محمد الساعد
محمد الساعد
كاتب سعودي

كيف حول حمد بن جاسم قطر من دولة إلى بيت للمرتزقة!

آراء

ما حصل من قطر إثر قمم مكة من سقوط دبلوماسي – مزر- لم يمر في تاريخ العلاقات بين الدول، لقد اضطر ذلك الدوحة أن تقوم بحملة علاقات عامة عبر أربعة تلفزيونات عالمية لتبرير تراجعها عن قرارات القمم التي وقعت عليها، لكنه أكد في الوقت نفسه ما ذهبت إليه السعودية والدول المقاطعة الأخرى عن عدم الثقة في قطر – كدولة مستقلة – تقف عند كلمتها وتدافع عنها، فما توقعه في الليل تتراجع عنه في الصباح حتى قبل أن يجف حبر التوقيع.

المدهش أن قطر في شكلها المتعارف – كدولة مستقلة – لم تستمر سوى 22 سنة منذ استقلالها عن بريطانيا العام 1971 حتى العام 1995.

نحن أمام مشهد غير مسبوق في التاريخ السياسي، كيف تحولت قطر خلال عشرين سنة من مؤسسة حكم إلى مجرد تنظيم مسلوب الإرادة، والسبب أن كل ما سعت إليه تلك الدولة – سابقا – كان محاولة إثبات تفوقها على جيرانها وفضائها العربي بدون حاجة، لقد استهلك ذلك الهوس أموالها وجهدها وحولها إلى مجرد مؤسسة للمؤامرات وطبخ للمكائد.

لكن كيف حصل ذلك..

إنه الطموح غير المبرر والسعي وراء إثبات سراب الندية، وبحسبة بسيطة قد لا يصدق أحد أن الدوحة التي استثمرت خلال العشرين سنة الماضية أكثر من تريليون دولار لثبتت أنها لاعب مهم في المعادلة الدولية، تحولت في عالم السياسة الحقيقي إلى «كاشير» مهمته صرف الأموال الحرام لمن يتم توجيهه من أروقة الاستخبارات ومراكز الحكم في الدول الكبرى إلى الدوحة، أما على مستوى النفوذ فلم تظفر قطر إلا بقاعدة أمريكية لا حول لها ولا قوة عليها و«بطولة كأس عالم – في مهب الريح – وسلسلة من الفنادق والمباني العالية في باريس ونيويورك ولندن تدفع نصف مداخيلها ضرائب والنصف الآخر رشاوى لإعلاميين وسياسيين مرتزقة، إضافة لتعاطف غير مشرف من تنظيمات القاعدة وجبهة النصرة وداعش والإخوان المسلمين.

لا شك أن من أشار بذلك هو أحمق السياسة القطرية حمد بن جاسم بن جبر الذي أقنع الأمير الوالد بأن الدوحة يمكنها أن تتحول لقوة عظمى بكثير من المناكفة والرشاوى وقليل من الحصافة.

لقد كان قدر قطر الذي لا مناص منه والذي أغفله «ابن جبر» منظر السياسة القطرية، أن تكون مجرد «نتوء ترابي» خارج من الجزيرة العربية وحقل غاز ممتد داخل الخليج، أما غير ذلك فهي لا تمتلك أي مقومات لأن تكون دولة إسرائيل أخرى في المنطقة، كما تمناها حمد بن جاسم، فلا الظروف ولا التركيبة السكانية ولا الولاء الغربي يسمح لها بذلك، ولو فهم حكام قطر ذلك لما أتعبوا أنفسهم بإثبات خلافه، وكان بإمكان بلدهم أن تكون مدينة غنية مثل «هونج كونج» أو «إمارة موناكو» لا أكثر ولا أقل.

منذ انقلاب حمد بن خليفة على والده العام 1995 بمساهمة وتدبير من رفيق دربه حمد بن جاسم، كانت فكرة مناوأة قطر لمحيطها العربي والخليجي هي الدافع الأكبر، وقد تثبت ذلك في حوادث عديدة، من أهمها حادثة احتلال الجزر البحرينية في عرض الخليج العربي خلال حرب العراق وإيران، وهزيمتهم في الخفوس مع السعودية، ورفض قطر الانضمام للتحالف الخليجي لمواجهة العراق قبل الحصول على تنازل بحريني عن جزر حوار، كل ذلك استدعى الدخول في صراعات ومماحكات ومناوشات مع الجارة الكبرى «السعودية» والدولة الأكبر في العالم العربي «مصر».

كان طريقا محفوفا بالمخاطر وكلما ذهب حكام قصر الوجبة بعيدا في محاولة إثبات «نديتهم» إذا بهم يغوصون أكثر وأكثر في رمال الدول المارقة والتنظيمات العابرة وأمعنوا في التنازل لصالح قوى استقووا بها في مواجهة السعودية ومصر.

كل ذلك أدى لتآكل سريع في مشروعية الدولة القطرية، لقد بات ذلك واضحا في تقديم تنازلات متتالية في حصص السيادة لإيران وبريطانيا وفرنسا وأمريكا وأخيرا تركيا دون أن ننسى الجماعات الإرهابية، لقد أخذ كل أولئك حصتهم، حتى وصل الأمر إلى أن الأفراد نالوا من سيادة قطر وأخذوا هم أيضا غنائمهم، وعلى رأسهم عزمي بشارة ويوسف القرضاوي، إنها سياسة ابن جبر التي حولت قطر إلى مجرد بيت للمرتزقة يقضي فيه كل سياسي – مارق – حاجته ويمضي.

المصدر: عكاظ