الخميس ٠٤ نوفمبر ٢٠٢١
قصص لبنان الغريبة كدولة وجسم سياسي وحزبي وإعلامي لا تنتهي، فبالرغم من ارتكاب الكثير من السياسيين والإعلاميين والحزبيين اللبنانيين جرائم وأخطاء جسيمة إلا أن حزب الله وحلفاءه العنصريين لا يزالون يكافئون عديمي الموهبة ومتدنيي الكفاءة ممن ينفذون سياساتهم «بوزارة» وكأن لبنان تحول إلى إقطاعية ملحقة بالحزب وأعوانه.. بل هو كذلك. فمثل أي دولة في هذا العالم المتحضر، قررت حكومة لبنان ذات يوم تغيير سفيرها في واشنطن، وهو أمر معتاد في الأعمال الدبلوماسية بين الدول -كما يعرف الجميع-، لكن أمرا مفاجئا استغرق أشهراً عدة عطل السفارة وأربك أعمالها ومصالح الجالية اللبنانية وأدخل الدولة اللبنانية في حرج غير معتاد. بطل تلك القصة العجيبة والغريبة والأزمة الدبلوماسية العاصفة هو وزير خارجية لبنان الحالي عبدالله بوحبيب -المحسوب على التيار العوني والمقرب من حزب الله-، الذي كان يشغل منصب السفير اللبناني في واشنطن، هذا السفير وبعدما تبلغ رسميا من خارجية بلاده بإعفائه من منصبه، رفض تنفيذ الأوامر وامتنع عن مغادرة السفارة، وكذلك رفض إخلاء سكن السفير لزميله القادم إلى واشنطن لتولي مهامه، وبقي يستفيد من مبنى السفارة والسكن لصالحه. جرت محاولات عديدة واتصالات متكررة بين السفير المقال «عبدالله بوحبيب» وبين وزارة خارجية بلاده، لكن «بوحبيب» عصى التعليمات وضرب بها عرض الحائط، وبعدما يئس المسؤولون في الحكومة اللبنانية من سفيرهم المقال، أرسلوا خطابا رسميا للخارجية الأمريكية…
الإثنين ٢٧ سبتمبر ٢٠٢١
ما يحصل اليوم هي الخطوات الأولى قبل حرب عالمية ثالثة متوقعة بين قطبين كبيرين (أمريكا والصين)، هذه الحرب تأتي بعد ثلاثة عقود من حلف اقتصادي تجاري أقرب ما يكون إلى حلف ضرورة، فبعد انهيار الاتحاد السوفيتي العام 90، تصور الغرب أنه ساد العالم وبالتالي انفتح بشكل غير مسبوق وغير منضبط على معظم خصومه التقليديين، بما فيهم الصين الشيوعية، التي كانت بلا شك تنتظر على الباب الخارجي للغرب. في ذلك السياق تخلت أوربا وأمريكا طواعية عن «معرفتها الصناعية» التي كانت مفتاح تقدمها وتفوقها وبها سادت العالم وبها حطمت السوفييت، في نشوة النصر قامت واشنطن بنقل أسرار صناعاتها وخاصة التكنولوجيا المتقدمة إلى جمهورية الصين الشعبية، التي تحولت فجأة إلى معمل كبير قليل التكلفة سريع الإنتاج. تصورت أمريكا أن الصين ستبقى مجرد شغيل يعمل لحسابها يستيقظ صباحا ليكد في مصانعها التي أنشأتها، لتقوم واشنطن مرة أخرى بإعادة البيع في أسواق العالم بأسعار أعلى. كانت الصين بلدا مثقلا بالبطالة والديون وقلة الحيلة، تحاول جاهدة الخروج من صعوبات اللينينية الاقتصادية، كانت أصعب من أن تتمكن من مواجهتها لوحدها بدون مساعدة الغرب. كانت ذكية جدا، استوعبت ظرفها وتعاملت مع الواقع واشتغلت لحساب الغرب في طريقها للتحول إلى اقتصاد حيوي قادر، وتوفير فرص عمل دائمة وحياة كريمة لمليار ومئتي مليون إنسان، وهي في حد ذاتها معجزة كبرى…
الخميس ١٥ يوليو ٢٠٢١
عندما اقتسمت الأنظمة العربية الثورية قضية فلسطين وحاول البعث والناصرية احتكارها لصالحهم، وظفت قياداتها الثورية لخدمة أولوياتهم وخصوماتهم مع بقية الحكومات العربية، وبنوا من خلالهم خطابا فلكلوريا ثوريا لإزاحة التهم عنهم بالتخاذل والتقصير ورميها على الأنظمة المتوازنة والعاقلة وعلى رأسها السعودية. هنا برز اسم أحمد جبريل القائد العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، الذي تصدر المشهد الفلسطيني لعقود طويلة، ليس لأنه الأبرز؛ بل لأنه الأسوأ فيهم جميعا، فهو أقرب ما يكون آلة قتل جماعية لا هم لها إلا حصد الأرواح. في أحد اللقاءات الفلسطينية، يظهر تسجيل قام به زعيم حماس في غزة «يحيى السنوار» وهو يتحدث بجانب أحمد جبريل، ويقول ما نصه: «لقد تعلمنا منك النضال وكنت أنت الملهم لنا في العمليات العسكرية». هل نسي السنوار أن جبريل كان يقصف المخيمات الفلسطينية بجانب السوريين لإخراج مقاتلي التنظيمات من لبنان، وشارك الأسد في قتلهم خلال ثورة «الخريف العربي»، ربما يتغافل الحمساويون عمدا عن جبهة جبريل التي قصفت الأطفال والنساء وحصدتهم أثناء فترات الحصار في الحربين السورية واللبنانية، فهم أيضا فعلوا الأفاعيل في غزة، عندما انقلبوا على فتح ورموا مخالفيهم من فوق الأسطح وسحلوهم في الشوارع. هكذا يُقيم الفلسطينيون بعضهم البعض، وهكذا يغفرون لأنفسهم كل الخطايا، فلا لوم ولا تجريم، بالرغم من كون جبريل هو المقصلة التي نزفت عندها أجساد…
الإثنين ٠٧ يونيو ٢٠٢١
لا شك عندي أن ما قبل حرب غزة الأخيرة يختلف تماما عما بعدها، إن على المستوى السياسي والعسكري والأمني، أو إعادة تموضع القوى وتحالفاتها في المنطقة، ولعل أقرب وصف لما يحصل: هو حالة انكشاف سياسية عميقة، وإعادة ترتيب أوراق المنطقة بكاملها، استعدادا لرحلة سياسية واقتصادية ستستغرق العقود القادمة. لنقترب من المشهد قليلا، ففي أول 100 يوم من حكم الإدارة الأمريكية الجديدة تقع حرب إقليمية كبرى تطلق فيها مئات الصواريخ وتحدث زلزالا كبيرا في منطقة بشرت واشنطن بأنها ستهاجر منها باتجاه الشرق الآسيوي وتتركها لمصيرها، فإذا بها تجد نفسها وقد غاصت في رمالها المتحركة من جديد، واضطرت للهرولة إليها في محاولة لإطفاء نيرانها، ليكون ذلك أول متغير بعد الحرب. لقد أرسل بايدن في أول أسابيع حكمه، إشارات بأنه لن يتخاطب مع السيسي في القاهرة ولا مع السعوديين في الرياض، فإذا به يكتشف ألا قرار ولا استقرار في هذا الشرق الملتهب، ولا دول يمكن التعويل عليها لحل عبث الصغار، إلا القاهرة والرياض، لتنطلق الاتصالات المكثفة والزيارات المتتالية والمباحثات الأمنية والسياسية معهما. المتغير الثاني: هو حالة الانكشاف السياسية لكثير من القوى التي اعتادت على صناعة المشهد دون عواقب، وعلى رأسها أحزاب الظل في التنظيم الدولي للإخوان، فحماس بنت كل رصيدها السياسي في الشارع العربي من قرارات الحروب التي تتخذها دوما في نهاية شهر…
الإثنين ١٧ مايو ٢٠٢١
إن أكثر شيء حصلت عليه حماس في حربها الأخيرة كان لقطات حية بثتها على نطاق واسع قنوات عربية وعالمية لرشقات صواريخها الحديدية التي سقط الكثير منها تحت طائلة القبة الحديدية الإسرائيلية. بالتأكيد كانت اللقطات مغرية جدا للشعبويين في العالم العربي، إضافة لفلول اليسار والمتخفين خلف القضية الأشهر وكذلك من يعادون أنظمتهم العربية ولا يصرحون بها، معتقدين أن مناصرة حماس وقراراتها هي مماحكات ينتشون منها، لقد صفقوا بحرارة واندفعوا يكتبون عبارات التأييد على أجهزتهم الذكية متهمين من لا يستلب مثلهم وجدانيا بأنه خان القضية. تلك الرشقات والمغامرة غير المحسوبة حمساويا جلبت قصفا عنيفا بطائرات ومدفعية إسرائيل أنهكت البنية التحتية التي طورتها حماس منذ 2007م بعد انقلابها واستيلائها على حكم غزة. من الصادم أيضا أن بعض الناشطين العرب التقطوا فيديوهات لفلسطينيين في مدن غزة والضفة يعيشون حياة صاخبة غير مبالين بما يحصل في غزة، يا لها من مفارقة صادمة لم ترق للكثير، فقد كان العالم العربي يتحمل عبئاً نفسياً كبيراً، لدرجة أن يلغي احتفالاته تعاطفاً مع الفلسطينيين، لكن التقنية الحديثة وانتشار التصوير فضح المخفي في الداخل الفلسطيني الذين يتعاطون مع قضيتهم بمستويات مختلفة، ويبدو أن الكثير غير راضين ولا منخرطين أو مؤمنين بقضية حماس، ولا عن اختطافها لقرار الحرب والسلم، ولا عسكرتها لملف «الشيخ جراح» المعقد بعد عشرة أيام من المواجهات السلمية…
الإثنين ٠٨ مارس ٢٠٢١
لا يمكن أن يوصف التقرير سيئ السمعة والمسيس الذي نشرته الإدارة الأمريكية الجديدة حول حادثة القنصلية السعودية في إسطنبول إلا بأنه أسوأ رشوة سياسية في التاريخ السياسي المعاصر، قدمتها أمريكا الدولة العظمى لدولة مارقة هي إيران، وأقل ما يقال عنها إنها رشوة مكلفة جداً وبلا مبرر ولا سند قانونياً لها، ممن لا يفهم السياسة في الشرق الأوسط وتداخلاتها لمن لا يستحق. هل يعقل أن دولة بحجم الولايات المتحدة الأمريكية بكل مراكز القرار وخبراتها السياسية المختلفة ومجلسي الشيوخ والكونغرس ومراكز الأبحاث ووزارة الخارجية والبنتاغون والأمن القومي، تسمح بتقديم مجموعة من الهدايا السياسية الثمينة لطهران خلال أقل من شهر واحد هو عمر هذه الإدارة دون أن تأخذ منها موقفاً سياسياً واحداً، إذن ماذا ستقدم واشنطن لطهران في نهاية ولايتها التي ستنتهي بعد أربع سنوات، هل ستقدم سلاحاً نووياً أمريكياً مغلفاً بورق سلفان صمم في نيويورك، أم سترسل تمثال الحرية لينصب في وسط طهران عرفاناً بمسؤولية ملالي إيران وأياديهم الملطخة بالدماء عن ملايين القتلى في العراق وسوريا واليمن ولبنان وأفغانستان. بالطبع نؤكد أن السعودية لم ولن تسمح بأن تكون خياراً تفاوضياً لأي أحد، وهو خط أحمر لا يمكن تجاوزه، ولهذا كان الموقف السعودي الرسمي والشعبي حازماً في هذا الموضوع، كما سبقته مواقف الرياض مع واشنطن نفسها وكندا وألمانيا وغيرها. ومع ذلك، فإن ما…
الإثنين ٠٧ ديسمبر ٢٠٢٠
قدر السعودية الدائم أن تكون في قلب هذا العالم المضطرب، فمنذ 1902، العام الذي فتح فيه الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود أبواب المصمك، وأطلت مملكته منه على العالم والرياض هي قلب الإقليم العربي ونقطة اتصال بين الشرق والغرب وجسر بين الإسلام والديانات الأخرى خارجه. خلال الأسابيع الماضية عقدت قمة العشرين الأهم في هذا العالم، وسبقها مجلس التنسيق السعودي العراقي، وزار الرياض مايك بومبيو وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك مستشار الرئيس الأمريكي جاريد كوشنير، كنتيجة لهذا الموقع المستحق والمكانة السياسية الرفيعة لقادتها. السعودية في كل تاريخها السياسي لعبت أدواراً قيادية ورئيسية في تحصين فضائها الخليجي والعربي والإسلامي ضد أي محاولة للاختراق، وقد جابهت من أجل ذلك حملات الناصريين أمنياً وإعلامياً وهم أهل الإعلام وسادته في الخمسينات والستينات، فضلاً عن مؤامرات البعثيين والشيوعيين العرب الذين ارتموا في أحضان السوفييت الشيوعية وعينهم على الرياض، ثم الإيرانيين الفرس والإيرانيين العرب، مروراً بصدام وتهوره العسكري، وأخيرا وليس آخرا بعض عرب الشمال المخاصمين لبدو الجزيرة، والذين اختطفوا المنصات الإعلامية العربية وجيروها لصالح الكراهية وتأجيج العداوات. لم يكن ما واجهته المملكة طوال تاريخها مجرد اختلاف في الآراء ولا سياسات أخرى لا تناسب الرياض وخطها، بل كانت أزمات كبرى هددت أمنها واستقرارها واستهدفت تماسكها، ومع ذلك اختطت الرياض لنفسها طريق الحكمة وتواضع الكبار. هل نتذكر…
الأربعاء ٠٥ فبراير ٢٠٢٠
يقول وزير المالية اللبناني -في وزارة الحريري المستقيلة- معاتبا السعودية: إن الرياض لم تقم بمنح بيروت مساعدات مالية رغم صعوبة ومرارة أزمتها الاقتصادية الأخيرة، الوزير القادم من حقيبة حزب الله لم يعاتب إيران ولا بغداد ولا الدوحة، فقط الرياض، على الرغم من أن زعيمه حسن نصرالله الملطخة يداه بدماء السعوديين، لا يزال يشرف على إغلاق صناديق الأسلحة والصواريخ التي يرسلها للحوثيين لقتال السعودية، ودون أن يسأل نفسه عن وجود مئات المقاتلين الحوثيين في معسكرات الحزب والذين يتم شحنهم إلى صعدة لقتال الرياض، فضلا عن خبراء حزب الله الموجودين في اليمن لتوجيه الصواريخ والطائرات المسيرة وتحديد المواقع التي تقصفها المليشيات الحوثية. اليوم يتذكرون الريالات والعملة الصعبة التي توفرها الرياض، ويسيل لعابهم على الودائع المليارية، اليوم يتذكرون أن رواتبهم لم تعد إيران قادرة على دفعها، ويريدون من الرياض أن تحمي اقتصادهم الذي أحرقوه بأنفسهم لصالح حكم الملالي. وزير مالية لبنان الذي هرب هو ومعاونوه دولارات المغتربين اللبنانيين لصالح الخزينة الإيرانية، ربما لا يتذكر خروج زعيمه نصر الله 2006 متمنيا على القيادة السعودية التدخل لإيقاف العدوان الإسرائيلي على لبنان بعدما قام الحزب بمهاجمة الدوريات الإسرائيلية، ونجم عنها اجتياح عسكري لا يمكن مواجهته، وقتها لم يجد عدو السعودية الأول حسن نصر الله غير الرياض لكي تقف مع لبنان الذي تضرر بسبب تهوره، وفعل السعوديون…
الإثنين ٠٤ نوفمبر ٢٠١٩
في مصر ما يزيد على مليون سعودي حسب إحصاءات شبه رسمية، وفي أمريكا عشرات الآلاف من الطلاب والمهاجرين، ومثلهم في أوروبا وإندونيسيا والمغرب. هذا ليس معيباً ولا طارئاً، فهجرة السعوديين من أبناء الجزيرة العربية قديمة جداً، لعل أشهرها رحلات العقيلات - قبل ظهور النفط - الباحثين عن عمل في العراق والشام ومصر والهند وشرق الساحل الأفريقي في أرتريا والسودان، أسفر الكثير منها عن إقامة دائمة في تلك البلدان وأصبحت الزبير في العراق مثالاً لاستيطان دائم لمهاجرين من أصول سعودية استطاعوا الاندماج في المجتمع العراقي مبكراً، والتحول إلى رجال أعمال وأعيان يشار لهم، عاد بعضهم إلى السعودية بعد نشوء الدولة السعودية الثالثة وبقي الكثير. التجارب البشرية في الهجرة عديدة يبرز من أهمها الاستيطان الحضرمي في شرق آسيا، والسوريون أو «الشوام» بصفة عامة في الأرجنتين والبرازيل، وهجرات الجزائريين والمغاربة والتونسيين إلى الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط. لكنها سعودياً توقفت أو انخفضت كثيراً خلال الخمسين السنة الماضية بسبب الطفرة الاقتصادية والتنموية التي دفعت بالكثير للبقاء والمشاركة، إذ انتهت الحاجة الاقتصادية التي دفعت أجدادهم للخروج بحثاً عن لقمة العيش. اليوم أصبح البحث عن أسلوب للحياة أو التعليم أو التقاعد هو الدافع الأكبر في العيش خارج البلاد، ولذلك من المفيد أن يتحول المواطنون المغتربون لقوة ناعمة وكتلة تنتمي إلى أمتها السعودية تخدم مصالحها وتدافع…
الإثنين ١٠ يونيو ٢٠١٩
ما حصل من قطر إثر قمم مكة من سقوط دبلوماسي - مزر- لم يمر في تاريخ العلاقات بين الدول، لقد اضطر ذلك الدوحة أن تقوم بحملة علاقات عامة عبر أربعة تلفزيونات عالمية لتبرير تراجعها عن قرارات القمم التي وقعت عليها، لكنه أكد في الوقت نفسه ما ذهبت إليه السعودية والدول المقاطعة الأخرى عن عدم الثقة في قطر - كدولة مستقلة - تقف عند كلمتها وتدافع عنها، فما توقعه في الليل تتراجع عنه في الصباح حتى قبل أن يجف حبر التوقيع. المدهش أن قطر في شكلها المتعارف - كدولة مستقلة - لم تستمر سوى 22 سنة منذ استقلالها عن بريطانيا العام 1971 حتى العام 1995. نحن أمام مشهد غير مسبوق في التاريخ السياسي، كيف تحولت قطر خلال عشرين سنة من مؤسسة حكم إلى مجرد تنظيم مسلوب الإرادة، والسبب أن كل ما سعت إليه تلك الدولة - سابقا - كان محاولة إثبات تفوقها على جيرانها وفضائها العربي بدون حاجة، لقد استهلك ذلك الهوس أموالها وجهدها وحولها إلى مجرد مؤسسة للمؤامرات وطبخ للمكائد. لكن كيف حصل ذلك.. إنه الطموح غير المبرر والسعي وراء إثبات سراب الندية، وبحسبة بسيطة قد لا يصدق أحد أن الدوحة التي استثمرت خلال العشرين سنة الماضية أكثر من تريليون دولار لثبتت أنها لاعب مهم في المعادلة الدولية، تحولت في…
الخميس ١٦ مايو ٢٠١٩
في 4 يونيو 1984 قبل يوم واحد من مواجهات سعودية إيرانية عسكرية غيرت وجه حرب الخليج الأولى فيما بعد، كان الإيرانيون في ذروة جنون العظمة الفارسية وكامل غطرستهم العسكرية معتقدين أن الحرب تتجه لصالحهم، بانين إستراتيجية تعتمد على استفزاز السعودية والتصعيد معها وجرها للدخول في الحرب حسب توقيت طهران لإلحاق هزيمة نفسية بها، وكذلك لإجبار المجتمع الدولي للاستماع لهم والرضوخ لمطالبهم. تلك المواجهة توجت السعودية كطرف أقوى في المعادلة الإقليمية بعد ذلك، وهو ما سنراه في حادثة احتلال الكويت على سبيل المثال، عندما استطاعت الرياض قيادة تحالف دولي يزيد على 30 دولة لتحرير الكويت. بدأت حرب الناقلات التي وضعتها إيران في أعلى سلم إستراتيجيتها تأخذ منحى متصاعدا باستهداف السفن المحملة بالنفط، ما اضطر بعض دول الخليج لرفع أعلام دول غربية لحماية إمدادات الطاقة. إلا أن التوتر بلغ ذروته مع اختراق الطائرات الإيرانية لأجواء المملكة واقترابها بشكل استفزازي من السواحل الشرقية، حذرت الرياض الإيرانيين أكثر من مرة، وأبلغت الدول الصديقة والشقيقة بما تحاوله إيران، كان عملا دبلوماسيا سعوديا بامتياز مهد للرد السعودي القاسي فيما بعد. صباح يوم 5 يونيو اكتشفت الرادارات السعودية أن طائرات إيرانية في وضع هجومي وتقترب بشكل سريع من الأجواء باتجاه مدينتي الظهران والخبر الآهلتين بالسكان، أُبلِغ الملك فهد - رحمه الله - على عجل بالحادثة، ليأمر بإسقاط…
الخميس ٢١ فبراير ٢٠١٩
تنويع سلة السياسة السعودية ليس جديداً، إنها استراتيجية مستمرة منذ تأسيس المملكة في دولتها الثالثة، فالملك عبدالعزيز -رحمه الله- رغم وجود ألمانيا وإنجلترا وفرنسا وهي القوى العظمى في ذلك الوقت التفت نحو الاتحاد السوفيتي وأقام مع موسكو أول علاقات دبلوماسية للمملكة الناشئة مع الخارج وأرسل الملك فيصل -الأمير حينها- لزيارتها وبناء علاقات اقتصادية وافُتتح لها سفارة في المملكة، وفي الجانب الآخر من العالم اتجه المؤسس إلى الولايات المتحدة الأمريكية القوة الصاعدة في ذلك الوقت والتقى مع رئيسها روزفلت في البحيرات المرة في مصر ودشن معها علاقات استراتيجية مستمرة لليوم. ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يرسخ مرة أخرى المنهج الدبلوماسي السعودي القائم على توسيع الخيارات السياسية وإنشاء التحالفات الاقتصادية والعسكرية مع كل القوى الدولية، خاصة تلك الصاعدة منها التي لديها مقومات النمو، فبعد أن أنهى زياراته للولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا بداية العام والعالم العربي نهاية العام الفائت، يستهل السنة الجديدة بالاتجاه هذه المرة نحو الشرق حيث ثلاث من القوى الكبرى الصاعدة في الاقتصاد والصناعات العسكرية «باكستان - الهند - الصين» تمتاز بمخزون سكاني يتجاوز مليارين وسبعمائة مليون نسمة وبطموحات اقتصادية ونتائج نمو غير مسبوقة. هذه الكثافة السكانية هي سوق ضخمة للمملكة سواء في سلعتها الأساسية «النفط»، أو كمصدر للاستثمارات الطموحة لصندوق الاستثمارات العامة، إضافة للاستفادة منها للترويج للقوة الناعمة السعودية،…