السبت ١١ فبراير ٢٠١٢
«عزيزي الذي لم أُحبه يوماً.. هل ما زلتَ تذكرني؟ لا أدري إن كان هناك من يذكرني حقاً! لقد كنتُ أكرهك جداً، وطوال سنين قضيتها متتبعاً لأخطائك، مقتفياً لزلّاتك، كان كرهي لك يزداد يوماً بعد يوم. كنتُ أغضب كلما سمعتُ أحداً يُثني عليك، وكنتُ أستعيذ بالله كلما وقعت عيناي على شيء كتبتَه. إلا أنني أعترف الآن: كنتُ أحب أسلوبك الصريح، وحججك التي كنتَ توردها عندما تتحدث عن خلل في المجتمع، أو في الإنسان. كنت أحب عملك وأكرهكَ أنت.. نعم أنت، حتى أحسستُ أن الكُرْهَ قد استحال كائناً بشرياً يقفزُ في وجهي كلما نظرتُ إلى المرآة. عزيزي الذي لم أحبه يوماً.. أعترفُ الآن: لم أكتفِ بشتمك، وتشويه سمعتك، واتهامك بهتاناً وزوراً، بل ذهبتُ إلى حد تمني موتك حتى طالبتُ يوماً بإقامة الحد عليك وقتلك عندما هنّأتَ النصارى، الذين يتآمرون علينا ويكرهوننا ويصنعون لنا الدواء والسيارات والهواتف والأحذية… بأحد أعيادهم. ولأنكَ كنتَ، كما قيل لي: (ليبرالياً). لم أدرِ ماذا كانت تعني تلك الكلمة،…
الجمعة ١٠ فبراير ٢٠١٢
كتب تحت هذا العنوان قبل زمن ولا بأس من الإعادة للتذكير! لماذا ما إن انتقد مثقف موقفا تنمويا خاطئا أو بحث عن رؤية تنموية جديدة في وطنه حتى اتهم بأنه يبحث عن وزارة؟ أستغرب أيضاً أن من يلقي هكذا تهمة يظن أن “الوزارة” هي غاية مطاف الأحلام الكبيرة وكأن صاحبها قد حقق المجد كله أو أن منصب الوزير هو للتكريم و ليس للعمل الجاد والركض المضني. لكن البعد الثقافي في مثل هذه التهمة – طلب الوزارة – يغريني بطرح أسئلة أكثر: ما الذي يمنع المرء خاصة إن كان مؤهلاً من أن يطمح في الوزارة؟ ولماذا نستكثرها على المؤهل الطموح إن عبر علانية عن طموحه بالمنصب الأعلى في قطاعه؟ قال لي يوماً صديق من طلب الإمارة فلا تؤمروه. وقلت له لا يا شيخ! الغريب أن أكثر من يستدعي مقولات التراث من تلك التي تستكثر على المرء أن يعبر علانية عن طموحه في المنصب هم أناس يقبعون على كراسي المناصب العليا طويلاً.…
الخميس ٠٩ فبراير ٢٠١٢
الأخبار القادمة من نجران تتناقل ابتهاج أهلها بإطلاق سراح هادي آل مطيف بعد سجنه الطويل. هذا الحدث، على أهميته إنسانياً، فيه أبعاد أخرى، لعل المرحلة تفرض أن نقرأها بوعي وعقلانية. ما من مصلحتنا -كمجتمع- أن نعمق «الاحتقان» -أياً كان شكله- لأسباب كان من البساطة تلافيها أو تجاوزها. هادي دفع ثمن موقف غاضب، أو كلمة قالها في لحظة انفعال، وهو اليوم مع أسرته وقبيلته الكريمة، يحتفل بنهاية أزمته. لكن قصة سجنه درس علينا أن نقرأه جيداً. فلو أننا أدخلنا السجن كل «مراهق» تلفظ بكلمات جاهلة في لحظة انفعال أو تهور لأوجدنا في كل مدينة وعند كل قبيلة أزمة. ولو أننا أخذنا بكل فتوى أو نصيحة لربما خسرنا الآلاف من شبابنا؛ بسبب «رأي» لا يرى في الدين العظيم غير ما يراه من يعتقدون أنهم ملائكة وغيرهم شياطين. الحق أن صاحب القرار الأعلى في البلاد أكثر حكمة وأعمق رؤية، وإلا لو تركت المسألة لآخرين لكان أكثرنا في قائمة هادي آل مطيف، وربما أسوأ.…
الأربعاء ٠٨ فبراير ٢٠١٢
ينادي بعض الناشطين في الإمارات والخليج بحملة منظمة ومستمرة للمطالبة باستعادة الجزر الإماراتية المحتلة من قبل إيران. في ظني أن الحملة يجب ألا تتوقف. توقيتها مهم خصوصاً ونحن نتوجس من “لعبة” دولية في المنطقة. من المهم ألا يعتقد أحد أن دول الخليج ستسمح أن تكون الجزر الثلاث كبش الفداء في أي تسوية قادمة. السكوت عن الجزر المحتلة ليس من شأنه فقط زيادة التمادي الإيراني في نظرته الفوقية لدول وأهل الخليج ولكنه أيضا -مع الوقت- قد يقلل من أهمية القضية عند الناشئة في الخليج. إيران تتعمد كثيراً تصعيد التوتر في المنطقة مستغلة الطائفية كورقة للمساومة أو الابتزاز. لم يعد المنطق مجديا في نظرتنا لمواقف إيران من دول الخليج خصوصاً وقد نجحت في استغلال الفراغ السياسي في العراق لصالحها. هي اليوم تشعر بقلق كبير إزاء قرب نهاية حليفها السوري. ومع زيادة الضغوط الاقتصادية والسياسية ستفتعل أكثر من مشكلة في المنطقة من أجل الخروج من مآزقها الداخلية والخارجية. أما الحكمة والصبر اللذان تعاملت…
الثلاثاء ٠٧ فبراير ٢٠١٢
حينما كنا صغاراً في قرية قصية في الجنوب، كنا نسمع عن شخص من قرية مجاورة كان يدرس في فرنسا. كان مثل أسطورة يضيف الرواة فصلاً جديداً من فصولها كل مرة يحكونها. كان أحمد أبو دهمان يواصل دراسته العليا في باريس. وكانت أقصى مسافة في عالمنا لا تتجاوز أبها. فضول الطفولة يقود إلى اعتقاد أن عالما آخر، عالما جديدا، يختفي خلف الجبال التي تلف بناظري من كل اتجاه. ظننت يوماً أن فرنسا التي يدرس فيها أبو دهمان تقع خلف جبل من تلك التي تحاصر قريتي. كانت رحلة أبو دهمان الدراسية حافزاً للبحث عن ذلك العالم الغريب خلف جبال قريتي. بل كانت وقود هواجس الاغتراب من أجل البحث الذي لاينتهي عما يختفي خلف الجبال. جبل يقود لجبل. رحلة اكتشاف تقود لأخرى. كان أحمد يمثل لي “قدوة” في الذهاب للبعيد. في اكتشاف عالم يختفي خلف تلك الجبال. وكانت الخطوة الأولى في رحلة الاغتراب رحلة الدراسة الجامعية في الرياض. وبعد السنة الأولى في الجامعة…
الإثنين ٠٦ فبراير ٢٠١٢
إلى قريب، كنت وحيداً في صفحة «قضايا» كافياً «خيري شري»! لم يكن حولي جيران من كتاب الشرق المبدعين بل كنت مطمئناً أن قارئ «قضايا» ما أن يمل من قضاياه حتى يلتفت يساراً فيقرأ ما تيسر له من مغامرتي. ولهذا فإني أحذر العزيز عبدالرحمن الشهيب، وقد احتلت زاويته مساحتي في قضايا، ألا يعتقد أن مكانه الجديد صار ملكاً خالصاً إذ قد أعود قريباً وأظهرله صكوكاً تثبت أن المساحة إياها ملك ٌخاص ٌ وبأختام رسمية. أما وقد زج بي مع أصدقاء من نجوم الشرق في «الأخيرة»، فلعل شيطان الطمع يشعل فتيل الرغبة في التوسع شمالاً ولو قليلاً. سأحرص على الالتزام بأصول «الجيرة» لعلي لا أعتدي على زاوية إبراهيم القحطاني في ليلة ظلماء فيصبح وقد أخرجت له صك ملكية أصدره كاتب عدل ليس فيه مس من الجن، فلا يملك بعدها إلا «سنين الضياع» في المحاكم. وإن نازعتنا رغبة التمدد – يا أبا خليل – فشهودنا جاهزون وسيقسمون بأغلظ الأيمان أن مساحتك حق لي،…
الأحد ٠٥ فبراير ٢٠١٢
أكتب هذا المقال على متن طائرة “فلاي دبي” المتجهة من دبي إلى أبها. شكراً فلاي دبي أن جعلتِ زيارة والدي وبعض أقاربي في أبها رحلة سهلة وسريعة وغير مكلفة. وشكراً أن أنقذت أمثالي من المرور بمطارات المدن الكبرى في بلادي حيث يكون السفر عبرها معاناة وهدر للوقت. في تلك المطارات، لا تستبعد بعد أن أكدت حجزك وودعت مودعيك أن تكتشف – من دون سابق إنذار – أن مقعدك قد نهب – عيني عينك – أو أن رحلتك قد ألغيت أو أجلت لأجل غير معلوم. تخطط أحياناً أن تسافر ليومين فتضطر أن تغيب عن أعمالك لأيام لأن مطارات المدن الكبرى ما زالت “مغرزة” في فوضى الزمن الذي مضى. أو أنها قد ازدادت تراجعاً. يا لسوء أحوالنا، كيف صرنا نفرح أننا لم نعد نمر بمدننا الكبيرة حيث ذكريات الصبى و موطن الأصدقاء الذين نشتاق فعلاً لرؤيتهم؟ سامح الله من “كرّهنا” في مطاراتنا ومن جعلنا نضع أيدينا على قلوبنا ونحن نسافر بين مدننا.…
السبت ٠٤ فبراير ٢٠١٢
في المملكة العربية السعودية، كما في غيرها، نجوم اليوتيوب هم اليوم من نجوم المرحلة المؤثرين. ثمة ثقافة إعلامية جديدة تتشكل مع وعي شبابي جديد ليس له علاقة بالخطابات التقليدية في محيطه. جيل ليس بالضرورة متورطاً في لعبة «الأدلجة»، بين تيار وآخر، على حساب همومه واهتماماته اليومية. وحينما تقارن وعي وأداء نجوم اليوتيوب بمن سبقهم في الإعلام التقليدي والرسمي ربما تساءلت: من أين جاء هؤلاء الشباب؟ أو: هل هم فعلاً من كوكبنا؟ إنهم عملياً أبناء زمنهم لا زمن من سبقهم. مشكلة الإعلام التقليدي العربي أنه «مغرز» في مرحلة قديمة تجاوزها نجوم الجيل الجديد، بل ليس لهم علاقة بها. في جولة سريعة على أعمال بعض نجوم المرحلة الجديدة تدرك الفارق بين الإعلامي الذي ينتمي ليومه وآخر متورط في أمسه. وهنا قائمة قصيرة بنجوم المرحلة، نجوم اليوتيوب السعوديين، مع اعتذاري للقائمة الطويلة التي لا تسعها هذه المساحة: بدر صالح، فهد البتيري، فراس بقنه، ماجد أيوب، عبدالرحمن البلوي، محمد الغامدي (كلاش)، عبدالرحمن العمار، بدر…
السبت ٠٤ فبراير ٢٠١٢
أخبرني أحد العاملين في قناة تلفزيونية عن دراسة أعدتها شركة أبحاث متخصصة في الدراسات الإعلامية، حول أكثر البرامج مشاهدة في العالم العربي، فاحتلت الدراما العربية وبرامج الإفتاء المباشر رأس القائمة. وحدثني أحد أصدقائي أن زوجته أرسلت رسالة نصيّة عن طريق الهاتف إلى الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف تستفتيهم في قضية ما، فجاء الجواب بجواز فعل ما سألت عنه. فطلب منها زوجها أن ترسل نفس السؤال مرة أخرى بعد نصف ساعة، فجاءها الجواب بالتحريم. فتساءلتُ: لماذا يستميت الناس في البحث عن فتوى في كل شيء؟ وما الجدوى من توفير خدمات (الفتاوى المستعجلة) في كل مكان؟ فهناك عشرات المواقع الإلكترونية، والخدمات الهاتفية، التي لا تكتفي بالفتيا، بل تُفسّر الأحلام أيضاً، حيث قرأتُ قبل أيام إعلاناً وضعته إحدى الجهات (الرسمية) عرضت فيه رقماً مجانياً لاستقبال طلبات تفسير الأحلام! أستغرب كثيراً عندما أدرك بأننا أكثر شعوب العالم دراسة للدين وقراءة لكتب الشريعة، إلا أننا مازلنا أكثرها سؤالاً عن الأحكام الفقهية! وأشعر أحياناً بأن الناس…
جمال خاشقجيكاتب سعودي ويشغل حالياً منصب مدير قناة "العرب" الإخبارية
السبت ٠٤ فبراير ٢٠١٢
ما الذي يدعو روسيا إلى كل هذا الاستبسال من أجل إنقاذ النظام السوري؟ هل تستحق التسهيلات التي يحصل عليها أسطولهم في ميناء طرطوس إحراق سفنهم مع الشعوب العربية القادمة إلى الحكم في هذا الزمن العربي الجديد؟ أم أنها بضعة ملايين من الدولارات يجنونها من صفقات أسلحة مع الجيش السوري؟ لا يعقل، فالتحليل السليم يقول إن علاقة مستقبلية مع العرب أفضل وذات عائد أجدى. هل لأنهم لا يضمنون أن أي حكومة قادمة لن تجدد تلك التسهيلات في طرطوس المشار إليها؟ بالطبع لا يستطيع أحد أن يضمن ذلك حتى لو وعدتهم المعارضة بأنها ستنظر باهتمام إلى مصالحهم في المنطقة، إذا ساعدتهم أو على الأقل وقفت متفرجة حتى يحصلوا على حريتهم المستحقة، إذ لا أحد يعرف بما في ذلك المعارضة طبيعة واتجاه النظام الذي سيختاره الشعب و»الظروف» . هذا «المجهول» يراه أيضاً ويخشاه الطرف الحاضر الغائب في الأزمة السورية، إسرائيل التي يعجز استراتيجيوها عن توقع كيف سيتعامل النظام السوري معها ومع أخطر قضايا…
علي الظفيريكاتب وإعلامي سعودي، وُلد في دولة الكويت في 19 أكتوبر 1975. حصل على بكالوريوس علم نفس تربوي من كلية التربية في جامعة الكويت عام 1997، ثم دبلوم إعلام من جامعة الملك سعود في الرياض عام 1999. عمل في جريدة الوطن السعودية في الفترة من 2002 إلى 2004، وإذاعة وتلفزيون المملكة العربية السعودية ما بين عامي 2000 و2004.
يعمل حالياً كمذيع ومقدم برامج سياسية في قناة الجزيرة القطرية.
الجمعة ٠٣ فبراير ٢٠١٢
برزت مؤخرا حالة شعبية سعودية داعمة للاحتجاجات التي شهدتها بعض البلدان العربية ضد الاستبداد والطغيان، وتكشف الشبكات الاجتماعية – المنبر الوحيد الذي يسمح بحرية التعبير الكاملة – عن هذه التوجهات، ومع اتساع جغرافيا الثورات العربية، ثارت التساؤلات حول احتمالية تأثر البلدان الخليجية برياح التغيير التي تهب على المنطقة، وجاءت الإجابة سريعة في البحرين ومن ثم عُمان التي لم تحظ احتجاجاتها الشعبية بالاهتمام الكافي، أما الكويت فالأمر فيها مختلف تماما، لأن الحراك الشعبي هناك سابق للثورات العربية، وكان شعار “ارحل” الشهير قد استخدمه الشباب الكويتي لأول مرة في ساحة الإرادة ضد رئيس الوزراء ناصر المحمد الصباح. هل هناك احتمالية لاحتجاجات واسعة في السعودية؟ هذا السؤال لقي اهتماما كبيرا من قبل المتابعين في الساحتين العربية والدولية، لوجود انتقادات شعبية واضحة في بعض القضايا، ولقابلية التعميم في الحالة العربية من جهة أخرى، ومثل هذا التساؤل سبق وأن أثير مطلع الخمسينيات مع موجة حركات التحرر الوطنية في العالم العربي، وبما أن المقال السابق في…
الجمعة ٠٣ فبراير ٢٠١٢
في عيد الأضحى الماضي، حضرت مسرحية كويتية أقيمت في دبي. صفق الحضور القليل لإطلالة انتصار الشراح وعبدالرحمن العقل وحسن البلام. المسرحية “التهريجية” حملت عنوان الكابوس. لا تسألني عن النص لأنه كما كان واضحاً من تلك التي ترتب في أمسية واحدة ثم ترتجل سريعاً. ذهبت للمسرحية وذكرياتي القديمة مع المسلسلات والمسرحيات الكويتية تسابقني. الله يا الزمن: كم أمتعتنا انتصار الشراح وعبدالرحمن العقل وقبلهما صف طويل من مبدعين في الموسيقى والمسرح والغناء. أعرف أني كنت ذاهباً لمسرحية “هزلية” كان يفترض فيها أن تكون كوميدية. كانت الكوميديا فيها عبارة عن صراخ الممثلين وتعليقاتهم على بعضهم البعض كأن ينادي ممثل زميله: يا حيوان ويردد أحياناً كلاماً بذيئاً أمام عوائل محافظة وأطفال، كم تمنينا أن نزرع فيهم حب المسرح واحترامه. من قال إن السخرية من أشكال الناس وألوانها ولهجاتها كوميديا؟ شاهد بعض الأفلام الكوميدية العربية وراقب كيف تستخدم الصفعة على الوجه كموقف كوميدي. أمر مخجل. ولهذا لا نستغرب هذا الموت البطيء للمسرح في العالم العربي.…