لماذا أنتحر؟

الخميس ٠٤ أكتوبر ٢٠١٢

لماذا يقرر الإنسان أن ينتحر؟ لابد أن لحظات يأس قاسية سيطرت على تفكيره فلم يعد يرى باباً مفتوحا أمامه. بإمكان خبراء علم النفس و الاجتماع أن يكتبوا المقالات الطويلة في أسباب الانتحار وظروف المنتحر. لكن الحقيقة أننا أمام حالات متزايدة من المنتحرين في مجتمعنا. وما تلك إلا صورة من صور الإحباط والتذمر المنتشر بين قطاعات واسعة من شبابنا. من الخطأ أن نكون في مكاتبنا المكيفة أو في منازلنا الفارهة ونلوم “المنتحر” على ما أقدم عليه. نحن – بأشكال كثيرة – شركاء في المسؤولية. البطالة المخيفة لها إفرازاتها الاجتماعية الخطرة، الشعور بالظلم والحرمان وسوء الحال تقود الإنسان أحياناً إلى ما قد لا يخطر ببال. وعلينا أن نتذكر أن نسبة الشباب هي الغالبة في مشهدنا السكاني. المجتمع بكل مؤسساته ملام في حالات الانتحار التي تحدث من وقت لآخر بغض النظر عن الأسباب وظروف المنتحر. الأخطر أن تتزايد هذه القصص حتى تصبح حدثاً “اعتيادياً” فلا نحرك ساكناً ولا نشعر بلحظة ألم تجاهه. أن يقدم إنسان على قتل نفسه نذير شؤم لمجتمعه. دعونا نبتعد عن التحليل التقليدي في مثل هذه المأساة. فإن محاكمة المنتحر وفقاً “لعقلانية” التحليل ليس سوى هدر للوقت. المؤكد أن ليس كل إنسان مؤهلا أن يتعامل بصبر وأمل مع مصاعب الحياة و تعقيداتها. أخشى كثيراً على شبابنا أن يتمكن منهم الإحباط…

ما بعد التقاعد

الأربعاء ٠٣ أكتوبر ٢٠١٢

البعض تنتهي حياته عند التقاعد. و البعض الآخر تبدأ حياته (أو تتجدد) عند التقاعد. في الجامعات العالمية العريقة تجد عددا كبيرا من الأساتذة يكون غالباً من أصحاب الخبرة المتقاعدين. بعضهم كان برتبة عسكرية كبيرة في الجيش. و بعضهم كان سفيراً أو دبلوماسياً مهماً. هناك مديرو شركات سابقين يأتون للتدريس في الجامعة بتجارب عملية ثرية من الميدان فيربطون بين النظرية والواقع مما ينعكس إيجابياً على الطالب و على تجربة الجامعة إجمالاً. هناك ألف طريقة للاستفادة من خبرات المتقاعدين بدلاً من تركهم فجأة عرضة للاكتئاب و الإحساس بأنهم رقم زائد في مسيرة المجتمع. من واجب المؤسسات، حكومية أو غير حكومية، أن تعد برامج حقيقية تؤهل الموظف لمرحلة ما بعد التقاعد. الأعمال التطوعية يمكن أن تستقطب المئات من المتقاعدين بما يفيدهم و يفيد مجتمعهم. أعرف أثرياء بدأت تجارتهم بعد التقاعد من الوظيفة. و أعرف موظفين يعدون الأيام للوصول للتقاعد كي يتفرغوا للكتابة. الوظيفة مرحلة مهمة من عمر الإنسان. فلماذا لا نجعل التقاعد مرحلة أخرى أكثر أهمية في حياتنا؟ في التقاعد فسحة لتجارب جديدة و فرصة لتحقيق أحلام ما كانت الوظيفة تسمح لنا أن نحققها. يعجبني الإنسان الذي لا يحاصر إبداعه و إنتاجه وإسهامه في الحياة بسنوات الوظيفة تتوقف بعدها حياته. هل رأيتم رجل أعمال يتقاعد عند سن معينة؟ و هل سمعتم بكاتب توقف…

الله الله في اليمن!

الثلاثاء ٠٢ أكتوبر ٢٠١٢

بقدر ما نرفض تدخلات إيران في الشأن العربي بقدر ما نلوم دولنا في إعطاء إيران فرصة التدخل. اليمن أفضل الأمثلة. فلو لم نهمل اليمن لما وجدت إيران ضالتها في بعض ثوار الجنوب وفي الحوثي وجماعته. السياسة لعبة مصالح. وكل يبحث عن مصلحته حتى وإن كانت مؤقتة. لكن الأخطر من لعبة المصالح أن تجد مجموعة عربية نفسها وقد أغلقت في وجهها كل الأبواب إلا باب طهران. إيران تستغل الفرص ونحن نهدرها. فاليمن، وتلك فكرة نرددها منذ سنوات، قد يكون بوابة الشر الإيراني القادمة على دول الخليج العربية. لكن التحذير وحده لا يكفي. ولولا أن الرئيس اليمني الحالي توجس خيفة من لعبة إيران مع أبرز دعاة انفصال الجنوب، علي سالم البيض، لما صرح باستنكار تدخلات إيران في الشأن اليمني الداخلي وحذر منها من على منصة الأمم المتحدة قبل أيام. إيران ببساطة تستغل فقر اليمن وحاجة اليمنيين الماسة ليد تمتد نحوهم. وما فقر اليمن ومجاعته إلا مسألة مخجلة لا يمكن تبريرها لدول الجوار التي وقفت حائرة كيف تُسعف اليمن. الدور الخليجي المرتقب في اليمن – في الأصل ومن قبل ظهور المجاعة – كان يفترض فيه أن يكون لاعبا أساسا في «احتواء» اليمن إلى صف المواقف والمصالح الخليجية. اليمن هو عمقنا الأمني الاستراتيجي. ولو استثمرنا فيه بما يخدم تنميته ونموه لكنا أصلاً خدمنا المنطقة…

القبيلة والبديل!

الإثنين ٠١ أكتوبر ٢٠١٢

القبيلة في ليبيا هي مَن تقود المجتمع الليبي اليوم نحو تأسيس دولة مدنية تكون دولة القانون والنظام. وأبناء القبائل في ليبيا هم مَن قرروا طرد الجماعات المتطرفة من مناطقهم ومدنهم. بل إن بعض مشايخ القبائل الليبية أعلنوا سحب الحماية القبلية عن أيٍّ من أبناء القبيلة ينضوي تحت لواء جماعات العنف المسلحة في ليبيا. القبيلة في ليبيا تتبنى مشروع الدولة المدنية وتحميها. وهي اليوم أهم مكوّن ومؤثر في بناء الدولة الجديدة في ليبيا. وفي اليمن كانت القبيلة وما زالت «صمام أمانٍ» للسلم الاجتماعي داخل اليمن. ولولا عقلانية القبيلة وواقعيتها لتحقق حلم الرئيس السابق باندلاع حروب أهلية تطيل أمد مماطلاته وألاعيبه. وبعض مَن يمارس النقد الجاهل ضد القبيلة، خصوصاً من مثقفينا وكتابنا، ينطلق في تعميماته من زاوية ضيقة لا ترى في القبيلة سوى العصبية الجاهلة. ينتقدون القبيلة وهم – في حياتهم العملية – يمارسون يومياً «القبائلية». فالشللية والمناطقية والفئوية من أشكال العنصرية البغيضة، خصوصاً حينما يحرم بسببها إنسان من حقه أو يُمنح إنسان ما لا يستحقه فقط لأنه من أعضاء «الشلة»! ننتقد القبيلة حينما يصبح التفاخر بها شكلاً من أشكال العنصرية. وننتقد بعض المظاهر المحسوبة عليها إن شكّلت ما يمكن أن يهدد وحدة الأوطان. لكنها اليوم بقيت صمام أمان وطني كما في النموذجين الليبي واليمني. أما تهميش القبيلة أو السخرية مما تبقى…

الشتيمة ليست حرية رأي!

الأحد ٣٠ سبتمبر ٢٠١٢

الاتجاه نحو سن عقوبات ضد من يستغل قنوات التواصل الاجتماعي للشتيمة والقذف والإساءة للآخرين خطوة تستحق في رأيي التقدير والدعم. لدينا بعض ممن يغالط نفسه وهو يشتم مخالفيه باسم حرية التعبير. ونصادف يومياً من يتبرقع بالاسم المستعار ثم يكيل التهم الظالمة والشتائم و«قلة الأدب» ضد أصحاب الرأي المختلف وكل ذلك تحت مظلة «حرية التعبير». في كل بلاد الدنيا المتحضرة وعريقة التاريخ الديمقراطي والإعلامي توجد أنظمة وقوانين تحدد ما يندرج ضمن «حرية التعبير» وما يتجاوزها إلى القذف والشتيمة. صحيح أن من واجبنا أن نحذر من استغلال حماية الناس من ممارسي الشتيمة والقذف على مواقع التواصل الاجتماعي لقمع الآراء أو التضييق على الرأي الناقد المتزن. لكن –في المقابل– نحن فعلاً مطالبون بحماية المجتمع من أكاذيب وشتائم قلة وجدت ضالتها في تلك المواقع لاختلاق القصص الكاذبة والترويج للشائعات والشتائم. قنوات التواصل الاجتماعي تشكل في الأساس منابر مهمة للحوارات الثرية وللتأسيس لجو من الحوار المؤدب حول القضايا والأفكار من دون شتائم وأكاذيب. هي مهمة لتعويد المجتمع على التصالح مع الرأي المختلف لا للدفع بالمجتمع نحو مزيد من الفتن والانقسامات. لا توجد حرية مطلقة. ولا يمكن أن تقوم حضارة من دون قوانين وضوابط. ولا يمكن أن تشتم الناس وتروج الأكاذيب ضدها ثم حينما تُسأل عن أقوالك تبررها بحرية التعبير. هل من الحرية –مثلاً– أن تقطع…

حنين

السبت ٢٩ سبتمبر ٢٠١٢

يأتيك الصوت من زمن بعيد، لكنك لم تنسه، إنه يختفي بداخلك لكنه لا يغادرك أبداً، تغمض عينيك قليلاً ثم تشاهد ذكريات الطفولة كما لو كنت تشاهدها على شاشة عرض كبيرة. اليوم الأول في المدرسة، ولادة طفل جديد في العائلة بعد أن كنت أنت وحدك طفلها المدلل، موت رجل من الجيران، تخرج ابن الخال من كلية عسكرية، دخول الصف الأول الثانوي، لبس العقال للمرة الأولى، والتجربة المثيرة حينما قدت السيارة للمرة الأولى. ما الذي يعيدنا الى تلك الذكريات بتفاصيلها؟ وماذا عن ذكريات الأمس القريب؟ أهي الطفولة ثم المراهقة المبكرة التي تصبغ الذكريات القديمة جداً بألوان الفرح والبراءة؟ لي صديق عزيز لم أره منذ غادرت الثانوية، كان نعم الأخ ومن أقرب رفاق المدرسة، باعدت بيننا الأيام والاهتمامات، تواصلنا من جديد قبل أشهر، ولا نجيد الكلام في شيء سوى ذكريات الثانوية، وحينما تضيق بنا الدنيا -وما أكثر ما تفعل- نعود لأيام الصبا الجميلة فنجد فيها ملاذاً مؤقتاً من ضجيج يومنا ومخاوف القادم من الأيام والأحداث. الحنين ليس لتلك الأيام والأحداث القديمة، إنه لبراءتنا وقتها، ولمشاعرنا تجاهها. إنه حنين خفي يعيش مع المرء حتى الموت لتلك الطفولة بكل ما فيها من براءة وحزن وفرح وتعب. ذلك هو الحنين للمشاعر الأولى بما فيها من بساطة وطفولة. وإلا لما قفزنا التجارب اللاحقة وساقنا الحنين للبعيد من…

أكتب ثم أكتب.. ثم ماذا؟

الجمعة ٢٨ سبتمبر ٢٠١٢

أظن أن ما يكتب اليوم في الصحافة المطبوعة لا يشكل أكثر من نقطة في بحر تشكيل الرأي العام اليوم. لقد ولّى زمن «الجرائد» الجميل حينما كان مقال واحد يمكنه أن يقيم الدنيا و لا يقعدها. وكان «المسؤول» يتصفح الجرائد يومياً، جريدة جريدة، و صفحة صفحة، أملاً أن يرى صورته في المحليات أو خوفاً من مقال يشير – و لو تلميحاً – لبعض قصور في أدائه. نحن أبناء اليوم! فكتاب الصحف اليوم، و صاحبكم منهم، مثل من يرمي من خلف الصفوف. أو كمن ينفخ في قربة مثقوبة. فعدد مشاهدي فيلم «كروة» الجديد في يوم واحد ربما فاق عدد قراء صحفنا مجتمعة في شهر. نحن ننتمي لزمن يوشك أن ينقرض و هم ينتمون لليوم. كانت الجريدة منبراً مهماً و مؤثراً في تشكيل الرأي العام و في توجيه حوارات المجتمع و مناظراته. و لم يكن ذلك لأن من يكتب في الصحف كانوا أفضل من و ما في المجتمع و لكن لأن منابرهم كانت الأكثر حضوراً. أو لعلها كانت الوحيدة. أما اليوم فقد زاد الماء على الطحين. و ما تحدثه رسالة عبر «الواتس آب» أو «تويتر»، و في دقائق قصيرة، ربما فاقت ما يحدثه أهم مقال في صحفنا مجتمعة. أما المشكلة الثانية فهي أن «المسؤول» لم يعد يكترث لما يكتب عنه أو ضده. انتقد…

كان الله في عون السوريين

الخميس ٢٧ سبتمبر ٢٠١٢

من حق السوري الثائر ضد نظام البطش في دمشق أن يتذمر من خذلان المجتمع الدولي لقضيته. من حقه أن يعبر عن خيبة أمله في العالم الذي ظل يشهد موت الأبرياء في سوريا وعذابهم دون ردة فعل صادقة. ومن حقه أن يسخر من تلك الكلمات الرنانة على منصة الأمم المتحدة ليلة الثلاثاء الماضي. بقي بشار الأسد يمارس البطش العلني ضد السوريين فيما زعامات العالم «المتحضر» تندد وتتوعد دون فعل. ثوار سوريا يدركون تماماً أن النصر حليفهم، آجلاً أم عاجلاً، لكن لماذا إطالة أمد المعاناة والقتل اليومي؟ أبسط ما يمكن أن يقدمه المجتمع الدولي الذي يعلن تأييده لثورة الشعب السوري أن يزود الجيش الحر بمضادات الطائرات. أكثر ما أنهك قوى الثوار هي طائرات النظام الحربية. والجميع يعرف أن الأسد وشبيحته لايتوانون عن قتل المدنيين بالجملة، بالمدرعات وبالطائرات التي زعموا -قبل الثورة- أنها كانت لمواجهة من يحتل الجولان. هاهي أسلحة الجيش تصوب نيرانها للداخل السوري فيما لم تطلق -في حياتها- رصاصة واحدة على المحتل الإسرائيلي. واليوم يحذر البعض من تغلغل الجماعات الدينية المتطرفة للداخل السوري. من السبب؟ من حق المظلوم المقهور الذي يتعرض كل ساعة للموت والإهانة أن يتحالف مع من يناصر قضيته حتى لو كان الشيطان. تلك هي الحقيقة. أما المجتمعون في نيويورك فإنهم لايقدمون سوى الكلام الفارغ من أي معنى طالما…

عزبة التائبين!

الأربعاء ٢٦ سبتمبر ٢٠١٢

شاهدت للتو على اليوتيوب فيلم «الكروة» للمخرج الشاب بدر الحمود وفريقه في «عزبة التائبين». وكنت قبل المشاهدة في اجتماع مع شابين سعوديين قدما من الرياض لعرض فكرة إبداعية جديدة. لعلها مصادفة جميلة أن يحدث اللقاء في ذات اليوم الذي شاهدت فيه «كروة». فالنتيجة واحدة: نحن أمام جيل صنع خطابه المختلف بنفسه. أكاد أسأل أحياناً: من أي كوكب جاء هؤلاء المبدعون؟ أم إن المبدع يفجر طاقاته الإبداعية في أجواء الضغوط وزحمة العقبات؟ لدينا اليوم قائمة طويلة بأسماء شابة في غاية الإبداع. هؤلاء لم يلدوا من رحم حاضنات الدعم الحكومي. لقد أتاحت لهم تقنيات الاتصال الجديدة منابر اكتشفنا من خلالها مواهبهم وقدراتهم الإبداعية. أحياناً أسأل: هل نشكر الجهات الرسمية على تجاهلها هذه المواهبَ الإبداعية؟ ومبرري هنا هو: ظني أن الدعم الرسمي لهذه المواهب قد يخنق إبداعاتها أو يسجنها في قوالب الإنتاج التقليدي التي تجاوزَها شبابنا اليوم. لكن هذا لا يعفي من البحث عن طرق أخرى نضمن عَبرها دعماً حقيقياً لمواهبنا الشابة، على الأقل في بداية ظهورها، دونَ التدخل في إبداعاتها. دعوا هؤلاء الشباب يُطلقون عنان إبداعاتهم دونَ وصاية أو تخويف. ولهذا أقترح تأسيس حاضنة دعم لإبداعات الشباب خارج بيروقراطية الجهاز الرسمي، لعلها تسهم في دعم المواهب الشابة. هذه الحاضنة يمكنها أن تقدم الدعم المالي المطلوب، وتؤسس شبكةَ تعاون بين المبدع والقطاع الخاص،…

لأنك تريد الخير لوطنك

الثلاثاء ٢٥ سبتمبر ٢٠١٢

لأنك تحب وطنك، وتريد له كل الخير، فأنت تمارس الصدق وأنت تنتقد مواقع الخطأ. وأنت تعتبرها وطنية أن تؤمن بالنقد وبطرح رأي مختلف. وإن كنت ترى أن من الوطنية أن تمتدح المشروعات وتثني على كل شيء في الوطن فليس من حقك أن تختزل الوطنية في فهمك أنت وفي قناعاتك وحدك. في الوطن -ولمصلحة الوطن- تنوع كبير في الآراء والتجارب والرؤى. فأخوك أو أختك في الوطن يرى/ ترى أن من الوطنية أن تحذر من ما يمكن أن يسيء للوطن وأن تنبه للمخاطر وتُذكر بالمسؤوليات. تذكر أن في مجتمعك غالبية “شابة”، تتواصل مع العالم كله في لحظة، وتحلم بما يحلم به أقرانها في العالم كله من أمان في الوظيفة ونمط حياة مريح وفرص حقيقية للإبداع والتميز. وتذكر أن هذه “الغالبية” قد لاتنتمي لخطابك القديم الذي يصنع من الحبة قبة عند إنجاز أصغر مشروع. وتلك الغالبية تعتقد -ومعها كل الحق- أن من حقها (بل ومن واجبها) أن تطمح في الأفضل وأن تكشف عن أقنعة من يسلبها حقها في المستقبل! وإن كنت صدقاً تريد الخير لوطنك فلاتقفز إلى الخلاصات العاجلة والجاهزة في تقييمك لأصوات النقد في محيطك. فليس “حاقداً” على الوطن من يسأل عن أسباب تأخر مشروعاته ويستفسر أين وكيف أُنفقت ميزانياته ويطرح أسئلة حول آلية الإنفاق على برامج التعليم والصحة والنقل. ولو لم…

«الداخلية» في اليوم الوطني

الإثنين ٢٤ سبتمبر ٢٠١٢

في كلمته بمناسبة اليوم الوطني، نبّه سمو وزير الداخلية على ضرورة ألا تُستغل مناسبة اليوم الوطني لإثارة الفوضى أو ما هو غير لائق. هذا التنبيه يأتي بعد تجارب غير إيجابية في مناسبات وطنية ورياضية كثيرة. فكيف نفهم أن يعبر شاب عن فرحته بإثارة الفوضى وتكسير واجهات المحلات والإساءة للآخرين؟ مع أجهزة الأمن كل الحق -بل هو واجبها– في حماية الأسواق والشوارع من عبث العابثين في اليوم الوطني أو في المناسبات الرياضية الكبيرة.هذا العبث أصبح سلوكاً يستوجب سن قوانين واضحة ضد مماريسه ليس فقط لما فيه من تعدٍّ على الآخرين ولكن لأنه أيضاً قد يتحول، مع الوقت، إلى “عادة” عند المراهقين في شوارعنا. اليوم الوطني، بمعانيه الوطنية المهمة، هو فرصة ثمينة للاحتفال بمنجز وطني ضخم توحّدت عبره بلادنا وأقامت دولة تشكل اليوم رقماً فارقاً في السياسة والاقتصاد. وهو فرصة للاحتفال بمنجزات الوطن وتذكير بأهمية الحفاظ على تلك المنجزات والفخر بها. أما ممارسة الفوضى في الشوارع فهي أصلاً خطأ يجب تصحيحه بالتوجيه حيناً وبالعقاب أحياناً أخرى. لا يمكن أن نترك هذه الظاهرة تتفشى في مدننا من دون سن قوانين صريحة تعاقب من يتعدى على الآخرين أو يتسبب في أذاهم. وحينما يتعمد بعض شبابنا إغلاق الطريق أو إبطاء سرعته فإنهم يمارسون مخالفة صريحة قد لا يدركون حجم ضررها. ألا يمكن أن تكون خلفهم…

خيانة المالكي

الأحد ٢٣ سبتمبر ٢٠١٢

الدعم الذي تقدمه حكومة نوري المالكي لنظام بشار الأسد لا يأتي في إطار «لعبة سياسية» تفرضها المرحلة ولكنه ينطلق أصلاً من نزعة طائفية لم تعد خافية على أي راصد. وفوق أن نوري المالكي نفسه هو -كما أشار الأستاذ عبدالرحمن الراشد في مقاله أمس- أداة من أدوات السياسة الإيرانية في المنطقة فهو أيضاً يرى في حكم العلويين لسوريا امتداداً للهلال الشيعي الذي يريد أن يكون أحد مكوناته. تاريخياً، علاقة شيعة العراق العرب بإيران كانت في غاية التوتر. وشرفاء شيعة العراق العرب يحذرون دوماً من أن التفريط بهم هو تفريط بأهم مكون عربي في العراق. بل إن شخصية عراقية بارزة ومن أسرة شيعية كريمة، روى لي قبل أيام أن والدته كانت ترفض دخول البضاعة الإيرانية إلى منزلها قبل أن تتركها تحت أشعة الشمس لثلاثة أيام! باع نوري المالكي نفسه وبلده لإيران خوفاً على كرسيه المهترئ. وخلق شرخا كبيرا في علاقة العراقيين (سنة وشيعة) بإخوتهم في الجزيرة العربية وفي سوريا. وكل ذلك من أجل إيران التي ضمنت له السلطة لكي يدير مصالحها في العراق. اليوم ثبت بالأدلة أن نوري المالكي متورط في الجرائم التي ترتكبها قوات الأسد بدعم من الحرس الثوري الإيراني ضد السوريين. وهي جريمة -تضاف لجرائم أخرى- لن ينساها السوريون للمالكي ومن في صفه في قادم الأيام. وتواطؤ المالكي مع بشار…