آراء

آراء

ما بعد “الغلو” إلا “الهلاك”

الأحد ١٢ أكتوبر ٢٠١٤

في حجته صلى الله عليه وسلم، وعند وصوله إلى جمع ـ مزدلفة ـ ؛ يحكي لنا ابن عمه ـ ابن العباس رضي الله عنهما ـ فيما رواه أصحاب السنن؛ ما حصل هناك بقوله: قال لي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "هلم القط لي"، فلقطت له حصيات، هن حصى الخذف ـ مما يحذف به ـ فلما وضعهن في يده، قال: "نعم، بأمثال هؤلاء، وإياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين".. حديث بقصة تحكي لنا تحذير معلم الأمة، وهاديها ـ صلوات ربي عليه ـ من التعصب، والتشدد، والتطرف، والتنطع، والاختلاف المذموم.. كتب الكثيرون، ومازالوا، حول الغلو وآثاره، والمشكلة ما زالت قائمة، وسأكتب وغيري كذلك، وكلنا متعلقون بالأمل في أن يعجل الله ـ سبحانه وتعالى ـ بالقضاء على مظاهر الغلو؛ التي لا يكاد أحد منا إلا وقد عانى منها بطريقة أو أخرى.. المظاهر ـ وهنا أذكرها للتحذير من المتصفين بها ـ كثيرة، وفي مقدمتها: أن المغالي لا يعترف لغيره في الأمور الاجتهادية، التي تكثر فيها آراء السابقين. وأن المغالي يعشق إلزام الآخرين بما يراه؛ غير مكترث بالمشقة التي سيعاني منها غيره. وأن المغالي غليظ الطبع؛ فلا يعرف رفقا لا مع كبير، أو صغير، حتى لو كانوا من أرباب الحقوق عليه، كالوالدين، ومن في درجتهما. وأن المغالي…

آراء

رحلة «الجهاد» السهلة إلى سورية… ربما هذه هي

الأحد ١٢ أكتوبر ٢٠١٤

حين اتصلت المراهقة الفرنسية من أصل مغربي بشقيقها، من مخبئها في ريف حلب، قالت له إنها سعيدة هنا وتشعر بأنها تعيش في «عالم ديزني». ونقلت وكالة «رويترز» عن شقيقها، أن شقيقته البالغة من العمر 15 عاماً، والتي هربت من عائلتها المقيمة في جنوب فرنسا إلى سورية والتحقت بـ «داعش»، كانت في طفولتها التي لم تكد تغادرها بعد، شغوفة بعالم ديزني، وأنها كانت تعيش حياة عادية في كنف عائلتها، علماً أن حوالى 10 في المئة من الأوروبيين الملتحقين بـ «داعش» شابات ومراهقات تولت مافيات «جهادية» أوروبية تهريبهن إلى سورية والعراق، ونشطت في هذه المافيات نساء تولين إقناع المراهقات. ولا يبدو هنا أننا حيال ظاهرة دياسبورية، ذاك أن بين «المهاجرات» إلى «داعش» أوروبيات مسيحيات ويهوديات الأصول والنشأة. المراهقة الفرنسية التي أبلغت شقيقها أنها تعيش في «عالم ديزني» الذي كان شغفها في طفولتها، أصابت بتشبيهها هذا ملمحاً لـ «داعش» لطالما ألح على مراقبي هذا التنظيم، وعلى متقصّي أخباره. فلـ «داعش» وجه غير واقعي، أو ربما غير متصل بأكثر من خيال مراهقة. صحيح أنه حقيقي، وهنا تكمن المأساة، لكن الحقيقة حين تصبح غير واقعية، تحمل في هذه اللحظة احتمال الموت. فلنا هنا أن نلاحظ كماً هائلاً من الحقائق غير الواقعية. الذبح المصور والسبي واجتثاث الحاضر، كل هذه الحقائق «الداعشية» لا تحيلنا على الواقع، وهي…

آراء

لاءات أوباما والحروب الدينية في المنطقة!

الأحد ١٢ أكتوبر ٢٠١٤

أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما الحرب على تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) منذ حوالى شهرين. قال إن هدفه هزيمة هذا التنظيم والقضاء عليه. جميع الدول متفقة معه على الحرب وعلى الهدف منها، لكن الرئيس يرفض أي سؤال بعد ذلك. لماذا يحتاج تحالف من 20 دولة إلى سنوات لهزيمة تنظيم، تقول الاستخبارات الأميركية إن عدد مقاتليه لا يتجاوز 31500 مقاتل؟ ثم ماذا بعد هزيمة «داعش»؟ أو ما هي الخطوة التالية لذلك؟ هل هذه الحرب جزء من حرب على الإرهاب؟ أم أنها حرب تبدأ وتنتهي عند «داعش»؟ ما هو هذا الإرهاب؟ وهل يختلف عن الإرهاب الذي بدأ في أفغانستان؟ الجذر الأول للإرهاب الآن، خصوصاً في العراق وسورية، هو حال طائفية فجّرتها الصراعات السياسية، وما «داعش» إلا أحد أخطر تمظهرات هذه الحال. هناك إرهاب سني، وإرهاب شيعي. ألا يدرك الرئيس أن استهداف الإرهاب السني والتغاضي عن الإرهاب الشيعي يغذيان الطائفية بعوامل خارجية ويعمقان الحروب الدينية الدائرة حالياً؟ هناك أسئلة أخرى تتردد كثيراً في واشنطن: لماذا لم تنجح هذه الحرب في وقف تمدد «داعش» بعد شهرين من بدئها؟ لماذا لم تنجح في كسب القاعدة الشعبية في سورية وفي غرب العراق؟ وفق «واشنطن بوست»، يبدو أن هذه الحرب لم تحصل على تأييد حتى قوى المعارضة السورية. والسؤال المربك: كيف يمكن منع النظام السوري من الاستفادة عسكرياً…

آراء

العرب لا يستحقون «جائزة نوبل»

الأحد ١٢ أكتوبر ٢٠١٤

غضب بعض المثقفين العرب على لجنة جائزة نوبل للآداب، بعد اختيارها للروائي الفرنسي باتريك موديانو، يوحي وكأنما كل الظروف كانت مواتية للشاعر أدونيس كي ينالها، ومع ذلك حُرم منها وأُبعد. أحقا، في مثل هذه الظروف التي ينقسم فيها العرب على أنفسهم، ويتشظون دويلات، ويتناحرون قبائل وطوائف، يمكن أن يُكلل شاعر من قبل «نوبل»، هو نفسه موضع خلاف حاد بين أهل لغته، إن في إبداعه أو مواقفه السياسية أو آرائه الدينية؟ عتاب ولوم وهجوم بالجملة على جائزة غربية فضّلت، منذ ولادتها، أبناء جلدتها، وشملت بفضائلها، في أحيان قليلة، أبناء العوالم الأخرى، من باب الاستثناءات التي تثبت تلك القاعدة الذهبية التي تقول: «إن أهل الدار أولى بالتكريم من غيرهم». لم تُمنح نوبل للآداب خلال 103 سنوات من عمرها إلا لصينيين اثنين فقط، ومع ذلك فإن أمة المليار و300 ألف مواطن لا تسأل تكريما لأدبها، ولا تقذف حارميها بالتهم الشنعاء. العزة الصينية تأبى الذل على أعتاب أكاديمية سويدية، استجداء للاعتراف بأدبائها، فهذا مما لا يليق بالقامات الكبار، بل يدلل على دونية تزداد إيغالا في الروح، وتأكيدا على أن العرب لا يزالون يعتبرون أن قيمتهم تشرق من الغرب، لا من ذواتهم المعذبة. الغيرة على أدونيس والأدب العربي من ورائه، لا تبرر الهجوم على الفائز باتريك موديانو الذي استحقها بجدارة، وإن لم يكن الأفضل والأروع،…

آراء

قرار الرئيس أسقطه السيد

الأحد ١٢ أكتوبر ٢٠١٤

انشغل اليمنيون خلال الأيام الماضية بقضية تكليف الرئيس هادي لمساعده الرئيسي الدكتور أحمد بن مبارك بتشكيل الحكومة، وهو أمر لم يعتادوا عليه خلال سنوات، فقد جرت العادة أن يجري الأمر دون ضجة ولا لغط، لكن الأمر اختلف وتراجع الرئيس عن قرار بهذه الأهمية لأول مرة في تاريخ الجمهورية، وصار واضحا أن المحيطين به ليسوا أكثر من مجموعة انتهازية لا تتجرأ على إبداء رأي صادق مفضلين الصمت في أفضل الأحوال، وتناثرت التعليقات والتحليلات وتناقضت الاستنتاجات بحسب الهوى والانتماء السياسي والمذهبي والمناطقي، لكن الجامع لها أنها أظهرت عمق الأزمة التي تمر بها البلاد منذ ثلاث سنوات وإن كانت مشاهدها قد اختلفت وتعددت أنماطها، فظل المواطن أسيرا لتناحرات الساسة والحزبيين، وعزوف المستشارين الجدد والقدامى عن شجاعة المواجهة الصريحة، واكتفى جميع هؤلاء بالهمس وتفادي الظهور بصورة مغايرة لأهواء الحاكم طمعا في استمرار رضاه وطلبا للاحتماء بالقرب منه. في ظل الأزمات المتلاحقة ظهر «أنصار الله - الحوثيون» كلاعب جديد قوي على الساحة السياسية متحررين من القيود التي كبلت كل الموجودين بالقرب من الحاكم، وجعلت حركتهم أكثر مرونة وقدرة على التحكم في خيوطها، فقد جاءت قياداتهم من خارج الأطر التقليدية التي اعتاد عليها المواطن، وبحيوية وحماسة فقدها كل من يديرون المشهد بجوار الرئيس، وعلى الرغم من كل الأخطاء التي ارتكبتها الجماعة والممارسات القاسية التي أثارت انزعاجا…

آراء

عقولنا العربية المهاجرة

السبت ١١ أكتوبر ٢٠١٤

لك أن تسرد من المثاليات والعبارات ماشئت لكن الواقع يقول أنه لايمكن أن نتوقع من الآخرين التضحية بأحلامهم وطموحاتهم المشروعة لأجل فكرة أو مشروع عام مهما كانت أهدافه نبيلة. المجتمعات الناضجة هيئت لأفرادها السبل المناسبة لتحقيق أنفسهم وفي نفس الوقت خدمة أوطانهم والبشرية. الكثير من المسلمين والعرب يعيشون ويعملون في الخارج ويتمنون أن يعملوا في المملكة العربية السعودية لأسباب ثقافية ودينية –وربما مادية - ولكن يمنعهم عدم توفر بيئة متكاملة كتعليم بمستوى عالمي لأطفالهم ووسائل ترفيه معقولة لهم ولعائلاتهم. في نفس الوقت نجد باحثين وأساتذة عرب يعملون بالفعل في بعض جامعاتنا المحلية و الأقليمية التي وصلت لمستوى عالمي لابأس به وهم يتألقون ويبدعون بمجرد أن تتحقق لهم بيئة الإبداع في وطنهم العربي. لأي شخص طموح في هذه المنطقة أو غيرها من العالم أن يحقق أحلامه ويضمن لنفسه ولأطفاله مستقبل أفضل، وإن لم يتحقق لهم هنا والا بحثوا عن مكان آخر. تسرب العقول العربية للخارج أحد أسباب تردي وضعنا الحالي وهي قضية ليست بالحديثة وأظنها في إزدياد خصوصاً في ظل مايعيشه عالمنا العربي من أضطرابات خلال السنوات الماضية. لكي نستعيد تلك العقول ونحد من هجرة المزيد يجب أن ننشئ مراكز تعليمية متميزة ومتكاملة في شتى أنحاء العالم العربي تمثل نقاط ضوء جاذبة لتلك العقول. فرصة عظيمة أمام جامعاتنا السعودية بحرمها الجامعي…

آراء

القول الفصل.. في ما بين «داعش» و«حزب الله» من وصل!

السبت ١١ أكتوبر ٢٠١٤

سوف يعتبر البعض هذا العنوان مستفزا، وأنا أؤكد أن الغرض ليس الاستفزاز، كما قد يعتبره البعض مثيرا للبهجة، ولم أكتب لأثير بهجة أحد. أؤكد أن المحاولة هي جلاء الغامض، احتراما للعقول العربية وإثارة لنقاش جاد، يعيدنا إلى سكة العقل، بعيدا عن الأدلجة والتسليع الطائفي. أؤكد أن ليس كل السنة «داعش»، وليس كل الشيعة «حزب الله»، تلك خرافة آن لنا أن نتطهر منها، يقيني أن دائرة «داعش» ودائرة «حزب الله» متطابقة إلى حد كبير، الفروقات في الهوامش فقط. مؤيدو هذا الفريق أو ذاك لا يستطيعون رؤية التطابق، حيث إن الكائن لا يستطيع أن يبصر وهو مغمض العينين، والانغماس في الأدلجة هو ضرب على كل الأفئدة وليس على العينين فقط. إذا كان ثمة اختلاف فهو اختلاف في الدرجة وفي التوقيت، أما باقي العناصر فهي هنا وهناك واحدة تقريبا. كلا الفصيلين له منبت سياسي، مبني على توظيف ديني، كلاهما ينتمي إلى جماعة مغلقة ومن لون واحد، ماضوية التفكير. وليس إلى مجتمع مفتوح تعددي ومستقبلي، كلاهما يفرض على أتباعه مفردات ومفاهيم يدغمها في شبكة التفكير العام على أنها مطلقة. كلاهما يعتمد ميكانيكية مرتدة، قوامها الترغيب والتخويف، على أفراد داخل الجماعة وخارجها، وكلاهما يتبنى خطابا ظاهريا معاديا للغرب! الحجج التي أستند إليها في التداخل كثيرة، أنتقي من بينها تسعا، هي الآتي: أولا: الاثنان (ولن أكرر،…

آراء

السعودية تربّي عساكرها على الابتسام

السبت ١١ أكتوبر ٢٠١٤

يختلف العسكر في السعودية عن نظرائهم في كل مكان، ليس لأنهم يربون لحاهم كما يشاؤون أو يتركون كل عمل لأداء الصلاة في وقتها، بل لأنهم يكسرون الصورة المتجهمة الدموية للعسكر، حتى ليبدو أن لبسهم الجاف لا يبث فيهم روح العنف والسطوة التي يمثلها العسكر في كل مكان. أول مشهد أدهشني أيام شبابي الأولى حين كنت أجتهد في تغطية «جنادرية» التسعينات، أنني شاهدت نقيباً في الحرس الوطني مرافقاً للطيب صالح. وقتها انتشيت بقيمة الأدب لأنني كنت أتسلق شجرته، وفرحت أن الأدب قد يعلو على بسطار العسكر وضربته القاسية، كما استشعرت أن العسكر ليسوا مجرمين وقتلة، بل هم موظفون منضبطون وربما مثقفون. ولعل النقيب ذاك كان سعيداً أنه برفقة قامة مثل الطيب صالح الشهير وقتها أكثر من صدام حسين رفيق المهنة. خلال أعوام طويلة غطيت الحج صحافياً وتلفزيونياً و «لقافة» أحياناً تحت تأثير الشيخ صالح العساف النشط في خدمة الحجيج عبر كل المستويات. في كل مرة أشهد من العسكر أداء لا يتفق مع التاريخ القاتم لهم من حيث التعامل الإنساني وعنايتهم بالحجاج. في بعض المراكز كان العسكري يتساهل مع الحاج المخالف خشية حرمانه الأجر. أما في المشاعر فهو مجرد أجير لدى الحاج ينتظر الأجر الرباني وليس الراتب الدنيوي. بعد أحداث أيار (مايو) 2003 وما رافقها من تفجيرات نزلت فرق من الجيش إلى…

آراء

عمّاذا يعتذر آية الله بايدن؟

السبت ١١ أكتوبر ٢٠١٤

اعتذار نائب الرئيس الأميركي جو بايدن للسعودية والإمارات وتركيا غير مهم. المهم هو ما قاله والذي يكشف أن رؤيتنا للحال السورية لا تزال مختلفة تماماً عن الرؤية الأميركية، والتي يمكن اختصارها كالتالي: السعودية وتركيا والإمارات ترى أن استمرار النظام السوري هو المشكلة ولا بد من إسقاطه بدعم الثورة السورية حتى ينتفي أحد أهم الأسباب المولدة لـ «داعش» موضوع التحالف الحالي، أما الأميركي فيرى غير ذلك، وغير ذلك يعني «بقاء النظام السوري»، بالتالي لا بد من إعادة النظر في تحالف جدة ضد «داعش» وتحديد أهدافه قبل الانسياق خلف رؤية أميركية قد تكون ضبابية إذا أحسنّا الظن أو أن لديها أجندة أخرى إن كان غير ذلك. الخلاف السعودي- الأميركي حول سورية قديم جداً، وعمره بعمر الثورة السورية التي أصبحت هي الأخرى «قديمة جداً»، فعمرها يقترب من أربعة أعوام، وبينما كانت السعودية تريد تدخلاً سريعاً منذ عامها الأول ينهيها ويرحم السوريين والمنطقة من ويلات الحرب، اتسمت السياسة الأميركية بالتلكؤ والاكتفاء بالتصريحات ورسم خطوط حمراء لا يحترمها رئيس النظام بشار الأسد، ثم التراجع في الدقائق الخمس الأخيرة، ما أغضب الرياض من واشنطن غير مرة، ولم يعد غضبها خافياً وإنما تسرب إلى الإعلام غير مرة، وكان أحد أسباب زيارة الرئيس الأميركي أوباما للرياض في آذار (مارس) الماضي، فهل ستفتح تصريحات بايدن الجراح السعودية الأميركية من…

آراء

«بل ماهر» و«بن أفليك» والإسلام

السبت ١١ أكتوبر ٢٠١٤

خلال الأسبوع الماضي حدث جدل طريف حول التطرف الإسلامي و«الإسلاموفوبيا»، كان أبرز أقطابه الإعلامي الأميركي بل ماهر، والممثل وكاتب السيناريو الشهير الحائز على جائزة «الأوسكار» بن أفليك. بل ماهر يتبنى رؤية تؤكد أن الإسلام دين متطرف بالجوهر. وبالتالي فمشكلة التطرف في العالم الإسلامي هي مشكلة في الدين نفسه، انعكست على جميع المسلمين، الذين أصبحوا متطرفين بحكم التعريف. وبالتالي لا يوجد أمل أو حل لهذه المجموعة البشرية «المسلمين» إلا بالتخلي عن عقائدهم تماماً. ليصبحوا ليبراليين، يؤمنون بالتعددية والمساواة وحقوق الشواذ ..إلخ، كما يفعل بل ماهر. على الجانب الآخر، يتبنى بن أفليك رؤية مغايرة، مفادها أن رؤية بل ماهر رؤية عنصرية وقاصرة، إلى الحد الذي شبهها بنظرة بعض الأميركان البيض إلى السود، باعتبار الخلل في السود في جوهرهم، كما كانت الثقافة السائدة في الولايات المتحدة. ألمح بن أفليك أيضاً إلى أن الإعلام لا يظهر المسلمين العاديين، الذين يذهبون إلى المدارس، ويمارسون أعمالهم اليومية المعتادة. هذه النقطة تذكِّر بأحد مقاطع الكوميدي الساخر الكندي راسل بيتر، عندما تحدث بأن مشكلة العرب مع الإعلام الغربي، أن العرب «العاديين» مملين. لذا لا يظهر الإعلام الغربي إلا العرب «المتطرفين». والذين شبههم بـ«الرد نك» وهو وصف يطلق على المتطرفين البيض في الولايات المتحدة. عادة يواجه هذا الجدل من المدافعين عن الإسلام، بطرق مختلفة: الأولى نفي وجود مشكلة تطرف…

آراء

السعودي الذي ابهر إمبراطور اليابان

الجمعة ١٠ أكتوبر ٢٠١٤

قابلته لأول مرة في البحرين في عام 2001. كان هو آتياً­ من الرياض للمشاركة في ندوة حوار الحضارات ما بين اليابان والعالم الاسلامي التي استضافها مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية قبل تحوله إلى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة، وكنت أنا مجرد مشارك تمت دعوته بصفته الاكاديمية كباحث ومحاضر في الشأن الآسيوي. وبطبيعة الحال كان هناك العشرات من الشخصيات الدبلوماسية والاكاديمية اليابانية التي حضرت وهي تحمل في يدها حقائب مليئة بالدراسات والابحاث، أي على العكس من الشخصيات العربية التي حضرت دون استعداد مسبق، بل دون حمل مجرد مفكرة تدون فيها الملاحظات. وحده الدكتور عبدالعزيز عبدالستار تركستاني كان المشارك العربي الوحيد الذي خالف المشهد فجاء حاملا الملفات والتقارير والاحصائيات، بل وجلس يدون كل كلمة تقال. ما استرعى انتباهي وانتباه كافة المشاركين في ذلك اللقاء بمن فيهم الزملاء اليابانيون أن الرجل، حينما طلب المداخلة، كانت مداخلته بلغة يابانية سليمة وواضحة لا تأتأة ولا تردد فيها، الأمر الذي ادهش الجميع فظلوا يطالبونه بالتحدث باليابانية في كل مداخلاته اللاحقة بدلا من العربية والانجليزية اللتين يجيدهما بالإضافة إلى التركية. على هامش جلسات الندوة التي استغرقت يومين دارت بيني وبين الدكتور تركستاني أحاديث ومناقشات جانبية كثيرة فعرفت الكثير عن مشواره العلمي والعملي، وأسباب اتقانه اللغة اليابانية، وكيفية تفوقه فيها. كما صحح لي طريقة لفظ بعض عبارات التحية والترحيب…

آراء

التعليم وغباؤنا!

الجمعة ١٠ أكتوبر ٢٠١٤

أرسلت لي قارئة صورة ضوئية لاختبار ابنها (7 أعوام) الذي يدرس في مدرسة أميركية بالخليج العربي، وقد وضعت له المعلمة علامة الخطأ على إجابته عندما اختار أن يضع علامة تعجب (!) في نهاية الجملة التالية: «الأب يصنع بسكويت الكوكيز!». فغضب الطفل من إصرار المعلمة على ضرورة أن يختم الجملة «بالنقطة» وليس بعلامة التعجب! والسبب كما قال لأمه أنه لم ير قط أبا يصنع البسكويت في المطبخ. هذا الطفل بالتأكيد ليس غبيا؛ لأنه أعمل عقله وتأمل في واقعه، فكانت إجابته واقعية، على الأقل في منزله أو في مجتمعه، لكن المشكلة في رأيي تعود إلى فكرة «الاختبارات الموحدة» التي تمنح جميع الطلبة، على اختلاف قدراتهم وإبداعاتهم، ورقة صغيرة لنقيمهم معا، وكأننا نحاول إنتاج علب موحدة في مصنع! ذكرتني هذه الحادثة بمقولة العالم أينشتاين حينما قال إن «كل فرد منا فيه عبقرية، غير أنك حينما تحكم على السمكة من خلال مقدرتها على تسلق الشجرة فذلك يجعلها تمضي سائر حياتها معتقدة أنها غبية»! وذلك ينطبق على فكرة الاختبارات؛ إذ إن الاختبارات المدرسية لا تعكس بالفعل مقدرة الفرد الحقيقية. والدليل أن كثيرا منا فوجئ في بيئات العمل بالقدرات المميزة لطلبة لم يكونوا يوما من أوائل الطلبة المتفوقين، لكن قدراتهم الفذة تدفقت حينما انخرطوا في ميادين الحياة والعمل. وهذا ما دفع التربويين، على ما يبدو، لتداركه…