات وضبط المبتزين ووقف بعض أشكال «قلة الأدب» في الأسواق والأماكن العامة. وتلك أدوار «أمنية» مهمة تُحسب للهيئة. لكن قصة «فتاة المناكير»، وقصص أخرى مشابهة، تدعونا لفهم آلية تفكير جيل جديد لن يستجيب لخطاباتنا وأساليبنا القديمة. وإن أردنا أن نكسب الأجيال القادمة، ونضمن ولاءها لقيم نؤمن بها ونحرص على استمرارها، فإننا مطالبون أولاً بفهم كيف تفكر الأجيال الشابة. وما هي همومها واهتماماتها. وكيف نخاطبها.…
الأربعاء ٣٠ مايو ٢٠١٢
حينما تتأمل خارطة العنف في عالمنا العربي لابد من السؤال: من أي مخزون حقد وكره وانتقام يتعامل المجرمون مع ضحاياهم من بني جلدتهم؟ من أين تأتي هذه القدرة المخيفة على الإجرام حتى تطال أطفالاً ونساءً ومن هم عند نهاية العمر؟ المجازر التي ترتكب يومياً في أرياف سوريا ومدنها لم تكن من باب «الدفاع عن النفس» ولكنها جرائم خطط لها المجرمون مبكراً وتدربوا على تنفيذها في مدارس متخصصة في الرعب والقتل. والموت العبثي الذي أقام في الجزائر لسنوات، خلال تسعينيات القرن الماضي، كان كالصاعقة وما زلنا حتى اليوم نتساءل من ارتكب تلك المجازر ولماذا؟ والقاعدة لا تزال تسقينا الموت في اليمن وفي أكثر من مكان حول العالم وكأن المنتمين لها يظنون أن بإمكانهم فرض عبثهم بالقوة على الناس. هؤلاء يسقون الناس الموت العبثي كل ساعة من أجل فرض سلطتهم بالقوة وبالرعب والموت. لم يصدق القذافي أن الليبيين كسروا حاجز الرعب الذي بناه داخلهم وانتفضوا فجأة ضده. وكاد يصدق أن حكم ليبيا حق عائلي يورثه لابنه. ثم رأينا كيف سلَّط آلة الكره والموت ضد ثوار ليبيا حتى انتهى إلى تلك النهاية التي تليق به. خارطة العنف في العالم العربي لا تقف فقط عند النماذج التي ذكرناها. إنها -للأسف الشديد- تبدو كما لو كانت «ثقافة» ورثناها منذ أيام «داحس والغبراء». فالثأر والجنون بالسلطة…
الثلاثاء ٢٩ مايو ٢٠١٢
ما أكبرها من كذبة تلك التي تمثَّلت في ردود الفعل الرسمية لدول كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وغيرهما بعد مجزرة «الحولة». ما من سياسي يتعاطى مع قضايا المنطقة إلا و يعرف جيداً دموية نظام الأسد الذي تأسس أصلاً على العنف و زراعة الرعب. كأنهم اليوم تفاجأوا بالوجه الحقيقي شديد القبح لبشار. قُتل في عام واحد ما لا يقل عن عشرة آلاف سوري على أيدي قوى الأمن السورية و العالم كله يتفرج. عُذِّب الأطفال و قُتِلُوا في الأرياف و المدن و«المجتمع الدولي» متردِّد في اتخاذ قرار صارم لوقف سيل الدم المستمر منذ عام. بل إن روسيا شريك علني في الجريمة. أما أمريكا فهي قلقة على أمن إسرائيل ومحتارة في طريقة التعامل مع إيران. أم أن واشنطن ستكرر ذات المشهد حينما تضاربت مواقفها في بداية الثورة المصرية ثم ما لبثت أن أيدت الثورة و كادت تزعم أنها من أشعل فتيلها؟ ما الذي ينتظره «المجتمع الدولي» وهو يشاهد اليوم – وعلى الهواء – المجازر المرعبة ضد الأطفال و المدنيين في سوريا على أيدي «شبيحة» الأسد و قواته الأمنية؟ وماذا ينتظر«الكبار» و هم يرون، عياناً بياناً، كيف يُذكي نظام الأسد فتنة الطائفية في سوريا و المنطقة كلها حتى يكسب مزيداً من الوقت قبل نهايته الآتية لا محالة؟ لقد عرَّت مجزرة «الحولة» نفاق العالم وتواطؤ الكبار…
الإثنين ٢٨ مايو ٢٠١٢
تقنية العصر ترصد حوادث اجتماعية ما كان للإعلام التقليدي علماً بها ولا قدرة على نقلها. الفتاة التي وثَّقت حوارها مع رجل هيئة الأمر بالمعروف، في المقطع الشهير بـ«فتاة المناكير»، قدَّمت لنا دليلاً جديداً على أن الإعلام الاجتماعي يمكنه أن يكون من أدوات النقد المؤثّرة. هذا الفيديو الذي شاهده عشرات الآلاف، من داخل المملكة وخارجها، عكس فجوة مهولة بين عقليتين. فالفتاة التي ترفض أن يُصادر حقُّها في الحركة داخل السوق بسبب «مناكيرها» تدرك أيضاً أنها اليوم مسلحة بتقنية ذكية تستطيع بها أن تشرك الآلاف في قضيتها. يقابل هذا الوعي عقلية أخرى ترى أن من واجبها الوظيفي (وربما الأخلاقي) أن تطرد الفتاة بحجة أن مناكيرها فتنة! أي العقليتين تنتمي لعصرنا؟ أنا ممن ملَّ جدالات الهيئة، والنقاش في تجاوزاتها وإنجازاتها، لكنني معني بقراءة أبعاد قصة «فتاة المناكير» من زاوية التحوُّلات الاجتماعية التي يمكننا اليوم رصدها بالصوت والصورة. فالطالبات اللائي تجمَّعْنَ في مظاهر احتجاجية في الجنوب والقصيم وحائل استطعن الوصول بقضاياهن للمسؤول، والعالم، بسرعة البرق. نحن اليوم أمام تغيُّرات كبرى. وفكرة أن نفرض عقلية الماضي على جيل اليوم قد تقود للكوارث. والأهم أننا – كمجتمع – بحاجة لنقاش مفتوح حول مفاهيم وقيم «المقبول» و«غير المقبول» اجتماعياً. هناك منظومة قيم متغيرة، متجدِّدة، وما تراه اليوم في دائرة «غير المقبول» اجتماعياً قد يكون غداً ممارسة يومية…
الأحد ٢٧ مايو ٢٠١٢
من أخطاء السياسة الخارجية الخليجية، على المستوى الإقليمي تحديداً، أنها في الغالب تخاطب القيادات السياسية وتغفل الشعوب. تهتم برضا الرئيس ومن في دائرته وتترك الشعب للظروف. مع الوقت نخسر القيادات التي ندعمها ونكسب عداوات شعوبها. القروض والمنح والمساعدات لا تذهب – إلا نادراً – للناس ولكن معظمها يضيع في دهاليز الفساد والبيروقراطية في الدولة التي تقدم لها المساعدات فتكون لاحقاً وبالاً علينا لأننا – عبر تلك الإعانات – ندعم الحكومات بدلاً من مساندة الشعوب. أو هكذا يُظن بنا. في اليمن اليوم، كثير من شباب التغيير ينظر للسياسة الخليجية تجاه اليمن كما لو كانت السبب في وأد ثورته. وفي مصر اليوم هناك من يعتقد أن دول الخليج تقف ضد ثورة المصريين وتدعم «بقايا الفلول». وكل هذه المواقف السلبية من دول الخليج هي حصاد عقود من تجاهل الشعوب وضعف التواصل الإيجابي معها. ولهذا فإننا بحاجة لإستراتيجية جديدة ومختلفة في تعاملنا مع شعوب المنطقة بحيث يكون المواطن هناك هو محور الاهتمام. الرؤساء يأتون ويذهبون. والأحزاب تلعب ألاعيبها السياسية وتبدلها حسب رياح المصالح. أما الشعوب فتملك – في الغالب – ذاكرة لا تشيخ. إنها تعرف من يساندها من أجل تحقيق آمالها والتخفيف من معاناتها. وهي حتماً لا تنسى من خذلها أو تعتقد انه تجاهلها. مصر اليوم تتغير بالساعة الواحدة. ونحن، في الخليج، معنيون بالتأسيس…
السبت ٢٦ مايو ٢٠١٢
ومثلما عشنا تجربة ميدان التحرير، كما لو كنا بين أبطاله، عشنا لحظات الترقب الطويلة لتلك الساعات التي تصطف فيها طوابير أهلنا في مصر لاختيار رئيسهم الجديد. مصر تختار رئيسها. الشعب اختار الرئيس. وما حماسنا لخروج مصر من عنق أزماتها إلا محبة لمصر وأهل مصر وثقة في دور مصر التنويري وإيماناً بأنها ستكون بوابة نهضتنا القادمة. قوة مصر قوة لنا. وما ضعفت مصر وتهاوى دورها إلا وضعف الدور العربي وتكاثرت مشكلاته. الإنسان ابن بيئته. والبيئة التي تشجع على الإبداع تخلق مجتمعات تواقة للمنافسة في الإبداع والإنتاج. هذا ما نأمله في الدور المصري القادم؛ أن تخلق مناخاً جديداً لأفكار تحث على الإبداع، وتنتشلنا -كأمة- من سقطتنا الحضارية المخيفة، أن تقفز بالإنسان في منطقتنا من صراعات الأيديولوجيا وألاعيب السياسة إلى ثقافة العمل والإبداع والمنافسة. والجيل الذي وقف بصدور عارية أمام دبابات الظلم والاستبداد واقف الآن بالمرصاد في وجه أية محاولة لإعادة مصر إلى الحفرة التي أرادت قوى الاستبداد حبسها فيها. لا خوف على مصر وعلى ثورة مصر طالما أن شباب مصر قد ذاق طعم الحرية وجرب كيف ينتصر لنفسه وأمته. ولهذا نحتفل بمصر الجديدة ليس فقط لأن في خيرها خير لنا ولكن لأنها أيضاً حينما ترتدي رداء العصر الجديد وتفتح أبوابه إنما تفتح أمامنا كلنا أبواباً جديدة للعمل والإنجاز. ومهما يكن من ألاعيب…
الجمعة ٢٥ مايو ٢٠١٢
الإصرار على مقاومة التغيير يعني الإصرار على العيش خارج العصر. وحينما تستشري حالة التذمر في المجتمع فإن تلك إشارة صريحة أن حالة السوء والتردّي قد بلغت حداً خطيراً. ولا بد من أن نتغيّر! لكل زمن ظروفه وثقافته. ولا يمكن أن أعيش اليوم بعقلية الأمس. أو أن أنتظر من ابني أن يفكر بعد عشرين سنة كما أفكر أنا اليوم. العالم من حولنا يتغير. وهاهي مصر اليوم تتغير. ومهما رافق التغيّر من أخطاء وآلام تبقى الحقيقة على الأرض ناصعة الوضوح مصر تتغيّر! المؤمنون بالتغيير غالباً هم المنتصرون. ولهذا فليس أمام العقلاء من صُنَّاع القرار في منطقتنا سوى استيعاب الدرس وفهمه جيداً. إنهم مطالبون الآن ليس بمجاراة التغيير وإنما بمسابقته. من لا يتغيّر اليوم غصباً عنه يتغيّر غداً. وكثير من الأفكار التي نرفضها بالأمس نتمسك بها اليوم. والأمثلة كثيرة. من قاوم فكرة تعليم المرأة قبل عقود يدافع عنها اليوم. ومن رفض إدخال الهاتف بيته قبل سنوات يحمل اليوم جواله في جيبه. ومن كان يدعو بالأمس القريب: «يارب لا تغيّر علينا» يتذمّر اليوم من بطء عملية التغيير والتطوير والإصلاح. الأذكياء هم من يتعاملون مع توق الناس للتغيير بمنطق «بيدي لا بيد عمرو». إنهم يسابقون الزمن من أجل حل المشكلات قبل تفاقمها. ويسبقون الناس من حولهم في صناعة التغيير في بلدانهم. وهؤلاء ، في الغالب،…
الخميس ٢٤ مايو ٢٠١٢
بحسب «العربية نت»، تتربع السعودية على عرش أكثر دول العالم في مشاهدة شبكة «يوتيوب» بواسطة الهواتف الذكية. ثمة مدمنون على اليوتيوب بحيث يشاهدون فيديوهات على اليوتيوب مرات كثيرة خلال اليوم الواحد. لكنني فعلاً احترت في أي سياق أقرأ هذا الخبر. لا أريد أن أقفز لتحليل سلبي كأن أفكر أن السعوديين -ومن يقيم في السعودية- كسالى وغير منتجين فيتجهون لإضاعة الوقت في مشاهدة اليوتيوب. إذ لعلهم منشغلون جداً بالقراءة والعمل فلا يجدون وقتاً لمشاهدة التلفزيون لكنهم يعوضون ذلك بمشاهدة ما فاتهم من برامج تلفزيونية مهمة بمشاهدتها لاحقاً على اليوتيوب. أم أنهم مبدعون مبتكرون لا يستسلمون لليأس من فتح دور للسينما في مدنهم فأجادوا استثمار اليوتيوب كبديل ترفيهي بين الأيادي؟ المهم أن اليوتيوب أعطانا فرصة أن نثبت للعالم أننا يمكن أن نكون رقم واحد ولو في مشاهدة الأفلام والبرامج وبعض القصص «الفشيلة»! والأهم -فعلاً- أن اليوتيوب أتاح فرصة ذهبية أمام مبدعينا الشباب، ممن يوصفون اليوم بنجوم اليوتيوب، لإبراز مواهبهم في النقد الاجتماعي الذكي وفي الكوميديا والدراما. فنجوم الساحة الجدد هم شباب أجادوا استثمار قنوات الإعلام الجديد، بما فيها اليوتيوب، ليس فقط للكشف عن مواهبهم المدفونة ولكن للكشف -أيضاً- عن خبايا «المسكوت عنه» في قضايا المجتمع ومشكلاته من فساد وتراجع في الخدمات و«حكايات» قد لا يفهم التعاطي معها إعلامنا القديم. السعوديون اليوم يوجدون…
الأربعاء ٢٣ مايو ٢٠١٢
تأسيس الجمعية السعودية لكتاب الرأي (رأي) خبر مفرح في ظل أجواء الأخبار المحبطة في محيطنا هذه الأيام. شكراً لأصحاب المبادرة الخلاقة و شكراً لوزارة الثقافة و الإعلام على موافقتها على تأسيس هذه الجمعية. من الخطأ، في رأيي، أن نظن أن (رأي) جاءت كمنافس لهيئة الصحفيين السعوديين. و بغض النظر عن أي مأخذ على الأخيرة فإنها تبقى معنية بالعاملين المتفرغين في الصحافة. كاتب الرأي ليس بالضرورة أن يكون صحفياً متفرغاً. بل لعل الغالبية العظمى من كتاب الرأي في صحافتنا هم من خارج الوسط الصحفي من معلمين وأكاديمين و رجال أعمال. لم تعد الصحافة صحافة خبر فقط. أحياناً يطلق على صحافتنا «صحافة رأي» لأهمية صفحات و زوايا الرأي و لظهور بدائل جديدة و سريعة للحصول على الخبر و التحليل الإخباري. صحافتنا تعيش اليوم مرحلة جديدة أصبح (الرأي) فيها عمود النجاح و التفوق. كتاب الرأي في الصحافة هم من أبرز صناع الرأي العام في المجتمع. و على مر العقدين الماضيين، لعب كتاب الرأي دوراً مهماً في تشكيل مشهد الجدالات السعودية. و أياً يكن الموقف من كاتب الرأي في صحافتنا فإن من حقه أن ينتمي لجمعية أهلية تصبح مظلة لزملاء الكتابة و ربما حامية لحقوق أصحاب الرأي في التعبير عن هموم المجتمع و قضاياه. كاتب الرأي في مجتمعنا يتعرض أحياناً لضغوط قد تصل للتهديد.…
الثلاثاء ٢٢ مايو ٢٠١٢
يبهرني أحياناً بعض المهووسين بالألقاب بثقتهم وجرأتهم وهم يقدمون أنفسهم بألقاب مثل دكتور، بروفيسور ومفكر! ولن أستغرب أن أسمع أحدهم يُعرّف بنفسه: أنا أستاذ كرسي فلان الفلاني! قال صديقي ساخراً إن «أستاذ كرسي» تعني أن سعادة الأستاذ الدكتور المفكر يجلس على كرسي ويحاضر على الناس. وتساءل: هل يحمل كرسيه فوق رأسه أينما ذهب؟ قبل سنوات كتبت عمن أسميتهم (دال نقطة)، من أولئك الذين يغضبون إن قدمتهم للآخرين من غير الإشارة لشهادة الدكتوراة التي يحملونها. ومع تقديري الصادق لكل أكاديمي جاد في مجتمعنا إلا أنني أثق تمام الثقة أن العالم الحقيقي هو من يدرك أن المرء كلما ازداد معرفة كلما ازداد قناعة أنه بحاجة لمزيد من المعرفة. الألقاب عند بعضنا مكملة لعناصر «الفشخرة» التي تشمل أحياناً صورة ملونة بالبشت و«دال نقطة» قبل الاسم الكريم. وإن قبلنا لقب «دكتور» في دوائر العمل أو الجامعة أو مناسبة رسمية، خاصة مع كثرة حملة هذا اللقب، ماذا نفعل بالألقاب من مثل أستاذ كرسي ومفكر؟ في مؤتمر عربي، جاءني من عرّف نفسه: معاك المفكر فلان؟ ولم أجرؤ أن أسأله: آه، أنت إذن تفكر؟ متى تفكر؟ أو: أنت تفكر إذن أنت مفكر؟ ومن منا لا يفكر؟ ما الفرق بين المراهقين من أثريائنا الذين يشحنون سياراتهم الفارهة للاستعراض بها كل صيف في ميادين أوروبا الشهيرة وأولئك المصابين بهوس…