الخميس ٣٠ أغسطس ٢٠١٢
منذ بدء تمييزه للأشياء يرتقي الإنسان بذائقته الجمالية، ويجانس بينها وبين ما حوله برؤية فلسفية فطرية، لتعم ذائقته على كل متعلقات معيشته اليومية أو محيطه الأسري والمهني. ويكون رأيه منذ طفولته بقبول هذا الشيء – أيا كان - ورفض ذاك تعبيرا عن إحساس بالجمال في المأكل والملبس والمشاهدة واللعب وغيرها. حين يكبر الإنسان تتطور رؤيته الفلسفية أكثر، فيمارس إسقاطات ذائقته الجمالية على ما يتلقى من أمور إبداعية، ومنها الشعر الذي التصق بالذهنية العربية كفن إبداعي راق منذ تكوين اللغة. وحينها تكونت الذائقة الشعرية للمجموعات والأفراد، واستمرت تتطور مع اختلاف معطيات الزمان والمكان، لكنها ظلت مخلصة للشعر المموسق، إلى أن وصلنا إلى زمن النثر في العصر الحديث، فانقسمت الذائقة الجمعية بين من بقي على إخلاصه للمتعارف عليه، وبين من انحاز إلى الصورة على حساب الموسيقى في الشكل الجديد. وبكل الأحوال فالذائقة الجمالية لم تغادر العربي بل تكيّفت مع المتغيرات وتباينت من شخص إلى آخر، حتى لدى الشخص الواحد تختلف الذائقة في مراحله العمرية بما يتناغم مع نضجه العقلي وتراكم مخزونه المعرفي، لكنه لا يتخلى غالبا عن متلازمة الضد لبيان جمال ما يستهويه. وبما أن الشعر جزء من الفنون الإبداعية، تحدث حالات تكوين الذائقة لتنسجم في كل متكامل مع بقية الفنون من قصة ورواية ومسرح وموسيقى وغناء ورسم ونحت وعمارة... ومنها جميعا…
الجمعة ٢٤ أغسطس ٢٠١٢
ما من مهنة إلا ويوجد فيها مرتزقة يمارسونها للتسلق والكسب غير المشروع، ولا يهمهم من أجل ذلك النهج الذي يسلكونه.. لكن مرتزقة الإعلام هم الأسوأ من بين أنواع المرتزقة، خاصة إن ارتبط الأمر بقضايا الشعوب وحرياتها وإجرام الأنظمة بحق مواطنيها.. هنا تظهر الحقائق جلية لا مجال لأي لبس فيها، لأن المرتزق يمارس أقذر السلوكيات من تزوير ومخالفة ضمير وقلب معلومات وإخفاء غيرها، وتشويه أشخاص مخلصين جيدين، ورفع نقيضهم من الرديئين والقتلة إلى مراتب النزاهة والبراءة. وإذا كانت الحالة حربا بين الحق والباطل، يظهر الباطل منتصرا دائما عند مرتزقة الإعلام، فيما الحق هو المهزوم لديهم. حالات مرتزقة الإعلام برزت بوضوح بعد بدء أحداث الربيع العربي، وأكثر حالاتها شهرة قيام معمر القذافي قبل مقتله بدفع الملايين لـ"مرتزق" كي يؤسس فضائية تدافع عن "العقيد" وتبرز عظمته وتهاجم خصومه، ولأن كل الأمكنة لا تستضيف تلك الفضائية لم يجد صاحبها بدلا عن رعاية النظام السوري لها فأطلقها من دمشق. ثمة حالة أخرى أكثر حداثة من السابقة، وهي حالة إعلامي أرفق مغادرته لقناة "الجزيرة" بجعجعة ظهر طحينها لاحقا عبر قناة "الميادين" الفضائية، ومن خلال أسلوب القناة في تغطياتها للأحداث السورية وأخبار حزب الله يمكن بسهولة الوصول إلى أن ثمة مرتزقا إعلاميا يتكسب من النظام السوري والموالين له في لبنان، وإلا فما معنى أن كاميرا "الميادين" ترافق…
الإثنين ٢٠ أغسطس ٢٠١٢
في معادلة الصراع الدائر في سورية، يعطي الإعلام مؤشرا واضحا على مسألة الحق والباطل، ففي الوقت الذي لم يسمح فيه النظام السوري لوسائل الإعلام الدولية بتغطية الأحداث إلا لقنواته بالإضافة لإعلام إيران وحزب الله، ها نحن نرى خلال الفترة الماضية وسائل الإعلام الأخرى ترافق كتائب الجيش الحر في المدن السورية. ومن ذلك نلاحظ الحضور القوي لمراسل قناة "الجزيرة" أحمد زيدان ومراسلة قناة "الآن" جنان موسى ومراسل سي إن إن العربية في حلب.. بالإضافة لتشكيل كل من "العربية" و"الجزيرة" فريق مراسلين يتكون من عدد كبير من المواطنين في المدن والقرى صاروا يعملون لهما من المواقع التي يقيمون فيها، فاكتسب الإعلام العربي خبرات جديدة سوف يستفاد منها بعد سقوط النظام وانتهاء الأحداث وبداية إعادة إعمار سورية. قيام النظام السوري بمنع وسائل الإعلام من التغطية في المناطق التي يسيطر عليها يؤكد أنه على باطل، ويريد إخفاء الحقائق كي لا يعرف العالم باطله. وسماح الجيش السوري الحر للإعلام بالتغطية بكل حرية في المواقع التي خرجت عن سيطرة النظام يؤكد أنه على حق، ويريد لقضيته ولمعاناة الشعب من النظام أن تصل إلى العالم. قبل تصاعد الأحداث ووصولها إلى مرحلة حمل السلاح، كان النظام يسمح لبعض المراسلين الموجودين على قلتهم بالتغطية في الوقت والمكان اللذين يحددهما بمرافقة رجال الأمن من العناصر المنتمية إليه، كما حدث في…
الأربعاء ١٥ أغسطس ٢٠١٢
نقاط هامة طُرحت في الندوة الختامية حول التراث واللغة التي عقدت في المجلس الرمضاني بقصر الثقافة بالشارقة منذ أيام، ولعل من أهمها الخوف على اللغة، ومن هنا جاءت المبادرة التي أعلنها مدير مركز الشارقة الإعلامي أسامة سمرة للحفاظ على اللهجة المحلية الإماراتية بالتعاون مع إدارة التراث في دائرة الثقافة والإعلام بالإمارة، عبر مراقبة محتوى المواد الإعلانية باللهجة المحلية، بحيث تتم الموافقة عليها قبل ظهورها في قنوات مؤسسة الشارقة للإعلام. هنا نتساءل، ألا يفترض أن نطلق مبادرة موازية تختص باللغة الفصحى وهي الأصل؟ مع العلم أن الاهتمام بالفصحى لن يؤثر على العامية السائدة في مختلف الدول العربية، وهي صارت أمرا واقعا منذ مئات السنين، فالأشد إلحاحا هو السعي للمحافظة على الفصحى ونشرها، فعصر الإنترنت الذي نعيشه يشهد هبوطا واضحا في مستوى الكتابة والإملاء لدى الجيل الجديد، وفي هذا الجيل من يكتبون العربية بحروف لاتينية وكأنهم أهل لغة أخرى، وبلغ بهم الأمر أن تحايلوا بالأرقام كبدائل للحروف التي لا يوجد ما يشبهها لفظا في اللاتينية، وهكذا لم يفقد الكثير من جيل الشباب قواعد لغته فحسب، بل فقدوا طريقة الكتابة أيضا. تحدث في الندوة المشار إليها عبدالعزيز المسلم، وعبدالله المطيري، وعلي المطروشي، بحضور رئيس مؤسسة الشارقة للإعلام الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي. ومما عرجوا عليه موضوع تأثير الجاليات غير العربية على اللغة العربية.…
الخميس ٠٩ أغسطس ٢٠١٢
حين توصل المفكر الحلبي عبدالرحمن الكواكبي في كتاب "طبائع الاستبداد" إلى أن سبب داء الانحطاط "هو الاستبداد السياسي، ودواؤه دفعه بالشورى الدستورية". لم يخطر على باله أن بلاده سوف تحكم من قبل نظام استبدادي دمّر البلد لعدم تنازله للشعب بعزل مسؤول أمني في إحدى المحافظات، فضّل "المستبد الابن" إرضاءه وإغضاب شعبه لأنه ابن خالته. ومن هناك انطلقت الشرارة وكبرت الثورة التي لم يفكر لها النظام بحلول للخلاص غير القمع، إلى أن وصلت الحالة لما نراه عليها اليوم، وما زال التعنت والإصرار على القتل هو أسلوب الاستبداد من أجل البقاء مدة إضافية، لكن النتيجة الحتمية هي انتصار إرادة الشعب. نتذكر ما قاله الكواكبي وهو يطرح أهداف كتابه الذي لو قرأه أي من الطغاة لربما راجع بعض سلوكياته وطرائق تعامله مع الشعب، يقول الكواكبي: "لي هناك مقصد آخر وهو التنبيه لمورد الداء الدفين، عسى أن يعرف الذين قضوا نحبهم، أنهم المتسببون لما حلّ بهم، فلا يعتبون على الأغيار ولا على الأقدار، إنما يعتبون على الجهل، وفقد الهمم، والتواكل... وعسى الذين فيهم بقية رمق من الحياة يستدركون شأنهم قبل الممات". بالرغم من أن الكواكبي سبق عصره بأفكاره، إلا أنه لم يتحدث في فصل الاستبداد والمال عن كيفية التعامل مع ابن خال الحاكم المستبد حين يسيطر على مال الوطن واقتصاده مستغلا قرابته من الطاغية.…
الأحد ٠٥ أغسطس ٢٠١٢
بعد عام ونصف العام من القتل المستمر للشعب تنبه الإعلام السوري إلى أهمية نبذ العنف، وبدأ التلفزيون الرسمي يدعو المواطنين لأن يكونوا سلميين في مطالباتهم، متجاهلا أنهم بدؤوا سلميين أصلا، ولم يحمل أحدهم سلاحا ليواجه القتل والهمجية والتعذيب والسحل وغيرها من وسائل القمع.. وما زال صوت المواطن وهو يلهث مرعوبا من الرصاص المنهمر عليه وعلى أمثاله المتظاهرين ويصرخ "سلمية.. سلمية" يقدم على الفضائيات. حتى لتكاد سورية تكون الدولة الوحيدة في التاريخ التي خرج بها المتظاهرون وهم يهتفون بسلمية مظاهراتهم ويحملون لافتات مكتوبا عليها بالخط العريض "سلمية"، إما لأنهم يعتقدون أن النظام سيتعامل معهم بصورة حضارية شأن الدول الراقية فينبهونه إلى "السلم"، أو لأنهم يعرفون أنهم يواجهون نظاما لا يردعه شيء، ويريدون إدانته أمام العالم. هذا الإعلام الذي يدعو لـ"السلمية" اليوم، هو نفسه الإعلام الذي ما زال يعرض مشاهد خادعة عن الأحياء الملتهبة بالثورة ليقدمها على أنها هادئة، وما زال يصر على تسمية المتظاهرين بالعصابات المسلحة الإرهابية.. ذلك المصطلح الذي ظل التلفزيون السوري يلوكه، حتى صار السلاح حقيقة على الأرض بعد عام على الثورة لاضطرار العسكريين من الشعب للانشقاق والدفاع عن أهاليهم ممن يقتلهم النظام، وتلك نتيجة حتمية لعمليات الإبادة التي انتهجت بحق المتظاهرين السلميين وغير المتظاهرين ممن ذبحهم أزلام النظام في بيوتهم. بعد عام ونصف العام، أُجبر الإعلام السوري بين…
الخميس ٠٢ أغسطس ٢٠١٢
لم تنس مدينة حلب مفكرها عبدالرحمن الكواكبي (1855-1902) صاحب الكتاب الشهير "طبائع الاستبداد"، ففيها شارع الكواكبي وثانوية الكواكبي.. وعن "طبائع الاستبداد" صدرت تحقيقات ودراسات كثيرة من أهمها الطبعة التي حققها وعلق عليها ابن حلب الدكتور محمد جمال طحان. وطحان الذي يحمل الدكتوراه في الفلسفة، وأمضى النصف الثاني من العام الماضي في معتقلات الجهات الأمنية السورية، سار على خط الكواكبي في رفض الاستبداد، ووقف إلى جانب الثورة ضد الطغيان.. ذلك الطغيان الذي تحدث عنه بعمق في تحليله لكتاب "طبائع الاستبداد"، لكن مشكلة الأنظمة الاستبدادية أنها لا تكترث لكتابات المثقفين، وتمضي في غيها لتصل الأوضاع إلى الكارثة. في مقدمة الكتاب السابقة للثورة يتساءل طحان عما إذا كنا قد "وصلنا إلى أفق مسدود فيما يتعلّق بمسألة الديمقراطيّة، أم أنّ في جعبة التراث أفكاراً يمكن أن تعبر بنا إلى شواطئ الوحدة والديمقراطيّة والتقدّم؟ وما الخطوات الآيلة إلى ذلك؟" ويؤكد بعد ذلك ضرورة العبور "إلى مغامرة استشفاف المستقبل التي حاولها مفكّرونا، بناءً على فهم الواقع وفهم التاريخ، وتأسيساً على فهم الذات وفهم الآخرين. لعلّ التراكم المعرفي يفتح لنا كوّة على مستقبل أفضل. ومن هنا تأتي أهميّة العودة إلى التراث". ويختم طحان مقدمته مشيرا إلى أن الهم يكبر حين يرى المرءُ الوطنَ يذوي أمام عينيه وهو يكتفي بالقول، بينما يقهره الآخرون. وعندما يكبر الهم، تصبح المجابهة…
الأحد ٢٩ يوليو ٢٠١٢
أن تدفع موالاةُ النظام قناة "الدنيا" السورية إلى درجة التخبط في صياغة الأخبار، فذلك أمر يؤكد أن إعلام النظام صار في حالة يرثى لها. ففي خبر كلماته معدودة وقعت "الدنيا" في أكثر من مطب. يقول الخبر الذي نسبته القناة إلى مراسلها في الحسكة إن دائرة حماية المستهلك ضبطت 4 سيارات محملة بمادة البنزين معدة للتهريب إلى دير الزور. أول التساؤلات التي وردت إلى أذهان الكثير على مواقع التواصل الاجتماعي: "ليش دير الزور انفصلت؟" أما التساؤل الأهم الذي لم يتنبه له أحد، فهو الاعتراف الواضح بأن مدينة دير الزور محاصرة من قبل النظام، فالمواد الأساسية تصل إليها عن طريق التهريب، والمواطنون يستعينون بما خزنوه قبل اشتداد أزمتهم. وكارثةٌ أن يقوم نظام ما بخنق شعبه ليجعله يركع له ويخضع لإملاءاته ويدين بالولاء لمن فقد شرعيته بعد عام ونصف من القتل المتواصل لأبناء الشعب. ما يجري في "دير الزور" بعيد تماما عن الإعلام الخارجي وعن إعلام الثورة أيضا، في ظل استحواذ دمشق وحلب على الجانب الأكبر من التغطيات، باعتبارهما دخلتا بقوة إلى واجهة الأحداث مؤخرا بعد أن تفاخرت أبواق النظام بحيادهما طوال الفترة الماضية على الفضائيات، لكن ذلك لم يجعل دير الزور وغيرها تنحني، بل استمر الصمود في وجه الأسلحة الحربية المدمرة، وفي وجه الحصار ومنع دخول الأغذية ضمن سياسة تجويع المدينة التي…
الخميس ٢٦ يوليو ٢٠١٢
يصعب على أي مثقف أن ينأى بنفسه عن السياسة، خاصة حين يرى النظام الحاكم يحول بلده إلى لوحة سريالية مصطبغة بالأحمر، كما في سورية حيث تتباين المواقف، فحين بدأت الثورة في مارس 2011 لم يلتفت إليها كثير من مثقفي البلد، معتقدين أنها مجرد زوبعة في فنجان، ويبدو أنهم كانوا في قراءتهم للحدث مثل النظام الذي لم يستفد من مجريات "الربيع العربي"، ليكرر السلوك القمعي نفسه، فكبرت الثورة، وكلما ازداد القمع والقتل أكثر كبرت أكثر. ولأن الحالة السلمية لم تعد تنفع في مواجهة بالقتل، كان الرد المسلح من قبل جنود انشقوا عن الجيش لحماية أهلهم. وتطورت المعركة لتصبح الدولة كلها تقريبا جبهة قتال. وعلى الرغم من أن كل ذلك حدث وفق تطور منطقي لتداعيات وتصاعد الثورة، إلا أن عددا كبيرا من المثقفين ما زال يردد خطاب النظام، ومنهم من ينتظر أن تحسم المعركة ليحدد مكانه. لا يشكل المثقف السوري حالة خاصة، بل هي حالة لا تختلف عن غيرها في الدول القمعية. فالمثقفون في سورية اختلفت مواقفهم من ثورات "الربيع العربي"، فمنهم من أيدها بصورة مطلقة لأنه مع الحرية والديموقراطية، وتمنى أن ينطبق ذلك على بلده، ومعظم هذه الشريحة من المقيمين خارج الدولة وقلة في الداخل، ومن هذه القلة من عانوا الأمرين في السجون، لذلك لم يعودوا خائفين من قمع عرفوه، وبرغم…
الأربعاء ٢٥ يوليو ٢٠١٢
مع أنه كثيرا ما كان ينتقد سلبيات النظام، إلا أن المسلسل السوري الناقد "بقعة ضوء" لم يتطرق لأحداث الثورة السورية خلال عرضه في رمضان الماضي، رغم كثرة المفارقات التي يمكن الاستفادة منها من غير انحياز لطرف بعينه، وننتظر ذلك في نسخته التاسعة التي تعرض حاليا، فالبقع الضوئية كثيرة.. ومنها ما شد اهتمامنا طوال الأيام الماضية. بعضها قابل لأن يكون دراميا، وبعضها هو "الدراما" ذاتها.. ومن هذه الأخيرة أنه ولأول مرة منذ بداية الثورة سيطرت الأزمة السورية على شاشات تسمر أمامها الناس لمتابعة أحداث تفجير مبنى الأمن القومي في دمشق. ولأول مرة في تاريخه يقوم التلفزيون السوري ببث الحقائق والاعتراف بها مع ملاحظة تأخره عن الآخرين في ذكر أسماء القتلى في الأخبار التي كانت تأتي على دفعات. ورغم أنه بادر ببث خبر تفجير المبنى بعد دقائق من حدوثه، إلا أن الحقيقة ظلت غائبة والأمور ضبابية، إذ لم يبث صور موقع التفجير الذي نسبه إلى انتحاري، ولعله ضرب الرقم القياسي في زمن اكتشاف أسباب الأحداث. كذلك، ضاعت أخبار الفيتو الروسي والصيني الثالث في زحمة أخبار سيطرة الجيش الحر على منافذ حدودية، وفيما كانوا ينقلون على الهواء مباشرة الجدل حول إصدار قرار تحت الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، كانت الأخبار تشير إلى أن الجيش الحر بدأ على أرض الواقع بتطبيق الفصل السابع، وثمة…
الخميس ١٩ يوليو ٢٠١٢
قليلة هي اللوحات الفنية التي دخلت التاريخ، ولعل في مقدمتها لوحة "الجورنيكا" لبيكاسو. وهناك الكثير من الأمور التي يمكن الحديث عنها في "الجورنيكا"، فهي اقترنت باسم بيكاسو كواحدة من أشهر أعماله التكعيبية، كما أنها تبقى شاهدا على جرائم النازية بتصوير المجزرة التي نتجت عن قصف الطائرات الألمانية لقرية "جورنيكا" الإسبانية بأطنان القنابل، فقتل عدد كبير من أبنائها قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية بسنتين. وللوحة ارتباط بالدكتاتور الإسباني فرانشيسكو فرانكو وهو من زعماء الحرب الأهلية الإسبانية وقيل إن له ارتباطا بالمجزرة. في "الجورنيكا" اقتحم بيكاسو السياسة التي كان ينأى بنفسه عنها.. حين حرّك الموقف المأساوي أعماقه، فلجأ إلى ريشته ليفضح بها الطغاة والدمويين الذين يسعون للحكم على حساب دماء الأبرياء. رسمها بالأسود والأبيض وقليل من التكوينات الرمادية، وربما يشير في ذلك إلى المواقف السياسية التي تغيب عنها الألوان. في الزاوية العليا اليمنى من "الجورنيكا" تظهر صورة المستغيث، مثل من نراهم كل يوم على الشاشات يستغيثون في سورية. وفي الزاوية السفلى اليسرى يلوح شبح الموت مخيما على اللوحة مثل بقايا المدن السورية التي دمرتها الآليات والأسلحة الحربية الثقيلة.. ويرمز الثور في الزاوية العليا اليسرى للوحشية، فيما يمثل الحصان وسط اللوحة الوطن المتألم. "الجورنيكا" التي دارت عددا من دول العالم، ووصلت في محطتها قبل الأخيرة إلى متحف الفن الحديث في نيويورك، عادت في…
الأحد ١٥ يوليو ٢٠١٢
لم يتوقف التضامن بين سورية وإيران على الجانب السياسي بالإضافة لما يقال عن الجانب العسكري، بل تعدى الأمر ذلك إلى الجانب الفني، من خلال تعاون البلدين في برنامج المسابقات "أنتم والدراما" الذي سيعرض في رمضان المقبل، وتتولى التحكيم فيه لجنة سورية من أعضائها الفنانين عبد الرحمن أبو القاسم ونادين خوري، ومظهر الحكيم، ويخرج البرنامج السوري عناد شيخاني، ويقدمه يامن الحجلي. تلك الحالة تبدو كأنها جزء من ردّ النظام السوري للجميل الإيراني، بإبراز أعمالهم الدرامية للمشاهد الإيراني على قناة "آي فيلم" الإيرانية، وكذلك المشاهد السوري.. أما المشاهد العربي فلديه ما هو أهم من الاحتفاء السوري بالدراما الإيرانية، وفي فضائه قنوات أكثر جذبا ومتعة من قناة "آي فيلم". فالزمن الحالي ليس لإيران فيه حصة على المستوى العربي رغم تطور أفلامهم السينمائية وقد ينطبق ذلك على أعمالهم الدرامية، إلا أن استفزازاتهم المستمرة للعرب في موضوع الجزر الإماراتية المحتلة، واصطفافهم إلى جانب النظام ضد الشعب السوري وتصريحات مسؤوليهم بما يخص البحرين وغيرها من مسائل سياسية أفقدتهم القبول لدى المواطن العربي عامة، ولن ينفع برنامج مسابقات يرقّع فيه بعض السوريين صورة النظام الإيراني المشوهة تماما لدى العرب، في رسم صورة أحسن.. فمشاهد من أفلام إيرانية، يتعرف من خلالها المتسابقون على الممثلين، وتقديم المتسابقين لمشهد تمثيلي، أو حالة إيمائية يعرف المتسابق عبرها فريقه باسم الفيلم أو…