علي عبيد
علي عبيد
كاتب وإعلامي من دولة الإمارات العربية المتحدة

العيد بين رجال قواتنا المسلحة

الخميس ١٥ سبتمبر ٢٠١٦

رغم بعدهم عن الوطن والأهل، في يوم يجتمع فيه الشمل، إلا أننا رأينا على وجوههم البشر، تلك الوجوه التي كانت مشرقة وباسمة تحت الشمس، تضاهي قرصها إشراقاً ووضاءً، لإيمانها بأنها تؤدي واجباً تجاه وطنها وقيادتها وأهلها، تهون دونه كل التضحيات، وترخص المهج. بمبادرة كريمة من قيادتنا الرشيدة، التي عودتنا دائماً على مثل هذه المبادرات العظيمة، تشرفتُ ومجموعة من الزملاء الكُتّاب والإعلاميين والأدباء وأعضاء المجلس الوطني الاتحادي والفنانين، بقضاء يوم عيد الأضحى المبارك مع رجال قواتنا المسلحة البواسل، الذين يذودون عن حياض الوطن، ويقفون بالمرصاد لأعدائه المتربصين به من الخارج. كان عيداً غير عادي بكل المقاييس، بدأ قبل أن تشرق شمس يوم العيد بأيام، منذ أن تلقيت خبر اختيار قيادتنا الرشيدة لنا كي نحظى بشرف قضاء يوم العيد بين جنود قواتنا المسلحة المرابطين خارج الوطن، واستمر هذا الشعور مصاحباً لي ونحن على متن الطائرة المقلة لنا، مع مجموعة من قيادات قواتنا المسلحة، إلى حيث يرابط جنودنا البواسل، وبلغ هذا الشعور ذروته عندما لامست أقدامنا الأرض، حيث يرابط هؤلاء الجنود الأشاوس ملبين نداء الواجب، واضعين أرواحهم على راحات كفوفهم، مستعدين للتضحية بها في سبيل وطن أراد لهم العزة، فأرادوا له أن يظل مرفوع الرأس ساطع الجبين، لا يجرؤ أحد على مس شبر منه، أو الاقتراب من حياضه. ما الذي يمكن أن تقوله…

أمــة تنتحـر

الإثنين ١٢ سبتمبر ٢٠١٦

نحن أمة تنتحر، والتعبير ليس من عندي، وإنما هو للشيخ عبدالله بن بيّه، أحد أكبر علماء الأمة المعاصرين. وقد جاء وصفه هذا في مجال تشخيصه لحال الأمة الذي قال إنه كارثي، خلال حوار أجراه معه برنامج «قابل للنقاش» في الحلقة التي ستبث مساء يوم الأربعاء المقبل على قناة دبي الأولى. نعم نحن أمة تنتحر، فما من أمة أتيحت لها فرص كثيرة كي تكون أمة عظيمة وضيعت هذه الفرص مثل أمتنا الإسلامية، التي شهدت على مدى تاريخها صراعات داخلية بين أبنائها أكثر مما تعرضت له من هجمات خارجية. والتاريخ على ذلك شاهد، منذ الفتنة الكبرى التي قسمت الأمة إلى فريقين متناحرين، تفرّع عنهما فرق وطوائف وشيع كثيرة مختلفة الأهواء، تعتقد كل فرقة منها أنها الناجية، لأنها على حق وغيرها على باطل. ثم تعاقبت على الحكم دول كبرى بعد انتهاء مرحلة الخلافة الراشدة، كانت أولها الدولة الأموية، وتلتها دول قامت كل واحدة منها على أنقاض الأخرى، مثل الدولة العباسية، والدولة الأموية في الأندلس، والفاطمية والأيوبية والمملوكية، وما تزامن مع هذه الدول الكبرى من إمارات وسلطنات مختلفة الحجم والقوة والضعف، مثل السلاجقة والبويهيين والأدارسة والمرابطين والموحدين والحمدانيين والزنكيين وغيرهم. فقد تناوبت هذه الدول على تضييع الفرص خلال العصور التي عاشتها، لا فرق في ذلك بين دولة كبرى، حكمت مساحات شاسعة من الأراضي، وبين…

كوكب دبي

الإثنين ٠٥ سبتمبر ٢٠١٦

كنت أتنقل، عشية الأربعاء الماضي، بين القنوات الفضائية، باحثاً عن برنامج حواري بات أكثر تسلية من المسلسلات الكوميدية، عندما سمعت مذيعة إحدى القنوات العربية، تقرأ خبر إعلان هيئة الطرق والمواصلات بدبي تجربة أول مركبة ذاتية القيادة في منطقة بوليفارد محمد بن راشد، نقلاً عن صحيفة «البيان»، قائلة إن هذا يحدث في «كوكب دبي»، في إشارة كما يبدو منها إلى بعد المسافة في التفكير، وعمق المشاكل التي يعاني منها ذلك البلد العربي الشقيق الذي تبث منه القناة، ومنها أزمة المواصلات الخانقة والمستمرة، والتي لم تُجْدِ معها كل الحلول على تعاقب الحكومات. بقدر ما أسعدني تعبير «كوكب دبي» الذي استخدمته المذيعة، شعرت بالأسى للهوة السحيقة التي أصبحت تفصل بين دول عربية حديثة الاستقلال والثروة، ودول عربية ذات تاريخ عريق، وحضارات خالدة، وكثافة سكانية تتيح لها أن تكون من أفضل الدول وأكثرها تقدماً. فمخطئ من يعتقد أن ما يحدث في عالمنا العربي من تراجع، مقابل ما يحدث في دولتنا من تقدم يسعدنا، لأن شعب دولة الإمارات تشرّب حب وطنه في إطار حب الأوطان العربية كلها، وكلنا نتذكر النشيد الذي كان الطلبة يرددونه في المدارس، حتى قبل قيام دولتنا، وهو نشيد «بلاد العرب أوطاني» الذي ألفه الشاعر والمناضل السوري فخري البارودي، ولحنه الأخوان فليفل، ليصبح واحداً من أشهر الأناشيد التي كان يرددها العرب جميعاً…

تطوير التعليم مهمة ليست مستحيلة

الإثنين ٢٩ أغسطس ٢٠١٦

كانت جلسة مكاشفة ومشاركة أكثر منها إحاطة إعلامية، تلك التي عقدها معالي حسين بن إبراهيم الحمادي، وزير التربية والتعليم، يوم الأربعاء الماضي، مع رؤساء تحرير الصحف المحلية ومديري المؤسسات الإعلامية، بحضور معالي الدكتور أحمد بالهول الفلاسي، وزير الدولة لشؤون التعليم العالي، ومعالي جميلة المهيري، وزيرة الدولة لشؤون التعليم العام، في مقر الوزارة بدبي. لم يكن مبهجاً لنا فقط حجم الإنجاز الذي حققته الوزارة في مجال تطوير المناهج وتحديثها، وإنما أسعدنا أيضاً ما لمسناه من حماس الوزراء الثلاثة لهذه التجربة، ومدى تناغمهم في عملهم، واتفاقهم على إحداث نقلة نوعية في منظومة التعليم العام والعالي في دولة الإمارات، ودفقة الأمل الكبيرة التي شعرنا بها لديهم أثناء الجلسة، والتي انتقلت إلينا حاملة معها إحساساً عميقاً بحجم المسؤولية التي يتحملونها، ويُفترض أن نتحملها جميعاً معهم، تجاه هذا الجيل والأجيال القادمة من أبناء الدولة، وكل الذين يتعلمون في مدارسها الحكومية والخاصة وجامعاتها، على اختلاف جنسياتهم، باعتبار أن دولة الإمارات تقود معركة ضد الجهل والتخلف والتشدد والتطرف، وتعمل على إحياء الأمل، ليس في نفوس أبنائها فقط، وإنما في نفوس كل من يتطلع إلى محاكاة تجربتها، لأن دولتنا تكاد تكون مشعل الأمل الوحيد المضيء في المنطقة الآن، في ضوء ما نشهده من دمار وتمزق، محولاً دولها إلى كيانات طائفية وعرقية تحارب بعضها بعضاً، وتسعى إلى محو غيرها…

احموا أنفسكم من الطاعون

الإثنين ٢٢ أغسطس ٢٠١٦

صدمتني نتائج الدراسة التي أجراها أستاذ أصول التربية بجامعة الكويت، الدكتور علي عطفة، على عدد من طلاب وطالبات كليات الشريعة والتربية والآداب والعلوم والهندسة بالجامعة، ونشرتها جريدة «القبس» الكويتية الأسبوع الماضي. لم يصدمني أن طلبة الجامعة لديهم شعور كبير بالخوف والقلق على الهوية الوطنية، فهذا أمر طبيعي، ولكن صدمني أن طلبة كلية الشريعة هم الأقل شعوراً بالانتماء الوطني مقارنة بزملائهم من بقية الكليات، مثلما بيّنت النتائج، حيث يتأثرون بطبيعة الدراسة في الكلية، وتكون الولاءات لديهم دينية على الأغلب، كما أن النزعة الطائفية تبرز لديهم بشكل أكبر! الدراسة أظهرت أيضاً أن شريحة كبيرة من الطلبة تعتقد أن الولاء للطائفة أو القبيلة يعزز الولاء للدولة، وهذا يدل على وضع كارثي في مستوى الوعي بمقومات المواطنة وركائز الوحدة الوطنية لدى الطلبة، كما يعلق الباحث. لا أعلم إلى أي مدى يمكن اعتبار دراسة مثل هذه معياراً، لكنها تعطي دون شك مؤشرات من الحكمة أن نأخذ بها، فلا أعتقد أن الباحث قد انحاز إلى فئة من الطلبة أو تحامل على فئة، بدليل أنه لفت إلى أن هناك ضعفاً كبيراً في المقررات الجامعية والنشاطات الوطنية، فضلاً عن وجود بعض النشاطات التي تأخذ طابعاً طائفياً وقبلياً، لتجعل من الولاءات الصغرى محراباً يغيّب الطلبة عن مقام الوطن والتضحية من أجله. كما حدد الباحث العناصر التي تهدد الوحدة الوطنية…

هذا ما قدّم زويل فأرونا ماذا قدّم غنيم

الإثنين ١٥ أغسطس ٢٠١٦

«أنا لا أقول إن زويل مشرك، لا بل هو كافر، ولا يجوز الترحم عليه». بهذه العبارة رد المتشدد، المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، الهارب خارج مصر، وجدي غنيم، حينما سأله مذيع قناة «مكملين» الإخوانية التي تبث من تركيا: «هل يجوز لعن الخائن أحمد زويل أم هل يجوز الترحم عليه؟». وتابع غنيم قائلاً إنه يجوز لعن الدكتور زويل، واستشهد على ذلك بآيات قرانية تتكلم عن الكفار والمشركين. كما استشهد بكتاب «البيان في كفر من أعان الأميركان» للمتشدد السعودي، القابع في السجن حالياً، ناصر الفهد. فصل جديد من فصول فتاوى التكفير، عاد به المتشدد الأهوج وجدي غنيم إلى الواجهة من جديد، بعد أن تصدى للرد عليه عدد من العلماء والكُتّاب والإعلاميين، وأصدر مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية بياناً، ندد فيه بحملات التكفير والتشويه التي تقوم بها بعض التيارات والجماعات ضد رموز الوطن وعلمائه الكبار، مؤكداً أن التكفير دائماً وأبداً هو سلاح المتطرفين للنيل من خصومهم، وتشويه صورتهم، وتبرير الاعتداء عليهم، واغتيالهم مادياً ومعنوياً. وقد كان الدكتور أحمد زويل، عليه رحمة الله، آخر ضحايا هؤلاء المكفرين، وهم يحاولون اغتياله معنوياً وهو ميت، بعد أن عجزوا عن الارتقاء إلى مكانته العلمية والوطنية حياً، لكنهم لن يستطيعوا ذلك مهما فعلوا، لأن العالم أجمع يعرف من هو الدكتور زويل، عليه رحمة الله،…

سلطان الإعلام

الإثنين ٢٧ يونيو ٢٠١٦

حدث هذا قبل أكثر من ثلاثة عقود. كنت وقتها قد تخرجت من الجامعة، وبدأت حياتي العملية في «تلفزيون الإمارات العربية المتحدة من أبوظبي» رئيساً لقسم الأخبار، فنائباً لمدير عام التلفزيون ومراقباً عاماً للبرامج، ثم مديراً عاما للتلفزيون. كانت الساعة تشير إلى حوالي الثامنة مساء، عندما وجدت التليفون يرن في مكتبي وعامل البدالة يقول لي إن هناك مشاهداً اسمه «سلطان القاسمي» يريد التحدث إليك. أخذت الخط لأجد على الطرف الآخر صوتا وقوراً هادئاً يبدأ بالسلام، ويعرّف بنفسه دون ألقاب، ويقول لي إنه جالس أمام شاشة التلفزيون يتابع برامجناً، عندما شده اسم البرنامج الذي كان يبث على الهواء وقتها، وكان اسمه «جولة الكاميرا» فقرر أن يتابعه بعد أن توقع أن تأخذه مقدمة البرنامج إلى خارج الأستوديو بكاميرا التلفزيون لعمل تقارير خاصة بالبرنامج، لكنه فوجئ بها لا تغادر الأستوديو إطلاقا، وتقدم تقارير واردة من وكالات أنباء أجنبية، لم تبذل فيها مجهوداً سوى قراءة التعليق العربي الذي غالباً ما يكون وارداً معها. كنت أستمع إلى الصوت الوقور الذي لم يكن غريباً عليّ، لكن عنصر المفاجأة جعلني لا أستوعب في البداية أن من كان يحدثني على الطرف الآخر هو صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة. رحبت بسموه بعد أن أكمل ملاحظته، وشكرته على الاتصال، وقلت له إنني أتفق…

إعلامنا في زمن الحرب

الإثنين ١٢ أكتوبر ٢٠١٥

نحن نعيش حالة حرب، وهي حرب دفاع عن الوجود. لا يستطيع أن ينكر هذا أحد، بدليل هؤلاء الشهداء، الذين سقطوا على أرض اليمن الشقيق، ليسطروا صفحات ناصعة في تاريخ الوطن، لأن الشهادة هي أرفع مراتب التضحية، وعندما تكون التضحية من أجل الوطن، يصبح كل غال رخيصاً، وليس ثمة ما هو أغلى لدى الإنسان من الروح. وفي حالة الحروب يصبح دور الإعلام أكثر صعوبة، وهو دور لا يقل أهمية عن دور الجندي على أرض المعركة، لأنه يحشد الشعب خلف الجنود الذين يقاتلون ويبذلون أرواحهم رخيصة هناك، ويرفع روحهم المعنوية، ويجعلهم يشعرون بالفخر والاعتزاز بما يقدمونه للوطن، وما يقدمونه كثير يجلّ عن الوصف. وفي دولة الإمارات لعبت عوامل ثلاثة دوراً أساسياً في تسهيل مهمة الإعلام الإماراتي، وأتاحت له العمل بسهولة ويسر لإيصال رسالته إلى الجميع في الداخل والخارج. أول هذه العوامل هو موقف قيادة دولة الإمارات من الشهداء وأسرهم، وهو موقف بهر الجميع وأثار إعجابهم، وإن لم يكن موقفاً غريباً على قادة دولة الإمارات، الذين كانوا ومازالوا قريبين من شعبهم، لكن الأحداث الأخيرة جعلت من هذه العلاقة العميقة والمتجذرة بين القيادة والشعب حديث الجميع، ليس في دولة الإمارات فقط، وإنما في الدول الأخرى التي خاضت حروباً قبلنا، وتلك التي تخوض هذه الحرب معنا، لكنها لم تشهد مثل هذه المواقف التي شهدتها دولتنا…

مواقف الإيرانيين والموقف الخليجي

الإثنين ٠٥ أكتوبر ٢٠١٥

محيرة مواقف المسؤولين الإيرانيين، ليس لنا نحن فقط، وإنما للشعب الإيراني أيضاً، ففي حين يعلن وزير الصحة الإيراني أن حادث تدافع الحجاج في منى خارج عن إرادة المملكة العربية السعودية، ويثني على جهودها واستجابتها في التعامل مع الحادث، وتقديمها كل الخدمات الصحية والإسعافية، ويتفق معه في ذلك محمد هاشمي رئيس مكتب هاشمي رفسنجاني، في عدم إلقاء اللوم على المسؤولين السعوديين في الحادث، نجد المرشد الأعلى للنظام الإيراني، علي خامنئي، يلقي اللوم على المملكة في حادثة منى، ويهدد برد قاسٍ وعنيف، ويسير على نهجه الرئيس الإيراني حسن روحاني، في محاولة لتسييس الحادثة، وتحويلها إلى مناسبة لكيل الاتهامات للمملكة، والتعبير عن أحقاد قديمة لها علاقة بالسياسة والتعصب المذهبي، أكثر مما لها علاقة بالحرص على حجاج بيت الله الحرام، الذين توليهم المملكة كل الاهتمام والعناية، باعتراف الجميع، ومنهم إيرانيون، مثل الناشط السياسي الإيراني «صادق زيبا كلام»، الذي اعتبر تصريحات المسؤولين الإيرانيين ناتجة عن خلافاتهم مع الرياض حول اليمن وسوريا ومناطق أخرى، وأنه لا علاقة لها بالأسباب الحقيقية التي أدت إلى الحادث المؤلم. هذا الملف الذي تفتحه إيران في كل موسم حج، مدعية الحرص على سلامة الحجاج وأداء المناسك بيسر وسهولة، ما هو إلا قميص عثمان الذي تستخدمه السلطات الإيرانية، التي يبدو التخبط واضحاً في تصريحات مسؤوليها، ويظهر التناقض جلياً بينهم، وهو ملفٌ، على…

حكومة ذكية.. موظفون أقل ذكاءً

الإثنين ٢٨ سبتمبر ٢٠١٥

مام الخيارين اللذين طرحهما عليّ الموظف المختص في الدائرة الحكومية التي كنت أنجز معاملة فيها، وجدت نفسي أميل إلى الخيار الثاني، وهو أن ألجأ إلى أحد مكاتب الطباعة المعتمدة من قبل الدائرة لتقديم الطلب الذكي، كما أطلق عليه الموظف.. عوضاً عن الوقوف أمام الجهاز المخصص لتقديم الطلبات الذكية، خشية أن لا يسعفني ذكائي في التعامل مع الجهاز الذي كان يتصدر الصالة كواجهة للخدمات الذكية التي تقدمها الدائرة، خاصة وأن هناك من كان يستخدم الجهاز وقتها والعرق يتصبب منه، فقررت أن أختصر الطريق على نفسي وأتوجه إلى أحد مكاتب الطباعة كي أضمن أن يتم تقديم الطلب دون أخطاء قد يسببها قصور ذكائي.. وليس ذكاء الجهاز بالطبع. ولا أبالغ إذا قلت إن تقديم الطلب قد استغرق من موظف مكتب الطباعة الذي يُفترَض أن يكون معتاداً على تقديم هذا النوع من الطلبات قرابة الساعة، فحمدت الله على أنني لم أحاول تقديم الطلب عبر جهاز الدائرة، وسط جموع الموظفين والمراجعين الذين كانت تكتظ بهم الصالة. وبعد انتهى موظف مكتب الطباعة من تقديم الطلب، أخبرني أن إنجازه من قبل الدائرة سيستغرق خمسة أيام عمل، فشكرته وشكرت الدائرة التي أتاحت لنا هذه الخدمات الذكية، كي تختصر علينا الوقت والإجراءات. حدث هذا في اليوم الأول من شهر سبتمبر الحالي، ويوم الاثنين الماضي 21 من الشهر نفسه، أي…

انتخبوني

الثلاثاء ٢٢ سبتمبر ٢٠١٥

مستمتع أنا بالدعايات الانتخابية التي أستمع إليها في قنواتنا الإذاعية والتلفزيونية، وأقرؤها في صحفنا المحلية، منذ أن بدأت الحملات الدعائية لمرشحي المجلس الوطني الاتحادي في دورته المقبلة، وبتلك التي يقوم المرشحون بنشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويتم تداولها على نطاق واسع، رغم طرافة بعض هذه الدعايات التي عرّضت أصحابها للهجوم.. وجعلت البعض يطلب من اللجنة الوطنية للانتخابات التدخل، فهذه الحملات هي ملح أي عملية انتخابية، وهي التي تعطيها بعداً تنافسياً، والمبالغة فيها مشروعة، تحدث في كل الانتخابات التشريعية والرئاسية في أكثر دول العالم ديمقراطية وأعرقها ممارسة برلمانية، ونظرة سريعة إلى وعود الرؤساء خلال حملاتهم الانتخابية، تجعلنا نرى كيف يضعون الشمس في يد ناخبيهم.. والقمر في اليد الأخرى، ثم يخرجون بعد انتهاء فتراتهم الرئاسية دون أن يضعوا شمعة واحدة في يد من انتخبهم وأوصلهم إلى الكرسي، والأمثلة على ذلك كثيرة يضيق المجال عن حصرها. دون الدخول في تفاصيل الدعايات الانتخابية، والجدل الذي يدور حولها، نعود إلى ضوابط الحملات الانتخابية التي وضعتها اللجنة الوطنية للانتخابات لنجدها ضوابط واضحة، تتيح للمرشح حق التعبير عن نفسه، والقيام بأي نشاط يستهدف إقناع الناخبين باختياره، والدعاية لبرنامجه الانتخابي بحرية تامة، شريطة الالتزام بقواعد منها المحافظة على قيم ومبادئ المجتمع، والتقيد بالنظم واللوائح، واحترام النظام العام.. وعدم تضمين الحملة الانتخابية أفكاراً تدعو إلى استغلال أو إثارة التعصب…

الاحتفاء بالشهداء ظاهرة إماراتية

الإثنين ١٤ سبتمبر ٢٠١٥

كل الشعوب تحتفي بشهدائها وتجلّهم، وتضعهم في مكانة رفيعة بين أبنائها، لأنهم ضحوا بأرواحهم من أجل أوطانهم، ولا يملك الإنسان ما هو أغلى من روحه كي يضحي به. ليس ثمة من يختلف على هذا، لكن احتفاء الإمارات بشهدائها.. كما عشناه ورأيناه على مدى الأيام الماضية، ونحن نودع شهداءنا الأبرار إلى جنان الخلد، بإذن الله تعالى، كان مختلفا. لا نقول هذا من باب التفاخر على الشعوب التي تقدر شهداءها وتحتفي بهم على طريقتها، ولا من باب التقليل من غيرنا، وإنما نقوله من باب إحقاق الحق، والاعتزاز بقيادتنا وشعبنا، ومن واقع الإحساس الذي يسري في مشاعرنا كلما تم الإعلان عن ارتقاء شهيد لنا في قائمة مجد قواتنا المسلحة، ويستمر بالزخم نفسه، دون أن يطرأ عليه فتور. من شاهد التفاف شعب دولة الإمارات العربية المتحدة حول قيادته خلال الأيام الماضية يلمس هذا الإحساس النابع من القلب، ويدرك أنه ليس إحساسا مفتعلا. ومن رأى المشاعر الفياضة التي غمر بها قادة دولة الإمارات وشعبها أهالي الشهداء وذويهم خلال هذه الأيام يعرف مدى قوة اللحمة التي تربط بين أبناء هذا الوطن، قيادة وشعبا، ويلمس الروح التي تجمع بين أبناء هذه الأرض، الذين يشعرون أنهم أسرة واحدة.. لا فرق فيها بين حاكم ومحكوم، تماما كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة…