الثلاثاء ١٥ مايو ٢٠١٢
لا يمكنني أن أتخيل اتحاداً خليجياً حقيقياً ما لم تتحقق عبره مصالح مباشرة لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي. مواطني دول المجلس هم من يصنع الاتحاد الحقيقي. ومصالحهم المباشرة هي أكبر ضامن لهذا الاتحاد. لا يكفي أن يقرر أهل السياسة نيابة عن مواطنيهم في زمن ينادي فيه شبابه بالمشاركة في صنع القرار وبالتحديث السياسي وتطوير أدوات الإدارة والقيادة. ولا يمكن لاتحاد أن يبقى قوياً متماسكاً مالم تحرسه وترعاه مصالح الناس الحقيقية. لا أفهم كيف نتحدث عن اتحاد خليجي بينما السعودي المقيم أو المستثمر في دبي يدفع فواتير الكهرباء والماء لبيته و مصنعه مثله مثل مقيم قادم من آخر الدنيا وليس مثل جاره الإماراتي الذي يدفع أقل. ولا يمكن أن أتصور قيام اتحاد حقيقي و المواطن الإماراتي لا يدخل السعودية إلا بجواز السفر وليس ببطاقة الهوية. ولا يمكن قيام اتحاد حقيقي من دون مساواة في الامتيازات و الواجبات بين مواطني دول المجلس. و بعد ذلك، ما الذي يقصده أهل السياسة في الخليج بالاتحاد؟ هل سنرى وزير خارجية خليجي واحد؟ ووزير دفاع واحد؟ وسفير خليجي واحد في كل عاصمة خارج الخليج؟ أكتب هذه «المغامرة» قبل يوم من انعقاد القمة التشاورية وليعذرني القارئ الكريم إن كانت أسئلتي هذا الصباح خارج النص. لكنني مهتم كثيراً بفكرة الاتحاد. وأشك كثيراً في إمكانية تحقيقها. ويقلقني شعور قطاع…
الإثنين ١٤ مايو ٢٠١٢
نهدر الوقت ونحن نقضيه مع تلك النوعية من «السلبيين» حولنا. لم أعد أطيق حتى حواراً قصيراً مع إنسان سلبي لا يرى في التجربة سوى احتمال واحد هو الفشل. يغمرك بالمحاذير والمخاوف ويبتكر لك ألف صورة تشاؤمية تسقطك في الفشل قبل أن تخطو خطوتك الأولى. ولهذا فإن الناجح بيننا هو عادة من يحيط نفسه بالناجحين المتفائلين الذين يدفعونه للمغامرة المحسوبة. ما من قصة نجاح بلا قصص فشل. وما من قصة نجاح باهر خلت من مغامرات، بعضها محسوب وكثيرها غير محسوب. أغلب التجارب التي خضتها بنجاح ابتدأت بمغامرة. ندمت كثيراً أنني تأخرت في بعض المحاولات لأنني استسلمت لمحاذير الفشل وسمعت كلام من ينظر للحياة نظرة خوف وتردد وحذر. وصرت اليوم أهرب سريعاً ممن يبدأ حديثه بالمحاذير والمخاوف من الفشل. أنا أفشل يعني أنني أحاول. أنا أحاول يعني أنني مؤمن بفكرتي. أنا مؤمن بفكرتي يعني أنني –لا محالة- سأصل لأهدافي. أنا واثق من قدرتي على النجاح، على الرغم من مروري بمحطات فشل، يعني أنني سأنجح. نعم سأنجح. سأنجح. والفرصة التي لا تأتي اليوم سأذهب لها غداً. الخطأ الذي أقع فيه اليوم سأتجنبه غداً. سأطرق أبواب الناجحين كي أتعلم من مسيرتهم. سأنظر من بعيد لتجارب الفشل كيلا أمر بها. وسأعود يوماً لمن حاول تكسير مجاديف طموحي كي أخبره أنني أبحرت في مغامرتي ووصلت. سأكتب…
الأحد ١٣ مايو ٢٠١٢
ما إن كتبت في تويتر -ساخراً- أن «المناظرات الرئاسية» شكل من أشكال التغريب حتى ردَّ عليّ كثيرون بتأصيل تاريخي يثبت أن المناظرات السياسية تراث إسلامي. وأنا لا أجادل في أن المناظرات، سياسية أو فكرية، هي مظهر حضاري يُعوِّد المجتمعات على الحوار وسماع وجهات النظر المختلفة. وأُدرك أن منطقتنا مقبلة على تحوّلات كبرى نأمل أن تفتح أمام أجيالنا القادمة أبواب المستقبل بعقلية تُجاري عصرها وبلغة قوامها المعرفة وقبول الرأي الآخر والتعايش السلمي مع أصحاب المذاهب والأديان المختلفة. لكنني أتعجب من قدرة البعض بيننا في النبش في التاريخ لتبرير أي موقف أو خطوة تخدم مصالحهم. وأنا لا أرى في ذلك أيّ مشكلة. لكن مشكلتي مع أولئك الذين يفصّلون تهماً من مثل «التغريب» حسب مقاساتهم هم ومصالحهم وأجنداتهم. فمن يدعو لدور إنساني وحضاري للمرأة في مجتمعنا يواجه مباشرة بتهمة التغريب وتقزيم قضية المجتمع في الدعوة للاختلاط والانفلات. وهؤلاء يدركون أن في تاريخنا الإسلامي، القريب والبعيد، شواهد كثيرة تثبت أن ديننا الحنيف يمنح المرأة حقوقاً في المشاركة والعمل والحياة من يدعو لها اليوم يصادر فكره بتهمة «التغريب» وأخواتها. ولو قلنا بحرية التفكير لاتهمنا بأننا ليبراليون علمانيون ملحدون وشياطين تمشي على الأرض فيما تاريخنا الإسلامي مليء بشواهد كثيرة لحوارات فكرية قادت لمذاهب دينية وأفكار متقدّمة أكثر تنويرية مما يدعو له أهل التنوير من مثقفينا المعاصرين.…
السبت ١٢ مايو ٢٠١٢
ليلة البارحة، هجمت عليّ أعاصير «الصداع» من كل جهة. ابتأست. تمنيَّت لو أن الصداع تقدّم أو تأخَّر ليلة واحدة. فقد كنت على موعد عشاء مع أصدقاء افتقدت جمعتهم منذ أشهر. وبعد جرعة من الأدوية، اختلط فيها «البنادول» بـ«الزنجبيل»، غبت في نومة عميقة كأن «الصداع» تآمر لجري نحوها. استيقظت وكأنها ولادة جديدة. لكأنني رأيت ما لم أكن أراه خلال الأشهر القليلة الماضية. كنت وحيداً أصارع الأحلام والضغوط والآمال التي لم تتحقق. تضيق بنا الدنيا حينما نسجن أنفسنا في همومنا. أو حينما نظن أن للضوء نافذة واحدة. وحينما استيقظت تذكّرت أن في الحياة ما لايُقَّدر بثمن. هل لا بد من ساعات «صداع» قصيرة كي نتذكر أن الحياة جميلة بالصحة والتفاؤل وأن للضوء أكثر من نافذة؟ أم هي طبيعة إنسانية أن ندرك قيمة الأشياء لحظة فقدها؟ كثيراً ما نحتاج لما يذكرنا بقيمة ما نملكه ولا ندركه. وربما نحتاج لبعض التجارب المؤلمة لتذكيرنا ألا نظن أن ما عندنا، من مال أو صحة أو جاه، ملك أزلي لا يمكن خسارته. إذن لا تبتئس إن حاصرتك أعاصير العوز والضيق. ولا تيأس إن طرقت أبواباً حسبتها «على مصراعيها» فوجدتها مغلقة يتجاهل من خلفها نداءاتك. ولا تكتئب إن ضاقت بك السبل وكدت تصدق أن النفق لن يقودك إلى نقطة ضوء. ولا تأسف على فرصة تكاد تلمسها فطارت من…
الجمعة ١١ مايو ٢٠١٢
العالم المصري، فاروق الباز، لفت أنظار حضور منتدى الإعلام العربي -الذي اختتمت للتو فعالياته في دبي- بجرأته وواقعيته وهو يعترف أنه ينتمي لجيل الفشل. قال إن جيله فشل فشلاً ذريعاً وأن الأمل في جيل الشباب الراهن. ولم يقبل فاروق الباز ببعض الأعذار التي يمكن أن تُلتمس لجيله كدور الاستعمار في تخلف الأمة وانتشار الأمية وقتها إلى آخر قائمة الأعذار. قارن الباز بين حال الأمة أيام شبابه وحالها اليوم. ويا لها من نتيجة مؤسفة. فالتخلف الاقتصادي والتراجع التنموي وانتشار الجهل بكل ألوانه وأشكاله عناوين عريضة لراهن العالم العربي. الغريب أن يأتي هذا الاعتراف من رجل ناجح كان لكثيرين من أبناء جيلي ملهماً نحو العمل والاكتشاف. في ظني أن أبرز أسباب تخلف العالم العربي عن ركب النهضة الإنسانية المعاصرة هو تجاهل التنمية. تنمية الإنسان، من التعليم والصحة والبنى التحتية، أُغفلت في ظل الصراعات على السلطة. والسلطة عندنا قرينة التسلط و التملك و الاحتكار. وهي في العالم المتقدم تسمى «إدارة». أي أن وظيفتها الرئيسة إدارة شؤون البلد ومتى ما انتهى دورها جاءت «إدارة» جديدة وكان الله غفوراً رحيماً! أُغفل الإنسان -الفرد- وسط ضجيج الصراعات على السلطة. دُمر الإنسان -الفرد- بعد هيمنة الثقافة -المؤدلجة- التي تقمع الفرد إن فكر خارج صندوق المألوف أو تجرأ وتكلم في الممنوع. تراجعت التنمية لأن من خطط للمشروعات التنموية…
الخميس ١٠ مايو ٢٠١٢
حينما استخدمت لقب «الشيخ» وأنا أكتب عن وزير خارجية الإمارات في تويتر رد علي طالباً أن أكتفي وأنا أخاطبه بـ«أبو فاطمة». في وقت قصير كسر الشيخ عبدالله ألف حاجز – بعضها وهمي – بينه وبين شباب بلاده.اقرأ تعليقاته على تويتر تجدها في الغالب تعليقات على تغريدات لشباب من الجنسين من بلاده، يشجع هذا و يرد التحية على ذاك، في لغة من التفاعل الإيجابي بين «الشيخ» وشباب وطنه. هكذا يمكن لمسؤول في مكانة عبد الله بن زايد أن يقترب أكثر من وعي الشباب في وطنه ومنطقته. وهذا ما بحت أصواتنا و نحن ننادي به منذ سنوات: ليقترب المسؤول العربي من شباب بلاده بدلاً من تلك الفوقية في التعامل وتجاهل وعي الشباب وهمومه وتطلعاته. لم يعد المسؤول في محيطنا اليوم بحاجة لــ «حاجب» بينه وبين هموم مواطنيه فقنوات التواصل المباشر كسرت تلك «الجدران» التي عزلت المسؤول طويلاً عن حقائق مجتمعه. ولكيلا يسقط «جدار برلين» العربي فوق رؤوسنا جميعاً، علينا أن نستثمر هذه النوافذ الواسعة من التواصل المفتوح والمباشر للاقتراب أكثر من هموم الناس وقضاياها ووعيها وتفكيرها. من هنا يأتي احتفائي بتجربة الشيخ عبد الله بن زايد في تويتر كما احتفيت أمس بتجربة الشيخ خالد آل خليفة و قبلهما – في أماكن أخرى – بتجربة الدكتور عبدالعزيز خوجة في تواصله مع الإعلاميين الشباب…
الأربعاء ٠٩ مايو ٢٠١٢
في بدايات استخدامي لتويتر، بدأت أتواصل مع الشيخ خالد آل خليفة، وزير خارجية البحرين. في البداية كنت حريصاً على التأكد أنني كنت فعلاً أتواصل مع الشيخ خالد آل خليفة نفسه. للأسف فبيننا من يفتري على الناس فيكتب باسم غيره ناهيك عن قائمة طويلة ممن يتبرقعون بالأسماء المستعارة و يوزعون الشتائم على أعلام في الفكر و السياسة و الثقافة. كانت المسألة سهلة إذ توجد علامة شهيرة أمام اسم الشيخ خالد تؤكد أن صاحب الحساب هو الشيخ نفسه. كنت أيضاً أبحث عن طريقة أخفي فيها فرحي برسالة الشيخ خالد لكيلا تتعارض مع المهنية و الحياد -شبه المستحيل- في عملنا الإعلامي. أعترف أنني أفرح حينما أجد مسؤولاً بحجم الشيخ خالد يتفاعل مع الإعلاميين و أصحاب الرأي خصوصاً أننا ننتمي لمنطقة ما زال فيها صاحب الرأي يشعر بالتهميش وسوء الظن. تمر الأيام و إذا بالشيخ خالد يصبح من نجوم الإعلام الجديد عبر حسابه النشط في تويتر. أكاد أجزم أن الشيخ خالد خدم بلاده إعلامياً في أشهر قليلة أكثر مما فعلت مؤسسات رسمية و شركات علاقات عامة داخل البحرين و خارجها على مدى سنوات. جاء الشيخ خالد إلى الإمارات قبل أشهر فحرص على أن يلتقي مباشرة بمجموعة من شباب الإمارات النشطين عبر تويتر. كان اللقاء، كما عرفت من أصدقاء، مفعماً بالصراحة و البساطة و الوضوح.…
الثلاثاء ٠٨ مايو ٢٠١٢
قبل البارحة، أثناء الاحتفال بانطلاقة (سكاي نيوز عربية) في أبوظبي، أشار مدير القناة إلى أن أعداد المتقدمين لوظائف في القناة بلغ 24 ألفاً، فيما كان العدد المطلوب 400. إنه عدد كبير جداً في مجال إعلامي واحد يتطلب مهارات وخبرات تقنية خاصة. أدرك أن بعضهم ربما يعمل في مؤسسات إعلامية أخرى لكنه يبحث عن فرصة جديدة قد تكون أفضل. غير أن هذا لا يمنع أن يكون عدد كبير منهم ممن يعاني فعلاً من بطالة طال أمدها. نقرأ باستمرار عن الأعداد الكبيرة، تصل أحياناً بالآلاف، التي تتنافس على وظائف معلن عنها قد لا تتجاوز العشرين. وثمة دلائل كثيرة تشير إلى النفق المظلم الذي ينتظر شباب العالم العربي في السنوات المقبلة، البطالة! لم تعد الهجرة خارج حدود العالم العربي كفيلة بتوفير القليل من الفرص للمؤهلين من الشباب العربي أو للعمالة العربية. فأوروبا اليوم تعاني من مشكلات اقتصادية ضخمة زادت من ندرة الفرص الوظيفية الجيدة ورفعت نسب البطالة هناك. أين الحل؟ لا مخرج للعالم العربي من أزماته سوى بالتركيز الواعي والعملي والعلمي على قضايا التنمية. انشغلنا كثيراً بجدالاتنا السياسية على حساب التنمية الشاملة. بل بدأت كثير من البلدان العربية تفقد ميزاتها الاقتصادية في السياحة والزراعة والتصدير وإعادة التصدير بسبب الانشغال الطويل بالصراعات على السلطة والجدالات حولها. وكل ذلك نتيجة لغياب الرؤى الأشمل للتحديات الاقتصادية…
الإثنين ٠٧ مايو ٢٠١٢
الغضب يعمي الأبصار. لا يمكنك أن تتخذ قراراً صحيحاً في لحظة غضب. ردات فعلك وأنت غاضب تأتي تلقائياً غاضبة، قس هذه الحالة الفردية على حالة مجتمع بأكمله، يتراكم الغضب، شيئاً فشيئاً، حتى يتمكن من المجتمع بأكمله فتصبح الأفعال ورداتها تحت سيطرة الغضب. انظر وتأمل ما يحدث في الشارع المصري اليوم. انظر وتأمل كيف يتعامل الناس في محيطنا مع الرأي المختلف ومع كل فكرة جديدة. في الشارع المصري سيطر الغضب ولم تعد «النكتة» المصرية قادرة على امتصاص غضب الناس وانفعالاتها. الفقر والإحباط وسوء الأحوال زادت من حدة الغضب العام فتاه الرأي العاقل وسط ضجيج الغضب الهادر ولم يجد له هناك مكاناً. وفي مجتمعنا القريب، يبدو الغضب سيد المشهد عند طرح فكرة جديدة أو في حالات الاختلاف في الفكر والرأي، الناس الغاضبة تقرأ الأفكار غاضبة وتكون ردات أفعالها غاضبة، بعضنا من شدة غضبه لا يكمل قراءة الفكرة فيدفعه غضبه لاختزال الفكرة في سطر عابر ينتقل منه إلى خلاصة خاطئة. اقرأ لغة التعامل مع الرأي المختلف لدى قطاع واسع من أبناء مجتمعنا: شتائم وتخوين وتكفير وتهديد، المجتمع الغاضب كلمة تدفعه نحو اليمين وأخرى تدفعه نحو اليسار. ولا أخطر من أن يسيطر الغضب على حراك المجتمع وانفعالاته؛ إذ يغيب صوت العقل ولا يجد له مكاناً وسط الجموع الغاضبة، لكن امتصاص غضب الناس لا يأتي…
الأحد ٠٦ مايو ٢٠١٢
«شاعر القبيلة» همه الأول تمجيد القبيلة ومدح تاريخها وتحويل هزيمتها إلى انتصار. إنه لا يرى في قبيلته عيبا، بل من العيب أن يرى فيها عيبا. مهمته، في السلم، الثناء على كل حدث داخل قبيلته. وهو «مداح» لا يمل كيل المديح لشيخ قبيلته وأعيان القبيلة وأثريائها. أما في الحرب، فهو لسان سليط، شتام رداح، ضد من يجرؤ على كلمة نقد ضد قبيلته أو شيوخها. قبيلته دائماً على حق وهي دائماً رمز للفروسية والكرم والمجد. أما القبيلة الخصم فيكاد يجردها من أي قيمة إنسانية، ومن تاريخها وأمجادها. شاعر القبيلة غالباً نذير شر، يشعل الفتن بطول لسانه، متقلب في مواقفه، يرفعك للسماء إن أكرمته، ثم ينزلك منزلة البخلاء ومن بلا أصل أو فصل إن حرمته يوماً من «شرهة» أو «هدية». وإن اشتعلت حروب الكلام في محيطه، لبس خوذة المحارب وحمل «سيف» البذاءة وأطلق لسانه السليط في شتم القريب والبعيد، وفي التحريض والتهييج وقرع طبول الفتنة. شاعر القبيلة يعيش معنا إلى اليوم منذ تلك العهود التي نسميها بـ«الجاهلية». و«جاهلية» يومنا أشد فتكاً من مثيلاتها في غابر الأزمنة. فشاعر القبيلة اليوم يمتلك أدوات حرب وتحريض لم يمتلكها أقرانه فيما مضى. ففضائياتنا وصحفنا، ناهيك عن كل وسائل الإعلام الجديد، صارت منبراً لـ»شاعر» القبيلة خصوصاً وقت الخصومة التي ينتشي فيها وتتجلى عبرها إمكاناته الكبيرة في الشتيمة والكذب…
السبت ٠٥ مايو ٢٠١٢
مع المواطن في دولنا الحق في المطالبة بتنمية اقتصادية وخدمات وتسهيلات ومشاركة في صنع القرار. معه الحق في طرح الأسئلة الملحة والمحرجة في أسباب الفساد وغياب الشفافية وهيمنة البيروقراطية، إلى آخر القائمة. في المقابل، هل يسأل المواطن الكريم في بلداننا نفسه عن دوره في إصلاح أحواله؟ أقابل كثيراً أناس يظنون أن المواطنة بمثابة «المصباح السحري» الذي يحقق كل الأحلام والأماني وأنت جالس أمام التلفزيون أو في مقهى «أرجيلة» على قارعة الرصيف. بعضنا يختزل التنمية بمعانيها الاقتصادية والاجتماعية الضخمة في القدرة المالية على استقدام مزيد من العمالة المنزلية وشراء أحدث الموديلات من الحقائب والسيارات والساعات. لا تفهمني خطأ. من حق الناس أن تفكر في تحسين طريقة حياتها وفي السفر والترفيه والرفاهية. لكننا معنيون بمواجهة حقائق القصور في فهمنا لمعاني المواطنة وما يترتب عليها من مسؤوليات والتزامات. عندي أن من «الوطنية» أن يعمل الفرد -مهما زادت ثروته أو علت مناصبه- على تطوير ذاته بالقراءة والتدريب وفهم آخر المنجزات. ومن الوطنية أن نسأل أنفسنا عما قدمناه لمحيطنا، من دائرة الأسرة الصغيرة إلى ما هو أبعد، من خدمة وعون وإسهام في مواجهة التحديات مهما كانت صغيرة. لماذا مواطننا يظن أن على حكومته أن تكون مثل «المربية» التي تؤكله وتشربه وتطبطب على ظهره حتى ينام؟ ومتى يؤمن الفرد في بلداننا أن من واجباته الوطنية الكبرى…
الخميس ٠٣ مايو ٢٠١٢
أكاد ألتقي يومياً شباباً من منطقتنا يتحدثون عن اللغة العربية بانبهار، كأنهم للتو يكتشفون لغتهم الأم. في مواقع التواصل الاجتماعي تقرأ اليوم نصوصاً إبداعية لشباب عشقوا الكتابة بالعربية، بلغة تبهرك بخروجها عن النص التقليدي وبعدها عن المفردات المألوفة. على تويتر تفاجأ أحياناً بنصوص جديدة لكتاب شباب قادرين على توظيف اللغة العربية للتعبير المختصر وبذكاء وسخرية وجدية عن همومهم و تطلعاتهم. إنهم يؤسسون لخطاب جديد خارج عن النص التقليدي، أكثر قرباً من إيقاع العصر وثقافة الراهن. لعلنا نشهد عهداً جديداً كأنه ربيع الكلمة العربية. مع الصديقين سلطان العميمي وجمال الشحي، نجتمع أحياناً في مقهى ثقافي بأبو ظبي بصحبة جمهور من الشباب الإماراتي المتحمسين للكتابة بالعربية و كأن اللغة العربية اليوم قادرة – من جديد – أن تصنع نجومها من كتاب القصة والرواية والمقالة و”التغريدات” الساحرة والساخرة. هؤلاء الشباب يأتون عطشى لسماع شيء عن تجربة الكتابة وألقها ووهجها. إنهم يعيدون كتابة لغتهم. اللغة العربية اليوم من اللغات النشطة على تويتر. هنا دلالة أن شبابنا قادر على توظيف لغته وفق عقلية العصر التي تبحث عن “زبدة” الكلام لا عن المعلقات المطولة. في جملة قصيرة واحدة تستطيع أن تختصر هموم أمة أو تعبر عن تطلعات جيل بأكمله. اللغة الحية تجدد نفسها. والثقافة الحية تحتفي بأصواتها من المجددين والخارجين عن قوالب المألوف والمعتاد. ونجوم الكلمة…