آراء

آراء

الحاكم بأمر الله!

الأحد ٢٣ أكتوبر ٢٠١١

يختلط الأمر على الناس في فهم النقد الموجه من قبل «المواطن» لأداء السلطة في بلاده، يخلطون بين استخدام الأدوات النقدية في تقييم الأداء العام وبين حالة الحب والكره، يحدث هذا عن جهل مصحوب بنوايا حسنة أحيانا، وعن سوء نية أحيانا أخرى من قبل المنتفعين أو الراغبين بالانتفاع من السلطة على حساب الوطن وقضاياه وهمومه ومواطنيه، سوء النية والتحريض المتعمد من قبل البعض وهم غالبا من الكتاب والصحافيين بكل أسف، يكون علاجه التسفيه والتجاهل والتحقير من هذا السلوك النفعي غير الأخلاقي الذي لا يمت للمهنة بصلة، ويجب أن تكون عملية الاحتقار جماعية وعامة وعلنية لكل شخص يمتهن هذا الدور، أما الخلط الحاصل بسبب الجهل والظن الخاطئ فتكون مواجهته بالتوضيح ومزيد من التوعية عبر كل الوسائل المتاحة، لأن النتيجة التي نصل لها في الحالتين خطيرة، وهي تنميط الكتلة النقدية في المجتمعات ووصمها بصفات ذات مدلول سلبي عند المتلقي، كأن يوصف أحدهم بالمعارض في مجتمع مثل مجتمعاتنا الخليجية المحافظة، وذلك بغرض التحريض أولاً، وخلق حاجز بين آرائه في مختلف القضايا وبين الجمهور الذي سينظر لهذا الكائن «المعارض» على أنه مغرض ويريد النيل من هيبة البلد وتخريبه، وصولاً للاتهامات بالصفوية وغيرها من الصفات التي تندرج تحت قائمة «الكنتاكي» التي وجهت للمحتجين في ميدان التحرير أيام الثورة المصرية. إن مصطلح الوطنية في بلدان العالم الثالث…

آراء

تونس الجديدة!

الأربعاء ١٩ أكتوبر ٢٠١١

حين يقف المرء أمام فئة متشددة من التيار الإسلامي بفرعيه السني والشيعي في المنطقة العربية تطرح قضايا لا تمت للواقع بصلة، وتتحالف مع السلطة السياسية المستبدة بشروط مجحفة جدا، ولديها القدرة الغريبة على إثارة النقاشات الهامشية وغير المهمة، وتقف حدودها عند مظاهر الأشياء وأنماط السلوك بغض النظر عن طبيعة المنظومة المتكاملة المحيطة بها، حينها يحق للمرء تسجيل الملاحظات وإبداء التحفظات وعرض المخاوف والتردد في قبول هذه الحالة، بل مواجهتها بشدة وعدم التراخي في ذلك. أما أن يقف المرء أمام خطاب تنويري متقدم يقول فيه رائد من رواد الإسلام السياسي المعاصر مثل الشيخ راشد الغنوشي، «إن الأولوية الآن لإقامة الدولة الديمقراطية وتشغيل الشباب للقضاء على البطالة وإعادة عجلة الإنتاج، وليس الحديث عن تطبيق الحدود ولا فرض الحجاب ولا الحديث عن الولايات للمرأة والقبطي، فمن حق الجميع الترشح لأي منصب دون تفرقة ولا تمييز، ولا يوجد ناطق باسم الألوهية في الإسلام، والمجتمع المسلم هو المجتمع الذي يطبق صحيح الإسلام ولا ينشغل في البحث عن كيفية عقاب الناس، بل في كيفية توفير الحياة الكريمة للبشر وحفظ كرامتهم وحقوقهم»، يكون الإنسان مجحفا في حق نفسه وعقله لو اتخذ موقع الضد والمخالفة والتشكيك والخصومة الدائمة لهذا الطرح. تقف تونس اليوم على أعتاب مرحلة جديدة من عمر البلاد، الأسبوع المقبل يصوت المواطنون على تشكيلة المجلس الوطني…

آراء

مقترحات لمواجهة إيران..مقترحات لمواجهة إيران..

الأحد ٠٩ أكتوبر ٢٠١١

يحدث لبس عند البعض في أن دعم الحريات والحقوق قد يصب في صالح الخصوم السياسيين، وأعني تحديدا إيران الخصم الرئيسي اللدود للسعودية ودول الخليج، وهذا اللبس إما عن حسن نية أو بسبب التشويش على الأفكار المطروحة وخلط القضايا مع بعضها، وهو أمر غير مفيد لأحد ولا يخدم قضايانا على الإطلاق، بل يدخلنا في متاهات جدلية وخلافية لا طائل منها، ويعمق السطحية في القضايا ويزيد من الجهل فيها، لذا لا بد من التأكيد على مسألة بات من الضروري التأكيد عليها في خضم التناحر الفكري القائم، إن دعم الحريات والإصلاح السياسي ومناصرة المظلومين والنقد القاسي أحيانا بغرض تعزيز مكانة الدولة وتقويتها لا بغرض هدمها أو الإساءة لها، والدولة هي كافة مكونات هذا الوطن الذي ننتمي إليه، في السعودية والبحرين والكويت وقطر والإمارات وعمان، بما فيها الحكومات التي يجب أن تحظى بنصيب الأسد من النقد كونها تتولى الإدارة بشكل منفرد، ولأنها ترتكب الأخطاء. إيران ليست دولة صديقة ولا عدوة تشكل الخطر الأكبر على دولنا، بل تقع في منطقة وسطى بين التوصيفين المتشددين في النظرة إليها، سياسيا هي دولة كبرى في الإقليم تسعى للحفاظ على مصالحها بأي شكل، ولما خرجت إيران الثورة منهكة من الحرب العراقية الإيرانية، وبات واضحا أنها لا طاقة لها على حرب أخرى تستنزف قدرتها العسكرية والاقتصادية، قررت أن تذهب لبيوت…

آراء

لماذا تُجلَد المرأة العربية؟

السبت ٠١ أكتوبر ٢٠١١

بقلم: ياسر حارب تحدث إمام المسجد في الجمعة الماضية عن الحياة الزوجية، وكان يذكر بين الفينة والأخرى جملة «وهو أقرب إلى تأديبهن» فظننتُ أنه يتحدث عن البنات، ولكنني أيقنت بعد بضع دقائق أنه كان يتحدث عن الزوجات، أي الأمهات اللائي يُفترض بهن أن يؤدبن أطفالهن، فاستغربتُ لماذا يحتجن إلى تأديب! وإذا سألتَ أحدهم: «هل أكرم الإسلام المرأة؟» فسيرد بالإيجاب، ولكن إن سألته عن أدلة على ذلك فلربما يتلعثم ولا يستطيع الرد لأنه لا يعلم كيف أكرمها، وكان يكفيه الاستشهاد بأن النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ قد فاضل بين الرجال على قدر إحسانهم لنسائهم. إن النسق الاجتماعي العربي ما زال يعاني ازدواجية مربكة في نظرته تجاه المرأة، فهو يؤمن بأن للمرأة حقوقا ومكانة رفيعة. ولكنه يناقض نفسه في كثير من الأحيان، عندما يتفاعل مع قضاياها. وإحدى أبرز هذه التناقضات هو تأطيره لممارسات سماها «قضايا المرأة» ومحاولته (منحها) حقوقا، متغاضياً عن كيانها الوجودي المستمد من الأعطية الإلهية التي وهبها الله لكلا الجنسين، والتي لم يوكل الرجل ليمنحها للمرأة بالنيابة عنه. ثم تباينت المجتمعات التي سيطرت عليها النزعة الذكورية على مر الزمن في منح المرأة حقوقها أو سلبها إياها، وقلّما وجد مجتمع في التاريخ تعامل مع المرأة بحيادية وإنصاف مثلما تعامل مع الرجل. ولقد أحالت هذه الربكة المرأة إلى كائن نسبي…

آراء

مونوبولي!

الأحد ٢٥ سبتمبر ٢٠١١

مونوبولي وباختصار شديد هو فيلم تلفزيوني قصير يجمع بين الدراما والتوثيق، ويتناول أزمة السكن في السعودية عبر تسليط الضوء على قصية الأراضي البيضاء المحتكرة من قبل كبار المتنفذين والممنوحة لبعضهم من قبل الدولة، العمل أثار ضجة واسعة على الساحة المحلية وحقق أرقام مشاهدة قياسية في فترة زمنية قصيرة، ويسجل موقع اليوتيوب الشهير أكثر من مليون مشاهدة للعمل في ظرف أيام، مما يعد مؤشرا قويا وواضحا على نجاح العمل وقبوله من جمهور عريض، القيمة الفنية للعمل عالية جدا، فقد استطاع المخرج بدر الحمود توظيف مجموعة من الهواة في حبكة درامية رائعة وعرض ممتع، ومع هذا لا يمكن إعمال المشرط النقدي عند تناول الفيلم، لأسباب تتعلق بالإمكانات المحدودة وانعدام التمويل والانشغال الرئيسي بمضمون العمل لا شكله.السؤال المهم يدور حول الأسباب التي تقف خلف النجاح الكبير لفيلم مونوبولي، فهل كان الفنانون في العمل رائعين والإخراج مميز؟ هل القضية المطروحة جدلية وتشغل بال كثير من الناس؟ نعم هي الإجابة على التساؤلات السابقة، ولكن هذا وحده لا يكفي لفهم القبول الكبير الذي تحظى به الأعمال الفنية غير الرسمية في السعودية، وهي الأعمال التي لا تخضع لسلطة وزارتي الإعلام والداخلية في البلد، فكل ما نشاهده في التلفزيون الرسمي والقنوات شبه الرسمية في قناة أم.بي.سي يخضع بشكل مباشر لتلك السلطة، ولمعرفة الجماهيرية التي تحظى بها الأعمال السعودية…

آراء

كيف تُفَطّرُ خليجياً؟

الثلاثاء ١٣ سبتمبر ٢٠١١

بقلم: ياسر حارب عندما رفع المصريون شعار «ارحل» في ثورة الخامس والعشرين من يناير لم يقصدوا بذلك رحيل مبارك ونظامه فقط، بل كانوا يطمحون إلى رحيل الفقر والبطالة والفساد وكل الآلام التي سببها لهم النظام السابق على مدى ثلاثة عقود. ولكن مصائب مبارك وآثامه لن ترحل خلفه بمجرد مغادرته السلطة، فما دُمّر في ثلاثين عاماً قد يحتاج إلى أعوام مماثلة لكي يُعاد بناؤه، حتى وإن بدت ملامح تعافٍ على وجْنَة الاقتصاد المصري خلال السنوات الخمس القادمة. وهو ما نأمله، فستبقى الجوانب السياسية والثقافية والاجتماعية، أي المكونات الرئيسية لأي أمة، تحتاج إلى جهود مضنية حتى يصطلح حالها. إن مَن يرى حال الولايات المتحدة بعد جورج بوش يرثي لحال أوباما الذي أتى في إحدى أصعب الفترات الرئاسية في تاريخ أميركا الحديث، ولكن من يطلع على الحالة المصرية العامة، يأسى على من سيأتي رئيسا للبلاد أكثر من أسفه على أوباما، فإذا استطاعت الولايات المتحدة أن تنجو من انهيار اقتصادي خلال العام القادم فإن ذلك سيُعزى للمنظومة المعرفية فيها القائمة على البحث والتطوير والابتكار، ولكن أين لمصر هذه المقومات؟ فعلى رغم مساوئ عبد الناصر، إلا أنه يحسب له الفضل في محاربة الأمية وخاصة في الأرياف خلال الخمسينات والستينات، ثم، وبسبب إهمال نظام مبارك للتعليم ولباقي مقومات الدولة، بدأت نسبة الأميين بالارتفاع منذ الثمانينات لتقترب…

آراء

اختطاف المظلومية

الأحد ١١ سبتمبر ٢٠١١

في الأسبوع الماضي كتبت في هذه الزاوية ما يعبر عن رؤيتي وموقفي الشخصي تجاه الوضع في البحرين، الأمر الذي لم يرق لأبناء السلطة وملاحقها فانهالت على المقال وصاحبه وكل ما يمت له بصلة بأقذع الشتائم، حتى أصبحت صفوياً تدفعه السياسات القطرية لهدم أمن واستقرار البحرين! لم تعد السلطة وسياساتها الكارثية سبباً في الأزمة، لكن كاتبا مثلي هو المسؤول الأول عن هذه العبثية التي تحكم البلاد وتدفع المنطقة إلى أتون احتراب طائفي لا تحمد عقباه، وقد قيل: من الجهل ما قتل، يضاف إلى ذلك المال والمصالح والعجز عن مجابهة الرأي بالرأي!، وسأتجاوز هذه الفئة مع تسجيل احترامي وتقديري لكل تعقيب يحاول بحث المشكلة لا شخصنتها وإلقاء التهم جزافا، وأكمل ما بدأته الأسبوع الماضي. قلت: إن الوفاق جمعية وطنية لا تشكيك بشعاراتها المرفوعة ورغبتها بتحقيق العدل والمساواة بين المواطنين في البحرين، وأشرت أيضا أن الجمعية بيدها حرف مسار الطائفية في المنطقة، وقد بدا ذلك مستغربا بعض الشيء، فكيف للوفاق التي تناضل من أجل حقوق المواطن البحريني حسب رؤيتها أن تفعل هذا، وفي هذه الأوضاع تحديدا!، وهنا أريد التأكيد على أمر مهم لم ينتبه له المعلقون، الراضون منهم والغاضبون، ليس الكلام السابق ولا الحالي عن شريط فيديو ظهر فيه أحدهم يضرب الآخر، ولا عن رواية يتناقلها الناس بجهل وخوف عن شيعي سعى لقتل…

آراء

شاعر القبيلة عندما يهجرها.. نقد الذات ورؤية الآخر!

السبت ١٠ سبتمبر ٢٠١١

  هناك سؤال مهم حول أسلوب العمل الصحفي العربي في عصر الكونية الراهنة ربما يثير إشكالية العلاقة بين الصحفي العربي والسلطة السياسية في بلاده، وبين دور الصحفي ومسؤوليته المهنية أمام مجتمعه خاصة في ظل إمكانات التواصل الكوني التي تتيحها العولمة الآن، والسؤال هو: «هل اصبح الصحفي العربي شاعراً لقبيلته؟» وبصيغة اخرى: هل يؤدي الصحفي العربي الآن دور شاعر القبيلة العربية، فلا يجرؤ على نقد القبيلة و لا قول ما يخالف شيخ القبيلة ولا يخرج عن وعي القبيلة وثقافتها وإن فعل فقد خان القبيلة وخرج عليها؟ لكن عالم اليوم قد تغير كثيراً عن عالم الأمس القريب. والقبيلة «اليوم ليس لها بد من التعامل مع القبائل الأخرى وربما تلاشت حدودها أو تلاقت، في تفاعل إيجابي أو تصادم في المصالح، مع قبائل أخرى خارج حدود جغرافيتها وفضائها الثقافي والإجتماعي. هذه حقيقة لابد أن نفهمها: اليوم ليس أمس. إننا أمام حقائق مختلفة وظروف جديدة وتحديات حقيقية وستكون كارثة أن أصررنا على البقاء في الأمس ولم نفهم حقائق الراهن بكل تحدياته وشجونه. لكننا، فيما يبدو، نصر على أن نبقى في سجن القبيلة حتى في ممارسة العمل الصحفي في زمن لعب فيه الإعلام دوراً هاماً في كسر عزلة القبيلة. فيبدو اننا في العالم العربي قد استوردنا أجهزة الصحافة من مطابع وتكنلوجيا، غير ان آلية العمل الصحفي…

آراء

البحرين بين موقفين!

الأحد ٠٤ سبتمبر ٢٠١١

يتاح لك عبر الشبكات الاجتماعية التواصل مع آلاف من البحرينيين، وهم طيف وطني واسع يتراوح بين فئتين مؤيدة للثورة وداعمة لها وأخرى مناهضة ومعارضة ومشككة بمطالب المحتجين، ويمكن الاستنتاج دون عناء كبير ماهية الانتماء المذهبي لكل فئة، وجود استثناءات قليلة جدا بين كل شريحة تؤكد القاعدة ولا تنفيها، وما يميز الحوار مع الإخوة من الفريقين أمر واحد تلمسه في معظم النقاشات، كل فريق يريدك معه لآخر مدى، يريد من كل شخص أن يؤيد موقفه دون تحفظ، ولا يقبل منك تأييدا أو دعما أو اتفاقا جزئيا بأي حال من الأحوال، على سبيل المثال سيسجل طرف ما تحفظه واختلافه وشتائمه على بعض الكلمات الواردة في صدر هذا المقال، كيف لك أن تصف الفريق الآخر بأنه وطني! ولماذا تستخدم مصطلح الثورة هنا! شخصيا، لا أملك الوقاحة الكافية التي تجعلني أدعم الثورة التونسية والمصرية واليمنية والسورية والليبية وأؤيد مطالبها، ثم أصل للبحرين وأبدأ بأكبر عملية تلفيق تبريرية لأناس يطالبون بحقوقهم كما فعل الآخرون بالضبط! لكن هذا الأمر لا يدفعني أيضا لقراءة الأمور بمثالية لا تجوز على أرض الواقع، فالمتظاهرون جلّهم من الشيعة الذين تظهر بين قلة منهم شعارات وأفكار وانتماءات عابرة للحدود أكثر مما يجب، كثير منها أوجده الضغط الرسمي على فئة من المواطنين تم التعامل معهم كمواطنين من الدرجة الثانية يحتاجون دائما للتأكيد…

آراء

اخلع حذاءك

الأربعاء ٣١ أغسطس ٢٠١١

سألني أحدهم على تويتر عن تعريف السعادة فقلتُ له "لا أعرف" وكل ما أعرفه هو أنني أجدها كل يوم في شيء جديد، وأظن بأنني أحتاج إلى عدة سنوات حتى أصل إلى تعريف مناسب لها، فالسعادة ليست قيمة مطلقة، بل إنها أحد أكثر متغيرات الحياة تقلباً وتشكلاً، تبعاً للناس والزمان والظروف. كنت قبل عدة سنوات مع صديق في برلين، وكانت الحرارة تقترب من درجة التجمد، إلا أن صديقي أصر أن نحتسي القهوة على الطاولة الوحيدة التي تُرِكَت خارج المقهى، ولشدة البرد لم أكن قادراً على الإمساك بالكوب جيداً، حتى إن المارة كانوا يستغربون منا بينما كان الآخرون يجلسون في داخل المقهى الدافئ. رجوته أن نعود إلى الداخل فقال لي: "سنسافر بعد يومين ونرجع لحرّ الصحراء مرة أخرى، فلا تستعجل". ثم أطلق بصره تجاه الشارع وكان الدخان يخرج من فمه وأنفه كلما تنفّس. فكرت في كلامه قليلاً فأدركتُ بأنني كنت أهربُ من السعادة الطبيعية إلى سعادة مصطنعة. كنتُ أشتكي من الحر في بلادي، وعندما جئتُ إلى هذه المكان الذي من المفترض أن يشعرني بالسعادة، وجدتُني، لا إرادياً، أهرع إلى ما أشتكي منه مرة أخرى. لماذا يربط أحدنا السعادة بزمنٍ معين؟ فبعضنا يقول: «سأمارس الرياضة عندما أحصل على ترقية في العمل، ويجب علي في هذه المرحلة أن أركّز في عملي أكثر". كلا، لن…

آراء

عندما نكتب للأميين

الإثنين ٠٨ أغسطس ٢٠١١

الخميس إحدى ليالي 2010م إنه الخميس.. هذا اليوم الذي خصصته للذهاب إلى الصالون الثقافي.. يومي المفضل الذي انتظره كل أسبوع .. أسمع فيه الكثير وأتعلم الكثير. دخلت وأنا ممتلئة بالحماس، فهنا أقول أفكاري كيفما أشاء، وكل منا يحترم رأي الآخر، وهنا أشعر بحريتي في التعبير، حيث نتكلم في كل شيء .. سياسية، مجتمع، اقتصاد، ونناقش بعضنا، وقد تعلو الأصوات ولكن يظل دائما احترام الرأي هو سيد الموقف. هنا اشعر بأني حرة.. أسمع وأُسمِع.. قد لا اتحدث كثيرا ولكني اشعر كشعور الطائر الحر في سماء بلا أفق..يطير أينما يشاء..يعلو ويعلو..اشعر بالسعادة تغمرني.. أنا حرة... وأنا في هذه النشوة، يقطعها صوت يوجه لي سؤاله قائلا:"هل تعلمين بأن الأميه في اليمن قد تصل لـ 70 في المائة؟".. التفت لأرى صاحب الصوت، ولا يبدو عليه بأنه يمزح.. ماذا أجيب؟ لا أدرى بماذا أجيب..اصمت..أنا اعلم بأن نسبة الأمية في بلدي كبيرة لكني لا أعرف النسبة تحديدا..هل فعلا 70 في المائة؟ الكل ينظر إليّ منتظرين الإجابة..بماذا عليّ أن أجيب..هل أقول نعم أعلم، أم أقول الحقيقة بأنني لا أعلم بما أجيب؟ أشعرت بالحرج؟ هذه بلدي التي يتحدث عنها..هؤلاء ابناء وطني من يتحدث عنهم..أصحيح ان اكثر من نصفهم اميين! سقط الطائر.. وشعرت بالرغبة في الهروب. ودعت الموجودين وذهبت للبيت، فتحت حاسوبي، ودخلت على الانترنت صفحة جوجل وبحثت عن…

آراء

ممنوعٌ أن تقلق!

الأحد ٣١ يوليو ٢٠١١

الإنسان بطبيعته كائن قلق، ومن دون القلق نفتقد المحفز والدافع لكل معرفة مضافة في حياتنا، وعبر مقدار القلق الذي ينتاب الفرد وطبيعته واتجاهاته يمكن لنا التنبؤ بالسلوك والمواقف المحتملة، يمكنك ببساطة أن تتوقع ماهية سلوك رجل أو امرأة يسكنهما القلق الكبير تجاه المال في قضية ذات بعد اقتصادي على سبيل المثال، وتستطيع بسهولة توقع سلوك أو موقف محتمل لأم تجاه ما سيتعرض له أطفالها، والحديث هنا عن القلق في حدوده الطبيعية وعن دوره كمحرك أساسي للسلوك البشري، المبدعون عادة قلقون بشكل استثنائي، وما تجاوز ذلك فيصنفه الأطباء النفسانيون علميا بالقلق المرضي إذ تنتاب الإنسان حالات خوف وهلع غير طبيعية ومجهولة المصدر. يقلق الناس في عالمنا على حياتهم ومصادر رزقهم وأسرهم وأمنهم وخلاف ذلك، ويشكل هذا القلق دافعا للعمل على حماية المكتسبات القائمة أو إيجادها وتنميتها وتطويرها، لكن القلق في نطاق ومحيط الفرد وحده لا يكفي لدرء المخاطر وتحقيق الفوائد المرجوة، لا يمكنك أن تقلق وحدك في محيط بالغ التعقيد لتأمين حياة وتعليم وسكن جيد لأولادك، لا يمكن لقلقك منفرداً أن يوفر الأمن لعائلتك، فهذا يستلزم قلقا جماعيا أكبر يفضي إلى تنظيم هذه الحاجة وتوفير ما يلزم لتأمينها، مجتمع القبيلة على سبيل المثال يمارس القلق الإيجابي للحفاظ على حياته وحياة ما يلزم لبقائه، يقلق في البحث عن الماء والمرعى الخصيب والأجواء…