آراء

آراء

لوحة قابلة للتأويل المستمر

الأحد ٠٩ مارس ٢٠١٤

في عام 1937م أنجز الفنان الإسباني بابلو بيكاسو لوحة جدارية تُدعى "جيرونيكا".. رسمها باللون الرمادي المتفاوت بشحوب بين البياض والسواد، وعلى غير عادته في لوحاته الأخرى المفعمة بألوان الحياة. "جيرونيكا" تعبّر عن الحزن والمأساة التي تنتجها الحروب، وتنعكس على الأفراد المدنيين بلا ذنب.. وفكرة زوال الحياة عن كل كائن لا نرغب فيه فكرياً أو عقائدياً. لذا، كل المشاعر الإنسانية الهالكة أوجدها بيكاسو في هذه اللوحة، ووضعها بحسه المرهف والعميق والممتلئ بالضجيج كرموز في لوحته؛ من حصان يصرخ وهو رمز الشعب، الثور المقتول الذي يرمز إلى العنف والقتل، بين الأشلاء والأطراف المقطوعة، وأمهات على الأرض يصرخن ويحملن أطفالاً ممزقين، وبعض الوجوه الكاريكاتورية المضحكة والمبكية، والمشاهِدة لهذه الصرخات المفزعة، غير قادرة على اتخاذ قرار.. تبقى المصابيح في أعلى اللوحة من هنا وهناك رمزاً للأمل، رغم أنها أضواء مسلطة على الفراغات في اللوحة، لا على الحدث حيث الجثث المتناثرة. جيرونيكا القرية الإسبانية الصغيرة الواقعة في الإقليم الإسباني الشمالي وهو إقليم الباسك، والمشتركة في حدودها مع فرنسا.. هناك البيئة ذات الجودة العالية، من حيث الطبيعة والحياة الصحية.. تشابه عشرات القرى السورية الآن، حيث العزلة الموحشة والمنبئة بصوت الرصاص أو الانفجار في كل لحظة بومضات حارقة، لتنوح المياه والسهول وتبكي الأشجار حتى الهلاك. إقليم رائع الجمال، تعامل الألمان والروس بالتعاون مع الجنرال الإسباني فرانكو آنذاك،…

آراء

السعودية: محاولة ضبط الفوضى

السبت ٠٨ مارس ٢٠١٤

هل يمكن للقرارات السعودية الأخيرة التي حملت نبرة تهديد عالية، وتسمية الجماعات المستهدفة، وجمعت كل مَن له نشاط ميداني عدائي في سلة واحدة، أن تنهي مشكلة استخدام السعودية والسعوديين، ناسا ومالا ومؤسسات؟ باسم تحفيظ القرآن، باسم الجهاد، باسم نجدة المظلوم.. كانت تدار مجاميع مختلفة بعضها لها مشاريع سياسية، ومعظمها تنظيمات مسلحة، العنف جزء من منهجها، وهي تعلن عن نشاطات خارجية ضد أعداء هم الغير، لكن في الحقيقة الهدف النهائي هو السعودية. بسبب تكرارها، مرة ضد الصرب، وأخرى ضد الأميركيين، وثالثة في الصومال، ورابعة في بورما، وخامسة ضد الأسد في سوريا، لم يعد هناك مجال للتشكيك في أنها هي نفسها، وهدفها الأخير واحد. لم تعد هناك حاجة للجدال حول صحة الاتهامات ضد هذه الجماعات، التي نجحت في تضليل الناس، حيث تدّعي براءتها، مدعية أنها ضحية للعداء للإسلام، وما يقال عن نشاطاتها السياسية أكاذيب، وبعضها تعترف بتسلحها وعنفها، لكنها تزعم أنه موجه ضد الغير والعدو. لم تبق كذبة إلا وانطلت على معظم السعوديين، عامة ومثقفين، ومع مرور السنين افتضحت، حيث لا علاقة للإسلام أو المسلمين بشيء مما يفعلون. آخر استخدامات حجة الدفاع عن المسلمين ما تفعله «جبهة النصرة» و«داعش» المتصلتان بتنظيم القاعدة. لقد قام العديد من الموالين لهما، وكذلك العديد من المغفلين، بجمع الأموال وتجنيد الرجال والدعاء لهذه الفئة في المساجد بحجة…

آراء

مجلس التعاون.. والمتغيرات الإقليمية

السبت ٠٨ مارس ٢٠١٤

سبق أن أشرت إلى الصمود التاريخي لمنظومة التعاون الخليجي، وبعض التصريحات السياسية المعتادة دائماً ما تقلل من حدة الخلافات الخليجية وتتعامل مع الأزمات باعتبارها طارئة ومن الممكن احتواؤها. والأهم أن هذه المدرسة ما زالت تؤمن بفكر عدم التعقيد في تعاملها مع قضايا حيوية تهم أمن المنطقة. وكنا دائماً نقول إن منظومة التعاون الخليجي جاءت وفق أجندة أمنية خاصة أملتها طبيعة المرحلة، إلا أن المتغيرات الإقليمية شائكة ومستجدة مما يتطلب تطوراً في الأساليب الدبلوماسية في كيفية التعامل معها. وثمة حقيقة واقعية وليست خيالية هي أن دول الخليج العربي تمتاز بخصوصية تستمد من طبيعة التعاضد الشعبي والنظم السياسية، فهي صمام الأمان، وأي مطالب تجديدية تقع ضمن هذه المعادلة التاريخية. وموضوع الأمن الإقليمي لدول الخليج العربية ينبغي أن ينظر إليه من خلال تبنٍّ شعبي للاتفاقية الأمنية، وأنه لا أمن إذا غاب الشعب، وفي الحالة الخليجية لدينا العلاقة المتميزة بين النظم السياسية وشعوبها، إلا أن هناك من أنصار المدرسة القديمة من قد يقدم لنا نماذج غير واقعية تغيب فيها الشعوب وتحاول أن تقيم جدراناً لا حقيقة لها بين شعوب المنطقة وأنظمتها السياسية. ونحن نؤمن بأن هناك ممن هم داخل أنظمة الحكم من يعون هذه الحقيقة، ويحرصون على تقديمها لأجل تجنيب المنطقة أي ثغرة قد تخل بأمنها. ومن الحقيقة أيضاً أن إيران دولة مهمة، ولا…

آراء

الاستعداد الخليجي للتراجع الأميركي

السبت ٠٨ مارس ٢٠١٤

الخليج يتجه شرقا؛ زيارة ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز إلى كل من باكستان والهند واليابان، وزيارة ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد إلى اليابان، تعني الزيارتان ضمن ما تعنيان، أن الخليج يتجه إلى الشرق، وقد سبقت تلك الزيارتين واحدة مرتقبة للرئيس باراك أوباما إلى المنطقة أواخر هذا الشهر. الرسالة هي أن هناك خيارات خليجية يمكن النظر فيها، إن قررت الولايات المتحدة أن تغلق الباب على المحادثات بينها وبين الدول الأوروبية من جهة، وبين إيران من جهة أخرى، دون معرفة أو اطلاع دول الخليج، وخصوصا أن الموعد المضروب لاتفاق نهائي إيراني غربي هو يوليو (تموز) المقبل، وهو يعني أن ملفات لها علاقة بالمنطقة الخليجية والعربية سوف تبحث في هذه المرحلة التي قد تقود إلى وفاق إيراني - غربي. القلق الخليجي من إيران ليس كما يرغب الإعلام المعادي للخليج أن يُظهره، وكأنه قلق مذهبي، هو غير ذلك تماما، إنه قلق سياسي بامتياز، فإيران منذ أن بدأت مسيرتها الثورية لأكثر من ثلاثة عقود اعتمدت على ركائز ثلاث؛ الأولى معاداة الغرب وإسرائيل، الثانية معاداة الأنظمة الوراثية، والثالث تقديم بديل للشعوب العربية يختصر في شعار تخليص «المستضعفين» من «المستكبرين»، حسب مفردات الدستور الإيراني! البعض يسمي هذه الركائز الثلاث «المشروع الإيراني الإقليمي»، واتسم تطبيق هذا المشروع بمرونة كبيرة، وأيضا بانتقائية مبطنة. على…

آراء

اصابة اللاعب القطري

الجمعة ٠٧ مارس ٢٠١٤

* جئت من لندن ام من بيروت؟ - من بيروت. * كيف وجدتها؟ - أفضل. تابعت جلسة انتخاب الرئيس ميشال سليمان وحضرت حفل العشاء الذي اقامه الرئيس نبيه بري على شرف الرئيس المنتخب وراعي المناسبة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. * كيف كان العشاء؟ - لطيفاً تميز بالكثير من العناقات والقُبل وتوزّع الحاضرون حول أمير قطر. * ماذا تقصد؟ - لا شيء. إنني أروي ما شاهدت. * انت صحافي ويمكنك بالتأكيد التقاط الرسائل والإشارات ومعانيها. هل تقصدون انه كان لدى اللبنانيين «اتفاق الطائف» وصار لهم اتفاق موازٍ مكمل او مقيد اسمه «اتفاق الدوحة»؟ - بين الاتفاقين تغيرت اشياء كثيرة في لبنان والمنطقة. تغيرت موازين القوى في لبنان والمنطقة. برزت قوى جديدة حية وفاعلة ولم يعد تجاهلها ممكناً. تغيرت أحجام الادوار الاقليمية. * لاحظت ان أمير قطر كان سعيداً بالتفاف المشاركين حوله؟ - انت كصحافي يجب ان يلفتك ان أمير قطر جلس وفي بيروت هذه المرة تماماً كما جلس الملك فهد بن عبدالعزيز بعد التوصل الى اتفاق الطائف. هذه ليست مصادفة. ثمة من لعب دوراً في جعلها ممكنة. * هل الغرض من الصورة الجديدة الثأر من القديمة؟ - انا لم اقل ذلك. انا قلت ان اشياء كثيرة تتغير في المنطقة. *** * اين كنت قبل مجيئك الى هنا؟…

آراء

العرب.. إلى أين؟

الجمعة ٠٧ مارس ٢٠١٤

العرب ضائعون يتخبطون هذه الأيام وأنا مثلهم ضائع أتخبط. ربما كانوا يعيشون الآن أحلك لحظات حياتهم. هناك حيرة كبرى تلف العرب، هناك رعب يحيط بهم من المحيط إلى الخليج.. بالطبع هناك أقطار أكثر استقرارا من أخرى وأفضل وضعا أو قل لم تنفجر بعد. ولكن «كلنا في الهوى سوا» كما يقول المثل الشعبي. هناك جوع وحروب أهلية وبطالة وعطالة وشباب رائع بلا أمل ولا عمل. هناك شبح هائل يخيم على العرب. هل هو ديناصور؟ هل هو وحش الوحوش؟ هل هو سوء الطالع وضربة القدر؟ وهذا يذكرني بفيلم فرنسي قديم عنوانه: «خوف فوق المدينة». وهو فيلم قوي بطله جان بول بلموندو. وكم رأيته مرات ومرات وأنا قابع في غرفتي الصغيرة «كالنمس» مستمتعا بأنني خارج دائرة الخطر. ربما لهذا السبب أحب الأفلام البوليسية. أنا نفسي تحولت مؤخرا إلى فيلم بوليسي بل وإلى مسلسل جهنمي له بداية وليس له نهاية. إنها لأعجوبة أنني لا أزال أتنفس وأتفلسف عليكم. ولكن إلى متى؟ أنا واثق أن مشكلة فلسطين ستحل قبل مشكلتي الشخصية. ربما كان التشبيه الأفضل هو مع كتاب المؤرخ الفرنسي جورج لوفيفر «الخوف الكبير لعام 1789». وفيه يصف ذلك الرعب الهائل الذي عاشه الفرنسيون أيام روبسبيير ورفاقه حيث أصبح كل واحد خائفا على نفسه، ولم يعد هناك أي أمان أو اطمئنان على وجه الأرض الفرنسية.…

آراء

كل يوم سافر دكتور!

الجمعة ٠٧ مارس ٢٠١٤

«كيفَ كانتْ تجرِبَتُكم مع الاجتماعاتِ التي حَضَرْتُمُوها خلالَ مِشْوارِكم المِهنيّ؟». هذا السؤال وُجِّه إلى 100 موظف، وكانت إجاباتهم عليه متفاوتة: 79% منهم رأى أن الاجتماعات كانت سيئة للغاية، و14% حسنة، و7% قالوا إن الاجتماعات كانت رائعة جداً. أنا شخصياً ـ أيها السادة ـ أحَبّذ بدءَ صباح كل يوم أحد باجتماع مع فريق العمل لهدفين: الأول إنساني بَحْت، إذ نسترجع أنشطتنا خلال إجازة نهاية الأسبوع، فنزداد تواصلاً وأُلْفَة، وإقبالاً على العمل، وربّما نكتشفُ أشياء لم نعهدها وأماكن لم نزرها. والثاني تنظيمي، إذ نعيد متابعة تكاليف الأسبوع الماضي وقياس نسب إنجازها، وننظم جدولنا للقادم من المهام. «ليزا كواست» وضعت نقاطاً مهمة لإنجاح أي اجتماع، تقول: إنّ تطبيقكَ لها سيساعدك على كسب إعجاب مديرك وزملائك في العمل، أهمها: - حدد هدف الاجتماع مبكراً، واكتب أجندته ثمَّ أرسله للمتوقع حضورهم، ليكونوا مستعدين للمناقشة الجدية. - المكان والزمان المناسبان في غاية الأهمية، والتغيير والتجديد من الأمور المسْتَحَبّة لإثارة المزاج الفكري خلال الاجتماع. - لا بُدَّ من التدوين وإرسال محضر الاجتماع خلال 24 ساعة. - الحماس والإيجابية، ليكون الاجتماع أكثرَ جاذبية وحيوية وعطاء. وللحماس قصة أرويها: زميلي المتميز الدكتور عبدالرحمن المعيني سافرَ مرافقاً والدته في رحلة علاج (أعادهما الله لنا سالمَيْن غانمين)، فتم تكليفي بمهام إدارته مؤقتاً، وكان عليّ حضور اجتماع خاص بقادة التحسين في مركز…

آراء

عمقها في الإعلام

الجمعة ٠٧ مارس ٢٠١٤

أرست الموروثات الاجتماعية والثقافة السائدة صورة نمطية وضحلة عن المرأة العربية، ساهم الإعلام في عملية تسطيحها وتشويهها بشكل كبير، حين حصرها في نصوص درامية ركيكة في مشهد ممل ظل يُهدر منذ سنوات في مسلسلات وأفلام لا يقال عنها سوى تجارة رخيصة وسريعة المكسب، غاب فيها المضمون والمعنى الرئيسي في القصة، لتطل علينا المرأة كمسخ بعيد عن صورتها الحقيقية، ربما لأن أغلب من يكتبون السيناريوهات رجال يأخذون الأمر كصفقة تجارية لا يهم إن كانت تنقل شخصية أو ملامح النساء، بل نقلت مفهوم وقناعة المخرج والمنتج، لذلك كانت أغلب مشاهدها تغرق في بحر من الدموع والنحيب والبكاء والكآبة، والصراخ المستمر. منذ مدة والحملات تتوالى ضد سياسة الإعلام الغربي، الذي حول آدمية المرأة هناك إلى سلعة حين استغل جسدها بشكل مبالغ في وسائل الإعلام والإعلانات وعرضها كبضاعة ووسيلة لرفع نسبة الربح وللترويج لمنتج أو آلة جديدة، شنت تلك الحملات عدة هجمات قوية ومبادرات توعوية وصلت إلى البيت والشارع بهدف الضغط على وسائل الإعلام وشركات الإعلانات للكف من استغلال المرأة وتسليعها، وإذا كان الإعلام الغربي كان قد استغلها في النصف الآخر من الكرة الأرضية، فالإعلام العربي ليس بريئا من استغلالها أيضاً بالطريقة الشرقية، ولم تقتصر المسألة على الدراما والمسلسلات، بل تم إظهارها بشكل سطحي وساذج في برامج مقلدة بنسخة عربية تعتمد على مساجلات وعبارات…

آراء

حزب الله ومأزقه في سوريا

الجمعة ٠٧ مارس ٢٠١٤

الحرب كانت وما تزال أداة من أدوات السياسي لإعادة رسم الجغرافيا السياسية، أو التحكم بقوة وضعف مناوئيه السياسيين، حسب متطلبات مصلحته. قالوا عنها إنك تستطيع أن تبدأها بقرار لكنك لا تستطيع في الغالب أن تُنهيها كما بدأتها إلا إذا أذعنت للهزيمة والانكسار ورفعت الراية البيضاء. سياسيون كثر عرفهم التاريخ اتخذوا قرار الحرب خطأً وانتهت بهم وبشعوبهم إلى كوارث غاية في الفظاعة، أشهرهم في العصر الحديث كان «هتلر» وكذلك «صدام حسين» بالنسبة للعرب.. دخول الحرب وخسارتها هي دائماً ما تكون نتيجة للحسابات الخاطئة؛ فقد يظن السياسي أنه قد حسبها (صح) عندما اتخذ قرارها، لكن ليس بالضرورة أن تكون حسابات البداية مثل حسابات النهاية، فظروف الحرب وتطوراتها تعتمد على عوامل ومتغيرات، لا يمكن لطرف مهما بلغ من القوة والسطوة أن يُسيطر عليها دائماً وفي كل مراحلها. حسن نصر الله عندما قرر الدخول إلى أتون الحرب الأهلية السورية لا يبدو أنه حسبها كما يجب أن يحسبها السياسي الحصيف والمجرب والحذر. هناك آراء كثيرة تتحدث عن أن قرار دخول حزب الله الحرب في سوريا لم يكن قراراً لبنانياً وإنما فرضه الإيرانيون. أما الإيرانيون فينأون بأنفسهم عن قرار إدخال حزب الله الحرب في سوريا، ويؤكدون أن (نصر الله) هو من اتخذه وأقنعهم به. وأنا أميل إلى هذا الرأي؛ أن يسقط الأسد يعني أن ينكشف حزب…

آراء

الجهاد… المُلْتَبِس

الجمعة ٠٧ مارس ٢٠١٤

كيف يمكننا اليوم تفسير ما يحدث من اقتتال في بعض الدول العربية والإسلامية على أنه جهاد، يقع صاحبه شهيداً ويضمن موقعه في الجنّة. إنَّ مفهوم الجهاد الشرعي قد أصابه الكثير من الخلل، لأن أصل الخروج إلى القتال يخضع لأمر الحاكم أو ولي الأمر، لأنه قضية سيادية غير خاضعة لاجتهاد الأفراد. إنَّ ما يحصل حالياً، عندما يخرج (يهرب) الفرد من بلده إلى البلد الذي من وجهة نظره الخاصة الاقتتال فيه جهاد واجب، أي بمعنى فرض عين عليه، وفق ما تمت تغذية عقله به، فإنه بذلك يخترق كل الأنظمة والقوانين التي تحافظ على منظومة السلم بين الدول والمجتمعات. إنَّ ما نراه من صور الاقتتال في أفغانستان، وفي سوريا، والعراق، ولبنان، والصومال، وفي أفريقيا الوسطى، وفي البقع الساخنة الأخرى لا علاقة له بصورة الجهاد الذي كان سائداً في القرون السالفة. فالجهاد تحوَّل إلى نمط من الإرهاب يقتل من خلاله المسلم أخاه المسلم تحت أي ذريعة كانت مرة يوصم بأنه من رجال السلطة، وأخرى خارج عن الملَّة، وثالثة هو ليس على رأي مخالفيه. إنَّ منطق الجهاد ومفهومه غدا جزءاً من الفوضى غير الخلاقة التي تسود أكثر من ساحة مشتعلة وملطخة بدماء الأبرياء الذين ذهبوا ضحايا هذا النوع من الجهاد الذي تروج له الحركات الأصولية والمتطرفة باسم الدين وإعادة الخلافة الضائعة! فإذا كانت هذه حصيلة…

آراء

مَن عزل قطر؟!

الخميس ٠٦ مارس ٢٠١٤

لا أظن أن هناك مَن فُوجئ بالخطوة السعودية - الإماراتية - البحرينية بسحب سفراء الدول الثلاث من الدوحة. المفاجأة، إذا صح التعبير، في التوقيت وحده. لو اتخذ القرار قبل عام أو عامين فسيكون الأمر متوقعاً. الكل يعلم، وأولهم الأشقاء القطريون، أن سحب السفراء جاء نتيجة تراكمات لم تعد سراً، ولم يعد مناسباً دفنها تحت السجاد. باختصار، قالت الدول الثلاث للجار العزيز كفاية ثلاث مرات: يكفي تدخلاً في الشؤون الداخلية، ويكفي دعم أطراف تهدّد دول المجلس، ويكفي دعم وسائل إعلام معادية. لكن ما الذي الذي دعا دول الخليج لأن تخرج عن هدوئها المعتاد، بل المبالغ فيه كثيراً، وتتخذ واحداً من أخطر القرارات ضد دولة عضو؟ تاريخ مجلس التعاون القصير يُنبئنا بأن دول الخليج انتظرت أكثر من 15 عاماً وهي تراقب وتتحفظ وترفض، وحتى تغض النظر عن سياسات قطرية تناكف حيناً وتخالف أحياناً وتخاصم حيناً ثالثاً، حتى استمرأت الدوحة سياستها هذه وراهنت على أريحية جيرانها، كما استمرأت نقض التزامها وتعهداتها دون أي ردة فعل من قِبل المتضررين، بل ذهابها بعيداً عمّا توافق عليه من قرارات خليجية، لتفعل نقيضه سريعاً على أرض الواقع قبل أن يجف حبر التزامها أمام الجميع. يقول البيان القطري، أمس، إن خطوة سحب السفراء سببها "اختلاف المواقف حول قضايا واقعة خارج مجلس التعاون الخليجي"، وهنا يحق للمراقب أن يتساءل:…

آراء

قطر.. هل هي لعنة الإخوان؟

الخميس ٠٦ مارس ٢٠١٤

لا جديد، ومن عدّ سحب السعودية والإمارات والبحرين سفراءها من قطر مفاجأة كان يفكر في شأن آخر، فمعظم السياسيين كانوا يتوقعون هذا المسار، وشخصياً سبق أن أشرت إليه وحذّرت من العزلة القطرية، فهكذا سياسة ليس لها إلا مثل هذا الإجراء، لكن لا يزال لدى قطر حتى الآن الفرصة للعودة إلى المسار الطبيعي، فسحْب السفراء يبدو أنه «قرصة أذن» فقط، أما إذا واصلت قطر سياساتها فأتوقع أن تذهب دول المنطقة إلى أبعد من ذلك. تُرى ما الذي تواجهه قطر؟ ولماذا؟ بداية، من الواضح أن اتخاذ قرار سحْب السفراء لم يكن وليد اللحظة، فدول المنطقة تسعى منذ فترة للتعامل مع العقلية السياسية القطرية ومسايرتها تارة والتصدي لها تارة أخرى، بيد أن هذه السياسة - على رغم الوساطات التي سعت للتقريب بين جميع الأطراف - لم تنجح، لكن الواضح أن هناك انقساماً، فعمان - على سبيل المثال - لم يكن يُؤمل منها تأييد أي قرار تُجمع عليه الغالبية، وهذا ما تعودنا عليه منذ انضمامها إلى مجلس التعاون، فهي ضدٌّ على الدوام. إذاً لا جديد في هذا الأمر. أما الكويت فأعتقد بأن عدم تجاوبها يأتي انطلاقاً من سعيها للوساطة، لضمان عدم ذهاب الأمور إلى الأسوأ. طبعاً هذا ما ظهر حتى الآن. والكثيرون يذهبون إلى أن لعنة «الإخوان» حلّت على قطر. بالنسبة إليَّ أرى أن…