الأحد ٠٣ أبريل ٢٠٢٢
• قبل البدء كانت الفكرة: هو أول رمضان معافى بعد سنتين من «الجائحة»، والتعقيم، وإشارات التنبيه والتذكير الإلكترونية، والحجر، والحظر، والتباعد، ومنع الصلوات جماعة، لا تهجد، ولا عمرة في رمضان، وكل تلك التداعيات التي نريد أن لا نتذكرها، لأنها غيبت طقوس رمضان، وفرضت شكل رمضانها الذي لا نعرفه ولا نحبه، ولا نعرف نهاره من لياليه. • خبروا الزمان فقالوا: - «لا تقدر أن تحكم شعباً، إلا إذا دليته على المستقبل، لأن الحاكم هو تاجر الأمل». نابليون. - «جائزة «نوبل» هي بمثابة طوق نجاة يلقى إلى سبّاح ماهر، شارف الوصول إلى الشاطئ». برنارد شو. - «أن تحاول جعل شخص يحبك، أمر عبثي، تماماً مثل ما تحاول أن تمنع نفسك من حب شخص ما». «المرأة هي التي تختار الرجل الذي سيختارها». • شوارد المعرفة: ديانة إنسان أستراليا الأول أو سكان أستراليا الأصليين «الابوريجان»، يؤمنون بإله واحد خالق، يسكن في أعالي السموات البعيدة، لا يطاوله أحد، ولا يصل إليه أحد، في حياتهم اليومية يدعون ويتلمسون العون من الكائنات ذاتية النشأة «Autogènes» التي تحوم بين السماء والأرض، محافظة على ضبط وتنسيق النظام الكوني، لديهم شعائر وطقوس دينية مرتبطة بعادات وتقاليد اجتماعية، وبعضها سرية، لديهم الختان، وتشقيق أسفل الأحليل، بالنسبة للأولاد، وهي طقوس معقدة، تسمى «الموت الرمزي»، لكنها أقل مما يتوجب على البنات عند بلوغهن،…
السبت ٢٦ مارس ٢٠٢٢
هناك بلدان بذاتها ومن دون غيرها تطرح نفسها على أنها أرض للأحلام، أرض من ماء ولبن وعسل، أرض للحريات، وقلاع للأمن والأمان، وبذا تسوّق الأحلام العديدة فيها، مستقطبة كل الطامحين والمغامرين والحالمين، ولعل أميركا هي صاحبة الحلم الأكبر، منذ عروق ذهب «الدورادو»، ومنذ فتحت أميركا لكل الغرباء، ليتمكن كل شخص بحسب مقدرته وموهبته وحتى بحسب مطاوعة نفسه للخروج عن القانون من أجل تحقيق آماله في تلك الأرض البكر، جاؤوها من كل بقاع العالم ليصنع كل واحد منهم «أميركته» المتخيلة، ولعل السينما كانت واحدة من وسائل الترويج عن هذه الأحلام المشروعة وغير المشروعة، حتى أطلق على السينما والتلفزيون «علبة الأحلام». في أميركا تحققت أحلام، وتحطمت أحلام، ودفنت أحلام، كان بإمكان أي شخص، من مهاجر عربي أو متسلل مكسيكي أو مستعمر إيرلندي أو مستعبد أفريقي أو بحار إيطالي، أن يصبو بحلمه الشخصي، وربما تعداه في تحديه للواقع، وفرض مغامرته، والوصول بها إلى آخر مدى، لكن بقي حلم جماعي يختلف عن الأحلام الشخصية، وهو أن يخلقوا بلداً متقدماً، ومتطوراً في القانون من أجل أن يستوعب كل هذه التركيبة السكانية، وقد نجت الأحلام الشخصية أكثرها، بالرغم من ضريبتها العالية، وهي ضريبة ثقافية واجتماعية، قبل الضريبة المالية، مثلما نجح الحلم الجماعي، صانعاً مكوناً ثقافياً مختلفاً وبديلاً، بدأت أميركا نفسها تصدره للعالم الذي تخلى عن الاستعمار…
الإثنين ٢١ مارس ٢٠٢٢
للأمهات في كل مكان.. الزارعات الحياة بالأمل، والكاسيات الألم ببسمة شفاء، لهن ومن أجلهن يمكن أن يضحك القلب، وترف العين بدمعة السعادة، للصابرات في كل مكان، المتحملات ثقل الوقت، وهزيمة الزمن، وجحود البعض، للمُتعَبات منهن لفراق أحبتهن، المرسلات فلذات الكبد إلى مرافئ العالم، وخلف بحور الشقاء.. لهن اعتذار قبل التحية، اعتذار قبل الشكر، اعتذار كثير ليتها تقبله، وشكر جزيل ليته يوفها حقها، ونحن بين الاعتذار والشكر، نتلمس صيغة، غايتها مسح الخطأ والخطايا، وتقديم المعروف ناقصاً ومتأخراً، لطول بالها وتعبها وألمها وشغفها وهلعها، دمعتها التي تخبئها عن الضنا إن غاب أو حضر. للسيدة الجليلة في عيدها باقة من ورد أكثر وأكبر، أكثر من الاعتذارات، وأكبر من الشكر، باقة من حب يليق بسيدة العالم.. تلك التي تحتضن البدايات البكر لكل الأشياء الجميلة في الحياة، مانحة لها ذلك التأنيث وذلك الارتواء وذلك العطف الذي لا ينتهي.نتذكرها اليوم.. ونَحنّ لكل تفاصيلها في المشهد، وكل خطواتها على بساط الحياة، الذي لم يكن أملس طوال الوقت أو أخضر على الدوام، نتذكرها بفرح طاغٍ، متمنين لو بقينا مثل أطفال الحكايات في قصصها المسائية، لا نكبر إلا في الرأس، ولا نغادر إلا حين نحلم أو نطير مع أبطال الزمان أو حين يغلبنا النوم على رجلها أو دفء حضنها، لا نبرح المكان، ولا نبرح ذاكرتها. اليوم·· هي ذاك المشهد…
الإثنين ١٤ مارس ٢٠٢٢
- لماذا ارتبطت الرياضة بنوع من التعصب؟ حتى اخترعوا لها مصطلحاً للتقليل من هذه الغوغائية مثل: «خليك رياضي» أو «خل عندك روح رياضية» أو تحلَّ بالروح الرياضية، كل ذلك من أجل ألا يتحول اللعب إلى الضرب تحت الحزام أو استعمال كتف غير قانوني، أو خروج اللعبة عن أهدافها الحقيقية، وأصبح الركل والرفس وتوجيه ضربة رأسية أو استعمال قبضة اليد في كرة القدم، وانتقل كل ذلك من أرض الملعب إلى المدرجات وجماهيرها، واختلط الحابل بالنابل، وتحولت مباراة كرة القدم إلى لعبة المصارعة الحرة، الغريب أن تلك المباراة في العراك والاشتباك تجد لها مشجعين ومتفرجين. - يعني مثلاً ما شفنا جمهور الحفلة الموسيقية الأوركسترالية خرجوا عن السلم الموسيقي ونشّزوا، واستعملوا آلاتهم الموسيقية والنحاسية منها بالذات في إيذاء الطرف الآخر أو سمعنا مرة وبعد انتهاء الوصلة الموسيقية، أنهم تخلوا عن التصفيق والتشجيع، وحين همّوا بالخروج من الأوبرا تحولوا فجأة إلى مصارعين وملاكمين أو اعتدوا على «المايسترو» لأنهم يعرفون أن عصاه قصيرة، ولا تؤذي أحداً! - لماذا بعض المشجعين المتعصبين يريدون أن يرجعونا لأيام دوري «السكيك»؟ أيام يرمي الفريق المهزوم باص النادي الفائز بالحصى أو يتعمدون أن يرسلوا مشجعاً قصيراً ونحيفاً، ولا يبدو من هيئته أنه رياضي أو قد مارس الرياضة فعلاً، هذا القصير البصير لا يهمه اللعب، ولا يتفرج على اللعب مطلقاً، فقط…
الثلاثاء ٠١ مارس ٢٠٢٢
نعيش اليوم في كم هائل من إعادة التدوير لما يطرح من صناعة السخف والتفاهة في عالمنا، حتى أصبحنا محاطين بكل أنواع الابتذال والاستهلاك اليومي لكل ما كان له محتوى ومعنى في حياتنا السابقة، من فنون وآداب وحياة اجتماعية راقية، وتبادل أفكار ونقاشات وفعاليات لها قيمتها العالية، وتضفي الجديد والمفيد من المعارف والعلوم، لكن حين انحازت الحياة الجديدة لصناعة السخف والتفاهة، توارى الناس الجميلون والفاعلون والمبدعون والمؤثرون في الحراك الاجتماعي، وظهر البديل الجاهل والفارغ، والذي تدعمه بعض مؤسسات المجتمع، وتخدمه وسائل الإعلام، فقط لأنه «ترند»، ولأن متابعيه بالألوف المؤلفة، وهم على شكله وشاكلته، هذا الذي سيسمى من الآن من المؤثرين في وسائط التواصل الاجتماعي، رغم أننا نجهل حقيقة تأثيره، إلا فيما يصدّر من بضاعة بائرة كلها غث، وشبيهة بزَبَد البحر، هذا المؤثر «اجتماعياً وإعلامياً» كما يقال عنه، لو تصور صباحاً مع فنجان قهوة باردة، وقطعة «كرواسان» بائتة، فستحظى مشاركته من المتابعين على مئات الألوف من كلمات الإطراء والإعجاب والمشاركة و«إعادة التدوير»، وكل الذي فعله تصوير فيديو بطريقة ساذجة، وظهوره بنظارة شمسية يحرص على إظهار ماركتها ليعزز مكانته الاجتماعية في قلوب محبيه، ومن يتخذونه قدوة في هذه الحياة، مع طاس قهوة لم يتذوقها، ولكنه أبدى إعجابه المبالغ فيه في نوع القهوة، وتصنيف المقهى، وأن كل شيء هنا، و«لا غلطة»! طبعاً لو كان…
الأحد ٢٧ فبراير ٢٠٢٢
من قال إننا لا نتعلم من الصغار؟! إننا كثيراً ما نتعلم ما دمنا صغاراً، وحدهم الذين تقسو قلوبهم وعقولهم يكفّون عن العلم والتعلم ونشدان المعرفة ولو جاءت بطريقة مجانية من حكماء وبصيرين، وعفوية من قبل أطفال. إجازة هذا الأسبوع ألزمني بها الولد الذي يدرج نحو التاسعة، حين قرر أن يصبح صديقاً صغيراً لي، فرحت لأنني قررت أن أكون منصتاً أكثر من متحدث، وألا أعقد تلك المقارنة الظالمة بين طفولتنا ووعينا المبكر، لأسباب موضوعية، ومسببات فيها الخصوصية، وبين طفولة جيله. ترافقنا مع منصور إلى مقهى هو من اقترحه، لأنه جديد، وله خصوصية كونه فيه ركن يعد مأوى للقطط المنزلية بأنواعها المختلفة، هكذا قال لي بعد أن أبحر في الشبكة العنكبوتية، وتحاور مع زملاء صفه، وتواعدوا فيه لقضاء ساعات، طبعاً دخلوا على لائحة الأكل والشرب والحلويات التي يقدمها ذلك المقهى، وعرفوا أسعاره، وأسعار مجالسة القطط والتعرف عليها.. قادني كالأعمى، وفي الطريق شرح لي كل ذلك، في البداية قلت له: لا أعرف المكان، محاولاً جرّه واختبار فطنته، فقال: المكان يبعد عن بيتنا 25 كلم، ويستغرق الوقت للوصول له تقريباً 20 دقيقة، وبإمكانك التأكد من «غوغل ماب»، فطلبت منه أن يضبط التوقيت وخط السير من خلال هاتفي، ففعل بسهولة أفرحتني، في الطريق كان يتابع معي، ووجدت عليه بعضاً من التحفز، فعرفت أنه الشوق للزملاء…
الأربعاء ١٦ فبراير ٢٠٢٢
التلاقي الحضاري والتلاقح اللغوي سارا بالعربية ومعها أثناء الفتوحات الإسلامية، واختلاط العرب بالشعوب شرقاً وغرباً، الأمر الذي جعل العربية في حضرة القرآن والتعاليم الإسلامية واضحة الوجود في كثير من اللغات، ولدى الكثير من المجتمعات، ولعل اللغة التركية واحدة من هذه اللغات التي يضم قاموسها البالغ 111 ألف كلمة، منها 6500 كلمة عربية، خاصة فيما يتعلق بلغة الأدب والشعر والغناء، والصناعات والهيئات والدوائر الرسمية والقضاء، بالمقابل هناك كلمات تركية دخلت في حياتنا اليومية بحكم التواجد العثماني قديماً، والتبادل التجاري، وتلك العلاقة الطويلة والممتدة بين العرب والأتراك، ومن بين الكلمات العربية المستعملة في اللغة التركية: مدير، مديرة، سفير، سفيرة، عرصة، وهي الأرض المشاع، مع الأسف، مشترك، نقد، مدني، مغارة، مسافر، زكاة، زوجة، زنا، زيتون، زيادة، سعادة، ساحل، ساعة، سرعة، ساحة، ساكن، سراب، سبب، سحب، مرحبا، ساحر، سلاح، سفالة، تشكر، سياحة، سمسار، بلدية، سياسة، زراعة، صناعة، شركة، شراب، سجدة، شرف، شرط، شِعر، شهيد، شدة، شفاء، شهادة، صداقة، صاحب، صراف، ضيافة، ضعيف، عدالة، طبيعة، ظالم، عدالة، عاجل، عافية، علم، عناد، عصبي، عائلة، عاقل، عجباً، عيب، عمومي، فتنة، فائدة، فكر، وريث، يتيم، فرصة، قلم، ذكي، حُبّ، ضمير، مقام، ممنون، إلهام، أهل ذوق، بعض، ذات، نظر، وظَفَر. بالمقابل هناك كلمات عديدة جاءتنا من التركية ، مثل: مدمس، أتت من الديماس، وهي تركية تعني قدر النحاس الذي…
السبت ٢٢ يناير ٢٠٢٢
لذة وضع الرأس من التعب تختلف من شخص لآخر، تذكرت قول صديق إنه يمكن أن ينام على صخرة حينما يكون منهكاً تعباً، وتذكرت حال صديق آخر، كان لا يسافر إلا مع مخدته، يقول لا يأتيني النوم إلا عليها، ولا يهنأ لي أن أضع رأسي إلا في مكان آمن أعرفه، تجده من مطار إلى آخر، وهو «يشالي» بتلك المخدة، يحملها مثلما يحمل رضيعاً، وإن وضعها في الحقيبة أخذت نصفها، أما حالي فهو بين.. بين الصديقين، مع فلسفات ناقصة في قراءة المكان، بحيث يمكن أن أنام على الطَّوى، جوعاً، وأركب في «ركشا» إن تعذرت وسيلة النقل، ولكن لا بد من فندق عالي المستوى لكي أنام قرير العين، وإلا سيظهر لي ذلك الوسواس الخناس، لأني سأبحث عن قصص لهذا الشرشف الرخيص، والذي ما زال يرخص يوماً عن يوم، وتلك المخدة الرخوة، والتي تبدو بائسة حينها، وأتحسس مرتبة السرير إذا ما كان هناك أي بلل أو رطوبة منسية، والغرفة إن لم تكن تلمع من النظافة، يكون إبليس قد سبقني إليها. لكن السفر إلى المدن الموغلة في التاريخ، والتي نسيها الناس في غمرة المعاصر، وما برحت تدق بوابة الذاكرة الجماعية عند أناس مخلصين للحكايات، وسرديات المساء مثلي، هي مدن تختلف، ولا تحب أن تتنازل، فتلزمك لأنك تحبها أن تتخلى عن متطلباتك المرفهة، ولو كان جيبك…
السبت ١٥ يناير ٢٠٢٢
قليلة تلك الجدران التي تكون صديقة للإنسان، ولا يستشعر منها الرهبة والتحفز، وأقلها عدم الارتياح، حتى جدران غرفنا أحياناً نتوجس منها، وتجعلنا نضيق بها، وبأسقفها الواطئة، وشبابيكها شبه المغلقة دوماً. ــ جدران المدرسة، كنا نضيق منها صغاراً، ونتمرد على سورها ذلك الجدار المانع، ونحاول تخطيه في غفلة من الجميع، هروباً باتجاه فضاء مفتوح، لا ندري عنه. ــ جدران المنزل، حين تمنعنا تلك الجدران من الخروج واللعب ولقاء الأصدقاء واكتشاف العوالم التي خارج أسواره. ــ جدران مباني العمل، تشعرنا منذ أن ندخلها وقبل أن ندخلها أحياناً بضيق فردي، ضيق بمن فيها، ضيق بوتيرة العمل، خاصة ذاك الذي نحن مجبرون عليه، لأنه مصدر الرزق الوحيد، ربما ضيق من ذلك المدير الذي يريد أن يفرض سيطرته في مكان وهمي وليس دائماً له، فارضاً جواً من الخشية، وعدم الارتياح، وانعدام روح الصداقة والزمالة، وسعي النميمة والغيبة والحسد، سعي أفعى خرافية تربت وكبرت في ذلك المكان، واستأنست بجدرانه. ــ جدران البنوك، لا توحي للكثيرين بمزيد من الثقة، والطمأنينة، تشعر ببرودتها المفتعلة، ورائحة المراباة الملتصقة بها، وأنها لن تكون لك سنداً في المعضلات، وأنها كثيرة الغمط لحقك، تشعر براحة ذلك اليوم الذي لا تجبر فيه على الدخول، ورؤية جدران البنوك الصامتة عمداً، وكأنها صُبّت أمام وجهك. ــ جدران المطارات فيها شيء من الخوف والتوتر، ربما مرجعه…
الثلاثاء ٠٤ يناير ٢٠٢٢
لم يرد عام 2021 أن يودع أيامنا التي كانت في غالبها قاسية وموجعة فيه على الكثير، من دون أن تخطف روزنامته ورقتها الأخيرة بنبأ وفاة الكاتب والناقد والمفكر التنويري، ووزير الثقافة المصري د. «جابر عصفور» عن عمر لم يكمل السابعة والسبعين، قضاها بين أروقة الجامعات العربية والأجنبية معيداً، وقضى شطرها الأكبر باحثاً وناقداً ومجدداً، وما سمح به وقته القصير المتبقي وكيلاً لوزارة الثقافة، ثم وزيراً، ورئيساً للمجلس الأعلى للثقافة والفنون والآداب، حيث قام بمهمة جميلة خدم بها الثقافة العربية من خلال مكتبة الأسرة وإصداراتها المتنوعة، والتي كانت في متناول المواطن الفقير، والترجمات المختلفة من اللغات الأجنبية إلى العربية، من خلال المجلس القومي للترجمة. «جابر عصفور» لا يمكننا القول عنه إلا أنه خسارة للثقافة العربية الجديدة، وإنه كشخص كان يجسد مشروعاً ثقافياً عربياً تنويرياً متكاملاً، وهذا أمر قلما تجده في الشخصيات الثقافية العامة، مثلما تجده في «جابر عصفور» وأمثاله؛ «طه حسين وثروت عكاشه وعبدالوهاب المسيري وجمال حمدان وأدونيس والجابري» باختلاف الاهتمامات وتنوع المجالات، ووفق الظروف الموضوعية. ولد د. «جابر عصفور» في مدينة المحلّة الكبرى بمحافظة الغربية، نال ليسانس اللغة العربية من كلية الآداب في جامعة القاهرة عام 1965، وأكمل دراساته العليا فيها الماجستير (1969) والدكتوراه (1973)، عمل أستاذاً في جامعة «استكهولم» في السويد، وجامعتي «وسكونسن وهارفارد» في الولايات المتّحدة. له اكثر…
الثلاثاء ٢٨ ديسمبر ٢٠٢١
بعض الأحداث تكون آتية من مكان قصيّ، ولا تخصك من قريب ولا بعيد، لكنها تظل تعذبك بالأسئلة التي تقف خلفها، لأن الإنسان أحياناً لا يعرف أقاصي الإخلاص، ومدى عمقه، وما هو سقفه، أقول هذا، بعد أن قرأت قبل مدة طويلة لا أتذكرها، ولكن أتذكر الواقعة التي بقيت راسخة في الرأس عن إعدام نائب رئيس الوزراء في كوريا الشمالية، والإعدام في كوريا الشمالية ليس بخبر، خاصة أن الأخبار التي تظهر للعالم من هناك، إما متأخرة نتيجة السور الحديدي، أو لعدم وجود إعلام غير حكومي أو إعلام معارضة، وإمّا أحياناً هي أخبار مفبركة على الطريقة الأمريكية التي لا تعرف كيف تتعامل مع هذه الشوكة المزعجة في خاصرة سياساتها الخاسرة، وإمّا هي حقيقية، وواقعية توجع البعيد، ولا تعني شيئاً للقريب في كوريا الشمالية، لأن «بيونج يانج» تعيش الرعب وتصدره للعالم لكيلا يقترب أحد منها. إعدام نائب رئيس الوزراء، أو قائد الجيش أو عضو في الحكومة والحزب قد لا يكون أمراً جديداً على كوريا الشمالية، لكنه أحزنني شخصياً، ولا أزيد عليكم إذا ما قلت لكم: إنه يلّح عليّ باستمرار للكتابة عنه، لأنه لا يستحق تلك الخاتمة لرجل أخلص وبعمق منذ نعومة أظفاره، خاصة وأن الكل في كوريا الشمالية لابد وأن يكون مخلصاً للغاية، إما ولاءً أو خوفاً. في كوريا الشمالية أن تصل لنائب رئيس…
الخميس ٢٣ ديسمبر ٢٠٢١
مرات يأتيك شخص ويخسرك كل الذي دفعته على بهجة مسائك، وكأنه متسلط عليك أو مأمور أن يجلدك ويجلد وقتك، سارقاً من خصوصيتك وسكينة هدأتك، لا يريحك، ولا يربّحك فكرة، ولا يخليك تكسب حسنة، أقلها أنك ستسبه على تعكير تلك اللحظة، وسحبك من كل طاقتك الإيجابية، ووضعك في زاوية ضيقة اختارها لك، ساعتها لا تشعر إلا أنك يمكن أن تكثر من السب، متعمداً عدم الاستغفار عن ذنب وددت أن تفعله! - ما أصعب أن تلتقي بصديق في وظيفته، لا أنت تعرفه في تلك الوظيفة، ولا هو كان مرتاحاً في ربكته حين رآك مراجعاً، لم تفعل له شيئاً، ولا تريد منه أن يفعل لك شيئاً، فقط كنت تريده ألّا يعاملك غير مثل صديق! - مرات يشعر الإنسان بإجحاف من الآخرين، غير مقدرين ما يعمل، ولا متذكرين له أي فضل، ولا شاكرين فيفرح من الغنيمة بالإياب، ولا متعذرين فيصفح راضياً بالصيت عن الغنى، هو يرقى مبتغياً كلمة «ونِعمّ»، وهم لا يرونه إلا في كلمة «لا» النافية والناهية، وإن التقت العين بالعين أشعروه باليتم، أو كأنه «عاق في البحر ملحة»! - مرات أتساءل: كيف راحت المسبات القديمة مع ناسها الأولين، وغابت عن مفردات يومنا الجديد، مثل: «وعزراييل أو وعزراييل يأخذك، وضرس، ولقعة لقّعتك، ويعلك من هذا وأكثر، سيرة بن عرّوه، يعلك مثل عَقّة الحابول…