الثلاثاء ١٨ فبراير ٢٠١٤
مشكلة الازدحامات، بل الاختناقات المرورية، إذا اعتبرنا الاختناق مرحلة أكثر صعوبة من الازدحام، طلّت من جديد، وبشكل أسوأ من السنوات الماضية، ولم تنفع معها كل المليارات التي تم صرفها على توسعة الطرق، وفتح شوارع جديدة، وبناء المزيد من الجسور والأنفاق، وخلاف ذلك، لم تنجح مشروعات التوسعة، ولا يمكن أن تنجح، لأنها مجرد حل مؤقت يخدّر الموقع فترة بسيطة، ثم ما يلبث الألم أن يعود بعد انتهاء مدة المخدر! أسباب الازدحامات المرورية كثيرة، ولا داعي لإعادة ذكرها، فالجميع يعرفها، ويعرف تفاصيل التفاصيل عنها، والمشكلة التي بدأت تكبر بشكل أسوأ تكمن في الضرر الذي بدأ يلحق بسكان المناطق الواقعة على الطرق الرئيسة المزدحمة، تحولت حياتهم إلى معاناة حقيقية، في الخروج من المنزل أو الرجوع إليه، من دون ذنب اقترفوه سوى أن حظهم أوقعهم على معبر الذاهبين والعائدين يومياً من الشارقة وإليها! المشكلة ليست في الطرق، ولا في مشروعات البنية التحتية التي تنفذها هيئة الطرق، فهي واحدة من أفضل الطرق عالمياً، وبنية دبي التحتية متفوقة على مدن عالمية أوروبية وأميركية، لكنها تبقى ذات قدرة استيعابية محدودة، سرعان ما تمتلئ بالسيارات حتى بعد توسعتها مرات عدة، وبناء عليه فإنه من المنطقي أن تبدأ خطوات معالجة الازدحامات من أساس المشكلة لا من نتائجها، وأساس المشكلة يكمن في الزيادة الكبيرة لعدد السيارات، ونتيجة لهذه الزيادات ظهرت…
الثلاثاء ٢٨ يناير ٢٠١٤
«عندما يتعلق الأمر بالأمن القومي لبريطانيا لا تسألوني عن حقوق الإنسان»، تصريح شهير لرئيس وزراء بريطانيا، لا أعتقد أنه يحتاج إلى مزيد من التوضيح، فالأمن القومي لأي دولة هو أولوية قصوى لا تضاهيها أولوية، وسعي الدول إلى الحفاظ على أمنها يتيح لها اتخاذ ما تشاء من تدابير، بغض النظر عن اتفاق العالم معها أو ضدها بشأن هذه التدابير! لم يحدد كاميرون في تصريحه ما هو الأمن القومي الذي يقصده، وإشارته إليه بشكل عام دليل واضح على أن لكل دولة الحق في تحديد أولوياتها الأمنية، وكل دولة هي المعنية بوضع ما تشاء تحت مسمى الأمن القومي، فأولويات الدول ليست متشابهة، وظروفها ومكوناتها أيضاً ليست كذلك، لكن الشبه يكمن في اتفاق الجميع على ضرورة الحفاظ على الأمن القومي، والتشدّد أيضاً في كيفية وطريقة الحفاظ عليه! بريطانيا ليست استثناء، وهناك الولايات المتحدة الأميركية، فهي تعطل كثيراً من القوانين التي تندرج تحت مسمى حقوق الإنسان عندما يتعلق الأمر بالأمن، فالرئيس الأميركي من حقه إصدار قانون يجيز لقوات الأمن اعتقال المشتبه فيهم لمدد غير محدودة، مادام الأمر يتعلق بالأمن القومي أو الإرهاب، وهناك قوانين أخرى كثيرة في أغلبية دول العالم، ولا فرق هنا بين دولة عظمى وصغرى، أو دولة ديمقراطية أو شمولية، ولا دولة متقدمة أو نامية، فالحفاظ على الأمن القومي هدف واحد، لا يمكن…
الثلاثاء ٢١ يناير ٢٠١٤
قبل سنوات عدة أصدرت إحدى الجهات العالمية المتخصصة في السياحة تقريراً تناول العديد من مدن العالم، وصنّف هذا التقرير مدينة أبوظبي على أنها «منطقة مملة لا روح فيها»، والآن وبعد أقل من 10 سنوات، صنفت هذه الجهة مدينة أبوظبي ضمن أفضل 10 وجهات سياحية في العالم. هذه النقلة النوعية الكبيرة لم تأتِ من فراغ، وهي بكل تأكيد ليست عشوائية، بل هي نتاج خطط متوسطة وطويلة الأمد، وعمل دؤوب واستراتيجيات قابلة للتنفيذ تم وضعها والعمل على تنفيذها بدقة وإخلاص. وأولى خطوات النجاح كانت في مواجهة المشكلة، فعندما صدر التقرير المذكور، لم يتعامل معه المسؤولون في أبوظبي على أنه تقرير مغرض وموجّه لأغراض سلبية، بل تعاملوا معه على أنه تحدٍّ كبير تنبغي مواجهته، والاستفادة منه، فكانت أولى الخطوات إنشاء جهة مختصة في تنظيم القطاع السياحي، تعمل على تطويره وسدّ نواقصه وثغراته، فكانت هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، التي عملت منذ إنشائها بأفكار وسواعد وطنية، لتحسين موقع المدينة السياحي وتطوير المنشآت السياحية فيها، واستقطاب الزوّار والسيّاح للدولة عموماً، ومدينة أبوظبي خصوصاً. وبدأت أبوظبي تسير بثقة في المجال السياحي، واستطاعت تحقيق قفزات سريعة في مراحل وقتية قصيرة، فقبل سنوات قليلة لم تكن هناك أي مشاركات دولية للمدينة، ولم تكن هناك حملات إعلامية وترويجية، ولم يكن هناك موقع إلكتروني خاص بالإمارة، والآن تنتشر مكاتب الترويج لأبوظبي…
الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠١٣
لن يشعر العالم بحجم الكارثة الإنسانية التي يمر بها اللاجئون السوريون وأطفالهم، كونها وببساطة أكبر من أن تستوعبها العقول، وأكبر من حجم تخيلات البشر، فالمأساة الإنسانية السابقة على فظاعتها أصبحت اليوم أضعافاً مضاعفة مع موجة البرد والثلج والصقيع! أجساد الأطفال تواجه البرد الشديد دون عازل ولا وسائل تدفئة، في ما عدا خيام اكتست جميعها باللون الأبيض من الداخل والخارج، يفترش اللاجئون الثلوج، ويتجمدون داخل خيامهم، والعالم لا يملك سوى تصويرهم، وبث مأساتهم للجميع، لتصبح القضية ضعفاً وعجزاً عن حماية أرواح الأطفال والنساء والعجائز أمام مرأى ومسمع العالم! قاتل الله الجهل والسياسة، إنهما السبب الرئيس لما يحدث في سورية، الجهل في قتل الأطفال وإبادة شعب تحت أسماء غريبة، مثل الثأر لدم الحسين رضي الله عنه، والثأر للسيدة زينب، والثأر لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما ذنب أطفال يموتون بعد أن يتجمدوا من البرد في دم أحد! هناك من يقتل من أجل الحسين، مقابل من يقتل من أجل الحوريات، هذا ما قاله رئيس الائتلاف الوطني السوري أحمد الجربا في كلمته الجريئة والمباشرة أمام قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في قمة الكويت. الجربا تحدث في كلمته عن مجازر النظام السوري وكيف حوّل بشار الأسد سورية إلى مختبر للفتنة الطائفية، عبر إدخاله «حزب الله» وإيران على خط مواجهة الثورة…
الأحد ٠٣ نوفمبر ٢٠١٣
التحديات التي تواجهها دول مجلس التعاون الخليجي في هذه الفترة العصيبة هي الأخطر من نوعها، وسوف يحمل لنا المستقبل القريب المزيد من هذه التحديات الإقليمية والعالمية، المؤشرات واضحة، وتؤكد ذلك، فهي لا تحتاج إلى تكهنات أو تحاليل سياسية عميقة، ولا تنظير من أهل السياسة والإعلام، كل ما نحتاجه لمعرفة هذه التحديات والمصاعب متابعة مجريات الأحداث والتحركات على مستوى إقليمي ودولي، ومقارنتها بالتاريخ السياسي لا أكثر ولا أقل! ومادام الأمر حتمياً، فمن الضروري أيضاً أن تقتنع جميع دول المجلس دون شذوذ أي منها، بألا مجال لمجابهة هذه التحديات ومواجهتها بشكل منفرد، والسبيل الوحيد للعبور إلى بر الأمان هو مزيد من الترابط والتلاحم، وتوحيد المواقف والإجراءات، وإن كان الطريق للوحدة الخليجية مازال بعيداً فلا طريق آخر أمام دول مجلس التعاون لتسلكه سوى توحيد المواقف ووحدة الصف. الإمارات دائماً ما تعبر عن هذا الموقف، وتسير سياستها الخارجية بشكل واضح نحو هذا الهدف، وهي تسعى للتجمع، وتكره التشتيت والتفرق، وهي دائماً وأبداً تسير في نهج واضح لم يتغير، هذا النهج هو ما عبر عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أمس، خلال استقباله أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، حين قال: «دول الخليج كلها يد واحدة.. وشعب واحد.. ومصير واحد، يوحدنا التاريخ…
الإثنين ٢١ أكتوبر ٢٠١٣
مخطئ من يعتقد أن التغيير والتطوير في دولة الإمارات مرتبطان بالوفرة المالية فقط، فوجود المال ليس حكراً على الإمارات وحدها، ولكن تطور الدولة المتسارع سببه الحقيقي يكمن في العقول، والتغيير في نمط التفكير، والابتعاد عن النمطية والتقليدية، وتوجيه الأفكار وتركيزها لخدمة الناس وضمان سعادتهم ورخائهم. هذا هو التوجه العام الذي يلاحظه كل من يزور قاعة الخدمات الحكومية في معرض جيتكس العالمي، الذي افتتحه، أمس، صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، فجميع الدوائر الحكومية والوزارات الاتحادية تتنافس بشدة في سبيل تقديم الخدمات الإلكترونية والذكية لخدمة المتعاملين والتسهيل عليهم، هذا التسهيل يتم في كثير من الأحيان بطرق خيالية لم تكن تدور في خيال أكثر المتفائلين. عندما تكون هناك رؤية واضحة، وقيادة تعرف بالضبط كيف تضع الأهداف والخطط الاستراتيجية، وكيف تجعل المسؤولين التنفيذيين يطبقونها بدقة، فالنجاح لابد أن يكون حليف الجميع، وهذا هو ما يحدث هنا، وبفضل ذلك صنعت الإمارات، بشكل عام، ومدينة دبي بشكل خاص، الفرق، وتميزت في تقديم خدمات سهلة مميزة بطرق راقية لا يستطيع كثيرون منافستها فيها، وهذا ما استطاع محمد بن راشد آل مكتوم أن يفعله، عندما استطاع تغيير العقليات، وتغيير المفاهيم، وقلب المصطلحات لمصلحة المتعاملين والمراجعين، فأصبحت جميع الدوائر، ومعها جميع المديرين، يبحثون عن رضا المتعاملين، ويقضون الساعات الطويلة لبحث أفضل وأسهل وأحدث طرق تقديم الخدمات…
الأربعاء ٢٥ سبتمبر ٢٠١٣
من مبادئ وأساسيات الإدارة، تفويض الصلاحيات، وإعطاء استقلالية شبه تامة للوحدات الإدارية في المؤسسة، خصوصاً إن كانت تلك المؤسسة ضخمة، وتضم وحدات إدارية كبيرة، كل منها يقارن بدائرة منفصلة من حيث عدد الموظفين، والمستفيدين من الخدمات، وحجم العمل الذي تقوم به هذه الوحدات. لكن مع الأسف.. هذا المبدأ الإداري البسيط يجهله بعض الإداريين الجدد في تولي المسؤولية، فيعتقدون ــ وهم مخطئون ــ أن نزع الصلاحيات وتكديسها في أيديهم، هما نوع من السيطرة والتحكم، وضرورة من ضرورات المنصب، تعطي صاحبه فخامة ووضعاً مميزاً، في حين أنها آفة إدارية كبيرة تسمى في علم الإدارة «مركزية»، وهي بداية النهاية للمسؤول الذي يعشق تطبيقها! المركزية هي خط أحمر في إمارة دبي، ووجودها لن يستمر في جميع دوائر دبي، لأنها من المحرمات التي تؤثر في تقديم خدمات مميزة للمراجعين، وتالياً تؤثر في سمعة المدينة وتنافسيتها، قد تطل بين فترة وأخرى بسبب كوادر إدارية غير مدربة بشكل جيد، أو مسؤولين جدد في عالم المسؤولية، يحاولون إعطاء أنفسهم أكبر من حجمها، إلا أن المركزية لا تستمر طويلاً في دبي، ونهايتها غالباً ما تكون مع نهاية مطبقيها، هكذا علمتنا التجارب، وهكذا هو تاريخ الإدارة في دبي، لا يقبل هذا السلوك الفردي أبداً! المركزية لا يمكن إخفاؤها، فهي غالباً ما تولّد بيئة سلبية، وهذه البيئة السلبية تولّد التذمر ورفع…
الخميس ٠٦ يونيو ٢٠١٣
حصول دولة الإمارات على المرتبة الأولى عالمياً في كفاءة الأجهزة الحكومية، ليس أمراً عادياً، هو إنجاز ضخم بحجم ضخامة العالم، وأمر أشبه بالمستحيل وفق معطيات هذا الجزء من العالم، لكنه ليس مستحيلاً إطلاقاً وفق معطيات ورؤية دولة الإمارات وقادتها، وحكومتها التي لا تعترف بالمستحيلات، ولا تعرف سوى مواجهة التحديات والتغلب عليها. قد لا يدرك البعض أن الوصول إلى المركز الأول عالمياً لم يبدأ اليوم، كما لم يبدأ منذ سنة أو سنتين أو حتى عشر سنوات مضت، بل بدأ قبل أن تقوم هذه الدولة، بدأ في خيمة صغيرة جداً، على هضبة رملية، في منطقة صحراوية لا حياة فيها تدعى «سيح السديرة»، اجتمع فيها قائدان تاريخيان، اثنان من أحكم وأشجع وأذكى أبناء الأمة العربية، جلسا في تلك الخيمة مفترشَين التراب، يخططان ويرسمان مستقبل هذه المنطقة بأسرها، وطموحاتهما لا تحدها حدود، ولا تصل إليها العقول! المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان والشيخ راشد بن سعيد، اتفقا في تلك الخيمة في أواخر الستينات على الوحدة بينهما، وفتح الباب لمن يريد الدخول فيها، كانا واثقين بالنجاح، ويحلمان بحياة عصرية، قبل أن يدرك أهل المنطقة معنى الحياة العصرية، تصافحا وقال الشيخ زايد بن سلطان للشيخ راشد بن سعيد: «اتفاقنا هذا هو حجر الأساس الذي سيشيد عليه البنيان بإذن الله»، قال ذلك وهما يجلسان على التراب في…
الإثنين ٢٧ مايو ٢٠١٣
الإمارات لا تسعى إلى التميز والتطور من أجل سمعة خارجية، ولا من أجل ضمان نجاحها في مقارنات مع غيرها من الحكومات، لا تفعل ذلك إلا لهدف واحد أعلنه مراراً رئيس الحكومة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وأكد عليه في كتابه «ومضات من فكر» حين قال: «وظيفة الحكومة هي تحقيق السعادة للمجتمع، نعم فعملنا اليومي هو تحقيق السعادة». حكومة الإمارات سعت منذ أن تولاها محمد بن راشد إلى تطوير نفسها وخدماتها لتسهيل حياة الناس، وعملت على تنفيذ هدف استراتيجي وضعه لها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، فالمواطن أولاً وثانياً وثالثاً، ومن أجله تعمل كل الوزارات والدوائر، وتحقيق السعادة والرفاه وتقديم أفضل الخدمات له هما وظيفة الحكومة الإماراتية التي تفخر بتقديمها للشعب. ووفق هذه الأهداف تحولت الإمارات من الحكومة التقليدية إلى الحكومة الإلكترونية في عام 2001، واستطاعت تحقيق نقلة نوعية من خلال هذه الحكومة التي تقدم جميع خدماتها عن طريق الـ«أون لاين»، وتسابقت الدوائر المحلية والوزارات الاتحادية لتحقيق تطلعات القادة وتقديم أفضل الخدمات الإلكترونية للشعب، لكن محمد بن راشد لم يكتفِ بذلك، ولن يكتفي بما هو آتٍ، فالطموح عنده لا حدود له، وكلما وصل إلى قمة يتطلع إلى القمم التي تليها، هذا نهجه ومنهجه في الحياة، ولذلك فإن ما بين 2001 و2013، هناك 13…
الخميس ٠٢ مايو ٢٠١٣
زيارة تاريخية بمعنى الكلمة، تلك التي قام بها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، إلى بريطانيا، بناء على دعوة من جلالة الملكة إليزابيث ملكة بريطانيا، فهي لم تكن أبداً زيارة عادية، فكل تفاصيلها تدل على أهمية دولة الإمارات لدى المملكة المتحدة، وتعكس مدى عمق علاقات الصداقة المميزة بين البلدين، التي تمتد إلى ما قبل تأسيس دولة الإمارات بسنوات طويلة جداً. الملكة إليزابيث لم تخفِ ذلك، ومزجت أحاسيسها الشخصية بالرسمية في كلمتها بمناسبة زيارة صاحب السمو رئيس الدولة، خلال مأدبة الغداء التي أقامتها في قصر ويندسور، حيث قالت: «أتذكر أنا والأمير فيليب ـ بشغف كبير ـ زيارتنا إلى الإمارات عام 1979، وكذلك زيارتنا الأخيرة عام 2010، وقد أثارت إعجابنا العادات والتقاليد الإماراتية، التي تتميز بالدفء وحسن الضيافة». ولم تكن كلمة الملكة، فقط، هي المؤشر الوحيد إلى أهمية الزيارة، وأهمية ضيف المملكة الكبير صاحب السمو رئيس الدولة، بل كان هناك كثير من المؤشرات السابقة التي تؤكد ذلك، ففي «البروتوكول» والتقاليد الملكية البريطانية العريقة، والتي تضرب بجذورها عبر تاريخ طويل ممتد ومتواصل منذ مئات السنين، لكل حركة مغزى، ولكل خطوة دلالة، وفي كل شيء إشارة إلى شيء آخر، لا تترك الأمور للصدفة أبداً، فالدقة بل الدقة الفائقة، هي أهم مميزات البروتوكول البريطاني، خصوصاً إذا كان الأمر يتعلق بجلالة الملكة.…
الجمعة ٢٦ أبريل ٢٠١٣
لن نشعر أبداً بقيمة الماء إلا إذا فقدناه، عندها سنندم على كل قطرة أهدرناها، فهو أثمن وأغلى شيء يمكن أن نخسره، وهو حالياً من أرخص الأشياء التي نحصل عليها، هذه المعادلة لن يفهمها كثيرون إلا عندما تصل درجة الخوف من فقدان الماء لتصبح هاجساً يتحكم في عمليات استخدامه، ولنستحضر دائماً ذلك الملك الذي خرج إلى الصحراء، وفقد حصانه، وكاد أن يهلك من العطش، فأتاه رجل بكأس ماء، وقال له بكم تشتري هذه الكأس؟ قال له: أشتريها بملكي كله. وبعد أن شرب قال جملته الشهيرة: لا بارك الله في ملك لا يساوي كأس ماء! عودة إلى الواقع، بعيداً عن القصص، فهو يشير إلى أن دولة الإمارات واحدة من أكثر دول العالم سهولة في حصول الفرد فيها على الماء، وهذا شيء جميل، لكنه تحول إلى ممارسة سلبية للغاية، فسهولة الحصول على الشيء دائماً تفقده قيمته، وهذا ما حصل، فهدر الماء في الإمارات أيضاً هو الأعلى عالمياً، ووصل متوسط استهلاك الفرد اليومي من الماء إلى 500 لتر، في حين أن المعدل العالمي لا يتجاوز 200 لتر في اليوم! والمشكلة الكبرى أن الاستخدام الجائر للماء لايزال مستمراً، وإذا استمر معدل الاستهلاك، كما هو الآن، فالطلب على الماء سيتضاعف إلى نحو تسعة مليارات متر مكعب بحلول عام 2030، فهل نحن جاهزون لذلك؟ وضعنا المائي غريب…
الخميس ٢١ مارس ٢٠١٣
شخصياً لست مع تخفيض سن الحصول على رخصة قيادة السيارات إلى 17 عاماً، لكن ذلك ليس هو المهم، فقرار من هذا النوع يجب ألا يكون أبداً بناء على آراء شخصية، بقدر ما يجب أن يُتخذ بناء على أبحاث ودراسات ميدانية، وضوابط وإجراءات عدة، وهذا ما بحثه وناقشه، أمس، مجلس السياسات والاستراتيجيات في وزارة الداخلية، برئاسة سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان. قبل سنوات عدة، دار جدل كبير حول هذه القضية، تحديداً عندما أعلن المستشار اللواء محمد سيف الزفين وجود فكرة، أو دراسة، لتخفيض سن الحصول على الرخصة، وكلا الفريقين كان محقاً في وجهة نظره، لم يكن هناك مخطئ وصائب، بل كان هناك فريقان يملكان الحق في ما يقولون، فخفض السن له كثير من السلبيات، التي يجب عدم إغفالها، كما له إيجابيات يراها بعض الأهالي ضرورية وملحة. ولاشك في أن الجدل سيبدأ بدرجة أكبر، اعتباراً من اليوم، حول الموضوع ذاته، بعد أن تجدد طرحه بمستوى أعلى، في أنحاء المجتمع بشكل عام، وفي كل بيت يضم فتى في هذه السن، أو أقل بقليل على وجه الخصوص، الرافضون لمشروع القرار سبب رفضهم الرئيس هو الحفاظ على سلامة أبنائهم، في ظل تزايد الحوادث المرورية، وزيادة عدد المواطنين الشباب الذين راحوا ضحية هذه الحوادث، خلال العام الماضي، على سابقه، خصوصاً أنه لا يمكن أبداً…