الأربعاء ١٤ مارس ٢٠١٢
أمس، مائة يوم مرت منذ إصدار «الشرق». وكانت مائة يوم حافلة بالدهشة والإثارة والفضول والبحث الذي لا ينقطع عن أفكار لهذه «المغامرة». كانت ومازالت «مغامرة» مثيرة، لكنها لم تخل من قصور أو بعض المخاطر. مستحيل أن تكتب زاوية يومية وتزعم الدقة وصحة الرأي دائماً. لكنني -صدقاً- أُذكر نفسي يومياً أنني أكتب وعيني على القارئ الكريم. أعود كثيراً للمقالة الأولى من هذه الزاوية، إنها بمثابة «عقد» أدبي ومهني بيني وبين قارئ «المغامرة». نخطئ في الوسط الصحفي حينما نهمل القارئ الحقيقي ونكتب وعيوننا على زملاء المهنة. كأننا نكتب من أجل زملاء الوسط الصحفي لا من أجل القارئ من خارج أوساطنا، لكنني تعلمت الدرس جيداً ووضعت القارئ الكريم نصب العين والعقل والقلب. ولهذا لم أخضع، لا من قريب أو بعيد، للنقد المبطن الذي يصل أحياناً عبر «الوسطاء» أو من خلال تعليقات بعض زملاء المهنة على شبكات التواصل الاجتماعي ممن يتعالون -بجهالة- على هموم القارئ وقضاياه. بعضهم يسخر من الكتابة التي تحفز على التفكير…
الثلاثاء ١٣ مارس ٢٠١٢
حُزن عرعر على الشاب عافت الرويلي هو حزن وطن بأكمله. الأخبار كلها ترجح انتحار عافت بعد أن ضاقت به السبل وهو يبحث عن وظيفة تُؤمن له ولأسرته أبسط مقومات الحياة الكريمة. حزنت للخبر. وتألمت أن نكون في مصاف الدول الغنية ولدينا شاب في مقتبل العمر يقدم على الانتحار لأنه لم يجد وظيفة بعد سنوات من الانتظار. ميزانية بالميارات، ومشروعات بالميارات، وشباب تطوي أعمارَهم السنون انتظاراً لفرصة -هي في الأصل حقهم- يعدونها فرصة العمر: الوظيفة. انتحار عافت جرس إنذار للمجتمع كله. فكم في بلادنا من عافت -لا نعرف عنه شيئاً- مازال يقاوم رغبة الخلاص من هذا الانتظار القاتل لهذا الحلم الذي يبدو بعيد المنال! لم تعد الحلول الوقتية تُجدي مع مشكلة تتفاقم أبعادها السيئة كل يوم وربما كل ساعة. «قنبلة» البطالة تحتاج لمشروع وطني عملاق يؤسس لاقتصاد حقيقي وجاد، ويضمن حلولاً جذرية وواقعية لمشكلات البطالة والبيروقراطية، وكل الأسباب التي تعيق استثمار الميزانيات الضخمة لبناء اقتصاد يستفيد منه شباب الوطن أولاً. الفساد…
الإثنين ١٢ مارس ٢٠١٢
كتبت مقال الأمس على إثر تجمهر طالبات جامعة الملك خالد بأبها نهاية الأسبوع الماضي. وما حدث أمس في الجامعة يؤكد أن أزمة الجامعة تتفاقم سريعاً، لكن فصولها فيما يبدو طويلة وقديمة. لمصلحة من يؤجل البت في مشكلات خصصت لها صفحات على الفيسبوك وتويتر منذ أشهر؟ وأنا هنا لا أقفز لأي نتيجة، لكنني أتساءل عن سر تجاهل مطالب طلاب الجامعة وبعض أساتذتها بإصلاح أحوال الجامعة والوقوف على بعض القصص التي قد تدخل في دائرة الفساد. مشكلات الشباب قد تكون قنابل موقوتة إن لم يتم التعامل معها سريعاً وبمنطق يقترب من ظروف الشباب ووعيهم. فتأخر المكافأة الجامعية -مثلاً- عن طالب أو طالبة في منطقة من تلك التي تسمى بـ «الأطراف» قد تشكل مأساة لعائلة كاملة، فيما هي عند صاحب القرار في «المركز» ليست سوى عشاء في «البرقر كينق» مع العائلة. والطالبات اللائي تجمهرن قبل أيام في الجنوب لابد أنهن شعرن بالإهانة من تجاهل مطالبهن، وإلا لما شاهدنا الآلاف منهن وقد طفح بهن…
الأحد ١١ مارس ٢٠١٢
من دون تأخير، وزارة التعليم العالي مطالبة بالاعتراف بأن ثمة مشكلات خطيرة في جامعة الملك خالد. لم تعد المسألة تحتمل التبرير والتسويف. كل يوم مشكلة جديدة. فالطالبات اللائي تظاهرن قبل أيام في كلية العلوم والآداب من غير المعقول أن يتجمهرن -وهنّ من بيئة شديدة المحافظة - إلا لأسباب لم يعدن معها قادرات على الصمت. المؤسف أن صوتهنّ اليوم في الإعلام غائب. من الحق أن نسمعهنّ وألا نأخذ فقط بموقف الجامعة التي -بالتأكيد- ستعمل على «لملمة» الموضوع وإلقاء اللوم على الطرف الأضعف في المشكلة. وهنا خطأ كارثي آخر. فطالبات اليوم لسن طالبات الأمس. والدليل أن تجمهرهنّ الأخير أصبح خبراً على كل لسان. واحدة من مشكلات الجامعة الكبرى -وهي مشكلة كثير من جامعاتنا الجديدة- في مبانيها. الحرم الجامعي إن لم يعكس بيئة الجامعة في القاعات والمكتبات وبقية الخدمات فما الفرق بينه وبين مدارس الثانوية؟ الأهم أن عقلية الوزارة التي ذبحتنا قبل سنوات بمفخرة «الثماني جامعات» مازالت هي نفسها، كأنها -فيما يبدو- تدير…
مازن العليويكاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية
، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010
، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة
السبت ١٠ مارس ٢٠١٢
لم أكن أستمع إليه إلا عن طريق المصادفة، وكثيرا ما "لخبطت" في لفظ اسمه، إذ يتوارد إلى ذهني أحيانا أنه "شكر فاضل" وليس "فضل شاكر".. لكن الهجوم العنيف الذي تعرض له نتيجة مشاركته في مظاهرة بساحة الشهداء وسط بيروت دعا إليها السلفيون قبل أيام لنصرة أهل حمص وغيرها سيجعل اسمه يرسخ ليس في ذاكرتي فحسب، بل في ذاكرة كثير من المستضعفين الذين اكتووا بقذائف ونيران عسكر وأمن النظام السوري في المدن الثائرة المطالبة برحيله بعد أن أثبتت الأحداث أنه لا يستحق الاستمرار. هاجم أزلام "البعث" وأذناب النظام في سورية ولبنان الفنانَ الرومانسي فضل شاكر لأن وقوفه مع مظاهرة مؤيدة لأحرار سورية والنازفين فيها، وعلى مسافة أمتار منه مظاهرة "بعثية" مؤيدة للنظام، منشدا "سوف نبقى هنا"، جعل صوت الأحرار أقوى.. فضاعت "الأبواق" المؤيدة لوجود "نجم" يهتف مع الأحرار، ويقول لقناة إل بي سي: "أتيت هنا نصرة لأهلنا وإخواننا المظلومين في حماة وحمص وحلب.. يفترض بكل من عنده كرامة ودين أن يشارك…
السبت ١٠ مارس ٢٠١٢
أَدْخُلُ إلى المكتبة باحثاً عن كتب عربية جديدة؛ فأجد روايات صدرت للتوّ، أو كتباً دينية أو سياسية. أطيل البحث فأجدني في القسم الإنجليزي الذي ينضح بكتب جديدة في الإنسانيات، والاختراعات الحديثة، وعلم الحيوان، والسفر، والكتب المصورة، وغيرها. أعود إلى قسم الكتب العربية وأبحث عن كتب القيادة والإدارة التي يفترض بها أن تُغرّد خارج السرب، فأجد أصحابها قد وضعوا صورهم على الأغلفة! أتصفح بعضها فأكتشف أن معظم ما بها عبارة عن ترجمات لكتب أجنبية، وقلّما وجدتُ إنتاجاً عربياً محضاً؛ فأتساءل: إلى أي مدى نشارك نحن العرب في إثراء المعرفة الإنسانية؟ ولماذا نكتب لأنفسنا وعن أنفسنا في أغلب الأحيان، ونعيد اجترار نفس الموضوعات ونكرر نفس الاستشهادات ونقتبس نفس المقولات لنفس الأشخاص التاريخيين، حتى أصيبت عقولنا بالتخمة؟! كلما أردتُ الخروج من هذه القراءات التقليدية أقرأ أحد كتب مالكوم غلادويل، وهو كاتب كندي متخصص في علم الاجتماع، ويعمل حالياً في صحيفة نيويورك تايمز، حيث توصل إلى عدة نظريات اجتماعية فريدة، أهمها «نقطة التحول» التي…
جمال خاشقجيكاتب سعودي ويشغل حالياً منصب مدير قناة "العرب" الإخبارية
السبت ١٠ مارس ٢٠١٢
بينما يقصف الجيش السوري شعبه، ويحتل مدنه بوحشية وغباء، يتهاوى ما سمي يوماً محور الممانعة الممتد من طهران إلى دمشق، ذلك المحور الذي شغلنا في العقد الأخير في حرب باردة مع محور الاعتدال الذي قادته السعودية ومصر وضم الأردن والإمارات والمغرب. قبل الممانعة والاعتدال، شكّل العرب أو بالأحرى زعماؤهم محاور وأحلافاً، سقط بعضها وتطور بعضها الآخر، بودلت خلالها مواقع، وحيكت مؤامرات، بل حتى سالت دماء، فهل قدرنا أن نخرج من محاور إلى أخرى، أم أن تلك لغة عهد مضى؟ هناك عهد عربي قديم انتهى عام 2011، ولكن العهد الجديد ما زال يتشكل، ومن الخطأ التفاؤل فنتوقعه عهد تعاون وإخاء، وإن كانت ثمة أسباب منطقية لهذا التفاؤل، ومن الخطأ أيضاً الإغراق في التشاؤم بحتمية الصراع بين محاور ننقسم إليها وفق خريطة ما أفرزها «الربيع العربي» الجديد. الخرائط كثيرة ولما تحسم حدودها ودوائرها بعد، ولكن أكثرها وضوحاً هي ما يقسم العرب الآن إلى ثلاث مجموعات: • دول الاستقرار التي صمدت في وجه…
السبت ١٠ مارس ٢٠١٢
ماذا تقدِّم مؤسساتنا الثقافية للمثقف؟ المثقف نفسه هو جوهر الفعل الثقافي. غالبية مثقفينا موظفون تحاصرهم بيروقراطية الوظيفة من جهة وظروفهم المالية من جهة أخرى. كيف يبدعون إذن؟ ومتى يجد مثقفنا الوقت للإبداع والإنتاج؟ الثقافة مسألة جادة. وفي مجتمعاتنا العربية نحتاج لمؤسسات فكرية تصنع المثقف وتنتج المفكر. أغلب منتجاتنا الثقافية جاءت بالبركة. فلا المثقف الجاد يستطيع التفرغ للثقافة ولا المؤسسات الثقافية متحررة من عقدها البيروقراطية ولا المجتمع مهيأ أن يستوعب أهمية المثقف المستقل وضرورة التنوع في الأفكار والآراء والأساليب الثقافية. إن المثقف الجاد والمستقل عملة نادرة في مجتمعاتنا. بل هو مجاهد نادر. فهو من جهة في مواجهة يومية مع متاعب الحياة والتزاماتها المادية المنهكة، ومن جهة أخرى محط أنظار أجهزة الرقابة البليدة كما لو أنه يخفي أسلحة دمار شامل سيطلقها في أي لحظة. وفوق ذلك، وأكثر تعقيداً، أنه يعيش في مجتمع عملته السائدة التشكيك في نوايا المثقف المختلف بفعل هيمنة خطاب أحادي لعقود طويلة. إننا انشغلنا طويلاً بالفعاليات الثقافية ونسينا المثقف…
الجمعة ٠٩ مارس ٢٠١٢
أعرف أن من قالها أولاً لم يقصدها حرفياً. مخطِئ من يظن أن “الكتاب يقرأ من عنوانه”! تلك -قطعاً- قراءة ناقصة، إنها مثل الحكم على شخص نقابله للمرة الأولى. انطباع اللقاء الأول كثيراً ما يضللنا حتى وإن صادف أحياناً أن كان في محله. الأفكار تُقرأ بالعقل لا بالمشاعر وحدها. بعضنا يحكم على قضايا مهمة من خلال عناوينها. تماماً مثل من يقرأ الكتاب من عنوانه. الكتاب لا يقرأ من عنوانه إلا في المجتمعات المستعجلة في أحكامها. إنها مثل الفرد الكسول، لا يريد إشغال عقله ووقته بالقراءة والدراسة والبحث قبل الوصول لنتيجة. تلك هي ثقافة “النتيجة السريعة”. ننتقد الغرب كثيراً لإنتاجه ثقافة “الوجبة السريعة” وننسى أن فينا من ينتمي لثقافة الخلاصة السريعة. الوجبة السريعة تفضي إلى أمراض جسدية ونفسية كثيرة. وكذلك هي ثقافة الخلاصات والنتائج السريعة. إنها تنتج مجتمعات كسيحة فكرياً، أمراضها الثقافية والحضارية تجرجر أصحابها من هزائم فكرية إلى قائمة طويلة من هزائم سياسية وفنية ورياضية لا يُعرف أين تنتهي. ومن قال…
الخميس ٠٨ مارس ٢٠١٢
وقت الأزمات والأحداث الإقليمية المرتبكة، تظهر حولنا جماعات تظن أنها وحدها الوطنية وغيرها مجرد “قطيع” من الخونة. لغتهم شاتمة مشككة في النوايا ولا يسلم من أذاهم إلا من رحم ربك. يظنون أنهم من يدافع عن الوطن فيما هم أسوأ من يسيء له. في الأشهر القليلة الماضية تعرض العشرات من المثقفين في الخليج لبذاءات هذه الفئة التائهة في جهلها بالوطنية. هل من الدفاع عن الوطن أن تتبرقع بالاسم المستعار في مواقع التواصل الاجتماعي وتمارس القذف والشتيمة باسم الوطنية؟ وهل يخدم الأوطان من يسخر من أشكال المثقفين وأسمائهم وأصولهم فقط لأنهم آمنوا بالنقد من أجل تحسين أحوال أوطانهم؟ هذه الفرقة من محترفي الشتيمة تزايد – بقلة أدبها وجهلها – في “وطنيتها” حتى على بعضها البعض. لكن أدواتها لا تخرج عن تهم التآمر على الوطن والطعن في وطنية رموز تنويرية محترمة لأن تلك الرموز غالباً ما تتحدث لغة لا يفهمها هؤلاء البواسل المقنعين. الحمد لله أن هذه الفئة هي القليلة في الساحة وإلا…
الأربعاء ٠٧ مارس ٢٠١٢
كان كبار السن في قريتنا – وكنا صغاراً لا نفكر في غير يومنا- يرددون على مسامعنا: “اغتنم شبابك لمشيبك”! وكعادة الصغير الذي يظن أن الكبار في واد والحكمة في واد آخر، ما كنا نبالي بنصائح الكبار وتجاربهم. تمر السنون وإذا بحكمة الكبار تطل برأسها، كأنها تصرخ فينا: لماذا تجاهلتموني وقتها وسخرتم بي؟ نقل عن الكاتب الأمريكي الشهير مارك توين أنه قال يوماً: حينما كنت مراهقاً كنت على قناعة أن والدي لا يفهم شيئاً. وحين كبرت قليلاً أدركت أن أبي رجل في غاية الذكاء! ما أن يبلغ المرء منا الأربعين حتى يؤمن أن أباه رجل أوتي الحكمة من أوسع أبوابها! من يشاركك الحكمة يختصر لك الطريق. ومن ينصحك اليوم كان قد لسعته تجارب الإخفاق في الأمس. في الحياة مشتركات إنسانية تنبع منها حكمة الكبار. لا فرق هنا إن كنت حاصل على أعلى الشهادات أم لا تقوى على فك الحرف، كبير عشيرتك أم صغيرها، كثير الغنى أم شديد الفقر. كم من حكمة…
الثلاثاء ٠٦ مارس ٢٠١٢
بدأت في كتابة هذه المقالة في براغ قبل سنة! أشعر بامتنان كبير للظروف التي هيأت لي أن أقضي إجازاتي خارج العالم العربي ولا تراودني أية مشاعر “بالذنب” لأنني – شخصياً – قد حسمت أمري منذ سنوات وقررت ألا أقضي إجازة، قصيرة أو طويلة، في أية مدينة عربية. و نصيحتي للأصدقاء بأن يقضوا إجازاتهم خارج العالم العربي أو يبقوا في بيوتهم معززين مكرمين بين أهلهم و ذويهم. يقول أهل قريتي، في غابر الزمان: “من خرج من داره قل مقداره”. لكنه مثل يجسد حال الإنسان العربي حينما يغادر داره إلى ديار “إخوانه” العرب. إن أجدادي من البدو و الحضر لو اكتشفوا العالم الجديد لعرفوا أن العربي يقل مقداره حينما يزور بلد أخيه العربي و يزداد مقداره حينما يزور بلدان العالم الآخر، خصوصاً خارج حدود البلاد التي ذبحتنا قياداتها بالحديث الطويل عن الأخوة والعروبة! في مدينة بولونيا الإيطالية ، شربت قهوتي في مقهى صغير ثم تركت قيمة القهوة على طاولتي وذهبت. في منتصف…