الثلاثاء ١٢ فبراير ٢٠١٣
يحدث ما يحدث بعد معسكرات التخييم الشتوية، كل عام، من طقوس اعتدناها.. رائحة الحطب في الملابس، أطنان الرمال في السيارات، أداوت تنسيم، أدوات نفخ، أدوات تنسيم أخرى، أدوات نفخ أخرى، بقايا خيمة، فحم غير مستخدم، فاكهة كثيرة، دلال متسخة، أغذية سريعة للنفخ، ومساعدات غازية للتنسيم، وفي أحيان كثيرة ذكريات آخرين، خرجوا معنا للتخييم ولم يعودوا أبداً. مع الفهم المعوج لدى البعض للهوية الوطنية، واختلال موازين الولاء والانتماء، فقد أصبح القانون الاجتماعي الجديد، طبقاً لسدنة التواصل الاجتماعي من مُحْدَثي النعمة، يقضي أنك إما أن تكون راعي بر، أو أن تكون لست راعي بر، لأنك إن لم تكن راعي بر فأنت لست راعي بر، ولا يحق لك حب هذا البر، ولا يحق لك إبداء رأيك في نظافته أو اتساخه، ومن دون «بربره» أصبح هذا «التقليد» «أصلاً» واجباً لتثبت أنك «أصلي» ولست «تقليداً». كثيراً ما تتعطل سيارات بعضنا في البر، كما تتعطل قلوبنا في «الحضر»، ما يضطرنا إلى حشر خمسة أو ستة ممن…
الثلاثاء ١٢ فبراير ٢٠١٣
بعد حين، عندما يراجع باحث أو مؤرخ اهتماماتنا وقضايانا سيجد على رأسها مجتمعا مهموما ومشغولا ليس بقضايا كبيرة بل بمسائل هامشية، مثل الخدم، ولا أعني بها انتقاصا لهم بل انتقاص من ترتيبنا لأولوياتنا، تعبر عن مجتمع مترف بلا قضايا أساسية أو مجتمع فقد بوصلته منتقلا من حالة إلى أخرى. سيرصد تاريخنا من أخبار الصحف الرئيسية، خادمة طبخت طفل مخدومها في قدر، وعاملا حبسه «مالكه» في حظيرة في الصحراء عشرين عاما، واتصالات على أعلى المستويات في محاولات لحل قضية منع الحكومتين الفلبينية والإندونيسية إرسال العمالة المنزلية، وآخر يؤكد أن سريلانكا لم تمنع مواطناتها من العمل نفيا للشائعات بعد إعدام الخادمة السريلانكية التي اتهمت بقتل رضيع.. أخبارها في الصحافة والدولية، هي تقول مات اختناقا وأهله يؤكدون أنها خنقته. وأصبح وزير العمل أشهر الوزراء، وأكثرهم جذبا للصحافة، بعد أن أقر ضريبة على استقدام العمالة، وصار بين كاره له، خاصة من لوبي رجال الأعمال، وبين محب له، ومعظمهم من فئة الشباب. وصار الخدم جزءا…
الإثنين ١١ فبراير ٢٠١٣
لا أعتقد أن الشيخ محمد العريفي كان موفقا في الكيفية التي أراد بها التراجع عن رأيه في تنظيم القاعدة الذي صدمنا به في حواره مع قناة الجزيرة، فمن ناحية كان عليه أن يبادر إلى التراجع بشكل مباشر وليس في سياق سؤال لأحد المشاهدين في برنامج تلفزيوني، حيث يبدو أن السؤال كان مرتبا مسبقا نظرا للديباجة التي استهل بها السائل من التزكية والتبرئة للعريفي قبل أن يجيب، كتمهيد أو تحضير للمشاهد كي يتقبل اعتذاره. ومن ناحية أخرى، فإن المعلومات التي تضمنها الاعتذار باهتة لا تناسب أهمية الموضوع وخطورته، وربما تدين العريفي أكثر مما تبرئه، ولذلك يبدو الموضوع وكأنه فيلم قصير ضعيف الفكرة والإخراج، فماذا لو لم يسأل سائل عن رأي العريفي في القاعدة، هل كان سيصمت ويبقى عند ذلك الرأي؟. وحين يقول العريفي أنه استند في قوله عن أتباع القاعدة إلى حوارات مع بعض المهتمين بالتنظيم، ثم تبين له أنها معلومات خاطئة، وأنه بعد اطلاعه على بعض الكتب التي يؤصل فيها…
الإثنين ١١ فبراير ٢٠١٣
أحياناً أتمنى أن أقضي ليلي ونهاري متكئاً على طاولة خشبية مهترئة، في مقهى شعبي يطل «على شارعين»، به شاشة فضية لا تبث إلا الأبيض والأسود، عسى أن «أتخشب» ولا يأخذني التفكير و«التمحيص» بعيداً. عندما أجلس على تلك الطاولة التي «أحبّ»، سأبدأ لعب طاولة (الشوام)، وأصدح بالهرج والمرج، وأعلن البوح بكل ما يسكن في داخلي من شكوى مواطن، وقبل ذلك سأبدأ في «التطاول»، وفي يدي كأس شاي مدججة بـ«النعناع»، وحتى لا يفهمني أحد «غلط»، فالتطاول هنا أقصد به «لعبة الطاولة - الزهر». أحياناً أعترف بأنني أمقت الكتابة المباشرة، وأحبّذ الكتابة غير المباشرة «التي تقرأ ما بين سطورها»، على رغم أني لست «بوهيمياً»! أعترف بأن قلمي يجلدني أحياناً، ويتطاول على أصابعي، ويقفز على حروف «الكيبورد»، ويتجاوز إلى العقل الباطن، ليخرج ما في جوفه، معلناً الجنوح إلى كتابة «رمزية»، تُطلق سهاماً «لا تصيب.. ولا تدوش»! يشكو المواطن السعودي من بعض الوزراء الذين ينغّصون عليه عيشته، ويحاولون إشعاره بأنهم يصرفون عليه من جيوبهم، و«يطربقون»…
الإثنين ١١ فبراير ٢٠١٣
في هذه اللحظة، التي تقرأ فيها، عزيزي، هذا المقال، ينام أربعة من أهلي ومن أقاربي أو من أصدقائي الخلص على ذات (الرقم) من الأسرة البيضاء في ثلاثة مستشفيات تحويلية بالحبيبة الرياض. وكل ما خشيته حين ابتدأت الكتابة قبل عقد من الزمن هو ما وقع بالضبط: أن يحوّل التباطؤ والبيروقراطية هذه العاصمة الأثيرة، إلى ورشة مركزية لسكان الأطراف كي نذهب إليها في الهزيع الأخير من العمر لسمكرة الشرايين والأكباد والأمعاء، واستبدال قطع الغيار الآدمية للقزحية والشبكية والكلى ومفاصل الأوراك وصمامات القلب وصابونة الركبة. كتبت قبل عقد من الزمن عن مخاوفي أن تتحول مقبرة (الراجحي) بشرق الرياض إلى استراحة (عائلية) لسكان الأطراف التي يصر الإهمال والتباطؤ والبيروقراطية على إبقاء مستشفياتها إلى مجرد عيادات للزكام والكحة. هذه مهزلة إدارية لا يمكن هضمها حين يعلن البنك المركزي (مؤسسة النقد) أن حجم موجوداته من المال السائل تقارب (2457) مليارا فلا يجد المواطن منها سريرا في مدينته الطرفية علاجا لصمام القلب أو قرحة المعدة. تقول المعلومة…
عمار بكاركاتب و أكاديمي متخصص في الإعلام الجديد
الإثنين ١١ فبراير ٢٠١٣
ظاهرة نجاح البرامج الكوميدية على "يوتيوب" لا تخفى على أحد، وكل صار مطلعا على كونها تحقق أرقام مشاهدة هائلة، وهي أرقام موثقة ولا مكان للشك فيها، كما أنه لم يعد سرا أن هذه الفيديوهات تحقق أرباحا إعلانية مميزة مقارنة بشركات الإنتاج التقليدية الأخرى، وهو نجاح تجاري هائل إذا عرفنا أن عمر هذه الصناعة لا يتعدى 3 أعوام فقط. ما هو السر الذي جعل هذه الفيديوهات تستولي على اهتمام ومتابعة ملايين المشاهدين رغم صنعتها الإنتاجية المتواضعة، ورغم أن قنوات التلفزيون "تتطاحن" فيما بينها في السنوات العشر الأخيرة لإنتاج أعمال كوميدية كلفت مئات ملايين الريالات في مجموعها، وهذا لا يشمل ميزانيات التسويق التي عملت لجذب المشاهد لها. هل هو فعلا حب الجديد فقط كما يقول بعض أم هناك فراغ معين غطته هذه الكوميديا بشكل لم يستطع التلفزيون تحقيقه؟ الهدف من هذا السؤال ليس جدليا فقط، فمعرفة نقاط قوة الإعلام الرقمي الجديد تسمح لنا بالتفكير والاستفادة منها بأفضل شكل ممكن، حتى يستمر الأداء…
الإثنين ١١ فبراير ٢٠١٣
هذه المرة أنا مضطر للدفاع عن موقف الشيخ الدكتور محمد العريفي في وجه من هاجموا تعاطفه المعلن مع تنظيم القاعدة، صحيح أنه يمكن العودة إلى مقاطع الفيديو التي تحدث فيها العريفي عن فساد هذا التنظيم الإرهابي حين كان يقوم بعمليات التفجير في السعودية، ولكن كشف هذا التناقض العجيب بين موقفي الأمس واليوم لن يغير شيئا، فالعريفي منذ أن عرفناه حفلة من التناقضات، نعم أنا مضطر للدفاع عنه ولكن ليس على طريقة أتباعه - المدججين بالبذاءة - بل على طريقتي الخاصة لأنني أرى أن العريفي ليس وحده من يعاني متلازمة (موقف لكل مرحلة) فالكثير من المثقفين والعامة يتخذون مواقف متناقضة لأنهم لا يرون أبعد من اللحظة التي يعيشونها فيكونون أبناء عواطفهم في بعض الأحيان وأبناء مصالحهم في أحيان أخرى ولكنهم في الحالتين لم يكونوا أبناء لقناعاتهم الحقيقية!. ليس العريفي وحده من يتمايل بحسب اتجاه الريح فالكثيرون يفعلون ذلك، يؤيدون القاعدة إذا ما قتلت المدنيين في الدول البعيدة ويعتبرون مثل هذا العمل…
الإثنين ١١ فبراير ٢٠١٣
يقال "بثر" وهي من "البثور" وتعني في الاصطلاح الكيس الدهني الصغير الذي يظهر في الوجه، و يقال "بثر في اللهجة الشعبية السعودية" وتعني كما عرفها "ابن الأوراس" في موقع إجابات جوجل بأنه: "الشخص الي يغثك وينشب لك وتلقاه بكل مكان، ويصير ثرثار ما يسكت أبد، وإذا ركب معك ما ينزل إلا إذا جاه النوم". هذا الكلمة التي غالبا ما تستخدم كثيرا بين السعوديين أصبحت اليوم سمة واضحة على الكثير من مرتادي الفضاء الإلكتروني، ممن لا يفهمون بأن الحديث (الكيبوردي) هو انعكاس حقيقي لشخصياتهم القلقة، وأن الاختباء خلف الأسماء المستعارة والصور الوهمية لن يغير شيئا من حقيقتهم. ليس لدي حرج هنا أن أخاطب هؤلاء المساكين رغم أني أتجاهلهم دائما على صفحتي في "تويتر" وسأستمر، فأحدهم يأتي "مدرعما" يتهمني بأبشع الأوصاف، والآخر يطلب مني رأيا فيتذاكى محاولا إيقاعي في شر كلامي، وثالث يحاول فقط التحرش اللفظي بي علني أنساق لحوار سفسطائي ممل. سأقول لهم في رسالتي هذا رأيي بهم وموقفي منهم، لا…
الأحد ١٠ فبراير ٢٠١٣
أكثر من مرة راجعت حديث رئيس وزراء العراق نوري المالكي أمس في «الشرق الأوسط»، لأنه جاء على القضايا الحساسة في غاية الصراحة، وقليلا ما يتجرأ السياسيون على فتح عقولهم للغير. تحدث عن دراية بسوريا، فقد عاش فيها سنوات المعارضة الطويلة، وقال إنه لم يفاجأ بمسار الصراع في الحرب الدائرة هناك وقدرة النظام على الصمود، وإنه تنبأ بهذه النتيجة مبكرا للرئيس الأميركي، ونائبه، ووزيرة خارجيته السابقة عندما كان في زيارة لواشنطن. يقول إنهم كانوا يعتقدون أن الأسد سيسقط في شهرين، في حين راهن معهم على أنه لن يسقط حتى بعد سنتين. لماذا؟ يقول المالكي إن النظام في سوريا مسألة طائفية، ووجود العلويين في الحكم حالة بقاء للطائفة، وخروجهم يعني لهم حالة المقتول مقتول، وإنهم اليوم يقاتلون قتال المضطر، برجالهم ونسائهم، ولهذا صمد النظام. ومع أن المالكي محق في تقديره لعزيمة النظام، وتخندقه بالعلويين، وكل ما قاله صحيح، إلا أن بقاء الأسد كل هذا الزمن الطويل، وسط الدماء والدمار، ليس صحيحا أنه…
الأحد ١٠ فبراير ٢٠١٣
قبل عشرين سنة تقريبا، عرّفني صديق بأحد ضباط المباحث في إحدى الدول العربية، وبعد السلام والسؤال، مازحت صديقي قائلا له: للتو عرفت أنك "مباحث"، ما دام صديقك هذا "مباحث"، فقال لي الضابط: إنه يشك في أن زوجته تتجسس عليه وتراقبه، وترفع عنه تقارير، وإنه يشك في أن زواجه منها في الأساس لم يكن طبيعيا، بل كان مخططا له من قبل المباحث، رغم أنه يتذكر أنه تزوج عن حب وعلاقة توجها بالزواج. هذه الظنون قالها لي ذلك الضابط؛ ليثبت لي أن الطريقة التي تعمل بها إدارات المباحث في العالم، بما فيها الدولة التي هو منها، وتحديدا ما يعمله هو من ناحية توظيف من لا يمكن توقعهم في هذا القطاع؛ ليمتهنوا وظيفة التجسس، جعله يشك في أن ما يفعله في الآخرين ربما فعلوه به عن طريق زوجته!. تحضر أمامي هذه القصة رغم قدمها، كلما قرأت وسمعت التحليلات التي تتحدث عما آلت إليه الأوضاع في الدول التي مر عليها ما يسمى بالربيع العربي،…
الأحد ١٠ فبراير ٢٠١٣
حتى الآن لا توجد ترجمة واحدة معتمدة عربيا ومعترف بها تعبر عن مصطلح Think Tanks، فهي تترجم أحيانا مراكز فكر، أو مراكز تفكير، أو مصانع أفكار، أو خلية أفكار، أو حوض فكري أو غيرها كثير من الترجمات المختلفة. وفي أحيان يشار لها بأنها مراكز أو مؤسسات أبحاث ودراسة، ورغم أن هذه قد تكون ترجمة تعكس جزءا من عمل مثل هذه المراكز إلا أنه يظل هناك فارق بين مراكز ومؤسسات الأبحاث research institutions وبين "مراكز التفكير"Think Tanks، ويكمن الفرق الأساس في كون مراكز التفكير تعنى بالأساس بصناعة القرار وبأن تكون رافدا له، أيا كان ذلك القرار سياسيا أو اقتصاديا أو غيره، ففي بعض الدول هناك مراكز تفكير متخصصة وقد يكون تخصصها ضيقا ويتعلق على سبيل المثال بالتعليم أو الصحة أو الزراعة فقط. مراكز التفكير هنا تعنى بطرح حلول أو سياسات أو شرح معضلات وتفسير أحداث بعينها، في المقابل فإن مصطلح مراكز الأبحاث يعكس طيفا واسعا من تلك المراكز التي ليست معنية…
الأحد ١٠ فبراير ٢٠١٣
إذا استبعدنا فترة الثمانينات من القرن الماضي، يمكن القول إن استثمارات السعودية في أهم ملفات السياسة الخارجية لم تُحقق منذ 1990 وحتى الآن أي اختراق أو نجاح، له من الوزن ما يوازي حجم الاستثمار في أي من تلك الملفات. وكما رأينا في مقالة الأسبوع الماضي كانت أبرز حالات عدم التوفيق هذه السياسة في العراق وسورية. طبعاً لا بد من التنويه في هذا السياق بأن هذا لا يقابله نجاح السياسة الخارجية لأي من هذين البلدين العربيين. على العكس، لقد انتهت السياسة الخارجية لكل منهما إلى كارثة وطنية تفوق في تداعياتها المدمرة ما حصل أثناء خضوعهما للاستعمار البريطاني في حالة العراق، والاستعمار الفرنسي في حالة سورية. هناك حالتان حققت فيهما السياسة السعودية شيئاً من النجاح. هناك أولاً الملف اليمني الذي حققت فيه السياسة الخارجية السعودية نجاحاً ملموساً في الأعوام الأخيرة، فنجحت قبل الربيع العربي وبالتعاون مع الحكومة اليمنية، في ضبط الأوضاع السياسية في هذا البلد من الانفجار. وبعد الربيع نجحت من خلال…