الثلاثاء ٢٤ ديسمبر ٢٠٢٤
- أكثر عبارة يكرهها طالب الوظيفة أن تقول له: حاول تقدم طلبك على «الأونلاين» عبر موقعنا. - أكثر عبارة توترنا هذه الأيام أن يردد أحدهم أمام أحدنا: يجب عليك ألا تنظر إلى الجانب الفارغ من الكأس، بل إلى الجانب المليء منه. - أكثر عبارة لا تروق للشحاذ أن يسمعها، أن تقول له: الله يعطيك. - أكثر عبارة تغيظ أي تاجر أن تقول له: نفس هذه البضاعة عند جارك أرخص، ويمكن أحسن. - أكثر عبارة توتر الزوجة وهي تهاتف زوجها أن تسمع تسجيل صوت تلك المرأة المكهرب: «إن الهاتف الذي طلبته مغلق، يمكنك محاولة الاتصال مرة أخرى». - أكثر عبارة تصدم الموظف آخر الشهر، تلك العبارة الظاهرة على الشاشة أمامه، إن المبلغ الذي تحاول سحبه يتجاوز رصيد حسابك. - أكثر عبارة يمقتها الخريج الجديد، والباحث عن وظيفة: أرسل لنا الـ «سي في». - لو أن البقرة تعرف المحاورة، فربما كانت أشد العبارات توتراً لها، أن يأتي شخص على مهل، ويسألها بطريقة متكاسلة: «في حليب»؟ - أكثر عبارة كان توتر «دريول تاكسي مال أرباب» قديماً، حينما تطلب منه أن يوصلك في أبوظبي إلى عنوان سكنك في منطقة 17، حوض 9 شارع 23. - أكثر العبارات التي تقلب مزاج الكثير منا، تشبث الكثير من دعاة دع القلق وابدأ الحياة بتلك العبارة: خطط حياتك،…
الأحد ٢٢ ديسمبر ٢٠٢٤
«خليجنا واحد.. وشعبنا واحد»، هكذا كان شعار دورات كأس الخليج منذ انطلاقتها في السبعينيات، كانت بطولات جميلة وقوية بأحداثها وفعالياتها وحضورها ومفاجآتها! - أول بطولة لدورة كأس الخليج لم أحضرها، ولم أشاهدها، ولكني سمعتها من خلال ذلك الراديو الصغير الذي لم يكن يفارق طفولتي، كانت البطولة في الكويت، ومشاركة الإمارات لأول مرة، والمباراة بين البحرين والإمارات، ويومها فجرّت الإمارات مفاجأة من العيار الثقيل، أيام «بوشنين» وجاسم محمد ويوسف محمد وإبراهيم رضا وسهيل سالم وحمدون. - لم تعد دورات الخليج كما كانت عليه في أيامها الماضية، كالثمانينيات والتسعينيات، حيث كانت الألفة والمودة والفرح باللقاءات الأخوية، كانت بمثابة مهرجانات حقيقية للخليج بأجمعه، تجمع الرياضة بالفن والغناء بالأعمال المسرحية والأنشطة المدرسية، وبعض الألعاب المصاحبة، كانت هناك عِشرة ومرحبانية، وروح رياضية خليجية. - أيام دورات الخليج الأولى كانت هناك في البداية رياضة شبه بدائية، لكن جمهورها كان كبيراً، وفي غضون وقت قليل تطورت الرياضة من خلالها، فدفعت بمنتخبات خليجية أربعة للوصول لكأس العالم، وبدولة منظمة، ودولة أخرى ستنظمها في السنوات المقبلة، وهذا انتصار للرياضة الخليجية والعربية في العموم. - قبل الاستوديوهات التحليلية، التخريبية، ومصارعة المذيعين والمعلقين غير الرياضيين، كانت دورات الخليج تبدأ بابتسامة، وتنتهي بابتسامات. - دخول العراق الذي كان يلعب بطولة، وينسحب من الثانية، أضفى على دورة الخليج بعداً آخر، ومنافسة مختلفة، وحماسة…
الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤
من بواكير روائع الكاتب الكولومبي «غابرييل غارثيا ماركيز أو غابو كما يحب أن يناديه محبوه وأصدقاؤه 1927- 2014»، رواية «مائة عام من العزلة» أو بالإسبانية «Cien años de soledad» والتي كتبها «ماركيز» عام 1965 في المكسيك، وتتحدث عن كولومبيا، وظهرت عام 1967 في الأرجنتين، ثم ترجمت إلى ثلاثين لغة، وتعدت نسخ طباعاتها 30 مليون نسخة، نقلها إلى «العربية» الصديق الغائب «صالح علماني» المترجم الفلسطيني الذي ولد في حمص، وتوفي في بلنسيه، نال عنها كاتبها جائزة نوبل للأدب عام 1981، هذه الرواية التي بقيت حبيسة الكتب، لم يسمح «ماركيز» بظهورها على الشاشة، مثل بقية أعماله، فقد كان يعارض هذا الأمر، ولا يرضخ لأي إغراءات مادية، سبقتها إلى السينما أختها الصغرى الجميلة للغاية رواية «الحب في زمن الكوليرا El amor en los tiempos del cólera»، وقد ترجمها لـ«العربية» أيضاً المترجم «صالح علماني»، عام 2007، وجسد شخصية البطل فيها الممثل الإسباني الرائع والحائز جائزة الأوسكار عن تمثيله فيلم «لا وطن للعجائز No country for old men» «خافيير بارديم»، لكن الفيلم لم يرتقِ لجمال الرواية بعكس رواية «قصة موت معلن» ورواية «ليس لدى الكولونيل من يراسله» وهما من ترجمة «صالح علماني» أيضاً، لأنهما تحولتا لأفلام قوية للغاية فنياً وأدبياً. الحديث عن تلك الرواية العالمية «مائة عام من العُزلة» يتجدد الآن بعد عرضها كمسلسل من…
الثلاثاء ١٠ ديسمبر ٢٠٢٤
دمشق.. والمجد دمشق، دمشق.. وإن بكاك القلب، فأنت شطر القلب.. بل والقلب أنت.. دمشق والدمع يخضب قدميك، ولا دمع إلا لك، تاج العُرب، وعمائم العز أنت.. أبكيك وإن بكيت، فلا أبكي زمني ولا أهلي، ولا عرق خَيل الفتح، ولا سورة الفجر والنصر. ليت عيني ما رأت، ولا عشت وقتاً أشهد نحيب السيف اليعربي، ولا العمائم المسدلة على صدور بني أمية، ولا حدائق الياسمين المطوقة برماد الرصاص، ولا نطق الضاد الخرساء، يالضيعة تاريخ سطره العرب، دمشق وحين نقول دمشق يفز ما في الصدر وينكسر.. دمشق وإن بكت دمشق يئن الضلع الأعوج من وجع، ومن ألم، دمشق أين الليل والسهر والصدق والشعراء؟ أين الأصدقاء؟ ما برحوا يغنون ليلهم وليلاهم في دروب النجم وما هوى، أين السفر؟ لا الدروب موصلة، ولا النجم هادٍ، ولا القمر، تائهون على ضفاف الشط وبرد المهجر، غارقون في البحر، دمشق وإن قالت البيداء والفيحاء تلك كانت حاضرة، وهل غير دمشق هي الخبر، أحنّ لطيب الماء، وظل بردى، والعنب حين يعتصر.. دمشق وحين أبكيك، أبكي الشام وجُلَق وآرام، وعرب ذلهم عجم.. أبكي جرح قلب منفطر.. دمشق وإن طافت النوائب بِنَا فليل العجز ينهزم. ما أبعد الشُّقَّة، وزمن يطوي زمناً، ولا بقايا إلا خرائب الوقت، وما صنعت أيدينا من رجس، ومن دَنَس وكفر، ما أبعد دمشق التي علمتنا حروف الهجاء،…
الإثنين ٠٩ ديسمبر ٢٠٢٤
لعلها من بشائر الخيرات في عامنا المنصرم، وجلال الأمنيات لعامنا المقبل، أن تحظى العين، تلك المدينة التي تتوسد التاريخ منذ قرابة 4000 عام، بأن يتولى مقاليد أمر شؤونها، وإدارتها، وبعد صدور الأمر السامي من رئيس دولتنا وقائدنا صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وبصفته حاكماً لأبوظبي، سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، الذي يعرف العين مثل كف يده، وتعرفه العين منذ ولادته، فهو خير صادف أهله، وفضل ومِنّة من الله بدوام عهده، فالعين دار الزين تستحق الكثير، ويمكنها أن تقدم الكثير، فأرض الولادات والخيرات لا يخيب نسلها، ولا يعيب بذرها. العين هذه المدينة التي عرفت تاريخياً بمسميات كثيرة ومختلفة عبر التاريخ الطويل، فقديم عهدها يعود إلى 300 عام قبل الميلاد، لكن تاريخها الموغل في القدم يعود إلى 4000 عام، حيث يعود أقدم وأهم أفلاجها التاريخية، كما هو مدرج في الإرث الإنساني والتراث الحضاري لليونسكو، إلى 3500 سنة، وهو من أقدم الأفلاج في العالم، وهو مبني بطريقة هندسية عالية الدقة، تصميماً وعملاً، وقد حضرت في أشعار العرب الأقدمين، وكانت معسكراً لجيوش الخلافة الراشدية في فترة حروب الردة، وهي نقطة تقاطع تجاري مع حضارة بلاد الرافدين، وبلاد فارس، وما الجرار الفخارية التي يحتضنها متحف العين إلا دليل الخير وغلال القمح والشعير، وقد نقل لنا الأولون أنها كانت تزرع البُر…
الأحد ٠٨ ديسمبر ٢٠٢٤
كم كان الأمس يوماً جليلاً بحضوره، وطيب مقامه، وتلك التغرودة المنبعثة من القلوب والحناجر في شف الوطن والقائد، ولعلها من الأمور الحميدة، والأشياء الجميلة التي تتكرر كل عام، وبالتوازي مع احتفالات الدولة بيومها الوطني، أن تقام مسيرة راجلة مرة في الطريق من قصر المنهل إلى قصر الحصن، ومرة في مهرجان الشيخ زايد للتراث في الوثبة، وربما في قادم الأيام تتكرر في أماكن مختلفة من الإمارات، فنراها في الفجيرة مثلاً، ومرة في أم القيوين، وأخرى في «سيح سديرة»، حيث شهد ذاك المكان أول انبثاق ضوء الوحدة والاتحاد والمسيرة الخيّرة لدولة الإمارات بين زايد وراشد، عليهما شآبيب الرحمة، وكثير المغفرة، أو من بيت الشيخ زايد القديم من قلب العين إلى قصر المقام حين توقفت الجماهير يوماً مناشدة وعازمة ومعاضدة للشيخ زايد رئيس الدولة بالعدول عن قراره، وعدم التنحي؛ لأنه القائد المؤسس، رجل الخير والبركة والمشروع الاتحادي الكبير، ومواصلة مسيرة الاتحاد الخيّرة، حلمه وحلم الناس، وأنه فوق كل الصعاب، ومذلل ما يعجز عنه الرجال، يومها ولأول مرة أشهد ترقرق الدمع في عيني ذلك الرجل التاريخي الاستثنائي، لقد كان ذاك الدمع جراء ما رأت عيناه مقدار الحب، وعظمة الود وصدق الرجال المتقاطرين من كل مكان في مسيرة تشبه مسيرة الاتحاد اليوم، كانت عفوية وصادقة انطلقت يومها ماشية من جامعة الإمارات للمقام. هذا اللقاء السنوي…
الأربعاء ٠٦ نوفمبر ٢٠٢٤
تحظى الانتخابات الرئاسية الأميركية بزخم من المتابعات والتوقعات والتحليلات من مختلف جهات العالم، لأنها المؤثرة على من سيدير «البيت الأبيض»، مقر الرئيس الأميركي في واشنطن، الذي تحول بفضل ذاك الحريق القديم من اللون الرمادي إلى الأبيض، ثم ترسخ كواقع سياسي يعني إدارة شؤون بلدان كثيرة في العالم كون أميركا قوة عظمى أو كما أصبحت قطباً عالمياً وحيداً. طالما كانت المعركة الانتخابية الأميركية بين شعاري الحزبين العتيدين، الفيل والحمار، والتي لها قصة قديمة تزيد على القرن ضمن السباقات الماراثونية في الانتخابات الرئاسية الأميركية، لكن، وبعيداً عن مصطلحي «صناعة الانتخابات»، و«صنع الرئيس» المستخدم في أميركا بالذات، يغيب سؤال عن المتابعين غير المتخصصين، والذين يعتبرون الانتخابات الأميركية بمثابة مباراة محتدمة الوطيس، وانحيازهم لأحد المرشحين من دون معرفة حتى برنامجه الانتخابي، من الذي يقرر فوز الرئيس الأميركي، هل هم أفراد الشعب؟ أم أن هناك مؤسسات مختلفة ومتعددة في المجتمع الأميركي هي التي تقود مثل تلك الحملات بطريقة غير مرئية لتشكل في النهاية رأي أغلبية ستنتخب المرشح الذي يأملون فيه خدمة مصالح أميركا العليا، وإبقاءها سيدة العالم، والقوة العظمى فيه؟ شخصياً أميل إلى عمل تلك المؤسسات التي لها طابع التفكير الأيديولوجي، والدراسات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المتعمقة، والتي تعمل كحكومة ظل متوارية عن الأنظار، غير أن تأثيرها في نسيج المجتمع الأميركي كبير، خاصة وأن المجتمع الأميركي…
الإثنين ٠٤ نوفمبر ٢٠٢٤
يتقارب تاريخ وفاة الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، بيوم، وانتخاب المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ خليفة رئيساً للدولة في يوم، وسم بتسميته يوم العَلم، وتلك وصية من المؤسس ومن خلفه بأن يكون هذا العلم الذي وحّدنا قطباً ومنارة نهتدي بها على الدوام، ونحتفي به كل عام. ولأنه من أجل كل شيء جميل في بلادي، ومن أجل تلك الراية التي لم تسع إلا في الخير، ولم تسلك إلا للخير، عوناً للصديق وسنداً للأخ، وخيراً عميماً ومغدقاً على الجميع ممن نتشارك معهم تلك الروح الإنسانية الغالية، بشارتنا التسامح، ورسالتنا المحبة، نقف في الثالث من نوفمبر كل عام صغيراً وكبيراً، قريباً وبعيداً نحيي العلم في يوم العلم، لأنه يستحق الكثير، ويستحق تذكر الرحمة على كل من شارك في البناء والتأسيس، وصياغة ألوان علمنا بفخر وشرف وصدق ووطنية، ونقف من أجل رئيس دولتنا «أبو خالد» فخر الرجال وعزهم وعزوتهم، رمز الخير والعطاء والسماحة وقبلتهم، ولأخوانه نخوة الدار، عن يمينه، وعلى الشمال، هم سيف وغمد، عين تغفو، وعين تحرس، وهم أجنحة الأحرار، بهم حلّقنا بعيداً في العالم، وهم رواسي الجبال بهم ذهبنا عميقاً في الوطن، ومن أجل أهل الدار، هم عمادها، وهم ذخرها، وهم المرتجى من كل شيء، والمؤمل في كل شيء، بهم ومعهم سيكون الغد أجمل، والوطن أكبر، والخطى المرسومة بختم زايد المؤسس،…
الإثنين ٢٨ أكتوبر ٢٠٢٤
- أعتقد جازماً أن اختراع «السيستم»، وتيسير دخوله في حياتنا العملية، كان يراد به التسهيل، وتوفير وقت وجهد الناس، والاندماج في منظومة الحياة العصرية بعيداً عن التعقيد الإنساني وصعوبة اشتراطاته، والبيروقراطية التي خلقها الموظفون المتكلسون، وما تجرّ وراءها من محسوبية ورشوة. - البعض من المتضررين من السيستم صار يرمي كل الأخطاء على السيستم، والأعطال المفاجئة في السيستم، وعدم رضا الناس عن بعض المعاملات بسبب السيستم وطريقته الجافة، وعدم فهمه للظروف الإنسانية، كل ما يعترف به هو فقط أن تكون كل الخانات معبأة بالطريقة التي يفهم ترجمتها. - اليوم لا شك هناك فراغ غير ممتلئ بين التطبيق القديم، وتطبيقات السيستم الرقمي أو الآلي، وهو أن الإنسان أحياناً بحاجة إلى التعامل مع الإنسان، يعني أخذ وعطاء أو صدّ وردّ، وأن السيستم كثيراً ما يغيظ المتعاملين الذين نَفَسهم قصير أو من متقلبي المزاج، يعني بالمحلية، مرات المراجع يريد أن يتفاتن أو يتعارك مع موظف مختبئ خلف زجاج سميك. - البنك يسحب من بطاقتك ثلاث مرات، ونفس المبلغ، بدون حتى رسالة نصية كالعادة، فتشك في الموضوع، خاصة والآن هناك سرقات عابرة للقارات ومن خارج المياه الإقليمية، فتتصل لتفهم، لكنك تجد الموظف الآلي أو يحيلونك للدخول على التطبيق الرقمي، فلا تجد جواباً شافياً، وليس هناك شرح مفصل عند السيستم، فتسمع نصيحة طلب المساعدة من أحد…
الأربعاء ١٦ أكتوبر ٢٠٢٤
ليس من شيء أثقل على صدر الإنسان، ومدعاة لحريق ماء العين مثل رؤية شخص ودعته الأضواء، وتناسل عنه الأصدقاء، وتنكر له المعارف، ونسيه من كان يقصده في عزه ومركز عمله، وهو اليوم وحيدٌ في تقاعده يحاول أن يتعثر في أي شيء ليعمله، ويمضي وقته بطيئاً ودون فائدة يعدها، يحاول أن يتصالح مع الأمراض التي خلفها القعود وخريف العمر، تماماً مثل مشاهدة شخص كان في يوم ما فارساً وخيّالاً من خيالي القبيلة، ينتخي إذا ما حزّت الحزّة، وسمع الصائح، وهو اليوم في الزمن الجديد يعمل حارساً لمدرسة ابتدائية تضيق به أسوارها وتصرفات العود الأخضر من الجيل الجديد، أو أن ترى عجوزاً كانت في صباها تزاحي الحجر، تعمل كل نهارها في البيت والنخل، وفي المساء تحمل على رأسها «قلالتين جت» مضحى لدبشها، وطفلاً على خاصرتها، تمشي من مطلع الهملة حتى المعترض، تُرَوّي من الفلج، وتصل إلى بيتها لتعد عشاءها، تتذكرها اليوم وهي في وحدتها وقد تناثر أبناؤها، ولم يتبق لها إلا خادمة إندونيسية تحاضيها وتراعيها، وتذكّرها بدوائها!. إذا كان النسيان والجحود يثقلان القلب، فكيف بالعقوق والنكران؟ مثل ذلك الشايب المرمي في دار العجزة، يعاني من عقوق الأولاد والخرف وتنكر الزمن، مثل أم أجبرتها زوجة الابن أن تدفن حياتها مبكراً في مأوى للمسنات بعيداً عن أحفادها وجاراتها والناس، مثل أخ كبير، كبّر إخوانه،…
الأحد ٠٦ أكتوبر ٢٠٢٤
زمان وعلى أيامنا، وفي الصفوف الثانوية كنا ندرس في القسم الأدبي مادة الفلسفة، ومادة المنطق، ومن خلالهما مادة تسمى «الأخلاق»، راح الزمان، وجاء من شطب الفلسفة من المناهج، لأنها أم المعرفة، والمحرضة على الأسئلة، والداعية لسمو النفس، وتهذيب الأخلاق، والرقي بالإنسان من خلال الحق والخير والجمال، حارب أهل النقل الفلسفة، لأنها تعلم الأسئلة، وتعلم اليقين، والوعي بالإيمان بالخالق وبالإنسانية وبالأوطان، وتمنع الكفر، وتدعو للفكر، مضت السنون، ومناهجنا التعليمية كل يغرس فيها بذره وفكره في غفلة منا أو بسبب بساطتنا، وعادية الأمور، ولم نكن ننظر للأشياء بغير نظرتنا التي تحمل الطيبة وفعل الخير، وكنا نصدق كل من سمى باسم الله، وصلى على النبي، ولم يدر بخلدنا عن أي أجندات يمكن أن يحملها من آويناه في ديارنا، وأطعمناه من زادنا، وأصبح منعماً، وآمناً ومستقراً بيننا ومعنا، حتى اختلطت الأمور، وهاجت الدور، وعنك ودونك، حتى ابتلّت اللحى، ووصلت النيران بيوت الجيران، فتبينت لنا الأشياء، وانجلت الغشاوة عن العيون، وانشرحت الصدور، وإذا بالطلاب الذين لم يدرسوا الفلسفة، درسوا شيئاً غيرها، وإذا بالذين كنا نعوّل عليهم طرح أسئلة بشأن المستقبل والوطن ودروب تحضره، يخافون من الأسئلة، ويخافون ممن لقّنهم السمع والطاعة. تلك القضية.. من موجبات إعادة التفكير في تدريس الفلسفة للطلبة، وبالتدرج والتبسيط، ومن ضمنها مادة الأخلاق التي أفرحتني فكرة إدراجها في المنهج التربوي، لكن…
الجمعة ٠٤ أكتوبر ٢٠٢٤
مرة.. ضاعت مني محفظتي في باريس، وأنا نازل من سيارتي في موقف بجانب العمارة، لكنه يطل على تقاطع شوارع، ومحط دوس الأرجل من المارة، انزلقت من جيب البنطال الواسع، موضة ذاك الوقت، وكانت عامرة بالنقود، والبطاقات، والهويات، وفجأة شعرت أن الإنسان في المدن الكبيرة عبارة عن رقم تعريفي، وورقة، وبطاقة، ومجموعة أرقام، وقعت المحفظة في يد شاب لم يرحمها، فأوصلها بعد مدة، ولكنها خاوية، ذاوية، فعنّت لي كتابة مقامة من مقامات الهمذاني في العيّارة والنشّالة، وفي وصف أمين الزمان الحرامي: أبدأها بالشكر والامتنان، لكلّ من سأل عن حالي، وتلمس أخباري، وأحوالي، في عزّ محنتي، وفقداني محفظتي، وسرقة أموالي، فالمعدن الطيب لا تفضحه النيران، يظل لامعاً براقاً على طول الأزمان، هذا ما غاب عن أصدقاء باريس والجيران، الذين اكتفوا بهزّ رؤوسهم، ورفع كتوفهم، دلائل التأسف والحسران، تذكرت أرض الخير وأهل الخير، وطن الجود والكرم والإحسان، تذكرت كيف إن اشتكى عضو تداعت بالسهر والحمى سائر أعضاء الأبدان، لم تدهشني المفاجأة، ولم يقعدني طلب المكافأة، فهذا دستور آخر الزمان، وليس لي في هذه العاقبة غير الصبر والسلوان. في بلاد الإفرنج، ليس هناك أخ فتنتخيه، ولا ابن عمّ فتنتصيه، الكلّ يركض وراء الوقت، والعمل، والمال، ولا قيمة لكلمة الرجال، الجميع يرقدون على القرش رقدة الجبان، لذلك اكتفيت بالتحسر والتذمر، ورفع أكف التضرع للمنان، عله…