آراء
الأحد ٢٦ أكتوبر ٢٠١٤
شاءت الصدف أن أكون جالساً في إحدى المناسبات قبل أسبوع بين ثلاثة أصدقاء، وجميعهم ملاك ورؤساء تنفيذيين لشركات مقاولات وشركة كهرباء وميكانيكا كبرى تعمل في المملكة. تناول الحديث كما تتوقعون المشاريع وبطء التنفيذ أحياناً، وأحياناً تعطل المشروع لأعوام وكيف أن خادم الحرمين الشريفين حفظه الله بدأ يوكل لشركة «أرامكو» السعودية بعض المشاريع العملاقة لثقته بأدائها والتزاماتها، وهي مبادرة رائعة لأنها أنقذت ونفذت الكثير بأزمنة قياسية وجودة عالية. سألت أحدهم لماذا خرجت هذه الظاهرة عندنا، وأقصد تأخر المشاريع وتعثرها، وكان الجواب على الشفاه وبلا تردد. أن طبيعة العقود الحكومية التي تخضع ومنذ عقود إلى نظام مشتريات أكل عليه الدهر. يقول صديقي بأن العنصر الأهم في نظام المشتريات لدينا في المملكة ما زال هو السعر، خلافاً لما هو معمول به لدى «أرامكو»، حيث السعر يأتي ثانياً، وربما ثالثاً. ليس «أرامكو» فقط، بل أن البنك الدولي الذي يمول آلاف المشاريع حول العالم يضع وزن السعر أو ثقله في التقييم عند حد ٢٠ في المئة فقط، بينما تأتي العوامل الأخرى بمراتب أولى. العوامل الأخرى هي إمكانات المقاول الفنية والمالية وسيرته الذاتية وسيرة مهندسي المشروع والسجل التنفيذي لمشاريع سابقة وتقييمها. ولو أن الأمر توقف عند السعر لهانت المصيبة، ذلك أن الإشراف نفسه والذي تقوم به الوزارة المستفيدة من المشروع هو الآخر رديء. معظم وزاراتنا لا…
آراء
الأحد ٢٦ أكتوبر ٢٠١٤
نبّه أحد الزملاء في مجموعة "واتساب"، خلال الأيام الماضية، على أن هناك انتشاراً جديداً لفيروس كورونا في الطائف. أكد الزميل أن أحد أطباء مستشفى الهدا توفي متأثرا بإصابته بالفيروس، وأن هناك حالات أخرى في مستشفيات المحافظة. صدقاً لم أتوقع أن تكون هذه المعلومة صحيحة، خصوصاً أننا تعوّدنا من الوزير الجديد قدراً كبيراً من الشفافية والمحاسبة التي طالت كبار التنفيذيين في صحة جدة، فماذا حدث؟ ظهرت بالأمس معلومات تشير إلى قيام الوزير بزيارة مستشفيات المحافظة، بل اعترفت الوزارة بأمور أكثر خطورة، من ضمنها تعرض أحد مرضى الفشل الكلوي للمرض ووفاته، وهو من مستخدمي مركز غسيل الكلى في مستشفى الملك عبد العزيز. بنهاية الزيارة أصدر مركز القيادة والتحكم في الوزارة مجموعة من الإجراءات التي يجب الالتزام بها لضمان التعامل مع الوضع القائم. إذاً فنحن بصدد طريقة تعامل جديدة تختلف عمّا أقرّه الوزير عندما زار محافظة جدة بداية تسلمه مهمة الصحة. المعيار الأهم لهذه الطريقة هو السرية، إذ ذكر مسؤولون في المحافظة أن الوزارة لا ترغب في نشر الهلع بين السكان بالإعلان عن حالات الإصابة بالفيروس. أتفهم ألا تعلن الوزارة عن حالات لم تثبت إصابتها، أو إمكانية أن يحدث أمر في مستشفى معين، أما وقد "وقع الفأس في الرأس" وأصيب أطباء ومرضى بالفيروس؛ بل توفي بعضهم، فهنا ليس للوزارة أن تخفي الحقائق عن…
آراء
الأحد ٢٦ أكتوبر ٢٠١٤
الشريعة لا تتشوف للبحث عن المنكر، وتصرفات "داعش" مخالفة لها، وإذا تُرك الأمر للمتشددين وضغطهم وتجمعاتهم حتى ضد العلماء؛ فإن الأمر قد يستفحل لنتحول لحالة لا يمكن السيطرة عليها لا سمح الله رأينا تلك المقاطع المؤسفة من متطرفة داعش وأخواتها، وكيف أنهم أقاموا حد الرجم على تلك المرأة المسكينة، ثم فعلوا الأمر مثله بعد أيام وهكذا! ومثله ما تفعله الجماعات المتطرفة في نيجيريا والصومال، ولك أن تتخيل أثر ذلك على العالم كله! لن أتحدث عن حد الرجم نفسه، ولكن سألقي نظرة سريعة لمجموعة من تصرفات النبي -عليه الصلاة والسلام- مع أولئك الذين أقام عليهم الحد، أو ممن اتهموا بالزنا، لنرى كيف حكمة النبي -عليه الصلاة والسلام- ورحمته بأمته، وأن الشرع لا يتشوف إطلاقا لتطبيق هذا الحد أصلا، ولذا وضع له شروطا من الصعب جدا تحققها، إن لم تكن مستحيلة. كما سأتحدث حول بعض الحوادث التي ترك فيها النبي -عليه الصلاة والسلام- أناسا دارت عليهم الشبهة، واشتهروا حتى بالسوء. أولا يجب أن نقول إن مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الشريعة مبني على الظاهر من المنكر فقط، ولا يتشوف للبحث عن المنكر والسعي وراءه لإنكاره إلا المنكر المتعدي بمعنى المتاجرة بالخمور أو البغاء مثلا، فلا يجوز التجسس أو حتى السؤال أو وضع الكمائن والمطاردة لأجل الوصول للمنكر وفاعله بأي حال،…
آراء
الأحد ٢٦ أكتوبر ٢٠١٤
اتفاق عام، منه المعلن ومنه المستتر، على أن تركيا هي البوابة الأبرز لعبور الجماعات الجهادية إلى سورية، ولا يزال العشرات يعبرونها، ذهاباً وإياباً، يومياً بحسب تقارير غربية. بعض الدول الغربية لا يهمها الداخلين قدر خشيتها من العائدين، وهو خوف يتزايد بعد حادثة البرلمان الكندي. التقارير لا تتهم المؤسسة الرسمية مباشرة، خصوصاً الآن، لكنها تحيل الأمر إلى سهولة رشوة الجنود، وأن الإرهابي يكفيه 10 دولارت من أجل الدخول إلى الأراضي السورية، وإن نحو خمسين شخصاً يدخلون يومياً بهذه الطريقة. حجاج العجمي قال في لقاء له مع «روتانا» إنه دخل سورية مراراً عبر تركيا، وكأن الحدود ممسوحة أو غير موجودة، ما يعني اعتياد الجميع العبور مهما كانت أهدافه. التهريب عبر الحدود نشط حتى في مجال النفط، أما تهريب الأفراد فهو تجارة رابحة تكلف الفرد من 200 إلى 300 دولار، إلا أن أشد المناطق صعوبة إلى درجة الاستحالة هي المحاذية لمراكز الأكراد، إذ تشتد الحراسة والرقابة، أما المناطق الأخرى فهي يسيرة ومتاحة. الموقف التركي غامض ومربك، يزيده غموضاً ذلك الاتفاق السري على تحرير كل مواطنيها المحتجزين في الموصل، وربما كان الأصل فيه أن البوابة السياحية استحالت إلى ممر آمن لكل إرهابي، إضافة إلى وجودهم المكثف في المدن التركية الذي يشكل خطراً على الداخل. ذكرت «فايننشال تايمز» أن الاتحاد الأوروبي سلّم السلطات التركية لائحة…
آراء
الأحد ٢٦ أكتوبر ٢٠١٤
الحرب هي ممارسة للسياسة، لكن بأسلوب مختلف، مخضب بالدم. تقول القاعدة الذهبية: يجب أن يكون لكل حرب هدف سياسي واضح تسعى إلى تحقيقه. الحرب التي ليس لها هدف، أو أن هذا الهدف ليس واضحاً وضوح الدم والتضحية، هي حرب غبية، وعرضة للفشل. ترى ما هو الهدف السياسي للحرب الدائرة حالياً على «داعش»؟ لا أحد يملك إجابة عن السؤال، أو أنه يملك إجابة لكنه لا يفصح عنها. حتى الرئيس الأميركي باراك أوباما، وهو الذي يقود التحالف في هذه الحرب، إما أنه لا يملك إجابة، وإما أنه يريد الاحتفاظ بالإجابة لنفسه. هناك سؤال آخر، هل كل أعضاء التحالف في هذه الحرب على بينة من هذا الموضوع؟ المفترض أنهم كذلك. وإذا كانوا جميعهم يعرفون الإجابة، وهذا المتوقع، فلماذا لا يفصح أحد منهم عنها؟ سيقال إن الأمر واضح وضوح الشمس: الحرب على «داعش» هي جزء من الحرب على الإرهاب. وفي هذا الإطار هي حرب على تنظيم إرهابي متوحش، يجب وجوباً القضاء عليه. وهذا بحد ذاته هدف جليل يستحق التضحية من أجله. هذا القول صحيح تماماً لو أن الأمور ستتوقف عند هذا الحد. لا شك في أن الحرب على الإرهاب مشروعة. ولعلنا نتذكر أنها بدأت بعد أحداث أيلول (سبتمبر) الشنيعة عام 2001. آنذاك لم يكن هناك تنظيم إرهابي باسم الإسلام إلا تنظيم «القاعدة» في أفغانستان.…
آراء
الأحد ٢٦ أكتوبر ٢٠١٤
التقيت، خلال المشاركة في «منتدى أبوظبي الاستراتيجي» الذي دعا إليه «مركز الإمارات للسياسات»، بعدد من المتابعين للشأن اليمني، ودارت نقاشات حول مجريات الأوضاع ومحاولات فهم كيفية تدهورها وانزلاقها بسرعة فائقة نحو هاوية سحيقة، واستشراف القادم وموجهاته. وكان الجامع المشترك، هو القلق من الامتداد الجغرافي الذي وصلت إليه جماعة «أنصار الله - الحوثيين»، والتساؤل عن الحدود التي سيقفون عندها، وما حقيقة أهدافهم، وكيف كان يسيرا عليهم تجاوز كل الخطوط الوهمية التي كانت تفصل، حتى وقت قصير مضى، بين المكونات المذهبية في اليمن. وواقع الحال أن الإجابة ببساطة عن كل ما سبق هي أن كامل كيان الدولة تهاوى، وسقطت قيمتها المعنوية والمادية أمام الضربات المتلاحقة من المتضررين لخروجهم من المشهد السياسي والراغبين في استعادة أدوارهم، وكذلك من ضعف القابعين حاليا على قمتها، وأيضا رغبات وجشع القوى السياسية وابتعادها عن المصلحة الوطنية. وليس مستغربا تواري ما تبقى من مؤسسات الحكم المتهالكة أصلا بعد عقود من التهميش لدورها وضرب قواعدها. وزاد الأوضاع سوءا ارتباك الحكم الجديد ومحاولاته الخجولة للوقوف على الحياد والسعي لإبعاد شبح الحرب الأهلية، فبدا الأمر كما لو كان ما نشاهده اليوم مناورات بالذخيرة الحية بين حلفاء تجمعهم أهداف مشتركة. في البدء؛ البداية كانت الهدف المعلن والثابت لـ«أنصار الله – الحوثيين» في أذهان الناس، وهو إنهاء ما قالوا إنها المظلومية التي لحقت…
آراء
السبت ٢٥ أكتوبر ٢٠١٤
المقاطع التي تبث من قبل داعش سواء كانت جز الرؤوس أو سبي النساء أو تطبيق الحدود بشكل متعسف أو ترويـع الناس هي أفعال بربرية همجية لا يمكن أن تلحق بالإسلام كدين جاء للسمو بالبشرية مجتمعة والمحافظة على النفس والمال والعرض وفق آليات مقننة ويكون تنفيذها عبر هيكلة إداريـة محكمة يكون فيها ولي أمر وقضاء وجهاز تنفيذي يخضع لولي الأمر، أما أفعال داعش فهي أفعال قوم لم يفهموا الإسلام كنظام له دستور ينظم العلاقات بين أفراد المجتمع، هم قوم تلقوا تعليمات سمعية عن الدين من أدعياء للإسلام تعلموا أقوالا وأفعالا مغلوطة وحشية انتزعت من سياقها التاريخي وقدمت على أن هذا هو الإسلام. ولأن المتلقي لهذه الأفعال يتماثـل مع الدواعشة في عدد من سياقات الأحداث التاريخية والعلل جعل دواعش الداخل يصفقون لتلك الأفعال المشينة التي أضرت بالإسلام والمسلمين في كل بقاع الأرض.. ظل هؤلاء المتلقون متأرجحين إما مؤيد أو معارض (لكنه لا يعرف كيف يثبت معارضته لأفعال حدثت في التاريخ الإسلامي).. وهذا مايستوجب من علماء الأمة للنهوض تفقيها وشرحا للأحداث التاريخية التي حدثت وإن الإسلام ليس دينا فظا قائما على قتل المغايـر كما أن الحدود متدرجة في التطبيق حدها الأقصى ما تم ذكره نصيا. وحين قدم داود الشريان بلاغا عبر برنامجه يطالب بإغلاق إحدى القنوات الفضائية كونها تقوم ببث الكراهية والتحريض على…
آراء
السبت ٢٥ أكتوبر ٢٠١٤
في كل مرة يبرهن الجيش العراقي وميليشياته الدموية أنه عدو الجميع في العراق، بدءاً بسكانه، وأنه ما زال يرتدي بدلة نوري المالكي السياسية، ومع ذلك فهو جبان لا تتجاوز غضبته حدود المدنيين والعزل، ولا تتعدى رؤيته موطئ قدمه الطائفي، فكان مصيره الهرب والسقوط، على رغم أن طائراته تقصف الحي كاملاً إن بلغها وجود أحد أفراد الجماعات الجهادية فيه، وليس له من فعل سوى خطاب دعائي يستحضر ذكريات الصحاف. كوباني الصغيرة المعزولة والمحرومة من كل سند، حتى ليبدو أن الجيش التركي أحد محاصريها والعازمين على إسقاطها، ما زالت تقاوم منذ خمسة أسابيع على رغم أن «داعش» جاءها بوهج قوته وعتاده وسطوة انتصاراته، فحال دونه وهذه البلدة شباب المنطقة وفتياتها، وصمدوا أمامه محطمين أسطورته المرعبة، ومع ذلك فإنه كلما انتكس في كوباني عاد إلى العراق فأحرز فيه انتصاراً يحمي سمعته ويعزز معنوياته. لو أن الجيش العراقي ومعه ميليشيات الحشد الشعبي طابورُ إعدامٍ أمام عناصر «داعش» لنفدت ذخائر عناصر التنظيم قبل القضاء عليه كلياً، إلا أنه يفرح بانتصارات هزيلة سرعان ما يبدد «داعش» سحائبها ويزيد توغله حتى مشارف مطار بغداد. أبرز الانتصارات العراقية هي استعادة ناحية إمرلي الصغيرة التي حوصرت فيها ميليشيات الحشد الشعبي، وتفاخرت إيران بدورها، ناشرة صور لوائها الهمام قاسم سليماني على أنه العقل المدبر لهذا الكسب العظيم الذي سينقذ العراق.…
آراء
السبت ٢٥ أكتوبر ٢٠١٤
من الناحية النظرية، والنظرة السطحية، يبدو الاستثمار في دول القارة الأفريقية واعداً لدولة كالإمارات العربية المتحدة التي أصبحت الاستثمارات في الخارج جزءاً من تطلعاتها المستقبلية، لكن المسألة ليست بهذه البساطة. صحيح أنه في السنوات الأخيرة، ونتيجة للشروط التي تم فرضها على المساعدات الخارجية الممنوحة لدول أفريقيا من قبل المانحين الدوليين، ومؤسسات التمويل المالي العالمية، قامت الدول عبر القارة خلال العشرين عاماً الماضية بتحرير التجارة، وموازنة الميزانيات، وتأسيس مراكز استثمارية، وإقامة البورصات، وسن قوانين الخصخصة، وتطبيق عمليات خصخصة واسعة عن طريق بيع المشاريع التي تملكها الدولة إلى مستثمرين محليين وأجانب. وبالإضافة إلى ذلك فإن التغيرات السياسية الجذرية صاحبت العديد من تلك التحولات الاقتصادية، لكن جميع هذه الإجراءات لم تتضح نتائجها بشكل إيجابي يشجع على القول بأن دول القارة الأفريقية هي الساحة الجديدة الواعدة التي يمكن لدولة الإمارات أن تتجه إليها بطمأنينة، لكي تضخ فيها استثمارات ضخمة. الواقع أننا لانستطيع القول بشكل قاطع بأن الاستثمارات هناك لن تكون ناجحة لو توافرت لها البيئة الاستثمارية الملائمة والمناخ الأمني اللازم، فدون شك أن الدول الأفريقية اليوم لديها منطلقات، وأسس اقتصادية وسياسية تختلف عما كانت عليه الأوضاع قبل خمسة وعشرين عاماً مضت. لكن مع هذه التطورات التي تبدو للوهلة الأولى إيجابية تأتي المخاطر الكامنة. إن معظم ثروات أفريقيا منتشرة بشكل غير متيقن منه عبر القارة،…
آراء
السبت ٢٥ أكتوبر ٢٠١٤
غداً (الأحد)، تحتفل البقية المتبقية المؤمنة بالربيع العربي بيوم من أيامها التاريخية المصيرية المباركة، إنها الانتخابات التونسية التي بنجاحها تحصل تونس على شهادة النجاة من نفسها «الأمّارة بالسوء»، التي وسوست لها غير مرة أن الديموقراطية فتنة، والعهد القديم بعجره وبجره هو الاستقرار، ومن أعداء الربيع العربي المرعوبين من سنن التغيير، الذين ما فتئوا يحفرون لها الكمائن لتتعثر، بل الأفضل لهم أن تنتكس تماماً وتعود سيرتها الأولى منتظمة في عهود الاستبداد المملوكي العربي الذي استقر بيننا ألف عام ونيف حتى حسبنا أنه الأصل وأنه قدر الله وحكمته علينا، فانفجرت مسيرة التغيير علينا أجمعين من بلد مجهول لغالب العرب وسط تونس في كانون الأول (ديسمبر) 2010، فأصبح ذلك التاريخ ولادة جديدة لنا ومن سيدي بوزيد محجاً للمؤمنين بتلك اللحظة التاريخية ومقاصدها. نجاح الربيع العربي في تونس يؤكد أن ما حصل فيها قبل أربعة أعوام لم يكن حدثاً عارضاً وإنما حتمية تاريخية لا بد أن تنتصر لمن فَقُهَ علم التاريخ وسننه، من المؤمنين أنه السبيل الوحيد لإنقاذ العرب من مصيرهم المحتوم إذا ما بقيت اختياراتهم قاصرة على «داعش» أو الاستبداد. ما يحصل بجوار تونس، في ليبيا، ثم مصر فاليمن، وما هو أدهى وأمر في العراق وسورية، يؤكد أن المسار التونسي هو الصحيح، حيث الاحتكام للديموقراطية وأدواتها، ومن أبى فمصير بلاده الفتنة وانقسام المجتمع…
آراء
السبت ٢٥ أكتوبر ٢٠١٤
أدعي أني أعرف الكثير عن الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، خلال السنين الطويلة الماضية، ما يكفي لفهمه، وأبرزها أنه بلا مصداقية، يعتمد بشكل كبير على سياسة التضليل! ولسنين طويلة ضلّل الأميركيين، والخليجيين، والعراقيين، والسوريين، وبشكل أكثر كان يخادع القيادات السياسية، والحزبية، والقبلية، في اليمن. هذا تاريخ صالح؛ اللعب على الحبال، أو كما يقول نفسه «الرقص على رؤوس الثعابين»؛ مما مكنه من البقاء حاكما لبلد مليء بالتناقضات والمنافسين. الذي جرى في الأسابيع الثمانية الماضية مسرحية أخرى من إنتاج المؤلف صالح، فقد فوجئ الجميع بأن جماعة مسلحة، الحوثيين، تستولي بسهولة على أكبر مدن اليمن ومحافظاتها، وواجهت القليل جدا من القوات الحكومية والقبلية. الحوثيون ليسوا «داعش»، فهم ميليشيا قبلية، تنظيم مسلح قوي فقط في مناطقه؛ أي شمال اليمن، وما كان له أن يتمدد إلى أقصى جنوب غربي البلاد من دون حليف. وقد صدق كثيرون رواية الاكتساح الحوثي دون التدقيق فيها. الذي سهل عملية التلفيق، أن موظفي صالح السابقين نثروا كمية كبيرة من المعلومات المغلوطة تزعم أن الرئيس الحالي المؤقت هادي قد تحالف مع الحوثيين، وأنه وافق على تسليمهم العاصمة والمدن الأخرى، ومعلومة أخرى تدعي أن السعودية وافقت على الحوثيين ضمن مصالحة إقليمية مع الإيرانيين، وغيرها، وثالثة تتهم المبعوث الدولي بالتواطؤ. بالنسبة لي كانت الروايات المنتشرة في الإعلام غير منطقية، فالرئيس الحالي…
آراء
الجمعة ٢٤ أكتوبر ٢٠١٤
على الفايسبوك، كتب أحد الأصدقاء مثالا وجدته جد معبر عن واقعنا الحالي: تخيل أن يكون لديك طفل تُعَلمه منذ الصغر بأن حيوان الكوالا سيء جدا وقذر وعنيف تجب محاربته. تخيل أن يكبر طفلك وأنت ترسخ لديه تدريجيا هذه الفكرة. في أحد الأيام، تذهب الأسرة إلى بيت الجيران. تجد لديهم كوالا. يضربه الطفل بعنف ويحاول طرده أو رميه من النافذة. يشعر الوالدان بالحرج أمام تصرف ابنهما. يعتذران للجيران وهما يعنفان الصغير لأن تصرفه غير سوي. هذا بالضبط ما يحدث لدينا اليوم. نعتقل المشجعين لداعش ونندد بهم وبسلوكهم "غير الإسلامي"، في حين أننا، أُسرًا ومؤسسات، ساهمنا في تكوين النسق الفكري لهؤلاء الأفراد. نعلم الأطفال في المدارس بأن الجهاد في سبيل الله واجب على كل مسلم. بأن الدين عند الله الإسلام وبأن من هم دوننا كفار سيشكلون حطب جهنم. نعلمهم في المدارس بأن النصارى واليهود هم المغضوب عليهم وهم الضالون. بأن المسلم وحده يملك الحقيقة. لا، بل وأكثر من ذلك: بأن المسلم السني وحده يملك الحقيقة. بأن الشيعة حرّفوا الدين. بأن المسيحيين واليهود زوّروا كتبهم المقدسة في حين حمى الله كتابنا المقدس دونا عن غيره من الكتب السماوية. نجعل من مراسيم ذبح الخرفان حفلا كبيرا يحضر له الصغار قبل الكبار. يرتبط في ذهنهم ولاشعورهم الصغير بأن الذبح عملية احتفالية. بأن الرجل الحقيقي هو…