رضوان السيد
رضوان السيد
عميد الدراسات العليا بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية - أبوظبي

خواطر عن القمة العربية وما بعدها

الأحد ٣٠ مارس ٢٠١٤

ما حدث شيء غير عادي أو غير متوقع في قمة الكويت. فقد توقع المراقبون أن يكون هناك اهتمام بالقضية الفلسطينية، والملحمة السورية، وملحمة الإرهاب. وتوقع الكثيرون أن لا تنحلَّ الخلافات العربية ولا تخمد، بل يجري تجميدها خلال يومي القمة. ومع ذلك تبقى هناك أمور وقضايا والتفاتات لابد منها، هي ما يبرز الخصوصيات والأَولويات لكل طرف عربي، في الوقت الذي تُبرز فيه المشتركات والافتراقات وما جرى السكوت عنه. أبرزُ المشتركات بين الحاضرين للقمة ملفّان: القضية الفلسطينية، ومسألة الإرهاب. وقد كان ضرورياً إرسال رسالة في مسألة فلسطين قبل وصول أوباما إلى المملكة العربية السعودية. وكانت الرسالة هي الرفض العربي القاطع لاعتبار إسرائيل دولة يهودية في أي تسوية مقبلة. ذلك أن المفاوضات بين الطرفين في مرحلتها الحاضرة، تكاد تبلغ منتهاها بمُضي عشرة أشهر عليها. وهذه المرة الثالثة أو الرابعة أيام أوباما التي تسير فيها المفاوضات بحماس ثم تتوقف بدون نتيجة باستثناء زيادة الاستيطان(!). أما هذه المرة فأراد الأميركيون تجنب ظهور المأزق بتوقف المفاوضات، وذلك باختراع شيء اسمه «اتفاق إطار» يعرضه الأميركيون على الطرفين، فيوافقان عليه، ومن حق كل طرف الاعتراض على النقاط التي لا يقرها. وصار واضحاً للفلسطينيين أنّ هناك في «اتفاق الإطار» عدة نقاط لا يمكن الموافقة عليها: بشأن إلغاء حق العودة، وبشأن الحدود، وبشأن الأمن، وبشأن المياه، وبشأن القدس.. وأولًا وأخيراً…

التأزم الديني والتأزم الثقافي في العالم العربي

الجمعة ٢٨ مارس ٢٠١٤

اعتبر القادة العرب المشاركون في القمة بالكويت موضوع مكافحة الإرهاب أولا أو ثانيا ضمن الملفات «القليلة» التي جرى الاتفاق عليها وسط الخلافات الضخمة في موضوعات كثيرة. والعنف باسم الدين اليوم ليس كالأمس، بمعنى أنه يمكن تصنيفه باعتباره انشقاقا أو انشقاقات داخل الإسلام، ناجمة عن وعي معين من جهة يشرعن العنف وإحلال الدم، وعن سياسات استعمارية وإمبريالية فظيعة أخرجت بعض هؤلاء الشبان الحساسين عن طورهم، فنشروا عنفا باسم الإسلام، جعل من الدين الإسلامي مشكلة عالمية. نعم، ما عادت هذه الظاهرة بسيطة، فقد دخلت فيها عدة جهات إما لاتقاء الشر، أو لإعادة التوجيه والاستغلال. كما أن القائمين بها وعليها إنما فقدوا مثالياتهم العدمية تلك، ودخلوا أيضا في عوالم التجارة والصفقات. وبذلك تعقدت الأمور، وما عاد يمكن التمييز بين المتضررين والمستفيدين. وإنما يمكن القول إن الخاسرين الأكبرين هما الإسلام والعرب. أما الذين يشنون أفظع الحملات على الإرهاب، فمعظمهم مستفيد ومن هؤلاء الإيرانيون والروس. فالروس يستخدمون حجج الإرهاب للوقوف مع نظام بشار الأسد، ولتشديد القبضة على المسلمين في روسيا الاتحادية. أما الإيرانيون فيستفيدون بطريقتين أيضا: يطلقون ميليشياتهم الطائفية التي دربها الحرس الثوري للتخريب والقتل في العراق وسوريا ولبنان واليمن بحجة مواجهة التكفيريين - ويعيدون توجيه الجهاديين المزيفين باسم السنة بحيث يعملون في خدمتهم ويقتلون المسلمين الآخرين لأنهم يخالفونهم في الرأي والمنزع. إن تعقد الملفات…

وضع الإسلام في مواجهة العرب

الجمعة ٢١ مارس ٢٠١٤

قبل عامين ونيِّف ذهبت إلى تركيا ضمن وفدٍ برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، حيث قابلنا رئيس الوزراء إردوغان، ووزير خارجيته أحمد داود أوغلو. وكان موضوع الحديث الأوضاع بلبنان بعد قيام الثورة السورية، وإقامة حزب الله حكومة بلبنان برئاسة نجيب ميقاتي صديق بشار الأسد وتركيا. وقد بدأ إردوغان حديثه بالشكوى الساخطة على بشار الأسد الذي وضع فيه آمالا كبارا منذ لقائه الأول به في عام 2004. وعندما انتقل الحديث إلى لبنان أقبل الزعيم التركي على طمأنتنا، راجيا مُهادنة حكومة ميقاتي لأنه في النهاية هو (أي إردوغان) بمعنى ما زعيم السنة في المنطقة، وخامنئي زعيم الشيعة، وسيكون هناك تعاوُنٌ بين الزعيمين لحل المشكلات في سوريا والعراق ولبنان! وما أعجبت المقاربة الطائفية هذه الرئيس السنيورة، فقاطع إردوغان قائلا: «نحن لا ننقسم إلى سنة وشيعة، بل نحن جميعا عرب. والمدخل إلينا لستَ أنت ولا خامنئي، بل السعودية ومصر. وقد كنتَ قبل دقائق تشكو من الأسد وقتْله لشعبه وأنتَ الذي اخترتَهُ مدخلا لعلاقة تركيا الجديدة بالعرب، وهذا دليلٌ آخر يا دولة الرئيس على عدم معرفتك بنا»! إن الوضع اليوم وبعد ثلاث سنواتٍ من الثورة في سوريا أننا نجد أنفسنا أمةً وبلدانا بين ثلاث قوى تستخدم الدين ضدنا: إسرائيل الدولة اليهودية أو دولة اليهود، وإيران دولة الشيعة، وتركيا التي تزعم حكومتها وليس شعبها أنها دولة السنة، وهي…

السلم والمصالحة في المجتمعات الإسلامية

الأحد ١٦ مارس ٢٠١٤

برعاية سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية بدولة الإمارات العربية المتحدة، انعقد يوما 9 و10 مارس (2014) بأبوظبي منتدى لتعزيز التضامن في مجتمعات المسلمين. وقد ترأس لجنته العلمية الشيخ عبدالله بن بيه العالِم المعروف، وحضره زُهاء مائتين وخمسين عالماً وأستاذاً ورجل فكر، وكان من ضمنهم شيخ الأزهر، ورئيس جامعة القرويين، ورئيس جامعة الزيتونة، ورئيس رابطة علماء المغرب، ومفتي مصر، ووزير الأوقاف فيها، إضافة لوزراء أوقاف آخرين من الدول العربية، وعلماء ومسؤولين مسلمين من دول آسيا وأفريقيا. لقد كانت لهذا الاجتماع قدرات تمثيلية بارزة، بالنظر للهدف أو المقصد الذي يسعى إليه، وهو مكافحة العنف باسم الدين في المجتمعات والدول الإسلامية. لقد تنوعت الآراء في أسباب ظواهر العنف ومآلاته، لكنّ الباحثين عملوا تحت مظلة أربعة محاور: القيم الإنسانية والعيش المشترك، وتصحيح المفاهيم، وإشكاليات الفتوى في زمن الفتن، وإسهام الإسلام في السلم العالمي. وهكذا فهناك ملفّان نقديان، وملفان إيجابيان أو فيهما مبادرة إذا صح التعبير. الملفان النقديان هما: إشكاليات الفتوى، وتصحيح المفاهيم. وقد سمّى صاحب الخطة العلمية للمؤتمر الموضوع الأول: الفتوى في زمن الفتن. وقصد بذلك إلى أن الفتوى التي تُعنى بالمستجدات، وتحلُّ الإشكاليات لا ينبغي أن تتحول إلى دعوى تفرقة ونزاع بين المسلمين، بيد أن الأمر تجاوز ذلك، إلى ما هو أخطَر. بمعنى أنّ الأخطار في الفتاوى ما كانت…

زيارة أوباما والعلاقات العربية ـ الأميركية

الجمعة ١٤ مارس ٢٠١٤

ظهر الاضطراب على السطح في العلاقات العربية - الأميركية عام 2013 في ثلاث مناسبات: الاتفاق النووي بين أميركا وإيران، وتغير الموقف الأميركي من قصف الأسد لشعبه بالكيماوي، وإزاحة مرسي من الرئاسة في 3 يوليو (تموز) 2013 ووقوف الولايات المتحدة ضد تلك الإزاحة. وعندما يأتي الرئيس الأميركي إلى المملكة العربية السعودية أواخر هذا الشهر، سوف يجد أمامه مسائل ومشكلاتٍ أخرى للبحث والمراجعة واجتراح الحلول إضافة إلى ما تراكم. ومن ذلك الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي الذي يريد أوباما ووزير خارجيته تحقيق تقدمٍ فيه، وكالعادة على حساب الطرف الذي يعتبره ضعيفاً وهو الطرف الفلسطيني – العربي! أظهرت الدول العربية وعلى رأسها الدول الخليجية صدمةً بسبب الاتفاق الأميركي والدوليين الآخرين مع إيران بشأن النووي. وقد تعددت الأسباب لذلك من المفاجأة وإلى التفرد الأميركي فإلى عدم اهتمام الأميركيين بمصالح دول الخليج، وأخيراً لأن الأميركيين أظهروا استخفافاً بشركائهم الذين التزموا معهم سنواتٍ وسنوات بشروط الحصار، وشروط أمن الخليج، والملفات الأخرى الخاصة بأمن المنطقة العربية في المشرق من العراق وإلى سوريا والبحرين واليمن ولبنان. وفي حين أصرّ الأميركيون على أنّ الاتفاق لا يشمل غير النووي، فإنّ الخليجيين إجمالا، لا يزالون يشكّون في أنّ في الصفقة شبهة التبادل أو التسليم لإيران بمناطق النفوذ في الدول العربية في مقابل التخلّي (غير المؤكَّد على أي حال) عن الجانب العسكري في…

لحظة للوعي بين الاستقطابات والانسدادات

الجمعة ٢٨ فبراير ٢٠١٤

في ليل يوم الاثنين (24 / 2 / 2014) شنت طائرتان إسرائيليتان غارة على مواقع لحزب الله على أطراف منطقة القلمون السورية لجهة لبنان. وهي المنطقة الجبلية الشاسعة التي يسيطر على معظمها الثوار السوريون منذ قرابة العام ونصف العام. وكان كلا الطرفين المتحالفين: النظام السوري وحزب الله خلال الأسبوعين الماضيين قد أعلنا عن إرادتهما انتزاعها من الثوار، وتدور فيها منذ ذلك الحين اشتباكات عنيفة مركزها بلدة يبرود، أكبر بلدات منطقة القلمون المنكوبة بالغارات من الأرض والجو، وفيها مئات الآلاف من اللاجئين الذين لا يستطيعون الهرب من القصف إلا إلى بلدة عرسال البقاعية اللبنانية. أما عرسال البائسة فقد كان عدد سكانها قبل الحرب السورية 35 ألفا، وعددهم الآن 150 ألفا! لماذا هذا التفصيل وما أهميته؟ إسرائيل تريد التذكير أنها حاضرة ناظرة، ولها حساباتها الخاصة والمختلفة عن حسابات الإيرانيين والروس والمالكي وحزب الله وثوار سوريا و«إرهابييها» أو تكفيرييها بحسب تعبير حسن نصر الله! وما دامت أطراف منها إيران بالسلاح والرجال قد تدخلت، فمن حق إسرائيل التدخل، كما قال المتحدث باسم الجيش! وما عاد أحد يحسب حسابا للنظام السوري بعد أن عجز عن إخماد ثورة شعبه عليه، ووقع على الأرض بيد إيران، وفي المجال الدولي بيد روسيا الاتحادية. ولذا فمناط التفكير والحساب الآن يقعان على عاتق الإيرانيين وتحالفهم الممتد ما بين طهران وبغداد…

نقاش حول مصطلح «الإسلام السياسي»

الجمعة ٢١ فبراير ٢٠١٤

معالي الشيخ صالح بن حميد عالمٌ جليلٌ، وصاحب عنايةٍ ومسؤوليةٍ في قضايا الشأن العام. وقد قرأتُ له واستمعتُ إليه في مناسباتٍ متعددة، وتملكني دائما إحساسٌ بالاحترام والتقدير للدقة والبصيرة اللتين يتميز بهما في تصريحاته ومقالاته. ومن أجل ذلك كلّه رأيتُ أن أُناقشه في ورقته العلمية الأخيرة بالجنادرية عن الإسلام السياسي والسلفية ومقولة الإسلام دين ودولة. والذي أرجوه أن يتّسع صدره لاختلافي معه. ولولا حساسيةُ الموضوع وأهميته في هذه الظروف وكل الظروف، لما كلّفتُهُ هذه المشقة، لكنه الحرصُ من جانب كل الغيورين على الدين والأمة والدولة، والذي يدفعنا جميعا إلى ركوب هذا المركب الصعب! يرى معالي الشيخ أنه لا معنى لمصطلح الإسلام السياسي، وقد اخترعه الأجانب للإساءة إلى الإسلام. وأنا أقرأ في «سياسيات الإسلام المعاصر» باللغات الحية، منذ ثلاثين عاما، ولي كتابٌ بهذا العنوان صدر عام 1997. ولا أعرف بالفعل مَنْ أول مَن استخدم مصطلح أو تعبير الإسلام السياسي في مطالع السبعينات من القرن العشرين الذي مضى ولم تنقض مصائبه على العرب والمسلمين. والعبرة - كما يقول الأصوليون – بالمعاني لا بالألفاظ والمباني، بمعنى أنني لستُ مصرا على استخدامه، ويمكن استبداله بأي تعبيرٍ آخَر مُشابه يؤدّي المعنى المقصود منه، لأنه لا مشاحة في الاصطلاح من جهة، ولأنه ليس من الضروري اتّباع ما يقترحه الباحثون أو الاستراتيجيون الغربيون علينا. وقد قضيتُ سنواتٍ…

مواجهة التقليد أم الأصولية؟

الأحد ١٦ فبراير ٢٠١٤

عبد المجيد الشرفي أستاذٌ معروفٌ في الدراسات الإسلامية بالجامعة التونسية منذ الثمانينيات. وقد خرّج طلاباً متميزين، كما كتب دراسات متميزة، منذ أُطروحته للدكتوراه «الفكر الإسلامي في الرد على النصارى»، وإلى «الثورة والحداثة والإسلام» (2012). والذي دفعني للحديث عنه اليوم مسألتان: تشخيصه لظاهرة الإسلام السياسي في كتابه الجديد: «مرجعيات الإسلام السياسي» (2013)، وبالتالي رأيه في إمكانيات الخروج منها. لا يكاد «الشرفي» يذكر شيئاً عن رؤى الإسلام السياسي في مصر وتونس إلا عَرَضاً. فهو لا ينقد رؤيتهم للشرعية وكيفية استعادتها، ولا رؤيتهم للحاكمية الإلهية وتطبيق الشريعة، ولا حزبيتهم باسم الدين، ولا إقصاءهم للآخرين. وإن ذكر شيئاً من ذلك، ففي معرض نقد التقليد الإسلامي، وقراءات الفقهاء القدامى للقرآن والسنة. وذلك لأنه يزعم أنّ دُعاة الإسلام السياسي ظلوا تقليديين في كل هذه المسائل، ولذلك فقد انضموا إلى الفقهاء القدامى والمحدَثين في كون أفهامهم وحلولهم غير حديثة وسابقة على أزمنة التغيير في مجتمعاتنا وفي أوروبا. ولكي يكونَ واضحاً ما أقصده، أقول إن كتاب الشرفي الأخير هو مثل كتبه السابقة التي تنصبُّ على نقد ونقض أفهام الفقهاء والمتكلمين (الأشاعرة فقط) للكتاب والسنة، وحلولهم للمشكلات بعقلية القرون الوسطى الظلامية، والتي ما تزال سائدة رغم أنها لا تصلح لمواجهة المشكلات، ولا تُعينُ على الدخول في عالم العصر! يبدأ الشرفي بالتصور التقليدي للدولة الإسلامية، وأنها ما كانت دولة دينية،…

إيران والسياسات الجديدة تجاه المشرق العربي

الأحد ٠٩ فبراير ٢٠١٤

قال وزير الخارجية الإيراني (ظريف) لوزير الخارجية الأميركي (كيري)، في مؤتمر ميونيخ: لا شأن لوزارتي بالملف السوري! وأظنه صادقاً، فقد سمعْتُه بندوة على هامش مؤتمر دافوس يقول: رأينا انسحاب جميع القوات الأجنبية من سوريا! وعندما سُئل عن تدخل «حزب الله» العسكري بسوريا، ارتبك وقال: إنهم عندما تدخلوا لم يستأذنونا! لكنه ما لبث أن أعطى لـ «حزب الله» الحقّ بالتدخل في سوريا من أجل حماية المزارات المقدَّسة! وهو الأمر الذي أثار أحمد داود أوغلو ودفعه للقول (رغم شدة مجاملته لظريف وإيران): لقد هدم بشار الأسد زُهاء الـ1500 مسجد، ومنها مسجد خالد بن الوليد في حمص، فهل يحق لنا التدخل لحماية مساجدنا؟ لا أحد يقبل تعرُّض مزارات إسلامية للتلف أو التخريب، والسوريون السنّة هم الذين بنَوا مقام السيدة زينب في الأصل. وظريف -وأحياناً روحاني- يصرحان من فترة لأخرى باهتمامهما بتحسين العلاقات مع السعودية ثم لا يحدث شيء. و«نصرالله» كان قد قدّم مبادرةً فهمها سعد الحريري إيجاباً، فشجَّع «تمام سلام»، رئيس الحكومة المكلَّف، على السير فيها، لكن «حزب الله» الآن عاد لرفضه الدخول للحكومة الجامعة التي صرخ من أجلها لمدة شهر وأكثر! هناك دلائل كثيرة على أن السياسات الإيرانية القديمة لم تتغير تجاه المشرق العربي، وتجاه الخليج. بل هناك ظواهر لارتفاع منسوب العنف الإيراني في سائر أنحاء المشرق واليمن: فالعنف في سوريا بلغ…

إيران وتركيا… والأوضاع المستجدة

الأحد ٠٢ فبراير ٢٠١٤

قبل سفر أردوغان إلى طهران بساعات، صرح ممثل خامنئي في الحرس الثوري بأن سياسة تركيا في سوريا خلال السنوات الأخيرة، كانت تعاوُناً صريحاً مع إسرائيل! وعلى غير العادة، ما أجاب الأتراك على هذا الاتهام. أما في العادة؛ فإن الحكومة التركية كانت توحي لبعض المعلقين بالإجابة. وهذا ما حدث قبل أسبوعين، عندما كان الموضوع «جنيف2»، وهل تشارك فيه إيران أو لا تشارك. فوقتها صرح الأتراك بأنهم مع مشاركة إيران. لكن مسؤولاً إيرانياً في الخارجية ذهب إلى أن تركيا منافقة، وإلا لما كانت سياستها في سوريا بهذا السوء. وعلى هذا الاتهام أجاب معلق تركي أنه لم يبق مع نظام الأسد غير إيران وإسرائيل، ولا بد أن لهما مصلحة مشتركة في ذلك! ليس بالضروري أن يعني تصريح ممثل خامنئي شيئاً كثيراً. لكنه يشير إلى الملفات الخلافية المفتوحة بين إيران وتركيا. وهي تشمل الوضع في سوريا ومصالح الطرفين المتناقضة فيه. كما تشمل المصالح المتناقضة في الوضع الكردي، وفي الوضع العراقي. وتشمل أيضاً تدخل إيران في وضع العلويين بتركيا وبسوريا! يستطيع أردوغان بالطبع أن يشير إلى مساعدة تركيا لإيران في الملف النووي ووساطتها للتسوية. كما يستطيع أن يقول لروحاني إن حكومته خالفت الحظر والحصار على إيران، وورّدت واستقبلت المحظورات من إيران، وحتى ابنه (أي ابن أردوغان) متورطٌ في التهريب إلى إيران ومنها. وهذا جزء مما…

بين الانسحاب والانسحاب وضياع البلاد!

الجمعة ٣١ يناير ٢٠١٤

شهدت قبل أيام ندوة على «العربية» جمعت وزراء خارجية إيران وتركيا والأردن وخبراء استراتيجيين عربا وأجانب. وفوجئت مفاجأة إيجابية بدعوة وزير الخارجية الإيراني ظريف لانسحاب كل القوى الأجنبية من سوريا. بيد أن المفاجأة لم تكتمل لأنه ما لبث أن أدلى برأيين متناقضين في سياق واحد. قال من جهة إن حزب الله اتخذ قرارا ذاتيا بالتدخل في سوريا ولا شأن لإيران بذلك، ثم إن من حق الحزب التدخل دفاعا عن المقدسات الشيعية! وهنا انتقلت مفاجأتي ومفاجأة المشاهدين إلى الوزير التركي الذي كان يؤكد على العلاقات الممتازة بين إيران وتركيا منذ 350 عاما، لكنه لا يستطيع الموافقة على كلام الوزير الإيراني بشأن المزارات والتدخل لحمايتها، وذلك لأن مزار السيدة زينب ليس مزارا شيعيا، والسنة مثل الشيعة في احترامه، وهم الذين بنوه في الأصل، والشعب والدولة في سوريا، وكلنا معهم في الرعاية والحماية، وإلا فلو كان من حق كل أحد يعتقد أن مقدساته تتعرض للانتهاك القيام بتدخل عسكري، لكان من حق المسيحيين الروس والغربيين إرسال الجيوش إلى سوريا، ثم إن قوات الأسد دمرت 1500 مسجد، ومن ضمنها مسجد خالد بن الوليد بحمص، فهل يتدخل أهل السنة من تركيا وغيرها بإرسال الجيوش لحماية المقدسات؟! الكلام العاقل هو ما قاله الزميل ظريف، أولا: انسحاب سائر الأطراف الخارجية من سوريا، ودخول السوريين في مرحلة انتقالية توقف…

السياسات الأميركية… بين إيران وإسرائيل

الأحد ٠٥ يناير ٢٠١٤

قال الرئيس الأميركي في خطابه في الأمم المتحدة، قبل ثلاثة أشهر: إن عمل إدارته خلال الشهور المقبلة سينصبُّ على إنجاز أمرين اثنين: معالجة الملف النووي الإيراني، والتوصل إلى بدايات حل فلسطيني. وما اعتبر أحد هذا التصريح جدياً؛ حتى من المراقبين الإسرائيليين والأميركيين. فقد فشل أوباما في فترة رئاسته الأولى في التقدم خطوةً واحدةً على طريق الحل الإسرائيلي الفلسطيني. وفي الجانب الإيراني، ما كانت المتغيرات واضحة الآثار بعد، بحيث كان هناك من نعى المناشدات الأوبامية أيضاً لإيران طوال عدة سنوات! وفيما يبدو الآن كأنما أوباما حقّق إنجازاً كبيراً مع إيران، فإن المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية دخلت شهرها السابع دون أن تحقّق شيئاً، وإنما يكمن «التفاؤل» في استمرارها وحسْب! إنما هناك الآن «مستجدات» في الملفين: في الملف النووي الإيراني هناك مفاوضات تقنية دقيقة للدخول إلى تنفيذ الاتفاق المؤقت بستة أَشْهُر، ولا يبدو أن هناك عقبات حتى الآن من الجانبين. وفي الملف الفلسطيني الإسرائيلي تتكاثر الأخبار بشأن إقدام وزير الخارجية الأميركية قريباً (متى؟) على عرض «اتفاق إطار» على الطرفين. وإنما قبل الدخول في مناقشة مدى جدية هذه المسألة وإمكانياتها الحاضرة والمستقبلية؛ لننظر أولا في مقولة أوباما حول الارتباط بين تراجُع خطر الملف النووي الإيراني، وتصاعد إمكانيات الحل الإسرائيلي الفلسطيني. يبدو الربط بين النووي الإيراني، والحل الفلسطيني الإسرائيلي عملا من أجل أمن إسرائيل. فقد كانت…