الثلاثاء ٢١ فبراير ٢٠١٧
في مفاجأة مدوية من العيار الثقيل عادت «الجماعة الأم» إلى الواجهة مجددًا، وكذلك فعل الدكتور يوسف القرضاوي، الرمز الأول للإسلام السياسي اليوم من زاوية حادة وضيقة ستسبب كثيرًا من العواصف على مستوى الأحاديث المتفرقة عن مستقبل الإسلام السياسي وجماعة الإخوان، بين دعوات حل التنظيم في أكثر من بلد وتحوله إلى حزب مدني سياسي، وبين تكهنات بدخوله مرحلة العنف الكامن، وإعادة البناء ومحاولة استفزاز الفضاء الإسلامي العام عبر تصريحات مثيرة للجدل، كان آخرها نعي «عمر عبد الرحمن الزعيم الروحي والحركي للجماعة الإسلامية» الذي كان يقضي عقوبة السجن مدى الحياة لتورطه في هجمات نيويورك 1993. في موقعها الرسمي على شبكة الإنترنت نعت «الجماعة» رمز التطرف المسلح في مصر السبعينات، وأحد أهم منظّري التكفير والخروج على الأنظمة؛ من نظام عبد الناصر وحتى مبارك، وصولاً إلى تكفيره للحكام المسلمين والعرب؛ بدعوى ترك فريضة الجهاد وعدم تحكيم الشريعة، وجاء في نص النعي أن الجماعة «تتقدم بخالص التعازي إلى أسرة وطلاب ومحبي الشيخ الدكتور عمر عبد الرحمن، الأستاذ بجامعة الأزهر، المغفور له بإذن الله، الذي قضى نحبه صابرًا في محبسه بالسجون الأميركية»، ويمكن قراءة حجم التزوير والتلون والتلاعب بالمصطلحات، حيث اختزلت سيرة الدم لرمز الجماعة الإسلامية، ومساره العنيف الذي أودى بالمئات من الأبرياء على رأسهم المفكر فرج فودة، إلى وصفه بالمغفور له والأستاذ بجامعة الأزهر وفقيد…
الثلاثاء ١٥ سبتمبر ٢٠١٥
لم يكن الحوثي شيئًا مذكورًا لولا تحالفه مع نظام صالح بما يملكه من شبكة واسعة ممتدة على كل جغرافية اليمن ما قبل عاصفة الحزم بفضل اشتغاله على التناقضات عبر عقود من العمل الحزبي الفردي بواجهة سياسية كون من خلالها واحدة من أعقد التحالفات بين القبائل ورؤوس الأموال والأنصار تحت مظلة «المؤتمر»، هذه حقيقة لا يمكن القفز عليها في مرحلة ما بعد صالح والحوثي التي بدأت تباشيرها الآن حيث يتبقى إقليم آزال وصنعاء التي يعتقد صالح أنها ملاذه الأخير، حيث بدأ بحشد كل قوته للبقاء هنالك، بل وبث الرعب بين الأهالي عبر سياسة الاعتقال والتجنيد القسري والترهيب، لكن ذلك أيضًا ما كان له أن يفلح لولا التحالف مع المؤسسات التي بناها الحوثيون على مدى السنوات الماضية وتحديدًا منذ تأسيس فكرة «أنصار الله» على طريقة حزب الله اللبناني، حيث قام الحوثيون باستغلال هذا البلد الفقير والمهمل لعقود لتدشين مؤسسات خيرية وتعليمية على طريقة «حزب الله» في الجنوب اللبناني، وساهم تراجع وإخفاق الدولة إلى تحول مناطق الشمال وتحديدًا صعدة وصنعاء إلى ما يشبه فكرة المجتمع المنفصل أو الدولة داخل الدولة. التركيز الغربي على «القاعدة في اليمن» وفي غيرها يعطي مجالاً لنمو الميليشيات الشيعية المتطرفة والمسلحة، وهذه حقيقة يجب رصدها حيث استهداف أي تنظيم لا يعني دخول البديل المدني أو السياسي، بل ترك الساحة…
الثلاثاء ٢٨ يوليو ٢٠١٥
لم ولن يكون الاتفاق النووي شيئا ذا بال، لو تم امتلاكه من دولة غير ثورية، بمعنى تلك الدول التي ليس لها طموح توسعي بقدر الحفاظ على مصالحها، وعدم التدخل في شؤون الآخرين، ومن هنا يمكن تفسير الفزع من الاتفاق النووي، فهو لا يرى في إيران غير وجهها الثوري المصدر للثورة والأزمات وتقويض الدول وإحياء المعارضات بأنواعها، بل والتحالف مع مكونات متجذرة كالإسلام السياسي بشقيه السني والشيعي، ليس الأمر كما يبدو مجرد اتفاق مبدئي وبعده يتناول الإيرانيون «البيغ ماك» من ماكدونالدز وتعم البهجة الإقليم. الاتفاق النووي سيتيح لإيران بسط نفوذها في المنطقة، ليس عبر الاستفادة من المتنفس الاقتصادي بعد رفع الحصار، بل بإخراجها من محور الشر إلى دولة ذات نفوذ إقليمي من المفترض استثماره في الحرب على الإرهاب. والحق أن التوازنات بالمنطقة تغيرت إلى الأبد بعد إعلان الاتفاق النووي بين إيران والدول الست الكبرى، فتحسين العلاقات لن يخص الولايات المتحدة راعية «الإنجاز» كما يقال؛ بل هرعت الدول الأوروبية إلى مد يدها إلى نظام الملالي مما يعني تغير المعادلات الإقليمية ومرحلة جيوسياسية كبرى في المنطقة تشمل الشريط الملتهب في الإقليم من اليمن فسوريا فالعراق فلبنان. صحيح جدًا أن ذلك يأخذ وقتًا طويلاً لإحداث تقدم في هذه الحالات المتوترة في المنطقة لا سيما مع تلكؤ الجانب الإيراني كما التركي في حرب حقيقية ضد…
الثلاثاء ١٢ مايو ٢٠١٥
ما تشهده المنطقة من فوضى عارمة وصعود منطق الميليشيات والمجموعات الإرهابية تحت مظلة الإسلام السياسي سنية وشيعية، يؤكد أن جزءًا كبيرًا من الخريطة الكلاسيكية للنظام الإقليمي قد انهار إلى غير رجعة، وبات استجداء عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل حرب الخليج، فغزو العراق، فالحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، ثم «الربيع العربي»، أقرب إلى التمني منه إلى قبول نتائج تلك الرضّات السياسية القاسية التي عاشتها المنطقة. الشرق الأوسط لم يعد كما كان على عدة مستويات، فالحدود الجغرافية تغيّرت وتم حرثها من جديد بفعل انهيار مفهوم الدولة أولاً، واقتسام قوى سياسية إقليمية لخريطة الدول المهشمة في محاولة لابتلاعها عن طريق التبعية، كما تفعل إيران في أكثر من موقع بدافع الهيمنة التي تؤهلها إلى الدخول في معترك التفاوض بأوراق أكثر فاعلية من شأنها إقناع الطرف الأميركي والغربي في أي حوارات تخص المنطقة. تحول العراق إلى ساحة لتجريب حدود الهيمنة الإيرانية، وكان لبنان قبل ذلك، ثم سوريا لاحقًا، فاليمن في محاولة حثيثة لبناء خط متواز استراتيجي من شأنه إبقاء الخليج المستقر والأمن على حافّة الخطر. كشفت «عاصفة الحزم» أن انتظار التحالفات لا يفيد في هذه اللحظة الحاسمة، فكان اتخاذ القرار سريعًا ومفاجئًا لقطع الطريق على نظام طهران وإيصال رسالة سياسية واضحة. في خضم هذا التهور والاندفاع الإيراني لتجريف الإقليم سياسيًا، بعد أن بات…
الثلاثاء ١٨ نوفمبر ٢٠١٤
في آخر إصدار صوتي للخليفة المزعوم أبو بكر البغدادي بعنوان «ولو كره الكافرون»، الكثير من الرسائل الخطرة التي بعث بها إلى المجتمع الدولي وإلى أتباعه وإلى التنظيمات العنفية في المنطقة. مانفيستو البغدادي هو إعلان جديد للحرب بأولويات واستراتيجيات جديدة تهدف إلى رفع معنويات أتباعه، واستقطاب المزيد من الكوادر، وتوسيع نطاق المعركة، وجر القوات الغربية إلى حرب برية من شأنها، في حال تفوق «داعش»، تغيير المعادلة في المنطقة، كما أنها ستحرج المجتمع الدولي في حال بقاء الضربات الجوية التي لم تؤت أكلها حتى الآن. بالطبع الهدف الأساسي للخطبة هو التأكيد على بقاء «داعش»، وتمددها، وفشل التحالف، واستهداف مناطق جديدة، وولايات تنضم إلى دولة «داعش»، وهي مستجدات تؤكد أن بقاء الحال على ما هو عليه لن يساهم في القضاء على «داعش»، وإنما يحوله إلى وحش مخيف على الأرض يستقطب الأتباع الذين سيرون في هذا التنظيم الدموي خلاصهم، إذا ما أدركنا حالة «الموات» والغيبوبة العنفية التي دخلت فيها «القاعدة»؛ التنظيم الأم. استهداف السعودية كان الملمح الأبرز لخطبة البغدادي؛ من حيث اللغة والمحتوى والتركيز على جعل أمن المملكة العربية السعودية هدفا أساسيا لـ«داعش»، وهو ما يطرح السؤال: لماذا السعودية؟ في الأساس يدرك «داعش» الثقل السعودي في الحرب عليه، على مستوى الشرعية وأيضا التشريع والاستراتيجية الأمنية؛ من حيث الشرعية لا يمكن تخيل نجاح الحرب على…
الثلاثاء ٠٧ أكتوبر ٢٠١٤
واحد من التحولات الكبرى في عالم الإرهاب اليوم والتي لا يجري الحديث عنها، انتقال العقل الإرهابي من مرحلة التنظيم الشبكي المبني على مرجعية شرعية مستقرة نسبيا ترفع شعارات ذات طابع ديني، إلا أن دخول «الإرهاب الفوضوي» الذي تقود زمامه «داعش» وأخواتها الآن هو تغير في المعادلة الداخلية لخريطة الإرهاب ورموزه ومقولاته ووعوده وجدله الداخلي. من يتابع ردود الفعل في الفعاليات الإرهابية على الإنترنت («تويتر»، منتديات جهادية، بيانات، حوارات) يكتشف لحظة الانفصال هذه، فمع كل التأييد والمباركة من زمرة الإرهابيين خارج ساحات معارك القتال، فإنه لا يختلف كثيرا عن استغلال بعض أجنحة الإسلام السياسي لقضية «داعش» لمحاولة تقويض الأنظمة العربية بـ«شتاء إرهابي» بعد فشل «الربيع العربي الناعم»، لكن تلك المباركة تخفي تحتها ركاما من الانهيارات والدمار داخل البيت الجهادي. القصة تبدأ من لحظة الانقسام داخل الحركة الجهادية العالمية التي كانت تقودها «القاعدة»، وتخلي رموز كالظواهري وأبو قتادة ورموز قاعدية لها وزنها عن صمتها لتنتقد «داعش» وخروجها عن خط «القاعدة»، ثم لاحقا تبقى «داعش» وتتمدد وتعلن الخلافة، لتقويض ما تبقى من إرث «القاعدة»، ليخرج منظرو العنف، وهم أهم مكون إرهابي فكري، إذا ما علمنا أن ما يسمى الحركة الجهادية منذ البدايات ارتبطت بعدد من المنظرين والمفكرين الذين كانوا يمنحون الشرعية لتصرفات «القاعدة» التي لم تكن في نظرهم تخرج عن «النص» الجهادي. لذلك…
الثلاثاء ٢٣ سبتمبر ٢٠١٤
لا يمكن القيام بدور فاعل دون فهم حقيقي لما يجري في اليمن؟ ما يطرح الآن هو إشعال فتيل الأزمة من خلال تدويرها بشكل طائفي كما يحاول دعاة الموت تثوير الحالة اليمنية والقذف بها إلى الحرب الأهلية الطويلة التي لن يسلم منها أحد ولا يمكن لطرف الانتصار دون طرف آخر. قبل أي شيء يجب وضع نصب أعين الجميع أن اليمن مرّ بتحولات عميقة ما بعد الثورة، لكنها لم تسلط عليها الأضواء بسبب حالة «الإهمال» لليمن الذي تتحمل القوى السياسية جزءا من المشكلة لما أعطته من انطباع سيئ لدى المجتمع الدولي بلغ حد الابتزاز السياسي؛ حيث من السهل لأي طرف سياسي مؤثر في اليمن التحالف مع الجميع ضد الجميع ولأسباب تزيده تمكينا على الأرض. اليمن، البلد الذي يقبع تحت 60 مليون قطعة سلاح، كأقل تقدير، لا يمكن التأثير فيه دون معرفة المكوّنات الفاعلة والصراع السلطوي بينها قبل الصراع على السلطة المرتكزة في صنعاء تحديدا، بحيث لا يمكن لأي طرف سياسي أن يقتطع حصّة من السلطة إلا بتهديد العاصمة التي باتت مسرحا لصراعات سياسية في غاية الخطورة والتذاكي والاستهتار بمقدرات البلد. وللأمانة فإن معالجة المجتمع الدولي للأزمة اليمنية دون المستوى بسبب عدم فهم طبيعة هذه الجمهورية التي تنتقل من سلطة القبائل إلى سلطة الطوائف بسبب استهتار القوى السياسية الفاعلة. لنلقِ نظرة سريعة ومكبّرة…
الثلاثاء ٢٦ أغسطس ٢٠١٤
حقيقة مُرّة على المستوى الأخلاقي أن الولايات المتحدة لم تكترث بـ«داعش» إلا بعد قتل الصحافي الأميركي جيمس فولي في العراق، وهذا الكم من الاستهجان في الصحافة الغربية لطريقة القتل، وهو مبرر جدا إلا أنه يبعث على السؤال: هل انتقلت الولايات المتحدة إلى الانكفاء نحو الذات بعد هذا الخراب المتصاعد الذي يحل بالمنطقة، منطق الأحداث يقول نعم كبيرة رغم التحرك الأميركي المحدود ضد «داعش» فإنه جاء بسبب إحراج «داعش» لكبريائها، وبالتالي فإن العبء سيكون كبيرا جدا على الدول المحيطة بغول «داعش» في حال عدم اقتناع المجتمع الدولي بمدى الخطر، وفي حال لعب «داعش» على هذه التناقضات السياسية، وسيظل يتحرك بإيقاع يمنحه المزيد من الشهرة والاستقطاب، لكن بحذر لا يجلب القوات الأجنبية للديار. عودا إلى الصحافي الأميركي فإن حالة القتل البشعة ليست بأولى حالات التطرف الديني منذ انفجاره في السبعينات، كل هذا الاستنكار ومشاعر الذهول والدهشة فقط لأن «القتل» بات سينمائيا على طريقة هوليوود لذا يحظى بذات رد الفعل الوقتي القصير، مشهد فولي يذكر بواحد من أهم أفلام شرح العنف في التسعينات عن قاتل فوضوي مهووس نفسيا بالتطهّر يتتبع ضحايا وقعوا في الخطايا السبع، وكان أداء كيفن سبيسي (أوسكار) واحدا من اللقطات الخالدة وهو مشهد مطابق لقتل الصحافي الأميركي؛ صحراء واسعة وهدوء مرعب من القاتل وكلوز أب على طريقة ديفيد فينشر المخرج…
الثلاثاء ١٢ أغسطس ٢٠١٤
هناك رعب وخوف يمكن أن تقرأه في عيون الأشخاص العاديين الذين لم يقرأوا من قبل عن التطرف والإرهاب و«القاعدة» وأخواتها وأخيرا «داعش»، التجربة المتكاملة لتنظيم متطرف انقلابي يسعى إلى إقامة دولة وبطريقة ذكية تقرأ التوازنات الإقليمية والاستخبارات وليست بسذاجة رفاق الأمس الذين كانت أحلامهم على الأرض لا تعدو سوى الإثخان في العدو والشهادة ولقاء الحور في السماء، بينما تعدك «داعش» بكل شيء بدءا من إلغاء الحدود والفوارق والصعود السريع في هرم التنظيم وصولا إلى التمكين في الأرض وبناء الدولة والعيش وفق أسلوب حياة ونمط بدائي يعزز من الصورة الذهنية لمجتمعات الثغور في التاريخ الإسلامي وبطريقة تسويقية تستقطب المغيبين بحلم الخلافة الذي بات فكرة مسيطرة تداعب أحلام الأجيال الجديدة التي تشبه نظراءها في كل شيء سوى الفكرة المسيطرة، فشباب «داعش» لم ينزلوا من السماء، هم، خاصة الأجيال الجديدة، مشدودون وبارعون في التقنية سريعو التقلب والتأثر وسلم القيم لديهم مضطرب جدا، تبرز قيم الاستئثار والشجاعة والحميّة وإثبات الذات لكن في أشكال وقوالب وصيغ دينية لمنح هذه النفسية المضطربة بعض المعنى، بينما تتجلى في المجتمعات الشبابية في شكل ألعاب عنيفة وسلوك غير سوي... إلخ. صحيح أن ثمة وعيا كبيرا يتخذ شكل القلق والخوف من التطرف والإرهاب، لكن هذا الخوف هو فقط من التورط الأمني أو التأثيرات الكبرى من العمليات الانتحارية والتفجير، لكن هذا…
الثلاثاء ٢٢ يوليو ٢٠١٤
رغم كل هذا الدمار الذي يحل بـ«غزة» عبر جرائم الحرب الإسرائيلية التي طالت أكثر من 400 من المدنيين، كانوا وقود المغامرات السياسية الرخيصة وذلك بتحويل هذا الجزء من القطاع إلى ورقة ضغط سياسية ومحاولة أخيرة لإنقاذ معسكر الإسلام السياسي المقاوم والدول المطبّعة الراعية له التي أفاقت من صدمة خروج الإخوان المسلمين من استحقاقات الربيع العربي بهذه المفاجأة من «حماس» للالتفاف على الحالة المصرية وإعادة تثويرها، فحماس في هذا التوقيت اختارت سلاح المقاومة الفعّال باعتباره مخالب إقليمية بيد تركيا وقطر، ليس لإعادة بعث مشروع الإخوان الذي بات مجرد ذكرى مؤلمة، بل لمحاولة الدفع بهذا التحالف السياسي الذي يجمع تيار الممانعة بشقيه السني والشيعي، وبالتالي فهو ثمن سياسي كبير ووجبة تفاوضية دسمة، لكن الفاتورة الإنسانية والحقوقية كبيرة إلى الحد الذي ربما نسف شرعية ومصداقية «حماس» بالكامل لولا أن وجودها جزء من بقاء مشروع الدولة اليهودية الذي يطرح بشكل أقوى كلما أمعنت حماس في استغلال مفهوم «المقاومة» ليس على الأرض، وإنما على الشاشات ودهاليز السياسة الخفية، والتحول إلى ورقة ضغط سياسية في الداخل الفلسطيني تجاه حركة فتح التي رغم أخطائها لم تكن هي وحركات لا تتفق وآيديولوجية حماس معزولة عن توترات الصراع مع إسرائيل في صعودها وهبوطها بين خيارات المقاومة المسلحة والرهان على المفاوضات ولاحقا طالت يد الممانعة تيارات إسلامية غير مسيسة كالتيارات…
الأربعاء ١٨ يونيو ٢٠١٤
هل أصبحت «داعش» لغزا عسيرا على الفهم، كما يوحي هذا الكم من المعلومات المتناقضة والمتباينة والتحليلات التي تتوسل نظريات مؤامرة في غاية التعقيد؟! هذا التعاطي الذي يقترب من حدود «الأسطرة»، بتحويل «داعش» إلى أسطورة، مقصود لذاته في حال استثنائي وصلنا إليه بعد «الربيع العربي» حيث الإرهاب والوحشة والبشاعة التي لا يقبلها عقل أو دين تتحول إلى كارت سياسي مهم تلعب كل الأطراف حتى المعادية على استغلاله بشكل جيد، وهنا لب «الأزمة»، فالاستغلال السياسي يجب ألا يحجبنا عن قراءة ظروف تعملق وتضخم هذه التنظيمات بعد فشل الربيع العربي. إذن كيف بدأت القصة؟ باختصار «داعش» هي منتج إرهابي منفصل عن «القاعدة» بعد أن كانت جزءا منها، ثم أضيفت إليها أفكار جديدة، إلى أن آل الوضع إلى هذا المزيج الذي يقترب من العصابات المنظمة منه إلى عمل جماعات العنف المسلح الدينية (بذور «داعش» تعود للخلاف الفكري بين تيار الصقور الذي كان يمثله الزرقاوي، و«القاعدة» التقليدية، وبعد مقتله ومقتل أبو حمزة المهاجر دخلت «داعش» مرحلة مشروع الدولة في العراق). تبدو «داعش» في عيون «الجميع» لغزا محيرا ينسب تارة إلى إيران وتارة إلى العراق وتارة إلى بشار وتارة إلى الولايات المتحدة، ناهيك عن الاتهام الاستعدائي الذي يعبر عن أزمة ترحيل الأزمات السياسية الإيرانية الشهيرة، والتي اقتبسها المالكي حين أطلق اتهاماته جزافا تجاه المملكة والخليج، وبشكل…
الأربعاء ١٢ مارس ٢٠١٤
البيان الذي أصدرته طائفة من علماء محافظتي القطيف والأحساء من الإخوة في الطائفة الشيعية، انعطافة مهمة جدا وتاريخية نظرا للتحولات التي تعيشها المنطقة وخاصة وضعية «المملكة» بحجمها وثقلها وعبورها رياح الأزمات، إضافة إلى ارتفاع منسوب الاستهداف لاستقرارها الذي لا تخطئه العين (تصريحات المالكي الأخيرة ليست آخر المطاف). أهمية هذا البيان سياسيا تفوق كل التأثيرات الأخرى، فهو بمثابة إعادة إنتاج العلاقة مجددا مع مراعاة المتغيرات على الساحة منذ أن لخبط «الربيع العربي» الأوراق، وساهم في بعث طموحات وأفكار الإسلام السياسي بشقيه السني والشيعي للرهان على أنموذج الربيع، وهذه نقطة تسجل لصالح شجاعة رموز الإسلام السياسي الشيعي الموقعين على البيان الذي لم يقابله حتى الآن بيان من الضفة الأخرى ورموز الإسلام السياسي السني لأسباب تعود إلى حالة الإنكار والذهول التي يعيشها أبناء الخطاب بعد السقوط المدوي للجماعة الأم في مصر وانعكاسات ذلك على المشهد الخليجي، وهو ما يعيد ترتيب الأسئلة، وأهمها: لماذا ما زال إخوان الخليج والسعودية يعيشون حالة الإنكار فيما يحاول إخوان تونس وتركيا وسوريا والسودان واليمن وحتى إخوان الأقليات المسلمة في أوروبا التعايش مع خصوصية مشاهدهم المحلية من دون تبني سقوط تجربة مرسي وبديع وفشلها كمسألة وجودية؛ حياة أو موت؟ الإجابة التي لا يتسع لها هذا المقال تكمن في عدم استقلالية الإسلام السياسي الخليجي عن مرجعيته الحركية بمعنى أنه لا…