سارة مطر
سارة مطر
كاتبة وروائية سعودية

Free Hug

آراء

في شارع التحلية بجدة، قام شاب سعودي برفع لافتة كتب عليها Free Hug، حمل الشاب اللافتة وطاف بها أهم شارع في جدّة، حيث تكثر أعداد السيارات والشباب على الأخص، نظراً لحيوية هذا الشارع.

الفكرة ليست بجديدة، بل هي مستنسخة من فكرة أجنبية، حيث رفعت عدد من الشابات في أميركا وعدد من الدول الأوروبية، لوحة دوّن عليها عبارة Free Hug، وتلقت الشابات الجميلات العديد من الأحضان ممن كانوا في حاجة ماسة إلى حضن حقيقي، أو ربما لم يكونوا في حاجة إليه، ولكن يبقى الأهم من كل ذاك، أن الفكرة حققت الهدف المنشود منها.

ولم أكن أتخيل أن تنجح فكرة الشاب السعودي، فنحن نخجل من الأحضان، ونخجل من إظهار محبتنا لمن هم أقرب إلينا من حبل الوريد، ونخجل حتى من إظهارنا الجميل منا وسترنا القبيح.

الخجل، ذلك الكائن الذي نتوارثه، مثل أسماء أجدادنا وقبائلنا، ونطوي تحت ذراعيه رغبتنا الحقيقية في الإعلان عن حاجتنا الماسة.. ليس فقط للحب، إنما للرغبة في أن نكون محبوبين. يعترف الواحد منا بصفاته السلبية، فيقول أنا عصبي المزاج، مفرط الحساسية، لكنه يخشى أن يقول أنا بحاجة إلى حضن، أو حب ناضج، أو أن أكون محط أنظار الناس، ويقلل من قيمة نفسه، فلا يذكرها إلا بالسوء أو ما يطمر من نجاحها.. للأسف هذه هي الحقيقة!

مدة الفيديو للشاب الحجازي لم تتجاوز الثلاث دقائق، وحصد الشاب أحضانا جميلة ودافئة ممن التقاهم في الطريق.. أجمل المشاهد التي لفتت انتباهي، حينما أوقف شاب سيارته ونزل منها، وأخذ حامل اللافتة في حضنه لثوان.. بدا لي المشهد مؤثرا للغاية، أيضاً حينما احتضنه آخر، وأخذ يرفع يديه ملوحاً فرحاً وممتلئاً بالسعادة، أما الآخر، فقد كان يتحدث مع صديقه، وفجأة وجد الشاب يمشي بجانبه، ولحقه حتى يحضنه ويعود بهياً ومنتشياً إلى صديقه، ليكمل معه الحديث الذي انقطع بسبب «حضن» لعابر.

ربما يضحك البعض على فكرة الشاب، لكني في الحقيقة وجدتها فكرة مُلهمة، وحفزتني لمشاهدة الفيديو للمرة الثانية، وقلبي ينبض أكثر من المعتاد.. حاجتنا للحب أهم من حاجتنا للطعام، كما تقول «ماما تيريزا».. نحن نحتاج للحب كي نعمل، وكي ننتج، وكي نهب للحياة كل طاقتنا.. نحتاج للأحضان الدائمة من الأسرة، الأم، الأب، الأخت، وحتى ذوي القربى.. الحضن هو طاقة إيجابية، وذبذبات يمكن لها أن تغنيك في كثير من الأحيان عن أحضان تضمر لك الطعن، لأنك أحسست أنك بحاجة إليها.

أتذكر الآن مشاهد الأحضان الجميلة عبر السينما، الحضن ليس مجرد التصاق جسدين ببعضهما البعض، إنما هو عبارة عن التصاق حميمي للمشاعر.

المصدر: الكويتية