«غطي وجهك يا حرمة» و«المناكير»!

الإثنين ٢٨ مايو ٢٠١٢

تقنية العصر ترصد حوادث اجتماعية ما كان للإعلام التقليدي علماً بها ولا قدرة على نقلها. الفتاة التي وثَّقت حوارها مع رجل هيئة الأمر بالمعروف، في المقطع الشهير بـ«فتاة المناكير»، قدَّمت لنا دليلاً جديداً على أن الإعلام الاجتماعي يمكنه أن يكون من أدوات النقد المؤثّرة. هذا الفيديو الذي شاهده عشرات الآلاف، من داخل المملكة وخارجها، عكس فجوة مهولة بين عقليتين. فالفتاة التي ترفض أن يُصادر حقُّها في الحركة داخل السوق بسبب «مناكيرها» تدرك أيضاً أنها اليوم مسلحة بتقنية ذكية تستطيع بها أن تشرك الآلاف في قضيتها. يقابل هذا الوعي عقلية أخرى ترى أن من واجبها الوظيفي (وربما الأخلاقي) أن تطرد الفتاة بحجة أن مناكيرها فتنة! أي العقليتين تنتمي لعصرنا؟ أنا ممن ملَّ جدالات الهيئة، والنقاش في تجاوزاتها وإنجازاتها، لكنني معني بقراءة أبعاد قصة «فتاة المناكير» من زاوية التحوُّلات الاجتماعية التي يمكننا اليوم رصدها بالصوت والصورة. فالطالبات اللائي تجمَّعْنَ في مظاهر احتجاجية في الجنوب والقصيم وحائل استطعن الوصول بقضاياهن للمسؤول، والعالم، بسرعة البرق. نحن اليوم أمام تغيُّرات كبرى. وفكرة أن نفرض عقلية الماضي على جيل اليوم قد تقود للكوارث. والأهم أننا – كمجتمع – بحاجة لنقاش مفتوح حول مفاهيم وقيم «المقبول» و«غير المقبول» اجتماعياً. هناك منظومة قيم متغيرة، متجدِّدة، وما تراه اليوم في دائرة «غير المقبول» اجتماعياً قد يكون غداً ممارسة يومية…

الخليج ومصر

الأحد ٢٧ مايو ٢٠١٢

من أخطاء السياسة الخارجية الخليجية، على المستوى الإقليمي تحديداً، أنها في الغالب تخاطب القيادات السياسية وتغفل الشعوب. تهتم برضا الرئيس ومن في دائرته وتترك الشعب للظروف. مع الوقت نخسر القيادات التي ندعمها ونكسب عداوات شعوبها. القروض والمنح والمساعدات لا تذهب – إلا نادراً – للناس ولكن معظمها يضيع في دهاليز الفساد والبيروقراطية في الدولة التي تقدم لها المساعدات فتكون لاحقاً وبالاً علينا لأننا – عبر تلك الإعانات – ندعم الحكومات بدلاً من مساندة الشعوب. أو هكذا يُظن بنا. في اليمن اليوم، كثير من شباب التغيير ينظر للسياسة الخليجية تجاه اليمن كما لو كانت السبب في وأد ثورته. وفي مصر اليوم هناك من يعتقد أن دول الخليج تقف ضد ثورة المصريين وتدعم «بقايا الفلول». وكل هذه المواقف السلبية من دول الخليج هي حصاد عقود من تجاهل الشعوب وضعف التواصل الإيجابي معها. ولهذا فإننا بحاجة لإستراتيجية جديدة ومختلفة في تعاملنا مع شعوب المنطقة بحيث يكون المواطن هناك هو محور الاهتمام. الرؤساء يأتون ويذهبون. والأحزاب تلعب ألاعيبها السياسية وتبدلها حسب رياح المصالح. أما الشعوب فتملك – في الغالب – ذاكرة لا تشيخ. إنها تعرف من يساندها من أجل تحقيق آمالها والتخفيف من معاناتها. وهي حتماً لا تنسى من خذلها أو تعتقد انه تجاهلها. مصر اليوم تتغير بالساعة الواحدة. ونحن، في الخليج، معنيون بالتأسيس…

لأنها مصر

السبت ٢٦ مايو ٢٠١٢

ومثلما عشنا تجربة ميدان التحرير، كما لو كنا بين أبطاله، عشنا لحظات الترقب الطويلة لتلك الساعات التي تصطف فيها طوابير أهلنا في مصر لاختيار رئيسهم الجديد. مصر تختار رئيسها. الشعب اختار الرئيس. وما حماسنا لخروج مصر من عنق أزماتها إلا محبة لمصر وأهل مصر وثقة في دور مصر التنويري وإيماناً بأنها ستكون بوابة نهضتنا القادمة. قوة مصر قوة لنا. وما ضعفت مصر وتهاوى دورها إلا وضعف الدور العربي وتكاثرت مشكلاته. الإنسان ابن بيئته. والبيئة التي تشجع على الإبداع تخلق مجتمعات تواقة للمنافسة في الإبداع والإنتاج. هذا ما نأمله في الدور المصري القادم؛ أن تخلق مناخاً جديداً لأفكار تحث على الإبداع، وتنتشلنا -كأمة- من سقطتنا الحضارية المخيفة، أن تقفز بالإنسان في منطقتنا من صراعات الأيديولوجيا وألاعيب السياسة إلى ثقافة العمل والإبداع والمنافسة. والجيل الذي وقف بصدور عارية أمام دبابات الظلم والاستبداد واقف الآن بالمرصاد في وجه أية محاولة لإعادة مصر إلى الحفرة التي أرادت قوى الاستبداد حبسها فيها. لا خوف على مصر وعلى ثورة مصر طالما أن شباب مصر قد ذاق طعم الحرية وجرب كيف ينتصر لنفسه وأمته. ولهذا نحتفل بمصر الجديدة ليس فقط لأن في خيرها خير لنا ولكن لأنها أيضاً حينما ترتدي رداء العصر الجديد وتفتح أبوابه إنما تفتح أمامنا كلنا أبواباً جديدة للعمل والإنجاز. ومهما يكن من ألاعيب…

مصر تتغير!

الجمعة ٢٥ مايو ٢٠١٢

الإصرار على مقاومة التغيير يعني الإصرار على العيش خارج العصر. وحينما تستشري حالة التذمر في المجتمع فإن تلك إشارة صريحة أن حالة السوء والتردّي قد بلغت حداً خطيراً. ولا بد من أن نتغيّر! لكل زمن ظروفه وثقافته. ولا يمكن أن أعيش اليوم بعقلية الأمس. أو أن أنتظر من ابني أن يفكر بعد عشرين سنة كما أفكر أنا اليوم. العالم من حولنا يتغير. وهاهي مصر اليوم تتغير. ومهما رافق التغيّر من أخطاء وآلام تبقى الحقيقة على الأرض ناصعة الوضوح مصر تتغيّر! المؤمنون بالتغيير غالباً هم المنتصرون. ولهذا فليس أمام العقلاء من صُنَّاع القرار في منطقتنا سوى استيعاب الدرس وفهمه جيداً. إنهم مطالبون الآن ليس بمجاراة التغيير وإنما بمسابقته. من لا يتغيّر اليوم غصباً عنه يتغيّر غداً. وكثير من الأفكار التي نرفضها بالأمس نتمسك بها اليوم. والأمثلة كثيرة. من قاوم فكرة تعليم المرأة قبل عقود يدافع عنها اليوم. ومن رفض إدخال الهاتف بيته قبل سنوات يحمل اليوم جواله في جيبه. ومن كان يدعو بالأمس القريب: «يارب لا تغيّر علينا» يتذمّر اليوم من بطء عملية التغيير والتطوير والإصلاح. الأذكياء هم من يتعاملون مع توق الناس للتغيير بمنطق «بيدي لا بيد عمرو». إنهم يسابقون الزمن من أجل حل المشكلات قبل تفاقمها. ويسبقون الناس من حولهم في صناعة التغيير في بلدانهم. وهؤلاء ، في الغالب،…

السعوديون على اليوتيوب!

الخميس ٢٤ مايو ٢٠١٢

بحسب «العربية نت»، تتربع السعودية على عرش أكثر دول العالم في مشاهدة شبكة «يوتيوب» بواسطة الهواتف الذكية. ثمة مدمنون على اليوتيوب بحيث يشاهدون فيديوهات على اليوتيوب مرات كثيرة خلال اليوم الواحد. لكنني فعلاً احترت في أي سياق أقرأ هذا الخبر. لا أريد أن أقفز لتحليل سلبي كأن أفكر أن السعوديين -ومن يقيم في السعودية- كسالى وغير منتجين فيتجهون لإضاعة الوقت في مشاهدة اليوتيوب. إذ لعلهم منشغلون جداً بالقراءة والعمل فلا يجدون وقتاً لمشاهدة التلفزيون لكنهم يعوضون ذلك بمشاهدة ما فاتهم من برامج تلفزيونية مهمة بمشاهدتها لاحقاً على اليوتيوب. أم أنهم مبدعون مبتكرون لا يستسلمون لليأس من فتح دور للسينما في مدنهم فأجادوا استثمار اليوتيوب كبديل ترفيهي بين الأيادي؟ المهم أن اليوتيوب أعطانا فرصة أن نثبت للعالم أننا يمكن أن نكون رقم واحد ولو في مشاهدة الأفلام والبرامج وبعض القصص «الفشيلة»! والأهم -فعلاً- أن اليوتيوب أتاح فرصة ذهبية أمام مبدعينا الشباب، ممن يوصفون اليوم بنجوم اليوتيوب، لإبراز مواهبهم في النقد الاجتماعي الذكي وفي الكوميديا والدراما. فنجوم الساحة الجدد هم شباب أجادوا استثمار قنوات الإعلام الجديد، بما فيها اليوتيوب، ليس فقط للكشف عن مواهبهم المدفونة ولكن للكشف -أيضاً- عن خبايا «المسكوت عنه» في قضايا المجتمع ومشكلاته من فساد وتراجع في الخدمات و«حكايات» قد لا يفهم التعاطي معها إعلامنا القديم. السعوديون اليوم يوجدون…

(رأي): خير ما فعلتم!

الأربعاء ٢٣ مايو ٢٠١٢

تأسيس الجمعية السعودية لكتاب الرأي (رأي) خبر مفرح في ظل أجواء الأخبار المحبطة في محيطنا هذه الأيام. شكراً لأصحاب المبادرة الخلاقة و شكراً لوزارة الثقافة و الإعلام على موافقتها على تأسيس هذه الجمعية. من الخطأ، في رأيي، أن نظن أن (رأي) جاءت كمنافس لهيئة الصحفيين السعوديين. و بغض النظر عن أي مأخذ على الأخيرة فإنها تبقى معنية بالعاملين المتفرغين في الصحافة. كاتب الرأي ليس بالضرورة أن يكون صحفياً متفرغاً. بل لعل الغالبية العظمى من كتاب الرأي في صحافتنا هم من خارج الوسط الصحفي من معلمين وأكاديمين و رجال أعمال. لم تعد الصحافة صحافة خبر فقط. أحياناً يطلق على صحافتنا «صحافة رأي» لأهمية صفحات و زوايا الرأي و لظهور بدائل جديدة و سريعة للحصول على الخبر و التحليل الإخباري. صحافتنا تعيش اليوم مرحلة جديدة أصبح (الرأي) فيها عمود النجاح و التفوق. كتاب الرأي في الصحافة هم من أبرز صناع الرأي العام في المجتمع. و على مر العقدين الماضيين، لعب كتاب الرأي دوراً مهماً في تشكيل مشهد الجدالات السعودية. و أياً يكن الموقف من كاتب الرأي في صحافتنا فإن من حقه أن ينتمي لجمعية أهلية تصبح مظلة لزملاء الكتابة و ربما حامية لحقوق أصحاب الرأي في التعبير عن هموم المجتمع و قضاياه. كاتب الرأي في مجتمعنا يتعرض أحياناً لضغوط قد تصل للتهديد.…

أستاذ كرسي؟

الثلاثاء ٢٢ مايو ٢٠١٢

يبهرني أحياناً بعض المهووسين بالألقاب بثقتهم وجرأتهم وهم يقدمون أنفسهم بألقاب مثل دكتور، بروفيسور ومفكر! ولن أستغرب أن أسمع أحدهم يُعرّف بنفسه: أنا أستاذ كرسي فلان الفلاني! قال صديقي ساخراً إن «أستاذ كرسي» تعني أن سعادة الأستاذ الدكتور المفكر يجلس على كرسي ويحاضر على الناس. وتساءل: هل يحمل كرسيه فوق رأسه أينما ذهب؟ قبل سنوات كتبت عمن أسميتهم (دال نقطة)، من أولئك الذين يغضبون إن قدمتهم للآخرين من غير الإشارة لشهادة الدكتوراة التي يحملونها. ومع تقديري الصادق لكل أكاديمي جاد في مجتمعنا إلا أنني أثق تمام الثقة أن العالم الحقيقي هو من يدرك أن المرء كلما ازداد معرفة كلما ازداد قناعة أنه بحاجة لمزيد من المعرفة. الألقاب عند بعضنا مكملة لعناصر «الفشخرة» التي تشمل أحياناً صورة ملونة بالبشت و«دال نقطة» قبل الاسم الكريم. وإن قبلنا لقب «دكتور» في دوائر العمل أو الجامعة أو مناسبة رسمية، خاصة مع كثرة حملة هذا اللقب، ماذا نفعل بالألقاب من مثل أستاذ كرسي ومفكر؟ في مؤتمر عربي، جاءني من عرّف نفسه: معاك المفكر فلان؟ ولم أجرؤ أن أسأله: آه، أنت إذن تفكر؟ متى تفكر؟ أو: أنت تفكر إذن أنت مفكر؟ ومن منا لا يفكر؟ ما الفرق بين المراهقين من أثريائنا الذين يشحنون سياراتهم الفارهة للاستعراض بها كل صيف في ميادين أوروبا الشهيرة وأولئك المصابين بهوس…

وعود كبار المسؤولين!

الإثنين ٢١ مايو ٢٠١٢

ماذا لو حاسبنا بعض كبار المسؤولين على الوعود التي يطلقونها عادة في بداية استلام المنصب الجديد؟ بعضهم يعطي وعوداً كثيرها خيالي؛ إن كان يعرف أنها لن تتحقق فتلك مصيبة وإن كان لا يعلم فالمصيبة أعظم! فحينما يأتي أحدهم واعداً أن مشروعات مؤسسته ستوفر عشرات الآلاف من الوظائف فإن من المسؤولية أن يُسأل عن وعده: متى وكيف؟ وقبل أن تنتهي فترة عمله ليت مجلس الشورى يفتح صفحة وعوده، الممكن منها والمستحيل، ما تحقق منها وما لم يتحقق! وعندها يمارس «الشورى» بعض المأمول من أدواره الرقابية. لو تحقق مبدأ المحاسبة لالتزم المسؤول الجديد الصمت قليلاً وما أطلق عنان الوعود التي قد لا تتحقق. وحينما يعطينا قائمة الوعود فإن من مسؤوليته أن يشرح لنا كيف له أن يحققها. الواقعية في الوعود مهمة وضرورية. فكثيرنا يدرك أن الوزير الجديد لا يملك عصا سحرية يستطيع بها حل مشكلات كبرى تداخلت في تعقيداتها (عوامل) كثيرة على مر سنوات طويلة. أسوأ ما يمكن أن يحدث أن نعطي المجتمع آمالاً كبرى وحينما نفشل في تحقيقها تصبح ردّة الفعل إحباطاً جديداً ويأساً كبيراً في الإصلاح والتطوير. وهكذا تصبح محاسبة المسؤولين الكبار على وعودهم مطلباً تنموياً مهماً. فإما أن يلتزم المسؤول بوعده أو يتعلّم ألا يسارع بإعطاء وعود قد لا تتحقق. كم تمنيت لو تسعفني المساحة لاستعراض وعود كبيرة لبعض…

البليهي في أبو ظبي

الأحد ٢٠ مايو ٢٠١٢

الأسبوع الماضي، نظمت هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة محاضرة للأستاذ إبراهيم البليهي عنوانها: «كيف يكون للجهل علم». لم أعرف عنها إلا قبل وقت قصير من بدئها عن طريق رسائل هاتفية من الأستاذ البليهي والزميل محمد الحمادي. كان الحضور قليلاً قياساً بالحضور المعتاد في كثير من فعاليات أبوظبي الفنية والثقافية. وما أن بدأت مع الزميل محمد الحمادي بنشر مقتطفات من محاضرة البليهي على تويتر حتى جاءت أسئلة كثيرة، من أبو ظبي ودبي، تسأل عن مكان المحاضرة مستغربة عدم الإعلان مسبقاً عنها. قارنت ذلك الحضور الضعيف بحضور الشباب للفعاليات الثقافية التي تقام في بعض المقاهي ذات الصبغة الثقافية، في دبي وأبو ظبي، ويمكنني القول إن «المقهى الثقافي» يمكن أن يكون أكثر جاذبية لحضور الشباب. الزميلان سلطان العميمي وجمال الشحي ينظمان، من وقت لآخر، أنشطة ثقافية في مقهى جميل في أبو ظبي. غالبية الحضور هم شباب يحبون الكتابة والحوارات الثقافية. إنهما يستخدمان أسلوب تفاعلي – شبابي – في إدارة الحوار خلال تلك الفعاليات بطريقة ممتعة يطير معها الوقت من دون ملل. تمنيت لو أن منظمي محاضرة البليهي استفادوا من تجربة العميمي والشحي في استثمار قنوات التواصل الاجتماعي، تويتر بشكل خاص، في الإعلان عن أنشطتهم الثقافية و«الترويج» لها. علينا أن نتعلم فنون «تسويق» النشاط الثقافي وإلا بقي الوسط الثقافي يخاطب نفسه! لم تعد الطرق…

على حسابهم الخاص!

السبت ١٩ مايو ٢٠١٢

أما أنا فأتعاطف قلباً وقالباً مع كل طالب يدرس في الخارج على حسابه مهما كانت ظروفه. ولا أظن أن إنساناً سيغامر بالدراسة والإقامة خارج وطنه لو لم يمتلك على أقل تقدير الحد الأدنى من الطموح في تغيير أحواله وتطوير ذاته. ولهذا فإنني أتمنى لو أن وزارة التعليم العالي -أو أي مؤسسة وطنية أخرى- تتبنى صندوقاً خاصاً لدعم الدارسين على حسابهم الخاص في الجامعات الأجنبية حتى تتم عملية ضمهم كلياً على البعثة. وليس صحيحاً أن كل من لم تنطبق عليه شروط البعثة غير جدير بالمساعدة أو الانضمام للبعثة. أعرف شاباً سعودياً درس الماجستير في كلية الصحافة بجامعة كولومبيا وعلى حسابه الخاص. أخبرني أن شروط البعثة لم تنطبق عليه. ومع ذلك أنجز تجربته العلمية بكل اقتدار. وأعرف شاباً سعودياً قُبل للتو للدراسة في جامعة هارفارد واضطر لتأجيل دراسته سنة كاملة من أجل البحث عن بعثة. وخارج دائرة الجامعات الشهيرة، يوجد العشرات من شبابنا الدارسين على حسابهم الخاص من المفيد أن يستوعبهم برنامج الابتعاث الذي سيلعب دوراً حيوياً في التنمية الوطنية خلال العقد القادم. أدرك أهمية التدقيق في ملفات المتقدمين للانضمام للبعثة من الدارسين على حسابهم الخاص. لكن الأمل أن يتم الإسراع في الإجراءات قبل أن يتمكن الإحباط من أولئك الشباب المنتظرين. ولهذا فإن فكرة كإنشاء صندوق مساعدة للدارسين على حسابهم قد تخفف…

«شبيحة» بلا حدود!

الخميس ١٧ مايو ٢٠١٢

فيما تعلن «أطباء بلا حدود» أن قوات بشار الأسد تطلق نيران بنادقها ومدافعها على المستشفيات وتقتل الجرحى وتعتقل الأطباء، ينتشر «شبيحة» الأسد حتى خارج سورية للدفاع عن النظام وتبرير جرائمه. في الإعلام العربي اليوم «شبيحة» بعضهم ينتمي للمدرسة التي تخرج منها أولئك «الشبيحة» الذين يبطشون بالأبرياء في المدن والأرياف السورية. أنا مع حق التعبير لمن يريد أن يدافع عن نظام الأسد. وطبيعي أن يكون له مؤيدون وأنصار في داخل سورية وخارجها. لكنني ضد بعض «الشبيحة» في بعض المؤسسات الإعلامية العربية ممن يتهم كل من يؤيد الثوار السوريين بالعمالة وخيانة الأمة. أم أنني لا أعلم أن بشار هو حامى حمى الأمة ومحرر القدس وقاهر الصليبيين؟ لك الحق أن تحب بشار وأن تعتقد أنه رجل طيب لكنه محاط ببطانة فاسدة. لك أن تبحث له عن مبررات تؤكد شرعيته السياسية. ولك أن تظن فيه أحسن الظنون. لكنني لا أسمح لك لحظة أن تحاول الاستهتار بفكري ومعرفتي وأنت تظن أن بقدرتك أن تبيعني بضاعتك منتهية الصلاحية وأنت تكرر أن بشار يدافع عن فلسطين وفي حرب دائمة مع الصهاينة المستعمرين! يؤسفني وجود أصوات خارج سورية تردد أكاذيب النظام السوري فتصوره كما لو كان الضحية البريء وتُلبس الضحية لباس الإرهاب والإجرام. طبيعي أن يدافع النظام عن نفسه ويخفي جرائمه، لكنها جريمة أن نشارك في تبرير جرائمه…

قانون الإفلاس!

الأربعاء ١٦ مايو ٢٠١٢

سمعت عن رجل أعمال دخل السجن بعد فشله في تسديد ديونه. ومن السجن، اتصل ببعض أصدقائه لإسعافه ببعض المال لكنهم فوجئوا به يسدد ديون رفاق السجن من المعسرين الذين أودعوا السجن لأنهم مديونون بعشرة أو عشرين ألف. سُئل: كيف تستدين لتطلق سراح غيرك وأنت غير قادر على سداد دينك؟ أجاب بأنه من المعيب أن يقبع الرجل في السجن بسبب مبلغ زهيد! تذكرت قصة هذا المفلس “الكريم” وأنا أشارك أمس وقبل أمس في مؤتمر عالمي تنظمه حكومة دبي حول قوانين الإفلاس وإعادة الهيكلة المالية. كان صادماً أن دول الخليج لم تؤسس بعد لقوانين إفلاس وأنظمة لإعادة الهيكلة المالية بعد إعلان الإفلاس. المعتاد عندنا أن من يعلن إفلاسه، وبعد جرد كل ما يملك من أصول، يودع السجن حتى يسدد ديونه! والسؤال هنا: كيف يمكن لمن أعلن إفلاسه تسديد ديونه إن تركناه في السجن؟ أما في حالة الشركات فلعل المسألة أكثر تعقيداً. جدولة ديون الشركات وإعادة هيكلة أوضاعها المالية تحتاج لأنظمة وقوانين شديدة الوضوح حتى لا تُستغل للتلاعب أو التهرب من المسؤولية. لكن الأمر – في ذات الوقت – يحتاج عملياً لبحث عن أفضل صيغة للتعامل مع المعسر (الصادق) الذي خذلته حساباته بحيث يمنح الفرصة (بشروط) من أجل النهوض من جديد. كيف أنتظر من معسر في السجن أن يسدد ديونه أو يعيد للناس…