الثلاثاء ٢٩ يناير ٢٠١٣
أن يتوقع العالم أن تأتي ثورة ما وتغير واقعا سياسيا بائسا، شيءٌ صار ممكناً وإن كان حتى وقت قريب غير قابل للتصديق في زمن قياسي، كما حدث في تونس ومصر. وشيء متعثر صعب كما حدث في بلدان أخرى مثل ليبيا وسوريا، مثالا. حدث أن غيرت الثورات أفكار الشعوب، وأنضجت المفاهيم السياسية كالحرية والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون، وما سواها من أسس الدولة الحديثة. لكن التغيير «الجذري» السريع في ثقافات الناس، وفي مجتمعات عربية تضج بمعدل عال من الأمية، إذا ما استثنينا النخب، يبدو الأمر أشبه بالهذر. إلا أنه وبرغم الهذر هذا، أكاد أقول إن الأمية في العالم العربي يفترض أن تقودها النخب، وإن اختلف أحزابهم ومشاربهم. وإن افترضنا جدلا أن تتضمن كل أسرة عربية واحدا أو أكثر من أفراد هذه النخب المثقفة، فستكون الأمية ليست إشكالية مقلقة على أية حال. ولا ننسى أن الشرائح الاجتماعية التي لا تمتلك رأيا حقيقيا في الأوضاع السياسية عادة ما تتبع النخب التي تثق فيها، فتتبنى…
الثلاثاء ٢٩ يناير ٢٠١٣
أحتاج بعد الفراغ من كتابة هذا المقال (ظهر الأمس) أن أبحث في مكتبات هذه المدينة، حيث إقامتي المؤقتة، عن كتاب جمال حمدان، شخصية مصر، كي أحاول من جديد فهم ما يحدث. مشكلة مصر، لم تكن بعد عامين من التجربة، في السقوط السياسي، بل في سقوطها الثقافي والاجتماعي. ومن العبث أن نقول إن مرسي وجماعته يتحملون المسؤولية. مشكلة مصر أنها استسلمت للعوام وللرعاع، بلا مواربة أو حسن إدارة للكلمات. ومن غير المعقول أن يقول الإحصاء المتحفظ البسيط إن نصف مليار من أهلها خرجوا إلى الشوارع في كل المظاهرات في الشوارع والميادين منذ اليوم الأول وحتى اللحظة. مشكلة مصر الحقيقية أن مجرد (مظاهرة) تحولت بالكذب والتزوير إلى مصطلح (للثورة). الثورة في أركان المصطلح لا تستحق الاسم إلا بعد عقد من الزمن حين تستطيع تغيير كل الوقائع المجتمعية من التعليم إلى الاقتصاد، ومن العيش حتى تأسيس مبادئ الحرية. مشكلة مصر الكبرى أنها ضاعت بين أحلام المجتمع وبين وعود الساسة.. بين مجتمع يظن أن…
الثلاثاء ٢٩ يناير ٢٠١٣
لم يأت "تويتر" حتى اليوم بأجمل وأصدق وأقوى من وسم أو هاشتاق "هلكوني"؛ لأنه ببساطة كشف عن حالة "غفلة" يعيشها بعض حملة الشهادات العليا، بعد أن تأكدوا أن الجامعات التي حصلوا منها على الدرجة الأكاديمية، جامعات وهمية وغير معترف بها. قد نجد لهؤلاء العذر، فقبل أن يكونوا ضحايا تجارة عالمية تقوم على إغراء الناس بالدرجة الأكاديمية وحرف الدال مقابل الكثير من المال والقليل من العلم، هم في نهاية الأمر طلاب علم، حرصوا على إكمال دراستهم، وقد لا يعرفون أصلا أن جامعتهم وهمية. الأجمل في كل هذه القضية أن من خرجت أسماؤهم ضمن قائمة مشتري الشهادات الوهمية، لم يحاولوا الدفاع عن أنفسهم أو شهاداتهم، تقبلوا الموضوع بأريحية، رغم ما سببه لهم من جرح غائر، فقد اكتشفوا أنهم إما: غشاشون أو مغفلون، ولعل الأخيرة ستكون أقل وطأة، أما حرف الدال فقد طار به "هلكوني". ما يميز هذا الهاشتاق، وله الحق أن نسميه شيخ الـ"هاشتاقات"، أنه أحدث الفعل وردة الفعل، فقد نشر أسماء…
الإثنين ٢٨ يناير ٢٠١٣
لا بد أن أعترف بأني واجهت صعوبة في تحديد موقف شخصي واضح وأنا أشاهد حلقة الجمعة الماضية من برنامج "لقاء الجمعة" الذي يقدمه الزميل عبدالله المديفر على قناة روتانا خليجية، واستضاف فيه كلا من الفنان "المعتزل" فضل شاكر، والقيادي الإسلامي اللبناني المعروف الشيخ أحمد الأسير. صعوبة تحديد الموقف لم تكن نتيجة لما رأيت أو سمعت من الشيخ "الأسير"، بل من فضل شاكر "التائب" والمعتزل عن الفن، والذي ألهم المتذوقين للفن الرفيع لسنوات طوال وكان دائما فنانا منضبطا ومبدعا، منذ أن كانت انطلاقته الأولى في الـ"دويتو" الشهير الذي جمعه مع الفنانة الكويتية نوال في أغنيتهما الكلاسيكية (أحاول). بطبيعة الحال لست هنا لأتحدث عن موقفي من توبته، فهذا أمر بينه وبين الله عز وجل، ولا شك أن كل مسلم مؤمن يسعى دائما أن يرزقه الله التوبة الصالحة وأن يمهد له الطريق الصحيح لخدمة دينه، إلا أنني أتحفظ قليلا على موقفه الذي يعتبر فيه العمل في الفن حراما بالمطلق، كما حاول تأطيره وربطه…
الإثنين ٢٨ يناير ٢٠١٣
حظي خبر القبض على سيدة تقود السيارة في أحد شوارع المدينة المنورة بتعليقات ساخرة من جمهور «تويتر»، فتساءل عن غرابة القبض على سيدة تقود سيارة بصحبة أطفالها وزوجها في حين لا يقبض عليها حين توجد مع رجل غريب يقود سيارتها عنها! ثم تساءل فريق آخر عن التهمة الموجهة للمرأة، فجاءه الجواب ساخراً «خلوة غير شرعية مع سيارة». يتجدد الحديث عن قيادة المرأة السيارة في السعودية كلما ظهر خبر من هذا النوع، لا سيما أنها لا تتوقف، فمرة نقرأ عن امرأة تقود سيارة كي تنقذ زوجها المصاب، ومرة تُضبط سيدة «حامل» تقود السيارة بعد أن دهمتها الرغبة في قيادة السيارة نتيجة تغيرات هرمونية تسمى «الوحام»، أو حين تعرضت مراهقات لحادثة مرورية في الصحراء وهن يتدربن على قيادة سيارة. حتى الإعلام الغربي دخل معنا على الخط وصار يراه موضوعاً قابلاً للسخرية، فقد اقترحت إحدى القنوات الفرنسية في مشهد تصويري إلباس السيارة التي تقودها المرأة «عباءة» سوداء، وهكذا نكون قد حصلنا على سيارة…
الإثنين ٢٨ يناير ٢٠١٣
«اللي مطاوعها زلمتها بتدير القمر بإصبعها». هذا ما قلته بيني وبين نفسي عندما قرأت خبراً عن عزم أميركا وروسيا عقد قمة قريبة لبحث «مبادئ الحل» في شأن الأزمة السورية. ربما هذا المثل «الشامي» هو ما ينطبق على الموقفين الروسي والأميركي وهما «يجتران» مجدداً رغبتهما في إيجاد حل للأزمة السورية بعد مرور عامين من المماطلات والتسويف، حتى قتل نظام بشار الأسد نحو 65 ألفاً من الأبرياء! ومما يزيد السخط أيضاً «هزالة» التصريحات الأخيرة للسيناتور الأميركي جون كيري المرشح لتولي حقيبة الخارجية خلفاً لهيلاري كلينتون بقوله: «لقد اتخذ الأسد قرارات خاطئة وغير مبررة، وعليه الرحيل، وأن على بلاده أن تغيّر في حسابات الأسد لتمهّد للمرحلة الانتقالية»! ما قيمة مثل هذه التصريحات الفاشلة «الباعثة» على التشاؤم، بعد أن أحرق نظام الأسد الأخضر واليابس ونحر الأطفال واغتال العباد ودمّر البلاد! كان ينتظر من «مستر كيري»، وهو يستعد لتولي مهمته إعلان موقف صلب، والتصريح بأنه سيعرض على أوباما أهمية وضع الملف السوري على رأس أولوياته…
الإثنين ٢٨ يناير ٢٠١٣
ها قد مضى خمسون عاماً وأبناء العرب يجتمعون ويتناقشون.. يضربون لملتقياتهم موعداً محدداً من كل عام يكونون فيه ضيوفاً على أحدهم، مرة عند الأخ الأكبر ومرة عند الأصغر، وأخرى يحلون ضيوفاً على أخيهم الأرعن الذي يراهم أقل شأناً.. وفي سنة تالية يجرجرون خطواتهم للاجتماع عند أخيهم صاحب الصرعات، الذي به مس من الهوس وجنون العظمة، وهو الذي عليك أن تتوقع منه ما ليس بالحسبان، وفي العام الذي بعده يلتقون عند أخ لهم هو الأكثر صبراً وحلماً، يترفع عن نزق بعض الأشقاء وإملاءات البعض الآخر وتسول البقية، وهم يسعون قدر الإمكان ألا تتكرر هذه الملتقيات الدورية في مكان واحد أكثر من مرة، وهكذا مرت العقود والسنوات وأبناء العائلة العربية من الإخوة الأشقاء يلتقون في كل عام مرة أو مرتين لسبب طارئ يتجادلون ويتطارحون الهموم ويتعاتبون، لكنهم لا يصدقون مع بعضهم، بل إن منهم من يكيد للآخر. تراهم يتصافحون ويتعانقون، لكنهم يضرسون ويضمرون الشر لبعضهم. لم تكن نواياهم صافية تجاه بعضهم الآخر.…
الإثنين ٢٨ يناير ٢٠١٣
الآن وفي الوضع الآمن والمطمئن والخالي من الكوارث؛ يلف الناس السبع دوخات كي يحصلوا على سرير شاغر في مستشفى درجة ثانية وثالثة. يتصلون على كل معارفهم ومعارف معارفهم في حكاية معتادة ومملة كلما مرض أحد أفراد الأسرة أو الأقارب. لكن أغلب المستشفيات تعتذر إليهم بكل أدب -وبعضها بكل صفاقة وقلة أدب- بأنه لا يوجد لديها سرير شاغر لاستقبال حالة طارئة، أو مريض يتطلب علاجاً نوعياً وعناية فائقة؛ فضلاً عن مآسي الإخلاء الطبي الذي له حكايات وقصص يندى لها الجبين، وقد لا يأتي في حالات كثيرة وموثقة إلا بعد أن يفارق المريض الحياة. أقسام الطوارئ لدينا تحولت إلى غرف تنويم في بعض المستشفيات ولأيام طويلة بسبب عدم توفر سرير شاغر، وربما يقضي المريض أكثر من أسبوع في ممر يتحول من شدة الزحمة -وربما سوء الإدارة وموت الضمير- إلى غرفة تنويم لا تمتلك أدنى مقومات النظافة، وهذا وضع نراه يومياً وتتعامل معه وزارة الصحة وكأنها تتعايش فقط مع مشكلة عصية على الحل!…
الإثنين ٢٨ يناير ٢٠١٣
أطلق خامنئي شعار الاقتصاد المقاوم منذ بداية العقوبات النفطية على بلاده، مؤكداً ضرورة التنمية والإنتاج والصناعة، إلا أن غالبيّة المناطق الصناعيّة في إيران قد تحوّلت إلى مقابر للمعامل وخطوط الإنتاج فتعطلت 70% من المعامل بالكامل، وما تبقّى منها يعمل فقط بـ30% من طاقته الإنتاجيّة، كما انهارت العملة الإيرانيّة وشهدت البلاد تضخماً لم يسبق له مثيل منذ عشرات السنين. وأخيراً اعترف «شمس الدين حسيني» وزير الاقتصاد الإيراني بـ«استحالة تطبيق مشروع الاقتصاد المقاوم» المزعوم. وأمام كثافة التقارير المنهالة على «خامنئي» والمنذرة بوقوع كارثة اقتصادية وشيكة، أوعز الأخير مؤخراً إلى رؤساء السلطات الثلاث «لإيجاد الحلول للتخفيف من حدّة الضغوطات الاقتصاديّة». وكثيراً ما عبّر مسؤولون إيرانيون عن مخاوفهم الشديدة من «انفجار ثورة الجياع في إيران»، وحذّر أحد قادة الباسيج من أن «إرغام ملايين الجياع على عدم النزول إلى الشارع، أصعب بكثير من إرغام مرشحي الانتخابات الرئاسيّة المقبلة على التزام بيوتهم». وفي الوقت الذي تنفق فيه إيران المليارات على مشروعها التوسعي الاستعماري الطائفي في الشرق…
الأحد ٢٧ يناير ٢٠١٣
صادر «الإخوان المسلمون» الثورة المصرية. وصلوا إلى السلطة ليبدأ اختبارهم. لم يغيروا شيئاً في سياسة الحكم الذي حلوا مكانه. عجزوا عن تلبية المطالب الشعبية. عجزهم لم يكن نتيجة عدم خبرتهم، على ما قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، بل كان نتيجة طبيعية لمسيرتهم التاريخية ولرؤيتهم إلى الاقتصاد والاجتماع والسياسة، فهم محافظون وقفوا ضد أي محاولة للإصلاح. ولم تكن الشركات المالية التي أسسوها باسم الدين سوى أدوات لنهب الفقراء وصغار الملاكين، تشهد على تلك الفضائح التي رافقت هذه الشركات في ثمانينات القرن الماضي وتسعيناته. رفع المتظاهرون في القاهرة شعار «خيرت الشاطر = جمال مبارك»، الأول يوهم الناس بأن سلوكه «شرعي» سيعيدهم إلى جنتهم التاريخية المفقودة، فيما الثاني يوهمهم بأنه سيدخلهم جنة الدول الرأسمالية المتقدمة. وكلاهما يعمل على إفقارهم، باعتماد الرأسمالية المتوحشة، على أن الشاطر يتصدق عليهم. والصدقة والإحسان جزء أساسي من أيديولوجية «الإخوان» التبسيطية للاقتصاد. بواسطتها، وبخطابهم الديني يعتقدون أنهم يحلون مشكلة الفقر. كتب سمير أمين مقارناً حكم «الإخوان المسلمين» في…
الأحد ٢٧ يناير ٢٠١٣
دعت هيئة حقوق الإنسان المديرية العامة للجوازات لوقف انتهاكات سوء المعاملة للوافدين، بعد أن رصدت 10 ملاحظات على أداء جوازات مكة المكرمة، وانتقدت الهيئة في تقرير مفصل، نشرت جزءا منه "الوطن" الجمعة الماضية، عدم تفعيل "الجوازات" لتعميم وزارة الداخلية المتضمن الإلزام بتجديد إقامة العامل الذي له دعوى منظورة مع كفيله، في وقت فتحت فيه هيئة حقوق الإنسان النار وبشدة على مخالفة تكدس المراجعين أمام البوابات وعدم السماح بدخولهم دون وجود الكفيل. واشتملت الملاحظات التي رصدتها هيئة حقوق الإنسان على سوء المكان المخصص للإيقاف بإدارة الوافدين، محذرة من مغبة انتشار الأمراض فيه. وأشار التقرير إلى تسجيل حالة استغرق ترحيل أسرة أحد الوافدين خلالها عامين كاملين، فيما نبهت لوجود تجاوزات في مسألة احتفاظ الكفيل بوثائق العامل، في مخالفة لقرار مجلس الوزراء الصادر بهذا الخصوص. وشددت الهيئة على ضرورة إيجاد نص نظامي يكفل الحماية القانونية لأبناء المواطنة السعودية لحين الانتهاء من معاملة منحهم الجنسية السعودية، ومنحهم الأولوية في كفالة أمهم لهم تحت مسمى…
الأحد ٢٧ يناير ٢٠١٣
(في النقد الثقافي)، يضع الدكتور/ «عبدالله الغذَّامي» إصبعه على عصب التخلف «المُزْمِنِ» في العالم العربي ويسميه: «الشَّعْرَنَة»؛ فالمادح يعرف أنه يكذب، والممدوح يكافئه بسخاء، وهو يعرف أنه يكذب! والجمهور يعرف أنه يكذب ومع هذا يكافئه بالإعجاب والتصفيق، ويتزلَّفُ إلى الممدوح به وهو يكذب كذباً مركَّباً ويعرف ذلك، والممدوح يعرف أن الجمهور يكذب فوق كذب المادح ولكنه يطرب حتى يصدِّق؛ فيصبح «فرعونَ» لا يرى لهم إلا ما يرى! وهكذا تتم «صناعة الطاغية»، حسب الغذامي! طيب: ماذا لو كان المدح صحيحاً، والمادح صادقاً، والممدوح جديراً به؛ كما في «فن المدائح النبوية»؟ كان لابد أن تعود الأمة المنهارة إلى «رمزها الأعظم»، ولكنها عادت إلى «شخصه» الكريم، وأمعنت في الانشغال «به» عن رسالته العظيمة؛ حيث جاء الدين متحدياً مبادراً إلى نزال «أمة شاعرة غاوية»، بقرآن ليس شعراً، ورسولٍ يقول عنه تعالى: «وما علَّمناه الشعرَ وما ينبغي له»، والجميع يشهد له بالصدق والأمانة؛ وعليه فلا بد أن تكون رسالته واقعية قابلة للحياة الأبدية، ممكنة للتطبيق…