سارة مطر
سارة مطر
كاتبة وروائية سعودية

المتنمرون غريبو الأطوار

الأحد ٢٠ فبراير ٢٠٢٢

الآن فقط عرفت لماذا تحديداً يكرهني البعض من دون أن تكون هناك أية دوافع أو أسباب تذكر، كاللقاء الصباحي كل يوم على فنجان قهوة، أو أن يكون بيننا أصدقاء مشتركون في نفس الدائرة التي نعمل بها، أو حتى ما بيني وبينهم لربما يعود مثلاً من أجل المنافسة في العمل. أما أن يصلك شعور فائض، مؤثر، حانق، يربض على جسدك حتى لا تستطيع الحراك، فبالتأكيد أن هذه المشكلة ليست مشكلتك، وبالتالي لن تكون الأخير الذي يعاني من تنمر البعض، سواء بالنظرات أو الهمهمات وأحياناً بالمفردات المفضوحة والضرب تحت الحزام. تعود وتسأل نفسك: ما بال هؤلاء يتعاملون معي بهذه القسوة دون حتى أنك تتصور أن أعينهم لا تستطيع مشاهدة الجمال، فقد اعتادوا على رؤية القبيح فقط! يتم اختيار الضحية بشكل دقيق جداً، وهؤلاء سريعو الذكاء، وأحياناً أكثر مما تصور، فهم ينقضون على الضحية الساذجة حتى لو كانت حاصلة على أعلى القيم العلمية «قلة القيمة» كما تقال باللهجة المصرية، تأتي أساساً من عدم الثقة في النفس وأحياناً يأتي مع كل هذا مفهوم كــ«البلطجة» مثالاً، حيث يتلذذون بالضحايا الذين يتميزون بالرقة واللطافة وشدة الحساسية، هنا، اكتملت أركان القضية، فلماذا لا نتخلص من الشعور بالضغينة تجاه أنفسنا أولاً، ولنتأكد أن مثل هؤلاء لن يستطيعوا استباحة دماء مشاعرنا، أو التقليل من قدراتنا. وهذا يدعني أتحدث عن…

قتلها.. لأنها تحدثت مع شاب

الثلاثاء ١٨ يناير ٢٠٢٢

حينما أكون في مكان شعبي، يصرخ الرجل على المرأة منادياً إياها «يا ولية»، وبعد «الولية» تصاغ عبارات عدة، فإذا كنت كاتب سيناريو، وأردت أن تكتب مشهداً يحدث في حارة شعبية، فعليك أن تختار للرجال ألفاظاً تتانسب مع المجتمع الذي يعيشون به! «الولية» هي الكلمة الدارجة في الأماكن الشعبية، وبالتأكيد يمكنك أن تشعر بأن هذه الكلمة، تعني تصغير المرأة، فبينما كنت أبحث عن معنى لهذه الكلمة، ومتى ظهرت في المجتمع العربي، قرأت مصادفة عن مقتل مراهقة صغيرة في إحدى بقاع العالم العربي، حيث لم تتجاوز القتيلة الـ14 من عمرها، جاء ذلك على يد والدها الشهير في برامج وسائل التواصل الاجتماعي. تجرأ الأب لقتلها، ما أن رآها تقف عند الباب مع شاب، سبق لهُ أن خطبها لكن الأب رفضه، وهو حق مكتسب أن يرفض الأب، وهو آثم حينما يقتل زهرته الصغيرة، لأنها أعطته ذلك الإحساس بأنها لا تهتم لرأيه، بل وتعارضه لرفضه عريساً لها. علينا أن نشعر بالأسى لكل نساء العالم اللواتي يعشن تحت الفكر الذكوري وليست العربية الوحيدة التي علينا أن نتعاطف معها تم الكشف الطبي على المراهقة الجميلة المقتولة، وأكد التقرير أنها لا تزال عذراء، وقد جاء إعلان عذرية القتيلة، حتى لا يبحث الأب القاتل عن فرصة للهروب من فعلته البشعة، فمن الطبيعي أنه سيحاول بكل الطرق إثبات صحة دوافعه…

الإمارات.. دولة الحُلم

الإثنين ٢٤ أغسطس ٢٠٢٠

بعيداً عن الأسئلة المفعمة بالعاطفة، تلك التي تشغل الناس حالياً، بعد إعلان دولة الإمارات العربية المتحدة الاتفاق مع إسرائيل وبدء علاقات جديدة، دولة الإمارات لديها عقيدة ثابتة ومتصالحة مع كل الأسئلة الميتافيزيقية التي طرحها العالم أجمع عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي. المتأمل لهذه المصالحة يدرك تماماً ثقة الدولة في كيانها، لا تعذبها المخاوف أو مقلقات الأصوات الزاعقة، ولا الرغبات الدفينة لدى الأشقاء، الأمر ليس قتالاً وإنما هو استدراك ونظرة ثاقبة لبناء أجيال كاملة، ستتفهم حتماً أهمية ما قامت به دولة الإمارات. إنني معجبة جداً بقوة الإمارات، معجبة أكثر بحكامها، بعدم رغبتها في الدخول في أي صراع مهما كان، أنها لا تنظر فقط إلى كيانها وإنما تدرك أنها جزء من هذا العالم نصف المكتمل، وهي لا تخاف من غير المكتمل. بهذه المصالحة فتحت دولة الإمارات آفاقاً واسعة، وأظهرت كم هي دولة تميل إلى الشجاعة والثبات، فنحن نعيش عصراً غير متوازن في القوة أو الاقتصاد، وهناك خلل بيِّن وواضح في القواعد، فجاءت دولة الإمارات بكل ظفرها لتشهد خطوات تقدمية ونهضوية وراعية للسلام. الإمارات خلقت الحلم، بدت تشغل العالم من حيث التطور والتقدم الذي لا يتوقف، كنت في كل مرة أزورها أشهد بعيني عدد البنايات التي تبنى بدون توقف، والذي يعني أن الوافدين إليها شكلوا عنصراً في وضع أيديهم بأيدي هذه الدولة…

«إيلان»و«البشراوي»

الثلاثاء ٠٨ سبتمبر ٢٠١٥

دوماً تخلف الحروب أحزاناً كئيبة متشابكة، مُرة، تفسد العقل والروح، ولا يمكن لها أن تترك فرحاً أو نوراً يتسرب خلسة أمام أعيننا، الحروب وحدها من تترك ندوباً لا يمكن أن تُمحى إلا إذا اتجهنا نحو الموت بشهية كبيرة، فلا يزال على سبيل المثال التاريخ والإعلام يعيد إلينا صوراً عديدة لمعنى الموت حينما يملأ المكان والشعور، تماماً مثلما حدث لمدينة هيروشيما، حينما قامت الولايات المتحدة بشن حرب نووية على الإمبراطورية اليابانية، في نهاية الحرب العالمية الثانية في أغسطس 1945، وتم قصف مدينتي هيروشيما وناجازاكي باستخدام قنابل نووية، بسبب رفض تنفيذ إعلان مؤتمر بوتسدام، وكان نصه أن تستسلم اليابان استسلاماً كاملا من دون أي شروط، وهل من الممكن أن ننسى مثلاً مجزرة صبرا وشاتيلا، أو الهجوم الكيماوي على المدينة الكردية حلبجة، وأخيراً، الهجوم الكيماوي في أغسطس 2013 على الغوطة التي تقع شرق دمشق، وراح ضحيته المئات من سكان المنطقة بسبب استنشاقهم غازات سامة، وأغلب الذين استشهدوا هم من الأطفال، لذا الطفل صاحب القميص الأحمر «إيلان كردي» ذو الثلاثة أعوام، الذي أبكى العالم، حينما وجدت جثته هامدة على شاطئ بودروم التركية، بعد أن قذفته الأمواج مع شقيقه غالب (5 سنوات) وأمه، على رمال شاطئ بحر إيجة، كانوا قد نجوا سابقاً من الهجمات التي شنها النظام السوري، إلى جانب جماعة «داعش» الإرهابية، واستطاعوا أن…

ما هكذا تورد الإبل يا عبدالله!

الثلاثاء ٢١ يوليو ٢٠١٥

في كل مرة أقرأ أو أشاهد فيها مشهداً لشاب قام بتفجير نفسه، وقتل عدداً من الأبرياء والضحايا الذين لا ذنب لهم، ولم يكونوا يتوقعون ولو للحظة كيفية موتهم بهذه الطريقة التراجيدية البشعة، أتساءل هل يعقل أن سبب ذلك هو رغبة الجاني في الوصول إلى حور العين؟ هل يعقل أن يقوم شاب صغير لا تزال الحياة تنبض في أوصاله بتفخيخ جسده الطري بعدد من القنابل، تلك القنابل التي لم نكن نعرف يوماً شكلها، وكيفية صناعتها إلا من الأفلام الهوليوودية، أو حتى من مسلسلات الكارتون، ولم تكن حتى لعبتنا المفضلة في وطني، فلم نتلق دروساً في الحرب يوماً، ولم تكن هي عالمنا السري الذي يخبئ واقعنا الذي نأمل به، بل كانت أحلامنا متواضعة جداً، بطيئة أكثر من اللازم، إنني لم أتواجه مرة مع أحدهم وقد فكر يوماً في أن يمتلك كوكباً، أو أن يصنع صاروخاً حربياً، فأحلامنا في وطني لا تتعدى أن تكون ببساطة أرواحنا وأرواح آبائنا، ثمة أشياء تتحرك بداخلنا، الحب الذي نريده ونطمع أن نستزيد منه، القدرة على أن نكون أوصياء على أنفسنا، وأن يمتلئ حسابنا بآلاف الريالات، الزوجة التي تغذي أرواحنا، أن يكون لدينا مكتب صغير نوقع الأوراق مثل النخبة من بعض الموظفين. علينا أن نعترف بأننا لم نكن يوماً نعتقد أنه يمكن لابن الجيران الذي تبقى أمامه الكثير…

ألو السفارة.. أنقذوني

الثلاثاء ٢٤ فبراير ٢٠١٥

أثارني الاستطلاع الذي قامت به أخيراً صحيفة مكة، وكان نداء استغاثة (وهمياً) باسم مواطنة سعودية، أرسل إلى سفارات المملكة حول العالم، لقياس مدى سرعة التجاوب، والمفاجأة التي لخصتها الصحيفة، أن هناك 11 سفارة لم ترد. يبدو للوهلة الأولى -لأي قارئ- بأن الأمر محبط للغاية، وعلى الأخص ممن تنامى لديهم الكثير من الشكوك في عدم قدرة سفارة وطنه على تقديم يد العون لهم. من وجهة نظري الشخصية، بأن الصحيفة لم توفق فما فعلته في نهاية الأمر ليس إلا مضاعفة بعض الشكوك لدى مواطنين، إزاء ما يدور حول عمل السفارات، وبأنها ما هي إلا مجرد مبانٍ وحراس، ولكن بما أني وأسرتي قد تعرضنا إلى الكثير من الأمور المقلقة؛ بسبب سفرنا الدائم، ولم نحتجْ إلى اللجوء إلى السفارة إلا في أوقات حرجة، فأنا أود أن أعطي صورة مختلفة عما أوردته الصحيفة. ففي صيف عام 2007 كان عليَّ التوجه إلى مدينة لوس أنجلوس، على متن طائرة الخطوط البريطانية، لكن بعد تعرضي أثناء الرحلة إلى وعكة صحية، اضطررت إلى الحصول على فيزا موقتة والمكوث في هيثرو، حتى وصول أسرتي إليَّ، كان أول ما قمت به بعد وصولي إلى الفندق، إرسال رسالة عبر الفاكس إلى السفارة السعودية في لندن، شرحت لهم مخاوفي من الجلوس مطولاً في بريطانيا، فالتأشيرة التي حصلت عليها في المطار موقتة، وذيلت في…

كاميرات ونقاب “شبح الريم”

الأربعاء ١٠ ديسمبر ٢٠١٤

ما يستفاد من مقتل المعلمة الأميركية التي طعنت في مرحاض تابع للمجمع التجاري "بويتك مول" في جزيرة الريم بإمارة أبوظبي قبيل أيام، وبأداة حادة عثرت عليها الشرطة في مكان الجريمة، هو أهمية توافر كاميرات في أغلب مناطق المملكة، إذ إنه تم القبض على القاتلة بسرعة كبيرة، من خلال ما جرى تسجيله عبر الكاميرات التي تم وضعها في المجمع التجاري، وتبين بعد ذلك أن القاتلة لم تكن سوى سيدة منقبة إماراتية من أصول يمنية، وأن لها سابقة حيث حاولت المتهمة زرع قنبلة بدائية الصنع أمام منزل طبيب أميركي مقيم، لكن بفضل الله ثم بحنكة الشرطة الإماراتية، تم تفكيك القنبلة بعد أن اكتشفها أحد أبناء الطبيب. إذاً من الضرورة أن تكون لدينا شبكة رقمية هائلة من الكاميرات، تتوزع بشكل متقن في أهم مناطق المملكة، فوجود مثل هذه الكاميرات يمكن لهُ أن يحل أموراً شتى، كالتقليل من نسبة السرقات التي تحدث في الأسواق المفتوحة، أو حتى التحرشات التي تصادفها السيدات أثناء تسوقهن في المجمعات التجارية، وعلى الأخص أن المملكة تتصدر قائمة أكثر الدول التي تتم فيها سرقة السيارات، وللأسف الكثيرون حتى الآن لم يجدوا سياراتهم، لذا فوجود مثل هذه الكاميرات سيعمد على حل هذه المشكلة، من خلال سرعة الكشف عن الجناة، وأظن جازمة أن السرقات والتحرشات والمشاجرات بين الشباب ستقل نسبتها، بسبب شعور…

Free Hug

الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠١٣

في شارع التحلية بجدة، قام شاب سعودي برفع لافتة كتب عليها Free Hug، حمل الشاب اللافتة وطاف بها أهم شارع في جدّة، حيث تكثر أعداد السيارات والشباب على الأخص، نظراً لحيوية هذا الشارع. الفكرة ليست بجديدة، بل هي مستنسخة من فكرة أجنبية، حيث رفعت عدد من الشابات في أميركا وعدد من الدول الأوروبية، لوحة دوّن عليها عبارة Free Hug، وتلقت الشابات الجميلات العديد من الأحضان ممن كانوا في حاجة ماسة إلى حضن حقيقي، أو ربما لم يكونوا في حاجة إليه، ولكن يبقى الأهم من كل ذاك، أن الفكرة حققت الهدف المنشود منها. ولم أكن أتخيل أن تنجح فكرة الشاب السعودي، فنحن نخجل من الأحضان، ونخجل من إظهار محبتنا لمن هم أقرب إلينا من حبل الوريد، ونخجل حتى من إظهارنا الجميل منا وسترنا القبيح. الخجل، ذلك الكائن الذي نتوارثه، مثل أسماء أجدادنا وقبائلنا، ونطوي تحت ذراعيه رغبتنا الحقيقية في الإعلان عن حاجتنا الماسة.. ليس فقط للحب، إنما للرغبة في أن نكون محبوبين. يعترف الواحد منا بصفاته السلبية، فيقول أنا عصبي المزاج، مفرط الحساسية، لكنه يخشى أن يقول أنا بحاجة إلى حضن، أو حب ناضج، أو أن أكون محط أنظار الناس، ويقلل من قيمة نفسه، فلا يذكرها إلا بالسوء أو ما يطمر من نجاحها.. للأسف هذه هي الحقيقة! مدة الفيديو للشاب الحجازي…