الأحد ١٩ نوفمبر ٢٠٢٣
العطاء قيمة عظيمة في مفهوم الإنسانية، العطاء بكل صوره لا يختلف عليه اثنان في أنه يعيد للإنسان مفهوم الخير ورد الجميل، في الكثير من المواقف والأماكن متى ما تيسرت الأمور وسخر الله لنا الفرصة فإنها نعمة كبيرة، نعمة أن تعطي مما أعطاك الله، مالاً كان، علماً، كلمة، تطييب خاطر، رسالة، تجربة، تواجداً، دعماً معنوياً، احتواء، مواساة، مؤازرة، ابتسامة، الخ. لا يمكن أن أصف كل الأوجه هنا لكنه الإحساس بأنك لا تنتظر لا مدحاً ولا مردوداً، بل تعطي من داخلك، قلبك ونفسك وروحك راضية، وتصبح بخير بعد ذلك بما ستشعر به ويعود إليك. قبل أيام كنت في تجمع لأول مرة مع «أفيشن جاذيرنج Aviation Gathering»، تجمع في الطيران المدني، أعرف عنه منذ أعوام لكن لم تحصل لي الفرصة أن أشاركهم يوماً تجمعهم، لتمر الأعوام ويأتي الوقت المناسب، كان الحديث مع مجموعة لا تتجاوز ربما ال 30، ممن يعيش في عالم الطيران وتميز فيه، وممن يخطط للدخول فيه، تجربتي كانت محل نقاش، ولأول مرة منذ فترة طويلة، يطلب مني أن أتحدث دونما تحضير أو أسئلة، فقط أنقل تجربتي لجيل مضى وجيل يأتي، كانت جلسة أحسست فيها بالتقصير قليلاً وبالرضا كثيراً، التقصير في تواصلنا مع بعضنا، في نقل تجاربنا الإنسانية قبل العملية، في التواصل وإعطاء دفعة خير معنوية لمن حولنا، قد نظن أحياناً…
الأحد ٢٨ أغسطس ٢٠٢٢
حين كنت صغيرة، كنت أقوم بتجميع مصروفي حتى أتمكن من شراء مجلة معروفة، لأستطيع أن أتصفح تفاصيل الديكور والأثاث والملابس، لكن الأهم من ذلك، الصفحة الأخيرة التي كانت أول صفحة أفتحها وكلّي شوق لما سأقرأ، في تلك الصفحة كان العمود الأسبوعي للكاتب الإماراتي محمد المر، كنت أقرأ وأنا في انبهار كيف يختزل لي عالماً في تلك السطور، كيف كان مصدر الأخبار والتطورات الفكرية لي، كان الصفحة التي تشكلّني وأنا غير مدركة، كان أول كاتب يأسرني ويجعلني أتأمل كل تلك السطور وأقول بإعجاب شديد «كيف يكتبون»، ومن يعلّمهم وكيف يختصرون كل ذلك لنا، كان هو بصمة تركت ولا تزال أثراً في قلمي وحياتي. محمد المر الذي التقيت معه مراراً وتكراراً في الأعوام ال 10 الأخيرة، في مناسبات ثقافية واجتماعية مختلفة، لا يزال هو ذاته الشخص الذي قرأت له، في اللقاء الأول، لم نتحدث عن الكتب والكتابة ولم أخبره أني كاتبة عمود، كان حديثنا عن الخط العربي وكيف لهذا الفن أن يكون آسراً وصورة الحضارة الحقيقية، كان داعماً ومبهراً في حديثه، جعلني أتّقد حماسة لأول معرض مشترك مع صديقاتي، كان حاضراً، يأخذ اللب بتفاصيل حواره ومعرفته ودقتها كان مثقفاً جامعاً لمختلف الأساليب والعلوم التي ما زلنا إلى اليوم نستكشفها. محمد المر.. ولأقل القلم الأول الذي عرفت، هو بالنسبة لي شخصية استثنائية، في…
الأحد ٠٦ سبتمبر ٢٠١٥
لم يمر يوم أمس من دون أن يخلد ألماً في قلوبنا. حين نادى المؤذن لصلاة الجمعة تناقلت الهواتف خبراً أفجعنا ولم نكن لندرك في لحظتها أننا نعيشه حقاً: استشهاد عدد من جنودنا البواسل. بكينا مع كل أم رحيل كل شهيد، واليوم لا نبكي، بل قلوبنا منفطرة ونحن نودع كوكبة مخلصة متفانية كانت معاً ورحلت معاً في أروع صور الوفاء والتضحية التي مهما قدم غيرهم لن تكون بحجمها. رحلوا شهداء إلى عليين عند رب كريم منعمين بإذن الله وفرحين بما آتاهم الله من جنات عرضها السموات والأرض.. حزننا مؤقت، فهم شرفونا وكانوا درعاً تحمينا، لم يترددوا، حملوا وسام الشرف عند خروجهم من بيوتهم وتوديعهم أهلهم، وكلنا أهلهم وهم أبناء أرض تستحق أن نعطيها ونرويها بدمائنا وتكون أرواحنا على كف الموت حاضرة لها، لأنها الأم الأولى والحضن الأول. أرض تشرفنا في كل بقاع الدنيا فكان لها بحق كل تضحية مقدمة. لكل من رحل ولكل من لايزال في أرض المعركة: نحن هنا آمنون ندين لكم بكل لحظة فرح نعيشها. ندين لكم بشموخنا وأماننا. ونحتضن خوفكم على من خلفتم وراءكم. من رحل من شهدائنا ضحوا لنعيش ورحلوا لنحافظ على هذا الوطن. رحلوا ولم يترددوا في تلبية الواجب فوجب علينا أن نقدر ما قدموا ولا نتهاون فيما نقدم لوطننا.. علمنا رمز فخر التحفوا به حين…