آراء

آراء

حديث لم ينشر مع الراحل عبدالله بن عبدالعزيز

السبت ٢٤ يناير ٢٠١٥

المملكة العربية السعودية بخير، مر الربيع العربي فمضى من حولها، شعرت به، أحست بهبوبه ورأت سخونته من حولها، ولكنها بحاجة إلى إصلاح، يعزز قوتها ويثبت استقرارها، والملك سلمان بن عبدالعزيز قادر على ذلك بحكم خبرته العريضة والعميقة في الحكم منذ أكثر من نصف قرن، وميزة أخرى اختص بها، أنه أكثر أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود شبهاً به في الحديث والهيئة، ومن أعرفهم به من خلال عنايته بتاريخه وتراثه، فهو المؤسس لدارة الملك عبدالعزيز المعنية بذلك. عبدالعزيز آل سعود، رجل الإصلاح الأول في جزيرة العرب بعد قرون من تجاهل التاريخ لها. ابن وفيٌّ لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب الإصلاحية، ولكن فهمه لها لم يمنعه من الانفتاح على الحداثة والعالم. ابنه سلمان يعرف ذلك وفعله، ولكن هناك ميزة ثالثة ومهمة تجعل مهمة الملك الصعبة أسهل، وهي أن سلفه الراحل الملك عبدالله فتح باباً واسعاً للإصلاح، هذه الكلمة التي كانت قبل عقد من الزمان «حساسة» غير مستحبة، فسرتها بيروقراطية متكلسة أنها اعتراف بوجود أخطاء. الملك الراحل كان شجاعاً أن يقول لتلك البيروقراطية ومن خلال الإعلام، نعم هناك قصور وأخطاء تستوجب الإصلاح. كان الملك الراحل يمارس مع شعبه والبيروقراطية السعودية العتيقة ورجال الفكر والدين، سياسة متدرجة، تارة في دفعهم للإصلاح، وأحياناً أخرى «صادمة»، وذلك منذ أن كان ولياً للعهد وحتى قبل أشهر قليلة…

آراء

شموخ وطن

السبت ٢٤ يناير ٢٠١٥

خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- رجل دولة، عايش خلال تجربته الطويلة، عملية تأسيس وبناء هذا الكيان الشامخ، وشارك في هذا البناء من خلال مختلف المناصب التي تقلدها. وكان الوفي لبلده ولأشقائه، إذ كان إلى جوار شقيقه الملك فهد -يرحمه الله- خلال فترة مرضه، وكان إلى جوار شقيقه الأمير سلطان بن عبدالعزيز خلال فترة مرضه، وكان إلى جوار شقيقه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يرحمه الله- خلال فترة مرضه. هذا الوفاء عير المستغرب، قابله وفاء للوطن وأبنائه، وحرصا على أمنه، ومن هنا يمكن النظر إلى سلسلة القرارات التي اضطلع بها -يحفظه الله- أمس، ومنها تعيين الأمير محمد بن نايف وليا لولي العهد، وتعيين الأمير محمد بن سلمان وزيرا للدفاع. لقد كانت هذه رسالة عاجلة، من رجل الدولة الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- أن هذا الوطن ومكتسباته تحصنها إرادة متينة، ورؤى واضحة. هذه صفعة لأهل الأهواء والشائعات والأغراض غير السوية، الذين يجدون في استقرار المملكة العربية السعودية عوامل مهددة لأجنداتهم غير السوية. لقد اتسم عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يرحمه الله- بكثير من العطاء والإنجاز، وكان العالم من حولنا ولا يزال يشهد الكثير من العواصف والأنواء، وقد تمكنت المملكة من النأي عن هذه العواصف، بل كانت ولا تزال صمام أمان لكل العالم العربي. حفظ الله…

آراء

سلاح الملك

السبت ٢٤ يناير ٢٠١٥

كانت العواصف عاتية قبل توليه المُلك. وكانت عاتية خلال عهده. هز الإرهاب العالم في مطلع القرن الجديد. وهز غزو العراق بعد عامين ركائز الاستقرار في المنطقة وتسبب لاحقاً في انطلاق شرارات وانهيارات وانقلابات. وفي كثير من هذه الأحداث كانت السعودية معنية أو مستهدفة. كان هناك من يريد خطف الإسلام نفسه ودمغه بالتطرف ودفعه إلى الاصطدام بالآخرين. وكان هناك من يحاول زعزعة استقرار الداخل. وكان هناك من يحلم بانقلاب كبير في المنطقة يطوّق السعودية ويحجّم دورها العربي والإسلامي والدولي ويخفّض أهميتها الاستراتيجية. في هذا المناخ اتخذ عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله، قرار جبه العواصف وتأهيل المملكة لمواجهة التحديات. واستخدم في هذه المعركة سلاحاً حاسماً. إنه سلاح خيط الثقة الكاملة الذي ربطه بالمواطن السعودي العادي. وسلاح الصدقية في التعامل على المستويات العربية والإسلامية والدولية. كان باستطاعة زائر الرياض أن يلمس نجاعة هذا السلاح. أول مصادر القوة هو شعور المواطن السعودي أن خادم الحرمين الشريفين يُشبهه. وأن صاحب القرار صديقه وصوته ومظلته. وكانت قرارات عبدالله بن عبدالعزيز تقرن التمسك بالثوابت بالقدرة على المبادرة، والحزم بالتسامح، والجرأة بالحكمة، والصلابة بالرحابة، والصرامة بالحوار. في الداخل حرب على الفقر والبطالة والانغلاق عبر خطة إصلاح وتطوير اقتصادية واجتماعية وتربوية عززت الشراكة بين المواطن والدولة. وفي الخارج تعاون ندّي ومسارعة إلى تضميد الجروح العربية والإسلامية ونهج يقوم على…

آراء

السعودية حسمت القلق

السبت ٢٤ يناير ٢٠١٥

كانت بيانات ترتيب بيت الحكم السعودي التي أذيعت أمس، أهم ما سمعه السعوديون منذ مطلع هذا القرن؛ لأنها جاءت في وقت مضطرب للمنطقة، وفي زمن يهمهم أن تحسم العائلة المالكة مسارها، وتبين خط المستقبل، فقد توفي وليان للعهد من قبل، ولأول مرة تم استحداث نظام يحدد ولي ولي العهد. الملك الراحل، عبد الله بن عبد العزيز، كان كبيرا وشعبيا، وخَلَفه سلمان بن عبد العزيز ملكا، كان ظله وشريكه، وكان مشاركا في الحكم، ومن أعمدة الدولة الرئيسية لنصف قرن تقريبا. السعودية بين إعلان الوفاة وإعلان الملك الجديد، لم تعش دقيقة فراغ، ولم تترك الناس طويلا تنتظر الإجابة عن الأسئلة المهمة. بعد إعلان الوفاة، جرى انتقال سريع من ملك إلى ملك، وفي الصباح عُين ولي عهده، وولي ولي عهده، وصارت الدولة مؤمّنة بحكم محسوم لسنين مقبلة. الملك سلمان حسم الأسئلة المعلّقة حول مستقبل الأسرة المالكة، ومستقبل المملكة، ونقلها إلى عهد جديد. وليس صحيحا ما يظن البعض، أن «الملك» وظيفة تأتي فقط بالتوريث، بل هي كفاءة مطلوبة، وشخصية لها مواصفاتها، وهذا سر شعبية الملك عبد الله، رحمه الله، وهذا سبب اختيار الملك سلمان ليكون الملك السابع للمملكة العربية السعودية وخادما للحرمين الشريفين. عرفناه، لعقود، الأمير سلمان أكثر الأمراء تواصلا مع الناس، مع العلماء، مع القبائل، ووجهاء المناطق، ورموز المجتمع المدني، ويعود المرضى، ويشارك…

آراء

رحيل ملك صارم وشجاع

السبت ٢٤ يناير ٢٠١٥

رحم الله القائد والملك الإنسان عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود.. لقد عاشت المملكة في عهد الراحل، الممتدة فترة حكمه من آب (أغسطس) ٢٠٠٥ حتى ليل أمس ٢٣ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٥، طفرات اقتصادية واجتماعية وتعليمية، وظلت ذات مواقف سياسية ثابتة، لا تهتز ولا تتغيّر، على رغم كثرة تحديات وضغوطات وأزمات المنطقة، التي ما زالت تتواصل لتشكّل إرثاً وحملاً ثقيلاً على الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي فتحت له القلوب، وبايعه مواطنوه محبة وثقة بحسن إدارته كرجل كان دوره لصيقاً بالملوك السابقين ومستشاراً لهم وشخصية مؤثرة داخل الدولة وخارجها. وبالعودة إلى الراحل، كان الملك عبدالله علامة فارقة في تاريخ بلاده وفي التاريخ العربي، وخلال فترة حكمه جعل للمملكة علاقات دولية صادقة ومميزة وصامدة في وجه أية محاولات لاستغلال الظروف الإقليمية للمس بها أو بأمن دول الخليج أو الدول العربية، حفاظاً على المصير الواحد والتعاون البنّاء والعيش المشترك، ولما يحقق الأمن والسلام، مع رفضه الكامل لأي صغوطات من أي تيارات وأحزاب مؤدلجة تسعى إلى تحقيق مصالحها الضيقة من دون الاكتراث بالآخرين أو الشركاء في الوطن. كان الراحل السعودي الكبير صاحب حكمة ورؤية واحدة وشخصية تاريخية بامتياز، وكان يعمل حتى قبيل أن توافيه المنية على تنفيذ رؤية استراتيجية متكاملة لبلاده ولأمته، للوصول إلى آفاق أرحب أكثر أمناً واستقراراً، لبناء كيان قوي متماسك يعود بالخير…

آراء

انتقادات اليمنيين لبنعمر

الجمعة ٢٣ يناير ٢٠١٥

سيل الانتقادات الذي يوجه إلى مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومستشاره، ومبعوثه الخاص، جمال بنعمر، في غير محله. ومعظم هذه الانتقادات يصدر عن فريقين؛ غاضبين من عجز الحكومة الحالية، وانقلابيين ضد بنعمر. فالغاضبون يلومون المستشار الدولي لأنه عاجز عن حماية النظام السياسي اليمني الجديد الذي شارك في بنائه، وعاجز عن تنفيذ ما تم التوقيع عليه برعاية الأمم المتحدة نفسها. ومع أنهم محقون في غضبهم إلا أن بنعمر، وخلفه منظمة الأمم المتحدة، لا يستطيع، ولا يملك القوة العسكرية على صيانة الاتفاق، أو ضمان تنفيذه. أهميته تكمن في تمثيله الأمم المتحدة، ومهاراته التفاوضية. والحق يقال: إنه المبعوث الوحيد الذي حقق نتائج كبيرة، في وقت عجز المبعوثون الآخرون حيث القضايا الساخنة. وقد حصل اليمنيون، من خلال بنعمر، على دعم استثنائي من مجلس الأمن لم نر له مثيلا في بقية المناطق المضطربة، مثل سوريا وليبيا، وبإجماع شبه نادر في تاريخ الأمم المتحدة. وقد استصدر بنعمر، من خلال رحلاته المكوكية بين صنعاء ونيويورك، على قرارات دولية مهمة بما فيها ملاحقة قيادات الحوثيين والرئيس المعزول علي عبد الله صالح، وصارت أموالهم مجمدة، وأصبحوا ممنوعين من السفر. وهي قرارات مؤذية جعلت الرئيس المعزول صالح يستجدي الرئيس اليمني الانتقالي رفعها عنه وعن حزبه. ولولا دخول الأمم المتحدة على خط الأزمة منذ بدايتها في عام 2011 كانت الأمور قد…

آراء

مكافحة التطرّف في مناخات شديدة التطرّف، كيف؟

الجمعة ٢٣ يناير ٢٠١٥

أي نوع من التطرّف ينزلق الى العنف من دون شحن ايديولوجي يمكن عزله ثم حصره ثم القضاء عليه، لأنه بطبيعته ليس وباء قابلاً للتعميم. المشكلة هي مع التطرف الديني «المقترن بالغلو والتشدد في الخطاب، وما يرتبط بذلك من لجوء الى العنف، ورفض المختلف الى حد تكفيره، بل محاولة إقصائه في شكل كلّي»، وفقاً لتوصيف بيان حمل عنوان «نحو استراتيجية عربية شاملة لمواجهة التطرّف» وهو خلاصة نقاشات يومين في مؤتمر دعت اليه مكتبة الاسكندرية أوائل الشهر الجاري، ويُفترَض أن تُرفع توصياته الى القمة العربية المقبلة التي تستضيفها القاهرة، باعتبار أن القمة السابقة في الكويت كانت تبنّت اقتراحاً بهذا الشأن قدّمه الرئيس المصري الموقت عدلي منصور موصياً بدوره أن تتولّى مكتبة الاسكندرية ورشة إعداد هذه الاستراتيجية. والمشكلة مع التطرّف الديني أن الخلاص منه أمنية عاجلة جداً لكنه مهمة لن تنجز إلا على المدى الطويل. لذلك ينبغي تشغيل مسارين: الأول، مواصلة التصدّي الأمني للتطرّف لكن مع الوعي «بأننا تعايشنا معه لأعوام طويلة ويتعيّن علينا التعايش معه لسنوات آتية»، وفقاً لعبارة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، علماً أن التعويل الآن على العمل الأمني ليس سوى محاولة للحدّ من الضحايا والخسائر، ولإبقاء المتطرفين مرفوضين ومطاردين علّ ذلك يساهم في انحسارهم عدداً وزخماً. أما المسار الآخر فيقترح خطط عمل قد تستغرق جيلاً كاملاً للتأكد من نجاحها…

آراء

خسارة آسيا وخسارة المال

الخميس ٢٢ يناير ٢٠١٥

العمل غير المؤسسي والواضح بتخطيط بعيد المدى بكفاءة، ويراهن على الزمن، من خلال كفاءات وقدرات عالية يتم توظيفها في الرياضة السعودية، إن لم يتم فمصيرها الفشل المحقق. خرج المنتخب السعودي من آسيا للدورة الحالية المقامة في أستراليا، ولست بصدد القول إن السبب مدرب أو لاعبون أو خلافه، الجميع يشترك بالفشل حتى نكون موضوعيين، فالمدرب وإن احضرت أمهر مدرب بالعالم لن ينجح، لب الإشكالية هنا هي " التخطيط " من النشء والبنية التحتية، والبنية التحتية ليست الأسمنت والحديد والملاعب فقط، بل منظومة العمل الرياضي الذي لدينا، فالتركيز والبناء يبدآن من المدراس الابتدائية من يكتشف المواهب؟ من يوفر لهم الرعاية الشاملة من ملاعب وتدريب وتعليم وتثقيف وسلوك حسن وتدريب متصل ومنتظم، من خلال التناقل السلس من الابتدائي للمتوسط للثانوي، من خلال الأكاديميات المتخصصة بمدربين محترفين، بإمكانات وملاعب ورعاية حقيقية، من خلال خلق محفزات وجذب لهم؟ العمل لا يبدأ من أعلى الهرم للاعبين، بل من أسفل الهرم، وتبدأ بالبناء لهم. من خلال الرعاية لكل مرحلة سنية، وبكل منطقة من مناطق المملكة تتوفر بها المواهب والقدرات. لنعترف أننا لا نملك منهجية العمل الرياضي السليم من الصغر من النشء، أصبحت العملية كلها شراء لاعب جاهز " بزعم من اشترى " وهو النادي ويبدأ اللعب غدا، مع أننا كنتائج " منتخب " اصبحنا الأقل تصنيفا عالميا…

آراء

«أنت فصّل واحنا نلبس»

الخميس ٢٢ يناير ٢٠١٥

من أسوأ الأمثلة التي تتردد في بعض دولنا العربية الموجهة إلى رؤسائنا في العمل أو زملائنا أو أصدقائنا: "أنت فصِّل واحنا نلبس". هذا العبارة البليدة تجردنا من استقلاليتنا وآرائنا وأفكارنا. تقمع كل بذرة فكرة. تحولنا إلى نكرة. تعزز تسلط بعض المسؤولين الذين يتشبثون بقراراتهم بعيدا عن مشاركتها مع زملائهم ومحيطهم. من يحلل العبارة بشكل بسيط سيكتشف مدى فداحتها وخطورتها. فلا يوجد ثوب يلائم مقاساتنا أجمعين. كل شخص لديه مقاسه الخاص؛ حجمه، ووزنه، وطوله، وذائقته. فمن ينطقها حتى على سبيل المجاملة يمارس سلوكا إجراميا تجاه مستقبلنا. فمن يقرأ أو يحس بأي سخط جمعي في أي مؤسسة ومجتمع محدد سيدرك تماما أن أحد الأسباب هو العبارة سيئة الذكر وأخواتها التي تعزز صوتا واحدا. صوتا عاليا جدا. في حين تغيب الأصوات الأخرى الجديرة بالضوء. إننا نشترك بشكل عام في أي شعور عارم بالملل والاستياء. فلو حرصنا على طرح آرائنا وعملنا على إيصالها ستتعدد النكهات والرؤى والمحاولات. نعتقد دائما أن المسؤول هو المسؤول عن كل الخيارات المخيبة التي يتخذها. لكن في الحقيقة نحن نلعب دورا محوريا في هذه الخيبات. لقد جعلناه يمارس هذا السلوك الأناني الأحادي الأبوي بكلماتنا وردة فعلنا تجاه ما يقول ويطرح. عبّر، وانتقد، وحلّل لأنك الخاسر الأكبر بصمتك أو تفويضك التلقائي. أنت من يربط الحبل على عنقك ويختنق إثر هذه البيئة…

آراء

«عقلية القطيع»

الخميس ٢٢ يناير ٢٠١٥

حينما تسير في شارع مزدحم فيقفز شخص ما أمامك فجأة ستقفز مثله لا شعوريا، ثم تتأكد بعد ذلك عن سبب هذه القفزة، لربما كان يريد تفادي الوقوع في حفرة! هذا التصرف العشوائي يسمى «عقلية القطيع» وهي نظرية أجري عليها عدد من الدراسات التي أثبتت أنها تعكس واقع الحال. فأحيانا، مثلا، تجد نفسك تصفق فجأة مع الجمهور في ندوة مهمة أو مسرحية هادفة رغم أنك سرحت لبُرَهٍ ولم تسمع بوضوح سبب التصفيق! وكذلك الحال ربما تصرخ واقفا على مدرج مباراة كرة قدم مع الجمهور عند تسديد هدف رائع مع أنك لم تشاهد الكرة تدخل فعليا شباك المرمى. إنها عقلية القطيع التي تتحكم في بعض تصرفاتنا. وقد أظهرت بالفعل دراسة لجامعة ليدز البريطانية السبب الذي «يدفع مجموعات من البشر لتقليد البعض بصورة لا واعية تماما مثل ما تفعل الأغنام والطيور»، حيث تبين أن «5 في المائة من البشر يؤثرون على 95 في المائة من توجهات هذه الأغلبية من دون أن تشعر». وفي إحدى التجارب العلمية طلب من مجموعات كبيرة السير في قاعة فسيحة جدا وأن يكونوا على مسافة ذراع واحدة من الآخرين شريطة ألا يُسمح لأحد بالتحدث مع أحد ولا حتى إبداء أي إيماءة جسدية. وتم تزويد مجموعة محددة من المشاركين سرا بمعلومات عن خط سير الرحلة داخل القاعة، ثم تبين أن…

آراء

وماذا عن العداء للإسلام؟

الخميس ٢٢ يناير ٢٠١٥

منذ هجمات سبتمبر (أيلول) 2001 الإرهابية، أصبح معتادا أن يجد المسلمون أنفسهم موضع اتهام وتشكيك، يزيده سوءا التعميم المخل الذي يربط الإرهاب بالإسلام كدين ويدمغ المسلمين كلهم بجرائم ترتكبها قلة مارقة قتلت وتقتل من المسلمين أكثر مما قتلت من أي فئة أخرى. قبل ذلك كان يجري ربط الإرهاب بالعرب حتى مرغت سمعتهم بالتراب وأصبحت كلمة عربي موازية لتعبيرات الشتم في أذهان الكثيرين في الغرب وخارجه. بعد اعتداءات باريس الإرهابية الأخيرة عادت موضوعات الإسلام والإرهاب، والعداء المتزايد للمسلمين، وكذلك معاداة السامية لتطغى على ساحة الجدل والنقاش، مثيرة الكثير من الحساسيات والمخاوف، بل والتحذيرات من الوجهة التي سيؤدي إليها هذا الشحن والتوتر. العالم تضامن عن حق مع فرنسا في وجه هذه الهجمات وشارك ممثلون عن دول إسلامية كثيرة في مسيرة الوحدة في باريس، كما خرجت إدانات قوية من أرجاء العالم الإسلامي لم تكتف بالإعراب عن التضامن والتأكيد على الحرب ضد الإرهاب، بل كررت أيضا أن الإسلام بريء من ممارسات الإرهابيين الذين هم في النهاية قلة ضئيلة ينبذها غالبية المسلمين ويحاربونها باعتبارها خطرا عليهم مثلما هي خطر على الآخرين. لكن كل ذلك لم يحل دون أن يجد المسلمون أنفسهم مرة أخرى في دائرة التشكيك ومشاعر الكراهية المتنامية ضد الإسلام بسبب التشويه المستمر والمتعمد في بعض الأحيان، أو الصادر عن جهل أحيانا أخرى، أو…

آراء

حكم الحوثي وانفصال الجنوب

الخميس ٢٢ يناير ٢٠١٥

حسناً فعل الحوثي، إذ رفع الستارة التي كانت تحجبه عن السلطة، فدخل الواجهة بعد أن كان يحرك أصابع هادي منصور للتوقيع على كل ما يريد، محافظاً على صورة ظاهرية للتقاليد الرسمية. منذ دخول الحوثي صنعاء لم يعد هادي رئيساً، بل مجرد ختم وتوقيع يخولان الحوثي كل ما يريد، ويوسعان نطاق سلطته ويمنحانه الشرعية، ومنذ 21 أيلول (سبتمبر) لم يصدر هادي أي قرار يخالف رغبة الحوثي، ثم سلّمه كل الأسلحة والسلطات من خلف حجاب. لا مبرر عملياً لاحتجاز الشخص المسمّى «رئيساً» زوراً وبهتاناً سوى إحداث توتر ينعش أسواق النفط سريعاً، نتيجة رفع حال القلق سواء على مستوى الإشعار أن السعودية في خطر أم بحكم التهديدات لمضيق باب المندب، وهو أمر لم يتحقق حتى الآن، فلم تحدث أية استجابة فورية لهذا الخطر المفترض، ولعل المبادرة الإيرانية المفاجئة في الدعوة إلى حوار صريح مع السعودية تتسق مع هذا الانقلاب وتسعى إلى استثمار هذه التحولات السريعة. الحوثي ليس لاعباً ساذجاً، بل نجح في الأشهر الماضية في تعزيز قبضته على السلطة، وكشف براعة لافتة في طريقة إدارة الصراع والتماهي الفاعل مع المتغيرات، فارضاً نفسه حاكماً فعلياً لليمن، فلم يعترض أحد طريقه المتشعب شمالاً وجنوباً، كأنه يتحرك في فضاء مفتوح وبيئة حاضنة، إلا أن الفارق أنه لا يمكن له حكم اليمن مباشرة، حتى إن استحوذ على…