رنا زكار
رنا زكار
باحثة سورية

تأملات في الصيام والحرية

الجمعة ٢٨ فبراير ٢٠٢٥

خاص لـ هات بوست: رمضان مبارك.. يشكل هذا الشهر لشعوب المنطقة موسماً مميزاً، على كافة الأصعدة الدينية والاجتماعية والاقتصادية، ورغم اختلاف التقاليد بين بلد عربي وآخر إلا أنها تلتقي على أن لرمضان رونق خاص به. لا نخرج نحن السوريين عن ذلك، فلرمضاننا سماته، تزيد فيه الصدقات، ويجتمع الناس على موائد الإفطار، أقارب وأصدقاء، من كل الطوائف والملل، يتشارك الجميع مواعيد الطعام، سواء كانوا صائمين أم لا. ودرج الناس على الامتناع عن الإفطار العلني أثناء نهار رمضان، رغم وجود أماكن الطعام المتاحة، وإن حصل وارتادها أحدهم فلا يعيره الآخرون اهتماماً. واليوم تنتشر التكهنات حول مدى تطبيق قانون يمنع الإفطار العلني، أو مدى تفعيل قانون موجود بهذا الشأن، لكن معلوماتي المتواضعة تفيد أنه لا يوجد قانون كهذا، وإن حصل وعوقب أحد فتحت بنود تتعلق بالإخلال بالآداب العامة، أو ما إذا كان إفطاره العلني مصحوباً بما يوحي بازدراء الأديان. وباعتبار أننا نحن السوريين كنا مكمومي الأفواه، فما إن رفعت الكمامات حتى انطلقنا لندلي بدلائنا في كل شاردة وواردة، راجين الله أن تدوم مساحة الحرية هذه. ومن هذا المنطلق، سأدلي أيضاً بدلوي حول الموضوع، ربما مستبقة لقرارات قد لا تصدر. • بداية نحن كشعب سوري فيه المسلمون أقرب للتدين، ولسنا طارئين على الإسلام. • نحن كمسلمين نعلم أن الإسلام هو الإيمان بالله واليوم الآخر…

“الله لا يعطيهم العافية”

الخميس ٠٦ فبراير ٢٠٢٥

خاص لـ هات بوست:  نستخدم نحن، أهل بلاد الشام، مصطلح مجازي قد لا نقصده بالمعنى الحرفي، يدل على امتعاضنا من فعل ما ارتكبه أحدهم، ربما سبب من خلاله أذىً، فنقول له: "الله لا يعطيك العافية"، هذا ما ورد في ذهني حين قرأت أن أحدهم قد قتل من حرق المصحف في السويد منذ عام ونيف. لا يختلف اثنان أن من قام بحرق المصحف هو إنسان غبي مستفز، كان قد أقدم على فعلته تلك بحجة أن "القرآن يجب حظره في العالم لما يسببه من خطر على الديمقراطية والأخلاق والقيم الإنسانية وحقوق الإنسان وحقوق المرأة وأنه لا يعمل في هذا الوقت وهذا العصر". ما من شك أن هذا الكلام هو استهتار بمعتقدات المسلمين وكتابهم، تعرض صاحبه لمحاكمة بتهمة التحريض على الكراهية والعنصرية، وكان الحكم سيصدر خلال أيام لو أنه لم يقتل. ربما لم يكن الحكم سيشفي غليل من استفزهم الأمر، لذلك ارتأى بعضهم تنفيذ حكمهم كما يشاؤون دون العودة للقوانين، بل بالخروج عنها، وقد ترى أحدهم مقتنعاً أن "القتل" هو جزاء من تسول له نفسه إهانة الإسلام أو المسلمين. للأسف هذه ليست كتلك، والقتل العمد هو عند الله إثم كبير، حرّمه الله عز وجل تحريماً مضاعفاً: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا--- وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ…

أولويات مؤجلة

الثلاثاء ٢١ يناير ٢٠٢٥

خاص لـ هات بوست:  بعد عقود من العيش في جمهورية الخوف والقمع، وجدنا أنفسنا نحن السوريين وجهاً لوجه أمام دولة مهترئة، تحتاج لإعادة بناء من الألف إلى الياء، على جميع الأصعدة، سواء التعليمية أم الصحية أم العمرانية والاقتصادية، والأهم من ذلك الاجتماعية والإنسانية. وإذ ينشغل الناس بالبحث عن أولادهم المفقودين ولملمة الجراح، أو التفتيش عن لقمة العيش، ينشغل البعض بنقاب المرأة، وسط هاجس رئيسي يتردد في المجتمع، عن مدى سعي السلطة الجديدة، مستقبلاً، لفرض الحجاب على النساء في العمل أو المدارس أو بشكل عام كما في بعض التجارب للدول ذات الصبغة "الإسلامية". حتى الآن يحاول المعنيون تقديم التطمينات بألا مساس بالحريات العامة، إنما فيما يدعى "تصرفات فردية" وضمن فضاء الحرية الجديد راجت الدعوات للحجاب والنقاب، عبر ملصقات في الشوارع أو سيارات تحمل مكبرات صوت تجول في المناطق السكنية، ولا تستثني المناطق التي أغلب قاطنيها من المسيحيين، مما استفز البعض ووجدوا في ذلك بداية الاتجاه نحو "الأفغنة". عن نفسي أميل للتجاهل، طالما أن الأمور لم تحمل أي إجبار، فاسمع واقرأ واهتم أو لا تهتم، ومن يريد أن يلبي الدعوة فهو حر، رغم أن الإنصاف يقتضي أن يسمح المجتمع لأي دعوات أخرى بالانتشار دونما اعتراض، إلا أن اليوم هناك باعتقادي عشرات الأولويات قبل ذلك. رب سؤال يرد إلى الذهن في هذا الظرف،…

فرح ومخاوف

السبت ٠٤ يناير ٢٠٢٥

خاص لـ هات بوست:  بين ليلة وضحاها وجدنا أنفسنا نحن السوريين دون الطاغية، بعد أن كدنا نيأس من رحيله، ورغم الفرح الذي نعيشه مما يقارب الشهر، إلا أنه مع الأسف قد حقق شعار لطالما نادى به حاشيته "الأسد أو نحرق البلد". فلم يقتصر الحريق على دمار شاب الأبنية والأراضي وكثير من الأماكن، بل تجاوز إلى البنية الاقتصادية والاجتماعية للبلد، وإذ يطفو واقع الحياة اليومية البائس على السطح تصبح من الأهمية بمكان تلبية الاحتياجات الخدمية للناس الذين يبحثون عن قوت يومهم، إضافة لما يتبع ذلك من أبسط مقومات العيش. وبموازاة البهجة بالخلاص من الاستبداد السياسي، هنالك مخاوف من استبداد ديني يحل محله، رغم ما يسمى "تطمينات" يحاول من وصلوا إلى السلطة "مؤقتاً" تقديمها، وتأتي بعض الممارسات والتصريحات والقرارات المرتجلة لأن تثبت شكوكنا، كأن تتسرب تعديلات على المناهج الدراسية مثلاً، ثم يبرر الوزير المختص أن تلك التعديلات طالت نواحي معينة تتعلق بالعهد البائد إضافة لمنهاج التربية الإسلامية، وتلك لعمري طامة كبرى. لعلي أسأت الظن، ولعل التعديلات تكون كما أطمح ويطمح الكثيرون غيري. فبداية نحن اليوم بأمس الحاجة لكل المكونات من الملل والطوائف لبناء وطن لكل أبنائه، وتدريس الإسلام كما جاء في التنزيل الحكيم، ككتاب مقدس صالح لكل زمان ومكان، لا الاعتماد على تفسيرات أكل عليها الزمن وشرب، لا نستفيد منها سوى مزيد…

يوم عالمي للرجال

الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤

خاص لـ هات بوست:  لم نكن نسمع أن هناك يوماً عالمياً للرجل، بل لطالما حمّلنا الرجال منة، نحن النساء، على تخصيص العالم يوماً للمرأة. وإن كان يوم المرأة هو ذكرى نيل بعض النساء بعض حقوقهن في العمل، ثم في التصويت ونيل المناصب، فإن يوم الرجل يهتم بالعناية بصحته والتوعية لما قد يعتريها، إذ لا يبدو أنه بحاجة للمطالبة بحقوقه بصفته ذكراً، حتى لو وجدت قلة قليلة جداً ربما وقع عليها ظلماً من النساء. لكن الإنصاف يقتضي ألا نلقي باللوم على الرجال في كل ما تعاني منه النساء، إنما فلنصحح الصورة أمام أنفسنا لعل شيئاً من التصحيح ينتقل إلى المجتمع حولنا. بداية من الولادة، هل لنا أن نهنىء بولادة الأنثى كالذكر تماماً فلا نكتفي بأن نحمد الله على سلامة الأم إن أنجبت بنتاً بينما نتقدم بأشد التبريكات إن كان المولود صبياً؟ ولنتذكر قوله تعالى {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَىٰ مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ ۚ أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ ۗ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} (النحل 58- 59)، فنحن من حيث لا ندري نكرس الامتعاض من ولادة الأنثى. ثم هناك خطأ شائع في لهجاتنا انعكس على أمور كثيرة، حيث نطلق لفظ "الولد" على الذكر من الأولاد، فيما اعتبر التنزيل الحكيم الأولاد…

لا تأكلي بذر يا أختاه

الثلاثاء ٠٥ نوفمبر ٢٠٢٤

خاص لـ هات بوست: هل تعرفون البذر؟ في بلاد الشام يكفي أن نقول بذر لنعرف أنه البذر الأسود المستخرج من داخل البطيخ الأحمر، يحمص ويملح ويفصص ويؤكل للتسلية، وبمجرد قولك "أفصص بذر" يعني أنك تضيع الوقت. لكن "البذر" لا يعلم مدى أهميته ليصبح ليس فقط موضوعاً تتناقله مواقع التواصل الاجتماعي، وإنما تترتب عليه مسائل كبيرة، حيث تتصل شابة بالبرنامج على إحدى الفضائيات لتسأل الشيخ ما إن كان بإمكانها أكل البذر بعد أن حلف عليها زوجها يمين طلاق إن هي أكلته، هل سيقع عليها الطلاق في هذه الحالة، علماً أنها ستكون المرة الثالثة؟ يجيبها الشيخ بما معناه أن عليها الامتناع إذاً عن البذر نهائياً. وبالطبع الشيخ هنا ليس معنياً ولا بإمكانه ثني الزوج كاره البذر عن قراره، وكل ما يمكنه تحذير الزوجة من أن الطلاق لا بد واقع في حال عدم الاستجابة لأوامر زوجها. هل من المعقول أن الله تعالى شرّع خراب الأسرة كلما أكلت الزوجة ما لا يرغب به الزوج؟ في هذه الحالة كان "البذر" لكن يمكن لأي شيء تافه أن يكون سبباً في خراب بيت، يعني أسرة يفترض أنها تأسست لتكون خلية من الود والرحمة وسكن النفس، والأهم هو الأطفال في حال وجودهم، فالتفكك الأسري لا بد له من الانعكاس على حياتهم. للموضوع جوانب عدة، لا يمكن الإحاطة بها…

الإنسان أولاً

السبت ١٩ أكتوبر ٢٠٢٤

خاص لـ هات بوست: عرف عن العرب قديماً الوقوف على الأطلال، يتغزلون بالجدارن ويكتبون لها القصائد ، لا حباً بها بل  حباً لمن سكنها، فقال قيس بن الملوح: وما حب الديار شغفن قلبي  ولكن حب من سكن الديارا وفي بلاد الشام نقول بالعامية: البيوت بسكانها مو بحيطانها.   هذا عن البيوت بشكل عام، فماذا عن بيت الله؟ بالتأكيد لا يسكن فيها الله عز وجل، فهو خارج الزمان والمكان  {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (البقرة 115)، إنما في هذه البيوت يتواصل المؤمنون مع الله، أي يقيمون الصلاة ويرددون الأدعية، والمفروض أن اسم الله يرفع فيها {ومَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} (البقرة 114). لكن اسم الله ارتبط في أذهاننا بإقامة الصلاة فقط لا غير، على ما لهذه الشعيرة من أهمية، ورفعه اقتصر على الأذان وخطبة الجمعة، وتناسينا أن هنالك أمور عدة ربطها التنزيل الحكيم مع الصلاة، ولعل سورة الماعون بأكملها خير مثال: بسم الله الرحمن الرحيم {أَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي يُكَذِّبُ بِٱلدِّينِ * فَذَٰلِكَ ٱلَّذِي يَدُعُّ ٱلۡيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلۡمِسۡكِينِ * فَوَيۡلٞ لِّلۡمُصَلِّينَ * ٱلَّذِينَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ * ٱلَّذِينَ هُمۡ يُرَآءُونَ * وَيَمۡنَعُونَ ٱلۡمَاعُونَ} صدق الله العظيم. ونفهم من السورة أن السهو عن الصلاة هو سهو عما يعزز علاقتنا برب العالمين، هو الرياء ومنع الطعام عن…

قضاء وقدر

الإثنين ٠٧ أكتوبر ٢٠٢٤

خاص لـ هات بوست:  في ظل ظروف صعبة يمر بها العالم، من كوارث طبيعية وحروب وأوبئة ومجاعات، كثيراً ما يتردد سؤال عويص، يجاهر به البعض ويكتمه بعض آخر، لكنه لا يلبث أن يعود إلى الواجهة عند كل مصيبة، فردية أم جماعية، يختصر ب "أين الله مما يحدث"؟ تنطلق إجابات شتى، غالباً تنقسم في مجتمعاتنا إلى شقين، وفق هوية المصاب، سواء فرد أم بلد أم مجتمع، فإما أن تكون المصائب ابتلاء من رب العالمين يختبر من خلاله صبرنا وإيماننا، أو أنها عقوبة استحقها من وقعت عليه. وإذ يصبح الإيمان بالقضاء والقدر حسب الفهم الذي ترسخ في أذهاننا، مريحاً نوعاً ما، حيث يسلم الإنسان ويقتنع أن تلك إرادة الله، فيقبل ويستكين، ويدفن الأسئلة داخله، خوفاً من أي شبهة بالكفر أو الشك، لا تلبث أن تعاود التساؤلات الطفو على السطح عند أهوال أخرى نشهدها. ورغم أننا لا ندرك تماماً آلية عمل العدالة الإلهية، فنقيسها بمقاييسنا الدنيوية المحدودة، ونقارن الله بنا كمخلوقاته، لكننا في التنزيل الحكيم نجد أنه وعدنا بالعدالة في الآخرة {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} (الكهف 49)، ومن هنا يأتي الإيمان بالآخرة ليكون بلسماً يداوي جروحنا، أما الحياة الدنيا فهو جل جلاله لم يتعهد بأن تكون سلسة، ففيها خوف وجوع ونقص في الأموال {لَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ…

دين أم أعراف؟

الثلاثاء ٠٩ يوليو ٢٠٢٤

  خاص لـ هات بوست: يحكى أن هرة كانت تقف قرب المصلين عند إقامة الصلاة في كل وقت داخل مسجد ما، حتى ظن أحدهم أن من أحكام إقامة الصلاة هو وجود الهرة. تذكرت القصة وأنا أمشي في شوارع دمشق وأرى زياً جديداً منتشراً بقوة في أرجائها، فكثير من النساء اعتمدن قبعة "كاسكيت" توضع فوق الحجاب بشكل تمتد حافتها لتحمي الوجه من أشعة الشمس المتقدة في هذا الفصل من السنة، ويمكن للمراقب ملاحظة تزايد انتشار هذا الزي عاماً بعد عام، حيث تتزايد درجات الحرارة بالارتفاع، ومن الطبيعي أن يسعى الناس لإيجاد الحلول الأفضل لاتقاء العوامل الطبيعية. تخيلوا معي لو أن هذا الزي بقي رائجاً في بلادنا، ربما سيصبح مع الزمن هو الشكل المعتمد للباس المرأة المسلمة، ومن ستخالفه سترتكب معصية، وسيغدو معياراً للتقييم الاجتماعي والأخلاقي. لا يخلو هذا الكلام من المبالغة، لكن ما جرى عبر التاريخ هو أمر مشابه، ليس في نطاق لباس المرأة فقط، وإنما في عموم الشأن الديني، فأغلب الأمور التي تكرست في العقل الجمعي "المسلم" عموماً لا أصل ديني لها، وإنما هي أعراف مكان وزمان معينين، أو هي فتاوى لمسائل خاصة، أو أنها تصرفات عفوية لإمام مسجد رعى الهرة، أو لفتاة ارتأت اتقاء حر الشمس بوضع خمار، غدت جميعها أصل الدين، وانشغل الناس بها، لتصبح حياتنا اليومية كتلة…

الشيطان يكمن في الحمام

الثلاثاء ٢٨ مايو ٢٠٢٤

خاص لـ هات بوست: تناولت بعض صفحات مواقع التواصل الاجتماعي باستهجان عدة مقاطع مصورة لـ "مؤثرة" تعطي دروس توجيهية دينية للأطفال، تحذرهم ضمن أحد هذه المقاطع من ترك باب الحمام مفتوحاً لا سيما في الليل، لأن الشياطين ستخرج من الحمام إلى باقي أرجاء المنزل، ولنا أن نتخيل ذهن الطفل الذي سيسمع هذا الكلام ومدى الرعب الذي سينتابه نهاراً وليلاً من وجود الشياطين وأشباهها، ولم أستطع تقدير الهدف من درس كهذا، وما علاقة تربية الطفل أخلاقياً بموضوع باب الحمام؟ صحياً بحثت فوجدت تحذيرات من غلق باب الحمام بعد الاستحمام لما قد ينتج عن الرطوبة من عفن وانتشار للجراثيم، أما "فقهياً" فنتائج البحث تؤدي إلى أن "الرسول حذرنا من ترك باب الحمام مفتوحاً" وأول ما يتبادر إلى الذهن هو سؤال من قبيل "وهل كان لدى الرسول (ص) داخل بيته حماماً؟" لتجد أن الحديث ينص على ما معناه أن الشيطان لا يستطيع فتح الأبواب المغلقة، وبيوت الخلاء هي مساكن للشياطين، وبالتالي تم الاستنتاج بأنه علينا حشر الشياطين في بيوتها وعدم السماح لها بالمغادرة، ومع احترامي لكل مواضيع الطهارة والنظافة الشخصية، لكن أعتقد بعد هكذا درس سيفضل الطفل ألا يخرج فضلاته ولا يدخل إلى الحمام لا ليلاً ولا نهاراً. لكن ما لفت نظري، هو استهجان الاستهجان، فمن لم يعجبه المقطع المصور للمؤثرة لاقى اعتراضاً…

إقرأ

الإثنين ٢٩ أبريل ٢٠٢٤

يحكى أنه في يوم من الأيام كانت لغة العلم هي العربية، فكانت الكتب والأبحاث تقدم باللغة العربية حتى لو كان أصحابها من قوميات أخرى، وكان غير العرب يتباهى أحدهم فيدخل مفردات عربية إلى حديثه. إلا أن مفلس هو من يبحث في الماضي عما يفخر به اليوم، فحاضرنا يدل على أننا أبعد ما نكون عن العلم والعلماء. وإذا كان لكل جواد كبوة فنرجو ألا تطول تلك الكبوة، وأن يصحو الجواد ذات يوم، لكن صحوته لا بد لها من أسباب، و"لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم". ما في أنفسنا هو ثقافة موروثة لا تعطي أهمية للعلم إلا إن كان شرعياً، فترى أحد "رجال الدين" يوجه الناس بحكمته مصراً على تسفيه أهمية العلوم التطبيقية من طب وهندسة وفلك وجيولوجيا، باعتبارها علوم مادية لا أهمية لها، بينما يعتبرالعلوم الغيبية هي أرقى درجات العلم كونها ترقى بالإنسان إلى الروحانيات. ورب سؤال هنا أي علم بها إن كانت غيبية لا يمكننا إدراكها؟ وما في أنفسنا هو أننا ما زلنا "خير أمة أخرجت للناس"، بغض النظر عن مدى التزامنا بما جاءت عليه تلك الأمة، وبالتالي علينا التفرغ للعبادة وسنستفيد مما ينتجه "الكفار" المسخرون لخدمتنا، وهنا يحضرني ما كان ينقله الدكتور الراحل محمد شحرور عن أبيه قوله بما معناه أننا نحمد الله على كون من…

آن أن تتجرأوا

الخميس ٢٨ مارس ٢٠٢٤

خاص لـ هات بوست: عدا عن مسلسلات رمضان، وجد "المسلمون" ما يشغلهم ويثير حفيظتهم، لم تعنيهم الأهوال التي يعيشها أهل غزة بقدر ما عنته لهم تصريحات علي جمعة مفتي مصر السابق، حتى أن طلاب الجامعة طردوه وأهالوا عليه الشتائم، وكأنه مرتد أعلن خروجه عن الإسلام. كل ما قاله هذا الرجل هو أن الجنة تتسع للجميع، المسلم وغير المسلم، ويجوز تهنئة المسيحي بعيد الميلاد. لا عجب، فهذا ما كرّس في العقل الجمعي وما درسته الكتب، ولم يشفع للرجل تاريخه ولا علمه بل ربما على العكس سيكون الهجوم عليه أكثر حدة من غيره. والموضوع يعكس جوانب عدة، برأيي كلها مهمة. فأن يكون الشباب على هذه الدرجة من الاستفزاز لمجرد سماع رأي مخالف لما اعتادوا عليه، فهذا أمر جدير بالملاحظة، حيث يفترض أن يكون الجيل الجديد على قدر من الوعي يؤهلهم لآراء أكثر رحابة، ناهيك عما يتكرر دائماً بهكذا مواقف، حيث يدافع عن الدين بشتائم لا تليق، إن وجدها الشاتم لائقة بالمشتوم فهي لا تليق بالدين المدافع عنه. وأن نبقى على هذا الحال من عدم سماع الآخر ومقارعته بالحجة إن وجدت، بلا هيجان وانفعال، فإنه مدعاة للإحباط، إذ ما زالت ردود أفعالنا بعيدة عن التعقل. ثم مفهوم أنك تريد الدخول إلى الجنة وتسعى لذلك، لكن لماذا تعتبر أن الطريق إليها يمر من استكثارها…