الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤
خاص لـ هات بوست: لم نكن نسمع أن هناك يوماً عالمياً للرجل، بل لطالما حمّلنا الرجال منة، نحن النساء، على تخصيص العالم يوماً للمرأة. وإن كان يوم المرأة هو ذكرى نيل بعض النساء بعض حقوقهن في العمل، ثم في التصويت ونيل المناصب، فإن يوم الرجل يهتم بالعناية بصحته والتوعية لما قد يعتريها، إذ لا يبدو أنه بحاجة للمطالبة بحقوقه بصفته ذكراً، حتى لو وجدت قلة قليلة جداً ربما وقع عليها ظلماً من النساء. لكن الإنصاف يقتضي ألا نلقي باللوم على الرجال في كل ما تعاني منه النساء، إنما فلنصحح الصورة أمام أنفسنا لعل شيئاً من التصحيح ينتقل إلى المجتمع حولنا. بداية من الولادة، هل لنا أن نهنىء بولادة الأنثى كالذكر تماماً فلا نكتفي بأن نحمد الله على سلامة الأم إن أنجبت بنتاً بينما نتقدم بأشد التبريكات إن كان المولود صبياً؟ ولنتذكر قوله تعالى {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَىٰ مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ ۚ أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ ۗ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} (النحل 58- 59)، فنحن من حيث لا ندري نكرس الامتعاض من ولادة الأنثى. ثم هناك خطأ شائع في لهجاتنا انعكس على أمور كثيرة، حيث نطلق لفظ "الولد" على الذكر من الأولاد، فيما اعتبر التنزيل الحكيم الأولاد…
الثلاثاء ٠٥ نوفمبر ٢٠٢٤
خاص لـ هات بوست: هل تعرفون البذر؟ في بلاد الشام يكفي أن نقول بذر لنعرف أنه البذر الأسود المستخرج من داخل البطيخ الأحمر، يحمص ويملح ويفصص ويؤكل للتسلية، وبمجرد قولك "أفصص بذر" يعني أنك تضيع الوقت. لكن "البذر" لا يعلم مدى أهميته ليصبح ليس فقط موضوعاً تتناقله مواقع التواصل الاجتماعي، وإنما تترتب عليه مسائل كبيرة، حيث تتصل شابة بالبرنامج على إحدى الفضائيات لتسأل الشيخ ما إن كان بإمكانها أكل البذر بعد أن حلف عليها زوجها يمين طلاق إن هي أكلته، هل سيقع عليها الطلاق في هذه الحالة، علماً أنها ستكون المرة الثالثة؟ يجيبها الشيخ بما معناه أن عليها الامتناع إذاً عن البذر نهائياً. وبالطبع الشيخ هنا ليس معنياً ولا بإمكانه ثني الزوج كاره البذر عن قراره، وكل ما يمكنه تحذير الزوجة من أن الطلاق لا بد واقع في حال عدم الاستجابة لأوامر زوجها. هل من المعقول أن الله تعالى شرّع خراب الأسرة كلما أكلت الزوجة ما لا يرغب به الزوج؟ في هذه الحالة كان "البذر" لكن يمكن لأي شيء تافه أن يكون سبباً في خراب بيت، يعني أسرة يفترض أنها تأسست لتكون خلية من الود والرحمة وسكن النفس، والأهم هو الأطفال في حال وجودهم، فالتفكك الأسري لا بد له من الانعكاس على حياتهم. للموضوع جوانب عدة، لا يمكن الإحاطة بها…
السبت ١٩ أكتوبر ٢٠٢٤
خاص لـ هات بوست: عرف عن العرب قديماً الوقوف على الأطلال، يتغزلون بالجدارن ويكتبون لها القصائد ، لا حباً بها بل حباً لمن سكنها، فقال قيس بن الملوح: وما حب الديار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديارا وفي بلاد الشام نقول بالعامية: البيوت بسكانها مو بحيطانها. هذا عن البيوت بشكل عام، فماذا عن بيت الله؟ بالتأكيد لا يسكن فيها الله عز وجل، فهو خارج الزمان والمكان {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (البقرة 115)، إنما في هذه البيوت يتواصل المؤمنون مع الله، أي يقيمون الصلاة ويرددون الأدعية، والمفروض أن اسم الله يرفع فيها {ومَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} (البقرة 114). لكن اسم الله ارتبط في أذهاننا بإقامة الصلاة فقط لا غير، على ما لهذه الشعيرة من أهمية، ورفعه اقتصر على الأذان وخطبة الجمعة، وتناسينا أن هنالك أمور عدة ربطها التنزيل الحكيم مع الصلاة، ولعل سورة الماعون بأكملها خير مثال: بسم الله الرحمن الرحيم {أَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي يُكَذِّبُ بِٱلدِّينِ * فَذَٰلِكَ ٱلَّذِي يَدُعُّ ٱلۡيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلۡمِسۡكِينِ * فَوَيۡلٞ لِّلۡمُصَلِّينَ * ٱلَّذِينَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ * ٱلَّذِينَ هُمۡ يُرَآءُونَ * وَيَمۡنَعُونَ ٱلۡمَاعُونَ} صدق الله العظيم. ونفهم من السورة أن السهو عن الصلاة هو سهو عما يعزز علاقتنا برب العالمين، هو الرياء ومنع الطعام عن…
الإثنين ٠٧ أكتوبر ٢٠٢٤
خاص لـ هات بوست: في ظل ظروف صعبة يمر بها العالم، من كوارث طبيعية وحروب وأوبئة ومجاعات، كثيراً ما يتردد سؤال عويص، يجاهر به البعض ويكتمه بعض آخر، لكنه لا يلبث أن يعود إلى الواجهة عند كل مصيبة، فردية أم جماعية، يختصر ب "أين الله مما يحدث"؟ تنطلق إجابات شتى، غالباً تنقسم في مجتمعاتنا إلى شقين، وفق هوية المصاب، سواء فرد أم بلد أم مجتمع، فإما أن تكون المصائب ابتلاء من رب العالمين يختبر من خلاله صبرنا وإيماننا، أو أنها عقوبة استحقها من وقعت عليه. وإذ يصبح الإيمان بالقضاء والقدر حسب الفهم الذي ترسخ في أذهاننا، مريحاً نوعاً ما، حيث يسلم الإنسان ويقتنع أن تلك إرادة الله، فيقبل ويستكين، ويدفن الأسئلة داخله، خوفاً من أي شبهة بالكفر أو الشك، لا تلبث أن تعاود التساؤلات الطفو على السطح عند أهوال أخرى نشهدها. ورغم أننا لا ندرك تماماً آلية عمل العدالة الإلهية، فنقيسها بمقاييسنا الدنيوية المحدودة، ونقارن الله بنا كمخلوقاته، لكننا في التنزيل الحكيم نجد أنه وعدنا بالعدالة في الآخرة {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} (الكهف 49)، ومن هنا يأتي الإيمان بالآخرة ليكون بلسماً يداوي جروحنا، أما الحياة الدنيا فهو جل جلاله لم يتعهد بأن تكون سلسة، ففيها خوف وجوع ونقص في الأموال {لَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ…
الثلاثاء ٠٩ يوليو ٢٠٢٤
خاص لـ هات بوست: يحكى أن هرة كانت تقف قرب المصلين عند إقامة الصلاة في كل وقت داخل مسجد ما، حتى ظن أحدهم أن من أحكام إقامة الصلاة هو وجود الهرة. تذكرت القصة وأنا أمشي في شوارع دمشق وأرى زياً جديداً منتشراً بقوة في أرجائها، فكثير من النساء اعتمدن قبعة "كاسكيت" توضع فوق الحجاب بشكل تمتد حافتها لتحمي الوجه من أشعة الشمس المتقدة في هذا الفصل من السنة، ويمكن للمراقب ملاحظة تزايد انتشار هذا الزي عاماً بعد عام، حيث تتزايد درجات الحرارة بالارتفاع، ومن الطبيعي أن يسعى الناس لإيجاد الحلول الأفضل لاتقاء العوامل الطبيعية. تخيلوا معي لو أن هذا الزي بقي رائجاً في بلادنا، ربما سيصبح مع الزمن هو الشكل المعتمد للباس المرأة المسلمة، ومن ستخالفه سترتكب معصية، وسيغدو معياراً للتقييم الاجتماعي والأخلاقي. لا يخلو هذا الكلام من المبالغة، لكن ما جرى عبر التاريخ هو أمر مشابه، ليس في نطاق لباس المرأة فقط، وإنما في عموم الشأن الديني، فأغلب الأمور التي تكرست في العقل الجمعي "المسلم" عموماً لا أصل ديني لها، وإنما هي أعراف مكان وزمان معينين، أو هي فتاوى لمسائل خاصة، أو أنها تصرفات عفوية لإمام مسجد رعى الهرة، أو لفتاة ارتأت اتقاء حر الشمس بوضع خمار، غدت جميعها أصل الدين، وانشغل الناس بها، لتصبح حياتنا اليومية كتلة…
الثلاثاء ٢٨ مايو ٢٠٢٤
خاص لـ هات بوست: تناولت بعض صفحات مواقع التواصل الاجتماعي باستهجان عدة مقاطع مصورة لـ "مؤثرة" تعطي دروس توجيهية دينية للأطفال، تحذرهم ضمن أحد هذه المقاطع من ترك باب الحمام مفتوحاً لا سيما في الليل، لأن الشياطين ستخرج من الحمام إلى باقي أرجاء المنزل، ولنا أن نتخيل ذهن الطفل الذي سيسمع هذا الكلام ومدى الرعب الذي سينتابه نهاراً وليلاً من وجود الشياطين وأشباهها، ولم أستطع تقدير الهدف من درس كهذا، وما علاقة تربية الطفل أخلاقياً بموضوع باب الحمام؟ صحياً بحثت فوجدت تحذيرات من غلق باب الحمام بعد الاستحمام لما قد ينتج عن الرطوبة من عفن وانتشار للجراثيم، أما "فقهياً" فنتائج البحث تؤدي إلى أن "الرسول حذرنا من ترك باب الحمام مفتوحاً" وأول ما يتبادر إلى الذهن هو سؤال من قبيل "وهل كان لدى الرسول (ص) داخل بيته حماماً؟" لتجد أن الحديث ينص على ما معناه أن الشيطان لا يستطيع فتح الأبواب المغلقة، وبيوت الخلاء هي مساكن للشياطين، وبالتالي تم الاستنتاج بأنه علينا حشر الشياطين في بيوتها وعدم السماح لها بالمغادرة، ومع احترامي لكل مواضيع الطهارة والنظافة الشخصية، لكن أعتقد بعد هكذا درس سيفضل الطفل ألا يخرج فضلاته ولا يدخل إلى الحمام لا ليلاً ولا نهاراً. لكن ما لفت نظري، هو استهجان الاستهجان، فمن لم يعجبه المقطع المصور للمؤثرة لاقى اعتراضاً…
الإثنين ٢٩ أبريل ٢٠٢٤
يحكى أنه في يوم من الأيام كانت لغة العلم هي العربية، فكانت الكتب والأبحاث تقدم باللغة العربية حتى لو كان أصحابها من قوميات أخرى، وكان غير العرب يتباهى أحدهم فيدخل مفردات عربية إلى حديثه. إلا أن مفلس هو من يبحث في الماضي عما يفخر به اليوم، فحاضرنا يدل على أننا أبعد ما نكون عن العلم والعلماء. وإذا كان لكل جواد كبوة فنرجو ألا تطول تلك الكبوة، وأن يصحو الجواد ذات يوم، لكن صحوته لا بد لها من أسباب، و"لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم". ما في أنفسنا هو ثقافة موروثة لا تعطي أهمية للعلم إلا إن كان شرعياً، فترى أحد "رجال الدين" يوجه الناس بحكمته مصراً على تسفيه أهمية العلوم التطبيقية من طب وهندسة وفلك وجيولوجيا، باعتبارها علوم مادية لا أهمية لها، بينما يعتبرالعلوم الغيبية هي أرقى درجات العلم كونها ترقى بالإنسان إلى الروحانيات. ورب سؤال هنا أي علم بها إن كانت غيبية لا يمكننا إدراكها؟ وما في أنفسنا هو أننا ما زلنا "خير أمة أخرجت للناس"، بغض النظر عن مدى التزامنا بما جاءت عليه تلك الأمة، وبالتالي علينا التفرغ للعبادة وسنستفيد مما ينتجه "الكفار" المسخرون لخدمتنا، وهنا يحضرني ما كان ينقله الدكتور الراحل محمد شحرور عن أبيه قوله بما معناه أننا نحمد الله على كون من…
الخميس ٢٨ مارس ٢٠٢٤
خاص لـ هات بوست: عدا عن مسلسلات رمضان، وجد "المسلمون" ما يشغلهم ويثير حفيظتهم، لم تعنيهم الأهوال التي يعيشها أهل غزة بقدر ما عنته لهم تصريحات علي جمعة مفتي مصر السابق، حتى أن طلاب الجامعة طردوه وأهالوا عليه الشتائم، وكأنه مرتد أعلن خروجه عن الإسلام. كل ما قاله هذا الرجل هو أن الجنة تتسع للجميع، المسلم وغير المسلم، ويجوز تهنئة المسيحي بعيد الميلاد. لا عجب، فهذا ما كرّس في العقل الجمعي وما درسته الكتب، ولم يشفع للرجل تاريخه ولا علمه بل ربما على العكس سيكون الهجوم عليه أكثر حدة من غيره. والموضوع يعكس جوانب عدة، برأيي كلها مهمة. فأن يكون الشباب على هذه الدرجة من الاستفزاز لمجرد سماع رأي مخالف لما اعتادوا عليه، فهذا أمر جدير بالملاحظة، حيث يفترض أن يكون الجيل الجديد على قدر من الوعي يؤهلهم لآراء أكثر رحابة، ناهيك عما يتكرر دائماً بهكذا مواقف، حيث يدافع عن الدين بشتائم لا تليق، إن وجدها الشاتم لائقة بالمشتوم فهي لا تليق بالدين المدافع عنه. وأن نبقى على هذا الحال من عدم سماع الآخر ومقارعته بالحجة إن وجدت، بلا هيجان وانفعال، فإنه مدعاة للإحباط، إذ ما زالت ردود أفعالنا بعيدة عن التعقل. ثم مفهوم أنك تريد الدخول إلى الجنة وتسعى لذلك، لكن لماذا تعتبر أن الطريق إليها يمر من استكثارها…
الأربعاء ٠٦ مارس ٢٠٢٤
خاص لـ هات بوست: في عام 1975 بدأت الأمم المتحدة بالاحتفال في الثامن من آذار كيوم عالمي للمرأة، بعد مطالبات استمرت عقود ناضلت خلالها النساء في بلدان مختلفة للحصول على المساواة في الأجور وحق الانتخاب وحق العمل والحصول على الامتيازات مقابل الكفاءة، وما زال هذا اليوم معتمداً وما زالت النساء تطالب بحقوقها، على تباين تلك الحقوق المسلوبة بين بلد وآخر ومجتمع وآخر، لا سيما حين تنهش الحروب مناطق عدة فيصبح أهلها يحلمون بحق العيش لا أكثر، وتصبح معاناة النساء على أشدها فلا تطلب المرأة إلا الحد الأدنى الذي يمكن أن تناله، وتغدو الأعباء المعتادة أشد ثقلاً، سواء من حيث التدبير المنزلي والعناية بالأطفال وتأمين طعامهم ولباسهم، أو من حيث أمورها الشخصية ومستلزماتها الصحية، عدا وهو الأهم ما يمكن أن تتعرض له من اعتداء جنسي أو تحرش. وإذا كان الغرب ينشر ما بين حين وآخر فضائح التحرش والاتجار بالبشر، مشهرّاً بأبطالها، ننعم نحن بأخبار سبايا داعش، فنرى في مشهد سريالي نساء "الخليفة" يتحدثن عن سباياه بشيء من الأريحية، يغطين من خلالها ما يصيبهن من امتهان لا يرقى بالطبع، برأيي، لما أصاب "السبية" المسكينة. بحثت عن الموضوع فوجدت فتاوى مختلفة، إحداها صادرة عن دار الإفتاء المصرية في عام 2015، تعتبر ما قامت به داعش "هو بيع للحرائر وتقنين للاغتصاب وإكراه على البغاء…
السبت ١٠ فبراير ٢٠٢٤
خاص لـ هات بوست: ستقول لي تحية الإسلام هي "السلام عليكم"، سأرد عليك هي تحية جميلة بلا شك، لكن كتاب الله يقول لك {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} (النساء 86) وإن كنا توارثنا في بلاد الشام "مرحبا" فلا بأس وعليك بقوله {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} (النساء 94). ستقول لي: حبذا لو تعلمت أحكام التجويد أولاً، سأقول لك فهم الآيات لا يتطلب تجويدها. فهل تقبل التمعن ببعضها في عجالة، فقد أتاحت لنا مواقع التواصل الاجتماعي الاطلاع على الغث والسمين، والتعليق هنا وهناك، وملاحظة ما يبدر عن الناس من شتم وتهكم وإهانات، تحت راية الغيرة على الإسلام. فإن وجدت صورة لإمرآة تعتبر أنت أن ملابسها غير محتشمة فحبذا لو حفظت لسانك، ولم تنعتها بأقبح الصفات بل تذكر قوله تعالى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (النور 4) فلا تتهمها أنها "غير محصنة" وتكن من الفاسقين، ولا تنسى قوله تعالى {اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} (الحجرات 12). وباعتبار أننا في سورة الحجرات، وبعيداً عن مواقع التواصل، لعل من المفيد لك أن تتابع قراءة الآية السابقة: {وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ…
الأربعاء ١٧ يناير ٢٠٢٤
خاص لـ هات بوست: كانت أمي رحمها الله تقضي فروض صلاة يومين مع كل يوم، أي ما يعادل على الأقل 34 ركعة إضافية، خوفاً منها أن تكون قد قصرت يوماً في أداء الصلاة، إلى أن كاد اليأس ينتابها ذات يوم، عندما سمعت في برنامج إذاعي ما قاله أحد الشخصيات "الإسلامية" آنذاك، بما معناه أنك مهما فعلت لن تنجو من عذاب الله بدليل أن صديق رسول الله (ص) وثاني الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المبشرين بالجنة عمر بن الخطاب قد رآه أحد الصحابة في حلمه بعد عشرين سنة من وفاته، رآه يمسح عرقه فسأله عن حاله فأجاب: "الآن قد فرغت ولولا رحمة ربي لهلكت". فكان لسان حال أمي: أين أنا من عمر؟ كم سنة سأقضي بالعذاب إذاً؟ ما الفائدة من كل هذه الصلوات؟ ثم ما لبثت، الحمد لله، أن عادت بعد أيام إلى ثقتها برحمة رب العالمين وتابعت ما مشت عليه. ربما يشكل الوازع الديني والخوف من العذاب رادعاً لكثير من الناس، كما يشكل الطمع بالجنة حافزاً للالتزام بطاعة الله، لكن الموضوع كما أراه متشعب، الفرع الرئيسي فيه هو ما تم إغفاله في تربيتنا ومناهجنا وإعلامنا وكل ما حولنا، أن الله تعالى "رحمن رحيم" غلب الرحمة على العذاب، ووعدنا {إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ…
الخميس ٣٠ نوفمبر ٢٠٢٣
خاص لـ هات بوست: "تدعوكم الأمم المتحدة للمشاركة في حملة "لا عذر" المناهضة للعنف ضد النساء خلال الفترة بين الخامس والعشرين من شهر تشرين الثاني والعاشر من كانون الأول المصادف لليوم العالمي لحقوق الإنسان" تقرأ هذا الإعلان ضمن فاصل من مشاهد عنف لا تحتمل، وخرق لقوانين الأمم المتحدة ولحقوق النساء والرجال والأطفال، وتتأمل بكم الشعارات التي يجري تجاوزها كل يوم دونما أعذار. إلا أن الحملة تلك، قد خصت المرأة لمناهضة العنف ضدها، على اعتبار أن هذا شأن أممي لا يقتصر على بلد دون غيره، فالنساء في كل زمان ومكان يتعرضن لشكل من أشكال العنف غالباً يفوق ذاك الذي يمكن أن يتعرض له الرجال، وإذا تركنا العنف جانباً فما زالت النساء حتى في أكثر المجتمعات "تحضراً" تعاني من تمييز في التعامل، سواء في الأسرة أم العمل أم غيره. لا يختلف الأمر في مجتمعاتنا، بل الثقافة العامة شديدة الاقتناع بتميز الرجل، ابتداءً من البيت حيث الطفل الذكر هو المفضل باعتباره يكفل استمرار العائلة وامتدادها، ويحق له ما لا يحق لأخته بمختلف النواحي، وهو الوريث الضامن لانتقال إرث الأسرة لأفرادها فقط دون تسرب إلى الفروع أوالغرباء، وهو سيكبر ليكون الرجل المعيل لأهله مادياً ومعنوياً، فيما ستتزوج البنت وتذهب لعائلة أخرى وغير مطلوب منها بهذه الحال أي مسؤولية تجاه أهلها إلا شيئاً من الرعاية…