الإثنين ٠١ أكتوبر ٢٠١٢
ظهرت في الأيام القليلة الماضية مقالات تندد بالخسائر الاقتصادية لثورات الربيع العربي وتدعو الثوار إلى ترك عمليات الاعتصام والمظاهرات والعودة إلى أعمالهم. وقد يُستشف من بعض هذه المقالات ملامة على الثوار الذين عطلوا بعض المصالح الاقتصادية وهم يجاهدون سلمياً بالاعتصامات والمظاهرات لتحقيق حلم الأمة وأمنياتها في الحرية والكرامة والديمقراطية. كمدخل لمناقشة هذا الموضوع، أريد التأكيد على أن علم الاقتصاد وأسواقه الحرة لا تنتج خبزاً ومالاً ينعم به كل العاملين المنتجين ومعهم عامة المواطنين إلا إذا قام هذا الاقتصاد على قاعدة متينة من الحرية السياسية التي تكون فيها السيادة لحكم الشعب والقانون. لقد عرفت كثير من الدول العربية وخصوصاً في الخليج العربي الاقتصاد الحر منهجاً لها لكن ذلك لم يفض إلى سماء تمطر ذهباً على الجميع كل بقدر جهده وعمله، وإنما أفضى إلى استغلال المذهب الاقتصادي الحر لتكريس وتكديس ثروات ليس الإنتاج مصدرها وإنما استغلال السلطة في ظل غياب الديمقراطية وحكم القانون. الحرية الاقتصادية لا تؤتي ثمارها الحقيقية التي بشَّـر بها…
الإثنين ٠١ أكتوبر ٢٠١٢
أول من افتتح هذه الجامعة هو رسولنا صلى الله عليه وسلم حينما أمره ربه بقوله (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) أي رد باللطف والرفق على من عاداك وسبك وشتمك فسوف يتحول العدو إلى صديق ويصبح كالقريب الحبيب أي حوّل باللطف الأعداء إلى أصدقاء ولا تحوّل الأصدقاء بالعنف إلى أعداء، فما الذي حصل لنا نحن؟ لماذا أغلقنا جامعة (ادفع بالتي هي أحسن) وافتتحنا جامعة (نرد على الصاع بصاعين) وتربينا على ثقافة: لقنه درساً لا ينساه، وسببته سباً يدخل معه قبره، وسحقته هو وآباءه وأجداده من آدم وجاي، ولست الوحيد الذي أنكر على مجتمعنا القساوة والفظاظة والغلظة والجفاء والكراهية والعدوانية حتى إنك تشاهد المجتمع فإذا هو: (غضبان، طفشان، زهقان، كحيان، هريان، جوعان، عطشان، يشعر بالحرمان) وقد سبقني في هذه الملاحظة الأستاذ الدكتور عبدالله الغذامي في كتاباته، وقال الفيلسوف إبراهيم البليهي: نحن مجتمع شرس ومفترس ومتوحش، وكل عاقل ومنصف يلاحظ وضعنا عند الجدال والخصام والاختلاف فيجد…
الإثنين ٠١ أكتوبر ٢٠١٢
لا شك في أن التصريح الذي أطلقه وزير الشؤون الاجتماعية حول عدم وجود ما يمنع تولي امرأة منصب وزيرة للشؤون الاجتماعية لا يعتبر قفزة في التفكير الإداري لمهمات إدارة الشؤون الاجتماعية، بل من بديهياته الغائبة عن التفكير الاجتماعي، ولهذا قال: «أتمنى لو تأخذ مكاني امرأة»، فمهمات هذه الوزارة هي أقرب المهمات للمرأة وإمكاناتها على الأقل بحسب ما يتعارف عليه المجتمع التقليدي المحافظ، فيما تجاوزت المجتمعات الأخرى هذا المفهوم فوصلت فيها إلى منصب رئيسة وزراء ورئيس دولة وقاضية وعالمة فضاء. وزارات الشؤون الاجتماعية في العالم كله من أبرز مهماتها رعاية الفقراء، وثلثاهم غالباً من النساء الأرامل والمطلقات والمهجورات، كما ترعى مؤسسات الطفولة التي تُعنى بالمعوقين وذوي الحاجات الخاصة واللقطاء واليتامى، وتشرف أيضاً على جمعيات خيرية نسائية المستفيد الأكبر منها المرأة والطفل، فهل يتناقض هذا مع قدرة المرأة على العمل الاجتماعي الذي تخصص فيه عدد كبير من النساء السعوديات المؤهلات منذ أكثر من نصف قرن؟ ما الذي يمنع من أن تدخل أول…
الإثنين ٠١ أكتوبر ٢٠١٢
القبيلة في ليبيا هي مَن تقود المجتمع الليبي اليوم نحو تأسيس دولة مدنية تكون دولة القانون والنظام. وأبناء القبائل في ليبيا هم مَن قرروا طرد الجماعات المتطرفة من مناطقهم ومدنهم. بل إن بعض مشايخ القبائل الليبية أعلنوا سحب الحماية القبلية عن أيٍّ من أبناء القبيلة ينضوي تحت لواء جماعات العنف المسلحة في ليبيا. القبيلة في ليبيا تتبنى مشروع الدولة المدنية وتحميها. وهي اليوم أهم مكوّن ومؤثر في بناء الدولة الجديدة في ليبيا. وفي اليمن كانت القبيلة وما زالت «صمام أمانٍ» للسلم الاجتماعي داخل اليمن. ولولا عقلانية القبيلة وواقعيتها لتحقق حلم الرئيس السابق باندلاع حروب أهلية تطيل أمد مماطلاته وألاعيبه. وبعض مَن يمارس النقد الجاهل ضد القبيلة، خصوصاً من مثقفينا وكتابنا، ينطلق في تعميماته من زاوية ضيقة لا ترى في القبيلة سوى العصبية الجاهلة. ينتقدون القبيلة وهم – في حياتهم العملية – يمارسون يومياً «القبائلية». فالشللية والمناطقية والفئوية من أشكال العنصرية البغيضة، خصوصاً حينما يحرم بسببها إنسان من حقه أو يُمنح…
جمال خاشقجيكاتب سعودي ويشغل حالياً منصب مدير قناة "العرب" الإخبارية
الأحد ٣٠ سبتمبر ٢٠١٢
احتفلنا قبل أيام في السعودية بيومنا الوطني، فدعيت للمشاركة في البرنامج الحواري الشهير «الثامنة مع داود الشريان»، فجرى حديث صريح بحثاً عن حلول للبطالة التي عكرت صفو يومنا الوطني، إذ عبّر كثير من الشباب السعوديين في ذلك اليوم عن إحساسهم بتخلي الوطن عنهم وهم يتقلبون في نير «البطالة والفراغ» اللذين قيل فيهما «مفسدة وأي مفسدة»، فقلت إن ما من حل جذري ممكن لها إلا أن نرجع «بلداً طبيعياً» بالتحرر من الاعتماد المطلق على العمالة الأجنبية. أغرتني جملة «أخرجوا الأجانب من جزيرة العرب» فقلتها، فتداخل معي الأستاذ الشريان صاحب اللسان اللاذع فقال «تقصد العمالة.. العمالة»، إذ لا يريد إحياء ذلك الشعار الذي استخدمته «القاعدة» في حربها على الدولة والمجتمع قبل سنوات، فوظفوا الحديث النبوي الصحيح «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب» في غير مقصده، بغية تدمير اقتصاد البلاد وعزلها عن العالم، وذلك قبل أن تكسر الدولة شوكتهم. بالطبع لم أقصد إخراج الأجانب بإطلاق العبارة من دون تقييد، فالمملكة بلد منفتح، وذات اقتصاد…
الأحد ٣٠ سبتمبر ٢٠١٢
أحيانا قد تكون حياتنا مرآة تعكس أحلامنا تسبح في بحر من خيال وجهتك شواطئ الأمل، و رغم كثرة الأمواج وغزارة الأعماق تصل سالما لمرفأ النجاح ! هكذا هم الحالمون يختارون أحلامهم و مواعيد استيقاظهم و يبدأون مشوار نجاحهم بينما البعض يغط في سبات عميق. أؤمن أن كل الأشياء الكبيرة في حياتنا بدأت بحلم ، حلم صغير جدا نفصله على مقاسنا ، كصاحبنا هذا الذي بدأ حلمه صغيرا جدا بحجم عائلته و مدينته و عندما توفي متأثرا بمرضه ترك للبشرية مدينة من الأحلام تتسع لكل الأحلام. (كلما كانت الصعوبات قاسية كان النجاح باهرا) لم يترك للبشرية سلاحا مدمرا و جائزة عالمية يكفر بها عن ذنبه! بل استطاع أن يتحدث مع خيالنا ويداعب خيالات أطفالنا رسم القصص وصورها وأنتجها وقدمها للعالم في وقت كانت فيه الحروب العالمية تطحن العالم، لم يكن صديقنا تاجرا محترفا لأن التاجر تكبر تجارته سريعا أمامه في حياته بل كان فنانا يحمل قلب كاتب، صادف الفشل مرات وتغلب…
الأحد ٣٠ سبتمبر ٢٠١٢
كشفت لنا قنوات الإعلام الجديد – ولا تزال تكشف يوماً بعد يوم - تسجيلات موثقة صوتاً وصورة للعديد من المواقف التي قد تكون تصريحاً ارتجالياً أصدره مسؤول تجاه موضوع ما ، أو قد تكون جزءاً من حوار تلفزيوني أقطابه غالباً شخصان تصادمت وجهات نظرهما حول موضوع معين فأفرز ذلك الحوار فجاجة في الأسلوب أو انحطاطاً في الحوار ، وسواءً أكان أبطال هذه المواد المعروضة مسؤولين نافذين أو إعلاميين بارزين أو مغمورين أو ضيوفاً متصارعين في حلبة استديو قناة معينة ، فإن هذه المواقف في مجملها ليست بالأمر الجديد و قد تكون حاضرة في أي حوار ، لكن الجديد هو توثيقها ونشرها على نطاق واسع ووقوعها في يد كافة شرائح المجتمع ، وأن تحضى بقدر كبير من المتابعة ثم تتحول بعد فترة وجيزة إلى مادة دسمة تتصدى لها الصحافة ويفرد لها كتاب الرأي مقالات عديدة ، في اعتقادي أن ثمة ثقافة جديدة يتم تصديرها عبر هذه الآلية في التعامل ، باعتبار…
الأحد ٣٠ سبتمبر ٢٠١٢
الاتجاه نحو سن عقوبات ضد من يستغل قنوات التواصل الاجتماعي للشتيمة والقذف والإساءة للآخرين خطوة تستحق في رأيي التقدير والدعم. لدينا بعض ممن يغالط نفسه وهو يشتم مخالفيه باسم حرية التعبير. ونصادف يومياً من يتبرقع بالاسم المستعار ثم يكيل التهم الظالمة والشتائم و«قلة الأدب» ضد أصحاب الرأي المختلف وكل ذلك تحت مظلة «حرية التعبير». في كل بلاد الدنيا المتحضرة وعريقة التاريخ الديمقراطي والإعلامي توجد أنظمة وقوانين تحدد ما يندرج ضمن «حرية التعبير» وما يتجاوزها إلى القذف والشتيمة. صحيح أن من واجبنا أن نحذر من استغلال حماية الناس من ممارسي الشتيمة والقذف على مواقع التواصل الاجتماعي لقمع الآراء أو التضييق على الرأي الناقد المتزن. لكن –في المقابل– نحن فعلاً مطالبون بحماية المجتمع من أكاذيب وشتائم قلة وجدت ضالتها في تلك المواقع لاختلاق القصص الكاذبة والترويج للشائعات والشتائم. قنوات التواصل الاجتماعي تشكل في الأساس منابر مهمة للحوارات الثرية وللتأسيس لجو من الحوار المؤدب حول القضايا والأفكار من دون شتائم وأكاذيب. هي مهمة…
الأحد ٣٠ سبتمبر ٢٠١٢
الغرب عند البعض يرتبط بالتقدم التقني، وبتطور القوانين والدساتير الحافظة للحريات والعدالة والاجتماعية والديمقراطية ومبادئ تداول السلطة، والتعايش السلمي وحماية الأقليات، وكذلك منح النساء فرصاً متزايدة في المؤسسات والحياة العامة، كما يعني العناية بالبحث العلمي وتقدم علوم الفضاء وتطبيقاتها، وغيرها من مميزات التقدم في مسيرة البشر، إلا أنه عند الشيخ المصري السلفي العضو في اللجنة التأسيسية للدستور المصري يعني شيئاً غير ذلك كله، ومن هذا المنطلق تجرّأ وطالب بتخفيض سن الزواج في مصر، وقيل إنه حدده بـ9 سنوات، وقيل إنه تركه للنضج العاطفي، وهي مسألة محل خلاف. الشيخ السلفي احتزم بالغرب واستشهد بهم في سياق يقول إنهم “أي الغرب” يسمحون للفتيات بممارسة العلاقات الجنسية في سن الرابعة عشرة، مما يعني جاهزيتهن للزواج، وهو كما يقول لا يدعو إلى تقليدهم في هذا، ولكنه يستغل هذه الحقيقة لتأكيد صحة ما يقترحه، وأنا لا أعرف من أين جاء بهذا الكلام، وكيف قرر صحته، فالولايات المتحدة تعتبر أن استمالة فتاة دون سن الـ18 جريمة…
السبت ٢٩ سبتمبر ٢٠١٢
صور الأطفال التي تطل علينا في الصباح على صفحات الجريدة ويكتب تحتها طفل تنحره خادمة بالساطور، أصبحت تتكرر، وحين لا يجد الأهالي ما يفسّر لهم هذه الجريمة فهذا يثير رعبهم ويجعلهم يتصورون أنهم بإزاء خطر قد ينتج منه ظلم زائد لحماية أنفسهم. لا يوجد مبرر للتعاطف مع الجريمة أياً كانت دوافعها، لكن معرفة الدوافع من المنبهات التي تحمينا من الجريمة، وخصوصاً تلك الجريمة البشعة: قتل طفل على يد خادمة. عندما تنطلق قصة من الصحافة لتتحول إلى قضية رأي عام فإن الهدف منها هو أن تقودنا لعملية تبصّر قانوني واجتماعي يكافح الجريمة ويحفظ حياة الناس ويمنع ضياع الحقوق، لكن ما يحدث لدينا غالباً أن هناك دائماً طرفاً مداناً هو الخادمات الشريرات اللاتي يسحرن ويقتلن ويهربن ويُقِمن علاقات غير مشروعة مع الرجال. ونشر قصص من نوع خادمة تقتل طفلاً أو تؤذي مخدومتها، لا يؤدي إلا إلى تصلب المخدومين، وإصابتهم بالرعب، واتخاذ الإجراءات كافة التي تحميهم بقفل الأبواب، وزرع كاميرات المراقبة، وتجفيف منابع…
السبت ٢٩ سبتمبر ٢٠١٢
يأتيك الصوت من زمن بعيد، لكنك لم تنسه، إنه يختفي بداخلك لكنه لا يغادرك أبداً، تغمض عينيك قليلاً ثم تشاهد ذكريات الطفولة كما لو كنت تشاهدها على شاشة عرض كبيرة. اليوم الأول في المدرسة، ولادة طفل جديد في العائلة بعد أن كنت أنت وحدك طفلها المدلل، موت رجل من الجيران، تخرج ابن الخال من كلية عسكرية، دخول الصف الأول الثانوي، لبس العقال للمرة الأولى، والتجربة المثيرة حينما قدت السيارة للمرة الأولى. ما الذي يعيدنا الى تلك الذكريات بتفاصيلها؟ وماذا عن ذكريات الأمس القريب؟ أهي الطفولة ثم المراهقة المبكرة التي تصبغ الذكريات القديمة جداً بألوان الفرح والبراءة؟ لي صديق عزيز لم أره منذ غادرت الثانوية، كان نعم الأخ ومن أقرب رفاق المدرسة، باعدت بيننا الأيام والاهتمامات، تواصلنا من جديد قبل أشهر، ولا نجيد الكلام في شيء سوى ذكريات الثانوية، وحينما تضيق بنا الدنيا -وما أكثر ما تفعل- نعود لأيام الصبا الجميلة فنجد فيها ملاذاً مؤقتاً من ضجيج يومنا ومخاوف القادم من…
السبت ٢٩ سبتمبر ٢٠١٢
على تخوم الربع الخالي، في واحة صغيرة كانت ملاذاً للقوافل العابرة لإحدى أقسى صحاري العالم؛ يمتد مشروع «ستراتا» لتصنيع أجزاء الطائرات على مساحة 25 كيلومتراً مربعاً بالقرب من مطار مدينة العين. عندما تسمع عن المشروع لأول مرة تظن أنه حملة دعائية للإمارات، أو مصنعاً مملوكا لبوينج أو إيرباص، تقومان من خلاله بصيانة الطائرات الصغيرة في المنطقة. ولكن الحقيقة تقول إنه مصنع إماراتي، يديره إماراتيون ويعمل به إماراتيون وإماراتيات. يُصنّعون فيه، ولا يجمعون، قطعاً من أجنحة طائرات الإيرباص، ويعكفون حالياً على تصنيع أجزاء لطائرات الـ A380 العملاقة. ليصبح قريباً المصنع الوحيد في العالم الذي يُصنّع تلك الأجزاء. وعندما سُئل رئيس مجلس إدارة ستراتا عن سر إقامة مشروع كهذا في الإمارات، قال إنه يمكن الوصول إلى 75% من سُكّان العالم بالطائرة من الإمارات خلال ثماني ساعات فقط. أي إن هذه المنطقة هي إحدى أكثر مناطق العالم تهيئة لصناعة الطائرات. وعلى بعد ساعة واحدة إلى الشمال، يمكن لمن يسكن دبي أن يشهد إقلاع…