محمد النغيمش
محمد النغيمش
كاتب متخصص في الإدارة

القائد الملهم والتقليدي

الجمعة ٠٧ نوفمبر ٢٠١٤

عندما تأمل عالم الإدارة د. جيمس بيرنز عبر دراساته الشهيرة، القادة، وجدهم ينقسمون إلى نوعين. الأول قائد تحويلي (transformational)، أي لديه المقدرة على إجراء تحول أو تغيير نوعي في المؤسسة وفي أتباعه. ولذا فهو يتمتع بمقدرة كبيرة على تحفيز من حوله لأنه «ملهِم» ومحفز ولديه رؤية ثاقبة ولا يعمل لنفسه، بل لمصلحة المؤسسة. وهذا النوع يذكرني ببعض القادة ممن ينحصر جل اهتمامهم في حماية كراسيهم ربما لأنهم موقنون بضعفهم فتجدهم مثلا يتحاشون تعيين نواب لهم خشية أن «يخطفوا منهم الأضواء». ومنهم من لا يهدأ له بال إلا بإحاطة نفسه بضعفاء يسيرهم كيفما شاء، ولا يعلم أن القائد يستمد قوته من قوة فريقه. ولحسن الحظ، فإن هذه السلبيات لا يفعلها القائد التحويلي المؤثر. أما النوع الثاني فهو القائد الإجرائي (transactional)، أي «التقليدي» الذي ينصب جل اهتمامه على تسيير الإجراءات اليومية. فهو ديدنه التأكد من أن أتباعه أو مرؤوسيه يطبقون الأهداف المكتوبة. ويعاملهم بمبدأ الثواب والعقاب، ولذا فإن علاقته مع الآخرين «تبادلية»، وهو اسم آخر اشتهر به هذا النوع من القيادة. هاتان النظريتان انتشرتا بشكل كبير في عالم الإدارة، وهما من الأنماط الحديثة في القيادة حتى جاء علماء من أمثال الدكتور برنارد باس ورفاقه فتمكنوا عبر نموذج تقييمي من قياس صفات محددة تحدد من هو القائد التحويلي الذي تظهر بصماته الجادة في…

التعليم وغباؤنا!

الجمعة ١٠ أكتوبر ٢٠١٤

أرسلت لي قارئة صورة ضوئية لاختبار ابنها (7 أعوام) الذي يدرس في مدرسة أميركية بالخليج العربي، وقد وضعت له المعلمة علامة الخطأ على إجابته عندما اختار أن يضع علامة تعجب (!) في نهاية الجملة التالية: «الأب يصنع بسكويت الكوكيز!». فغضب الطفل من إصرار المعلمة على ضرورة أن يختم الجملة «بالنقطة» وليس بعلامة التعجب! والسبب كما قال لأمه أنه لم ير قط أبا يصنع البسكويت في المطبخ. هذا الطفل بالتأكيد ليس غبيا؛ لأنه أعمل عقله وتأمل في واقعه، فكانت إجابته واقعية، على الأقل في منزله أو في مجتمعه، لكن المشكلة في رأيي تعود إلى فكرة «الاختبارات الموحدة» التي تمنح جميع الطلبة، على اختلاف قدراتهم وإبداعاتهم، ورقة صغيرة لنقيمهم معا، وكأننا نحاول إنتاج علب موحدة في مصنع! ذكرتني هذه الحادثة بمقولة العالم أينشتاين حينما قال إن «كل فرد منا فيه عبقرية، غير أنك حينما تحكم على السمكة من خلال مقدرتها على تسلق الشجرة فذلك يجعلها تمضي سائر حياتها معتقدة أنها غبية»! وذلك ينطبق على فكرة الاختبارات؛ إذ إن الاختبارات المدرسية لا تعكس بالفعل مقدرة الفرد الحقيقية. والدليل أن كثيرا منا فوجئ في بيئات العمل بالقدرات المميزة لطلبة لم يكونوا يوما من أوائل الطلبة المتفوقين، لكن قدراتهم الفذة تدفقت حينما انخرطوا في ميادين الحياة والعمل. وهذا ما دفع التربويين، على ما يبدو، لتداركه…

قوة الأرقام في قراراتك

الخميس ٠٢ أكتوبر ٢٠١٤

الأرقام ليست مهمة في القرارات المؤسسية فحسب، بل حتى على الصعيد الفردي. فحينما تقرأ مثلا أن 25 في المائة من الشعب الخليجي مصاب بداء السكري وأن 40 في المائة منه يعانون من أمراض السمنة أو أن الأسباب الثلاثة الرئيسة للوفاة في بلد ما، هو مرض كذا وكذا فمن البديهي أن تتوقع أن يشمل أي برنامج عمل للحكومة خطوات أو حلول عملية تستفيد من هذه المعطيات الرقمية. وما يميز المؤسسات في العصر الحديث عن العصور السابقة أن بيوت الاستشارات ومراكز الإحصاء تقدم لها على مدار العام معلومات دقيقة تسهل وتدعم عملية اتخاذ القرار. وهذا يذكرني بمقترح أطلقه قبل أيام أحد نواب برلمان بإغلاق كلية بكاملها في جامعة عربية عريقة بحجة أن مخرجاتها لا تفيد سوق العمل، فثارت ثائرة المعارضين فطالب العقلاني منهم أن يُدَعّم هذا الاقتراح على الأقل بدراسة. والدراسات العلمية المحايدة خير من إلقاء المقترحات جزافا. مثال آخر، يظهر قوة الرقم في اتخاذ القرار المؤسسي هو توافر معلومات رقمية عن عدد الجرائم وأنواعها وأوقاتها، ونسب عالمية ومحلية تظهر مستوى التعليم والصحة وغيرهما وتقارنها مثلا بمؤشرات أداء عالمية. هذه المعلومات تسهل مهمة تفاعل المسؤولين وحتى مؤسسات المجتمع المدني والشركات معها فيستفيد كل منهُم بدوره من تلك المعلومات. وحتى الباحثين يمكن أم يستندوا إلى هذه الإحصائيات. وهنا تجدر الإشارة إلى الفارق بين…

حكاية القطار واتخاذ القرار

الخميس ٢٥ سبتمبر ٢٠١٤

هناك قصة شهيرة تروى في أدبيات الإدارة واتخاذ القرار تحاول أن تصور لنا كيف يتخذ المرء كثيرا من قراراته. وهي كالتالي: تخيل أنك شاهدت مجموعة من الأطفال يلعبون في مسارين منفصلين لخط السير الحديدي للقطار. أحدهما يعمل والثاني خارج نطاق الخدمة. وكان هناك طفل واحد يلعب في هذا المسار المعطل، أما باقي الأطفال فكانوا يلهون عند المسار الذي يعمل. ولو أن القطار اقترب بسرعة خاطفة نحو الأطفال وكنت حينئذ واقفا في نقطة تقاطع مساري القطارين سيكون أمامك خيار أن تدفع القطار باتجاه المسار المعطل، الذي به طفل واحد في محاولة لحماية أكبر عدد من الأطفال في المسار الآخر غير أن هذا القرار يعني أننا سنضحي بطفل واحد. أو أن نترك القطار يسير في طريقه. لنتأمل القرارات التي يمكن أن تتخذ في هذا الموقف. عموما الناس ربما يميلون إلى خيار حماية أكبر قدر ممكن من الأرواح على غرار تصرفنا الفطري في حالات الكوارث الطبيعية. وهذا القرار ربما فيه شيء من العقلانية وجانب عاطفي. ولكن هل وضعنا في اعتبارنا أن الطفل الذي اختار اللعب في المسار المعطل قد اتخذ قرارا صائبا وآمنا، ومع ذلك قرر البعض أن يضحي به في سبيل حماية عدد من الأطفال غير المبالين الذين اختاروا اللعب في مكان في غاية الخطورة. هذه المعضلة الرمزية تحدث أمامنا على أرض…

لجان التحقيق الإدارية

الخميس ١٨ سبتمبر ٢٠١٤

كم من موظف راح ضحية قرار تعسفي بفصله أو نقله أو حرمانه من ترقية لسنوات عدة، ليس لسبب سوى أنه لم ينل حقه في تشكيل لجنة تحقيق إدارية للنظر في قضيته بعدالة. في عالم الإدارة، يتم اللجوء إلى لجان التحقيق الرسمية (أو غير الرسمية) لضمان عدالة القرار المتخذ بحق الموظفين المخالفين. وجرى العرف أن تُشكَل لجان التحقيق داخل العمل عندما يرتكب الموظف مخالفة جسيمة يعاقب عليها القانون أو اللوائح الداخلية؛ كأن يطعن أحد في الذمة المالية لزميل آخر أو يتهمه بالتحرش أو التزوير أو التدليس وغيره. كل منا معرّض لأن يجد نفسه يوما ما ماثلا أمام لجان التحقيق الإدارية؛ إما متهما - لا قدر الله، وإما عضوا وإما شاهدا. ومن هذا المنطلق، من حق القارئ أن يعرف متى وكيف تتشكل لجان التحقيق الإدارية في العمل وما آلية عملها. أولى بديهيات تشكيل لجان التحقيق، ألا يكون أحد أعضائها ممن تتعارض مصالحه مع نتائج التحقيق حتى لا يكون هو الخصم والحكم. كما يتوقع من اللجان أن تدون أقوال المتخاصمين والشهود وتستعين بأي رأي فني يؤكد أو ينفي صحة الادعاءات المطروحة. فقد يستغل أحد المتخاصمين خبرته الفنية، مثلا، فيوهم أعضاء اللجنة باستحالة إرساله بريدا إلكترونيا بهذه الطريقة أو التوقيت فيأتي الفنيون برأي مغاير. وإذا كان استمرار الموظف أو المسؤول المتهم على رأس عمله…

«أكرمنا بسكوتك»!

الخميس ١١ سبتمبر ٢٠١٤

المصطلح الشائع «أكرمنا بسكوتك» يطلقه البعض على سبيل الدعابة المبطنة بالامتعاض من كلام المتحدث. ويبدو أننا في عصر أصبحنا فيه بحاجة ماسة إلى استخدام هذا المصطلح القاسي على البعض لا سيما أولئك المتطفلين الذين يدلون بدلوهم في موضوعات حساسة، وليس لهم فيها لا ناقة ولا جمل فيدفعون السامعين وربما كبار المسؤولين إلى قرارات مصيرية في الاتجاه الخاطئ. ومن يحتاج أن يكرمنا بسكوته ذلك المثبط الذي يهبط من معنويات المنتجين الفاعلين في عملهم ومجتمعهم ولا يريد أن يغرس غرسا نافعا. فالمثبط لا يطول عنقود العنب فيصفه بأنه حامض ليحرم غيره من بلوغه. ويجب أن يكرمنا بسكوته من لا يتورع عن توجيه سهام النقد يمنة ويسرة، وينسى أنه لو اشتغل بعيوبه لأفنى عمره ولم يصل إلى عتبة الكمال. وليت المجادل يكرمنا بسكوته، حينما يصر على خوض جدال عقيم فيزيد الطين بلة أو يجادل في أمر لا يفقه فيه شيئا فيفسد متعة الإصغاء إلى الآراء السديدة. والمشكلة ليست دائماً في الطرف الآخر، بل بتعاملنا معه، فنحن مثلا نخطئ حينما نجادل الأحمق «فيخطئ الناس في التفريق بيننا». ولذا قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب حينما قال: «أرى الرجل فيعجبني فإذا تحدث سقط من عيني». فكم من متحدث متسرع كشف بتفاهة طرحه ستر عيوبه. فالسكوت ستر للجاهل وفرصة لتعلم شيء جديد. ولذا أعجبني رد شاعرة…

أدوارنا في فريق العمل

الجمعة ٠٥ سبتمبر ٢٠١٤

عكف باحث بريطاني على دراسة أدوار أعضاء فرق العمل لمدة 9 أعوام في دراسة علمية شهيرة ليحاول معرفة ما الذي يجعل فريق العمل Team فعالا أكثر من غيره. فتوصل إلى نتائج عدة أبرزها أن الفريق الفعال هو الذي يقوم أعضاؤه بأدوار أشمل. إذا اكتشف الدكتور ميريديث بلبن أن الناس يقومون بتسعة أدوار رئيسة قسمها إلى 3 فئات: الأولى «المفكرون». وتضم هذه الفئة دور «المفكر» أو «الزارع» «plant» وهو ذلك الذي يمتاز بخياله الواسع وبالإبداع وبمهارة توليد الأفكار ولذا فإن مقدرته على حل المشكلات المستعصية أكبر. وتضم هذه الفئة أيضا «المراقب/المقيم» وهو الرزين الذي يفكر بطريقة عقلانية واستراتيجية ويحسن وزن الخيارات المطروحة أمامه لانتقاء الأفضل. والدور الثالث في هذه الفئة «الأخصائيون» الذين يعملون عادة بمفردهم ولديهم دأب عال dedication ويقدمون المعلومة الفنية الدقيقة لفريق العمل مثل المحلل المالي. أما الفئة الثانية من الأدوار فيطلق عليها «الاجتماعيون» ومن الأدوار التي تنضوي تحتها «العضو العامل» teamworker وهو من يتحلى بالدبلوماسية بالتعامل مع الآخرين ويحسن الاستماع إليهم ويسعى للتنسيق مع زملائه بدلا من الصدام. وهناك أيضا «الباحثون عن المصادر» وهم المتحمسون الذين يبنون علاقات ويبحثون عن الفرص المناسبة ولديهم مقدرة جيدة على التواصل. والدور الأخير هو «المنسق» وهو شخص ناضج وواثق ويكتشف المواهب ويوضح الأهداف المرسومة ويحسن التفويض الفعال. أما الفئة الثالثة والأخيرة من…

عقدة الهروب من المشكلة

الجمعة ١٥ أغسطس ٢٠١٤

هناك نوع من الناس يتفادى مواجهة المشكلة، إما عمدا أو من دون أن يشعر. وسبب ذلك يعود إلى مشكلات عائلية أو تجارب سابقة، بحسب خبيرة إدارة الخلافات د.سوزان رينز في كتابها «إدارة الخلافات». فهذه الفئة من الناس التي تتفادى أو بالأحرى تهرب من مواجهة المشكلة هي أحد أنواع متعددة من السلوكيات التي تدرس في علم إدارة الخلافات، والتي منها المواجهة والتوافق والتعاون والتضحية وغيرها. ما يهمنا هنا أولئك الذين يهربون من المشكلات التي تعترضهم لاعتقادهم أن الوقت كفيل بحلها. وهذه النظرة قاصرة، لأن الهروب من مواجهة المشكلة ليس بالضرورة حلا لها، فبعض المشكلات مثل كرة الثلج إن لم نتصد لها كبرت وصارت تداعيات تجاهلها أكبر. غير أن بعض المشكلات تبدو صغيرة، ومن المرجح أنها سرعان ما ستزول، حينها يصبح أمر تجنب مواجهتها خيارا بديهيا، إلا إذا كان المسؤول يريد اقتناص فرصة توبيخ المتسببين بها حتى لا يتكرر الخطأ. وفي بعض الأحيان يتعمد بعض المسؤولين عدم تجاهل المشكلة إذا كانت مثلا من الأخطاء التي إن اعتاد عليها الموظفون أوجدت حولهم بيئة من الفوضى كسوء تعاملهم مع الزملاء أو فظاظة التعامل مع المراجعين والعملاء. فهذا النوع من المشكلات إذا تم غض الطرف عنه فإنه قد تتفشى بسببه في المنظومة حالة من التسيب. أما مشكلة الذي يتجنبون المواجهة فتكمن في أنهم يتخيلون أنه…

لغتنا الملغومة!

الخميس ٣١ يوليو ٢٠١٤

هناك مصطلح شائع في أدبيات الحوار الإنجليزية، نمارسه في عالمنا العربي من دون أن نشعر، ونهدم به كثيرا من نقاشاتنا البناءة فضلا عن علاقتنا. هذا المصطلح هو Loaded Language، وأقرب تسمية له «اللغة الملغومة»! بمعنى أن نبطن حواراتنا بكلمات تجرح أو تحط من كرامة الآخرين. ومن هذه الطرق «السؤال الملغوم» الذي يبدو ظاهره بريئا وعفويا، غير أنه محاولة للتعريض بالآخرين أو إهانتهم أو الانتقام منهم، أو محاولة لفت أنظار السامعين إلى سلوك نراه شائنا في من نحاول الإساءة إليه. كأن يقول سياسي لخصمه مثلا: هل ما زلتم تضحكون على ناخبيكم بهذا الكلام المعسول؟ أو يقول مدير لمرؤوسه: إذن أنت وراء كل هذه المشكلة؟! أو يسأل شخص ما آخر يثير حنقه فيقول: هل ما زلت تضرب أطفالك؟ وهذه اللغة الملغومة قد تأتي على صيغة سؤال فيه نبرة افتراضية مزعومة تثير حفيظة المتلقي، خصوصا إذا لم تكن مبنية على أساس صحيح. وقد تأتي عبارات قاسية أو كلمات محددة تؤذي المتلقي. واستخدام اللغة الملغومة قد يعتبره البعض نوعا من التكتيك لإثارة المتلقي و«نرفزته»، لكنه في حقيقته سلاح ذو حدين، لأنه في بعض الأحيان يكون وسيلة العاجز عن مقارعة الحجة بالحجة، أو محاولة تدفع بالمتضرر للرد العنيف، ثم تنقلب طاولة الحوار البناء، ويفقد كل متابع رغبته في الاستماع، لأن كلا الطرفين انزلق إلى هاوية…

«ذاكرة اليد»!

الخميس ٢٤ يوليو ٢٠١٤

وأنا أقرأ دراسة حديثة عن الذاكرة والكتابة بالقلم، تذكرت ما قاله لي مبتكر الخريطة الذهنية الشهيرة توني بوزان في لقائي المطول معه بالكويت، حيث قال: «لليد ذاكرة». وكان يقصد أن استخدام القلم للتدوين أو للرسم يخزن في ذاكرتنا معلومات أكثر من استخدامنا للحاسوب أو للهواتف الذكية، ولديه دراسة علمية تؤكد ذلك. وهذا ما جعله يحث الناس دوما على رسم خرائطهم الذهنية يدويا قبل استخدام تطبيقه الإلكتروني. والأمر نفسه يتماشى مع الدراسة المهمة التي نشرتها «العربية.نت» عن صحيفة الـ«إندبندنت» البريطانية وأجراها أستاذ في علم النفس بجامعة كاليفورنيا، حيث أظهرت أن الطلبة الذين استخدموا القلم في تدوين «رؤوس أقلامهم» أو ملاحظاتهم، كانت مقدرتهم على تذكر المكتوب أكثر من أولئك الذين استخدموا وسائل الطباعة. ولم أستغرب هذا الأمر لأنني شخصيا كثيرا ما أستخدم القلم رغم ولعي بالطباعة منذ أن كانت لدي آلة طابعة أكتب بها موضوعاتي! وذلك لسبب بسيط، وهو أنني أجد في القلم تفاعلا أكبر للحواس، لا سيما في لحظات التخطيط أو وضع الأهداف اليومية، والاستمتاع بشطب المهام المنجزة واحدة تلو الأخرى على قصاصة صغيرة. كما أن الإنسان يحتاج أن يتذكر يوميا أهدافه الكبرى (الحياتية) بكتابتها مع مهام اليوم الصغرى حتى يستطيع تذكرها وتذكر أهدافه الشهرية والأسبوعية. وقد تبين في دراسة جامعة كاليفورنيا أن كتابة الطلبة بالقلم أسهمت في حفظ المعلومات في…

لماذا نكتب؟

الجمعة ١٨ يوليو ٢٠١٤

رغم الكم الهائل من النصوص العربية على الإنترنت فإن ذلك لا يشكل سوى 3 في المائة من المحتوى العالمي المدون فيه. والمفارقة أن العرب رغم أنهم يمثلون 5 في المائة من سكان المعمورة بعدد 360 مليون نسمة تقريبا (22 دولة)، إلا لغات أخرى لا ينطق بها سوى شعب واحد مثل اليابانية والألمانية قد تفوقتا على ما كتب بالنص العربي، مع أننا أكثر عددا منهم! ومما أثار استغرابي أنه حتى النص العربي بمجمله الذي نحاول أن ندعمه بكتاباتنا يمثل 75 في المائة منه مساهمة دولة واحدة وهي الأردن! فيما يتوزع الباقي على الدول العربية بحسب، تقرير الاتحاد الدولي للاتصالات [1]. والسبب يعود إلى مساهمة الجامعات وغيرها من المؤسسات بطريقة ممنهجة أسهمت في نشر المعرفة على الإنترنت. ومن هذا المنطلق أطلق العاهل السعودي الملك عبد الله مبادرة رائدة لإثراء المحتوى العربي على الإنترنت من خلال التعاون مع الجهات العلمية المعنية، حيث ترجم نحو ألفي مقال مميز من الإنجليزية للعربية في مجالات عدة ليتم نشرها في موسوعة ويكيبيديا التي يقرأها ملايين الزوار. كما أطلقت المبادرة أيضا مشروعا آخر لترجمة مقالات مهمة إلى العربية وذلك من 12 لغة أجنبية. وأطلقت أيضا معجم الحاسوب التفاعلي. وتعد جميع هذه الإسهامات خطوات قيمة في هذا المجال. وما محاولات كاتب هذه السطور المتواضعة ولا آلاف الكتاب غيره إلا…

نوم الصائم وإنتاجيته

الخميس ٠٣ يوليو ٢٠١٤

أطلعني فريق بحثي على نتائج دراسة جديدة ستصدر بعد أيام عن إنتاجية الصائم في رمضان، وكانت المفارقة عكس الاعتقاد الشائع، وهو أن الموظف الصائم خامل وغير منتج ولا يؤدي عادة عمله على أكمل وجه. فقد توصلت الدراسة التي أجرتها شركة «موارد» في الكويت عبر فريقها البحثي إلى أن 40 في المائة من العرب المشاركين فيها قالوا إن إنتاجيتهم في رمضان لا تعتبر منخفضة مقارنة مع باقي الشهور. لكن خمس المشاركين (20 في المائة) يرون أن رمضان بالنسبة لهم شهر ذو إنتاجية أقل، ولم يتوصل الباقي إلى إجابة محددة. وقال 40 في المائة إنهم يستطيعون إتمام الأعمال الموكلة إليهم بالجودة المطلوبة أثناء الصيام، ولم يتفق معهم سوى 23.7 في المائة. أرى أن المشكلة ليست في الإنتاجية بقدر ما هي في الاستعداد لنهار رمضان، لا سيما أخذ قسط كاف من النوم وتناول الغذاء الصحي والسوائل المطلوبة. فالإنسان حتى يؤدي وظائفه الذهنية والبدنية بشكل جيد لا بد أن يأخذ قسطا كافيا من «مرحلة النوم العميق»، وهي التي تحدد مدى جودة النوم. وهذه المرحلة تبدأ بعد نحو 90 دقيقة من النوم والتي تتحرك فيها العينان بطريقة سريعة (REM). ويرتبط مدى قوة نوم الإنسان بمدى جودة «نومه العميق» والمريح بعيدا عن الضوضاء. ولا يختلف اثنان على أن الحد الأدنى من عدد ساعات النوم إذا كان…