الثلاثاء ٢٧ يناير ٢٠١٥
لم يكن الحوثي وعلي عبدالله صالح ومن وراءهما يتوقعون استقالة الرئيس عبدربه هادي منصور، لأن جميع الحسابات والرهانات كانت تدور حول استغلال ضعف الرئاسة وشرعنة كل أهدافهم من خلالها. كان تفاؤلهم عالياً حين أعلن مجلس الأمن الدولي ومجلس التعاون الخليجي أن الشرعية الوحيدة هي لهادي، ما يجعل أي قرار يتخذه ملزماً للجميع وغير قابل للنقض. حمل الحوثي قائمة مناصب تشمل جميع مؤسسات الدولة، إلا أنه اختار من باب التقية الاكتفاء بمناصب نائب رئيس الجمهورية ونواب الوزراء وهيئات المنافذ والنفط. كان يسعى إلى التحكم الداخلي في الدولة وتسييرها بالقوة من خلال صوت هادي وتوقيعه هو ووزرائه إلى أن يسيطروا كلياً على مفاصل الدولة من دون اعتراضات دولية، بل ربما بمباركة كاملة. جاءت استقالة هادي وبحاح المفاجئة قبل اكتمال حال التلبس الكاملة، وتحويل الحكومة إلى مسرح عرائس، فارتبك المشهد اليمني وعادت المسيرات الحاشدة لرفض هذا الانقلاب، بعد أن فشل في ارتداء عباءة الشرعية والتسلح بها، ما جعله في مواجهة شاملة مع الشعب…
الثلاثاء ٢٧ يناير ٢٠١٥
من أكثر الأخبار والتعليقات تردداً في الصحافة المحلية والعربية، وحتى العالمية، في اليومين الماضيين، بالإضافة إلى رحيل الملك عبدالله يرحمه الله، هي الدهشة من سلاسة انتقال الحكم، بطريقة فذة لفتت أنظار العالم، لتسقط كل الأفكار والتحليلات، والتنبؤات الصحافية الأجنبية، بل وحتى أحلام وأماني البعض من المتربصين، الذين لا يريدون لهذه البلاد الأمن والطمأنينة، وينتقل الحكم، كالعادة، بكل هدوء وتلقائية، وربما كانت بعض المقالات أرادت التهويل في مسألة انتقال الحكم مستقبلا من أبناء المؤسس، إلى أحفاده، لكن هذا التهويل أيضاً تبخر ببساطة، مع آلية الحكم ونظام البيعة الذي تم الاتفاق عليه، والعمل بموجبه، وهو ما يقود البلاد إلى مزيد من الأمن والسلام. ولعل المشهد الآخر الذي لفت أنظار العالم، ودهشته، وهي أيضاً دهشة تتكرر مع رحيل الملوك في هذه البلاد، لكنها مع رحيل الملك عبدالله كانت أكثر دهشة لهم، كونه من أكثر قادة العالم تأثيراً في العقد الأخير، هي بساطة مراسم الدفن، بقبر بسيط، لا يختلف إطلاقا عن القبور المحيطة، حتى…
الثلاثاء ٢٧ يناير ٢٠١٥
الرجال لا يكتفون بالحديث، بل يعملون ويبذلون أقصى جهدهم لتحقيق الإنجازات ورفع راية الوطن في شتى المحافل الدولية. اليوم وفي تمام الساعة الواحدة ظهراً بتوقيت الإمارات ستنطلق مباراة منتخب الإمارات ضد المنتخب الأسترالي في الدور قبل النهائي من كأس آسيا المقامة في أستراليا، مباراة سيتابعها عشرات الآلاف من الإماراتيين خلف شاشات التلفزيون وعن طريق الهواتف الذكية، منهم من سيهرب من الكليات والجامعات والمدارس، كما كنا نفعل منذ سنوات، ومنهم من سيغادر مقر عمله لمتابعة هذه المباراة المصيرية في البيوت والمقاهي والمراكز التجارية. المباراة ليست سهلة في مواجهة مستضيف البطولة الذي يتسلح بالأرض والجماهير ونحو 16 لاعباً محترفاً، يلعبون في الدوريات الأوروبية والعربية، في المقابل نملك من الطموح الشيء الكثير، ونملك لاعبين يستطيعون الصعود إلى المباراة النهائية، لينافسوا بعد ذلك بشراسة على انتزاع المركز الأول. نكون أو لا نكون هو شعار هذه المباراة، التي تعتبر من وجهة نظري الشخصية أهم بكثير من المباراة النهائية، فعندما تصل إلى النهائي تكون قد فعلت…
الثلاثاء ٢٧ يناير ٢٠١٥
قد تبدو هذه المقالة متأخرة في صددها وأقرب للذكرى منها للنعي. ولكن الرجال يعيشون ويخلدون في ذكراهم وذكرى أعمالهم ومنجزاتهم. ولرب ذكرى نفعت من ذكر. وفيما أنجزه وخلفه الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، رحمه الله، الكثير مما يقتضي علينا تذكره والانتفاع بتذكره وحفظه ووعي أبعاده. قد يفسر الكثير من الغرباء هذا الاهتمام العالمي الكبير بفقده والمشاركة في تشييعه وتعزياته بأنه يعبر عن مدى الثقل الذي يولونه لمملكته. هذا شأنهم بيد أن لنا شأننا الخاص في الموضوع الذي يقتضي منا حفظه في الذاكرة وتعبئته للحاضر والمستقبل. وطالما دخلت في موضوع الذكرى وما لها من جدارة، فجدير بنا أن نتذكر أنه عندما استلم الملك عبد العزيز آل سعود، أسكنه الله فسيح جنانه، الولاية على السعودية، ورث بلدا كان يعتبر من أكثر بلدان العالم تأخرا وأفقرها اقتصادا. ولكن شاء الله، عز وجل، أن يلقي بمسؤولية إدارته على رجل من أقدر وأفذ من أنجبتهم الجزيرة العربية. رسم للمملكة هذا المسار الحكيم والناجع…
الإثنين ٢٦ يناير ٢٠١٥
ماذا يبقى من الحاكم بعد رحيله؟ يبقى حكم يُصدره التاريخ. وحكم يُصدره ضمير مواطنيه. والمعيار الوحيد هو هل ترك الحاكم بلاده ومواطنيه في وضع أفضل من الذي كان قائماً يوم تولّيه؟ دروس التاريخ قاطعة. هذا ما يبقى من الحاكم: المؤسسات التي بنى. الازدهار الذي أطلق. الاستقرار الذي رعى. الطمأنينة التي أشاع. والاحترام الذي أظهره لمواطنيه. والحكمة التي بها قرر في الداخل والخارج. في العادة لا بد من الانتظار لاستطلاع حكم التاريخ وحكم المواطنين. المشهد الاستثنائي في الرياض يوحي بصدور الحكمين فوراً. هذا يفسّر الوداع المهيب لعبدالله بن عبدالعزيز. ويفسر أيضاً المبايعة الواسعة لسلمان بن عبدالعزيز. تخطت المشاركة العربية والإسلامية والدولية حدود المسائل البروتوكولية. عبّرت بوضوح عن موقع السعودية إقليمياً ودولياً. عن الثقل السعودي وحصافة إدارة هذا الثقل بالحكم والشجاعة والمسؤولية. ولا غرابة في ضوء ذلك أن يعدّل باراك أوباما برنامجه ليزور الرياض مؤكداً على العلاقات الاستراتيجية معها، على رغم تباينات تظهر أحياناً في قراءة الأحداث والتعامل معها. لا يكفي أن…
الإثنين ٢٦ يناير ٢٠١٥
ما تقوم به دولة الإمارات في مجال الاستمطار هو بحق عمل يدعو إلى الفخر، فلقد حققت الدولة في هذا المجال نجاحاً مبهراً، وبصمت، وسخّرت العلم والتقنية في مواجهة المناخ الجاف الذي يقل فيه معدل الأمطار السنوية عن 100 مم، ومع وجود معدل تبخر عالٍ للمياه السطحية، ومعدلات ضئيلة لتجدّد المياه الجوفية، فكانت النتيجة نجاحاً لافتاً في مجال علمي جديد وصعب. استثمرت الدولة في هذا المجال ملايين الدراهم، وقبل ذلك استثمرت في شباب متسلح بالعلم والتخصص، وأعطتهم ثقة كاملة لإدارة هذه العمليات الصعبة والمعقدة، لم تبخل أبداً على الصرف بسخاء لإنجاز مهمة المحافظة على كل قطرة ماء تنزل من السماء، ورعايتها بشكل كامل منذ تشكل السحب في السماء إلى وصول هذه القطرة لباطن الأرض، ووفرت لذلك ست طائرات مجهزة بأدق الأجهزة اللازمة للاستمطار، وجهزت كل مستلزمات العملية والبيئة التحتية اللازمة لنجاحها، بدءاً من إنشاء شبكة محطات أرضية تقوم برصد عناصر الطقس على مدار الساعة، وتضم هذه الشبكة أكثر من 65 محطة…
الإثنين ٢٦ يناير ٢٠١٥
الدقائق الأولى بعد خبر وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وإعلان مبايعة شقيقه الأمير سلمان بن عبدالعزيز ملكاً على البلاد، وبقية طاقم سدة الحكم في المرحلة المستقبلية، كانت كافية لإيصال رسائل إلى العالم أجمع، أن البيت السعودي -كالعادة- متماسك ومتوحد؛ ابتداءً من الأسرة المالكة إلى الشعب، كشفت كل الضبابية التي كان يرسمها المرجفون، ويحاولون البحث عن ثقب إبرة، فنزل الخبر عليهم كالصاعقة. المتربصون بزعزعة أمن السعودية، هذه المرة كانت توقعاتهم عالية، فالدول التي شهدت بلدانها ربيعاً عربياً مزعوماً بالوهم، والدول التي لم تستقر لا أمنياً ولا اقتصادياً مزقتها الطائفية والمذهبية، وها هي الآن تحصد الدمار والقتل والتشرد لشعوبها، وهجرت الأموال وخلقت البطالة؛ فانتشرت الجريمة بشكل مخيف، وحاولت دولاً عدة التي يهمها أن لا ترى أمن هذه البلاد واستقراره، أن تبث روح الإحباط، إلا أنها فشلت. استطاعت السعودية أن تتجاوز أزمة «الربيع العربي» وتبعاته منذ أعوام، كما أنها تعدت مرحلة الخوف من الإرهاب، وجلست له بالمرصاد، حتى قضت عليه على أرض الواقع،…
الإثنين ٢٦ يناير ٢٠١٥
روت صديقة أن زوجها سألها عن الفترة التي عاشتها كطالبة في لندن وما إذا عانت خلالها من الإسلاموفوبيا أو رهاب المسلمين. أجابته بنعم، فهي كانت تشعر ببعض القلق حين تلتقي بمنقبات أو ملتحين في المترو.. ضحك زوجها وأجاب: «أنا قصدتك أنت. هل شعرت برهاب ضدك كمسلمة!». الحكاية رددتها الصديقة على صفحتها على «فيسبوك» في إطار الجدل الذي أعقب هجمات باريس الأخيرة وتصاعد الحديث عن الإسلاموفوبيا في الغرب.. والحكاية تأتي في سياق سخريتنا من حالنا طبعا ومن تسلل الرهاب الحاصل في الغرب حاليا إلينا حتى بتنا نشك في أنفسنا فنسبق اليمين الغربي في مشاعر الإدانة والتعميم. صحيح أن الصديقة قصدت المبالغة في إشارتها إلى ذاك الفصام الذي نعيشه أحيانا لكن يبدو أن هناك من أبناء المهاجرين في الغرب من باتوا يسبقون مواطني البلد الأصليين في إشهار مشاعر العداء حيال المسلمين والعرب.. وفي مجال الكراهية فقد تصدرت قناة «فوكس نيوز» الأميركية اليمينية حملة إثارة مشاعر الغضب تجاه المسلمين واتهامهم جميعا بالمسؤولية عن…
الإثنين ٢٦ يناير ٢٠١٥
لم تكن لعبدالله بن عبدالعزيز هذه الشعبية الجارفة حتى وهو رئيس للحرس الوطني، ربما لقلة ظهوره إعلاميا، فلم يكن السعوديون يعرفون صوته الذي لم يسمعوه، ربما لزهده في الكلام. لكن تراتبية الحكم أوصلته إلى ولاية العهد، فبدأ على نحو متدرج يطل على أهله وناسه في مناسبات الأعياد مهنئا ومباركا، ثم ألزمه مرض الملك فهد – لاحقا – بتولي الكثير من ملفات السلطة، وتبعا لذلك فقد صار له حضوره وظهوره الإعلامي المتواتر متحدثا للناس، فكان من المفارقة العجيبة أن عفويته وبساطته قد همشت كل موجبات الفصاحة والطلاقة. لقد وصل الملك عبدالله مباشرة إلى قلوب المواطنين، وتمكن من الاستيلاء على محبتهم سنة بعد أخرى حتى أجمع أهل البلاد، وكذلك الحال مع بقية الشعوب العربية والإسلامية والصديقة على أبوة وسماحة وإخلاص عبدالله بن عبدالعزيز، الذي صار ملكا للبلاد ولقلوب العباد، لأنه الذي أثبت حقيقة لا جدال فيها، وهي أن الأفعال تسبق الأقوال، وما كان الملك عبدالله خلال عهده العامر إلا فاعلا ومؤثرا ومجددا…
الأحد ٢٥ يناير ٢٠١٥
قبل أيام لفتني إعلان على موقع إنجليزي بعنوان فلاشي متحرك يقول: تحوّل إلى الإسلام. فتحت الإعلان فظهرت لي أيقونة دردشة حية. وضعت اسم كاثرين وتحته «رغبة في معرفة المزيد عن الإسلام». تحدث إلي شخص يدعى إبراهيم، الأرجح أنه يعمل في وزارة الأوقاف المصرية كما تقول صفحته على «فيسبوك»، تحدث معي بلغة إنجليزية جيدة، قدم لي حديثا جاهزا عن أصول الإسلام؛ معناه وأساسياته، بينما قفزت على الموضوع وأخبرته باطلاعي على الأساسيات من قراءات الإنترنت وأصدقاء عرب، وأنني أرغب فقط في معرفة ما إذا كانت هناك نماذج مختلفة لصورة الإسلام في العالم، على ضوء ما يحدث من إرهاب في الشرق الأوسط والعالم، وليس آخرها «شارلي إيبدو» أخيرا. أحببت أن أتأكد أن ما سأدعى إليه هو ليس نموذجا داعشيا ولا قاعديا ولا إخوانيا ولا متطرفا من سني أو شيعي والقائمة تطول. قال الرجل إن الإسلام هو ما بعث به محمد وما يمثله القرآن، وأنه لا ينبغي أن ألتفت إلى من أخضعوا الإسلام إلى…
الأحد ٢٥ يناير ٢٠١٥
بتقديم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي استقالته وإقدام الحكومة على استقالتها، يدخل اليمن مرحلة جديدة لايعرف أحد أين ستنتهي. من المفارقات الغريبة في اليمن أن «الحوثيين» ودول الخليج العربية والولايات المتحدة ومعها الدول الغربية كانوا متمسكين بالرئيس اليمني هادي، لأنه بالنسبة لهم يمثل الشرعية. رغم حقيقة أن كل طرف منهم يرى في بقائه تحقيقاً لمصالحه واعتبارها من مصلحة اليمن. فـ «الحوثيون» يريدون بقاء الرئيس هادي في السلطة اسماً فقط، بينما هم مستمرون في تقليص صلاحياته والاستمرار في قبضتهم على السلطة، وهذا أمر لم يستطع الرئيس المستقيل قبوله والاستمرار فيه. دول الخليج العربية كانت تطمح بأن تحقق استقرار وأمن اليمن من خلال مبادرتها الخليجية التي تدعو للحوار وتشكيل حكومة توافقية وبعدها إجراء الانتخابات أملاً في تحقيق الاستقرار. المجلس الوزاري لدول الخليج العربية أصدر بياناً بعد اجتماعه في الرياض في الأسبوع الماضي أكد فيه دعمه للشرعية الدستورية متمثلة بالرئيس هادي ورفضه جميع الإجراءات المتخذة لفرض الواقع بالقوة ومحاولة تغير مكونات وطبيعة…
الأحد ٢٥ يناير ٢٠١٥
انطوت صفحة من أجمل الصفحات الجميلة في حياة بلادنا المباركة، وغاب عنا وجه محبوب طالما تعودنا على رؤية محياه، وأحببنا طلعته البهية، وعاشت بلادنا الأيام الماضية ومن كل طرف فيها حزنا فريدا من نوعه على رحيل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ـ رحمه الله تعالى ـ الذي ودعنا مع فراقه شيئا كبيرا من النبل والصدق والرجولة والوقار والهيبة والشجاعة والعفوية.. على المستوى الداخلي لا يمكن للمنصف أن ينكر زعامة الراحل الكبير، وريادته في التغييرات الإصلاحية الكبيرة التي لمسها كل مواطن ومقيم وزائر لهذه البلاد، وعلى المستوى الخارجي يعرف الكل كم كان المرحوم النبيل قويا في الوقوف مع الطيبين والخيرين والصادقين، والوقوف القوي كذلك ضد المرجفين والمخربين، وسيكتب التاريخ كثيرا عن الراحل الكبير، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه عن مساعيه كل خير ومثوبة. بسلاسة تعودنا عليها ـ بحمد الله تعالى ـ انتقلت مقاليد السلطة إلى يد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، أيده الله…