الثلاثاء ٠٨ مايو ٢٠١٢
قبل البارحة، أثناء الاحتفال بانطلاقة (سكاي نيوز عربية) في أبوظبي، أشار مدير القناة إلى أن أعداد المتقدمين لوظائف في القناة بلغ 24 ألفاً، فيما كان العدد المطلوب 400. إنه عدد كبير جداً في مجال إعلامي واحد يتطلب مهارات وخبرات تقنية خاصة. أدرك أن بعضهم ربما يعمل في مؤسسات إعلامية أخرى لكنه يبحث عن فرصة جديدة قد تكون أفضل. غير أن هذا لا يمنع أن يكون عدد كبير منهم ممن يعاني فعلاً من بطالة طال أمدها. نقرأ باستمرار عن الأعداد الكبيرة، تصل أحياناً بالآلاف، التي تتنافس على وظائف معلن عنها قد لا تتجاوز العشرين. وثمة دلائل كثيرة تشير إلى النفق المظلم الذي ينتظر شباب العالم العربي في السنوات المقبلة، البطالة! لم تعد الهجرة خارج حدود العالم العربي كفيلة بتوفير القليل من الفرص للمؤهلين من الشباب العربي أو للعمالة العربية. فأوروبا اليوم تعاني من مشكلات اقتصادية ضخمة زادت من ندرة الفرص الوظيفية الجيدة ورفعت نسب البطالة هناك. أين الحل؟ لا مخرج للعالم العربي من أزماته سوى بالتركيز الواعي والعملي والعلمي على قضايا التنمية. انشغلنا كثيراً بجدالاتنا السياسية على حساب التنمية الشاملة. بل بدأت كثير من البلدان العربية تفقد ميزاتها الاقتصادية في السياحة والزراعة والتصدير وإعادة التصدير بسبب الانشغال الطويل بالصراعات على السلطة والجدالات حولها. وكل ذلك نتيجة لغياب الرؤى الأشمل للتحديات الاقتصادية…
الإثنين ٠٧ مايو ٢٠١٢
الغضب يعمي الأبصار. لا يمكنك أن تتخذ قراراً صحيحاً في لحظة غضب. ردات فعلك وأنت غاضب تأتي تلقائياً غاضبة، قس هذه الحالة الفردية على حالة مجتمع بأكمله، يتراكم الغضب، شيئاً فشيئاً، حتى يتمكن من المجتمع بأكمله فتصبح الأفعال ورداتها تحت سيطرة الغضب. انظر وتأمل ما يحدث في الشارع المصري اليوم. انظر وتأمل كيف يتعامل الناس في محيطنا مع الرأي المختلف ومع كل فكرة جديدة. في الشارع المصري سيطر الغضب ولم تعد «النكتة» المصرية قادرة على امتصاص غضب الناس وانفعالاتها. الفقر والإحباط وسوء الأحوال زادت من حدة الغضب العام فتاه الرأي العاقل وسط ضجيج الغضب الهادر ولم يجد له هناك مكاناً. وفي مجتمعنا القريب، يبدو الغضب سيد المشهد عند طرح فكرة جديدة أو في حالات الاختلاف في الفكر والرأي، الناس الغاضبة تقرأ الأفكار غاضبة وتكون ردات أفعالها غاضبة، بعضنا من شدة غضبه لا يكمل قراءة الفكرة فيدفعه غضبه لاختزال الفكرة في سطر عابر ينتقل منه إلى خلاصة خاطئة. اقرأ لغة التعامل مع الرأي المختلف لدى قطاع واسع من أبناء مجتمعنا: شتائم وتخوين وتكفير وتهديد، المجتمع الغاضب كلمة تدفعه نحو اليمين وأخرى تدفعه نحو اليسار. ولا أخطر من أن يسيطر الغضب على حراك المجتمع وانفعالاته؛ إذ يغيب صوت العقل ولا يجد له مكاناً وسط الجموع الغاضبة، لكن امتصاص غضب الناس لا يأتي…
الأحد ٠٦ مايو ٢٠١٢
«شاعر القبيلة» همه الأول تمجيد القبيلة ومدح تاريخها وتحويل هزيمتها إلى انتصار. إنه لا يرى في قبيلته عيبا، بل من العيب أن يرى فيها عيبا. مهمته، في السلم، الثناء على كل حدث داخل قبيلته. وهو «مداح» لا يمل كيل المديح لشيخ قبيلته وأعيان القبيلة وأثريائها. أما في الحرب، فهو لسان سليط، شتام رداح، ضد من يجرؤ على كلمة نقد ضد قبيلته أو شيوخها. قبيلته دائماً على حق وهي دائماً رمز للفروسية والكرم والمجد. أما القبيلة الخصم فيكاد يجردها من أي قيمة إنسانية، ومن تاريخها وأمجادها. شاعر القبيلة غالباً نذير شر، يشعل الفتن بطول لسانه، متقلب في مواقفه، يرفعك للسماء إن أكرمته، ثم ينزلك منزلة البخلاء ومن بلا أصل أو فصل إن حرمته يوماً من «شرهة» أو «هدية». وإن اشتعلت حروب الكلام في محيطه، لبس خوذة المحارب وحمل «سيف» البذاءة وأطلق لسانه السليط في شتم القريب والبعيد، وفي التحريض والتهييج وقرع طبول الفتنة. شاعر القبيلة يعيش معنا إلى اليوم منذ تلك العهود التي نسميها بـ«الجاهلية». و«جاهلية» يومنا أشد فتكاً من مثيلاتها في غابر الأزمنة. فشاعر القبيلة اليوم يمتلك أدوات حرب وتحريض لم يمتلكها أقرانه فيما مضى. ففضائياتنا وصحفنا، ناهيك عن كل وسائل الإعلام الجديد، صارت منبراً لـ»شاعر» القبيلة خصوصاً وقت الخصومة التي ينتشي فيها وتتجلى عبرها إمكاناته الكبيرة في الشتيمة والكذب…
السبت ٠٥ مايو ٢٠١٢
مع المواطن في دولنا الحق في المطالبة بتنمية اقتصادية وخدمات وتسهيلات ومشاركة في صنع القرار. معه الحق في طرح الأسئلة الملحة والمحرجة في أسباب الفساد وغياب الشفافية وهيمنة البيروقراطية، إلى آخر القائمة. في المقابل، هل يسأل المواطن الكريم في بلداننا نفسه عن دوره في إصلاح أحواله؟ أقابل كثيراً أناس يظنون أن المواطنة بمثابة «المصباح السحري» الذي يحقق كل الأحلام والأماني وأنت جالس أمام التلفزيون أو في مقهى «أرجيلة» على قارعة الرصيف. بعضنا يختزل التنمية بمعانيها الاقتصادية والاجتماعية الضخمة في القدرة المالية على استقدام مزيد من العمالة المنزلية وشراء أحدث الموديلات من الحقائب والسيارات والساعات. لا تفهمني خطأ. من حق الناس أن تفكر في تحسين طريقة حياتها وفي السفر والترفيه والرفاهية. لكننا معنيون بمواجهة حقائق القصور في فهمنا لمعاني المواطنة وما يترتب عليها من مسؤوليات والتزامات. عندي أن من «الوطنية» أن يعمل الفرد -مهما زادت ثروته أو علت مناصبه- على تطوير ذاته بالقراءة والتدريب وفهم آخر المنجزات. ومن الوطنية أن نسأل أنفسنا عما قدمناه لمحيطنا، من دائرة الأسرة الصغيرة إلى ما هو أبعد، من خدمة وعون وإسهام في مواجهة التحديات مهما كانت صغيرة. لماذا مواطننا يظن أن على حكومته أن تكون مثل «المربية» التي تؤكله وتشربه وتطبطب على ظهره حتى ينام؟ ومتى يؤمن الفرد في بلداننا أن من واجباته الوطنية الكبرى…
الخميس ٠٣ مايو ٢٠١٢
أكاد ألتقي يومياً شباباً من منطقتنا يتحدثون عن اللغة العربية بانبهار، كأنهم للتو يكتشفون لغتهم الأم. في مواقع التواصل الاجتماعي تقرأ اليوم نصوصاً إبداعية لشباب عشقوا الكتابة بالعربية، بلغة تبهرك بخروجها عن النص التقليدي وبعدها عن المفردات المألوفة. على تويتر تفاجأ أحياناً بنصوص جديدة لكتاب شباب قادرين على توظيف اللغة العربية للتعبير المختصر وبذكاء وسخرية وجدية عن همومهم و تطلعاتهم. إنهم يؤسسون لخطاب جديد خارج عن النص التقليدي، أكثر قرباً من إيقاع العصر وثقافة الراهن. لعلنا نشهد عهداً جديداً كأنه ربيع الكلمة العربية. مع الصديقين سلطان العميمي وجمال الشحي، نجتمع أحياناً في مقهى ثقافي بأبو ظبي بصحبة جمهور من الشباب الإماراتي المتحمسين للكتابة بالعربية و كأن اللغة العربية اليوم قادرة – من جديد – أن تصنع نجومها من كتاب القصة والرواية والمقالة و”التغريدات” الساحرة والساخرة. هؤلاء الشباب يأتون عطشى لسماع شيء عن تجربة الكتابة وألقها ووهجها. إنهم يعيدون كتابة لغتهم. اللغة العربية اليوم من اللغات النشطة على تويتر. هنا دلالة أن شبابنا قادر على توظيف لغته وفق عقلية العصر التي تبحث عن “زبدة” الكلام لا عن المعلقات المطولة. في جملة قصيرة واحدة تستطيع أن تختصر هموم أمة أو تعبر عن تطلعات جيل بأكمله. اللغة الحية تجدد نفسها. والثقافة الحية تحتفي بأصواتها من المجددين والخارجين عن قوالب المألوف والمعتاد. ونجوم الكلمة…
الأربعاء ٠٢ مايو ٢٠١٢
يعرف الأصدقاء جهلي بكرة القدم وأنديتها ولاعبيها. لكنني أجد نفسي أحياناً وسط “المعمعة”! العام الماضي حضرت بالخطأ مباراة بين “الجزيرة” و”الوحدة” في أبوظبي. وكان حظي أن أجلس إلى جوار الصديق صقر غباش. مرت ربع ساعة من المباراة قبل أن أعرف من هم لاعبو الجزيرة ومن هم لاعبو الوحدة. ظننت أن جاري سيجد عذراً لتغيير مكانه بعد أن أزعجته بأسئلتي: “بوغباش”: أيهما أقوى: الجزيرة أم الوحدة؟ “بوغباش”: كم عدد أندية أبوظبي؟ “بوغباش”: من سيفوز بالكأس؟ انتهت المباراة بفوز الجزيرة ورأيت الناس تهنئ الشيخ منصور بن زايد بالفوز فالتفت مرة أخرى لصقر غباش وسألت: “بوغباش”: لماذا يهنئون الشيخ منصور؟ فهمت المسألة وهنأت الشيخ، لكنني اعترفت له أنها المرة الأولى التي أحضر فيها مباراة لكرة القدم في الإمارات وما كنت أدري أنني كنت كمن يستعرض: أرأيت: أنا فأل خير عليكم يا الجزراويين! تمرّ سنة وألتقي ثانية بالشيخ منصور لأخبره مازحاً أنني منذ تلك المباراة الشهيرة أصبحت “جزراوياً”. وكم كنت محظوظاً أنه لم يسألني أن أُسمي لاعباً واحداً من الجزيرة، خاصة أن صديقي “بوغباش” لم يكن حولي! وحينما فاز “العين” قبل أيام على “الجزيرة”، احترت: هل أزعل على خسارة الجزيرة وقد أعلنت أمام أحد كبار داعميه أنني “جزراوياً”، أم أفرح لأن “العين” فاز وهو النادي الذي أحد نجومه ابن العم ياسر؟ وهنا قررت الحياد.…
الثلاثاء ٠١ مايو ٢٠١٢
أعرف شخصياً قضايا عمرها أطول من عمر أصحابها. معاملة تعيش عشرين أو ثلاثين سنة دون نتيجة! بعضنا يفني عمره في مراجعة الدوائر الحكومية، ركضاً وراء معاملة تدور وتسافر بين الدوائر الحكومية، لكن حركة السلحفاة أسرع منها! وبعضنا يرث القضايا المعقدة عن آبائه وربما عن أجداده. تلك هي البيروقراطية القاتلة. أم إنها المركزية التعيسة؟ هل لابد لخلاف على مترين بين جارين في ضواحي الطائف، أو عسير أو تبوك، أن يقبع على طاولة موظف في وزارة البلديات في الرياض لسنوات؟ لماذا لا تحل مشكلات ومعاملات كل منطقة في إمارتها؟ وإن لابد من العاصمة، فمتى تتطور أدوات وآليات العمل بحيث تحسم القضايا خلال أشهر إن لم تحل في أسابيع؟ لماذا نهدر أوقات الناس وطاقاتهم وأموالهم في الركض المرهق وراء معاملة قد لا تتحرك من مكتب في وزارة في الرياض إن لم يأتِ مراجع من آخر الدنيا ليسأل عنها؟ لو بيدي لأسست لمشروع يضمن إنجاز المعاملات في وقت محدد. أما إن كانت القضية شديدة التعقيد وفيها إشكالات قضائية فعندها يمكن استحداث آلية خاصة لمتابعة سير تلك المعاملة من دون أن تستهلك عقوداً من عمر صاحبها. توجد اليوم مئات البرامج الإدارية للتسريع بإنجاز المعاملات البسيطة منها والمعقدة. تقنية اليوم يمكنها أن تسهل علينا إنجاز المعاملات في وقت قصير. ذلك يتطلب إدراكاً صادقاً بخطورة البيروقراطية وما…
الإثنين ٣٠ أبريل ٢٠١٢
بقدر ما نأمل في التأسيس لثقافة تحترم مبدأ النقد وأهميته في نهضة الأمم بقدر ما نأسف لكثرة من يخلط الشتيمة بالنقد. النقد مبدأ حضاري والشتيمة سقطة حضارية. وقت الأزمات السياسية في العالم العربي ينساق كثيرون إلى لغة «الردح» معممين الخطأ على الجميع بلغة شاتمة لا تفرق بين موقف وآخر. أقرأ التعليقات على شبكات التواصل الاجتماعي حول أي خلاف طارئ بين بلدين وأفاجأ كيف تغيب لغة العقل والمنطق ويهيمن خطاب الشتيمة في تعميمات مخجلة تطال الشعوب والتاريخ وكل وجه إنساني حولنا. بعضهم حينما يعبر عن اختلافه معك في الرأي يستخدم لغة إقصائية أو شاتمة معتقداً أنه «جريء» في نقده لرأيك أو في اختلافه مع فكرك. مرد ذلك في ظني غياب ثقافة النقد. انظر كيف تُشخصن المسائل والقضايا. فما أن تنتقد مؤسسة عامة حتى تتساقط عليك الأسئلة: ما هي مشكلتك هناك؟ هل رفضوا توظيف ابنك؟ هل عطلوا مشروعك؟ في هكذا بيئة، لا يمكن أن يؤخذ النقد على أنه من باب الإيمان بضرورة النقد، حضارياً وتنموياً، وإنما يُربط مباشرة بتصفية حسابات شخصية أو بالضغط من أجل مصلحة خاصة. أما «لغة الاختلاف» فحدِّث ولا حرج. ما أن يُصنف كاتب أو مثقف في دوائر «المغضوب عليهم» فكرياً -وفقاً لموقف الخصم- حتى تستشري لغة البذاءة والقذف ضده. ثم تطال هذه اللغة عشيرته ومنطقته ولون بشرته وأصوله…
الأحد ٢٩ أبريل ٢٠١٢
في (الوطن) أمس خبر عن زيارة مدير جامعة حائل، د. خليل البراهيم، لأول مقهى ثقافي في حائل أسسه الطالب هشام سعود الحسن. زيارة مدير الجامعة -حسب الخبر- جاءت من باب تشجيع الشاب هشام ودعم مشروعه الجديد. سعدت أن مدير الجامعة ترك «بشته» في بيته أو سيارته وجلس في المقهى الجديد ومعه ابنه، مثله مثل الشباب هناك. أتساءل أحياناً: لماذا ما أن يصبح أحد في موقع قيادي تحوّل إلى ما يشبه شيئاً آخر خارج دائرة البشر؟ وأستغرب أيضاً أن ينسى بعض هؤلاء -خاصة ممن عاش تجربة أكاديمية- أن من المسؤولية القرب من الناس في محيطه -خاصة من الشباب- لفهم أكثر لظروف المجتمع وقضاياه. كثيرمن هؤلاء المسؤولين درس في الخارج، في مدن يزور مقاهيها أساتذة الجامعات وأهل المال وصناع القرار ونجوم المجتمع. مدير جامعة حائل، في زيارته للمقهى الجديد، يعطي أيضاً مثلاً في دعم مشروعات الشباب الصغيرة. فمبادرة هشام الحسن فعلاً تستحق الدعم. إنها من نماذج الإبداع الشبابي في التحرر من عقدة «الوظيفة» التي يظن بعض شبابنا أنها بداية ونهاية المطاف. ولعلها ستوفر بعض الوظائف (ولو مؤقتاً) لشباب قد يجد فيها فرصة مؤقتة حتى يفرجها الله بوظيفة أو بعثة! مبادرات الشباب في المشروعات الصغيرة تبدأ بفكرة صغيرة ثمّ -مع الإصرار والعمل- تتطور حتى تصبح «مصنعاً» ينتج عقولاً مبدعه في مجالات المال والأعمال.…
السبت ٢٨ أبريل ٢٠١٢
العهدة هنا على تويتر! سعوديون يدرسون في مدينة صغيرة بأمريكا اتفقوا فيما بينهم على «جدول» للتسوق. هذه الاتفاقية تنظّم أوقات زيارة «المول» الصغير في مدينتهم الصغيرة تلافياً لأن يذهب أحدهم مع زوجته فيصادف -لا قدّر الله- زميله السعودي في ذات السوق مما يُحدث له حرجاً كبيراً! إذن – يا جماعة- ما فيها شيء لو تفاهم هؤلاء الشباب على جدول يحميهم من الحرج وكل يذهب للسوق مع زوجته واثقاً مطمئناً أن سعودياً آخراً لن يرى زوجته. ولكي لا نظلم الرجل السعودي في هذه القصة فالمسألة هنا هي مما يأتي في باب «الخصوصية السعودية» بدليل أن الرجل السعودي لا يخشى ولا يُحرج إن رأته الملايين من الرجال (غير السعوديين) يمشي مع زوجته. المشكلة هنا سعودية سعودية! في هذه المسألة، أنا -جاداً- لا ألوم هؤلاء الشباب في تلك المدينة الأمريكية الصغيرة لوحدهم لأنهم -في آخر النهار- نتاج ثقافة «ملخبطة» أسست لكل هذه الفوضى في عقل الرجل السعودي تجاه المرأة. الغريب أنها ثقافة طارئة وإلا لما سمعنا -إلى اليوم- «شيباننا» حفظهم الله يروون قصصاً تعكس جوانب متحضرة في تعاملهم مع المرأة في محيطهم فلا يتحرّجون من ذكر أسماء أمهاتهم وزوجاتهم وبناتهم في المجالس وأمام آخرين من خارج العائلة. لماذا إذن يرتبك الرجل السعودي «المعاصر» لو مشى مع زوجته في مكان عام -في السعودية أو…
الخميس ٢٦ أبريل ٢٠١٢
بيد أنظمة الحكم في الخليج إيجاد مزيد من فرص التصالح بينها وبين شعوبها. ليس صحيحاً أن كل من ينادي بالتغيير للأفضل طامع في سلطة أو مصلحة خاصة. نقد الفساد والدعوات للإصلاح تصب في مصلحة الجميع بدءاً بأنظمة الحكم. وأغلب الأصوات الناقدة لأوضاع بلداننا تضع لنفسها خطوطاً حمراء تؤمن بها وتقف عندها. في النقد الموضوعي وطنية صادقة. وفي النفاق والمديح تضليل وأنانية. ولأن أمرك يهمني، ولأن مصلحتك هي أيضاً مصلحتي، فإن من مسؤوليتي أن أنبهك لما أظن أن فيه مداخل شر. وحينما نقصي الأصوات الناقدة ونقرّب أصوات التطبيل والنفاق فإن الضرر مضاعف. دعوا الناس تنتقد الأداء الخطأ وتكشف عن المسؤول الفاسد وتنبّه للخطر المحتمل. في الدول التي تجعل أهم أولوياتها تنمية الإنسان وتطوير مستوى معيشته، في السكن والوظيفة والصحة والأمن، يصبح الحديث فيها عن “شرعية” الحكم مسألة ثانوية. بل يصبح المواطن عيناً ساهرة على أمن نظامه السياسي. النقد الصادق يعطي للناس مساحة عاقلة للتنفس وللنظام فرصة لمعرفة مواقع الخطأ ومداخل الخطر. وإلا تراكم “الغضب الشعبي”، وفي لحظة -قد تكون غير محسوبة- ينفجر الغضب بما لا تحمد عقباه. لكن التعبير وحده لا يكفي إن لم يقترن بخطوات عملية تثبت للناس أن ثمة جدية في التطوير والبناء وإصلاح أحوال الناس. أنظمة الحكم في الخليج معنية بفهم التغيير الكبير الحادث في مجتمعاتها. فما قَبِل…
الأربعاء ٢٥ أبريل ٢٠١٢
اتفقنا، أنا وصديقي، أن الطائفية من مهددات السلم الاجتماعي في الخليج. وأنها قد تكون أداة تستغلها دولة مثل إيران لإشعال فتيل الفتن بين مجتمعات الخليج. قال صديقي إن من الخطأ الفادح أن نتهم كل شيعي في الخليج بالولاء لإيران أو التعاطف مع مشروعها السياسي في المنطقة. اتفقت معه وذكّرته بما قاله لي يوماً الباحث السعودي الدكتور توفيق السيف عن التهمة (الكليشية) التي -مع الأسف- تجعل كل مواطن شيعي في زاوية ضيقة كما لو أنه مطالب دوماً بإثبات براءته من إيران. إنه متهم بإيران حتى يثبت براءته. توفيق السيف يحذر من الخلط بين الارتباط بمرجعية دينية في قم وبين التبعية السياسية لطهران. بل وطالب بعودة المرجعيات الشيعية المؤثرة في الخليج مثلما كانت في السابق. ما الذي يمنع من وجود مرجعيات وجامعات شيعية في الخليج؟ ألا يمكن أن تقطع هذه المشروعات الطرق أمام من يريد استغلال وجود بعض طلاب الخليج من الشيعة في الجامعات الإيرانية وتوظيف بعضهم سياسياً لصالح المشروع الإيراني؟ لا بديل لدول المنطقة سوى احتواء شبابها -من كل الطوائف- بالمعاملة المتساوية في التوظيف والامتيازات. ومن يخرج منهم عن دائرة «الولاء الوطني» -سنياً كان أو شيعياً- عندها يكون التعاطي الأمني من دون تعميم على كل أفراد العائلة أو المنطقة أو المذهب. الطائفية ورقة لن تستخدمها إيران وحدها لخدمة مصالحها السياسية، ولكن…