الأربعاء ٢٢ يونيو ٢٠٢٢
يقولون لك: أمس بس دخل القيظ عندنا، طيب والشهر الماضي الذي كان كله لغط، والذي قبله كان كله ريح وصهد، لا يكون يتحسبوننا نتمتع بأربعة فصول في السنة متناغمة ومختلفة، كل السنة فصل الصيف، ونصف فصل هو الشتاء، نحن لا نعترف بالتواريخ دخول الربيع وبدء عيد النوروز أو بدء الخريف وتساقط أوراق الشجر، وتفتح زهر الليمون، هذه السوالف بعيدة عن مدن الساحل، ومدن الصحراء، المهم لابد وأن نضع خارطة طريق لهذا القيظ، خاصة لأمثالنا الذين لن يكونوا في سفر، مرتضين أن نرضّ من هالرطب، إلا شحام وخلاص وخنيزي وجبري وبومعان، وحتى يسحح الفرض، ماكثون في هذا الصيف، لذا لا تطالبوني بمواضيع ساخنة، ومواضيع تغث النفس في هذا القيظ، عن البنوك واتصالات والطيران الوطني والأسواق المنفلتة، ستكون كلها مواضيع رطبة، وتبرد على القلب، وبعيداً عن كل شيء يزيد من الرطوبة، ويعكر الجو. يقول لك أمس احتفل العالم بعيد الأب الذي مر، ولا أحد قال لنا: صباح الخير! هو أشبه بعيد العمال في الدول الإمبريالية، طيب ورود بلاستيكية تكفي، بطاقات معايدة رقمية تسد، غرشة عطر «ريف دور» من العطور القديمة تفرح، دهان «فيكس» راضين به، بس أحد يتذكر ذلك الأب الذي يكد حتى ينهد، ولا يغمضك إلا ذلك التجاهل من الأولاد، وكأنه عيد ولد خالتهم، وليس أبيهم، وشوفهم في عيد الأم كيف…
الثلاثاء ٠٧ يونيو ٢٠٢٢
الحوارات والمساجلات والنقائض هي التي تسود الساحات الإعلامية الافتراضية، وكأن طرح فكرة عامة ومناقشتها من كافة الجوانب من خلال حوار حضاري، يقبل بالآخر صديقاً لا نداً، ولا مخالفاً غير خلاف الرأي، أمر لا تستسيغه هذه المنصات الجديدة أو هو أمر لا يحبذه المتواجدون فيها، سواء أكانوا مقنعين أو مزيفين أو يحملون أسماء وهمية، فما يكاد شخص يطرح فكرة حتى تجد من يريد أن يحط من شخص الطارح قبل الفكرة أو تجده يسفّه الفكرة من أجل النيل من الشخص، كل فكرة في الوسائط الرقمية هي عرضة للشخصنة، وعرضة للإسفاف والتصغير والهجوم المباغت على هوامش الفكرة، لا الفكرة الأصلية. ولنأخذ مثالاً حدث أخيراً مع خبر زيادة تسعيرة البترول أو ما يعرف عند البعض بغلاء البنزين، وكيف تمت مناقشته بين الأطراف المختلفة، وكلهم متحفزون، والجميع يريد أن يبرز نفسه بطرح فكرة مغايرة، ولو كانت بعيدة عن لب الموضوع، وبعد أن تتشعب الحوارات الجانبية تنتهي إلى حوارات هامشية وجانبية أخرى ويضيع الموضوع الأساسي في وحل تعرجات الطريق. غلاء البترول ظهر له أنصار مؤيدون، ويدافعون عن الغلاء بما وجدوا من وسيلة جانبية تجر الفكرة من دارها إلى الخارج لتضيع في تشعبات الطريق، مثل: نحن من أرخص دول العالم في تسعيرة لتر البنزين! فلا تعرف أين تصب هذه الفكرة في دعم وتعزيز فكرة الغلاء غير أنها…
الإثنين ١٦ مايو ٢٠٢٢
تتذكرونه قبلها، وتذكرونه قبل عامين حين اجتاحت العالم وأفزعته تلك الجائحة، وتعون كلماته الصادقة تلك، قصيرة الحروف كبيرة المعنى، جملة كانت جامعة، مانعة، لازمة، تامة، واختصرت أموراً كثيرة، وغنت عن شروحات مفيدة، جملة قصيرة قالها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد مطمئناً الناس، داقّاً على صدره الذي تحمّل عنا ومن أجلنا الكثير: «لا تشيلون هَمّ»، لعلها ستبقى هذه الجملة أبد الدهر، يتذكرها الناس في سرائهم شاكرين، وفي ضرائهم صابرين، لقد دخلت تلك الجملة كل بيت في الإمارات دون تعيين أو تمييز، ورحبت بالقادم، ورافقت المودع، وجعلت من صبر أيام وليالي سنوات الجمر والشدة عوناً على التخطي، ودافعاً لدحر المحنة، تكاتف الجميع خلف جملة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد تلك، وبذل الجميع جهده وزاد وعياً والتزاماً وانضباطاً، ومع الفرح والأمل وتجاوز الجائحة وتداعياتها، استشعر الناس قيمة تلك الجملة القصيرة، وأثرها وتأثيرها في النفوس، حينها كان دعاء الناس: دمت يا «أبو خالد».. وأدامك الله تاجاً على الرؤوس، وذخراً للإمارات والإنسانية، وليتك لا ترى إلا فرحاً، ولا تسمع إلا بِشْرَاً. اليوم أراها تتكرر تلك الجملة، للوطن في عز فجيعته برحيل قائده، وصانع دولة التمكين، قلب الخير والكف البيضاء، المغفور له الشيخ خليفة بن زايد، وسترتسم على صفحات الأيام وقادمها: «لا تشيلي هَمّ يا الإمارات» فالعهد العهد، والوعد الوعد، وبشائر الخير بصنع التفوق…
الأحد ٠٨ مايو ٢٠٢٢
- يا إخوان شو فيهم الناس، وكأنهم بعد رمضان دخلوا في غيبوبة مؤقتة، والكل يشكو من كسل عام، وعدم مقدرة على التركيز، وما يشبعون من النوم، لا يمكن أن تغير العادة لشهر أن تجلب كل ذلك الحطام، إن كذلك فسنة صيام الأيام الستة الصبر، لها مردود صحي ونفسي، وتعيد للناس توازنهم بعد كسر الصوم بأيام العيد، معقول كلما يتصل بك واحد، ما تسمع منه إلا كلمة «متبريد»، وجملة «آنس عمري تعبان، وما أروم أثور عنثر الصوم»، الغريبة بعض الناس تلقاهم، يدابكون في القرية العالمية، وحين يعودون لمنازلهم يعودون بحطامهم وشكواهم التي لا تنتهي، حتى الذين سافروا ما تسمع منهم إلا التعب والخمول وعدم مقدرتهم على استعادة نشاطهم السابق. - الله يعين الناس على أول يوم عمل بعد هذه الإجازة الطويلة، سيجدونها أكثر الناس مثل صخرة «سيزيف»، محكوم على أحدهم أن يدحرجها إلى أعلى الجبل، هو يوم ثقيل ولزج، ويزيد من سماكته ذاك الصداع اليومي من الدوام المدرسي، ومخالفة مرورية غيابية لا تعرف ما هي بالضبط وأين ومتى وكيف ولماذا؟ طبعاً الشعب الياباني يختلف عنا، ولا تعني له هذه الأشياء، لأنه ربما وأثناء إجازة الواحد منهم، يكون قد صنع له ثلاجتين وراديو على الأقل، وفي اليوم قبل الأخير جلس يرتب أفكاره، وينظم وقته، ويدوّن أولوياته في أول يوم عمل رسمي، رامياً…
السبت ٢٣ أبريل ٢٠٢٢
• قبل البدء كانت الفكرة: - «منة شلبي» في مسلسل «بطلوع الروح» ممثلة باقتدار، هي من حملت كل المسلسل على رأسها، أداء وموهبة تمثيلية تذكرنا بالجيل الذهبي لبعض الممثلات المصريات الرائدات، والمسلسل جدير بالمتابعة، لأنه يتطرق لمدينة الخلافة الإسلامية الموهومة في «الرقة»، وما كان يمارس فيها من ويلات باسم الدين والخلافة، ودار الحرب ودار السلم، وغسل الأدمغة، واللعب على وتر الجهل والتدين الزائف والمغالطات في فهم روح الإسلام! • خبروا الزمان فقالوا: - «تبالغ المرأة في كل شيء إلا عمرها». -«النساء والزجاج في خطر دوماً». - «لم أر كالعرب رجالاً، تكمن القوة في أفرادهم، ويظهر الضعف في مجموعهم». • شوارد المعرفة: معنى أيام الأسبوع الإنجليزية، والعربية، سمي يوم الأحد: «Sunday» تكريماً للشمس، ولم يتخذ كيوم عطلة، إلا في القرون الوسطى، ويوم الاثنين: «Monday»، تكريماً للقمر، ويوم الثلاثاء: «Tuesday»، نسبة للشخصية الأسطورية المحارب «تويسكو»، وهو يوم بلا ملامح عند معظم الناس، وبعضهم يعتبره يوم شـؤم، كالإسبان والمكسيك، ويـوم الأربـعـاء: «Wednesday»، نسبة إلى رمــز الــحــرب، والـحـكـمـة، والـشـعـر «فودن»، ويقال: «اعطس يــوم الأربــعــاء، فتصلك رســالــة»، ويــوم الخميس: «Thursday»، نسبة إلى رمــز الـرعـد «تــور»، والإسكندنافيون يعتبرونه يوم شؤم عندهم، ويوم الجمعة: «Friday»، نسبة إلى «فريغ» زوجة «أودين» التي كان يعتقد أن لها تأثيراً على الزواج، وتكوين الأسرة، لذا يعقد الأسكتلنديون زواجهم يوم الجمعة، ويوم…
الإثنين ١١ أبريل ٢٠٢٢
• قبل البدء كانت الفكرة: بصراحة في نسوان «ثري إن ون»، تلقى كل الشغل عليها، والأمور مكوّدة فوق رأسها، وخاصة ضجيج الأولاد، ودراستهم، والاهتمام بهم، أقول هذا بمناسبة بدء نصف العام الدراسي، وشيء من الربكة الزائدة والجديدة في رمضان لأولئك النساء اللائي قدْن من حب وتعب، وبالمقابل تلقى نسوان تستيقظ لكي تزين شعرها، وتنام لكي تزيل مكياجها، صدق المثل «فيهن من تساوي ثمانين بكره، وفيهن غالية بقيد قعود، وفيهن لا كبّر الله بختها بين الميالس تنود»! • خبروا الزمان فقالوا: - «تاج القيصر لا يمكن أن يحميه من الصداع». - «حتى تكون أسعد الناس، اجعل من الفرح شكراً، والحزن صبراً، والصّمت تأملاً وفكراً، والنطق خيراً وذكراً، والحياة طاعة وقناعة». لا تركننّ إلى من لا وفاء له الذئب من طبعه إن يقتدر يثب • شوارد المعرفة: معاني أسماء بعض الأنبياء: آدم، الأرض، نوح، الهادئ، إدريس، المُكَرّس، هود، الرفيق، لوط، المتستر، يوسف، الرب يزيد ويبارك، يونس، الحمامة، أيوب، المستقيم، شعيب، المتفوق، موسى، المنقذ، هارون، موطن القوة، داوود، المحبوب، يحيى، الحنون. • شخصيات قلقة ومقلقة: «الإسكندر الأكبر أو الأعظم أو المقدوني أو الإسكندر الثالث ذو القرنين» ولد عام 356 ق.م في مدينة بيلا، أكبر غزاة التاريخ الإنساني، وأصغرهم عمراً، ابن فيليبس ملك مقدونيا الذي خلفه، وعمره 20 عاماً، تتلمذ على يد الفيلسوف أرسطو،…
الأحد ٠٣ أبريل ٢٠٢٢
• قبل البدء كانت الفكرة: هو أول رمضان معافى بعد سنتين من «الجائحة»، والتعقيم، وإشارات التنبيه والتذكير الإلكترونية، والحجر، والحظر، والتباعد، ومنع الصلوات جماعة، لا تهجد، ولا عمرة في رمضان، وكل تلك التداعيات التي نريد أن لا نتذكرها، لأنها غيبت طقوس رمضان، وفرضت شكل رمضانها الذي لا نعرفه ولا نحبه، ولا نعرف نهاره من لياليه. • خبروا الزمان فقالوا: - «لا تقدر أن تحكم شعباً، إلا إذا دليته على المستقبل، لأن الحاكم هو تاجر الأمل». نابليون. - «جائزة «نوبل» هي بمثابة طوق نجاة يلقى إلى سبّاح ماهر، شارف الوصول إلى الشاطئ». برنارد شو. - «أن تحاول جعل شخص يحبك، أمر عبثي، تماماً مثل ما تحاول أن تمنع نفسك من حب شخص ما». «المرأة هي التي تختار الرجل الذي سيختارها». • شوارد المعرفة: ديانة إنسان أستراليا الأول أو سكان أستراليا الأصليين «الابوريجان»، يؤمنون بإله واحد خالق، يسكن في أعالي السموات البعيدة، لا يطاوله أحد، ولا يصل إليه أحد، في حياتهم اليومية يدعون ويتلمسون العون من الكائنات ذاتية النشأة «Autogènes» التي تحوم بين السماء والأرض، محافظة على ضبط وتنسيق النظام الكوني، لديهم شعائر وطقوس دينية مرتبطة بعادات وتقاليد اجتماعية، وبعضها سرية، لديهم الختان، وتشقيق أسفل الأحليل، بالنسبة للأولاد، وهي طقوس معقدة، تسمى «الموت الرمزي»، لكنها أقل مما يتوجب على البنات عند بلوغهن،…
السبت ٢٦ مارس ٢٠٢٢
هناك بلدان بذاتها ومن دون غيرها تطرح نفسها على أنها أرض للأحلام، أرض من ماء ولبن وعسل، أرض للحريات، وقلاع للأمن والأمان، وبذا تسوّق الأحلام العديدة فيها، مستقطبة كل الطامحين والمغامرين والحالمين، ولعل أميركا هي صاحبة الحلم الأكبر، منذ عروق ذهب «الدورادو»، ومنذ فتحت أميركا لكل الغرباء، ليتمكن كل شخص بحسب مقدرته وموهبته وحتى بحسب مطاوعة نفسه للخروج عن القانون من أجل تحقيق آماله في تلك الأرض البكر، جاؤوها من كل بقاع العالم ليصنع كل واحد منهم «أميركته» المتخيلة، ولعل السينما كانت واحدة من وسائل الترويج عن هذه الأحلام المشروعة وغير المشروعة، حتى أطلق على السينما والتلفزيون «علبة الأحلام». في أميركا تحققت أحلام، وتحطمت أحلام، ودفنت أحلام، كان بإمكان أي شخص، من مهاجر عربي أو متسلل مكسيكي أو مستعمر إيرلندي أو مستعبد أفريقي أو بحار إيطالي، أن يصبو بحلمه الشخصي، وربما تعداه في تحديه للواقع، وفرض مغامرته، والوصول بها إلى آخر مدى، لكن بقي حلم جماعي يختلف عن الأحلام الشخصية، وهو أن يخلقوا بلداً متقدماً، ومتطوراً في القانون من أجل أن يستوعب كل هذه التركيبة السكانية، وقد نجت الأحلام الشخصية أكثرها، بالرغم من ضريبتها العالية، وهي ضريبة ثقافية واجتماعية، قبل الضريبة المالية، مثلما نجح الحلم الجماعي، صانعاً مكوناً ثقافياً مختلفاً وبديلاً، بدأت أميركا نفسها تصدره للعالم الذي تخلى عن الاستعمار…
الإثنين ٢١ مارس ٢٠٢٢
للأمهات في كل مكان.. الزارعات الحياة بالأمل، والكاسيات الألم ببسمة شفاء، لهن ومن أجلهن يمكن أن يضحك القلب، وترف العين بدمعة السعادة، للصابرات في كل مكان، المتحملات ثقل الوقت، وهزيمة الزمن، وجحود البعض، للمُتعَبات منهن لفراق أحبتهن، المرسلات فلذات الكبد إلى مرافئ العالم، وخلف بحور الشقاء.. لهن اعتذار قبل التحية، اعتذار قبل الشكر، اعتذار كثير ليتها تقبله، وشكر جزيل ليته يوفها حقها، ونحن بين الاعتذار والشكر، نتلمس صيغة، غايتها مسح الخطأ والخطايا، وتقديم المعروف ناقصاً ومتأخراً، لطول بالها وتعبها وألمها وشغفها وهلعها، دمعتها التي تخبئها عن الضنا إن غاب أو حضر. للسيدة الجليلة في عيدها باقة من ورد أكثر وأكبر، أكثر من الاعتذارات، وأكبر من الشكر، باقة من حب يليق بسيدة العالم.. تلك التي تحتضن البدايات البكر لكل الأشياء الجميلة في الحياة، مانحة لها ذلك التأنيث وذلك الارتواء وذلك العطف الذي لا ينتهي.نتذكرها اليوم.. ونَحنّ لكل تفاصيلها في المشهد، وكل خطواتها على بساط الحياة، الذي لم يكن أملس طوال الوقت أو أخضر على الدوام، نتذكرها بفرح طاغٍ، متمنين لو بقينا مثل أطفال الحكايات في قصصها المسائية، لا نكبر إلا في الرأس، ولا نغادر إلا حين نحلم أو نطير مع أبطال الزمان أو حين يغلبنا النوم على رجلها أو دفء حضنها، لا نبرح المكان، ولا نبرح ذاكرتها. اليوم·· هي ذاك المشهد…
الإثنين ١٤ مارس ٢٠٢٢
- لماذا ارتبطت الرياضة بنوع من التعصب؟ حتى اخترعوا لها مصطلحاً للتقليل من هذه الغوغائية مثل: «خليك رياضي» أو «خل عندك روح رياضية» أو تحلَّ بالروح الرياضية، كل ذلك من أجل ألا يتحول اللعب إلى الضرب تحت الحزام أو استعمال كتف غير قانوني، أو خروج اللعبة عن أهدافها الحقيقية، وأصبح الركل والرفس وتوجيه ضربة رأسية أو استعمال قبضة اليد في كرة القدم، وانتقل كل ذلك من أرض الملعب إلى المدرجات وجماهيرها، واختلط الحابل بالنابل، وتحولت مباراة كرة القدم إلى لعبة المصارعة الحرة، الغريب أن تلك المباراة في العراك والاشتباك تجد لها مشجعين ومتفرجين. - يعني مثلاً ما شفنا جمهور الحفلة الموسيقية الأوركسترالية خرجوا عن السلم الموسيقي ونشّزوا، واستعملوا آلاتهم الموسيقية والنحاسية منها بالذات في إيذاء الطرف الآخر أو سمعنا مرة وبعد انتهاء الوصلة الموسيقية، أنهم تخلوا عن التصفيق والتشجيع، وحين همّوا بالخروج من الأوبرا تحولوا فجأة إلى مصارعين وملاكمين أو اعتدوا على «المايسترو» لأنهم يعرفون أن عصاه قصيرة، ولا تؤذي أحداً! - لماذا بعض المشجعين المتعصبين يريدون أن يرجعونا لأيام دوري «السكيك»؟ أيام يرمي الفريق المهزوم باص النادي الفائز بالحصى أو يتعمدون أن يرسلوا مشجعاً قصيراً ونحيفاً، ولا يبدو من هيئته أنه رياضي أو قد مارس الرياضة فعلاً، هذا القصير البصير لا يهمه اللعب، ولا يتفرج على اللعب مطلقاً، فقط…
الثلاثاء ٠١ مارس ٢٠٢٢
نعيش اليوم في كم هائل من إعادة التدوير لما يطرح من صناعة السخف والتفاهة في عالمنا، حتى أصبحنا محاطين بكل أنواع الابتذال والاستهلاك اليومي لكل ما كان له محتوى ومعنى في حياتنا السابقة، من فنون وآداب وحياة اجتماعية راقية، وتبادل أفكار ونقاشات وفعاليات لها قيمتها العالية، وتضفي الجديد والمفيد من المعارف والعلوم، لكن حين انحازت الحياة الجديدة لصناعة السخف والتفاهة، توارى الناس الجميلون والفاعلون والمبدعون والمؤثرون في الحراك الاجتماعي، وظهر البديل الجاهل والفارغ، والذي تدعمه بعض مؤسسات المجتمع، وتخدمه وسائل الإعلام، فقط لأنه «ترند»، ولأن متابعيه بالألوف المؤلفة، وهم على شكله وشاكلته، هذا الذي سيسمى من الآن من المؤثرين في وسائط التواصل الاجتماعي، رغم أننا نجهل حقيقة تأثيره، إلا فيما يصدّر من بضاعة بائرة كلها غث، وشبيهة بزَبَد البحر، هذا المؤثر «اجتماعياً وإعلامياً» كما يقال عنه، لو تصور صباحاً مع فنجان قهوة باردة، وقطعة «كرواسان» بائتة، فستحظى مشاركته من المتابعين على مئات الألوف من كلمات الإطراء والإعجاب والمشاركة و«إعادة التدوير»، وكل الذي فعله تصوير فيديو بطريقة ساذجة، وظهوره بنظارة شمسية يحرص على إظهار ماركتها ليعزز مكانته الاجتماعية في قلوب محبيه، ومن يتخذونه قدوة في هذه الحياة، مع طاس قهوة لم يتذوقها، ولكنه أبدى إعجابه المبالغ فيه في نوع القهوة، وتصنيف المقهى، وأن كل شيء هنا، و«لا غلطة»! طبعاً لو كان…
الأحد ٢٧ فبراير ٢٠٢٢
من قال إننا لا نتعلم من الصغار؟! إننا كثيراً ما نتعلم ما دمنا صغاراً، وحدهم الذين تقسو قلوبهم وعقولهم يكفّون عن العلم والتعلم ونشدان المعرفة ولو جاءت بطريقة مجانية من حكماء وبصيرين، وعفوية من قبل أطفال. إجازة هذا الأسبوع ألزمني بها الولد الذي يدرج نحو التاسعة، حين قرر أن يصبح صديقاً صغيراً لي، فرحت لأنني قررت أن أكون منصتاً أكثر من متحدث، وألا أعقد تلك المقارنة الظالمة بين طفولتنا ووعينا المبكر، لأسباب موضوعية، ومسببات فيها الخصوصية، وبين طفولة جيله. ترافقنا مع منصور إلى مقهى هو من اقترحه، لأنه جديد، وله خصوصية كونه فيه ركن يعد مأوى للقطط المنزلية بأنواعها المختلفة، هكذا قال لي بعد أن أبحر في الشبكة العنكبوتية، وتحاور مع زملاء صفه، وتواعدوا فيه لقضاء ساعات، طبعاً دخلوا على لائحة الأكل والشرب والحلويات التي يقدمها ذلك المقهى، وعرفوا أسعاره، وأسعار مجالسة القطط والتعرف عليها.. قادني كالأعمى، وفي الطريق شرح لي كل ذلك، في البداية قلت له: لا أعرف المكان، محاولاً جرّه واختبار فطنته، فقال: المكان يبعد عن بيتنا 25 كلم، ويستغرق الوقت للوصول له تقريباً 20 دقيقة، وبإمكانك التأكد من «غوغل ماب»، فطلبت منه أن يضبط التوقيت وخط السير من خلال هاتفي، ففعل بسهولة أفرحتني، في الطريق كان يتابع معي، ووجدت عليه بعضاً من التحفز، فعرفت أنه الشوق للزملاء…