الثلاثاء ٠٧ يوليو ٢٠١٥
كنت جالساً في قاعة المسافرين في مطار هيثرو في انتظار الطائرة التي ستعود بي إلى أرض الوطن، كان ذلك في عام 2000، أي قبل 15 سنة، عندها اقترب مني رجل مع ابنه الشاب فسألني: من أين أنت؟ أجبته: من دولة الإمارات. ابتسم وصافحني بحرارة، ثم قال: أنا لبناني، أقيم في الولايات المتحدة الأميركية، لم يسبق لي أن زرت الإمارات من قبل، لكن يشهد الله أني أحب الإمارات والإماراتيين، وأحب الشيخ زايد. استمر في حديثه: لقد بلغت منتصف الخمسينات من العمر، لم أحترم فيها رئيس دولة كما أحترم الشيخ زايد، تعجبني حكمته، ويأسرني تواضعه، وأحب فيه بساطته وقربه من الشعب، ابتعد عن القلاقل، وتفرغ لبناء وطنه، عروبي حتى النخاع، لم يفرق بين عربي وآخر. كانت هذه شهادة من شخص لا أعرفه ولا يعرفني، ولم تكن له أي مصلحة في هذا الحديث العابر، إنما هي كلمة حق من رجل عبّر فيها عن رأيه في شخصية عربية من أعظم شخصيات القرن العشرين. توفي…
الثلاثاء ٠٧ يوليو ٢٠١٥
يُعَدُّ الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، من أهم الذين صنعوا التاريخ، وأحد بُناة الدول العظام، في منطقتنا والعالم، فهو مؤسس المملكة العربية السعودية الحديثة، وواضع الأسس القوية لنهضتها، بكل ما يحتاجه ذلك من صفات متفردة وعزيمة جبارة، لأن توحيد هذه المساحة الواسعة من الأرض بكل تنويعاتها المناطقية والقبلية والطائفية في وطن واحد تحت راية واحدة، في ظل ظروف صعبة ومعقدة، لا يمكن أن يقوم به إلا قائد استثنائي وزعيم غير عادي لا يتكرر كثيراً في تاريخ الأمم والشعوب، ولذلك يمكنني أن أقول بكل ثقة: إن الملك عبدالعزيز هو واحد من أعظم شخصيات القرن العشرين. كانت الوحدة هي محور تفكير الملك عبدالعزيز آل سعود وحركته على مدى المراحل المختلفة من حياته، وتُعَدُّ المدخل الأساسي لفهم شخصيته، فقد آمن بالتعايش بين المذاهب والطوائف وعمل على ترسيخ هذا المبدأ بشكل عملي، ونجح في إقامة دولة قوية على مساحة كبيرة من الأرض بعد أن لملم شتات قبائلها ومناطقها وطوائفها، على الرغم من التحديات…
الثلاثاء ٠٧ يوليو ٢٠١٥
لعن الله «داعش» ومن يقف وراءه في شرق الأرض وغربها، الذي استهدف بجرائمه المساجد في دولنا المسلمة وكأننا عدوها الرئيس. هل ما يقوم به «داعش» نوع من الحرب النفسية ضد الشعوب العربية؟ فكلنا نشاهد الضحايا، وقبل سقوطهم قتلى وهم في أمان وطمأنينة، وبعد لحظات يصبحون أشلاء مقطعة جراء هذه الأعمال الخارجة على الدين والقيم الإسلامية والإنسانية. هل هذه التنظيمات الغامضة التي لا نعرف من يقف وراءها تقوم بإدارة التوحش، وهدفها خلق القلق لدى الإنسان البسيط؟ وأنا هنا أتحدث عما تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي لبعض الحوادث التي لا أعرف حقيقتها، ولكنها تميل إلى روح النكتة لما يحصل في بعض المساجد في مجتمعاتنا بعد حوادث «داعش» الأخيرة، إذ تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي خبراً من جنوب المملكة، عندما هرب المصلون، وأولهم الإمام، حين أغلقت الريح باب المسجد بقوة! هذا شعور طبيعي في ظل استهداف هؤلاء المجرمين دور العبادة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى نحن - ولاسيما في الخليج - مجتمعات مسالمة لم…
الثلاثاء ٠٧ يوليو ٢٠١٥
أخلاق زايد، وفكره المستنير، وسعيه طوال حياته لنشر الخير للإنسان بوصفه إنساناً، دون النظر إلى أي اعتبارات أخرى، هي ما يحتاج إليه العالم اليوم، وهي ما نحتاج إليه نحن خصيصاً في منطقتنا العربية التي تحولت إلى واحدة من أكثر مناطق العالم اشتعالاً، وحروباً، وأكثرها على الإطلاق في المواجهات الفكرية المقيتة والمميتة! زايد رحمه الله، كان مثالاً للإنسان العربي المسلم المحب للسلام، والمحب للإنسان، لا يُفرق بين إنسان وآخر على أساس مذهبي أو ديني، ولا يملك في قلبه إلا الحب والخير، ويعشق تقريب القلوب ووجهات النظر، ويكره التناحر والفرقة ونشر الكراهية، كان يكره التحزب الديني، ويؤمن بأن الإسلام دين رحمة وخير، ودين رسالة عالمية مبدأها التآخي لا التناحر والاقتتال. مشروعاته الخيرية والإنسانية غطت قارات العالم كافة، ووصلت إلى مشارق الأرض ومغاربها، دون تمييز بين بلدان إسلامية أو غير إسلامية، أعطى وساعد وأسهم في سد حاجة البعيد قبل القريب، فهدفه كان واضحاً وهو مساعدة الإنسان لأنه إنسان، ولذلك أحبه العالم أجمع، وبكاه…
الثلاثاء ٠٧ يوليو ٢٠١٥
من ولد في بداية السبعينات الميلادية، فقد كان في الثالثة من عمره حين وقعت حرب أكتوبر، في الخامسة، رأى هلع الناس باستشهاد الملك فيصل، يرحمه الله، التلفزيون كان للتو قد أكمل عشر سنوات منذ دخوله للسعودية. أتذكر شخصيا أول تلفزيون اشتراه والدي، وكنا والجيران نلتفّ حواليه في غرفة واحدة. في عام 1979 كان عمري ست سنوات، وفي ذلك العام وقعت اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل (اغتيل على إثرها السادات لاحقا) وقامت الثورة الخمينية، ووقعت أحداث الحرم. وانعكست هذه الأحداث علينا. حوصرت الحياة العامة، وتغير التلفزيون وأقصيت الفنون، ضُيق كثيرا واستغل الإخوان فالسروريون الوقت لتنفجر كارثة اسمها "الصحوة". وفي 15 عاما، كحد أقصى، كانت قد استولت على كل شيء، بكم مهول من الخطب والمحاضرات والكاسيت وكتب الغلو والتكفير. وفي آخر شهر من 79 السيئ وقعت الحرب السوفيتية الأفغانية، وعلى مدى تسع سنين كأن تلك الحرب لم تكن على بعد آلاف الأميال منا، بل كانت وكأنها على حدودنا، وبعض شبابنا طاروا إليها…
الإثنين ٠٦ يوليو ٢٠١٥
من غير المعقول أن تقفز أسعار الغرف المطلة على الحرم المكي الشريف أو المسجد النبوي من 70 ألفاً إلى 120 ألف ريال في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، ويبقى المعتمرون والزوار تائهين يبحثون عن غرفة بسعر مناسب أو أنهم سيسكنون في منازل شعبية لا تتوفر فيها وسائل السلامة وصحة البيئة. وكل هذا يحدث لعدم تنظيم سوق العمرة في السعودية، مع حركة التوسعات التي يشهدها الحرمان الشريفان، وتدفق عشوائي من معتمري الداخل، مع كثافة زوار الخارج، ما يخلق إرباكاً مرورياً وأزمة في الشوارع والطرقات وما ينتج منها من حوادث مرورية، وضغط شديد على رجال المرور في تنظيم الحركة، نضيف إليها الضيوف الرسميين وإفساح الطريق لهم، ما يزيد في الازدحام. هذه الفوضى الخلابة في عدم تنظيم نشاط العمرة في الداخل، سواء للمواطنين أم للإخوة المقيمين الوافدين، أسهم في ارتفاع كلفة العمرة في السعودية، وبالتالي تأثر قطاع الخدمات الأخرى، فتسبب في مضايقة شديدة لكبار السن والنساء والعجزة داخل الحرمين من عدم توفير…
الإثنين ٠٦ يوليو ٢٠١٥
لا تصدّق مستشاريك. لا تخدعنّك مباخِرُهم. وقدرتهم على نسج الشعارات والحكايات. يريدونك أن تتسلّق ليتسلّقوا معك. يقامرون بصورتك ورصيدك. نَصَحوا غيرَكَ وأدموه. وغداً حين تخسر يغسلون أيديهم. يقولون أنك كنت متسرِّعاً ونزِقاً ومتهوِّراً. لا تصدّق مستشاريك. رأفة بصورتك وبأنصارك وهم ليسوا قلائل. أوقف اللعبة الرهيبة: إما القصر وإما القبر. لا يجوز للزعيم الحقيقي دفع أنصاره إلى القبر، إذا تعذّر عليهم دفعه إلى القصر. أعرفُك لا تحب السمّ. لا أحد يحبه أصلاً. وأنك ترفض مجرد الحديث عنه. ولا تتخيّل كأسه تقترب من شفتيك. وتعتقد بأن السمّ يليق فقط بكارهيك ومعارضيك... وأن عليهم أن يشربوه حتى الثمالة والامحاء. أعرف أنك تفضّل الضربات القاضية، والانتصارات الكاملة، وأنك لا تتخيّل خصمك إلّا متهالكاً. يتقدّم نحوك ذليلاً ليوقّع صك استسلامه. ليقرّ بموته بعدما فَرَغتَ من قتله. أعرف أنك تكره السمّ. لكننا أبناء الشرق الأوسط الرهيب. عرب وفرس وأتراك وأكراد. سنّة وشيعة وعلويون ودروز ومسيحيون وآخرون. دول هشّة، وشعوب مفخّخة، وخرائط ملتبسة، وتاريخ يدسُّ السمّ في…
الإثنين ٠٦ يوليو ٢٠١٥
في رسالته في "التسامح"، يؤكد جون لوك "1632-1704" أن كثيرين في زمنه يفاخرون بما يعتقدون أنه الإيمان الحق الذي لا يشاركهم فيه أحد، فتلك علامة على شهوة البشر في تسلط كل منهم على الآخر أكثر من حب الكنيسة، وإذا زعم أي إنسان استخدام السيف والنار لإجبار الناس على عقائد معينة والانتماء إلى عبادات وطقوس معينة -بغض النظر عن الجانب الأخلاقي- فمن المؤكد أن من يفعل ذلك يقصد تشكيل مجتمع يتشارك في العقيدة نفسها، وليس بمستغرب على هؤلاء أن يستخدموا كل أنواع الأسلحة التي لا تنتسب إلى عقيدتهم المسيحية! ويعتبِر "لوك" أن التسامح بين المختلفين في العقيدة المسيحية يتفق مع "العهد الجديد"، ويتفق أيضا مع مقتضيات العقل الإنساني، ولكن من أجل ألا يدّعي الذين يمارسون الاضطهاد والعنف والقسوة باسم المسيحية والصالح العام، ومن أجل ألا يسعى آخرون بدعوى الدّين إلى أن يجدوا فيه خلاصا لما ارتكبوه من أخطاء وآثام، ومن أجل ألا يفرض أحد على نفسه أو غيره أي شيء بدعوى…
الإثنين ٠٦ يوليو ٢٠١٥
لطالما ظلت مواقع التواصل الاجتماعي ولا تزال موضع شك وريبة بعد سلسلة التوظيف الخطير لها من قبل التنظيمات الإرهابية، لا سيما «داعش» وأخواتها، كما أنها وُظفت من قبل ضعاف النفوس لتحقيق مكاسب مادية عبر استفزازات واختراقات إلكترونية. ووسط هذه الرؤية السلبية لهذه الوسائل، تبقى في المقام الأول ذات أهداف إيجابية، استطاعت أن تختصر المسافات وتقرب من باعدتهم سنين العمر، ويأتي بعدها من يستخدمها ويكون له الخيار إما أن يمضي بها ضمن أطرها وأهدافها الإيجابية، وإما أن يأخذها بعيداً لتحقيق غاياته حتى لو جاءت على حساب حرية وخصوصيات الآخرين وسلامة الوطن. ورغم أن عنوان المقال لا يصب في اتجاه وسائل التواصل الاجتماعي فإنه بسببها جاءت فكرته، وهو ما يؤكد أن مثل هذه الوسائل لو تم استخدامها بالطريقة الصحيحة فإنها ستكون أداة إيجابية في النهوض بالمجتمعات. وها نحن نسير مع القارئ لنعكس أحد الجوانب الإيجابية، بل ومدى النضج بين شباب الوطن في تعاطيهم للأفكار وضرورة مراعاتها وتكيفها مع مجتمعنا وعاداته. خلال تصفحي…
الإثنين ٠٦ يوليو ٢٠١٥
يقول الملحق الثقافي السعودي في أمريكا الدكتور محمد العيسى إن الطلبة السعوديين يتلقون عروضاً للعمل من جهات توظيفية أمريكية، وبخاصة طلبة الطب. الواقع ان الكثير جداً من الطلبة الأجانب الذين يدرسون في الجامعات الأمريكية، من مختلف الدول ومختلف التخصصات، يتلقون عروضاً للعمل في أمريكا إذا كانوا متفوقين أو من أصحاب التخصصات النادرة. وفي السنوات الأخيرة، هناك تركيز على تخصصات معينة مثل الطب والهندسة والحاسب الآلي. وغالباً ما تنتهي عملية استقطاب الطلاب للعمل بمنحهم الجنسية الأمريكية حيث يصبحون مواطنين أمريكيين لهم جميع الحقوق وعليهم جميع الواجبات مثل أي مواطن أمريكي آخر. وهذه العملية هي ما يُعرف بـ»نزيف العقول» حيث تخسر الدول النامية كل عام آلاف الكفاءات من طلبتها الذين يدرسون في الخارج ويستقرون هناك بسبب الإغراءات المالية والعلمية والبحثية ومناخات الحرية الشخصية والسياسية. فهذه الدول النامية تخسر مليارات الدولارات على تعليم أبنائها في مختلف المراحل التعليمية ثم يسافرون إلى الغرب لإكمال دراساتهم العليا ويستقر بهم المقام هناك، فيستفيد الغرب من كفاءاتهم…
الإثنين ٠٦ يوليو ٢٠١٥
في أي مدينة أوروبية عريقة بإمكانك أن تشرب فنجان قهوتك في مقهى جلس عليه أبطال روايات كبرى قرأتها، أو تتناول غداءك في مطعم من المطاعم التي مرّ عليها هؤلاء الأبطال. وبإمكانك أن تعثر في سانت بطرسبورج على أماكن دارت فيها أحداث روايات ديستوفسكي وتولستوي وغوغول وسواهم، لو زرتها لوجدت الكثير من التفاصيل التي وردت في الروايات باقية على ماهي عليه، فتنتابك الغبطة الآتية على الأغلب من الشعور بأنك تقيم، تلك اللحظة، في زمنين: ماضٍ وحاضر. ما يقال عن سانت بطرسبورج يمكن أن يقال عن باريس ولندن وبرلين، بل إن الناس ما زالت تعرف الزاوية التي كان جان بول سارتر يفضل الجلوس فيها في المقهى الذي يتناول فيه إفطاره، حيث يتحلق حوله المريدون. يحرص القائمون على تلك المدن أشد الحرص على العناية بتلك الأماكن وذاكرتها، ليس فقط لأن الأدباء أو الفنانين مروا فيها، وإنما ضمن استراتيجية شاملة للحفاظ على ذاكرة المكان، فالمقهى يظل مقهى، والمطعم كذلك، حاملاً الاسم نفسه الذي كان…
الأحد ٠٥ يوليو ٢٠١٥
الحوارات الرمضانية، مهما حاولت فيها الابتعاد عن المطبخ، فإنها يجب أن تدور في فلك «الأكل»؛ حتى لو كان بمفهومه السلبي! في شقة الحرية يجلس العزّاب - وما أدراك ما جلسة العزاب في شقة الحرية - يتحدث صديقي وهو بوزاره وفانيلته عن المجد الذي ينوي الوصول إليه، تتبعثر لديك الصورة الذهنية بين ما يقوله وما تراه.. يردد بيتاً لأحدهم: لا تحسب المجد (تمراً) أنت آكله.. لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا! تُبين له أن العرب أرادت أن تقول بأسلوب مؤدب: أنه لن يفلح حتى يأكل (...)! يقسم آخر بأن الشاعر كان صائماً، لأن التمر مؤجل إلى موعد معلوم! وهكذا تعود دورة الحوار إلى المطعم الذي سنفطر فيه اليوم.. الإيقاع السياسي على حياتنا الأكولية أصبح واضحاً.. أحدهم يرفض تناول «الجلو كبابي» ومشتقاته، لأنه لا يثق بالدولة المصدرة، ولا يريد دعمها، والآخر يطلب منا التأكد من ميول أي صاحب مندي مشكوك في انتمائه، وفي احتمالية استخدامه لتيوس مستوطنة في مناطق تتبع الحوثيين، وبالمثل…