الأربعاء ٠٧ أكتوبر ٢٠١٥
.. فلنواجه الحقيقة وننظر بعينها ونقول: نحن قلقون! كان هذا أول ما سأقوله ردا على طلبة سألوني وهم يلاقونني عرضا بمكان عام، ثم جلسنا بمقهى، وصاروا يعدون أسباب القلق الكبرى التي تساورهم لأنهم هم من سيكونون هناك في المستقبل بعد أن تنقشع سحابات كثيرة عن الواقع الاقتصادي والبيئي والسياسي والمصدر الطبيعي. قالوا: "هل لنا الحق أن نقلق؟ بل نحن قلقون فعلا". كنت أحاول أن ألتقط أنفاسي لأردّ عليهم، وقلبي يرجف بين الوريد والشريان عطفاً عليهم وحباً، فقد كانوا بحالة نفسية فيها براحٌ حطّ عليه الإحباط والخوف والتخوّف، وقرأوا كثيرا لمن يثيرون كل مخاوف الدنيا وينثرونها على عيونهم من تراب بلادهم.. وهم بلا حيلة، ويضربهم الواقع بقبضاته من الرأس حتى تحت الحزام. بدأ "رائد" وهو أجرؤهم على التعبير والحديث – والاسم مستعار لأمر واضح- ويقول: "أمس في مجلس فيه أبي وأصدقاؤه من رجال الأعمال والموظفين وشخصيات معروفة، كانوا يتحدثون عن هروب الأموال للخارج، وعن هجرة جماعية للاستثمار الخارجي البديل، وأن إحدى العواصم الإسلامية الكبرى صارت مزاراً عاديا لكثير من السعوديين يبحثون عن فرص استثمار واستقرار كبديل آمن". وكان لابد أن أستعيذ بالله أولا. وقلت لهم: "قد يكون صحيحا بعض هذه المخاوف، ولابد أن نكون شجعاناً ونعترف ان هناك مسببات كي نقلق، فالوضع السياسي مضطرب بالمنطقة، ووصل الأمر بالفلتان النظامي العالمي في…
الأربعاء ٣٠ سبتمبر ٢٠١٥
يسألني الأخ الحبيب عبدالله الفهيدي، ما هي الحكمة؟ لا أدعي أني سأصل لتفسير دقيق، أو معنى ساطع الوضوح عن الحكمة.. ولكن يمكن لقرائي الغالين أن يعتبروا ما سيقرأونه شعوراً مرسلاً أكثر من كونه تفسيرا علميا.. فلا تفسير علمي للحكمة، لأن الحكمة وجدانية لَدُنِيّة. انظروا إلى أن الأفكار تيار متدفق لا يقف، وهي أفكار متفاوتة بعضها بسيط وبعضها سيّئ وبعضها خاطئ، وبعضها عميق، وبعضها طيّب، وبعضها صحيح. أين الحكمة؟ الحكمة هي الفطنة الخفية التي تنتبه برمش العين في التقاط الأفكار الصالحة، وترك الأفكار الطالحة. الحكمة لا مكان لها، ولا زمان.. الحكمة فضاء، وهذا الفضاء ليس مطلقاً بل هو الذي يكون بين تيار الأفكار، أو أن الحكمة هي السباحة المستمرة في فيض الفكرِ والأفكار. تحتفل المجتمعات بالذكاء الظاهر وبالأذكياء، وهذا جيد ومن المتطلبات الأساسية في إظهار المجتمعات ومن سُبُل تقدمها، ولكنها تغفل وكذلك الأفراد عن الذكاء الّٓلدني، أو الداخلي أو الوجداني، وهو ذلك الذكاء الذي يكون مثل الإشارة في النظام المروري التي تنبهك، متى تهدأ، ومتى تقف، ومتى تمضي في ظرف بذاته، أو في اختيار حلٍّ من بدائل متعددة. هذا الذكاء اللدُنّي هو الحكمة. والحكمة تخرج عن مسار التفكير المعتاد، هي تفكير خارج المسار.. يمكنك أن تسير بشكل عادي تلقائي في طريق، والحكمة هي تلك الاستراحة خارج كتف الطريق، فالحكمة تحتاج للثبات كي…
الإثنين ٠٩ مارس ٢٠١٥
(*) هذه القصة لا يستلزم أن تكون واقعية، ولا الأشخاص.. إنما المعاناة واقعية. أنا وليد، سوري، عمري في الشهر القادم سيقفل الخامسة عشرة. مظهري عادي، شعري بلون كستنائي محروق، وعينان خضراوان ضيقتان جعلت أولاد الحارة يطلقون علي الثعلب. لا أملك ذكاء الثعالب، ولكني أقرأ كثيرا. ربما قرأت عشرات الكتب لا يقرأها من هم في عمري.. ومعظم قراءاتي عن تاريخ بلدي.. سورية. أنا من سورية. من الهلال الخصيب.. من أول مكان بدأت تظهر به مدنية البشر. في بلدي ولد تاريخ الحضارات، وتكون الإنسان المستقر الذي بنى أول مسكن، وزرع أول حقل، ووضع عودا أمام ساحته الصغيرة ليحسب الأيام والشهور للزرع وللحصاد. بلدي يربط قارات أوروبا وآسيا وإفريقيا، قلب الشرق الأوسط.. بوابة العالم. مع كل ما يحدث منذ سنوات في بلدي، إلا أن حيِّنا لمدة طويلة لم يصل إليه أي خطر. كانت الحياة صعبة، ولكن كنا في جنة النعيم قياسا بمناطق ومدن وبلدات أخرى. تتعطل المدارس بشكل مستمر، وإن فتحت أبوابها وجدت أنها أفضل في إغلاقها. لذا، وللمفارقة، نمَت معارفي أكثر بقراءة كتب في غرفة والدي الذي رحل باكرا مريضا، وتُركت مئاتٌ من كتبه مكوّمةً عشوائيا في مخزن عتيق. هذا المخزن كان ملاذي، وفيه أجد أني أملك العالم. قمت من النوم قبل أسبوعين، وذهلت لما وجدت الدم يخرج غزيرا من رأسي، وطار…
الخميس ١٩ فبراير ٢٠١٥
- نفحة: العلم والمعرفة والاكتشاف يتطلب مع الذكاء والعبقرية شجاعة عند الاختراع والاكتشاف والابتكار. كثير من اختراعات وبحوث لم تظهر بسبب هذا الخوف والتردد والجبن في الجهر بالاكتشاف الجديد، فتموت أفكارهم الكبرى معهم. من أكبر عقول العلم هو "إسحق نيوتن" مكتشف الجاذبية، وكتب بحثه باللاتينية لغة العلوم آنذاك، تحت عنوان "مبادئ الرياضيات" Principia Mathematica، تصوروا لو أن بحوث إسحق نيوتن وكتبه نامت في أدراج مكتبة؟ ما الذي سيحدث؟ أقل شيء أن العلم سيتأخر في اكتشاف الجاذبية وقوانينها التي قلبت مفاهيم العلوم الرياضية والفيزيائية الفلكية .. ومن يدري؟ ربما لم تكن حتى "وكالة الفضاء الأمريكية ـــ ناسا" التي فرشُها العقلي قوانين نيوتن. وفعلا كان نيوتن خوافا مترددا حساسا فلم يثق بنشر أبحاثه، حتى آمن بها صديقه الشجاع "هالي" Halley وكان مخمليا مفلسا ومع ذلك أصر على نشر بحوث نيوتن للعالم. من يشكرك الآن يا هالي؟ - رسالة لابنتي: إنني يا ساكنة القلب أؤمن بقوة الكلمات. وأؤمن بأن الكلمات تغير من واقعنا سلبا أم إيجابا. انظري إلى هذه القصة الحقيقية؛ قرأتها في أحد تلك الكتب التي تحاول إيقاظ الهمة بالحكايات الإنسانية الواقعية. طبيب عمد أن يكتب وصفة لكثير من مرضاه، بعد أن يشكو له القلق والخمول، كالتالي: "اسم الدواء العزم. طريقة التناول: أن تقول دائما: إنني سأتحسن إلى الأفضل، إنني سأتحسن إلى…
الجمعة ٣٠ يناير ٢٠١٥
«تعال عندي بالبيت» هذه الكلمة التي ستسمعها من الدكتور محمد الهرفي إن كنت تعرفه ومتجها للأحساء. ثم أنك قد لا تكون قد أخبرته في الأصل، لكنه هو الذي بأريحيته، وروحه السهلة، وطبعه الكريم قد يكون تابع أخبارك وعلم أنك ستكون في الأحساء، فلا بد أن تتوقع أن تسمع عبر هاتفك ذلك الصوت الهادئ الذي لا ينبو يقول لك بطريقة "هرفية" تخصه هو فيها السماحة واللطف، وتلك الوداعة التي تجذبك من قلبك لبيته بلا تردد ولا تمنع. هنا مفتاح شخصية صديقي وأخي وأستاذي محمد الهرفي ـــ يرحمه الله ــــ الذي علمني أن أبسط سجادة الحب بقلبي قبل أن أجلس للنقاش مع أي أحد بعقلي. كان دكتورنا الحبيب محمد عقلية بذاتها، تسبح في فلك جميل لحاله. كان في رقة جناحي فراشة وهو يبدأ الحديث مع أي أحد، ويأخذ مظهر الرقيقين الناعمين وهو يقف للنقاش. ولكن في مبادئه التي يؤمن بها كحد الفولاذ في الحديث مع أي أحد، وكالفارس المتأهب بمتراسه وهو يقف للنقاش. لو كان لنظرية ميكافيلي نظرية مضادة ومعاكسة تماما لكانت "النظرية الهرفية". كتاباته تختلف عن كتابات أي كاتب آخر، فهو لا يؤمن بالمدارس أيا كان تصنيفها، كما أنه لا يخفي وراء ظهره أي أجندة. آراؤه كالمرايا الصافية قد يعجبك ما تراه فيها، وقد لا يعجبك، وهذا شأنك ورأيك، ولكن لا…
الجمعة ٠٧ نوفمبر ٢٠١٤
هل نكشفها أم نحتفظ بها في صدورنا؟ يقول فيلسوف اسكتلندا الشهير "روبرت لويس ستيفنسون": احتفظ بمخاوفك داخل نفسك، أما شجاعتك فأشرك معها الآخرين". قد تبدو نصيحة بالية لا تتفق مع الظروف التي نعيشها الآن في بلدنا، ولكن تحتاج إلى نقاش في مسألة كشف الخوف كعنصر من عناصر الشجاعة إذا صحت مقوماته. فهناك مخاطر خارجية تدور حولنا وهي واضحة، ولكن هناك مخاطر داخلية أكبر خطرا وهي أقل وضوحا. وفات الحديث الآن، أو أنه ليس الوقت المناسب لمناقشة من كان السبب أو المتسبب، أو ما هي الأسباب التي ولدت مجتمعا غاضبا؟ ثم كيف أننا حلمنا طويلا أن الخطر الداخلي بالذات بعيد عنا، وأننا مجتمع السكينة والطيبة والتعامل الهادئ، فإذا الغضب العارم الذي لا يرى إلا بواسطة عينين من الكراهية والانتقام يعم بعض فئاته. لقد تحولنا بسرعة الضوء من مجتمع هادئ، جزيرة سلام معزولة عما يجري في العالم من قلاقل، فإذا القلاقل تصنع في داخل بلدنا، وفوجئنا أن جزيرة السلام الهادئة تنفث فيها أيضا البراكين! دعوني أوضح ما يدور في ذهني بالاستعانة بقصة واقعية حدثت للكاتب الإنجليزي الشهير، والمعروف بالخيال العلمي "هـ. ج. ويلز". كان ويلز في أحد الأيام جالسا في حديقة "هايد بارك" في لندن عندما لمح شابا يضع يديه في جيب معطفه، ثم يخرجهما ويفركهما، ثم يعود لوضعهما في الجيب من…
الخميس ٢٣ أكتوبر ٢٠١٤
"صديقي دكتور مغربي ويقول: الأمازيغ "البربر" لهم الفضل في حكم الأندلس مرتين بعد السقوط العربي الأموي في الأندلس، وراحت محاولاتي أدراج الرياح في إقناعه أنهم أتوا للنجدة ولم يحكموا، ويؤيد ذلك كثير من المراجع". الدكتور سلطان التميمي، مقيم فلسطيني. أشكر الأستاذ سلطان وأظنه طبيبا وليس مؤرخا كما يبدو لي من رسالته، كما لا أدري إن كان الدكتور المغربي طبيبا أم مؤرخا، وإن كان يبدو أنهما زميلان في مستشفى واحد. موضوع الأندلس عموما معقد جدا، ومراجعه كثيرة، ولعبت الأهواء بها كثيرا. ولي صديق هولندي من أصل مغربي عزيز علي هو الدكتور عبد الإله الجامعي، أعتبره من عقول العالم في أنثروبولوجيا التاريخ والتنمية البشرية، رغم إقامته في هولندا وبروفيسور في جامعاتها، ما زال مغربيا قُحا، لم تجر بعروق دماغه نقطة طبعٍ هولندي، وشكله هي السمات النمطية لابن الصحراء المغاربية بالوسامة العميقة التي أسهمت في إبرازها الشمس والرمال عبر العقود وتوارث الجينات. عملت مع الدكتور "الجامعي" في أكثر من مشروع يخص التاريخ الأندلسي، أو بما جرى بأنفاق التاريخ الأندلسي ولم يتضح بالذاكرة العربية منها لغة الخميادو التليدة. وهناك أكثر من مشرع مع الدكتور الجامعي وربما توسعنا به في دول الخليج العربي. وإن كان هناك تأخير فهو مني فحماسته تغلب تشتت انشغالاتي. وبيننا كيمياء الأصدقاء وبالتالي سنكمل بإذن الله تلك المشاريع التي نعمل معا…
الخميس ٢٤ أبريل ٢٠١٤
.. العاملون المتخصصون في كلاسيكيات الفكر الفرنسي، يعرفون الكاتب المعرفي "جورج دُوهامل" Georges Duhamel. في كتاب له خرج في العام 1950م بعنوان "عقدة ثيوبيل" Le complex de Theopile هلل له مفكرو الفرانكوفونية. قال له صحافي: "حدثنا عن اعتزازك بكتابك، ومهنتك الأدبية"، وهنا تغيرت ملامح "دوهامل" وغضب قائلا بما يشبه المرافعة أمام محكمة: "في يوم سيكتبه القدر، سأقف أمام المحاسبة الأخيرة وسُئِلتُ عن مهنتي، فلن يكون للأدب أي اعتبار، وسأجيبُ اعتزازا والتماسا للعفو الإلهي: "كنت طبيبا!" وفي مقال من عدة سنوات، وكنا كأمة مشغولين بترويج سمعتنا في الخارج عن طريق المعارض، كتبت: "لو استأجرنا صفحاتٍ في أكبر صحف العالم ووضعنا عليها أسماء علمائنا الكبار لكان أفضل ترويجا وأقل تكلفة من المعارض.." وأعطيتُ مثالا بأنه لو أن كل قارئ لـ "الجارديان" والـ "نيويورك تايمز" و"الفيجارو" و"ساهي" و"الإنديا نيوز"، وغيرهم شاهد صورة الطبيب العالم الفريد في فصل التوائم السيامية الدكتور عبد الله الربيعة، لكان هذا واحدا من أفضل ما نقدمه مثبتا ومشهودا لمصلحة الأمة السعودية. وحين اختير الربيعة وزيرا تمنيت عليه لو بقي في مكانه الحصين، في سلطنته الخاصة، في تخومه التي لا يقتحمها أحد، حيث كان الأعلم والمرجع بقدراته الجراحية المهارية، وأن الله لم يمنحه تلك الأصابع الموهوبة عبثا، ويعلم كل طالب جراحة أن الجراح الفنان الموهوب حتى لو قلت درجاته التحصيلية…
الخميس ١٠ أبريل ٢٠١٤
أحضرت عائلة سورية طفلتها الصغيرة المريضة للعلاج السريع في غرفة ضيقة رطبة بها معدات علاجية في منتهى البدائية، وطبيب مقيم. بذل الطبيب الشاب كل جهده لإنقاذ الطفلة الصغيرة، لكن سرعان ما توقف نبضها وفارقت الحياة، ليمسح الطبيب دمعات، طالما ذرفها مرات عدة في اليوم منذ أكثر من سنتين. لقد بذل الطبيب الشاب كل ما في وسعه، وبقي مع الطفلة، لم ينم لمدة 24 ساعة.. حتى فرت روحها بين يديه. ليس ضعفا في أداء الطبيب، وليس صعوبة في حالة المريضة، بل ببساطة لندرة أقل وسائل العلاج وأكثرها بدائية. هذا الطبيب يسجل أعداد ضحايا آخرين. الطفلة الصغيرة لم تمت بسبب الحرب مباشرة، بجرح أو إصابة، بل بمرض زحار صدري استفحل بدون علاج، بينما أقل قنينة أو حبوب مضاد حيوي كان سيحل المشكلة أو يخفف منها. ولم تنفع مآقي الطبيب النازفة دمعا. في سورية حربان. حرب واضحة، هي تلك التي تقذف فيها الدبابات والطيارات والبراميل المشتعلة نيرانها، والذبح اليدوي المباشر، والتعذيب المفضي للموت. والحرب الأخرى، خفية أوسع وأعمق، فإن كانت الحرب الظاهرة ستحصد عدد 200 ألف قتيل، فإن هذه الحرب الخفية قد ترفع العدد أكثر من ثلاثمائة ألف. أي أنها لا تقل فتكا عن الحرب النارية الظاهرة. بل هناك أسوأ. الأطفال الصغار يموتون في حاضناتهم بأعداد كبيرة في مستشفيات خالية العدة والعتاد داخل…
الإثنين ٠٧ أبريل ٢٠١٤
إرفاين - كاليفورنيا - مساء الثاني من أبريل الجاري. تقاطر طالبات وطلاب مبتعثون في قاعة الاجتماعات بمجمَع سبكترم بمدينة إرفاين، وازدحمت القاعة بالوجوه النضرة الشابة المتطلعة الطموحة، ودارت بيننا الأحاديث المختلفة في جو مشحون بالفرح والمعرفة والتساؤل والتطلعات.. وكانت هناك في ركن قصي بنت منزوية منكسرة وكأنها تود الاختفاء، أو كأن حزنا طاويا يعصرها وينفيها في مكان غير الذي نحن فيه. بعد فض الاجتماع، كان طبيعيا أن يتقدم بعض المجتمعين أفرادا، يعرضون حالات أو إنجازات، أو آراء أو مواقف شخصية، وهذا يأكل وقتا كبيرا.. والبنت باقية في مكانها لا تتحرك، يدها على حجابها الصارم. تقدمت بعض الفتيات ليلفتن انتباهي أنها تنتظرني ولن تتحرك حتى تبدي ما جاءت من أجله.. لم يخفَ عليّ وجودها ولا حالتها النفسية. تقدمت لها وهي على كرسي منزوٍ يضع الرتوش الأخيرة على اللوحة الحزينة. قالت لي: لقد تقدمت للملحقية بواشنطن لقبولي في الماجستير كما هي الإجراءات المتبعة، خصوصا أنني أنهيت البكالوريوس في مادتي التي جئت من أجلها، مع موافقة مسبقة للماجستير.. ثم حصلت على موافقة من جامعة جيدة ومعترف بها وأرسلت للملحقية، إلا أن الملحقية لم تقبل بحجة أن هذا لا يوائم دراستها في البكالوريوس. جيد، الفتاة بحثت عن جامعات أخرى تقبلها في المجال الذي تريده الملحقية ولكن الملحقية لا ترد.. أو أن المشرفين لا يردون.…