الإثنين ٢٧ يوليو ٢٠١٥
المعادلة بسيطة جداً .. إذا لم تكن قادراً على أن تحب في لحظة ما، فعلى الأقل قف على الحياد ولا تكره، وإن لم يكن باستطاعتك أن تتقبل الآخر المختلف، فمن الأفضل ألا تتخذ موقفاً منه.. ليست المسألة في أن الأمر موجود أو غير موجود، وإنما هي رغبة حضارية في عدم ترك منفذ له ليأخذ مكاناً في أي وقت وتحت أي ظرف .. هو ذا باختصار جوهر المرسوم الرئاسي الإماراتي لمكافحة التمييز والكراهية الذي صدر قبل أيام. وعلى الرغم من ذلك، فالمعادلة الأجمل تقول: لن تخسر شيئاً إن أحببت وإن تقبلت الآخر، بل ستكسب الاحترام والتقدير من ذاتك ومن الآخر، وتحرز مكاسب ما كانت لتخطر على بالك. الحياة سهلة وجميلة إن أردنا لها أن تصبح كذلك، وأيضاً قد تغدو صعبة ومعقدة لو سلكنا الطريق المؤدية للخلل، فلا أفضل من التأقلم مع الجميع بمختلف أفكارهم وقناعاتهم، وإن حاورناهم، فالمفترض بالرقي أن يصير قاسماً مشتركاً للحوارات كافة، ومثله يجب أن يحضر العقل والمنطق وكل ما يعبر عن سوية فكرية ناضجة. لو تحقق ما سبق، فلا بد أن تتوهج المحبة والتعايش، وإن كان المكان عامراً بهما، فلا مانع من أن يزدادا ثباتاً وقوة .. وإن سنت لهما القوانين، فما ذلك إلا لتأسيس أطر ناظمة تزيح ما قد يظهر من شوائب تخل بالمسارات، كي يظل…
الخميس ٠٥ مارس ٢٠١٥
أقبلوا من كل حدب وصوب تضامناً مع عاصمة النور، احتشد الملايين وساروا ليبثّوا رسالتهم للعالم. وصلت الرسالة غير أن الضحايا صاروا تحت الثرى، والقتلة الحقيقيون مازالوا يخططون لإجرامهم من هناك. إهانة عقائد الآخرين ليست حرية تعبير، والرد بالقتل ليس إيماناً، وبين الحالين ضاع مفهوم الحرية وجوهر التعبير، أما المسلمون، فعادوا إلى مرحلة الدفاع عن صورة الدين. كي ينتهي الإرهاب لا بد من بتر جذوره والقضاء على كل ما يتعالق معها، لئلا ينمو ثانية. ثمة نظام هدد وتوعد بحرق المنطقة والعالم إن لم يستمر في السلطة، وها هو ينفذ بيد غيره، فترك «الدواعش» يكملون الحلم، متخلياً لهم عن مناطق كاملة بمواردها النفطية، فقويت شوكتهم، ولم يكتفوا بإذلال من صار تحت سيطرتهم، بل انطلقوا إلى الخارج لنشر إرهابهم. وحتى يكون الحديث واضحاً، «تنظيم داعش» وما ماثله من مجموعات متطرفة ممن يسمون أنفسهم «جبهة النصرة» و«أحرار الشام» ليسوا سوى قتلة ومجرمين ولصوص وشذاذ آفاق، وما داموا قد وجدوا في الفوضى التي تسبب بها النظام السوري في بلاده مكاناً خصباً لتنفيذ مشروعاتهم، فهم مستمرون في غيّهم، لذلك يفترض أن يتزامن مشروع الخلاص منهم مع حل الأزمة السورية، فالرابط بين الأمرين متين، وتعرفه القوى الكبرى في العالم غير أنها لا تريد أن تتحرك لأسباب غير معلنة. ما يحدث في العراق من مواجهة جدية لتنظيم داعش…
الخميس ٠٨ يناير ٢٠١٥
من الأمثال الشعبية في بلاد الشام: "كانون الأجرد بيخلي الشجر أمرد" و"عرس المجانين في الكوانين" و"بعد كانون الشتا بيهون" و"في كانون الصحو فيه ظنون" و"في كانون كِنّ ببيتك وكثر من حطبك وزيتك" و"أبرد من مية كانون" و"شمس كانون مثل الطاعون" و"في كانون كِنّ وعلى الفقير حِنّ"... ها قد انتهى كانون الأول وبدأ كانون الثاني ببرده القارس فيما الفقراء المهجرون في داخل سورية وخارجها حيث مخيمات اللجوء ينتظرون من يحنّ عليهم، والشهران هما آخر شهور السنة الميلادية وأولها الذي نحن فيه نتابع أخبار العاصفة "هدى" تهاجم المساكين ممن يواجهون ما تحمله إليهم من برد وصقيع وثلج بلا حول ولا قوة، ولا سلاح لديهم سوى الدعاء. أما العاصفة "هدى" فقد برر الراصدون والإعلاميون إطلاق الاسم عليها كي ترأف بحال الضعفاء وتكون على اسمها "هدى"، فالشتاء في بلاد الشام أشد قسوة من غيره من الفصول، وخاصة أيام "الكانونين"، إذ يكثر الناس الجلوس في البيت، وتبدأ المدافئ عملها على مدار اليوم، ويتدثر البشر أثناء نومهم بألحفة مضاعفة. أما صباحاً فالماء المتجمد مشكلة كبيرة، في الشوارع والسيارات وصنابير الماء.. وأذكر قبل زمن السخانات الكهربائية كم عانينا في الصباحات لغسل الوجه واليدين قبل الذهاب إلى المدرسة. الحالة تلك هي ذاتها التي يعيشها كل مهجر هذه الأيام، مع فارق المكان، وغياب الخدمات الأساسية، ولا خيار إلا ترقب…
الخميس ٠١ يناير ٢٠١٥
لغاية اللحظة لا أستطيع التمييز بين صوت "المطرب" الشهير إياه وبين "الجاروشة". والجاروش أو الجاروشة رحى لطحن القمح والحبوب وجرشه، ويصدر عنه صوت غليظ مزعج يشبه إلى حد كبير صوت ذلك المغني الذي يصر البعض على أن يسموه مطربا، والبون شاسع بينه وبين الطرب مهما تعصّر واحمرّ واصفرّ وتنفخت أوداجه وادّعى الاندماج. وضع صاحبنا يؤكد أن الغناء يكاد يصبح مهنة من لا مهنة له، ويشير أيضا إلى التردي في الغناء العربي وهبوط سوية الذائقة الجمعية، ولو نظرنا إلى الأجيال الغنائية التي ظهرت في العقود الأخيرة، لما وجدنا بينها من أثبت الجدارة لدخول تاريخ الفن العربي كالأصوات القديمة مما قبل سيد درويش وصولا إلى جيل عبدالحليم، مع وجود استثناءات تعد على أصابع اليد مثل: صباح فخري وطلال مداح ووديع الصافي وغيرهم، وإن كان هؤلاء أيضا مجايلين لمرحلة عبدالحليم. في السابق، لم يكن يصل سوى الأجدر والمتمكن موسيقيا والعارف بأسرار الموسيقى والمقامات، غير أن الحال تغير ليصبح كل من هبّ ودبّ يتسلق مادام الإعلام جاهزا لمساعدته، ومادامت الذائقة لم تعد تميز. ويروى أن محمد عبدالوهاب زار حلب قبل ثمانين عاما، وفي حفله الأول فوجئ بحضور يعد على أصابع اليد، لكنه اضطر للغناء بموجب العقد، وفي نهاية الحفل أخبره الحضور من موسيقيي و"سمّيعة" حلب ـ منهم علي الدرويش وعمر البطش ـ أنه نجح…
الخميس ١٨ ديسمبر ٢٠١٤
حين تنكسر الرسميات في جلسة ما، ويتحول فيها الحوار إلى حديث مودة مشبعة بالهم الثقافي الذي يحمله الحضور جميعهم، فإن الثمار لا بد أن تكون إيجابية، والأفكار يفترض بها أن تأتي تلقائيا من الموجودين لتصب في نهر واحد يرفد فكرة النهوض والتطوير.. هكذا كانت الجلسة قبل يومين، ولم يكن حوارا عاديا ذلك الذي جمعني في مجلس مديرة ومؤسِّسة مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون السيدة هدى الخميس كانو في أبوظبي مع نخبة من الإعلاميين والأدباء مثل الإعلامي الدكتور سليمان الهتلان، ورئيس تحرير صحيفة "ذا ناشيونال" محمد العتيبة، والروائي سلطان العميمي، والكاتب والناشر جمال الشحي، والروائي سلطان الرميثي.. فالكلّ يريد للثقافة بفروعها وفنونها أن ترتقي أكثر، والصعود بالذائقة الجمعية قاسم مشترك لمعظم الرؤى التي أتت لتشكل لوحة حيّة تمازجت فيها الألوان والمدارس الفنية لتبلغ الغاية المنشودة التي أخلصت لها صاحبة الدعوة والمتمثلة في حوار الثقافات. ليس سهلا في هذا الزمن أن تكرس جهودك لفكرة صعبة، فعلى الرغم من سهولة التواصل مع الآخر غير أن حوار الثقافات مسألة معقدة لو نظرنا إلى البيئة المحيطة على مستوى المنطقة، فالتنظيمات المتطرفة تسيء لصورة مجتمعاتنا الشرقية، لذلك لا يعد أمرا سهلا اختراق الغرب بثقافتنا أو استضافة ثقافته لنتعرف عليها عن قرب كما تفعل مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون.. فرسالة المجموعة التي حدثتنا عنها السيدة "كانو" تأسست على مرتكزات…
الأربعاء ١٧ ديسمبر ٢٠١٤
ما بين استعراض فعاليات ثقافية مستقبلية قريبة وحديث معرفي مع سفير أوروبي، أمضيت الفترة الصباحية الثلاثاء الماضي في إحدى قاعات فندق قصر الإمارات في أبوظبي، حيث حضرت مؤتمراً صحافياً للإعلان عن برنامج مهرجان أبوظبي الذي تنظمه مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، ويقام في مارس وأبريل من العام المقبل. المهرجان حسب ما أوضحت مديرته ومؤسِّسة المجموعة هدى إبراهيم الخميس كانو اتخذ من «الفكرة نواة الإبداع» شعاراً له، وهو يسعى لاستشراف آفاق المستقبل، وينطلق في إشراقات الفكر والإبداع الإنساني، وتتنوع نشاطاته بين الفنون والآداب، لتشمل الموسيقى والفن التشكيلي واللقاءات الثقافية الفكرية.. ولعل ما يراه البعض من أن المهرجان يهتم كثيراً بالفنون الغربية يعد ميزة إيجابية له إلى حد ما، فدولة الإمارات والمنطقة مليئة بمتذوقي الثقافة الغربية واستقطابهم بتقديم ما يستهويهم أمر إيجابي، وهو أيضاً عامل جذب للقادمين من الخارج ممن قد يبرمجون زيارتهم خلال فترته. ومع ذلك سألت عن توسيع حضور الثقافة العربية والمحلية في المهرجان فردت «كانو» على تساؤلي بأن المهرجان يسعى لحوار الثقافات وأن القائمين عليه يسعون لإيجاد مساحات للثقافة العربية قدر استطاعتهم لتحقيق التوازن المطلوب. إلى ذلك، كان للسفير الإيطالي جورجيو ستارتشي كلمة خلال المؤتمر الصحافي لكون بلده ضيف شرف مهرجان 2015، وبعد المؤتمر كان لي حديث ودي معه حول مستوى حضور الثقافة الإيطالية في المهرجان، سواء من حيث الأعمال…
الخميس ٠٤ ديسمبر ٢٠١٤
من السهل أن يطلق أحدهم الشعارات، ومن السهل أيضا أن يتحدث في ما يريد، غير أن الصعب دائما هو التطبيق.. لذلك فإن من يستضيف مؤتمرا لمناقشة أمر ما، يفترض به أن يكون أول الملتزمين بما يطرح من محاور وتوصيات، أما أن تكون مجريات الأمور هي النقيض لما يمارس على أرض الواقع من قبل ذلك المستضيف فذاك هو التضليل بعينه، والمسألة لن تتجاوز الكلام خلال ساعات ثم تستمر الحكاية السابقة، ويبقى نقيض الكلام هو الحقيقة. من الجيد أن يقام مؤتمر في طهران تحت شعار "التقارب الإعلامي لأجل السلام والاستقرار في العالم الإسلامي"، ومن الجيد أن يشارك به ممثلون عن كثير من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، لكن غير الجيد أن تكون إيران مستضيفة للمؤتمر، فهي - من خلال سلوكياتها - أبعد الدول الإسلامية وأبعد دول العالم عن العمل من أجل السلام والاستقرار خاصة في دول الجوار.. أي إنها لا تستطيع التوافق مع محيطها الإقليمي وتفعل كل ما في وسعها لخلق الاضطرابات في دول المنطقة عن طريق أتباعها فيها. الشواهد على التصرفات الإيرانية غير المنسجمة مع عقلية السلام كثيرة، منها تدخلاتها في اليمن عن طريق الحوثيين، وفي لبنان عن طريق حزب الله، وفي العراق عن طريق أعوانها بشكل مباشر سابقا، وما زالت ذيولها تعمل هناك.. ولها أصابع تحاول العبث في البحرين،…
الخميس ٢٧ نوفمبر ٢٠١٤
لا أظن أنه توجد طريقة لإفهام "الدواعش" أن ما يفعلونه ليس من الإسلام في شيء، فهؤلاء لهم هدف محدد يريدون تحقيقه بأي أسلوب، ولا يهم إن استخدموا القتل أو الذبح أو السلخ أو الصلب أو السحل وغيرها مما يتنافى مع الطبيعة البشرية السوية لأجل غرض قادتهم في السيطرة على بقعة ما من العالم والعيث بها فسادا. ولعل ما قيل مؤخرا عن إهدارهم لدم المغني شعبان عبدالرحيم مثال على مدى الانحدار الذي وصلوه، فالأمر بلغ بهم أن من ينتقدهم لا يستحق الحياة، وإن مرت كثير من الحوادث بهذا الخصوص من غير صخب إعلامي، فحكاية المغني المصري انتشرت لتكون دليلا على مستوى الفكر الخارج عن الشرع وعن التاريخ الإسلامي. فهؤلاء لم يقرؤوا أن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم لم يقتلوا أو يهدروا دم من اختلفوا معهم في الرأي، بل كان بعضهم يشيد بالرأي الآخر كما في القصة التي تختصرها جملة دخلت التاريخ.. "أصابت امرأة وأخطأ عمر". شعبان ببساطته رد على هجوم "داعش" عليه بكلمات أوكل فيها أمره لرب العالمين قائلا "خليها على الله".. كلمات يفترض أن تؤثر فيهم إن كان لديهم شعور بالإنسانية، غير أن المؤكد أن هذا الشعور غاب وحل التوحش مكانه، فمن يريدون أن يسوسوا الناس بلا قوانين ضابطة، وبمزاجية تمليها سلطة الأقوى لا مكان للعقل فيها، بل للخضوع المطلق…
الخميس ١٣ نوفمبر ٢٠١٤
المكان: بقايا أبنية وأكوام حجارة. الزمان: قبل أيام. التصوير: نهاري خارجي. الموسيقى التصويرية: صوت رصاص لا يهدأ. المشهد: أشخاص يصرخون، ورجل يهرب من طلقات قناص ليختفي على يمين الكاميرا ويختبئ داخل بناء منهار.. لحظات، ومع حركة الكاميرا يسارا يظهر طفل يتلوى على الأرض نتيجة إصابته برصاصة القناص.. أصوات تقول إنه ما زال حيا إنه يتحرك.. يقف الطفل ليركض خطوات أخرى باتجاه سيارة محطمة، تأتيه طلقات نارية، يقع مرة أخرى على الأرض قبل أمتار من السيارة.. ينهض ثانية ويجري لما خلف السيارة ليظهر ممسكا بيد أخته الصغيرة فيجريان معا تحت وابل من الرصاص إلى بناء على الطرف الآخر من الطريق. * * * ما سبق ليس سوى حدث واقعي تم تداوله خلال الأيام القليلة الماضية على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا أحسب أن شخصا شاهده لم يشعر بالمرارة والألم لما يجري في سورية من كوارث.. ربما وحده القناص القاتل ومن ماثله لا يرف لهم جفن، بل لعلهم يستلذون بالقتل. أي بطولة تلك التي يشعر بها القناص ـ ومن أرسله ـ في إطلاق النار على طفلين لم يتجاوزا العاشرة من العمر. ولو فكر، إن كان مازال عنده عقل يفكر، لاكتشف أن البطل الحقيقي هو ذلك الطفل الذي امتلك قدرة الرجال ودفعته إرادة الحياة للمخاطرة بنفسه لإنقاذ أخته. طفل يستحق أن يكون نجما في…
الخميس ٠٦ نوفمبر ٢٠١٤
كارثة أن يصبح القتل وسيلة تستخدم لمجرد الاختلاف في الفكر أو العقيدة أو الدين. وما حادثة الأحساء قبل يومين وأفعال تنظيم داعش في العراق وسورية، وقبل ذلك ما كان يحدث في بعض البلدان من تفجيرات من قبل منتمين إلى مذهب ما في أماكن دينية لمن ينتمون إلى مذهب آخر. المسألة يصعب حلها كما يبدو من التطورات عبر السنوات الماضية، فهؤلاء القتلة غابت عقولهم وحفظوا درسا واحدا هو تصفية المختلف الذي لا يتفق كليا مع أفكارهم المتطرفة. القضية ليست فكرية، لأن من يحمل فكرا مستعد لتقبل الحوار، والفكر يعني أن العقل يفكر في ما يتلقاه أو يطلع عليه، غير أن عقول هؤلاء القتلة توقفت عن العمل، وثبتت على نقطة واحدة تم استسهال القتل عبرها. فما فعله المجرمون في الأحساء يشبه في جوهره تماما ما يفعله "الدواعش" من قطع رقاب وعمليات إعدام وقتل وتمثيل بالجثث، فالاختلاف هو السبب الرئيس لتبرير إنهاء حياة إنسان، وهذا ما لم يرد في السيرة النبوية الشريفة، وما لم يذكر في القرآن الكريم. أما المبررات التي يستند عليها القتلة فلا أسس لها ولا تتجاوز كونها انحرافا في العقل البشري من حالته الإنسانية إلى صورة دموية في منتهى البشاعة. لا منطق مثلا لدى "داعش" قبل أيام في إعدام طبيب سوري لعله لم يرق لأحد "الدواعش" فاتهمه بالردة، وصدر عليه…
الخميس ٣٠ أكتوبر ٢٠١٤
م يكن غريبا أن يتصدر الإخوان المسلمون المشهد السياسي في تونس ومصر بعد الثورة في كل من البلدين لكونهم الفريق الوحيد الأكثر تنظيما بين التيارات الموجودة على الساحة وقتها، غير أن التخبط الذي ارتكبه الإخوان في مصر لم يحدث ما يماثله في تونس، ولعل الوعي الجمعي التونسي كان بحكم الفترات السابقة أقل تأثرا بالخطاب الديني المؤدلج، ولذلك لم يتمكن إخوان تونس من السعي لـ"التكويش" على كل شيء كإخوان مصر. ومع عزل إخوان مصر عن الحكم، وفشل إخوان تونس في الفوز بالأغلبية في الانتخابات التشريعية قبل أيام، وحلول حزب النهضة ثانيا بعد حزب نداء تونس، تظهر استفادة إخوان تونس من الدرس المصري، فلم يخربوا ويفسدوا بل شككوا على استحياء وأعلنوا القبول بالنتائج، وهي حركة ذات نظرة بعيدة المدى، فهم يسعون لاستمرار القبول الشعبي، وما داموا حلوا ثانيا فمن الممكن برأيهم أن يعاودوا الكرة للبحث عن الصدارة من جديد بدل أن يخسروا كل شيء كما حدث مع إخوان مصر. المسألة بطبيعة الحال لا تعني نقاء إخوان تونس، بل قد تعني دهاءهم وإدراكهم لأهمية التأقلم مع الأوضاع، ففقدانٌ موقت خير من خسارة أبدية، على أمل أن يعيدوا لاحقا حساباتهم وتجميع قواهم للانقضاض على السلطة حين تصبح الفرصة مواتية. الإخوان المسلمون أينما كانوا لا يريدون الاعتراف بأن مشروعهم قد فشل، وأن الحلم الذي اقترب…
الخميس ٢٣ أكتوبر ٢٠١٤
على الرغم من أن نبات الحرمل موجود ومعروف على امتداد الوطن العربي لصفاته العلاجية إلا أن مفردة "الحرمل" لها وقع خاص عند أهل الرقة في سورية، ولذلك اختار المخرج السينمائي السوري الرقي مصطفى الراشد أن يكون "الحرمل البري" عنوان فيلمه الروائي القصير الأول، الذي يرتكز على بيئة الفرات وإنسانه في موضوعه الرئيس، وكذلك اختار عدد من مثقفي ومبدعي الرقة مؤخرا "الحرمل" عنوانا لمجلة نصف شهرية أصدروها في مغتربهم القسري، حيث استقروا في مدينة "أورفة" التركية ريثما تهدأ الأمور في وطنهم ويخرج "الدواعش" ويرحل الطاغية وينتهي القصف.. ويبدأ الإعمار من جديد، ولكن سؤالهم وسؤال كل سوري تهجّر مرغما هو: متى تكون العودة؟ مجلة "الحرمل" نصف شهرية، وهي ليست خبرية بقدر ما يبدو من موادها أنها تحليلية لواقع ومستقبل الثورة السورية مع إلقاء الضوء على معاناة المهجرين والمغتربين، كما أنها تهتم بالمواد الإبداعية من شعر وقصة، وتصدر بجهود ذاتية من قبل الموجودين في فريق التحرير المسؤول، الذين يعملون على توثيق مرحلة مهمة لكنها - وإن كانت مؤلمة - جزء من تاريخ سورية الحديث خلال فترة الثورة بكل مآسيها وتداعياتها ومرارتها.. ولعل المرارة هي القاسم المشترك بين الزمن الحالي لدى السوريين وبين نبات "الحرمل".. ولذلك جاء اسم "الحرمل". يجمع الأصدقاء في هيئة التحرير المواد الكتابية والإبداعية عن طريق العلاقات الشخصية مع أصدقائهم وما…