آراء

آراء

الانخفاض يخدم النمو

الأربعاء ٢٤ ديسمبر ٢٠١٤

لايجب فهم أن انخفاض النفط سلبي على الاقتصاد العالمي، وحتى محليا، بل هذا سيكون بالاتجاه الاخر فتحا مهماً للنمو الاقتصادي، فلا يجب أن تكون الرؤية أنها سلبية على الاقتصاد العالمي، فأول الفوائد هي توفير 500 مليار دولار للدول الصناعية الأوروبية، وهذا يعزز الان انخفاض التضخم بالدول الصناعية بما سيلقي أثره الاقتصادي على السلع المصدرة للخارج وبالتالي الدول المستوردة ستنخفض التكلفة عليها، وأيضا سيكون مهما الانخفاض للطاقة شمولية الانخفاض لمعظم السلع، ولكن يجب فهم أن ذلك لن يكون لفترات طويلة مع عودة ارتفاع اسعار النفط خلال منتصف 2015 كما يتوقع. الانخفاض إيجابي بمراحل كثيرة "وسلبي للمصدرين للنفط بالطبع" ولكن فاتورة الانخفاض هل توازي قيمة البيع المرتفع، القراءة الأولى تقول لا، ولكنها ستكون درسا مهماً وإضافيا للدول المصدرة بالبحث عن البدائل لمصادر الدخل وهذا ما يضع خيار المخاطر مرتفعا لهذه الدول أيا كانت، فالنفط سلعة غير مستقرة وغير معتمد عليها "يفترض" في بناء سياسات طويلة الأجل، فهي تعتبر متقلبة، وغير مستقرة، وهذا يعني استثمار كل ارتفاع بأقصى عائد ممكن. يجب أن نقر أن تراجع النفط، يتيح فرص استثمار كبيرة، وتضاف لكل من يملك القدرة المالية لاقتناص الفرص التي تتيحها الأسواق بمختلف دول العالم، وأيضا يفيد الدول النفطية بخروج "لاحقا" الدول المنتجة للنفط الصخري، وهذا أيضا يدعم الدول المنتجة "التقليدية" كثيرا، وهذا ما…

آراء

ظنوننا التي وراء (الأكمة)!

الأربعاء ٢٤ ديسمبر ٢٠١٤

انقضت الأسبوع الماضي احتفالية «اليوم العالمي للغة العربية»، وقلت في نهاية اليوم الطويل: انتهينا الآن من الاحتفالية ولم ننته من يوم اللغة العربية، الذي نريده في كل يوم من أيام العام، ليس احتفالاً بل احتفاءً بها، إذ المدخل الحقيقي والفعال لرفع مكانة اللغة العربية هو ليس في كثرة مديحها، بل في كثرة استخدامها. غشي المناخَ العربي في الموقف من الاحتفالية أمزجةٌ عديدة، متناقضة ومتكاملة أحياناً، قلّة اعترضت عليها من منطلق ديني يرى سفاهةَ ومخالفةَ الاحتفال بالأيام المناسباتية عموماً، الموقفَ الشرعي. آخرون -أكثر منهم- اعترضوا على تفاصيل مرتبطة بالاحتفالية، وبالتحديد على مضامين الشعار المكرس للاحتفال، وتحديداً على نقطتين هما: لماذا اختير تاريخ الاحتفالية بالميلادي (الأجنبي) وليس بالهجري (العربي)؟ وبغضّ النظر عن جدلية إن كان التقويم الميلادي أجنبياً حقاً والعربي هو الهجري فقط، فقد نسي أولئك أن منظمة دولية كالـ «يونيسكو» لا يمكن أن تستخدم التاريخ الهجري في قراراتها، وأن إصرارنا على الهجري كان سيحيلها من مناسبة عالمية إلى محلية فقط، وهو ما لا ننشده ولا ينشده حتماً المعترضون. الاعتراض الآخر هو: لماذا كتبنا التاريخ وترجمة المناسبة في الشعار باللغة الإنكليزية، والجواب هو المبرر السابق ذاته، أي لاستخدام الشعار في المنصات الدولية. ليس من حقنا منع أي أحد من إبداء رأيه في أي شيء، لكني كنت أود أن ننشغل بروح الاحتفالية عن…

آراء

انفجار فقاعة بوتين

الأربعاء ٢٤ ديسمبر ٢٠١٤

إذا كنت من الأشخاص الذين ينبهرون بالزهو الذكوري، ففلاديمير بوتين هو نمط الشخصيات الذي سيثير إعجابك. من المؤكد أن كثيرا من الأميركيين المحافظين يكنون في أنفسهم إعجابا محرجا بالرجل القوي المختال؛ حيث قال رودي جولياني، عمدة نيويورك السابق، بحماس بعد غزو بوتين أوكرانيا دون أي نقاشات أو مداولات: «إن هذا لهو الزعيم الحق». مع ذلك لم يكن لدى بوتين يوما ما يدعم خيلاءه ذاك، فحجم الاقتصاد الروسي لا يزيد عن حجم الاقتصاد البرازيلي. وكما نرى الآن، فروسيا معرضة بشدة لأزمة مالية، ويعود هذا الوضع إلى طبيعة نظام بوتين. بالنسبة لغير المتابعين للوضع، بدأت عملة الروبل في التراجع تدريجيا منذ أغسطس (آب) الماضي عندما أدخل بوتين علنا القوات الروسية إلى الصراع في أوكرانيا. ومنذ بضعة أسابيع، زاد التراجع بشكل حاد. لم تؤد الإجراءات المتطرفة، التي تضمنت الزيادة الكبيرة لأسعار الفائدة والضغط على الشركات الخاصة للتوقف عن الاحتفاظ بالدولارات، إلا لاستقرار الروبل عند أدنى مستوياته السابقة فحسب. وتفيد كل المؤشرات بأن الاقتصاد الروسي يتجه نحو ركود كبير. السبب الأساسي لما تعانيه روسيا من صعوبات هو انخفاض أسعار النفط عالميا، وهو الأمر الذي يشير بدوره إلى عوامل أخرى؛ منها زيادة إنتاج الغاز الصخري، وانخفاض الطلب من الصين والدول الأخرى، وهي أمور لا علاقة لها ببوتين. وكان من الطبيعي أن يلحق هذا ضررا كبيرا…

آراء

لمعالي وزير العمل: خازوق السعودة

الأربعاء ٢٤ ديسمبر ٢٠١٤

والقصة الخيالية التي أكتبها اليوم أكثر ألماً ومأساة حتى من توصيف اللغة في العنوان بعاليه، وأتمنى أن تصل تفاصيلها المدهشة إلى معالي وزير العمل وطواقمه العليا من حوله. هي أشبه بما يمكن توصيفه بحالة "استعمار" خفي باسم السعودة، واسمحوا لي على هذا التشبيه. هي ما يلي: عند الساعة الثامنة من مساء الخميس الماضي فوجئ ما يزيد عن 300 شاب "مهندس" سعودي برسالة موحدة تتضمن خطاب استغناء عن العمل من شركة "أجنبية" عملاقة تعمل بيننا في مشاريع إنشاء مليارية. الجملة الأولى في الخطاب الموحد تقول (إنه بناء على رفض وزارة الداخلية "عميل خدماتنا" لتوظيفكم فقد تم فصلكم استناداً إلى البند القانوني في العقد المبرم الذي يسمح لشركتنا بفصلكم عن العمل في فترة التجربة). معالي الوزير: هنا خيط القصة. نحن أمام شركة أجنبية عملاقة تعمل لدينا بعقود مليارية. وخلال أقل من شهر واحد، وعلى مسؤوليتي، استقطبت هذه الشركة أكثر من 300 مهندس سعودي بإغراءات مالية مشبوهة أجبرتهم جميعاً على الاستقالة من مواقعهم السابقة. الشبهة الكبرى أنها أعطت لكل فرد اختيار مكان عمله في أي منطقة وأي مكان يختاره "المهندس" بغض النظر عن الحاجة، الشبهة الأكبر أن الشركة نفسها كانت تغري الفرد بما يقرب من ضعف الراتب ليترك عمله السابق. وخلال أقل من شهر، وببرهان الأوراق في الملف الضخم بين يدي، اكتفت هذه…

آراء

إيران تنتفض لمواجهة الفساد

الإثنين ٢٢ ديسمبر ٢٠١٤

يأتي ملف الفساد في إيران بوصفه أحد أهم الملفات الشائكة المتعاقبة على الحكومات الإيرانية، التي وقفت ولا تزال عاجزة عن معالجته وانتخاب أفضل السبل لمواجهته. ولعل نظرة إلى تقرير منظمة الشفافية الدولية تدفع إلى إدراك ما وصلت إليه إيران من مستويات خطيرة من الفساد، حيث حلت في المرتبة 136 من بين 175 دولة في الفساد. وهو ما أسهم في زيادة الحنق الداخلي من تفشي الفساد الذي استشرى، حتى، كما يرى بعض نواب البرلمان الإيراني، داخل الأجهزة المناط بها مواجهته. فكيف هي طبيعة الفساد في إيران؟ وما الخطوات والإجراءات التي تنوي حكومة روحاني اتخاذها لمواجهة هذا الملف؟ حين تتوفر عوامل من قبيل الفقر والبيروقراطية وتزايد معدلات التضخم وتدني الأجور في مقابل غلاء المعيشة، تصبح البيئة التي تعيش تلك العوامل فيها أكثر عرضة لتفشي الفساد. ولقد ظلت إيران حتى قبل ثورة عام 1979 تعاني من الفساد، ولو بدرجات متفاوتة. ورغم الشعارات التي رافقت هذه الثورة، فإن هذه المعضلة ظلت قائمة. غير أن هناك عوامل أخرى اختصت بها الحالة الإيرانية دفعت باتجاه تفشٍّ فاحش لهذه الظاهرة، فالعقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران وتزايدها خلال السنوات الأخيرة قد أسهمت في ظهور من يُطلق عليهم «المتربحون»، الذين لم يكونوا بعيدين عن التواصل مع مؤسسات النظام نفسها. لقد جاء العنوان العريض، المتمثل في الالتفاف على العقوبات، بوصفه…

آراء

من ربح ومن خسر في صلح مصر مع قطر

الإثنين ٢٢ ديسمبر ٢٠١٤

باستثناء 369 يوما، هي الفترة الزمنية التي تقلد فيها الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، سدة الحكم في بلاده، فإن التوتر هو العنوان الأبرز للعلاقات المصرية - القطرية. بدأ التوتر في السنوات الأخيرة لحكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وزادت وتيرته مع تولي الرئيس المؤقت عدلي منصور، واشتد حتى بلغ خصومة شديدة عندما حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي. هذا التوتر أصبح هو القاعدة وليس استثناء. القاهرة ترى أنها لم تخطئ، وأن الدوحة تضرب استقرارها بدعمها «الإخوان المسلمين»، عدوها اللدود، والدوحة ترد أنها لا تفعل ذلك ولا تتدخل في الشأن المصري أبدا. لم تتقدم العاصمتان خطوة واحدة في اتجاه تحسين العلاقات، وكان لسان حال القاهرة والدوحة دائما يقول: فلتتجمد العلاقات وتتوتر، فليبقَ الحال على ما هو عليه، إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا. لم يكن اللقاء الذي جمع الرئيس المصري بالمبعوث الخاص لأمير قطر، والمبعوث الخاص لخادم الحرمين الشريفين، مفاجأة على الإطلاق؛ فمنذ اتفاق المصالحة الخليجي الذي جرى برعاية خادم الحرمين الشريفين، والرسالة التي بعث بها العاهل السعودي واضحة لا لبس فيها؛ دعم دول الخليج لمصر قضية محسومة، وتنقية الغيوم في علاقاتها بقطر ذات أولوية، وكانت الأنظار تنتظر هذا التقارب بين البلدين. يحسب لأمير قطر أنه أرسل مبعوثه لأرض الكنانة كبادرة احترام وتقدير للرئيس السيسي، ويحسب أيضا للسياسة القطرية عقلانيتها وعدم…

آراء

الساكنون في الشائعات

الإثنين ٢٢ ديسمبر ٢٠١٤

تركيبة العقل عند البعض مهيأة للاستلاب. تستهويها الشائعة، وتتملكها الأكاذيب التي يلقيها في آذانهم هذا أو ذاك. إنهم أسرى وغنائم يستغلها الانتهازي، ويستثمرها في تعظيم مكاسبه، في مقابل استسلام بعض المغفلين له. إن الذين يسكنون في دائرة الشائعة، يقومون بإلغاء العقل، فيسيئون إلى أنفسهم، ويسيئون إلى مجتمعهم، وقد يتحولون بتدوير هذه الشائعات وتداولها إلى أدوات طيعة في يد عدو يتربص بالإنسان والوطن. من المؤسف أن هناك مناخا يساعد على تأجيج الشائعات، في ظل طفرة معلوماتية وتقنية، لا تسمح بالبطء، ولا تعترف به. فالصمت عن الشائعة، يقرأه الآخر باعتباره تأكيدا لها. وهكذا تظل الشائعة تتدحرج مثل كرة الثلج. لقد كشفت الطفرة المعلوماتية والتقنية السائدة، أن بالإمكان التلاعب بالعقول والعواطف، ولا يمكن الاعتداد بالمعلومة الحقيقية ما لم تأت في الوقت المناسب. إن استغراق بعض الجهات المعنية في السبات، تجاه تسويق بعض الشائعات ذات العلاقة بحاجات الناس وآمالهم وتطلعاتهم، هذه المسألة تجعل المجتمع يغدو لقمة سائغة لجيوش جرارة يتكثف وجودها في وسائل التواصل الحديثة، وتبدأ في صياغة صورة موغلة في الإحباط. من المؤسف أن البعض يندمج داخل هذه الجوقة، لا شعوريا، فيتحول إلى عامل سلبي يسهم في تزييف صورة المجتمع وفي إشاعة الإحباط في نفوس الأجيال الجديدة، ويقتل أحلامهم. هو يظن من خلال استغراقه في السلبية أنه يمارس نقدا إيجابيا، بينما واقع حاله…

آراء

وزير البترول.. لهذا السبب لست قلقاً

الإثنين ٢٢ ديسمبر ٢٠١٤

كان للتو عائداً من اجتماع عاصف في النمسا لأعضاء «أوبك»، الاجتماع الذي حول أنظار العالم إلى تصريحات وزير النفط السعودي علي النعيمي، بعد تداول معلومات عدة عن اتفاق على عدم خفض الإنتاج. فيما كانت وسائل الإعلام الغربية والعالمية تتناقل أخبار الصراع في سوق النفط بين مؤيد ومعارض، وما بين ادعاء أن دول الخليج تخوض حرباً خفية ضد النفط الصخري، وأيضاً لإضعاف الروبل الروسي. كان الوزير السعودي على النعيمي يخوض حرباً أخرى في مدينة ليما عاصمة بيرو، التي شهدت انعقاد قمة المناخ في دورتها الـ20، وحضرها رؤساء بعض الدول ووزراء طاقة وبيئة، إذ يمثل العرب في مفاوضات مع الدول الأوروبية، التي تسعى إلى تمرير ضريبة الكربون على الدول المنتجة للنفط. التقيت الوزير النعيمي خلال المؤتمر في جناح السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي مع فريق عمله، كان أكثر من هادئ، يقف ويستمع إلى ورش العمل والمحاضرات التي نظمها الجناح السعودي بالتعاون مع شركة أرامكو والجامعات السعودية، يتناقش مع معاونيه. جل وقته كان منشغلاً في اجتماعاته الجانبية في مفاوضاته مع الفرق الأخرى، التقى في مكتبه في مقر المؤتمر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، كان معظم وقته في الجناح اجتماعات مغلقة ولقاءات. سألتُ الوزير النعيمي بعد أن أتم زيارته للجناح الخليجي، وحضر جانباً من ورشة العمل عن دور السعودية في مكافحة التلوث،…

آراء

متى يرجع السوري؟

الإثنين ٢٢ ديسمبر ٢٠١٤

غافل الصبي عامل المقهى وتسلل يجول بين الطاولات. تلفّت قلقاً ينتظر قرار طرده. عينان متوسلتان ويد صغيرة ممدودة. انصاع الى رغبة من أشاروا عليه سريعاً بالابتعاد. علّمته التجربة تفادي الإفراط في الإلحاح. ثمة من أشفق وتجاوب. كنت في زاوية المقهى مع الصحف. سألته إن كان يرغب في فنجان من الشاي فرفض. أغلب الظن انه خاف ان يرجع عامل المقهى، وهذا يعني ببساطة التعنيف والطرد. سألته وأجاب. اسمه أحمد، وعمره تسعة اعوام. قُتِل والده في غارة. نَزَحت والدته مع أولادها الخمسة من قرية في محافظة حمص الى لبنان في رحلة مضنية. رفض الرد بدقة عن مكان إقامة عائلته. منذ إطلالة «داعش» صار النازح متهماً أو مشروع متهم. صار مخيفاً وخائفاً. بعض البلديات يمنع «تجوّل الأغراب» بعد السابعة مساء. الشبان يتعرضون في أحيان كثيرة لعمليات دهم، خصوصاً إذا كانوا ملتحين. يقول أحمد إن والده لم يكن محارباً، وإن النار التهمت بيتهم الصغير، ولم يكن أمامهم غير لبنان. لجأت العائلة الى قرية، ثم طُرِدت منها. لم يكن أمامها غير تكرار النزوح. ولم يكن أمامه غير التسوُّل. وإن شقيقاً له يجول في أماكن اخرى. وإن الأماكن صارت اقل وداً، وتتشدد في رفض المتسوّلين. وإنه وشقيقه يسلّمان امهما مساء حصيلة نهار الشقاء الطويل. يتابع أحمد جولته وعذاباته. حديث اللاجئين السوريين مفتوح بقوة في لبنان حيث…

آراء

برميل علاء الدين..

الإثنين ٢٢ ديسمبر ٢٠١٤

جاء انخفاض أسعار النفط ليثير كثيرًا من الأسئلة حول المستقبل الاقتصادي والمعيشي في الوطن، الذي كان يعتمد على المادة الخام في أكثر من 90 في المئة من إيراداته المالية، والحديث داخل الوطن عن بدائل للنفط يختلف عن خارجها، فالنفط تنظر إليه الدول المتقدمة على أنه مصدر رئيس للطاقة في مختلف مجالات الحياة، بينما نراه مصدرًا للحياة ومنبعًا سهلاً للثروة المالية، وهي رؤية تختلف تمامًا، وتجعل من انحسار أسعار النفط أشبه بالكارثة الاقتصادية على هذه البلاد.. وإذا كانت مصر هبة النيل حسب هيرودت، فإن النقلة السياسية والمعيشية والاجتماعية في الوطن كانت هبة النفط، الذي تم اكتشافه في مراحل شديدة الفقر الاقتصادي، وكان قرار التنقيب عنه، ثم اكتشافه أعظم إنجاز بعد التوحيد، وقد ساهم في إحداث أهم نقلة تاريخية في مرحلة في غاية الشراسة سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا. لم يكن النفط نقمة، بل كان نعمة ساهمت في إضفاء بعضًا من اللين على القسوة والتحجر العقلي، وفي تخفيف القيود والأغلال الاجتماعية، وفي الوصول إلى حالة السلم الاجتماعي، وقد كانت وجهة نظر الذين يرونه نقمة أنه ساهم في تباطؤ ثقافة العمل وزيادة معدلات الاتكال والكسل، لكن التاريخ علمنا أن ثقافة العمل في الجزيرة كانت محدودة وغائبة عن كثير من الفئات، وكان التناحر والغزو أحد سبل البحث عن لقمة العيش. لم يكن النفط نقمة، بل كان…

آراء

درب الشهادة

الأحد ٢١ ديسمبر ٢٠١٤

شهيدان آخران اختارا درب الشهادة في سبيل الوطن، وانضما إلى ركب سجل أسماء من لحقوا به بأحرف من النور في سماء الفخر والعزة، فداء للوطن وتلبية لنداء الواجب، وحباً للإمارات لا يدانيه حب، وعزاً لا يقترب منه سواه. شهيدان قدما روحاهما رخيصة للوطن، سقطا في ساحة هي من أكثر الساحات التي يتمناها أي مواطن اختار سلك الشرفاء وسلك العسكرية مجالاً يلتحق به ويخدم وطنه من خلاله، فكان للشابين سيف الزعابي وعبد الله الحمودي ما تمنياه، وسجلا اسميهما في هذه الساحة فخراً وشرفاً، فهنيئاً لهما ولأسرتيهما. بل للإمارات كلها فخر أبناء عاهدوا الله ثم الرئيس والوطن على البذل والإخلاص، فأوفوا بالعهد، وأخلصوا وتفانوا حباً وعملاً، من أجل وطن كان دوماً نصب أعينهم، فاحتضنهم ترابه حباً وفخراً لصنيعهم. رحل الشرفاء وغابت أجسادهم الطاهرة، وبقيت سيرتهم تعطر فضاء الوطن شرقاً وغرباً، وتنثر في الأرجاء شذى عشق أبدي لازمهم، لوطن يستحق كل غالٍ ونفيس، فما هان عليهم ولا تهاونوا في تقديم أغلى ما لديهم، فكانت الروح. بقيت السيرة العطرة وحب ممزوج بالفخر جاب الأرجاء وتوجه شرقاً إلى منطقة الطويين في الفجيرة وكلباء في الشارقة ليستقر هناك، حيث خيم عزاء الشابين الطيارين، فالعزاء ليس لذوي الشهداء، بل هو عزاء العائلة الكبيرة، التقت لتعزي نفسها في من رحلوا، وتتشاطر الأحزان وآلام الفراق في قدر كان محتوماً،…

آراء

بين الدكتور والسيد

الأحد ٢١ ديسمبر ٢٠١٤

في مقابلة نادرة أجرتها صحيفة «26 سبتمبر» مع «الدكتور» عبد الكريم الإرياني، طرح رؤيته للأحداث كما عايشها وكان واحدا من صناعها، وعبر فيها عن قلق وخوف شديدين لمآلات الأوضاع على الساحة اليمنية باعتباره شريكا أصيلا في حلوها ومرها، ورغم أن اعترافاته جاءت متأخرة، فإن طبيعته الإنسانية، التي اعتاد عليها طيلة سنوات عمله السياسي في الميدان اليمني كمساهم في تفاصيلها وعارف بنتوءاتها ومؤثر في توجهاتها، كانت تمنعه من التعامل المستمر مع الإعلام، وكان دوما يفضل امتصاص الخلافات والسعي لإشاعة روح من التفاؤل والابتعاد أحيانا عن الواقع حتى لا يصيب الناس بالمزيد من القلق.. لقد اختلفت معه منذ بدء المرحلة الانتقالية، وخصوصا النظرة إلى «مؤتمر الحوار الوطني»، وما كنت أصر على تسميته بـ«لقاء الموفينبيك» وعبرت عن آرائي كتابة في هذه الصفحة وشفهيا في كل لقاء كنت أسعى إليه وأسعد أن يجمعني به لأستفيد من تجربته الإنسانية والأخلاقية والسياسية، وكنت ألاحقه وما زلت، ودوما أعتبره معلما لي رغم عدم الاتفاق أحيانا - كانت كثيرة أخيرا - ولكني أشهد أنه ما غضب من موقف اتخذته ولا من رأي عبرت عنه، بل كان كعهده مثالا صارخا للترفع وعدم الابتذال في الخصومة السياسية أو عدم الاتفاق مع رأي يبديه أي إنسان. شرح «الدكتور» في المقابلة ما حدث - كما عايش وعاش - خلال الأشهر التي تلت…