علاء جراد
علاء جراد
الرئيس التنفيذي لمؤسسة المستثمرين في الموارد البشرية بالإمارات ورئيس المجلس الاستشاري لجامعة سالفورد البريطانية

عزيزتي روحي

الإثنين ٢١ أغسطس ٢٠١٧

«عزيزتي روحي، هذه هي آخر ليلة لك في هذه الدنيا، وغداً تصبحين حرة طليقة كملاك في السماء، لقد أتعبتنا هذه الدنيا، ولم نعد نستطيع العيش فيها»! جزء من رسالة تركها رجل يخاطب فيها روحه قبل الانتحار، حيث قرر هو وزوجته مغادرة هذا العالم، وقاما بتوثيق ذلك كتابة وبالكاميرا. الرجل عربي، وزوجته أوروبية، وتعاملا مع الموضوع بهدوء وتخطيط، ويبدو أنهما يئسا من الحياة، فقررا استكشاف عالم آخر، فليرحمهما رب العالمين. • لماذا لا نخصص 20 دقيقة في اليوم للاطمئنان على من حولنا فنسألهم عن أخبارهم ونحاول مساعدتهم بقدر ما نستطيع؟ إن الحياة غالية، ولا تقدر بثمن، وكل يوم نحياه هو منحة من الله عز وجل، فما الذي يجعل إنساناً يُقدم على إنهاء حياته بمنتهى الهدوء؟ قد يستهجن البعض تصرف هذا الزوج وزوجته، وقد يعزو البعض تصرفه إلى قلة إيمانه بالله، لكن قد يضيق المرء بالحياة فعلاً، لدرجة يصعب معها استيعاب الكثير من الحكم والتعاليم، فيفقد الإنسان إيمانه بكل شيء، وتكون هذه النهاية. أعتقد أن فكرة الانتحار لا تأتي فجأة، فالإنسان يمر بمراحل عدة قبل أن يصل إلى هذه المرحلة الكارثية، والبداية دائماً الضغط والتوتر، ثم الدخول في مرحلة من الاكتئاب والعزلة، وفي النهاية تأتي الكارثة. إن الإيمان بالله عز وجل وقدره، والتوكل عليه، خير درع يحمينا في كل الأوقات والأزمان، لكن…

ساعة «باربي»

الإثنين ١٤ أغسطس ٢٠١٧

هناك الكثير من الآفات المجتمعية، التي تؤثر سلباً في حياتنا، وتعيقنا عن الاستمرار والتقدم، ومن أسوأ تلك الآفات، الحكم على الآخرين دون علم، ودون أدنى فكرة عنهم وعن حياتهم، والمتابع لأي «بوست» على وسائل التواصل، سيجد أن معظم الناس لديها أحكام جاهزة ومعدة للإطلاق فوراً، بل يصل الأمر إلى أن يتحدث الناس في ما إذا كان شخص ما (مثل أحد جراحي القلب العالميين) سيدخل الجنة أم النار! • لو ترك كل إنسان ما لا يعنيه، واهتم بشؤونه وما يجب عليه الاهتمام به، لتغيرت أمور كثيرة، ولتخلصنا من الطاقة السلبية التي أصبحت تملأ حياتنا. سبحان الله! مَنْ نحن حتى نحكم على الآخرين؟! وما مدى علمنا وقوتنا لأن يصل بنا الأمر للحكم على الآخرين، حتى لو كانوا أقرب الناس إلينا؟! فما بالك بالحكم على من لا نعرفهم، إن إطلاق الأحكام على الآخرين له آثار مدمرة في «الضحية»، الذي قد يتأثر سلباً طوال حياته نتيجة تلك الأحكام غير الدقيقة، كما أن ذلك مخالف لتعاليم الأديان السماوية، فلا ينبغي أن نغتاب الآخرين، أو نظلمهم، أو نسيء الظن بهم، لكن للأسف يصل الأمر - في بعض الأحيان - إلى تشويه السمعة والاغتيال المعنوي، عندما يتطور الحكم على الآخرين، من مجرد الثرثرة إلى النشر وإساءة استخدام أبواق شبكات التواصل «اللا اجتماعي»، لنشر تلك الأحكام. أعتقد أن…

بيل ماكدرموت والحلم

الإثنين ٠٧ أغسطس ٢٠١٧

نشأ بيل ماكدرموت Bill McDermott في أسرة متوسطة الحال في لونج آيلاند بالولايات المتحدة، ومنذ سنواته الأولى لم يَخْبُ طموحه أو حلمه بالفوز، ولم تعقه ظروف أسرته عن الحلم، وككثير من الأطفال كان مضطراً للعمل منذ المرحلة الابتدائية، فبدأ بتوزيع الصحف والحليب، وكان حريصاً على أن يتميز في ما يقوم به، مهما كان بسيطاً، فكان يراعي متطلبات واحتياجات زبائنه بمنتهى الدقة، ثم التحق بالعمل في محل بقالة، وسرعان ما اكتسب ثقة صاحب المحل، وقبل أن ينهي المرحلة الثانوية كان قد امتلك ذلك المحل، ثم بدأ بتقديم منتجات وخدمات جديدة، مثل خدمة التوصيل إلى المنازل، فشكل ذلك طفرة في مبيعات المحل، كما بدأ في تقديم الشطائر والوجبات التي تعدها والدته بكل عناية ودقة، بجانب افتتاح ركن لألعاب الفيديو التي جذبت العشرات من اليافعين. اكتشف بيل أن السر ليس في تنويع ما يقدمه، بل في التعرف إلى احتياجات زبائنه، وتلبيتها، والحرص على التطوير والتحسين المستمرين، تعلم أيضاً أن الالتزام والثقة وتكوين علاقات مبنية على الاحترام المتبادل والاهتمام بالآخرين هي أهم عوامل النجاح. بمجرد أن أكمل بيل تعليمه الجامعي، التحق بالوظيفة التي طالما حلم بها، حيث عمل مندوب تسويق في شركة «زيروكس»، تلك الشركة التي أدخلت منتجات لم تكن موجودة في السوق في تلك الفترة، وكان أول بند على قائمة طموحاته أن يكون…

كبار السن.. الثروة والحكمة

الإثنين ١٥ مايو ٢٠١٧

يمكن تعريف الثروة الوطنية لأي دولة بأنها مجموع القوى المنتجة في هذه الدولة، ولاشك أن العنصر البشري هو أحد أهم عناصر تلك الثروة. الكثير من المجتمعات تعطي أولوية وتركيز على الشباب، وذلك أمر طبيعي وفي غاية الأهمية، لكن أيضاً هناك دور لا يقل أهمية عن دور الشباب ألا وهو دور كبار السن ومن تقاعدوا، حيث إن الكثير من هؤلاء مازالت لديهم الطاقة والرغبة الحقيقية في العمل، وإضافة قيمة لمجتمعاتهم ولمن حولهم. قلّما توجد برامج على مستوى شامل لدمج كبار السن في المجتمع، والاستفادة من خبراتهم وحكمتهم في تعليم الشباب وتوجيههم، بل للأسف ينظر أحياناً لكبار السن على أنهم من زمن آخر، وأنهم لن يستوعبوا مقتضيات ولغة هذا العصر، ولكن هذه الصورة الذهنية مغلوطة وغير دقيقة. في بعض الدول الأوروبية حالياً يتم عمل برامج على مختلف المستويات، وبالتعاون مع العديد من المؤسسات الحكومية والأهلية والأكاديمية، لدمج المتقاعدين والاستفادة من خبراتهم، هذه البرامج تهدف لإيجاد سبل تسهل الاستفادة بطريقة عملية من خبرة هذه الفئة من المجتمع، كما يتم إعدادهم للعمل كموجهين Mentors لتدريب المديرين الجدد وشريحة الشباب ونقل الخبرات لهم، ولا يقتصر الأمر على جانب العمل فقط، بل يتم منحهم الكثير من التسهيلات حتى يستطيعوا الاستمتاع بحياتهم، فيتم مثلاً منحهم خصومات خاصة في وسائل المواصلات، وكذلك بطاقات خصم للتسوق والمقاهي والمطاعم، وبالطبع…

سرقة الأفكار

الإثنين ٠٨ أغسطس ٢٠١٦

لفت انتباهي منذ أيام انعقاد مؤتمر عن السرقات العلمية، وهي منتشرة في مجال البحث العلمي والنشر والترجمة، وتكثر بين بعض الأكاديميين الذين لا يستحقون أن تطأ أقدامهم حرم أي مؤسسة تعليمية، وتختلف صور تلك السرقات، فالبعض يسرق مجهود طلابه وينسبه لنفسه، والبعض يسرق مجهود زملائه، ومن ناحية أخرى فبعض الطلاب يسرق من مصادر مختلفة، أهمها الإنترنت، ولغياب الوعي يعتبرون أن هذا ملك مشاع، وطالما أن المحتوى مفتوح ووقع في أيديهم فلهم الحق في التصرف فيه. لحسن الحظ هناك الآن برامج كثيرة ومواقع إلكترونية متخصصة لكشف تلك السرقات، وأتذكر أنه أثناء الإعداد لمؤتمر علمي كانت هناك ورقة بحث فائقة الجودة، ومن الصعب جداً أن يكون باحث بمفرده قد أعدّ هذه الورقة، فتم إدراجها في موقع لكشف الاقتباس، فتبين على الفور أنها عبارة عن بحث تم إعداده من قبل فريق عمل بمؤسسة دولية كبيرة. هناك الكثير من الطرق لكشف تلك السرقات العلمية المنشورة، لكن المشكلة الأكبر والتحدي هو سرقة الأفكار، حيث يصعب الكشف عنها، فقد يقوم شخص بعمل اقتراح يبذل فيه مجهوداً كبيراً، وقد يستثمر الكثير من الوقت والمال في بلورة اقتراحه، ويفاجأ بسرقة الفكرة وتنفيذها حتى دون منحه حقّه المعنوي أو الاعتراف بأنه صاحب الاقتراح، وقد حدّثني البعض عن مثل هذه المواقف، ولاشك أن هناك حالات كثيرة في أماكن مختلفة قد…

الاتصال الفعّال

الإثنين ١٨ يوليو ٢٠١٦

أعتقد أنه لا تخلو أي مؤسسة، كبرت أم صغرت، من مشكلات في العمل، وإذا حللنا مشكلات العمل تحليلاً علمياً لتوصلنا إلى أن السبب الجذري لأكثر من 60% من المشكلات يعود لضعف الاتصال، سواء بين الإدارة والموظفين أو بين الموظفين وبعضهم بعضاً، أو بين المديرين، بل قد يمتد ضعف الاتصال إلى المتعاملين أو ذوي العلاقة الآخرين. لقد شاركت في تحليل لسجلات شكاوى المتعاملين بأثر رجعي لإحدى المؤسسات الخدمية، قبل 10 سنوات، حيث تم تحليل أكثر من 4000 شكوى، واتضح أن 72% من تلك الشكاوى كانت بسبب ضعف الاتصال الداخلي بين موظفي تلك المؤسسة في إداراتها المختلفة من ناحية، ثم بين المؤسسة والمتعاملين من ناحية أخرى. إن الاتصال الفعال هو علم وفن، والمؤسسات الناجحة تعهد بمهمة الاتصال المؤسسي لموظفين مؤهلين تأهيلاً أكاديمياً وعملياً، ولديهم الخبرة والمهارات الحديثة التي تمكنهم من تحديد قنوات التواصل الفعال داخل المؤسسة وخارجها، ليس هذا فقط، بل تتم دراسة كل رسالة صادرة عن المؤسسة، خصوصاً مع كثرة القنوات المتاحة، خصوصاً وسائل التواصل الاجتماعي. القضية ليست فقط في إيصال الرسائل التي نرغب في إيصالها، بل لابد من التأكد من وصول الرسالة بالصورة المطلوبة، بمعنى: أهمية قياس فعالية الاتصال. إن عدم فعالية الاتصال تؤدي إلى مشكلات عديدة، منها خلق بيئة يلفها الغموض، وعدم الاستغلال الجيد للموارد المتاحة، وضعف روح الفريق،…

مهارات حياتية

الإثنين ٣٠ مايو ٢٠١٦

لأن الحياة رحلة ومغامرة قد تكون محفوفة بالمخاطر فلابد أن يتسلح لها الإنسان ويستعد منذ الصغر، حتى يتمكن من التغلب على تلك المخاطر والصعوبات. ويُفترض أن يقوم كلٌ من الآباء والأمهات والمدرسة والمجتمع بالمساهمة في إكساب الأطفال مجموعة من المهارات التي لا غنى عنها لينجح الإنسان في حياته، تلك هي «المهارات الحياتية»، التي لابد أن يكتسبها الإنسان على مدار حياته. ويعتبر أحد أسباب تقدّم الأمم هو دمج تلك المهارات الحياتية في نظام التعليم وعدم تركها للظروف، فيتم إكساب الطلاب في مؤسسات التعليم منظومة متكاملة من المهارات والسلوكيات تتوافق مع المراحل العمرية المختلفة، مثل مهارات التفكير الناقد، والتفكير الإبداعي، والوعي الذاتي، وكذلك مهارة اتخاذ القرار. وحتى لا يصبح الموضوع عشوائياً تسعى الكثير من المؤسسات الدولية لوضع معايير تحتوي على الحد الأدنى الذي ينبغي إكسابه للأطفال واليافعين، حتى تستمر رحلة اكتساب المهارات الملائمة لاحقاً، خصوصاً أن هذه المنظومة قد تختلف من بلد لآخر أو من ثقافة لأخرى، ومن المنظمات التي تهتم بهذا الموضوع منظمة اليونيسيف، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وقد قامت «اليونيسيف» بوضع نموذج مبسّط لأهم المهارات التي يجب أن يكتسبها الإنسان تشتمل على أربعة محاور، هي بالترتيب: مهارات إدارة الذات، المهارات الإدراكية، المهارات الاجتماعية ومهارات العمل المشترك. وتندرج تحت المحور الأول مجموعة المهارات التالية: الوعي الذاتي، تقدير الذات والثقة بها،…